الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 25 / دور القضاء السوداني في تفعيل اتفاق التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 25
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    169

التفاصيل طباعة نسخ

اولاً- تمهيد:

    نسبة لتطور التحكيم وانتشاره في كل أنحاء العالم ورغبة أطراف التعامل فـي الـنص عليه في العقد، وأطراف النزاع في اللجوء اليه على الصعيد المحلي والدولي للميزات التـي يتمتع بها من سرعة ومرونة وخبرة فنية وغيرها، تبع ذلك اهتمام القانونيين والمتعـاملين، خاصة في مجال التجارة والإستثمار والإقتصاد والإنشاءات وغيرها، ذلك بالنص عليه فـي العقود التي يبرمونها او التي يكلفون بصياغة نصوصها، لكن في الواقع العملي نجد أن هنالك عدة أخطاء يقع فيها الكثيرون من اولئك في ما يتعلق بصياغة شرط التحكيم الوارد في العقد أو الإتفاق اللاحق (المشارطة)، تأتي هذه الأخطاء في الغالب، إما لقلة المعرفة أو الخبرة أو الجهل، وإما لعدم المبالاة وعدم الإهتمام بذلك. هذه الأخطاء في بعض الأحيان تكون سبباً في ضياع حقوق الأطراف، وذلك بإعاقة سير التحكيم، وبالتالي هدم الهدف الرئيسي المنشود من الإلتجاء اليه.

   - إن اتفاق التحكيم هو أساس عملية التحكيم للآتي:

   - عليه يرتكز الطرفان في حل النزاع عن طريق التحكيم.

   - به يتم استبعاد سلطة القضاء الوطني في نظر النزاع.

   - منه يستمد المحكمون سلطتهم في نظر النزاع.

   - به يكون قرار المحكمين نهائيا ونافذا كالحكم الذي يصدر من المحكمة المختصة.

     وهذا يعني أن اتفاق التحكيم تبدأ به الإجراءات التحكيمية وتنتهي بموجبه، وبالتالي فإن أحكام الصياغة تكون من الضرورة بمكان.

    عرف اتفاق التحكيم التشريعات الوطنية وقواعد التحكيم الدوليـة منـهـا قـانون التحكـيم المصري لسنة 1994 في المادة 10 بالآتي: – (اتفاق التحكيم هو اتفاق الطرفين على الإلتجـاء الى التحكيم لتسوية كل او بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقـة قانونية معينة عقدية كانت او غير عقدية) كما عرفه المشرع الفرنسي في قانون المرافعات المدنية لسنة 1980 المادة 1442 بالآتي (الشرط التحكيمي هو الإتفاق الذي يتعهد بموجبه المتعاقدان على احالة النزاعات التي تنشأ عن العقد الى التحكيم) كما عرف أيضاً في المادة 1447 اتفاق التحكيم بالآتي (هو عقد يحيل بموجبه اطراف نزاع ناشئ الى تحكيم شخص أو عدة أشخاص) وعرفـه أيضاً قانون التحكيم الإنجليزي لسنة 1996 في المادة 6 بالآتي (العقد التحكيمي يعني أي اتفـاق يحيل الى التحكيم النزاعات الناشئة أو التي ستنشأ سواء أكانت عقدية أو غير عقدية) أما قـانون التحكيم السوداني لسنة 2005 فقد عرف اتفاق التحكيم في المادة 5 بالآتي (يقصد به كـل اتفـاق يتعهد فيه الأطراف بعرض منازعاتهم والنزاعات القائمة لتحل عن طريق التحكيم) أما القـانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي فـي 25 يونيو 1985 فقد عرف اتفاق التحكيم في المادة 1/7 بالآتي (هو اتفاق بين الطرفين على أن يحيلا الى التحكيم جميع او بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو تنشأ بينهمـا بـشأن علاقـة قانونية محددة تعاقدية او غير تعاقدية).

ثانياً- دور القضاء السوداني في تفعيل اتفاق التحكيم:

   عرف التحكيم كآلية مقننة لتسوية المنازعات في السودان منذ صدور أول قانون للتقاضـى المدني هو (The Civil Justice Ordinance) الذي صدر عام 1900، والذي تضمن نصوصا خاصة بالتحكيم، واستمر الحال الى أن صدر قانون التحكيم لسنة 2005 الساري المفعول الآن.

    من خلال قواعد التحكيم التي كانت ضمن قانون الإجراءات المدنية لـسنة 1983 أو مـن خلال قانون التحكيم لسنة 2005، فإن المشرع السوداني ظل يولي التحكيم اعتباراً كبيراً، كما أنّ السلطة القضائية أيضاً ظلت تعطي التحكيم اعتباراً واهتماماً بالمساندة والإشـراف منـذ بـدء الإجراءات وحتى التنفيذ، حيث يتضح أن هنالك ست حالات في القانون للمحكمة فيها دور يتمثل في الإشراف والرقابة والتنفيذ. ونسبة لأن هذه الورقة محصورة في دور القضاء في تفعيل اتفاق التحكيم، فإننا سنتناول فقط هذا الجانب دون الخوض في المسائل الأخرى.

    يتمثل دور القضاء السوداني في تفعيل اتفاق التحكيم في عدة مسائل أهمها:

1. كتابة الإتفاق على التحكيم:

    من المسائل الهامة التي يبرز فيها دور القضاء السوداني في اتفاق التحكيم هي كتابة الإتفاق على التحكيم حيث نصت المادة (8) من قانون التحكيم لسنة 2005 على الآتي: يجب أن يكـون اتفاق التحكيم مكتوباً والا كان باطلاً، ويكون في حكم الكتابة الرسائل المتبادلة بين الطرفين عبر وسائل الإتصال المختلفة.

    وقد صدرت عدة أحكام من المحاكم بإلغاء أحكام التحكيم لعدم كتابة الإتفاق علـى التحكـيـم بـين الطرفين منه طعن الهيئة العامة للبريد والبرق والشركة السودانية للإتصالات المحدودة بـالنمرة م ع / ط م 2005/570، وآخرها عام 2014 طعن شركة السودان للأقطان ضـد شـركة متكـوت للتجـارة العالمية المحدودة، حيث صدر الحكم بإلغاء حكم التحكيم لعدة أسباب، من بينها عدم وجود اتفاق تحكيم.

2. شطب الدعوى في حال وجود اتفاق تحكيم بين الأطراف:

    يتمثل دور القضاء السوداني في تفعيل اتفاق التحكيم أيضاً في حال وجود هذا الإتفـاق وقيـام أحد أطرافه باللجوء الى المحكمة متجاهلاً ذلك الإتفاق، أن تقوم المحكمة بشطب الـدعوى حيـث نصت المادة (9) من القانون على الآتي: يجب على المحكمة التي رفع اليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم شطب الدعوى اذا دفع المدعى عليه في الجلسة الأولى للإجراءات بذلك، وإلا يعتبر متنـازلاً عن حقه في الدفع بشرط التحكيم. لقد أرسى القضاء السوداني عدة أحكام في هذا الخصوص منهـا دعوی/هدى أحمد ابو عركي ضد /عبدالله محمد الأمين بالنمرة م ع ط م 2007/18.

3. وقف اجراءات الدعوى بغرض التحكيم:

    نصت المادة 10 من قانون التحكيم لسنة 2005 على الآتي: اذا تم الإتفاق على التحكيم أثناء نظر المحكمة للدعوى، فعلى المحكمة وقف اجراءات الدعوى وإحالة النزاع الى التحكيم، ويعتبر هذا الإتفاق بمثابة اتفاق مكتوب.

     هذا النص يعطي المحكمة دوراً كبيراً في تفعيل ودعم اتفاق الأطراف في حال اتفاقهم على اللجوء الى التحكيم اثناء نظر المحكمة في النزاع، وهنالك عدة سوابق قضائية صـادرة مـن المحكمة العليا في هذا الخصوص.

4. تعيين المحكمين حسب اتفاق الأطراف:

    ويكون ذلك بتعيين المحكمة رئيس الهيئة في حال اختلاف أطراف الإتفـاق أو المحكمـين المعينين من قبل الأطراف، حيث نص القانون في المادة (14) على الآتي: المادة 14- (1) فـي حال التحكيم بأكثر من محكم يقوم كل من الطرفين باختيار عدد مماثل من المحكمين على أن يتفق المحكمون على رئيس الهيئة أو كيفية اختياره وفي حالة فشلهم يتم اختيـاره بوسـاطة المحكمـة المختصة بناء على طلب أحد الأطراف.    

    (2) اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد يتم اختياره بواسطة طرفـي النـزاع أو بالطريقة التي يتفق عليها، وإلا قامت المحكمة المختصة بتعيينه بناء على طلب أحد الأطراف.

     كما يتمثل دور القضاء في إجبار أحد أطراف اتفاق التحكيم على تسمية أو تعيين محكم من جانبه حسب الإتفاق، وذلك في حال مماطلته او رفضه، ويكون ذلك بطلب من الطرف الآخـر، خاصة طالب التحكيم، وعلى الرغم من قصور المادة (12) من القانون المتعلق بتعيين كل طرف محكماً من جانبه بعدم النص على دور المحكمة في الإجبار أو التعيين الا أن هنالك عدة أحكـام صدرت من المحكمة العليا بإلزام المحاكم بالإجبار والتعيين.

5. الطعن بالبطلان في حال عدم وجود اتفاق التحكيم:

    هذه من الحالات التي يبرز فيها دور القضاء في اتفاق التحكيم، حيث نصت المـادة 1/41/أ من قانون التحكيم لسنة 2005 على الآتي: يجوز للمحكوم ضده طلب إلغاء حكم التحكيم للأسباب الآتية:

    اذا فصل الحكم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم أو تجاوز حـدود الإتفـاق، والمـسائل المشمولة باتفاق التحكيم قد ترد من خلال شرط التحكيم الوارد في العقد، اذا كان مفصلاً، أو من خلال الإتفاق اللاحق (وثيقة أو مشارطة التحكيم). وفي الواقع هنالك أيضاً مشاكل تبرز في حال وجود غموض أو إبهام في اتفاق التحكيم والأمثلة كثيرة على الصعيد الوطني او الدولي.