الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 33 / معالجة ديون الأسر المتعثرة عن طريق التحكيم وتطبيقاته من خلال مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 33
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    135

التفاصيل طباعة نسخ

مقدمة:

   عرف التحكيم قديماً وما زال كآلية من آليات فض النزاعات بين الأفراد والجماعـات، وحـديثاً عرف تطوراً كبيراً بحيث انتقل من عمل تطوعي للإصلاح بين الأفراد والجماعات وفض النزاعـات بينهم إلى عمل مؤسس له مؤسساته الخاصة تحكمها قواعد وتنظمها قوانين يحتكم إليها طرفا التحكـيم أو النزاع ويخضع لها المحكمون للفصل بين المحكمين. فظهرت مؤسسات ومراكز للتحكـيـم حـول العالم على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. ومن بين تلك المراكز التـي تـم تأسيسها مركـز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم الذي تأسس سنة 1978 تحت رعايـة المنظمـة الاستشارية القانونيـة الآسيوية – الإفريقية باتفاق مع الحكومة الماليزية. ويأتي هذا البحث لتسليط الضوء علـى عمـل المركز واختصاصاته مع التركيز على جدوى اعتماد التحكيم في فض النزاعات الناتجة مـن تعثـر ديون الأسر في البنوك الإسلامية. فالمركز بدأ تجارياً بفض النزاعات التجاريـة الإقليميـة ويحـاول تلمس طريقه لاقتحام الصناعة المالية الإسلامية ونزاعاتها ليشكل بديلاً من القضاء الذي تعرض عليه حالياً كل نزاعات المالية الإسلامية. ولدراسة جدوى التحكيم في فض نزاعات ديون الأسر المتعثـرة تم توزيع استبيان على البنوك الإسلامية العاملة في ماليزيا فشمل الاستبيان أقسام استرداد الديون فـي تلك البنوك، كما تم إجراء مقابلة مع نائب رئيس قسم الخدمات القانونية بمركز كوالالمبور الإقليم للتحكيم بالإضافة إلى دراسة قانون التحكيم الماليزي وقواعد التحكيم بأنواعها الصادرة عن المركز.

التحكيم تعريفه ومشروعيته:

التحكيم تعريفه لغة واصطلاحاً:

تعريف التحكيم لغة:

   مصدر حكم. وحكموه بينهم: أمروه أن يحكم. ويقال: حكمنا فلانا فيما بيننا أي أجزنا حكمـه بيننا. وحكمه في الأمر فاحتكم: جاز فيه حكمه. ويقال حكمته في مالي: إذا جعلت إليه الحكم فيه فاحتكم علي في ذلك. ويقال: حكمت فلانا أي أطلقت يده فيما شاء، والمحكم: الذي يحكم في نفسه. ويقال: حكم فلانا في الشيء والأمر: جعله حكما. وفـي التنزيل: ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ، ويقـال للذي يختار للفصل بين المتنازعين: الحكم ومنه قولـه تعـالى: ( وإن خفتم شقاق بينهما فأبعثوا حكما من أهله، وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليمًا خبيرا ).

تعريف التحكيم اصطلاحاً:

لم يخرج الفقهاء عن معناه اللغوي فعرفوا التحكيم بكونه: "تولية الخـصمين حاكماً يحكم بينهما".

    وعرفه قرار مجمع الفقه الإسلامي بأنه: "اتفاق طرفي خصومة معينة، على تولية من يفصل في منازعة بينهما، بحكم ملزم، يطبق الشريعة الإسلامية".

   وبنفس المعنى عرفته هيئة المحاسبة والمراجعة بالقول: "اتفاق طرفين أو أكثر على توليـة من يفصل في منازعة بينهم بحكم ملزم".

  ويسمى الذي يقوم بعملية التحكيم والفصل في المنازعة المحكم وطرفا النزاع المحكمين.

  وبين التحكيم والصلح والقضاء أوجه اتفاق وأوجه اختلاف. فكل من الثلاثة يتفقون في أنهم يتضمنون طلب الفصل في الخصومة، ويختلفون من حيث الحقيقة، والأثر، والمحـل: فـالتحكيم والصلح في حقيقتهما عقد مبناه على اتفاق إرادتين، حيث يكون بتراضي الخصوم على اختيار من يحكم أو يصلح بينهما، ولا يصح بإرادة أحدهما دون الآخر. أما القضاء فيستمد سلطته من الولاية العامة التي يخلعها عليه من يملك ذلك حين ينصبه قاضياً يحكم بين الناس.

   وللتحكيم أثر إنشائي، حيث يترتب عليه إنشاء ولاية خاصة للمحكم لم تكن له قبل التحكـيم، أما الدعوى فليس لها مثل هذا الأثر، إذ ترفع إلى القاضي الذي يستمد ولايته من عقـد التوليـة. والتحكيم يجوز في الأموال باتفاق الفقهاء، واختلفوا في جوازه في الحدود والقصاص.

  ويختلف التحكيم عن الصلح من وجهين:

   أحدهما: أن التحكيم ينتج حكما قضائياً، بخلاف الصلح فإنه ينتج عقداً يتراضي عليه الطرفان المتنازعان. وهناك فرق بين الحكم القضائي والعقد الرضائي.

   والثاني: أن الصلح يتنازل فيه أحد الطرفين أو كلاهما عن حق، بخلاف التحكيم فليس فيـه نزول عن حق.

مشروعية التحكيم:

    يشجع الإسلام، بل يوجب الإصلاح بين الناس وإنهاء المنازعات بين أفراده بأي وسيلة كانت حفاظاً على بيضة المجتمع. ومن هذه الوسائل التي شرعها الإسلام وحض عليها التحكيم. ويمكن استخلاص مشروعية التحكيم من مصادر التشريع الأساسية، وأولها:

 القرآن: قوله تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا... قال القرطبي: "إن هذه الآية دليـل إثبـات التحكيم".

    السنة: فقد دلت أحاديث النبي ﷺ القولية وتصرفاته وإقراراته على جـواز التحكـيم، بـل والحض عليه ومدح من يقوم به. فقد رضي ﷺ بتحكيم سعد بن معاذ رضي الله عنه فـي أمـر اليهود من بني قريظة، حين جنحوا إلى ذلك ورضوا بالنزول على حكمه. فعن عائشة رضي الله عنها، قالت: أصيب سعد يوم الخندق، رماه رجل من قريش، يقال له حبان بن العرقة وهو حبان بن قيس، من بني معيص بن عامر بن لؤي رماه في الأكحل، فضرب النبي ﷺ خيمة في المسجد ليعوده من قريب، فلما رجع رسول الله ﷺ من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: قد وضعت السلاح، والله ما وضعته، أخرج إليهم، قال النبي ﷺ: فأين؟ فأشار إلى بني قريظة" فأتاهم رسول الله ﷺ فنزلوا على حكمه، فرد الحكم إلـى سعد، قال: فإني أحكم فيهم: أن تقتل المقاتلة، وأن تسبي النساء والذرية، وأن تقسم أموالهم".

   واستحسان النبي ﷺ تحكيم أبي شريح بين قومه. ففي الحديث الشريف أن أبا شريح هانئ بن يزيد رضي الله عنه لما وفد إلى رسول ﷺ مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم. فقال له رسـول اللہ ﷺ: إن الله هو الحكم، وإليه الحكم، فلم تكنى أبا الحكم؟ فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شـيء أتوني، فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين. فقال رسول الله ﷺ: ما أحسن هذا. فما لك من الولد؟ قال: لي شريح، ومسلم، وعبد الله. قال: فما أكبرهم؟ قلت: شريح. قال: أنت أبو شريح. ودعا له ولولده.

   كما يدل عمل الصحابة على مشروعية التحكيم ومن ذلك ما أوردتـه بعـض كتـب الفق كأمثلة على ذلك، ومنها:

  - حكم زيد بن ثابت رضي الله عنه بين عمر وأبي بن كعب رضي الله عنهما في منازعـة نخل بينهما.

 - تحاكم عمر مع رجل اختلف معه في أمر فرس اشتراها عمر بشرط السوم إلى شريح.

 - تحاكم عثمان وطلحة إلى جبير بن مطعم رضي الله عنهم.

 - وأهم واقعة تشهد للتحكيم ما جرى من تحكيم بين علي بن أبـي طـالـب ومعاويـة بـن أبي سفيان رضي الله عنهما.

  وغيرها من الوقائع التي وقعت لجمع من كبار الصحابة، ولم ينكره أحد فكان إجماعاً، وبناءً على ذلك ذهب الفقهاء إلى جواز التحكيم.

   وقد نص على مشروعيته أيضاً قرار مجمع الفقه الإسلامي بالقول: "وهو مشروع سواء أكان بين الأفراد أم في مجال المنازعات الدولية".

  وهو ما نصت عليه المعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة بالقول: "التحكيم مـشـروع بين شخصين طبيعيين أو اعتباريين، أو بين شخص اعتباري وشخص طبيعي".

 محل التحكيم:

   لقد اتفق الفقهاء على جواز التحكيم في الأموال وما شابهها واختلفوا في جواز التحكيم فـي غير الأموال.

 تطبيقات التحكيم من خلال مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم:

   مما سبق يتضح أن الفقهاء تناولوا قضايا التحكيم والمحكم والمحكمين بشكل مبسط. أما اليوم فقد أصبح للتحكيم مؤسسات قائمة بذاتها محلياً وإقليمياً ودولياً وتنظمها قوانين وضـوابط أيـضاً على المستوى المحلي والدولي تضاهي مؤسسات القضاء، بل في كثير من الأحيان تتفوق علـى القضاء لقدرة التحكيم على الحسم في كثير من القضايا التي لا يستطيع القضاء الحسم فيهـا إمـا بسبب غياب القوانين التي تحكمها أو لاختلاف قوانين أطراف النزاع، خصوصاً فـي القـضـايا الدولية والتي يكون أطراف النزاع فيها من دول مختلفة فيلجأون الى التحكيم لقدرته على الحـسم فيها. كما يستطيع التحكيم الحسم في القضايا التي لا يستطيع القضاء الحسم فيها بسبب تعقـدها. وبلا شك فإن قضايا المالية الإسلامية تصنف في هذا الإطار لكونها جديـدة ولا توجـد قـوانين خاصة لفض نزاعاتها مما يجعل معها الصلح والتحكيم من أهم الآليات لحـل النزاعـات فيهـا وخصوصاً إذا كانت قضاياها دولية. ولهذا الغرض تم تأسيس عدة مراكز إقليمية ودوليـة لبـت نزاعات المالية الإسلامية، نذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، مركز كوالالمبور الإقليم للتحكيم، والمركز الإسلامي الدولي للتحكيم والمصالحة بدبي بداية سنة 2007.

التعريف بمركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم:

التأسيس والنشأة:

   تأسس مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم سنة 1978 تحت رعايـة المنظمـة الاستشارية القانونية الآسيوية – الإفريقية واتفاق مع الحكومة الماليزية.

   وكان مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم أول مركز إقليمي تم تأسيسه مـن قبـل المنظمـة الاستشارية القانونية الآسيوية – الإفريقية لتقديم الدعم المؤسسي كموقع محايد ومـستقل لتـسيير إجراءات التحكيم المحلية والدولية في آسيا. وعلاوة على ذلك فهو مؤسسة دولية مستقلة غيـر حكومية وغير ربحية. وكان أيضاً أول مركز في العالم يعتمد قواعد لجنة الأمم المتحدة للقـانون التجاري الدولي للتحكيم بصيغتها المنقحة في عام 2010.

استقلالية المركز:

   يتمتع مركز التحكيم بالاستقلالية التامة عن كل المؤسسات ويتمتع بالحصانة ضد أي تـدخل فيه وفي أحكامه من أي جهة كانت بما فيها القضاء، وقد تم النص على استقلاليته فـي قـانون التحكيم الماليزي لعام 2005 والذي تم تعديله سنة 2011 بالقول: "لا يجوز لأي محكمة أن تتدخل في المسائل التي يحكمها هذا القانون، ما لم ينص على ذلك في هذا القانون".

    قام مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم بتطوير قواعد جديدة لتلبية الطلبات المتزايدة لمجتمع الأعمال العالمي. وفي هذا الإطار أصدر عدة قواعد وهي:

1- قواعد التحكيم والمكونة من أربعة أجزاء، وهي:

    - الجزء الأول: يتضمن قواعد التحكيم في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم، بصيغتها المعدلة في عام 2013، وتضم سبع عشرة قاعدة.

    - الجزء الثاني: يتضمن قواعد التحكيم في لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدوليـة بصيغتها المعدلة في عام 2010.

    - الجزء الثالث : يتضمن الجداول، فالجدول الأول يتضمن رسـوم التحكـيم الـدولي والتحكيم المحلي، أما الجدول الثاني فيتضمن شروط التحكيم النموذجية، أما الجـدول الثالث فيتضمن نموذج الاتفاق.

    - الجزء الرابع: يتضمن الدليل الإرشادي لقواعد التحكيم الدولي في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم.

2- قواعد التحكيم الإسلامي سنة 2012 وتضم بدورها أربعة أجزاء، وهي:

   - الجزء الأول: يتضمن قواعد التحكيم الإسلامي بمركز كوالالمبور الإقليمي للتحكـيم وتضم 43 مادة.

   - الجزء الثاني: يتضمن قواعد التحكيم في لجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدوليـة بصيغتها المعدلة في عام 2010.

   - الجزء الثالث: يتضمن الجداول، فالجدول الأول يتضمن رسـوم التحكـيم الـدولي والتحكيم المحلي، أما الجدول الثاني فيتضمن شروط التحكيم النموذجية، أما الجـدول الثالث فيتضمن نموذج الاتفاق.

   - الجزء الرابع: يتضمن الدليل الإرشادي لقواعـد التحكـيم الإسـلامي فـي مـركـز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم.

3- قواعد التحكيم ذات المسار السريع سنة 2013 وتتكون من 3 أجزاء، وهي:

   - الجزء الأول: يتضمن قواعد التحكيم ذات المسار السريع فـي مركـز كوالالمبـور الإقليمي للتحكيم وتضم 20 مادة.

   - الجزء الثاني: جدول الرسوم والنفقات.

   - الجزء الثالث: يتضمن بند التحكيم النموذجي ذو المسار السريع في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم.

4- قواعد الوساطة والتي أصبحت سارية المفعول ابتـداء مـن 20 شــــتنبر سـنة 2012، وتتضمن أربعة أجزاء:

   - الجزء الأول: يتضمن قواعد الوساطة لمركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم وتضم 44 قاعدة.

   - الجزء الثاني: يتضمن الجداول.

   - الجزء الثالث: يتضمن قانون الوساطة 2012.

   - الجزء الرابع: يتضمن دليل قواعد الوساطة لمركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم.

    وقد عززت ماليزيا عمل المركز بإصدار قانون التحكيم سنة 2005 وإدخال تعديلات عليـه سنة 2011، وللمركز مميزات تتجلى في كونه:

   - معترف به عالميا.

   - يتوفر على أكثر من 700 محكم محلي ودوني من ذوي الخبرة.

   -  يسمح للمحامين الأجانب بالظهور في إجراءات التحكيم.

   - لا توجد ضريبة مفروضة على المحكمين.

   - الرسوم محددة وتقل عن رسوم مراكز التحكيم الأخرى بـ 20%.

   - طور قواعد جديدة متقدمة لتلبية الطلبات المتزايدة لمجتمع الأعمال العالمي.

   - الحكم الصادر عن هيئة التحكيم نهائي وملزم.

   ومن مميزات المركز كون مقره في ماليزيا العضو المؤسس للجنة الأمم المتحـدة للقـانون التجاري الدولي مما يسمح بتنفيذ أحكامه في 149 دولة.

قضايا التحكيم التي بنت في المركز:

   قبل الحديث عن القضايا التي بثت في المركز تجدر الإشارة إلى أن نتائج الاستبيان الذي تم توزيعه على أقسام استرداد الديون بالبنوك الإسلامية، جاءت كالتالي:

جدول 1: المنهجية المفضلة لحل النزاعات:

   من خلال الجدول أعلاه فإن أغلب البنوك الإسلامية بنسبة 64.7% تفضل حل نزاعاتها مع عملائها خارج المحكمة من خلال التفاوض معهم، والباقي 35.3% تفضل حلها بالمحكمة فيما لم يفضل أي من تلك البنوك حل نزاعاتها عن طريق التحكيم. ويرجع تفضيل البنوك لحل نزاعاتها خارج المحكمة لطول مدة المحاكمات ولتكلفتها العالية. فيما يرجع سبب عدم تفضيل البنوك لحل نزاعاتها من خلال التحكيم إلى عدم وجود سوابق لحل هذا النوع من النزاعات من خلال التحكيم وعدم وضوح منهجية التحكيم، خصوصاً في حالات ديون الأسر المتعثرة، كما أن التحكيم يتطلب اتفاق طرفي النزاع على اللجوء إليه وهو ما لا يتحقق في حالات ديون الأسر المتعثرة؛ بحيـث يكون السبب في التعثر عادة هو عدم سداد العميل للأقساط المترتبة عليه، إمـا لـعـدم قدرتـه أو بسبب المماطلة.

جدول 2: المنهجية الأكثر كفاءة في حل النزاعات

 

   من خلال الجدول الثاني يتبين من إجابة البنوك أن أغلبهم يعتقدون أن حل النزاعات خارج المحكمة أكثر كفاءة بنسبة 70.6% مقابل 17.6% يعتقدون أن حلها في المحكمـة أكثـر كفـاءة و11.8% يعتقدون أن التحكيم أكثر كفاءة، ويرجع اعتبار أغلب البنوك حـل النزاعـات خـارج المحكمة أي من خلال التفاوض معهم أكثر كفاءة لكون حل النزاع من خلال التفـاوض يحفـظ للطرفين حقوقهم ويحلها بأفضل وأسرع الطرق مما يحفظ العلاقة بين الطرفين.

جدول 3: المنهجية الأسرع في حل النزاعات:

 

 

 

 

    جاءت الإجابة عن المنهجية الأسرع في حل النزاعات كسابقتها. فأغلبية البنوك تذهب إلـى أن المنهجية الأسرع هي من خلال حل النزاعات عن طريق التفاوض خارج المحكمة.

جدول 4: المنهجية التي يمكن تنفيذ أحكامها بسهولة:

 

 

 

 

وعن المنهجية التي يمكن تنفيذها بسهولة تأتي في مقدمتها حل النزاعات بالمحكمـة بنـسبة %64.7 يليها حل النزاع خارج المحكمة بنسبة 29.4%، ثم عن طريق التحكيم بنسبة 5.9%.

جدول 5: معرفة مركز كولالمبور الإقليمي للتحكيم:

 

 

 

 

   من خلال الجدول يتبين أن أغلب البنوك تعـرف مركـز كوالالمبـور الإقلي للتحك یم بنسبة 82.4%، فيما نسبة 17.6% لا تعرفه، وربما يرجع ذلك إلى عـدم لجـوء البنـوك الـى التحكيم.

جدول 6: حل نزاعات المالية الإسلامية بمركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم:

 

 

 

   من خلال الجدول يظهر أن أغلب البنوك بنسبة 70.6% لا تعرف أن مركـز كوالالمبـور الإقليمي للتحكيم يحل نزاعات المالية الإسلامية، فيما نسبة 29.4% فقط تعرف بذلك.

   ولعل ما يؤيد نتائج الاستبيان أنه بالرغم من تأسيس المركز سنة 1978م، إلا أنه لـم يكـن نشيطاً في حل القضايا ولعل ذلك راجع لعدم شهرة التحكيم بصفة عامة. وبدأ المركز بشكل فعلي ونشيط في استقبال القضايا وبتها بداية من سنة 2010. وقبلها كان هناك بعض القضايا التي تـم بنت حسب قواعد التحكيم لسنة 2007. وقد وصل عدد القضايا التي سجلت فـي المركـز 250 قضية من بداية سنة 2010 وإلى نهاية سنة 2014 ولا يوجد بين تلك القـضايا أي قـضيـة فـي المالية الإسلامية.

 تطبيقات التحكيم من خلال قواعد التحكيم الإسلامي في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم:

   تتكون قواعد التحكيم الإسلامي من 14 قاعدة تنظم عملية التحكيم من بدايته إلى نهايته. وهي عبارة عن مجموعة من القواعد الإجرائية التي تغطي جميع جوانب عملية التحكيم، والتـي قـد يوافق الطرفان عليها جزئياً أو كلياً من أجل المساعدة في حل أي نزاع محلي أو دولي ينـشأ مـن اتفاقية قائمة على مبادئ الشريعة الإسلامية. وقد أصبحت سارية المفعول ابتداء من 20 سبتمبر 2012. وتعتمد قواعد التحكيم في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم على قواعد التحكيم في لجنـة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية لسنة 2010.

   يتم اللجوء إلى التحكيم في حالة النزاع بين الأطراف، إما بناء على اتفاق مسبق منـصوص عليه في العقد باللجوء إلى التحكيم في حالة وقوع النزاع، كما يأتي: «كل نـزاع أو خـلاف أو مطالبة تنشأ عن هذه الاتفاقية أو تتعلق بمخالفتها أو إنهائها أو بطلانها، يتم تسويته عن طريق التحكيم وفقا لقواعد التحكيم الإسلامي في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم».

   وفي حالة عدم النص على اللجوء إلى التحكيم فيمكن إضافة شرط التحكيم التـالي للعقـد: «يتفق الطرفان بموجب هذا على تسوية أي نزاع حول العقد المؤرخ ــــــــ عن طريق التحكـيم بموجب قواعد التحكيم في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم»،أو الاتفاق بين الطرفين علـى اللجوء إلى التحكيم عند وقوع النزاع.

بدء التحكيم:

   تبدأ عملية التحكيم حسب ما تنص عليه القاعدة الثانية من قواعد التحكيم الإسلامي من تاريخ استلام المركز للطلب مع جميع الوثائق ورسوم التسجيل وبناء على طلب خطي من أحد طرفـي النزاع إلى مدير المركز مع نسخة من إخطار التحكيم المقدمة إلى المدعى عليه بالإضـافة إلـى الوثائق المنصوص عليها في نفس القاعدة.

 تعيين المحكمين:

    تنص القاعدة الرابعة على أحقية طرفي النزاع في تعيين هيئة التحكيم التي قد تكـون فـرداً واحدا أو مجموعة من المحكمين. وفي حالة فشل الطرفين في تحديد عدد المحكمين فإن عـددهم في التحكيم الدولي يكون ثلاثة محكمين، وفي التحكيم المحلي محكم واحد. وإذا فشل الأطراف في تعيين المحكم الواحد في غضون 30 يوماً من تاريخ استلام الطرف الآخر الإخطار يجـوز لأي من الطرفين طلب تعيين محكم واحد من قبل مدير مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم. وفي حالة المحكمين الثلاثة إذا اتفق الطرفان على تعيين ثلاثة محكمين فيعين كل طرف محكماً واحداً ويقوم المحكمان باختيار المحكم الثالث الذي سيكون المحكم الرئيسي لهيئة التحكيم. وإذا فشل الطـرف الآخر بإخطار الطرف الأول بالمحكم الذي عينه في غضون 30 يوماً يجوز للطـرف الأول أن يطلب من مدير المركز تعيين المحكم الثاني. وإذا لم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الرئيسي في غضون 30 يوماً من تعيين المحكم الثاني يعين المحكم الرئيسي من قبل مدير المركز.

 الطعن في المحكمين:

   حسب القاعدة الخامسة يجوز الطعن في أي محكم إذا وجدت ظروف تثير شكوكاً لهـا مـا يبررها بشأن حياد المحكم أو استقلاله أو إذا كان المحكم لا يمتلك أي مؤهل من المؤهلات المطلوبة التي اتفق عليها الطرفان. ويتم ذلك بإرسال الطرف الذي يريد الطعن إخطاراً خطياً يوضح أسباب الطعن إلى الطرف الآخر ومدير المركز وإلى أعضاء هيئة التحكيم الآخرين والمحكم المطعـون فيه في غضون 15 يوما بعد استلام إخطار تعيين المحكم المعترض عليه. إذا لم يوافق الطـرف الآخر، في غضون 14 يوماً من تاريخ استلام الإخطار بالطعن، على الطعن ولـم يـتـنـح المحكـم المطعون فيه طوعاً، يتعين على مدير مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم اتخاذ قـرار بـشـأن هـذا الطعن. وبناء على التنحي يعين محكم بديل.

مقر التحكيم:

   في القاعدة السادسة قد يتفق الطرفان على مقر التحكيم وفي حالة الفشل في الاتفاق، يتعين أن يكون مقر التحكيم في كوالالمبور، ماليزيا ما لم تقرر هيئة التحكيم، مع مراعـاة جميـع ظـروف القضية، أن مقراً آخر هو أكثر ملاءمة. وقد تجتمع هيئة التحكـيم فـي أي مكـان تـراه مناسـباً للمشاورات ما لم يتم الاتفاق على خلاف ذلك من قبل الطرفين، يجوز لهيئة التحكيم الاجتماع أيـضاً في أي مكان تراه مناسباً لأي غرض من الأغراض، بما في ذلك جلسات الاستماع.

إجراءات التحكيم:

   في القاعدة العاشرة يجوز لهيئة التحكيم القيام بالتحكيم بالكيفيـة التـي تراهـا مناسـبة ودون المساس بعمومية ما تقدم، أن تحدد الوقت المتاح لكل طرف لعرض قضيته ما لم يتفق جميع أطراف التحكيم على خلاف ذلك.

قرارات التحكيم:

   يصدر قرار التحكيم بالأغلبية إذا كان عدد المحكمين أكثر من واحد حسب المـادة 33 مـن قواعد الأونسيترال للتحكيم للجنة الأمم المتحدة لقانون التجارة الدولية. 27 كما أن حكـم التحكـيم يعتبر ملزماً ونهائياً حسب القاعدة الأولى من قواعد التحكيم وقواعد التحكيم الإسـلامي لمركـز كوالالمبور التي تلغي العمل بالمواد 41 و42 و43 و46 من قـانون التحكـيم المـاليزي 2005 (المعدل سنة 2011) -والتي تنص على إمكانية تدخل المحكمة العليا فـي إجـراءات التحكـيم وأحكامه- في حال قبول الطرفان اللجوء إلى التحكيم في منازعاتهمـا وفقـا لقواعـد التحكـيم بالمركز. وأيضاً القاعدة 12 (7) التي تنص على أنه: "في حالة الموافقة على التحكيم بموجب هذه القواعد، يتعهد الطرفان بتنفيذ الحكم فورا وبدون تأخير، كما يتنازلان عن حقوقهما علـى نحـولا رجعة فيه لأي شكل من أشكال الطعن، وإعادة النظر، أو اللجوء إلى أي محكمة دولـة أو سـلطة قضائية أخرى إلى حد أن مثل هذا التنازل يتم على نحو صحيح، ويتفق الطرفان كذلك على أن قرار التحكيم يكون نهائياً وملزماً للطرفين من تاريخ اتخاذه".

   وهو ما نص عليه قرار مجمع الفقه الإسلامي السابق بالقول: "التحكيم اتفاق طرفي خصومة معينة، على تولية من يفصل في منازعة بينهما، بحكم ملزم، يطبق الشريعة الإسلامية". ونصت المعايير الشرعية أيضاً على أن: "الأصل أن يتم تنفيذ الحكم من المحتكمين طواعية، فإن أبي أحد المحتكمين يحق للآخر رفع الأمر إلى القضاء لتنفيذه، وعليه لا يصار إلى التحكـيم إذا كـان لا يمكن تنفيذه" .

 السرية:

   من مميزات التحكيم السرية، ولذلك تنص القاعدة 16 على التزام هيئة التحكيم والطرفين وكل الخبراء بما في ذلك المجالس المعنية، والخبراء الشرعيين، والشهود، ومركز كوالالمبور الإقليم للتحكيم بالمحافظة على سرية جميع المسائل المتعلقة بإجراءات التحكيم، وتشمل السرية أي قـرار تحكيم، إلا إذا كان إفشاؤها ضرورياً لأغراض التنفيذ والتطبيق أو بقدر أن يكون الإفصاح عـن طرف مطلوباً من قبل واجب قانوني، لحماية أو اتباع الحق القانوني أو للطعن في قرار تحكيم فـي الإجراءات القانونية حسنة النية أمام محكمة الدولة أو أي سلطة قضائية أخرى.

الإحالة على المجلس الشرعي:

   الفرق الوحيد بين قواعد التحكيم التجاري والإسلامي الصادر عن مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم يتمثل في إضافة القاعدة 11 إلى قواعد التحكيم الإسلامي والتي تنص علـى إجـراءات الإحالة إلى المجلس الاستشاري الشرعي أو الخبير الشرعي في حالة وجود قضايا شـرعية فـي القضية المتنازع بشأنها وتنص على ما يأتي:

   "1- إذا وجب على هيئة التحكيم:

    (أ) تكوين رأي بشأن مسألة متعلقة بمبادئ الشريعة الإسلامية؛ و

    (ب) اتخاذ قرار بشأن نزاع ينشأ من الناحية الشرعية لأي اتفاق؛ يجوز لهيئـة التحك إحالة المسائل إلى المجلس المعنى أو الخبير الشرعي للحكم فيها.

2- لأغراض الفقرة 1 أعلاه، يجب أن يكون المجلس أو الخبير الشرعي المعني:

    (أ) مجلس الشريعة الذي يقع تحت اختصاصه اتخاذ القرار في الجوانب الشرعية، إذا وجد أي منها؛ أو

   (ب) حيث لا يقع اتخاذ القرار في الجوانب الشرعية تحت اختصاص مجلـس شـرعي معين، يتم الاتفاق بين الطرفين على المجلس أو الخبير الشرعي. وفي حالة عـدم توصل الطرفين إلى الاتفاق على مجلس أو خبير شرعي، تطبق الأحكـام المتعلقـة بالخبراء المعينين من قبل هيئة التحكيم المنصوص عليها في المادة.

3- يجب أن تتضمن أي إحالة بموجب الفقرة 1 أعلاه أي معلومات ذات صـلـة قـد يطلبهـا المجلس المعنى أو الخبير الشرعي لتكوين رأيه، بما في ذلك المسائل أو القضايا المـشـار إليها، والوقائع والمسائل والأسئلة ذات الصلة ليجيب عنها المجلـس المعنـى أو الخبيـر الشرعي.

4- إذا تمت الإحالة إلى المجلس المعني أو الخبير الشرعي، يجب على المحكم حينذاك تأجيل إجراءات التحكيم حتى بت البت الحكم من قبل المجلس أو الخبير الشرعي المعنيين، على حسب مقتضى الحال، أو، إذا كانت هناك أي مجالات أخرى للنزاعات مستقلة عن الحكم المذكور، يجب بدء التشاور فيها.

5- يلتزم المجلس الشرعي أو الخبير الشرعي المعني، على حسب مقتضى الحال، بالتشاور وإصدار حكمه في القضية أو الموضوع المطروح لذلك.

6- يلتزم المجلس الشرعي أو الخبير الشرعي المعنيين بتقديم حكمه في غضون 60 يوماً من تاريخ الإحالة.

7- في حالة عدم توصل المجلس الشرعي أو الخبير الـشرعي المعنيــن إلـى حـكـم فـي غضون 60 يوما، يجوز لهيئة التحكيم البدء في حسم النزاع وإعطـاء حكمهـا اسـتنادا إلى الوثائق التي قدمت لها قبل ذلك. لا يتأثر سريان مفعول قرار التحكـيم وفقـا لهـذه المـادة بأي شكل من الأشكال بعجز المجلس أو الخبير الشرعي المعنيين عـن اتخـاذ القرار.

8- ولتجنب الشك، يجوز أن يتعلق حكم المجلس المعني أو الخبير الشرعي فقط بالموضوع أو السؤال المقدم من هيئة التحكيم، ولن يكون للمجلس أو الخبيـر الـشرعي المعنيـين أي صلاحية في استكشاف الوقائع أو في تطبيق الحكم أو صياغة أي قرار متعلق بأي واقعة تدخل في اختصاص هيئة التحكيم وحدها".

   النص في قواعد التحكيم الإسلامية على إرجاع القضايا الشرعية التي يحصل نزاع حولهـا بين الأطراف والذي تم النص عليه في قانون البنك المركزي الماليزي يتناقض مع صفة المركز الدولية. فالمركز من جهة يوجه خدماته للصناعة المالية الإسلامية على المستوى العالمي، وفـي الوقت نفسه يلزم طرفي النزاع بإرجاع القضايا الشرعية محل النزاع إلى المجلس الشرعي للبنك المركزي الماليزي كون المجلس الشرعي الماليزي يشرع للصناعة المالية الإسلامية في ماليزيـا فقط، ولا تأخذ بآرائه وفتاويه باقي الدول، بالإضافة إلى أن فتاويه تتعارض مع فتـاوى هيئـات شرعية في بلدان أخرى. فعلى سبيل المثال لا يوجد أي هيئة شرعية تجيز بيع العينـة باسـتثناء المجلس الشرعي الماليزي وهو ما قد لا يكون مشجعا لأطراف دولية للتحاكم وفـض نزاعـاتهم بالمركز. كما أن نص المركز على إحالة القضايا الشرعية فقط إلى المجلس الشرعي قد لا يكون كافيا. فكما يلزم إجازة العقود التي تتعامل بها المؤسسات المالية الإسلامية بكل تفاصيلها من قبل الهيئات الشرعية يلزم أيضا إشراك تلك الهيئات في حال وقع النزاع ومراجعة حكم التحكيم الذي قد يتضمن مخالفات شرعية، وهذا ما أخذ به على سبيل المثـال المركـز الإسـلامي الـدولي و للمصالحة والتحكيم، والذي ينص في المادة 37 من لائحة إجراءات التحكيم الخاصـة بـالمركز التي تنص على أنه: "يجوز لهيئة التحكيم أن ترفع مشروع حكم التحكيم قبل توقيعه إلـى الهيئـة الشرعية التي يعتمدها المركز وللهيئة الشرعية أن تدخل تعديلات شكلية على الحكم، ولها أيـضاً أن تلفت انتباه هيئة التحكيم إلى مسائل موضوعية لها علاقة بالشريعة الإسلامية دون المساس بما لهيئة التحكيم من حرية في صياغة الحكم".

   ومن المؤاخذات الشرعية على قواعد التحكيم الإسلامي في المركز نـصها علـى فـرض تعويض وغرامة في حالة التأخر في السداد أخذا برأي المجلس الشرعي الاستشاري للبنـك المركزي الماليزي وهو ما خالف فيه فتاوى هيئات الفتوى الدولية الأخرى كمجمع الفقه الإسلامي وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية اللذين لا يجيزان فرض تعـويض علـى المتأخرين في السداد. وهو بالتأكيد ما سيكون عاملاً غير محفز لأطراف النزاع الدولية بـاللجوء الى المركز لأخذه برأي هيئة واحدة في موضوع خلافي وتجاهـل رأي بـاقي هيئـات الفتـوى المشهود لها على المستوى الدولي.

تنص القاعدة 12 على أنه:"ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، يجوز لهيئة التحكيم على أي مبلغ من المال يطلب دفعه من قبل قرار التحكيم على كل أو أي جزء من المدة ما بين التاريخ سبب الدعوى المثارة وتاريخ إعمال قرار التحكيم:

    (أ) قرار تحكيم فرض الدفعة المتأخرة المحددة عن طريق تطبيـق قواعـد «تعـويض» و «غرامة» حيث يشير «تعويض» إلى الخسارة الفعلية عقوبة وتشير «غرامـة إلـى عقوبة التأخر في السداد، أو

    (ب) بأي وسيلة أخرى ترى هيئة التحكيم أنها مناسبة، بما في ذلك المصلحة".

مدة التحكيم:

     فبالرغم من نص قواعد التحكيم الإسلامي على إصدار الحكم خلال مدة ثلاثة أشـهر مـن تاريخ إكمال الوثائق أو الوثائق الشفوية والخطية وقواعد التحكيم ذات المسار السريع خلال 160 يوماً فإن بت القضايا في المركز ليست لها مدة محددة. فقد يتم بت القضية خلال ثلاثة أشهر وقد يتم بتها خلال سنوات فأمر تسريع إجراءات التحكيم راجع إلى أطراف النزاع.

   ولأجل تسريع إصدار أحكام التحكيم أصدر المركز قواعد التحكـيم ذات المسار السريع للتسريع في إصدار الأحكام. ومن مميزات قواعد التحكيم ذات المسار السريع أنه يمكن للطرفين إجراء التحكيم عن طريق الوثائق فقط دون حضور جلسات الاستماع إذا كان المبلـغ الإجمـالي المتنازع حوله لا يتجاوز 75000 دولار أو 150000 رنغت حسب المادة 9، وهو ما يسرع من عملية إصدار الحكم التحكيمي.

    والملاحظ على قواعد التحكيم الإسلامي وقواعد التحكيم ذات المسار السريع التناقض فـي تحديد مدة إصدار حكم التحكيم. فالمادة 12 من قواعد التحكيم الإسلامي تنص على أن: "الهيئـة تلتزم إصدار حكمها النهائي في غضون فترة تقتصر على ثلاثة أشهر. بدء سريان هذه المهلة من تاريخ إكمال الوثائق أو الوثائق الشفوية النهائية أو الخطية".وبالمقابل تنص المـادة 12 مـن قواعد التحكيم ذات المسار السريع على أنه: "- فيما يخص التحكيم بالوثائق فقـط تلتـزم هيئـة التحكيم بإصدار قرار التحكيم النهائي على وجه السرعة وفي موعد لا يتجاوز 90 يوما من بـدء التحكيم.

- في ما يتعلق بالتحكيم بجلسات الاستماع الكلامية الموضوعية تلتزم هيئة التحكـيم بن قرار التحكيم النهائي على وجه السرعة وفي موعد لا يتجاوز 160 يوما من بدء التحكـيم بموجب مثل هذا التمديد الذي قد يتفق الطرفان وهيئة التحكيم عليه بموجب القاعدة 4 من المادة 11". فالتناقض يكمن في كون التحكيم بقواعد التحكيم ذات المسار السريع أطول من التحكيم العادي مع أن المفترض أن يكون أقصر مدة، ولكن حسب المواد أعلاه فـإن التحكيم العادي أقصر مدة من التحكيم السريع.

تكاليف التحكيم:

    تتكون تكاليف التحكيم في مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم في الحالات العادية من رسوم التسجيل ورسوم عمل المحكم والتكاليف الإدارية بالإضافة إلى نفقات المحكم، وهو مـا تلـخـصه الجداول التالية:

رسوم التسجيل:

التحكيم الدولي

500 دولار أمريكي

التحكيم المحلى

1000 رنغت ماليزي

 

 

 

رسوم عمل المحكم (بالدولار الأمريكي) في حالة التحكيم الدولي:

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  وبالإضافة إلى التكاليف السابقة فإن الطرفين مطالبان بدفع نفقات المحكـم التـي تـضمن النفقات الشخصية المتعلقة بالسفر والمعيشة والنفقات الأخرى المتنوعة المعقولة التي تكبدها فـي حضور إجراءات التحكيم.

 تكاليف التحكيم تحت قواعد التحكيم ذات المسار السريع:

   وبالنظر إلى رسوم التحكيم المرتفعة وإجراءاته الطويلة قام المركز بإصدار قواعد التحك ذات المسار السريع سنة 2013 لخفض تكلفة ومدة التحكيم.

وفيما يلي تكاليف التحكيم تحت قواعد التحكيم ذات المسار السريع:

رسوم التسجيل والتعيين:

رقم البند

الرسوم

1. رسوم التسجيل غير قابلة للاسترداد

250 رنغت ماليزي / 100 دولار أمريكي

2. رسوم التعيين

400 رنغت ماليزي / 150 دولار أمريكي

 

   تتضمن رسوم هيئة التحكيم الرسوم الإدارية للمركز والتي تعادل (20%) من رسوم هيئـة التحكيم.

 رسوم المحكم في حالة التحكيم الدولي:

المبلغ المتنازع عليه (المطالبة + الدعوى المضادة) = مبلغ محدد المبلغ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مزايا وسلبيات التحكيم بالمقارنة مع المحكمة:

مما سبق يتبين أن للتحكيم مزايا وسلبيات مقارنة بالتقاضي أمام المحكمة. فمن مزاياه:

- المرونة في اختيار مكان التحكيم وهو ما يتيح للطرفين إجراء التحكيم في أي مكـان يتيـسر لهما إجراء التحكيم فيه، عكس التقاضي بالمحكمة فلا يحق للأطراف اختيار مكان التقاضي.

- المرونة في الجلسات بحيث يمكن للطرفين الحضور مباشرة أو تتم الجلسة عن طريـق الفيديو أو غيرها من الآليات.

- السرية في التحكيم وهو ما يتيح للأطراف الحفاظ على سمعتهم السوقية وتجنب مخـاطر السمعة والحفاظ على العلاقات التجارية مع العملاء، فبعض النزاعات قد يؤدي إلى تدمير العمل التجاري للمؤسسات كالبنوك الإسلامية في حالتنا عكس المحاكمة بالمحكمة فإنهـا تكون علانية.

- المرونة في إجراءات التحكيم من حيث الكيفية ووقت إجراء الجلسات. وغير ذلك عكـس المحاكمة

- المرونة في اختيار المحكمين والطعن فيهم مما يمكن الأطراف المتنازعة مـن اختيـار المحكمين الخبراء في المالية الإسلامية، على خلاف المحكمة فإنـه لا يحـق لأطـراف النزاع اختيار القاضي أو الطعن فيه.

- إمكانية تنفيذ حكم التحكيم على المستوى الدولي، خصوصاً في حالة القضايا الدولية بنـاءً على اتفاقية نيويورك، عكس حكم المحكمة الذي يـصعب تنفيـذه بـاختلاف المحـاكم، خصوصاً على المستوى الدولي.

 - إمكانية اختيار قانون التحاكم بناء على اتفاق طرفي النزاع، على خلاف المحكمة فإنه لا يحق لأطراف النزاع اختيار قانون التحاكم، وإنما يخضعون للقانون الذي تطبقه المحكمة. - حرية اختيار لغة التحاكم.

خاتمة:

   وبالرغم من مزايا التحكيم ومزايا مركز كوالالمبور الإقليمي للتحكيم فإن عدد القضايا التـ تم عرضها على المركز لا تتناسب مع تلك المزايا. وبلا شك فإن هناك سلبيات تحد مـن إقبـال الأطراف المتنازعة من عرض قضاياها عليه، خصوصاً قضايا التعثر، بعـضـها ذكـر سـابقاً، والبعض الآخر يتمثل فيما يأتي:

- تكلفة التحكيم المرتفعة بالمقارنة مع تكاليف المحكمة. فبالإضافة إلى التكاليف الـسابقة تضاف تكاليف المحامين إذا قرر الطرفان تعيين محامين للترافع عنهما.

- معظم القضايا، إن لم تكن كلها، تنشأ عن التخلف في سداد الأقساط يكون العميل فيها إما عاجزاً عن السداد أو يرغب في تأخير أو التهرب من سداد الديون. ففي كل هذه الحالات من مصلحة العملاء تأخير الإجراءات. لذلك يعمد هؤلاء العملاء إلى تقديم جميع أنـواع الدفوعات بما في ذلك أن العقد باطل كونه غير متوافق مع الشريعة. وفـي ظـل هـذه الظروف فإنه من غير المحتمل موافقتهم على التحكيم، لأنهم إذا كانوا يريـدون تـسـوية ديونهم، ولكنهم غير قادرين على القيام بذلك فمن الأفضل لهم التفـاوض مباشـرة مـع المؤسسات المالية أو اللجوء إلى وكالة إدارة الديون واستشارات الائتمان فـي الحالـة الماليزية- وليس عليهم إنفاق الأموال على المحامين أو المحكمـين. فتكلفـة المحـامين والمحكمين مرتفعة.

- أن المؤسسات المالية لا تلجأ إلى المحكمة ما لم تكن قد استنفدت جميع السبل. لأن اللجوء إلى المحكمة يكلف تلك المؤسسات مبالغ مالية ونفس الأمر بالنسبة للتحكيم. وعندما تلجأ المؤسسات المالية إلى المحكمة فإنها تطلب أولا بيع أصول العميل. وهـذا الإجـراء لا يمكن أن يتم من أي جهة غير المحكمة العليا من خلال رفع دعوى بذلك. الحـصول على الحكم يكون لديهم العديد من الطرق لتنفيذه بما في ذلك الإفلاس وإجراءات التصفية. والتحكيم لا يمكنه القيام بهذا النوع من التدابير.

- عندما يكون على المحكم تكوين رأي في ما يتعلق بقضية شرعية في القضية المعروضة عليه، فإنه يتعين عليه أن يحيل المسألة إلى المجلس الشرعي الاستشاري. فمـن وجهـة نظر طرفي النزاع يتمثل السبب في اختيارهم التحكيم فرضاً أن المحكم على دراية فـي مجال المصرفية والمالية الإسلامية والجوانب الشرعية مع القدرة على بت القضايا. وإلا لماذا ينفق الطرفان المال على المحكم/المحكمين؟ أكثر من ذلك لمـاذا يـدفع الطـرفين للمحامين لرفع القضية إلى المحكم، ثم يدفعون للمحكم لإحالـة القـضية إلـى المجلـس الاستشاري الشرعي؟ وفي كلتا الحالتين يمكن للأطراف رفـع القـضية إلـى المجلـس الشرعي مباشرة ومجاناً أو عن طريق محاميهم، وفي هذه الحالة يدفعون فقط لمحاميهم.

    فعلى الرغم من أهمية التحكيم كبديل للقضاء في فض المنازعات، إلا أنه يصعب اعتمـاده كبديل للقضاء في بت قضايا تعثر ديون الأسر على الأقل في ظل طريقة اشتغال مراكز التحكـيم عموماً ومركز كوالالمبور الإقليمي، خصوصاً للأسباب المذكورة أعـلاه. وهـذا لا يعنـي أنـه يستحيل ذلك ولكن ذلك يمكن أن يكون مدعاة للتفكير في طرق قد تجعل المركـز يـشكل بـديلاً للقضاء لبت نزاعات المصرفية الإسلامية عموماً، وقضايا تعثـر ديـون الأسـر علـى وجـه الخصوص. ومن ذلك اعتماد فض النزاعات من خلال الإنترنيت، مما قد يؤدي إلى السرعة فـي بت قضايا النزاع وأيضاً إلى تخفيض تكلفة فض النزاعات