ظهر اصطلاح "اتفاق التحكيم" لأول مرة في اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الموقعة بتاريخ 10 يونيو 1958 ، حيث نصت المادة الثانية منها على أن "تلتزم كل دولة متعاقدة بالاعتراف باتفاق التحكيم المكتوب".
ولم يكن هذا الاصطلاح معروفاً قبل ذلك؛ إذ كان يعبر عن اللجوء إلى التحكيم من خلال استخدام اصطلاح شرط التحكيم تارة، ومشارطة التحكيم تارة أخرى، فجاءت اتفاقية نيويورك لتستخدم تعبيراً واحد يجمع بينهما.
وقد عرف قانون التحكيم المصري الصادر بالقانون رقم ۲۷ لسنة ١٩٩٤ اتفاق التحكيم في المادة ١/١٠ بقوله "اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة، عقدية كانت أو غير عقدية ".
وهذا التعريف قد أخذه قانون التحكيم المصري- كما أخذ جل أحكامه- من القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي "أونسترال" لعام 1985 والذي جاء في مادته رقم 1/7 "اتفاق التحكيم هو اتفاق بين الطرفين على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات التي نشأت أو قد تنشأ بينهما بشأن علاقة قانونية محددة تعاقدية كانت أو غيرتعاقدية".
ولم تختلف التشريعات المقارنة كثيراً عن هذا التعريف "لاتفاق التحكيم".
فقد عرفه القانون الإنجليزي الصادر عام 1996 في المادة 1/6 بقوله "اتفاق التحكيم يعني الاتفاق على إخضاع المنازعات القائمة أو المستقبلية عقدية كانت أم لا للتحكيم".
وغرفه القانون الألماني الصادر عام ١٩٩٧ في المادة ١/١٠٢٩ بأنه "الاتفاق الذي يقرر فيه الأطراف إخضاع كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم في شأن رابطة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية للتحكيم".
كما عرف "اتفاق التحكيم" بتعريفات مماثلة في القانون البلجيكي الصادر عام ١٩٩٨ في المادة (١٦٧٦). وقانون التحكيم السويدي الصادرعام ١٩٩٩ في المادة (1). وقانون التحكيم اليوناني الصادر عام ١٩٩٩ في المادة (۱/7)، وقانون التحكيم الموريتاني الصادر عام ٢٠٠٠ في المادة(3).
كما لم تخرج الاتفاقيات الدولية عن تعريف التشريعات المقارنة لاتفاق التحكيم، فجاءت تعريفاتها له في ذات الإطار.. حيث عرفته اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الموقعة بتاريخ 10 يونيو ١٩٥٨ بأنه "الاتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو غير التعاقدية المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم".
ويتبين مما سبق وحدة مفهوم "اتفاق التحكيم" في تشريعات المقارن والاتفاقيات الدولة، وارتكاز هذا المفهوم على عدة أسس أهمها:
أولا: أن "اتفاق التحكيم" يمثل تلاقي إرادتي طرفي علاقة قانونية ما على اللجوء إلى التحكيم كوسيلة لتسوية منازعات ناشئة عن تلك العلاقة.
ثانيا: أن أحد طرفي العلاقة أو كليهما يمكن أن يكون شخصاً طبيعياً، أو شخصاً معنوياً عاماً أو خاصاً.
ثالثا: أن العلاقة القانونية التي ينشأ بشأنها النزاع يمكن أن تكون عقدية أو غير عقدية.
رابعا: أن اتفاق التحكيم يمكن أن يشمل كل أو بعض المنازعات الناشئة عن تلك العلاقة.
خامسا: أن "اتفاق التحكيم" قد يكون سابقاً على نشوء النزاع، وهو ما يعرف "بشرط التحكيم".. وقد يكون لاحقاً على نشوء النزاع، وهو ما يعرف "بمشارطة التحكيم".
سادسا: أنه بمقتضى "اتفاق التحكيم" تخول جهة التحكيم سلطة نظر النزاع والفصل فيه، ويلتزم طرفا الاتفاق بحكمها.