التحكيم لغة هو مصدر " حكم " يقال حكمت فلانا في مالي تحكيما أى: فوضت إليه الحكم فيه، ويثال استحكم فلان مال فلان إذا أجاز فيه حكمه.
وحكم فلانا في الشيء أو الأمر يعني جعله حكما.
ويقال حاكمته إلى الحاكم أى خاصمته إليه، واحتكموا إلى الحاكم أي : رفعوا أمرهم إليه.
وهو من ( الحكم ) وهو المنع والتفويض ، والمُحكّم : الشيخ المجرب المنسوب إليه الحكمة، والحكيم : العالم صاحب الحكمة والمتقن للأمور.
ويقول صاحب مختار الصحاح تحت حرف ( ح ك م ) حكمه في حالة تحكيما إذ جعل إليه الحكم فيه فاحتكم عليه ذلك.
ومما سبق يتضح أن التحكيم في معناه اللغوي يفيد إطلاق الشيء أو تفويض الأمر للغير فيقال حكم زيد عمرا في ماله أى : أطلق يده فيه.
ويري الباحث أن التحكيم في اللغة يدور حول عدة معان منها : التفويض، إسناد الأمر إلى شخص آخر يكون محل ثقة إطلاق اليد في أمرها، اللجوء إلى ثقة لنظر أمر ما.
وهذه المعاني كلها مترادفة ومتلازمة لأن الإنسان إذا فوض شخصا في أمر ما فقد أسند إليه وأطلق يده فيه وبلا شك فقد لجأ إليه لكونه محل ثقة.
لم يعرف المنظم السعودي التحكيم بل عرف اتفاق التحكيم بأنه : اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض النزاعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في شأن علاقة نظامية محددة تعاقدية كانت أم غير تعاقدية سواء كان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد أم في صورة مشارطة تحكيم مستقلة.
أو هو: عقد واتفاق مكتوب يبرم بين طرفي التحكيم والمُحكّم يسمي (عقد تحكيم) توضح فيه أتعاب المُحكّم وحقوقه وواجباته، والقانون الواجب التطبيق والإجراءات المتبعة للفصل في موضوع نزاع محدد ".
وقد عرف المشرع المصري اتفاق التحكيم في المادة العاشرة من القانون رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية ، بأنه هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية . ونصت المادة ذاتها على أنه يجوز أن يكون اتفاق التحكيم سابقا على قيام النزاع ، سواء قام مستقلا بذاته أو ورد في عقد معين ، كما يجوز أن يتم الاتفاق على التحكيم بعد قيام النزاع ، ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية. وعرفت المحكمة الدستورية في مصر التحكيم بأنه " عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض منهما أو على ضوء شروط يحددانها ، ليفصل هذا المحكم في ذلك النزاع بقرار يكون نائبا عن شبهة الممالأة ، مجردا من التحايل ، وقاطعا لدابر الخصومة في جوانبها التي أحالها الطرفان إليه ، بعد أن يدلى كل منهما ، بوجهة نظره تفصيلا من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية ،وأسبغت المحكمة الدستورية على التحكيم طابعا قضائيا حيث قررت أنه " وسيلة فنية لها طبيعة قضائية ، غايتها الفصل في نزاع محدد مبناه علاقة محل اهتمام من أطرافها وركيزته اتفاق خاص يستمد المحكمون منه سلطاتهم ، ولا يتولون مهامهم بالتالي بإسناد من الدولة " .
وعرفت المحكمة الإدارية العليا في مصر التحكيم بأنه : " اتفاق على طرح النزاع على شخص معين أو أشخاص معينين ليفصلوا فيه دون المحكمة المختصة " .
ولا تختلف التعريفات التي ذكرها الفقهاء للتحكيم عن المفهوم الذي حدده المشرع والقضاء له ، والذى يتضمن عنصرين : الأول هو أن اللجوء للتحكيم وليد تراضى أطراف النزاع على حسمه ، ليس بواسطة قضاء الدولة ، وإنما بواسطة شخص أن أشخاص يتولى أطراف النزاع اختيارهم ، والعنصر الثاني هو الطابع الإلزامي للحل الذى يقرره المحكمون . وإذا كان المشرع ، في مصر ، ، قد نظم تحكيما إجباريا في بعض صور المنازعات ، فإن هذا الأسلوب يظل استثناء على الأصل في التحكيم ، الذى يستند ، كقاعدة عامة ، إلى إرادة أطراف النزاع . وقد قضت المحكمة الدستورية المصرية ، في أربعة أحكام ، بعدم دستورية نصوص تشريعية فرضت نظام التحكيم الإجباري في بعض المنازعات .