كانت الدول المصدرة للاستثمارات توفر الحماية الدوليـة لمـستثمريها بواسـطة الحمايـة الدبلوماسية. ولكن شرطي كالفو واستيفاء طرق المراجعة الداخلية من شأنهما الحد من فعالية هذه الحماية.
وبالرغم من شرط التحكيم التجاري الدولي في عقود الاستثمار، فإن هذا الشرط عـادة مـا ينص على اختصاص القضاء المحلي لتسوية نزاعات الاستثمار، ولهذا تم ابرام اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار تقضي باختصاص هيئة التحكيم الدولية من جهة وتعهد الدولة المضيفة بالوفاء (بأية التزامات أخرى غير واردة في هذه الاتفاقيات) من جهة أخرى، مما يفيد نقل دعوى العقـد الى دعوى المعاهدة لتسوية نزاعات الاستثمار واختصاص هذه الهيئة بتسوية النـزاع بموجـب قانون العقد.
وهذا هو الحد الادنى لشرط المظلة المستفاد من هذه الاتفاقيات، ولكن هيئات التحكيم الدولية ترفض نفاذ هذا الشرط، تارة بترجيح شرط العقد على شرط المعاهدة وتقبل الاختصاص بترجيح شرط المعاهدة على شرط العقد تارة ثانية، وتتوسع فيه تارة ثالثة بنقل الالتزامات العقديـة الـى التزامات دولية بغية استبعاد قانون العقد وتطبيق القانون الدولي، فكيف يتم ذلك؟ وبموجـب أيـة معايير؟ هذه هي وظيفة هذا البحث.
Abstract
The countries exporting investments were provided international protection for their investors by diplomatic protection way. But two conditions, Calvo Clause and fulfillment of local remedies, would reduce the efficiency of such protection.
Despite the fact of the existence of International Commercial Arbitration Clause in investment contracts, this condition is usually provided the jurisdiction of the local courts for the settlement of investment disputes. For that reason, agreements on promotion and protection of investments were concluded to establish the jurisdiction of international arbitral tribunal on the one hand and the pledge of the host country to fulfill (any obligations other than contained in this agreement) on the other hand, to provide the transfer of contract claim into treaty claim for the settlement of investment disputes, and for the jurisdiction of this tribunal only under the contract law.
This is the minimum meaning of Umbrella Clause derived from this agreement. But international arbitration tribunals may dismiss this clause, sometimes, to establish the jurisdiction of local courts upon exclusive forum selection (ETS) as a contract clause or admit the umbrella clause by contract claim or treaty claim to accept jurisdiction on other time. However, tribunals may convert by treaty claim, the contractual obligations into international obligations in order to exclude the contract law and apply the international law and this is the broad meaning of umbrella clause.
To understand these fluctuations in international arbitration awards, we propose this article.
مقدمة:
بالرغم من ان العقد الدولي يتضمن عنصراً أجنبياً فإنه مع هذا يخضع لقانون محل إبرام او تنفيذ العقد بموجب قواعد تنازع القوانين بما في ذلك خضوعه للولاية القضائية المحلية لتـسوية النزاعات الناجمة عن تفسيره وتنفيذه. ولذا فإنه لا يخضع لإختصاص المحاكم الدولية لا من حيث الاختصاص ولا من حيث الموضوع. كما جاء في حكم محكمة العدل الدولية الدائمة في قـضية الديون الصربية 1979/7/17 بأن (اي عقد ليس عقدا بين دولتين بصفتهما من أشخاص القـانون الدولي، يخضع للقانون المحلي لدولة ما... ويتم تحديد القانون الحاكم حين ابرامه، وهو في نظر المحكمة القانون الصربي، وليس قانون فرنسا (SeriesA/1129Para.41,42 CPJI)..
وقررت محكمة العدل الدولية في قضية شـركة الزيـت الانكلـو ايرانيـة فـي حكمهـا (اختصاص) في 1952/7/22 بأنه حيث إن ايران قبلت اختصاص المحكمـة فـي المعاهـدات التي تبرمها بعد 1932، وحيث إن المعاهدة التي أبرمت بعد ذلك كانـت بـيـن ايـران وشـركة أجنبية وليس مع الحكومة الانكليزية بذاتها، فإن المحكمة لا تملك الاختصاص في هـذه القضية .(Cij. Recueil 1952)
ويتم الاحتجاج بالعقود الدولية أمام المحاكم الدولية بموجـب مبـدأ الحمايـة الدبلوماسـية (Protection Diplomatique) حيث تتولى الحكومات الدفاع عن ادعاءات رعاياها بأضــرار ناجمة عن تصرفات الدولة المضيفة ضد استثماراتهم فيها. وينبغـي لنجـاح دعـوى بالحمايـة الدبلوماسية وجود شرطين: الأول- هو قبول الحكومـة المعنيـة لـشمول رعاياهـا بالحمايـة الدبلوماسية، والثاني - اثبات وجود انكار للعدالة عند استيفاء طرق المراجعة الداخلية. وهذا يعني اولاً ابتداء ثبوت اختصاص القضاء المحلي بالنظر في نزاعات العقود الدولية، وإلا فـإن عـدم تحقيق العدالة من خلال القضاء المحلي من شأنه أن يؤدي الى قيام اختصاص المحـاكم الدوليـة بنقل النزاعات العقدية إلى نزاعات دولية بين دولتين بناء على دعوى الحماية الدبلوماسية. ومـع هذا فإن القضاء الدولي يرفض الاختصاص في نزاع هذه العقود، لأنه ليس نزاعاً بين اشـخاص القانون الدولي، لأن أصل النزاع هو بين المستثمر والدولة المضيفة وليس بين الدولة المـضيفة ودولة المستثمر.
ولغرض تحاشي هذه النتائج فإن المستثمرين الأجانب يحرصـون علـى تـضمين عقـود الاستثمار شرط التحكيم التجاري الدولي الذي يؤسس اختصاص هيئات التحكيم التجاري الـدولي ويستبعد اختصاص المحاكم المحلية. وهذا هو مفاد تدويل العقود بموجب شرط التحكيم، ولا يمكن التوسع في هذا التدويل ليشمل القانون الواجب التطبيق من حيث الموضوع (Merits) لأن أصل النزاع ناجم عن تفسير العقد وتنفيذه وأن التزامات طرفي النزاع قائمة في العقد وليس في القانون الدولي، لأن النزاع نزاع عقد وليس نزاع معاهدة. وكان الإكسيد ينظر في الدعاوى المحالة اليـه ابتداء بدعوى عقد بناء على شرط التحكيم في عقد الاستثمار، مما يحـصر موضـوع النـزاع بالالتزامات العقدية الواردة فيه. اما اليوم، فإن الإكسيد غالبا ما ينظر في دعوى معاهدة اسـتناداً الى اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار. ونادراً ما يحيل العقد الى الإكسيد، فإن فعل، فإن الأخيـر ينظر في دعوى عقد ودعوى معاهدة دون الحاجة إلى التمييز بينهما، ما دام هدف الإكــسيد هـو تطبيق القانون الدولي في النزاع.
ولكي توفر الحكومات المصدرة لإستثماراتها الى الخارج، حماية أخرى إضافة الى الحماية العقدية لهذه الإستثمارات، فإنها دأبت في ابرام اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار مـع الـدول المضيفة، وذلك بتضمين هذه الاتفاقيات امرين: أحدهما، التزامات جديدة للحماية غير متوافرة في عقود الاستثمار، ومن أهمها شرط المعاملة الوطنية وشرط الدولة الأكثر رعاية، والمعاملة العادلة والمنصفة التي توفر حداً أدنى للحماية بموجب المعايير الدولية وليس بموجب المعايير المحليـة، وثانيهما، نظاماً الزامياً لحل النزاعات بموجب المعاهدة عوضاً عن النظام العقدي.
ويرد شرط المظلة بالصيغة الآتية: العقد
((يتعهد الطرفان المتعاقدان باحترام أية التزامات إضافية للالتزامات ذات الصلة بالاستثمار الواردة في هذه الاتفاقية وأية التزامات أخرى)). فبموجب صيغة أية التزامات إضافية وصـيغة أية التزامات أخرى، يتم تفسير شرط المظلة تفسيراً موسعاً تلغى بموجبه الفوارق بين التزامـات والتزامات المعاهدة، حيث تصبح الالتزامات العقدية التزامات دولية، وبالتالي ينتقل النـزاع بين المستثمر والدولة المضيفة من نزاع عقد دولي الى نزاع معاهدة دوليـة، ويخـضع لأحكـام القانون الدولي عوضاً عن الالتزامات الواردة في العقد، وتصبح هذه الالتزامات الجديدة مفتوحـة امام محكمة التحكيم لتطبيق الحماية الدولية للمستثمر بدلا من الحماية العقديـة. وهكـذا تـنهض دعویان متوازیتان تثيران تزاحماً بينهما مما يقتضي بت إحداهما وتجاوز الأخرى أو بت كلتيهما من قبل محكمة تحكيم المعاهدة لا من قبل تحكيم العقد، مما يلزم الدولة بموجبهـا الوفـاء بأيـة إلتزامات أخرى، إضافة الى الالتزامات الواردة في هذه الاتفاقية سواء وجدت في عقد الاستثمار أو أية إلتزامات دولية أخرى، والتي لها الأولوية على تلك الالتزامات بحيث تنتقـل الالتزامـات العقدية للدولة الى التزامات دولية، وبحيث يستطيع المستثمر إقامة دعوى دولية بموجـب هـذه الاتفاقيات Claim) Treaty) بدلا من دعوى عقدية (contract claim) بموجب عقد الاستثمار.
وبذلك يستطيع المستثمر الادعاء بأن انتهاك الدولة المـضيفة لالتزاماتهـا بموجـب عقـد الاستثمار هو انتهاك للاتفاقية بموجب هذا الشرط الوارد فيها، ويحق له بناء علـى هـذا إقامـة دعوى أمام هيئات التحكيم الدولية.
أما إذا اقتصر شرط المظلة على الالتزامات العقدية، كما في النموذج النمساوي الذي يـنص في المادة السابعة منه على أن يراعي كل طرف متعاقد، any contractual obligation فـإن هيئة التحكيم تنظر في دعوى معاهدة وبناء على الالتزامات العقدية، ولـيس بموجـب القـانون الدولي. وهذا هو المعنى الضيق لشرط المظلة.
ويعود استخدام هذا الشرط في اتفاقيات تشجيع الاستثمار الى الاتفاقية المبرمـة فـي 1959 بين المانيا وباكستان، حيث تقضي المادة (7) منها بأن على أي طرف احترام آية التزامات أخرى يكون طرفاً إزاء استثمارات تتم من قبل مواطن أو شركة لطرف متعاقد آخر. ودخل هذا الشرط بشكل صريح في النموذج الامريكي من (BIT) في 1987 ثم في معاهدة الطاقة الاوروبية لسنة 1994، حيث تقضي المادة 10 بأن (على كل طرف متعاقد احترام الالتزامات التي تعاقد بها ازاء مستثمر أو استثمارات لمستثمر للطرف المتعاقد الآخر) بحيـث أن هيئـة التحكـيم تنظـر فـي الانتهاكات التي تصيب الاستثمارات المتعاقد عليها حتى ولو لم يكن المستثمر طرفاً مباشراً فـي العقد. وبهذا تمتد التزامات الدولة المضيفة من التزامات بموجب العقد الـى التزامـات بموجـب الاتفاقية وبموجب أية التزامات أخرى.
ولم يكن من اليسير قبول هيئات التحكيم الدولية العمل بهذا الشرط ابتـداء، ففي قضية (SGS) ضد الباكستان في 2003/8/6 وعلى أثر إلغائها عقداً أبرمته الشركة السويسرية لتطوير نظام الخدمات الكمركية، عمدت الشركة الى تحكيم الإكسيد. وبدلاً من أن يقـوم الاكـسيد ببـت الاختصاص أولا فإنه بت موضوع النزاع على أساس العقد، وذلك بتفسير شرط المظلة بأنه حكم اجرائي، وليس حكماً موضوعياً. وحيث إن اجراء حل النزاع وارد في عقد التجهيز باختـصاص المحاكم الباكستانية بموجب قانون التحكيم الباكستاني، فإن الاكسيد يقرر عدم الاختصاص بموجب الدعوى العقدية. ورفض طلب الشركة الاحتجاج بشرط المظلة الموجودة في اتفاقية (BIT) بـين الباكستان وسويسرا باختصاص الاكسيد لحسم النزاع بدعوى أن أي انتهاك للعقد يتحول انتهاكـاً للاتفاقية، ذلك لأن شرط المظلة لا يعمل اذا اشترط العقد اختصاص القضاء المحلي لحل النزاع.
ولكن التحكيم التجاري الدولي واعتباراً من سنة 2004 عمد إلى تطبيق شرط المظلة علـى نزاعات الاستثمار بالربط بين دعوى العقد ودعوى المعاهدة وذلك بالاستناد الى مبدأ الأثر المفيد للمعاهدات، بحيث تم وضع عقد الاستثمار تحت حماية معاهدة تشجيع وحماية الاستثمار، وذلـك في قضية (SGS) ضد الفيليبين لسنة 2004 التي حولت شرط المظلة الى شرط فعال يختلف عن ما كان الحال في قضية (SGS) ضد باكستان لسنة 2003. ولكي نفهم هذا التحول فـي تفـسير شرط المظلة بالمعنى الواسع في اغلب القضايا والعمل به من الآن فصاعدا فإنه ينبغي معرفة ان مشكلة هذا الشرط هو في تنفيذه لا في نفاذه، وذلك من حيث:
1. تنفيذه اجرائيا وذلك،
أ. بدعوى عقد بموجب معاهدة.
ب. بدعوى معاهدة بموجب معاهدة.
2. تنفيذه من حيث الموضوع وذلك،
أ. بتطبيق قانون العقد بموجب دعوى عقد.
ب. بتطبيق القانون الدولي بموجب دعوى معاهدة.
ولذا يعتبر تحديد القانون الواجب التطبيق الهدف الرئيس لشرط المظلة بـالمعنى الواسـع وذلك باستبعاد قانون العقد الذي بموجبه تقوم التزامات الطرفين المتعاقدين حيث يثـور النـزاع بينهما بسبب عدم الوفاء بها وتطبيق القانون الدولي الذي لا يتضمن مثل هذه الالتزامات حيث لا يوجد قانون دولي للعقود.
المبحث الاول
نطاق شرط المظلة
يهدف شرط المظلة ابتداء الى تحديد دعوى النزاع لغرض تعيين الاختصاص (أولاً) ثـم تحديد اشخاص الخصومة وهم اشخاص الشرط في حد ذاته (ثانياً).
أولاً- تحديد دعوى النزاع: أضحى تحديد موضوع شرط المظلة، وبالتالي نطاقـه، محـل جدل بسبب الاختلاف في فهم هذا الشرط وتفسيره، بحيث يتم تعيين طبيعة دعوى النزاع لغرض تحديد نطاق الالتزامات التي يرتبها هذا الشرط على أطراف اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار. والأصل أن اتفاقية حماية الاستثمار لاتشير إلى التزامات الدولة المتعاقـدة القائمـة فـي عقـد الاستثمار، وانما تؤكد المبادىء العامة التي على الدولة المتعاقدة الالتزام بها لحماية استثمارات مستثمري الدولة المتعاقدة الأخرى، فيكون الالتزام بهذه المبادىء من شأنه الالتزام بحماية تلـك الاستثمارات، من جهة، ونقل اختصاص المحكمة المختصة الى هيئة التحكيم الدوليـة بموجـب المعاهدة، من جهة أخرى، بحيث إن الدعوى تنتقل من دعوى عقد إلى دعوى معاهـدة. ولكـن شرط التحكيم الوارد أحيانا في العقد يقضي باختصاص القضاء المحلي، حيـث يتـزامن آنـذاك اختصاصان، وبالتالي دعويان، فكيف يتم بت تعيين طبيعة الدعوى ليـتـم حـصر الاختـصاص بموجبها. ففي قضية SGS ضد الباكستان في 6.8.2003 رد الاكسيد الدعوى لصالح القـضاء المحلي بناء على شرط العقد بعد أن قبل الاختصاص بناء على شرط المعاهدة بـرفض العمـل بشرط المظلة لصالح شرط العقد. إلا ان الاكسيد بعد هذه القضية تحول الى قبول الاختصاص وقبول الدعوى في قضية (SGS) ضد الفيليبين في 2004/1/29 الى نقض المبدأ الذي رفـض شرط المظلة من قبل الاكسيد في قضية (SGS) ضد الباكستان في 2003/8/6 والعمل بـشرط المظلة بدلا من شرط العقد، فماذا جرى في هذا التحول؟
اذ جاء فيها إن شرط المظلة يعتبر انتهاك الدولة المضيفة لالتزاماتها االعقدية هـو انتهـاك للمعاهدة (فقرة 128) وهذا ما سنعرضه في القضيتين فيما يأتي:
أ. قضية (SGS) ضد باكستان في 2003 حيث يتضمن (BIT) شرط تحكيم يقضي بـأن النزاع ستتم تسويته (بالتحكيم طبقا لقانون التحكيم النافذ في البلد المضيف).
احتجت باكستان بأن العقد المبرم مع الشركة يتضمن كيفية حل النزاع الناشىء عنه وأن هذا الاجراء يرجح على الاجراء الوارد في (BIT) لان العقد هو الذي يحدد الالتزامات الناشئة عـن الاستثمار وليس BIT. ولذا فإن الاكسيد لا يملك الاختصاص في هذا النزاع، لأن الدعوى هـي دعوى عقد وليس دعوى معاهدة. وحتى لو أن الاكسيد يملك الاختـصاص إلا أنـه لا يستطيع ممارسته في هذا النزاع لوجود بديل منه في العقد. ومن جهتها احتجت (SGS) بأن شرط المظلة في (BIT) ينقل النزاع من دعوى عقد الى دعوى معاهدة. وأن الاكسيد انما ينظر في موضـوع النزاع وليس في نوع الدعوى، وفيما اذا كانت عن عقد أو عن معاهدة، وأن احكام العقد لا ينبغي أن تنقص من اختصاص الاكسيد القائم في اتفاقية واشنطن لسنة 1965 و(BIT) بـين سويسرا والباكستان.
أما الاكسيد فقراره في merits هو أن معرفة ما اذا كان شرط المظلة ينقل النزاع من العقد إلى المعاهدة، انما يعتمد على تفسير كلمات الشرط تفسيراً كاملاً في ضوء أهداف وسياق الـنص الذي لا يحتوي على الشرط الواسع القاضي بـاحترام الدولـة المـضيفة الـذي يـنص علـى investment any obligations it has assumed with regard to specific. إن تعبيـر ضمان احترام الالتزامات يتم بالتحكيم طبقاً للقانون الباكستاني ويستبعد آية التزامات قانونية دولية جديدة، وأن تفسير المدعي للنص من شأنه أن يفتح ابواباً من شأنها أن تجعـل العقـود الدوليـة التزامات دولية وهذا يعني فرض التزامات دولية على الدول دون موافقتها. وعليه فـإن شـرط المظلة هو شرط اجرائی (Procedural) وليس حكماً بنزاعات قانونية موضوعية. وبناء عليـه رد الاكسيد دعوى الشركة بعدم اختصاصه بدعوى عقدية، وإنما قبل الاختصاص بدعوى معاهدة، وذلك لوجود البديل في دعوى العقد. وبموجب شرط العقد فإن الاكسيد يفقد اختصاصه بناء على دعوى العقد. ذلك أن نص المادة 11 من المعاهدة لا يفهم منه أن انتهاك العقد المبرم مع الدولـة والمدعى به من قبل المستثمر والمعتبر أنه قضية خاضعة للقانون المحلي لا القانون الـدولي، لا يمكن تلقائيـاً اعتبـاره انتهاكـا لقـانون المعاهدات الـدولي. (6.8.2003 ARB/01/13.in .(para.53,166
وبذلك قضى الاكسيد في قضية Salini ضد المغرب، فبالرغم من أن الاكسيد رفض ادعاء المغرب بأن شرط التحكيم في العقد بأختصاص القضاء المحلي، انما يفيد تنازلا عن اختـصاص الاكسید، بل ان الاكسيد مختص بالنظر في انتهاكات العقد التي تعتبر أساسا للاختصاص بنـاءً على انتهاك المعاهدة، ولكنه غير مختص بالنظر في الانتهاكات العقدية البحتة التي تـؤول الـى اختصاص المحاكم المغربية، وأن انتهاك العقد لا يشكل بالضرورة انتهاكـاً جوهريـاً للمعاهـدة (23.7.2001.ARB/00/4, in). وفي قضية Salini ضد الاردن رفض الاكسيد ادعاء الشركة بأن المادة 2/4 من المعاهدة الايطالية الاردنية تقضي باحترام التزامات العقد المبرم من قبل دولة المستثمر. واعتبر الاكسيد أن التزامات الاردن تقتصر فقط على اقامة نظام قانوني قـادر علـى ضمان تلك الالتزامات (126.ARB/02/13 ON 29.11.2004.para).
ب. قضية (SGS) ضد الفيليبين في 2004، حيث تتضمن (BIT) شرط مظلة يقضي بـأن يتعهد كل طرف احترام آية التزامات any obligation يتحملهـا ازاء الاستثمارات، على وجه الخصوص، في أراضيه تعود لمستثمر لطرف متعاقد آخر.
واحتج الطرفان بالحجج ذاتها الواردة في القضية السابقة. أما الاكـسيد فيـرى أن الـشرط الوارد في (BIT) بين الشركة والفيليبين ذو خصوصية أكثر مما هو في القضية السابقة، وان قراره في قضية SGS ضد الباكستان كان غير مناسب وتقليديا. ولما كانت (BIT) تهدف الـى حماية المستثمر فإن أي غموض في النص يفسر لصالح المستثمر. مما يعني تفسير شرط المظلة تفسيراً موسعاً لإجلاء هذا الغموض. واعتبر الاكسيد ان انتهاك الالتزامات العقدية انمـا يعتبـر انتهاكا للمعاهدة. ولكن الاكسيد لا يرى أن نطاق تلك الالتزامات لا يجعلها قضية للقانون الدولي. وعليه قبل الاكسيد الاختصاص في دعوى الفيليبين بناء على دعوى كل من العقـد والمعاهـدة، عملا بالتفسير الموسع لشرط المظلة (128.ARB/02/6on24.1.2004.para).
ولذا فإن شرط المظلة انما يفيد نقل النزاع العقدي الى نزاع معاهدة في النزاع بين الـشركة والفيليبين، علماً أن هذا العقد يشترط ولأول وهلة primacy اثبات وجود انتهاك للعقد. اما نـص (BIT) مع باكستان فيفيد العمل بشروط العقد النافذة بين الطرفين ولا يمكن تجاوزها الى شروط (BIT)، ولذا هناك بدائل في الاجراءات قرر الاكسيد الاختصاص بموجبها. ففي الوقـت الـذي يملك الاختصاص بموجب دعوى العقد ضد الفيليبين لكنه لا يمارس هذا الاختصاص لوجود آلية لممارسة هذا الاختصاص بموجب شرط العقد، وإنما يمارسه بموجب شرط المظلة الـذي ينقـل الاختصاص من دعوى العقد الى دعوى المعاهدة ولا ينتقل الاختصاص من القانون المحلي الـى التحكيم الدولي، ولذا فإن المفهوم الذي تبناه الاكسيد هاهنا ليس بالمفهوم الموسـع، كمـا يـرى الفقهاء، وانما هو المفهوم المعتدل الذي يقر بنقل نزاع العقد الى نزاع معاهدة وليس نقل النـزاع من قانون العقد الى القانون الدولي، حيث يعمل الاكسيد على حماية الالتزامات العقدية بموجـب المعاهدة وليس نقل النزاع الى القانون الدولي. اما في قضية الباكستان فان الاختصاص بموجـب العقد راجح ابتداء على الاختصاص بموجب المعاهدة باعتبار أن باكستان قد اخلت بالعقد ولم تخل بالمعاهدة. ولذا رفض الاكسيد نفاذ شرط المظلة في قضية (SGS) ضد باكستان لوجود البديل في العقد. والفرق بين القضيتين ناجم عن اختلاف في صياغة شرط المظلة. ففي الأولى بين (SGS) وباكستان يوجد شرط اختصاص القانون المحلي في العقد، وان الدعوى دعـوى عقـد ويحكـم الاكسيد باختصاص هذا القانون لا باختصاصه هو. بينما في الثانيـة بـين (SGS والفيليبـين فإن الدعوى كانت دعوى عقد ودعـوى معاهـدة، وإن الإكــسيد قبـل الاختصاص بـدعوى المعاهدة مباشرة. ولذا ينعقد اختصاص الاكسيد بموجب شرط المظلـة، بينمـا لا يعمـل شـرط المظلة بدعوى العقد في القضية ضد الباكستان. ولكن لما كان النزاع مالياً اصـلاً فهـو نـزاع عقدي ويكون من اختصاص قاضي العقد وليس من اختصاص المعاهـدة الـذي هـو سـابق لأوانه، وان الاكسيد أوقف اجراءاته بموجب شرط المظلـة حـتـى يبـت قاضـي العقـد فيـه (128.ARB//02/6.on.29.1.2004.para). وزيادة على ذلك فإن BIT مع الفيليبين تتـضمن شرط any obligations بينما في BIT مع الباكستان لا تتضمن هذا البعد في الالتزامات ممـا دفع الاكسيد الى الاقرار بشرط المظلة لقبول الاختصاص ضد الفيليبين بينما قبل الاختصاص ضد الباكستان بموجب شرط العقد لا شرط المظلة ثم رد الدعوى بناء عليـه. ورغـم التـشابه بـين القضيتين من حيث وقف ممارسة الاختصاص من قبل الاكسيد إلا أن السبب في الباكستان هـو رفض شرط المظلة بسبب شرط العقد وفي الفيليبين بسبب أولوية دعوى العقد في نزاع تجـاري بحت.
ولذا، فالتحكيم التجاري الدولي منقسم بشأن مدى الالتزامات التي يحميها شرط المظلة لتكون التزامات الدولة التزامات عقدية ام التزامات دولية في اتجاهين:
1- قبول دعوى المعاهدة بتفسير شرط المظلة بالالتزام بشرط ثبات الالتزامـات العقديـة (Clause de stabilisation) باعتبارها قضية موضوع merits. وذلـك أن دور شرط المظلة إما أن ينحصر باحترام الالتزامات العقدية بموجب التزامات المعاهدة الى جانب التزامات العقد او انه يحول التزامات العقد إلى التزامات دوليـة، لأن المعاهـدة تهدف الى حماية هذه الالتزامات، بحيث أن انتهاك الالتزامات العقدية ينقلب الى انتهاك الالتزامات الدولية بموجب هذا الشرط فتطبق هيئة التحكيم القـانـون الـدولي بحمايـة الالتزامات الواردة في كل من العقد والمعاهدة مستبعداً قانون العقد. ذلك أن هذا الشرط الوارد في المعاهدة يبتغي ثبات الالتزامات العقدية وعدم تغييرها بما يضر بالمـستثمر. وهذا يعني عدم تدخل الدولة في ادارة المشروع الاستثماري بتحديد الاسعار والرقابـة عليها باعتباره عملا يضر بالاستثمار بسبب تغييـر التشريعات والاحكـام الرئيسية المضمونة باجازة الاستثمار، كما جاء في قضية (El paso) ضـد الارجنتـين فـ 2006/4/27 عندما أقدمت الارجنتين على ادارة الاقتصاد الـوطني بـسبب الازمـة الاقتصادية التي أصابت البلد مطلع سنة 2001 باعتبار ذلك عمل سـيادة موجـه ازاء الاستثمار، مما يوقعه تحت شرط المظلة. وهو ما ذهب اليه الاكسيد أيضاً فـي قـضية (LG.E) ضد الارجنتين في 2006/10/3 حيث أقدمت الحكومة على تعديل التشريعات والتعليمات النافذة قبيل الازمة الاقتصادية وهو عمـل سـيادة يـضرب المـستثمرين الامريكان، مما يشكل انتهاكاً لشرط المظلة التي تضمن احتـرام الدولـة لالتزاماتهـا الداخلية بموجب المعاهدة، وهذا يعني أن مبدأ ثبات الالتزامات العقدية هو من مضامين شرط المظلة الذي يمنع الدولة من تغيير تشريعاتها بما يـضر بالمـستثمرين. وعليـه فإن على المحكـم أن ينظـر فـي انتهــاك الدولـة المـضيفة للالتزامـات العقديـة (LEX Contractus) أولاً بموجب العقد، ثم ينظر ثانياً في الالتزامات الدولية القائمـة في المعاهدة بناء على شرط المظلة والتحول من دعوى العقد الى دعوى المعاهدة.
2- قبول دعوى العقد بتفسير شرط المظلة باعتباره من الأحكام الاجرائية، بما يؤدي اختصاص هيئة التحكيم بالنزاع العقدي واحالة النزاع إلى الاختصاص المحلـي الموضوع. وهذا يعني احترام الالتزامات العقدية بموجب قانون العقد وعدم الانتقال الى التزامات دولية كقانون واجب التطبيق من حيث الموضوع FOND وذلك لعدم وجـود قانون دولي للعقود، لأن القانون الواجب التطبيق خارج أحكام العقد هو قانون افتراضي قائم خارج النظام القانوني (in vacuun) وهذا من شأنه اعطاء المجال الواسع للمحكم لتطبيق أي قواعد قانونية يختارها خارج قانون العقد.
والملاحظ أن تدويل القانون الواجب التطبيق من حيث الموضوع، لا يتفق وما تقره المـادة 42 من اتفاقية واشنطن للمركز الدولي لحل نزاعات الاستثمار بين دولة وشخص لدولة أخرى في 1965/3/18 التي تقضي بأن المركز يقضي في الموضوع بموجب القانون الذي يختاره اطراف النزاع والا فإن المركز يطبق قانون الدولة المضيفة للاستثمار وقليل من مبادئ القانون الـدولي، ولذا فإنه ينبغي عدم تفسير شرط المظلة كقانون موضوع، لأن شرط المظلة لا يعمل إلا في إطار شرط التحكيم وهو عمل إجرائي procedure ولا يعمل في الموضوع merits.
ثانياً- تحديد اشخاص شرط المظلة:
يبرم عقد الاستثمار عادة بين المستثمر الاجنبي والجهة الحكومية المختصة، ويلجأ المستثمر الاجنبي احيانا الى ابرام العقد مع شركة خاصة محلية، بناء على رغبة السلطات الحكومية، فـي إخضاع المستثمر الاجنبي للقانون المحلي كمستثمر محلي.
1- المستثمر الاجنبي المتعاقد مع الهيئات الحكوميـة الفرعيـة المـستقلة عـن الحكومـة émancipation d'Etat. والأصل أن هذا العقد لا يلزم الدولة ابتـداء لأن الحكومـة لیست طرفاً في العقد المبرم مع الهيئة الفرعية المستقلة، وأن هذه الجهة الفرعية تتمتـع بشخصية قانونية مستقلة عن الحكومة وهي المسؤولة عن ضـمان الالتزامـات التـ أبرمتها مع المستثمر الاجنبي ولا يترتب على الحكومة مثل هذا الضمان. وهو ما جـاء في قضية (Impregilo) ضد الباكستان امام الاكسيد في 2005/4/22 وذلك بالرغم من وجود (BIT) بين الحكومتين الباكستانية والايطالية التي يعود اليها المستثمر الايطالي، فإن شرط المظلة حسب الاكسيد لا يعمل ازاء الحكومة الباكستانية لأنها ليست طرفاً في العقد (22.4.2005 ARB/03/3para.223 on). وتكرر مثل هذا الموقف في قـضية (Joy Mining) ضد مصر فـي 2004/8/6 وفـي قـضية (Salini) ضـد الاردن ومع هذا فاذا كانت المخالفة التي ترتكبها الحكومـة تصل الى درجة حرمان المستثمر من استثماراته، فإن شرط المظلة يتـدخل لا بـسبب انكار الشخصية القانونية المستقلة للهيئة الفرعية، بل بسبب ان قرار تـأميم الـشركات الفرعية عمل سيادي باعتباره يثير المسؤولية الدولية للدولة استنادا إلى المـادة 5 مـن مشروع لجنة القانون الدولي 2001 بشأن مسؤولية الدولة عن الاعمال غير المشروعة القائمة على وحدة الدولة واجهزتها في المسؤولية الدولية، كما جاء في قضية Noble (Ventures) ضد رومانيا أمام الاكسيد (53.ARB/01/11.on. 12.10.2005.para)، حيث تقدمت هذه الشركة الأمريكية بدعوى معاهدة استناداً الى (BIT) بــين رومانيـا والولايات المتحدة امام المركز الدولي الذي بني اختصاصه على شرط المظلة الـوارد في (BIT) بناء على مبدأ وحدة الدولة ومؤسساتها الحكومية في نسبة تصرفات هـذه المؤسسات الى الحكومة (imputability) حسب المادة 5 من مشروع لجنـة القـانون الدولي آنف الذكر، حيث يقوم شرط المظلة بنقل هذه المسؤولية من العقد الى المعاهدة. وجاءت هذه الاسباب الموجبة لقرار المركز الدولي في قضية (SGS) ضد الباكستان في 2001/10/12 (01/13/ARB) بأن المشكلة هنا ليست في عمل شرط المظلة فـي نقل الالتزامات العقدية إلى الالتزامات الدولية، وانما في قبول مبدأ آخر يتعلق بوحـدة الدولة ونسبة تصرفات جهاتها الحكومية السيادية أو التجارية الى الحكومة كشخص من .(ARB/02/13.in.29.4.2004) اشخاص القانون الدولي. كما أن المشكلة ليست مشكلة تحديد الاختصاص وأنمـا هـ مشكلة موضوع (merits) تتعلق بقانون الدولة الذي يحدد العلاقة بين الحكومة وجهاتها القطاعية. وحيث أن شركات القطاع العام هي شركات تجارية وليست جهازا من اجهزة الدولة تتصرف باسم الدولة بإعتبارها كياناً ذات سيادة، ولـذا فأنـه لا يمكـن نـسبة التصرفات العقدية التجارية المتعلقة بعقود الاستثمار إلى الحكومة استنادا الى مبدأ نسبة المؤسسات الحكومية الى الدولة ولا يعمل شرط المظلة في نقـل الالتزامـات العقديـة التجارية الى التزامات دولية سيادية ما دامت الأعمال التجارية لشركات الدولة العامـة هي أعمال ادارية (Jus gestionis) وليست تصرفات سيادة (Jus imperuii) حت تكون الدولة مسؤولة عنها. وعليه فإن نسبة تصرفات الجهات الفرعية المستقلة تستوجب توافر شرطين أساسيين:
أ. أن تكون عقود تلك الجهة عقوداً حكومية لا عقوداً تجارية.
ب. أن تكون تصرفات تلك الجهات تصرفات حكومية.
والواقع أن أغلبية قرارات التحكيم لا تعتبر شرط المظلة عاملاً في تغيير الالتزامات العقدية الى التزامات دولية، وبالتالي لا ينقل انتهاكات العقد الى انتهاك المعاهدة، وإنمـا يكتفـي شـرط المظلة بنقل النزاع من نزاع عقد الى نزاع معاهدة، كما فـي قـضية Lesi -Dipenta ضـد الجزائر 25.ARB/05/3on) 10.1.2005.papa).
وهذا يعني أن العقود الادارية للهيئات المحلية كالاقاليم والمحافظات هـي عقـود حكوميـة مغطاة بشرط المظلة، وهو ما قضى به الاكسيد في قضية SGS ضـد الباكستان بقولـه، إن الالتزامات موضوع المادة 11 من الاتفاقية يمكن أن تكون التزامات دولة ذاتها كشخص معنـوي شأنها شأن الوحدات الادارية والهيئات العامة أو ممثليها القانونيين، حيث تكون تصرفاتها بموجب القانون الدولي منسوبة إلى الدولة (6.9.2003.ARB/01/13para.166 in). بينما تكون عقـود الشركات الحكومية عقوداً تجارية غير مغطاة بشرط المظلـة. فـي حـين أن المحكمـة العليـا في الولايات المتحدة الامريكية، واستنادا الى المبادئ الدستورية العامة للعقود الخاصـة، تشمل العقود المبرمة بين الحكومة والخواص شأنها شأن العقـود المبرمـة بـيـن الخـواص انفـسهم .(Fletcher v. Peck 10 U.S. /6 Cranch/87.1810)
ولغرض حسم هذه المسألة الخلافية فإن النموذج الامريكي (BIT) يعمـل بـشرط المظلـة بالمعنى الواسع ليغطي جميع هذه العقود بنص صريح يقضي (بأن التزامات الطـرف المتعاقـد تسري على المشاريع الحكومية أو أي شخص يمارس أية تصرفات ادارية أو أية جهة حكوميـة مخولة بذلك من قبل ذلك الطرف المتعاقد. وعلى كل اجهزة سياسية متفرعة من ذلـك الطـرف المتعاقد. وهذا نص بنسبة تصرفات تلك الجهات الحكومية الى الدولة. ولكن عدم الاشـارة فـي هذا النص الى الاعمال التجارية لتلك الجهات يبقى مشكلة حلول الدولـة محـل تلـك الجهـات (alter ego) في تحمـل نتائج تصرفاتها التجارية ازاء عقودها الدولية التجارية مـن دون حـل وتختلف قرارات التحكيم بشأنها.
2- المستثمر الاجنبي المساهم في شركة محلية فرعية عن الشركة الأم المتعاقدة الحكومية الفرعية المستقلة. شركات القانون الداخلي التي تشارك المستثمر. ففى هـذا العقد لا توجد علاقة بين المستثمر الأجنبي والدولة، وإنما العقد مبـرم بـين الحكومـة وشركة وطنية، حيث المستثمر الاجنبي طرف مساهم فيها. والنزاع الذي يرفـع الـى التحكيم هو بين هذا المستثمر وشركائه في الشركة، وليس بينه وبين الحكومة، ولذا ليس أمام المستثمر سوى الادعاء بالعقد الذي لا تكون الحكومة طرفـاً فيـه. ففـي قـضية (CMS) ساهمت الشركة الأمريكية في أسهم شركة نقل غاز ارجنتينية وبسبب الأزمة الاقتصادية في الارجنتين في 2001 أصدرت الحكومة الارجنتينية أنظمة عامة تحـدد فيها أسعار الغاز، مما أثر في أرباح الشركة، فأقامت الشركة الدعوى أمـام الإكــسيد استناداً إلى (BIT) بين الارجنتين والولايات المتحدة، واستناداً الى شرط المظلة الـذي ينص على (يلتزم كل طرف احترام أية التزامات يمكن أن يكون طرفاً فيها ذات علاقة بالاستثمارات)، وأن الارجنتين انتهكت العقد الذي أبرم بين الحكومة وشركة نقل الغـاز لتي تمتلك الشركة الأمريكية استثمارات فيها. فهل تستطيع الشركة الأمريكية الاحتجاج بالعقد تجاه حكومة الارجنتين، وهذه الشركة ليست في علاقة عقدية معها؟ وهل يعمـل شرط المظلة على الربط بين الشركة والحكومة؟ يبدو أن التحكيم غير متفق على اتجاه واحد في مثل هذه القضية. ففـي قرارهـا فـي 2005.5.12 دانـت هيئـة التحكـيم الارجنتين بموجب شرط المظلة لانتهاكها عقداً مبرماً بين شـركة ارجنتينيـة محليـة وشركة (CMS) المساهمة فيها، بالرغم من أن الارجنتين ليست طرفـاً فـي العقـد، وبالرغم من أية شروط أخـرى بـشأن الاختصاص ARB/01/8 para.302 on) {303.para.12.5.2005. وفي قضية (ENRON) ضد الارجنتين فـي 2007.5.22 برر المحكمون قرارهم بالعمل بشرط المظلة بالقول إن الشركة المدعية وإن لـم تـكـن طرفاً في العقد، وفي الاجراءات القانونية التي تخص خصخصة هذه الشركة، ولكنهـا شركة مالكة لأسهمها في العقد الذي هي طرف غير مباشر فيه، ولها حقـوق بموجـب العقد بالمساهمة فيه، كما لها حقوق بموجب (BIT) وليس بموجب عقد المساهمة فقط، وبذلك تستفيد من شرط المظلة في المعاهدة، رغم أن قرار الحكومة الارجنتينيـة كـان قراراً عامـاً وغيـر موجـه الـى الـشركة الأمريكيـة، علـى وجـه الخـصوص .(ARB/01/3.on.14.1.2004.papa.56) .
Sophie Le marie: La mystérieuse umbrella clause. in. Revue -3 .d'arbitrage 2009/3. P. 488 et 489
ولكن اللجنة الخاصة (ad hoc) في قضية (CMS) ضد الارجنتين آنفة الذكر أبطلت قرار الاكسيد في 2005 لا بسبب عدم وجود حقوق للشركة ازاء الحكومة في عقـد المـساهمة الشركة المحلية، بل بسبب عدم وجود مسببات في قرار التحكيم بشأن أسـاس حقـوق الـشركة بموجـب شـرط المظلـة فـي (BIT) المبــرم بـين الارجنتين والولايـات المتحـدة (96.ARB/01/8.on.21.3.2007.para). وليس هناك توضيح في أساس هـذه العلاقـة بـين الشركة والحكومة الارجنتينية بالنظر الى أن الشركة ليست طرفاً في العقد المبرم بين الحكومـة والشركة المحلية، كما لا يوجد توضيح في استخدام شرط المظلة لإثبات هذه العلاقة. وفي قضية Azurik ضد الارجنتين ادعت الشركة وبموجب شرط المظلة انتهاك الأرجنتين العقد المبرم بينها وبين شركة ABA الفرعية المحلية. ولكن الاكسيد رفض الدعوى، لأن الشركة ليست طرفاً فى العقد مع الحكومة، ولا تستطيع اقامة دعوى عقد كما لا تستطيع اقامة دعوى شرط المظلة لعـدم وجود علاقة بينها وبين الحكومة الارجنتينية. (104.ARB/01/12 on 14.7.2006 para).
وبالنظر للغموض الذي يحيط بإمكانية استخدام شرط المظلة بالمعنى الواسع لنقل الالتزامات العقدية الى التزامات دولية، فإن المادة 10 من معاهدة الطاقة الأوروبيـة الموقـع عليهـا ف 1997.2.17 وضعت صياغة جديدة لشرط المظلة، بحيث يحمي الاستثمارات الأجنبية الى جانب حماية المستثمرين الأجانب، وبحيث أن استخدام شرط المظلة لا يـتم بالرابطـة العقديـة بـين المستثمر والدولة المضيفة فقط، وإنما بحماية الاستثمارات الاجنبية لديها بـصرف النظـر عـن الرابطة العقدية التي تمت هذه الاستثمارات بموجبها، حيث تنص المادة 10 (على كـل طـرف متعاقد احترام التزاماته التي تعاقد بموجبها إزاء المستثمرين أو إزاء الاستثمارات لمستثمر متعاقد آخر). وبهذه الصيغة يمكن لشرط المظلة توفير الحماية للاستثمارات الاجنبيـة للـشركة الأم أو للشركة الفرعية المساهمة في الشركة المحلية رغم عدم وجود علاقة عقدية بين الشركة المدعية والدولة المضيفة.
من كل ما تقدم يتبين أن (BIT) تسعى دائماً الى توفير حماية أكبر للاستثمارات الاجنبية في البلدان النامية حفاظاً على تلك الاستثمارات من التغيرات التشريعية والادارية التي تسبب إضراراً لتلك الاستثمارات بصرف النظر عن الازمات الاقتصادية الاستثنائية التي تتعـرض لهـا تلـك البلدان، ما يستوجب تدخل الدولة لاتخاذ تدابير لحماية الاقتصاد من الآثار السلبية لتلك الأزمات.وذلك لأن غرض الاستثمارات الاجنبية هو الحصول على مناخ استثماري جيد لتحقيق مزيد مـن الأرباح. سواء تم وضع شرط المظلة كشرط اجرائي في مادة حـل النزاعـات فـي (BIT) أو كشرط موضوعي في مادة المعاملة العادلة والمنصفة، وذلك بنقل الالتزامات العقدية الى التزامات دولية، وأن الصفة الاجرائية أو الصفة الموضوعية للشرط، لا تؤثر في قوة هذا الشرط، فالعمـل بشرط المظلة في العقود الدولية أمام التحكيم التجاري الدولي قد حل محل الحماية الديبلوماسـية التي كان المستثمرون يتمتعون بها بموجب القانون الدولي من خلال المسؤولية الدولية المباشـرة للدولة الناجمة عن إنكار العدالة أو التمييز في المعاملة أو نزع الملكية بدون تعويض. وحيث إن المحاكم الدولية تختص بالتحكيم الدولي فتراعي معايير السيادة في الأحكام التي تصدرها لكل من طرفي النزاع بين الدول، مما يقلل المخاطر التي تتعرض لها الدول المدعى عليها، إلا أن محاكم التحكيم التجاري الدولي لا تراعي معايير السيادة في قراراتها، لأنها تعتبر الدولـة فـي العقـود الدولية كشخص يخضع لأحكام القانون الخاص، ولأنها تساوي بين حقـوق كـل مـن الدولـة والمستثمرين الأجانب. وحيث إن (BIT) توظف لحمايـة المـستثمرين ازاء الدولـة المـضيفة لاستثماراتهم، فإن هيئات التحكيم تستفيد من (BIT) لجعل حقوق هـؤلاء المستثمرين محميـة بموجب المعاهدة، وليس بموجب العقد، بشكل يجعل حمايـة الدولـة المـصدرة للاستثمارات ولمستثمريها بمثابة حماية دولية. وتنقل قاعدة العقد شريعة المتعاقدين من القانون الـداخلي الـى القانون الدولي بما يوسع الحماية التي يتمتع بها المستثمرون الأجانب واستثماراتهم، كما جاء قضية LG&E ضد الارجنتين (175.ARB/02/1.in.3.10.2006.para).
August reinisch. Seminar on international investment protection and Sophie Le marie. La mystérieuse Umbrella clause. Revue de l'arbitrage 3/2009. P. 478-502.
وعليه فإن اختصاص هيئات التحكيم ينعقد بما في ذلك اختصاص الاكسيد بالرغم من عـدم وجود شرط التحكيم في العقد المبرم بين المستثمر والدولة المضيفة. ويعمل المحكمون على قبول الاختصاص بموجب شرط التحكيم الموجود في (BIT) المنعقـد بـين دولتـين دون أن يكـون المستثمر طرفاً فيه (arbitration without privity).
ويعمل الاكسيد منذ عام 1991 على أن مجرد ذكر التحكيم في (BIT) يكون كافيا لانعقــاد اختصاصه بموجب (BIT) وبدلالة مادة 25 من اتفاقية واشنطن لسنة 1965، حيث تقضي (بـأن اختصاص المركز يمتد الى النزاعات التي من شأنها حصول اتفاق (Consent) كتابي لإحالتهـا الى المركز). وبالرغم من عدم تعريف الاتفاق الكتابي فإن تقارير المركز ترى إمكان حـصول هذا الاتفاق بوثيقة واحدة أو في تشريعها الداخلي لحماية الاستثمار، وأن المستثمر يعـرب عـن موافقته على هذا العرض الصادر من الدولة المضيفة.
Lnci ataman- Figanmese. Manufacturing to investment treaty arbitration by means of the notion of arbitration without privity.pp177-201. –
المبحث الثاني
تنفيذ شرط المظلة بتحديد القانون الواجب التطبيق
تبين فيما تقدم أن شرط المظلة باعتباره شرطاً لثبات الالتزامات العقدية بـالمعنى الواسع يستهدف حماية هذه الالتزامات بالقانون الدولي بموجب اتفاقيـات تـشجيع وحمايـة الاسـتثمار بإخضاع النزاع للقانون الدولي مباشرة، بدلاً من شرط العقد الذي يحمـي الالتزامـات العقديـة بإحالتها الى التحكيم الدولي بقانون العقد. وتسعى هيئات التحكيم الى تطبيـق القـانـون الـدولي مباشرة رغم عدم وجود مفردات لهذه الالتزامات محل النزاع في هذا القانون، حيـث لا يوجـد قانون دولي للعقود. ومع هذا ذهبت قرارات التحكيم التجاري الدولي الى اتجـاهين متعارضـين أحدهما تفسير شرط المظلة تفسيراً واسعاً يضفي آثاراً كاملة علـى الـشرط بنقـل الالتزامـات العقدية الى التزامات دولية، وثانيهما تفسير الشرط تفسيراً ضيقاً لا يضفي كامل الأثـر للـشرط، وذلك بحماية الالتزامات العقدية بالمعاهدة، وذلك بقبول هيئـات التحك الاختصاص بنـزاع معاهدة أو في نزاع عقد وعدم تحويله الى نزاع دولي بموجب هذا الشرط الـوارد فـي اتفاقيـة تشجيع وحماية الاستثمار. ويتضح عمل شرط المظلة بالمعنى الواسع أو بالمعنى الـضيق مـن خلال الآتي:
أولاً- تحديد القانون واجب التطبيق بشرط التحكيم في العقد: ويتم ذلك بتطبيق قانون العقد بناء على شرط العقد لا بناء على شرط المعاهدة.
1. تطبيق قانون العقد بناء على شرط العقد. يتوقف عمل شـرط التحكـم علـى طبيعـة الالتزامات العقدية التي تقتضي الوفاء بها بموجب قانون العقد الاستثماري المبرم بـين الهيئة الحكومية الفرعية، وبين شخص من أشخاص القانون الخاص. ففي قضية SGS ضد الباكستان بين الاكسيد أن المادة 10/2 من اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بـين الباكستان وسويسرا لا تغير القانون الواجب التطبيق حول الاستثمار من القانون المحلي الى القانون الدولي، لأنها لا تتناول مدى الالتزامات المبرمة بـشأن الاستثمار وانمـا تتناول تنفيذ هذه الالتزامات. وهو ذاته ما جاء في قضية SGS ضد الفيليبين، من حيث أن المادة 10/2 من الاتفاقية تعطي المستثمرين الأجانب الـضمان لتنفيـذ الالتزامـات المقبولة من قبل الدولة المضيفة بموجب قانونها المحلي (فقرة 126) من القرار.
وبناء عليه فأن هيئة التحكيم لا تخـتص بـالنزاع العقـدي المحلـي وتقـضـي بعـدم الاختصاص. وهو ما جاء به في قضية (vivendi CGE) الفرنسية في 2007.10.30 بشأن المعاملة المنصفة العادلة. حيث قضى الاكسيد بعـدم الاختصاص، لأن شـرط المظلة لا يعمل في الدعوى العقدية في عقد تجهيز المياه بين شركة (vivendi) واقليم (Tucuman) لسنة 1998 الذي ينص على اختصاص المحكمة الادارية في هذا الاقليم لحل نزاع بشأن هذا العقد. وحيث إن هناك اتفاقية تـشجيع وحمايـة الاستثمار بـين الارجنتين وفرنسا لسنة 1993، فإن الشركة رفعت النزاع الى الاكـسيد دون احتـرام التزامها بموجب المادة 16 من العقد التي تقضي برفع النزاع أمام المحكمة الادارية في (Tucuman) حيث يتعلق النزاع بنزع الملكية ومقدار التعويض اللازم مقابـل ذلـك. واحتجت الشركة بأن الارجنتين قد انتهكت التزاماتهـا بموجـب (BIT) بخـصوص المعاملة المنصفة والعادلة ومعيار تطبيقه في هذه القضية، وإنكار العدالـة مـن قبـل المحكمة الادارية في عدم انصاف الشركة، وأن الحكومة الارجنتينية لـم تمنـع أقلــيم (Tucuman) من القيام بالتصرفات التي أدت الى إنهاء العقد. أما الاكـسيد فيـرى أن المحكمة الادارية في الاقليم مختصة حصرياً بنظر النزاع بموجب مادة 16/4 من العقد. وبالرغم من ادعاء الشركة أن تصرفات الاقليم هي سيادية، وأنها تنسب الـى حكومـة الارجنتين بموجب (BIT) وأن الارجنتين مسؤولة عن تصرفات الاقليم، إلا أن الاكسيد قرر عدم وجود أساس بانتهاك الارجنتين لالتزاماتها بموجب (BIT) سواء بامتناعهـا عن منع الاقليم من نزع الملكية المشروعة، ومن إنهاء العقد أو نسبة هذا العمـل الـى حكومة الارجنتين، لأن حكومة الارجنتين ليست طرفاً في عقد الامتياز من جهـة، وأن حكومة الاقليم ليست طرفاً في (BIT) من جهة أخرى، وأن شرط المظلة لا يعمل فـي نقل نزاع عقد الامتياز الخاضع للمحكمة الادارية للاقليم، حصراً الـى نـزاع دولـي بموجب (BIT). كما أن المادة 16/4 لا تمنع من اختصاص الاكسيد بموجـب (BIT) وبموجب المادة 42 من اتفاقية واشنطن 1965، ونقل النزاع الى الموضوع (merits). وبدلاً من البحث عن معيار خاص بالمعاملة المنصفة والعادلة، فإن الاكـسيـد يـرى أن ى العدالة وعدم الانصاف ليس محصوراً فـي دعـوى انكـار العدالـة denial of عدم justice، وما اذا كانت الاجراءات النظامية تعني نزع الملكية بما لا يلحق معاملة سيئة يشكل انتهاكاً للمعاهدة ام لا، لأن دعوى الشركة هي دعوى عقد وليست دعوى معاهدة. (1.ARB/97/3, 21.11.2000.Vivandi)، ومع هذا ألغـت لجنـة ad hoc قـرار الاكسيد بحجة أن تصرفات الاقليم الارجنتيني تنسب إلى الحكومة وأنها مـسؤولة عـن انتهاك المعاهدة بالرغم من أن عقد الامتياز مبرم مع الاقليم، ولـيس مـع الحكومـة الارجنتينية. وأن الدولة يمكن أن تنتهك المعاهدة، وإن كانت لم تنتهك العقد، وأن وجود شرط تحكيم محلي لا يمكن أن يكون مانعاً من تطبيق معايير المعاهدة. وأقرت اللجنـة بحق الشركة في اقامة دعوى جديـدة أمـام الاكسيد ( ,ARB/97/3, Annulment .(3.7.2002.Vivendi.2
وعاد الاكسيد من جديد الى مبدئه الذي اتخذه في قضية SGS ضد باكستان، وذلك فـي قضية Toto ضد لبنان للنظر في ما اذا كان النزاع العقدي يرجح على نزاع المعاهـدة بسبب وجود شرط اختصاص القضاء المحلي. حيث يرى الاكسيد هنا أن النزاع يخضع لشرط الاختصاص العقدي، وبشكل حصري للمحاكم اللبنانية لتسوية النزاع، وبناء عليه قرر الإكسيد عدم الاختصاص لوجود دعوى العقد الناجمة عن العقد، لأن النزاع هنا هو نزاع اختــصاص بحـد ذاتـه، وأن دعـوى العقـد تعلـو علـى دعـوى معاهـدة (11.9.2009.ARB/07/12.in) وعدم قبول المظلة. قبول المظلة. وهو ما ورد أيضاً فـي قـضية BIVAC ضد باراغواي، حيث قرر الاكسيد في قراره في 2009 انتظار قرار محاكم باراغواي بشأن انتهاك باراغواي لالتزاماتها العقدية، وأن العمل بشرط التحكيم في العقد يجعل شرط المظلة غير مقبول، وفي قراره في 2012، يرى الاكسيد أنه في حالة عدم امتثال أوروغواي لقرارات محاكمها، فـإن شـرط المظلـة آنـذاك سـيكون مقبـولاً .(ARB/on.2012.para.290)
وفي قضية (EL Paso) قرر الاكسيد عدم تطبيق شرط المظلة في دعوى الشركة ضد الارجنتين وعدم الاختصاص في نزاع يخص عقداً تجارياً بحتاً سواء أبرمته الحكومة أو إحدى مؤسساتها، وأن شرط المظلة لا يمكن أن يحول نزاع عقد الى نزاع معاهدة، إلا اذا كان العقد عقد استثمار تتصرف فيه الحكومة تصرف سيادة، وذلك بمراعاة التوازن بين سيادة الدولة ومسؤوليتها الدولية، من جهة، وضرورة حماية الاستثمارات الأجنبيـة وتدفقاتها (70,79.ARB/03/15,on.27.4.2006.para). ويستند الاكسيد في قراراته هذه الى المبدأ الذي اتخذه في قضية (SGS & Pakistan) لسنة 2003، كأول قـضية يرفض فيها المحكمون إعطاء أي أثر لشرط المظلة كمبدأ أساسي أو بسبب قيود للعمل بهذا الشرط في قضية (Salini) ضد الاردن. فالـذي يميـز قـضية Salini أن BIT المبرم بين الأردن وايطاليا تقضي فيه المادة 4/2 بإقامة نظام قانوني يـضمن معاملـة عادلة لمستثمري الطرفين المتعاقدين واحترام جميع التعهدات all undertakings إزاء أي مستثمر على الخصوص دون الاشارة الـى الاستثمارات التـي ينفـذهـا هـؤلاء المستثمرون. وهذا من شأنه حصر التزامات الطرفين بالعلاقة العقدية مـع المستثمر وحسب بشكل لا يوفر أية التزامات خارج هذه العلاقة العقدية. ولذا يرى الاكـسيد أن الالتزامات التي يوفرها شرط المظلة للاستثمارات لا ترقى الـى التزامـات توفرهـا المعاهدة للمستثمرين، مما يفيد عدم العمل بشرط المظلة في هذه القضية مهما يكن حجم الالتزامات المقررة للمستثمرين (126.ARB/02/13 on. 29.11.2004. para). حين أن الاكسيد ورغم نص BIT بين الباكستان وسويسرا علـى حمايـة اسـتثمارات المستثمرين، فإنه لم يتضمن النص على حماية أي من الالتزامات الأخرى خارج العقد. مما دفع الاكسيد الى رفض شرط المظلة لئلا يؤدي تنفيذ هذا الشرط الذي تـدعي بـه الشركة السويسرية الى تحويل انتهاك الالتزامات العقدية الى انتهاك التزامات المعاهـدة (163.ARB/01/13 on.6.8.2003.para). مما يفهم من ذلك أن طريقـة صـياغة المعاهدة من شأنها أن تتحكم في فهم وتفسير شرط المظلة وطريقة العمل به مـن قبـل هيئات التحكيم، وعلى رأسها الاكسيد.
2. تطبيق القانون الدولي بناء على شرط المعاهدة. لا تلتزم هيئات التحكيم بمنهج واحد في العمل بشرط المظلة إزاء نص العقد على احترام اختصاص القضاء المحلي والقـانون المحلي الواردين في شرط التحكيم. ففي قضية SGS ضد باراغواي ورغم النص فـي العقد المبرم في 1996 بأختصاص محاكم اسانسيون والقضاء المحلي بتسوية نزاعـات هذا العقد، فإن الاكسيد في قراره في شباط 2010 (اختصاص)، قضى باختصاصه في النزاع بسبب عدم وجود تنازل صريح عن الاختصاص في المعاهدة، وأن اختـصاص قاضي العقد لا يمنع من اختصاص دعوى المعاهدة. ورفض في قراره في 2012.2.10 (موضوع) حجة باراغواي في أن مجرد انتهاك العقد لا يعني انتهاك المعاهدة بموجـب شرط المظلة ما لم يكن هناك من تدخل إضافي أو تعسف سيادي كتعديل العقد لمنع دفع الفواتير. بينما يرى الاكسيد أن مجرد انتهاك العقد يعني انتهاك المعاهدة بموجب المعنى الواسع لشرط المظلة (177.ARB/07/29.on.12.2.2010.para).
ثانياً- تحديد القانون واجب التطبيق بناء على طبيعة العقد: يعمل شرط المظلة بأثر تام أو بأثر محدود حسب طبيعة عقد الاستثمار. فإما تكون الحكومة طرفاً في عقد تجـاري، وإمـا أن تكون الحكومة طرفاً في عقد استثماري.
1. تطبيق قانون العقد في عقد استثماري. حيث أخذ الاكسيد بعد قرار SGS ضد باكستان واعتباراً من قضية (SGS & Philippines) منحى جديداً في إعطاء بعض الأثـر أو كل الأثر لشرط المظلة وقبول الاختصاص في النزاعات العقدية حسب الصياغة التـي يتم بها شرط المظلة في ظل المادة 25 من الاكسيد، ولا يعطي هذا الشرط صكاً ابيضاً لتحويل الدعوى العقدية الى دعوى دولية، وإنما يعتمد على تفسير هذا الشرط وتطبيقـه حسب كل قضية على حدة. ففـي قـضية (Eureko & Poland احتجـت الـشركة بالمعاهدة مباشرة دون المرور بالعقد، مما حدا الاكسيد على اعطاء المـادة 5/3 مـن (BIT) بين هولندا وبولندا المعنى التام الذي تشير اليه اتفاقية فيينا لقانون المعاهـدات لسنة 1969 التي تقضي المادة 1/3 بـأن المعاهـدة يجـب أن تفـسر بحـسن نيـة وطبقاً للمعاني الاعتيادية لأحكامهـا فـي إطـار موضـوعها وأهـدافها، وأن تعبيـر (Shall observe) يفيد الجزم والأمر، وأن كلمة (any) تعني جميع الالتزامـات ذات الصلة بالاستثمار، وأن التفسير ينبغي أن يكون فعلياً وذا أثر مفيد للفـظ (effet utile) بالنظر الى أن العقد مبرم بين المستثمر والدولة بصفتها السيادية، ممـا يعطـي شـرط المظلة الأثر التام، وأن الشرط يعني ما يقول ( in.19.8.2005.para.241ss246. ad .(hoc committee
وتتعارض هذه الطريقة فـي التفسير الواسـع مـع التفسير الـضيق فـي قـضية (SGS & Pakistan) في 2003 بأن التفسير الضيق ضروري، وإلا فـأن التفسير الواسع من شأنه أن يؤدي الى توسع غير محدود (66.para). لأن التفسير الموسـع يتناقض مع مبدأ أن الشروط الواردة على المبدأ العام، إنما هي استثناءات على المبـدأ، وينبغي أن تفسر تفسيراً ضيقاً، وهذا يعني أن انتهاك دولة لعقد مبرم مع مستثمر اجنبي يجب أن يفسر تفسيراً ضيقاً ما لم يتبين بشكل صريح أن الأطراف المتعاقدة في (BIT) تقصد إعطاء هذا الشرط أثراً واسعاً. وترى المحكمة أن المادة 11 من (BIT) لا تبين بوضوح هذا الادعاء المزعوم من قبل المدعي (167.para) ذلك لأن مبادىء التفـسير في القانون الدولي تقضي بأن تفسير بعض أحكام المعاهدة حرفياً وبشكل تام، إنما يؤثر الأحكام الأخرى للمعاهدة، بحيث أن تفسير الأحكام ابتداء ينبغي أن يكـون ضـيقاً، بحيث يعطي الأحكام الأخـرى مجـالا للتطبيـق وفـق سـياق هـذه الأحكـام، وأن نصوص (BIT) بخصوص شرط المظلة هي نصوص ترتـب التزامـات خاصـة (Specific commitment) لا التزامات عامة (general commitment). ولذا يلزم أن تفسر تفسيراً ضيقاً بموجب خصوصيتها، لأنها ليست التزامات عامة. أما تعبير أيـة وهي التزامات (any obligation) فإنه يعني تفسير جميع الالتزامات ذات العلاقة بالاستثمار تفسيراً ضيقاً، كل ذلك لأن المادة 3/2 التي يتم بموجبها استقبال الاستثمارات الاجنبية، مادة أساسية، وأنها تفيد وتنص على أن ذلك يـتم بموجـب تـشريعات الدولـة المضيفة، وليس بموجب القانون الدولي. ومن هنا يفهم أن أية التزامات تقع عليها هـذه الدولة بموجب (BIT) وقانون الاستثمار وعقود الاستثمار وأية التزامات دولية أخرى، إنما يتم احترامها في ضوء التشريعات المحلية التي تضمن تـشجيع وحمايـة هـذه الاستثمارات بما في ذلك شرط المظلة والآثار الناجمة عنه بموجب BIT. وبذلك ينبغي التمييز بين شرط الاستقرار التشريعي (Stabilization clause) وشـرط المظلـة (Umbrella Clause) وعدم الخلط بينهما. فالأول لا يشكل انتهاكاً اذا كـان التغييـر التشريعي عاما وغير موجه نحو المستثمر، لأن هذا الشرط لا يقيد الـسيادة الوطنيـة الخاصة بحقها في التشريع، ولكن هذا الشرط ينتهك اذا كان التشريع موجهـا ضـد المستثمر، على وجه الخصوص، كالتأميم ونزع الملكية بشكل تمييزي أو بدون تحقيـق نفع عام أو يتم بدون تعويض عادل. أما الثاني فيشكل انتهاكاً (BIT) عندما يتم خـرق القانون أو الأنظمة المرعية باعتبار أن حماية الاستثمار تتم بموجب القانون والأنظمـة المرعية. وعند ذاك يلزم تحديد المقصود بأية التزامات مشمولة بشرط المظلة أولا، ثـم تحديد المقصود بأي نوع من الانتهاكات التي يتعرض لها المستثمر حتى يمكن القـول بانتهاك شرط المظلة.
من كل ذلك يتبين أنه لا يوجد تناسق بين قرارات التحكيم الخاصة بتطبيق شرط المظلة لنقل دعوى العقد الى دعوى معاهدة ونقل التزامات العقـد الـى التزامـات معاهـدة، إذا لاحظنا أن الاكسيد قد رفض تطبيق شرط المظلـة، لأن المستثمر ليس طرفـاً في العقد، بل هو شريك أقلية في الشركة المحلية المتعاقدة مع أقلـيـم فـي الارجنتـين ذلك في قضية الشركة الامريكية Azurix، حيث رفض الاكسيد الاحتجـاج بـشرط المظلة من قبل المساهمين الأجانب في الشركة المحلية ABA، وأن هذه الشركة صاحبة الحق في الدعوى وليس ARB/01/12.in.14.7.2006.para.384) Azurix) وتأكد ذلـك مـن قبـل لجنـة ad hoc، لأن Azurix ليست طرفـاً فـي العقـد .(ARB/01/12.on.1.9.2009.para.104)
وهكذا نفهم أن شرط المظلة بالمعنى الواسع،هو شرط التعهد من قبل الدولة المـضيفة الى المستثمر، بأنها تفي بالتزاماتها ازاءه سواء وجدت في (BIT) أو أي التزام آخـر بما في ذلك الالتزامات التعاقدية التي تنتقل الى التزامات دولية لتسوية النزاعات الناجمة عنها، بحيث يحق للمستثمر إقامة دعوى معاهدة بدلا من دعوى عقد لغـرض تطبيـق القانون الدولي لتسوية نزاع العقد واستبعاد قانون العقد بموجبها.
ولأول مرة في قضية (SGS) ضد الباكستان لسنة 2003 رفض الاكسيد العمل بالشرط وعدم قبول إدعاء الشركة بأن باكستان قد انتهكت شرط المظلة الوارد في (BIT بـين باكستان وسويسرا. وذلك لأن شرط التحكيم في العقد يقضي باختصاص القضاء المحلي لتسوية نزاعات العقد، بحيث يستبعد نفاذ شرط المظلة.
وفي المرة الثانية في قضية (SGS) ضد الفيليبين في 2004 قبل الاكسيد الشرط بمعناه الضيق لانعدام القيد الذي يقضي باختصاص القضاء المحلي. وقـضى الاكـسيد بنقـل النزاع من دعوى عقد الى دعوى معاهدة دون نقل التزامات العقد الى القانون الـدولي بالاقتصار على الأثر النسبي لشرط المظلة، لأن إعطاء الشرط الأثر الكامل سيؤدي الى نتائج غير محددة لآثار الشرط (106.para)، لأن القول بـأن شـرط المظلـة ينقـل الالتزامات العقدية إلى التزامات دولية هو قول يخالف القواعد العامة بأن الالتزامـات العقدية لا تخضع للقانون الدولي، ولذا فإنه يلزم تفسير الشرط تفسيراً ضيقاً لأنه استثناء من القواعد العامة.
2. تطبيق القانون الدولي في عقود الاستثمار ينحصر أثر شرط المظلة في عقود الاستثمار على وجه الخصوص بالنظر الى أن اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار تقضي بـذلك، كما أن المادة 25 من الاكسيد تقضي باختصاص المركز بالنظر في نزاعات الاستثمار حصراً. وهذا يعني أن النزاعات الناجمة عن العقود التجارية غير مغطاة بشرط المظلة ولا تدخل في اختصاص الاكسيد. ولذا يتم تحديد أثر شرط المظلة لا من حيث هو بحد ذاته، وإنما في حدود النزاع الناجم عن طبيعة العقد وليس بموجـب طبيعـة الـشرط. وترتبط هذه الطبيعة بنوع التصرفات الصادرة عـن الدولـة المـضيفة، بحيـث إن التصرفات التجارية تصدر عن الدولة باعتبارها من الخواص ولا تصدر عنها بصفتها السيادية فلا تخضع لشرط المظلة. وحيث إن الاستثمار الأجنبي مغطى بحماية اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار فتكون العقود الاستثمارية عقوداً سيادية فيغطيها شرط المظلة. ويعتبر تحديد طبيعة هذه العقود من قضايا الموضـوع merits، ولـذا فـإن هيئـات التحكيم التي تقبل الاختصاص في النزاعات التجارية لتقرر فـي الموضـوع رفـض الدعوى لهذا السبب. وقد تقرر هيئات التحكيم حسم طبيعة العقد في الاختصاص تحاشياً للدخول في دهاليز النزاع، مما يؤدي إلى إطالة الاجـراءات ومنـاورات الخـصوم، وبالتالي زيادة كلفة التحكيم، وهذا كله مما لا علاقة له بطبيعة الدعوى، حيـث يـرى الاكسيد عدم الحاجة إلى التمييز بين دعوى عقد ودعـوى معاهـدة، وأن الالتزامـات العقدية البحتة غير محمية بـ BIT، وأن شرط المظلة لا يكون له أثر في تحويل جميع نزاعات العقد الى نزاعات استثمار بموجب المعاهدة، ما لم يتبين بوضـوح أن هنـاك انتهاكاً للمعاهدة ناجماً عن انتهاك العقد بشكل فاضح، بحيث يستدعي تـدخل الـشرط لحماية هذه الالتزامات، وهو مما يتبين في هذه القضية. Joy Mining ضـد مـصر (75.ARB/03/11.in.6.8.2004.para)، حيث يرى الاكسيد أن طبيعـة التـصرف القــانوني كعقـد تـجـاري بحـت يجعلـه خاضـعاً لقــانون العقـد، ففـي قـراره (ARB/03/11.on.6.8.2004. para82)، يرى الإكسيد أن العقد المبرم بين الـشركة الانكليزية المدعية وهيئة التعدين الحكومية المصرية هو عقد خدمات وتجهيـزات، وأن النزاعات الناشئة عنه تتضمن عقد ضمان تجاري للشركة لم تعده السلطات المصرية الى الشركة. وأن هذا الضمان هو عنصر تجاري في العقد وينبغي تـسويته بموجـب شرط التحكيم في العقد، لأن شرط المظلة مختص بالاستثمار، على وجـه الخـصوص (specific investments) وأنه غير جلي prominently في تحويل جميع نزاعـات العقد الى نزاعات استثمار بموجب المعاهدة، إلا إذا كان هناك نـزاع يتعلـق بحقـوق والتزامات المعاهدة أو انتهاك خطير لحقوق العقد بشكل يستدعي حماية المعاهدة لهـذه الحقوق. ولم يثبت المدعي أن الدولة المصرية تدخلت في الحقوق العقدية للشركة. وفي قضية CMS Gaz Transmission ضد الارجنتين يرى الاكسيد أنه ليـست جميـع انتهاكات العقد هي انتهاك للمعاهدة، بل أن معيار الحماية في المعاهدة يقع فقـط عنـد حصول انتهاك خاص specific لحقوق المعاهدة والتزاماتها أو انتهاك حقـوق العقـد بموجب المعاهدة. وأن العقود التجارية لا تتم حمايتها بالمعاهدة إلا عند تدخل الدولة أو هيئاتها العامة في حقوق المستثمر (299.ARB/01/8.IN 25.4.2005.para). ولكن قرار الاكسيد قد أبطله ad hoc committee، لأن الاكسيد لم يفلح في بيـان أســباب إثارة إدعاء شركة CMS الالتزامات العقدية وغيرها الواقعة على الارجنتين، في حين كان على الاكسيد تحديد هذه الالتزامات ازاء شركة TGN التي تملـك CMS أقليـة الأسهم فيها (.ARB/01/8.on. 25.9.2007.para.89 and ss). ومن هنـا تتـداخل الصفة السيادية للعقد مع الصفة التجارية لتصرفات الحكومة لغرض شـمولها بـشرط المظلة للنزاعات الناجمة عنها.
ثالثاً- تحديد القانون الواجب التطبيق بطبيعة التصرفات الحكومية:
ويتم ذلك بالتمييز بين تصرفات الحكومة بطبيعتها كتاجر وبين تصرفاتها كصاحبة سيادة.
1. تطبيق قانون العقد على التصرفات الحكومية ذات الطبيعة التجارية البحتـة. إذا كانـت الطبيعة العقدية التجارية للنزاع تحول دون عمل شرط المظلة، فإن الطبيعة التجاريـة لتصرفات الحكومة إزاء المستثمر الاجنبي تمنع كذلك شرط المظلة من تحويل النـزاع من نزاع تجاري الى نزاع استثمار، لأن نزاع الاستثمار نزاع سـيادة بينمـا النـزاع التجاري ليس نزاع سيادة فلا ينسب للدولة ولا يعمل شرط المظلة في تحويل النزاعات العقدية العادية trivial disputes الى انتهاكات دولية بصرف النظـر عـن مـصـدر الالتزامات وحجم الانتهاكات الناجمة عنها. فالاكسيد يميز في قضية El Paso ضـد الارجنتين بين تصرفات الحكومة كتاجر وتصرفاتها بصفتها السيادية. إن شرط المظلة يعمل فقط ازاء نزاع تتصرف فيه الحكومة تصرفاً سيادياً، وليس في أي نزاع يـشكل ipso facto بحكم الواقع انتهاكاً للمعاهدة. وعليه فلا حاجة الى أن يصل النزاع العقدي الى مستوى انتهاك المعايير العليا للمعاملة العادلة والمنصفة والحماية الكاملـة والأمـن للاستثمارات، كما يدعي المدعي بأن مجرد انتهاك العقد يؤدي الى دعوى معاهدة. ويكفي القول بأن انتهاك العقد من شأنه إثارة شرط المظلة بموجب دعوى المعاهدة وبموجـب قانون العقد دون الحاجة الى اللجوء الى معايير القانون الدولي العرفي في تحديد مقدار ا الانتهاك لعدم الحاجة الى ذلك (82 ARB/03/15 on 27.4.2006.para.76 and).
2. تطبيق قانون المعاهدة على التصرفات الحكومية ذات الطبيعة السيادية. وهو ما أكد عليه الاكسيد في قضية Pan American Energy ضد الارجنتين، حيث يرى أن المعاهدة لا تمد حمايتها الى التزامات عقد تجاري عادي تدخل فيه الدولة أو الهيئات المملوكة لها بصفتها كتاجر، وإنما تمتد الى الاستثمارات العقدية التي تقبلها الدولة بصفتها الـسيادية، كما هو شأن شرط الثبـات الـذي يـرد فـي عقـد الاستثمار ( ARB/03/13 on 108.para.27.7.2006). ولذا يقتصر أثر شرط المظلة على التصرفات الحكوميـة السيادية التي تصيب المستثمر بضرر، على وجه الخصوص، كما حصل فـي قـضية LG & E ضد الارجنتين، حيث كان تدخل الحكومة الارجنتينية فـي أسـعار الغـاز وتقييمه بالباسو يتعارض مع شروط العقد المبرم بين الطرفين بعدم اجراء أية تغييرات العقد دون تعويض. (175.ARB/02/1 on. 3.10.2006. para) وقد اعتبر تدخل الارجنتين هذا انتهاكاً لحقوق الشركة المحمية في العقد في حد ذاته، وبموجـب شـرط المظلة الذي يفسر هنا بأنه شرط ثبات الالتزامات العقدية.
أما إذا كانت التشريعات والأنظمة والقرارات الصادرة عن الحكومة تتعلق بإدارة الاقتصاد الوطني على العموم، وخاصة تلك التي تتعلق بمعالجـة أزمـة اقتـصادية أو حمايـة ميـزان المدفوعات، وليست موجهة نحو مستثمر على وجه الخصوص، فإنها وإن كانت تصرفات سيادة، ولكنها غير موجهة نحو الاستثمارات الأجنبية، على وجه الخصوص، ولا تكون مدعاة لإعمـال شرط المظلة. وقد ميزت المحكمة العليا في الولايات المتحدة الأمريكية بين التزامات الدولة إزاء المستثمر وتغير الظروف ومتطلبـات الحاجـات الاجتماعيـة الناجمـة عنهـا، فف قضية Charles River Bridge ضد Warren Bridge قضت المحكمة لولاية ماساشوسـت بـإبرام عقد ثان لعقد خدمات ذي منفعة عامة بصرف النظر عـن حقـوق الامتيـاز فـي العقـد الأول (420/1837.11US). وفي قضية Home Bulding & Loan Association ضد Blasdell قضت المحكمة بحق الحكومة في اتخاذ تدابير في فترة الطوارئ لا تستطيع القيـام بـهـا في الظروف العادية (398/1934.US 290).
Sophie Lemarie: La mystérieuse umbrella clause. In. Revue de l'arbitrage.2009/3.p.488.
رابعاً- تطبيق مبدأ المعاملة العادلة والمنصفة باعتباره القانون الواجب التطبيق:
ونبين في هذا الصدد كيف يحاول الاكسيد الخروج من قانون العقد الى القانون الدولي العام بتطبيق مفهوم غير محدد لا علاقة له بالعقد ولا يحدد التزامات الدولة المضيفة بأي شـكل مـن الأشكال في حين أن قرارات التحكيم عادة ما تتحاشي البت بموجب هذا المبدأ لعدم وضوحه.
1. تطبيق الحد الأعلى لمبدأ المعاملة العادلة والمنصفة. الأصل أن تطبيق شرط المظلـة، إنما يعمل على حماية الحقوق العقدية بالمعاهدة وليس بالعقد. ولذا فإن القانون الواجـب التطبيق الذي يبين حقوق والتزامات طرفي النزاع إنما هو قانون العقد باعتباره القانون المختار من الطرفين. ورغم أن المادة 1/42 من اتفاقية واشنطن لسنة 1965 تقـضـي بتطبيق القانون المحلي للدولة المضيفة للاستثمار بما في ذلك قواعد تنـازع القـوانين والمبادئ العامة للقانون الدولي عند الاقتضاء، وليس القانون الدولي ابتداء وانتهاء، فإن هيئات التحكيم بما في ذلك الاكسيد تعمل على تطبيق مبادئ القانون الدولي العرفـي بالعمل بالتفسير الموسع لشرط المظلة، كما جاء في قضية Noble Ventures ضـد رومانيا، وذلك بتحويل الالتزامات العقدية الى التزامات دولية والانتقـال مـن العمـل بشروط العقد الى تطبيق المبادئ الواردة في اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار مباشـرة دون تطبيق قانون العقد الذي يحدد حقوق والتزامات الطـرفين. حيـث تـنص تلـك الاتفاقيات على المعاملة العادلة والمنصفة للاستثمارات الاجنبية. وعادة ما يتم ذلك حتى وإن لم يتمكن المدعي من اثبات انتهاك العقد من قبل الدولة المضيفة، وحتى لـو كـان شرط التحكيم في العقد يشترط استيفاء المعالجـة الداخليـة وكيفيـة تـسوية النـزاع بموجبـه (55.ARB/01/11.on. 12.10.2005.para) ذلـك لأن الـدول المـضيفة للاستثمارات الاجنبية المرتبطة باتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار ملزمة بتـوفير حـد أدنى من المعاملة العادلة والمنصفة، وليس بتوفير الحد الأعلى في هذا الصدد حـسب التفسير الموسع لشرط المظلة الذي يقضي بتوفير حد أعلى لمثل هذه الحمايـة، وبمـا يتجاوز امكانيات هذه الدول لتوفير هذه الحماية التي توفرها إمكانيات الدول المتقدمـة. وهذا هو موضع النزاع في شأن مدى الآثار التي يمتد اليهـا شـرط المظلـة لـتـسـوية نزاعات الاستثمار. وينبغي فهم الحد الادنى للحماية بالأضـرار التـي يتعـرض لهـا المستثمر الاجنبي بسبب الاجراءات الحكومية التي تتعارض والتزاماتها بموجب العقـد، وليس بالتزامات غير محددة. وليست منها التدابير التي تتخذها الحكومة لإدارة الاقتصاد الوطني عند تعرضه لأزمات حادة، كما حصل للأرجنتين في بدايـة الألفيـة الثالثـة. ويعتبر من المعاملة غير العادلة وغير المنصفة عادة، التمييز المفـرط فـي المعاملـة والمعاملة غير المعقولة والتدابير غير المبررة للحكومة وإنكار العدالة، علماً أن التحكيم التجاري الدولي يعمل بالحد الادنى من المعاملة العادلة والمنصفة وليس بالحد الأعلـى منها. ففي قضية Neer ضد المكسيك قضت لجنة المطالبات الامريكيـة - المكسيكية بقرارها في 1926.10.7 بأنها لم يثبت لها أن السلطات المكسيكية قد أبدت نقصاً فـي العناية أو في التحقيقات الضرورية للعثور على المتهمين. وأنه ولغرض اثبات حـدوث جريمة دولية لا بد من إثبات وجود إهمال أو عدم كفاية الاجراءات الحكومية طبقاً للحد الادنى للمعايير الدولية، وبشكل معقول ومحايد. ولم تضع اللجنـة المـذكورة موانعـاً للتوصل الى المعايير الدولية فـي الحـد الادنـي لواجـب العنايـة ( Recueil des 15.10.1926 sentences arbitrales.vol.4 p.60-66.in). ولم يتغير العمل بالحـد الأدنى منذ هذه القضية. حيث رفضت هيئة تحكيم UNCETRAL في قرارهـا فـي 2009.6.8 حجة المدعي بأن الولايات المتحدة في قضية Glaims Gold's قد انتهكت التزاماتها بموجب المادة 1105/NAFTA في تـدابيرها التشريعية والتنظيميـة إزاء المستثمر بالالتزام بواجب الحد الادنى من العناية في المعاملة المنـصفة FET ونـزع الملكية، واستدلت هيئة التحكيم بعدم وجود عقيدة قانونية opinion juris للقانون الدولي العرفي بخصوص الحد الادنى من المعاملة العادلة والمنصفة بالحمايـة مـن التـدابير التحكمية الحكومية وحماية التوقعات الشفافة والمشروعة الناجمة عـن أقامـة شـبكة الأعمال في البلد المضيف، وفقاً لقرار لجنة المطالبات في قضية Neer، حيث إن مبدأ المعاملة العادلة والمنصفة لا يتضمن التزامات اضافية زيادة على ما تتعهد به الدولـة المضيفة نحو المستثمر الاجنبي.
2. تطبيق الحد الأدنى لمبدأ المعاملة العادلة والمنصفة. يتبين من القرار آنف الذكر أنه من الصعب على المستثمر إثبات حصول انتهاك للحد الادنى للمعاملة العادلـة والمنـصفة بموجب القانون الدولي العرفي، وأنه لا توجد فيها سوابق ملزمة في التحكيم التجـاري الدولي في هذا الصدد ( Herbert Smith Free hills. Tribunal places heavy burden on proving standard of fair and equitable treatment under .NAFTA. Lexology). ومع هذا فإن الاكسيد في قضية Vivendi موضـوع) رفض حجة الارجنتين بأن مبدأ المعاملة العادلة والمنصفة في المعاهدة إنما ينبغـي أن يفهم بالحد الادني بموجب القانون الدولي. وبدلاً من الحكم على الارجنتين بانتهاك هـذا المبدأ، وأن الاكسيد بإمكانه أن يقرر وفي جميع الظروف ما اذا كان سلوك الدولة عادلاً ومنصفاً دون الحاجة إلى استخدام أي معيار أعلى أو أدنى، فإنه لم يثبت له وجود سوء معاملة من حكومة الارجنتين، وأن المعاملة غير العادلة وغير المنصفة لا تتوقف على مجرد إنكار العدالة. وعليه فإن ادانة الارجنتين لم تكن بأنتهـاك المعاهـدة أو شـرط المظلة، وإنما هو بسبب أن نزع الملكية لم يكن مقترنا بتعويض عادل، وبالقيمة الفعلية للسوق بمبلغ 106 مليون دولار تبعاً لمبدأ قضية Chorzow Factory لـسنة 1928. وأن الاكسيد رفض طلب الشركة بالتعويض عن الربح الفائت، لأنها فـشلت وبدرجـة كافيـة مـن اليقـين إثبـات أن عقـد الامتيـاز كــان مربحـاً (2007.10.30 .ARB/97/30.on). ولكن الارجنتين طلبت الغاء القرار أمام لجنـة جديـدة ad hoc التي بدورها الغت بقرارها في 2007.7.30. قرار الاكسيد في 2007 لتجاوز السلطة، وأن الاكسيد لم يميز بين التزامات المعاهدة والتزامات القانون الدولي العرفـي، وأن الارجنتين لم تنتهك المعاملة العادلة والمنصفة ولا شرط المظلة، وقررت اعفاءها مـن دفع 100 مليون دولار تعويضات (03/19/ARB). وينبغي التنويـه بـأن مـن أهـم خصائص الاستثمار تحمل احتمالات المخاطر بقدر تحمل احتمالات الربح. فكل عمـل تجاري عرضة للربح وللخسارة ولا يتعين على الدولة المضيفة ضمان تحقيق المشروع الاستثماري الربح. وحسب حيثيات حكم محكمة العدل الدوليـة الدائمـة فـي قـضية Oscar Chinn أنه لا يمكن لأي مشروع تجنب التوقعات والمخـاطر الناجمـة عـن الظروف الاقتصادية العامة. فبعض الصناعات تحقق أرباحاً طائلة في فترات الرفاهيـة العامة أو من الاستفادة من معاهدات التجارة أو من تغيير الحقوق الجمركية. ولكن هذه الصناعات يمكن أن تكون عرضة للخسارة والدمار بسبب ظروف مختلفة. ولا يوجد أي انتهاك لأية حقوق مكتسبة في مثل هذه الحـالات (73.CPJI.serie A/B no.63.p)، وعليه، فليس للمحكم أن يبحث في أي سبب لإثبات أن الخسارة التـي يتعـرض لهـا المستثمر الاجنبي، ، أنما هي بسبب تقصير الدولة المضيفة في حماية استثماراته، وأنه لم يعامل معاملة عادلة ومنصفة، لأن هذا المبدأ لا يتضمن في الحقيقة أية معاملة إضـافية عن المعاملة التي يتم التعامل بها مع المستثمر الوطني، وأي مستثمر آخر. ولـذا فـإن لجوء المحكم الى استبعاد قانون العقد ما هي إلا وسيلة لحماية المستثمر لأي سبب كان، وحتى بدون تقصير أو سوء معاملة من الدولة المضيفة. وكل ما يعنيه استبعاد قـانون العقد واستبعاد القضاء المحلي سوى استبدال عدم حيادية القضاء المحلي بعدم حياديـة التحكيم التجاري الدولي.
وفي أحدث قضية يستبعد الاكسيد كلاً من مبدأ المعاملة العادلة والمنصفة وشـرط المظلـة والحكم بموجب قانون العقد، ما جاء في دعوى شركة Loan Micula السويدية وشركائها ضـد رومانيا في أن الأخيرة أنهت في 2005 الحوافز المالية الممنوحة لها بموجب المرسوم الحكومي 24 لسنة 1988 ولمدة 10 سنوات، وانتهكت بذلك التزاماتها بموجب الاجـازة وبموجـب BIT المبرم بين الحكومتين الرومانية والسويدية في 2003.4.1. وردت رومانيا بأنهـا أنـهـت تلـك الحوافز بالنظر لإنتمائها الى معاهدة الشراكة مع الاتحاد الاوروبي فـي 2005.4.25، وعمـلاً بقانون الاتحاد في هذا الصدد وأن هذه المعاهدة ترجح على BIT بموجب مبدأ اللاحـق ينـسـخ السابق، وأن على المستثمر تحمل مخاطر الاستثمار. ورد الاكسيد بأن رومانيا انتهكت تشريعاتها والإجازة الممنوحة للشركة بإلغاء الحوافز دون إعفاء الـشركة مـن التزاماتهـا، وأن القـانـون الروماني هو القانون واجب التطبيق ولا حاجة الى الادعاء بأنها انتهكت مبدأ المعاملـة العادلـة والمنصفة، لأن هذا المبدأ لا يعني شرط الثبات، وأن الدولة تستطيع تغيير تشريعاتها مع احتـرام توقعات المستثمر الممنوحة له. كما أن رومانيا لم تنتهك BIT شرط المظلة بهذا الشأن لعـدم تقـديم المـدعي مـا يثبـت ذلـك، كمـا جـاء فـي قـضية Bayinder ضـد باكستان 2005.11.14 (03/29/ARB). وأن معاهدة الشراكة لم تكن نافذة حينذاك، ولا تعـارض بـين المعاهدتين بموجب المادة 12 من مشروع لجنة القانون الدولي بشأن مسؤولية الدول لسنة 2001. ولــم يثبـت للإكــسيد أن رومانيـا مـارسـت سـلوكاً ســيئاً أو تمييزيـاً إزاء المـدعي .(ARB/05/20 on.16.1.2014)
ويبدو أنه لا يوجد تعامل تحكيمي مستقر بالعمل بشرط المظلة لتقرير انتهاك عقد الاستثمار واتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار. ولكي نعرف ماذا يمكن التعامل بشكل موضوعي في تطبيق هذا الشرط، نرى أن يتوافر واحد أو أكثر من الشروط الآتية:
أن يكون المستثمر قد أوفي بالتزاماته كاملة في العقد المبرم بينه وبين الدولة المضيفة.
أن تكون الدولة المضيفة عند انتهاكهـا للعقـد تتـصرف باعتبارهـا السلطة العامـة jus imperii
أن تكون الدولة المضيفة طرفا في العقد بصفتها السيادية وتتمتـع بـصلاحيات السلطة العامة jus imperii.
أن تكون الدولة والمستثمر المدعي طرفاً مباشراً في العقد privity of contract.
أن تكون التشريعات والأنظمة الصادرة عن الدولة المضيفة تستهدف المستثمر الأجنبـي بشكل خاص، وليست تدابير عامة تعمل على معالجة أزمات اقتصادية حادة.
وهو ما نلاحظه في عدد من القضايا، حيث يتخذ الاكسيد مواقف متهاودة بـشأن الهيئـات المستقلة عن الحكومة. ففي قضية Salini ضد الأردن يرى الاكسيد أن شركة JVA الحكوميـة رغم أن الدولة تمارس عليها الادارة والرقابة، إلا أنها هيئة مستقلة عن الدولـة مـن النـاحيتين القانونية والمالية، وغير مندمجة معها (84.para) في حين أن الاكسيد اعتبـر شـركة ADM المغربية لصيانة وانشاء الطرق السريعة هي شركة حكومية تابعة للدولة، حيث تملـك الحكومـة %89 من أسهمها، وأن أعضاء مجلس إدارتها من كبار موظفي الدولة، وأنها تدير مرفقاً عامـاً، ولذا فإن أعمالها تنسب للدولة (35.ARB/02/4.on.23.7.2001.para). ويبدو أن المعيار الذي يعتمده الاكسيد في توصيف أعمال الهيئات المستقلة هو طبيعة العمل الذي تقوم به بصرف النظر عن كيانها القانوني، وعن مدى ارتباطها بالحكومة. فاذا كانت الهيئة تدير مرفقاً عاماً فذلك يكفي لنسبة أعمالها الى الدولة. ويعود الى القانون المحلي تحديد هوية الهيئة المـستقلة مـن الناحيـة القانونية ومدى ارتباطها بالدولة وطبيعة الخدمات والاعمال المناطة بها، وليس الـى القـانون الدولي. ولذا فإن التعويل على المادة 5 من مشروع لجنة القانون الدولي لنـسبة أعمـال الهيئـة المستقلة لا يستند الى ركن قانوني لبداهة أن هذا المشروع ما زال مشروعاً، ولا يمكن الاحتجاج به في القانون الدولي.
وقد يضاف عنصر آخر في تكييف عمل الهيئة إذا تبين أن المـدعي المـستثمر لـم يـف بالتزاماته ازاء الدولة المضيفة. ففي قضية Bosh ضد أوكرانيا في 25 تشرين الاول 2012 تبين للاكسيد وبموجب الشرط الاول، آنف الذكر، أن المستثمر لم يف بالتزاماته بموجـب العقـد ولا يوجد في سلوك القضاء الاوكراني أي انتهاك لمبدأ المعاملة العادلة والمنصفة، حيث لـم يثبـت المدعي مخالفة واقعة على العقد الذي ابرمته جامعة JVA الاوكرانية، وليس الحكومة، وأن العقد يتضمن اختصاص القضاء الاوكراني، وأن حكم محكمة كييف قد نال درجة الشيء المقضي بـه وحتى لو افترضنا إسناد أية مخالفة للحكومة، فإن هذه مخالفة للعقد، وليست للمادة /2/3 من BIT المبرم بين اوكرانيا والولايات المتحدة، ولذا فإن الاكسيد رفض العمل بشرط المظلة بنـاء علـى شرط التحكيم فـي العقـد (285-283.ARB/08/11,in.25.10.2012.para)، وفـي قـضية (Burlington Resources) ضد الاكوادور في كانون الاول 2012 وجد الاكسيد عدم تـوافر الشرط الرابع الذي يقضي بأن يكون كل من الحكومة والمستثمر طرفين في العقد، وأن طـرف العقد الآخر هو وكالة حكومية فرعيـة مـستقلة، وأن القـرار غيـر موجـه ضـد المـستثمر .(ARB/08/5.on.2.6.2010.para.189).
ومع هذا فإن الاكسيد هيئات التحكيم لا تعمل بشرط المظلة وفق معايير متناسقة في جميـع القضايا متذرعة في ذلك بالصياغات القانونية للشرط، من جهة، وخاضعة بـاختلاف المحكمـين الذين يتغيرون من قضية الى أخرى، فيتغير تفسير شرط المظلة باختلاف فهمهم له، مـن جهـة أخرى. ففي التفسير الضيق يغطي الشرط نزاعات العقد ليجعلها نزاعات معاهدة وفـي التفسير الواسع يعمل الشرط على نقل النزاعات العقدية الى نزاعات دولية بنقل الالتزامات العقدية الـى التزامات دولية. لأن نقل الالتزامات العقدية الى التزامات دولية من شأنه استبعاد قانون العقد الذي يحدد التزامات الطرفين والحكم بمبادئ غير مستقرة في القانون الدولي العرفي تتعلق بمعايير غير محددة في المعاملة العادلة والمنصفة، مما يتيح للمحكمـين الحكـم بمقـاييس شخـصية وغيـر موضوعية. وهذا ما وقع فيه الاكسيد أكثر من مرة. ومن أهم الصياغات التي تساعد على التفسير الضيق منح الاختصاص للقضاء الوطني لتسوية نزاعات العقد المبرم بين دولة بصفتها العقديـة وبين المستثمر، حيث يرفض الاكسيد الاختصاص لصالح القـضاء المحل كمـا جـاء فـي قضية (Toto construzioni) ضد لبنان في ايلول 2009، حيث لا يمكن نقل الالتزامات العقدية الصرفة الى التزامات دولية إذا نص شرط التحكيم في العقد على ولاية القضاء المحلي في حـل النزاعات العقدية من جهة، أو أن العقد مبرم من قبل الدولة بصفتها التجارية لا بصفتها السيادية، من جهة أخرى. وحيث الخاص يقيد العام (let generalis non derogat lex specialis) وأن آلية العقد آلية خاصة، وأن آلية (BIT) آلية عامة، فإن هذه الآلية العامة تخضع للآلية الخاصـة للعقد القائم بين دولة ومستثمر خاص، وليس بين دولتين، حيث إن العقد الدولي يخـضـع لقـانون الدولة المضيفة، كما تصرح بذلك المادة 25 من اتفاقية واشنطن في 1965.3.18.
المحصلة
نخلص الى أن تهاود قرارات التحكيم بين تفسير ضيق وتفسير واسع لشرط المظلـة الـ الظروف المحيطة بطبيعة عقد الاستثمار، من جهة، ومدى ارتباط المستثمر بعقد الاستثمار مـع الدولة مباشرة، من جهة ثانية، وصياغة شرط المظلة، من جهة ثالثة، ومدى استنفاذ شروط العقد بقاضي العقد، من جهة رابعة.
1- طبيعية العقد:
فإذا كان العمل محل النزاع تجارياً بحتاً فإنه غير مشمول بـشرط المظلـة، لأن الأعمـال التجارية لا تستفيد من الحماية المقررة للأنشطة الاستثمارية بموجب اتفاقيات تشجيع وحمايـة الاستثمار، لأن هذه الاتفاقيات مخصصة لحماية المشاريع الاستثمارية لا التجارية، كما في قضية (Joy mining) 2004 ضد مصر حيث قرر الاكسيد أن النزاع حول تنفيذ خطاب ضمان هـو نزاع تجاري بحت، ويجب حسمه بموجب العقد ولا يمكن نقله من نزاع عقدي الى نزاع بموجب معاهدة، ولم يثبت المدعي أن الحكومة المصرية لها علاقة بالعقد.
ويعمل شرط المظلة في العقود الحكومية التي تتمتع بها الدولة بامتيازات الـسيادة كـالعقود الادارية وعقود الامتياز، ولا يمتد الى العقود التجارية البحتة التي لا تغطى بشرط ثبـات العقـد (Stabilisation clause). ولا يمكن لشرط المظلة إزاء العقود التجارية نقل النزاع من نـزاع عقد الى نزاع معاهدة، لأن هذه العقود غير مغطاة باتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار، كما جـاء في قضية (EL paso) ضد الارجنتين في 2006. ومن هنا ينبغي التمييز بين العقود الحكوميـة التي تتصرف بها الحكومة كصاحبة سيادة وبين العقود الحكومية التي تتـصرف بهـا الحكومـة كتاجر. ذلك لأن عقود الاستثمار تشمل العقود الادارية وعقود الامتياز لأنها عقود ادارة مرافـق عامة، حيث تتمتع الحكومة فيها بأمتيازات السلطة العامة، مما يعني أن الوفاء بالتزاماتها العقديـة يتم في اطار مسؤولياتها الدولية في اتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار. وبالتالي فـإن نزاعاتهـا العقدية تصبح نزاعات معاهدة بموجب شرط المظلة.
2- مدى ارتباط المستثمر في عقد الاستثمار مع الدولة مباشرة:
للعمل بشرط المظلة أن يكون المستثمر مجرد طرف في النشاط الاستثماري محل النـزاع، ذلك لأن كثيراً من المستثمرين يوظفون استثماراتهم عبر شركاتهم المسجلة فـي قـانون الدولـة المضيفة كشركات وطنية لا كشركات أجنبية، بل حتى لو كان المستثمر الاجنبي لا يملك الحصة الرئيسية في المشروع الاستثماري، كما جاء في قضية (Impregilo) ضد الباكستان في 2005. وذلك لأن هيئات التحكيم بحكم طبيعة وظيفتها حماية المستثمرين، كما هو شأن الاكـسيد، فإنهـا تميل تبعاً لذلك الى التفسير الموسع لشرط المظلة الذي يغطي أي نشاط له علاقة بالاستثمار، حتى لو كانت الشركة مسجلة في القانون الوطني للدولة المضيفة، وحتى لو كانت مساهمة المستثمر في المشروع الاستثماري قليلة، ففي الحالة الاولى تعمل هيئة التحكيم بمعيار الرقابة لتحـدد جنـسية الشركة، ولا تعمل بهذا المعيار عندما تكون حصة الاجنبي ليست هي الغالبة باعتبار أن مجـرد مساهمة المستثمر في النشاط الاستثماري يجعل عمله عملاً استثمارياً، كما تقضي بـذلك اتفاقيـة الوكالة الدولية لضمان الاستثمار (Mega) في 1985/10/11.
3- طريقة صياغة شرط المظلة:
يؤدي استخدام الالفاظ العامة والمطلقة الى قيام هيئة التحكيم بتفسيرها تفسيراً موسعاً فالاشارة الى الالتزامات بموجب القانون الدولي، والى أية التزامات أخرى ذات صلة بأي نـوع من الاستثمار، من شأنها أن تؤدي الى العمل بشرط المظلة لنقل الالتزامات العقدية الى التزامات معاهدة حسب مقتضيات هذه الصياغات، وينبغي الاكتفاء بالالتزامات العقدية بجانـب التزامـات .(BIT)
4- مدى استنفاذ شروط العقد بقاضي العقد:
تنص عقود الاستثمار واتفاقيات تشجيع وحماية الاستثمار على قيام المستثمر بتسوية النزاع مع الدولة المضيفة بمراجعة القضاء أو الادارة المحلية لتسوية النزاع قبل اللجوء الى التحكيم، مما يشكل مانعاً من تطبيق شرط المظلة، بل أن عقود الاستثمار ذاتها تقضي بذلك، مما يتطلب مـن هيئات التحكيم الحكم بعدم الاختصاص بناء على العقد، لأن الـدعوى دعـوى عقـد لا دعـوى معاهدة، كما جاء في قضية SGS ضد باكستان في 2003، وقضية Toto ضد لبنان سنة 2009، وقضية غاز LG&E ضد الارجنتين في 2006. ولكن هيئات التحكيم عادة ما تتجاهل مثل هـذه التعهدات باعتبار أن هدف شرط المظلة هو نقل النزاع من نزاع عقد الى نزاع معاهـدة دون أي إعتبار آخر، رغم أن العقد الذي تدعي به الشركة الاميركية قد أبرمته هيئة مستقلة عن الحكومة الرومانية، كما جاء في قضية (Noble Ventures) لسنة 2005 ضد رومانيا، حيث جاء فيهـا أنه ولفائدة اكمال محتويات وأهداف المعاهدة، فإن على الدولة المضيفة امكان تحمل المسؤولية الدولية، بالنظر لأن انتهاك التزاماتها العقدية يجعل انتهاك العقد انتهاكاً دوليـاً .ARB/01/11.in (53.para.12.10.2005). والواقع أن هذا التفسير الواسع لشرط المظلة يتعارض مع واقـع أن القانون الدولي لا يعامل الهيئات الفرعية المستقلة جميعاً على حد سواء، وأن شرط المظلة يغطي عقود الدولة ذاتها لا غير، كما أن الاكسيد يتجاهل هنا حقيقة أن هذا الشرط يعمل ازاء الالتزامات ذات الصلة بالاستثمارات على الخصوص specific، وليس إزاء جميع العقود لبداهة أن العقـود التجارية البحتة لا تنسب إلى الحكومة بصفتها السيادية، كما هو معمول به..
ومن هنا يتبين التهاود في قرارات التحكيم التجاري الدولي بين قرارات وفق سياقات قانونية دقيقة وبين قرارات تخرج عن هذه السياقات. فتارة يتم قبول الاختصاص من قبل الاكسيد وهيئات التحكيم الأخرى، لا بناء على أصل الدعوى كدعوى عقد أو دعوى معاهدة، لأن الاكـسيد يقبـل الاختصاص في الحالتين في مرحلة الاختصاص أو في مرحلة الموضوع، كما هو الحـال فـ قضية SGS ضد باكستان 2003 أو ضـد الفيليبين 2004 أو فـي قـضية BIVC ضـد باراغواي 2012، في رفض الدعوى بعد قبول الاختصاص أو وقف الدعوى في انتظـار قـرار القاضي المحلي، ولا بناء على طبيعة النزاع، من حيث كونه ناجما عن انتهاك العقد أو انتهــاك المعاهدة، كما هو الحال في إلغاء قرار الإكسيد من قبـل لجنـة 2005 ad hoc، فـي قـضية Vivendi، بدعوى عدم التمييز بين دعوى عقد ودعوى معاهدة. بل إن التحكـيم قـد يقـضي بالاختصاص وقبول الدعوى بصرف النظر عن أية شروط عقدية بالاختصاص المحلي، كما في قرار الالغاء للجنة ad hoc في قضية Vivendi لسنة 2007، ويتأثر الاكسيد بعوامل متعددة في قبول أو رفض شرط المظلة منها كون النزاع عقدياً بحتاً فلا يتحول الـى نـزاع معاهـدة، وأن العقد انتهاك العقد ليس جسيماً حتى يتحول الى انتهاك المعاهدة أو أن الدولة المضيفة ليست طرفاً ف المستثمر، وأن الهيئة الفرعية مستقلة استقلالاً قانونياً ومالياً فلا تنسب تصرفاتها الـى مع الدولة، وأن تصرف الدولة في العقد أو إزاء العقد، إنما هو بطبيعتها كتاجر، وليس كسلطة عامة بصفتها السيادية، وأن المستثمر لم يستوف المراجعة والاختصاص المحلي، وأن المستثمر تنــازل العقد عن التحكيم التجاري الدولي صراحة أو أنه لم يتنازل صراحة. وهكذا تبـدو قـرارات الاكسيد غير متناسقة فيبرم تارة وينقض أخرى. فمرة يميل الاكسيد نحو أولوية اختصاص قاضي العقد، ومرة ينحو نحو أولوية اختصاص تحكيم المعاهدة، ومرة يميز بين انتهاك العقـد وانتهـاك المعاهدة، وأخرى يرفض التمييز. ويبدو أن قرارات الاكسيد تكون تارة معتدلة في تفسير شـرط المظلة وفق السياقات القائمة بين العقد والمعاهدة فيقبل الاختصاص ويرد الدعوى لصالح دعـوى العقد، وفق فقه SGS ضد الباكستان لسنة 2003 وضد الفيليبين لـسنة 2004، وأحيانـاً تـكـون متطرفة باستبعاد دعوى العقد لصالح دعوى المعاهدة، فيستبعد قانون العقد بالقانون الدولي العرفي وهو مبادئ افتراضية تحوم حول الحد الادنى أو الحد الاعلى لمبدأ المعاملة العادلـة والمنـصفة وبصرف النظر عن حدود حقوق والتزامات العقد، وفق فقه Noble Ventures ضـد رومانيـا لسنة 2005. ويجدر القول إن معايير التحكيم كنظام قانوني لتطبيق القانون، لا ينبغي أن تكـون قراراته بصرف النظر عن القانون. معاهدة
إلا أن الاكسيد، وبعد هذا القرار، ينحو منحى معتدلاً في تفسير وتطبيق شرط المظلة بالعمل على مراعاة الشروط اللازمة لتنفيذ هذا الشرط المنوه عنا آنفا، وذلك بنقل دعوى العقد الى دعوى مع تطبيق قانون العقد، باعتباره القانون الواجب التطبيق طبقا للمـادة 42 مـن اتفاقيـة واشنطن لسنة 1965، عوضاً عن القانون الدولي. حيث جاء في قضية BIVAC ضد بأراغواي لسنة 2012، أن المسألة المهمة، وطبقاً لمبدأ سلطان الارادة التي على الطـرفين احترامهـا، إن طرفي العقد ليسا في حل من التقاط أو اختيار تلك الأجزاء من العقد التي يرغب الطرفـان فـي ادخالها في أحكام شرط المظلة، مثل المادة 3/4 من العقد، وإهمال الأحكام الأخرى. وأن الاكسيد يرى أن شرط الاختصاص المحلي في العقد يجعل شرط المظلة غير مقبول، إلا اذا لـم تمتثـل الدولة لحكم المحاكم الباراغوانية، وأن حكم المحكمة المحلية حكم واقعي وقانوني، وأنه لا يمكـن الجزم بأن القاعدة الأساسية للدعوى هي المعاهدة لا العقد، وأي تصور آخر يجعلنا غير واقعيين وغير منطقيين (148.161.149.ARB/07/9.on29.5.2009.papa). ومع هذا، فإن الاكسيد لم يستقر في منهجه في تحقيق التوازن بين مصالح المستثمرين والدول المضيفة للاستثمار. فف قضية SGS ضد باراغواي قبل الاختصاص في مرحلة الاختصاص رغم وجود شـرط العقـد FSC، باعتبار أن هذا الشرط لا يمنع من اقامة دعوى معاهدة بموجب شرط المعاهدة، كما رفض حجة باراغواي أن مجرد انتهاك العقد لا يعني انتهاك المعاهدة، ما لم يكن هناك تدخلاً سـيادياً، واعتبر أن مجرد انتهاك العقد يعني انتهاك المعاهدة (10.2.12.ARB/07/29.on). أمـا فـي قضية EDF ضد الارجنتين فيرى الاكسيد كذلك أن شرط العقد FSC لا يمنع من إقامة دعـوى المعاهدة في عقد الامتياز مع الحكومة المحلية، لأن العقد لا يسمح للحكومـة باتخـاذ تعـديلات انفرادية بشأنه، وهذا من شأنه الاضرار جوهريا بالشركة، ويؤدي الى انتهـاك شـرط المظلـة ورفض الاكسيد ادعاء الحكومة الارجنتينية بتبرير اجراءاتها بحالة الضرورة، طبقا للمادة 25 من مشروع معاهدة المسؤولية الدولية للجنة القانون الدولي، وأن الارجنتين لم تفلح في معالجة مشكلة الاسعار مع الشركة ولمدة ستة أشهر من المفاوضات، ولم يفسر الاكسيد قبول دعـوى الـشركة المدعية ضد الارجنتين، رغم أنها شركة مساهمة مع الـشركة المتعاقـدة مـع حكومـة أقلـيم Mendoza، وأن حكومة الارجنتين ليست طرفاً في عقد الامتياز، كما لم يفسر الاكـسيد كيـف يشكل انتهاك حكومة الاقليم عقد الامتياز، بأنه انتهاك من قبـل الارجنتين ( ARB/03/23 on .)11.6.2012.para.938.942. 1035.1180