التحكيم / تعريف التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 24 / تسوية منازعات الملكية الفكرية وفقا لنظام المنظمة العالمية للملكية الفكرية
امتداداً لاختصاص المنظمة العالمية للملكية الفكرية (WIPO) في تنظيم حقوق الملكية الفكرية بمختلف أنواعها، بما فيها براءات الاختراع، ونظراً إلى ما تتصف به الملكية الفكرية من خصائص ذاتية، بصفة خاصة ارتباطها بالتقدم التكنولوجي وما يحتاج اليه هذا التقدم من معرفة تقنية خاصة قد لا تتوافر لدى الكثيرين، لذلك، ولكون منازعات الملكية الفكرية لا تقتصر على الحدود الوطنية، وتتعداها إلى الصعيد الدولي، فقد أنشأت الويبو عام 1994 مركزاً متخصصاً لتسوية منازعات الملكية الفكرية، يوجد مقره في مدينة جنيف في سويسرا، وهو أول مركز دولي يقدم نظاماً بديلاً لتسوية منازعات الملكية الفكرية إلى جانب نظام تسوية المنازعات الذي أنشأته منظمة التجارة العالمية، وإذا كان هذا النظام الأخير يقدم خدماته للدول والمنظمات الدولية، فإن مركز الويبو يقدم خدماته للأفراد والقطاع الخاص عامة.
وقد بدأت جهود الويبو في هذا المجال مبكراً منذ عام 1990 عندما وضعت صياغة مشروع معاهدة دولية لتسوية منازعات الملكية الفكرية التي تنشأ بين الدول أو بين الدول والمنظمات الدولية.
بيد أن الولايات المتحدة الأمريكية وعدداً آخر من الدول عارض قيام هذه المعاهدة بـسبب إنشاء منظمة التجارة العالمية نظاما لتسوية هذه المنازعات.
وانتهى الأمر إلى عدم إبرام المعاهدة اكتفاء بالنظام الذي وضعته منظمة التجارة العالمية.
إزاء ذلك ركزت الويبو جهودها على إنشاء آلية أخرى لتسوية منازعات الملكية الفكرية التي بين الأفراد أو بينهم وبين الشركات الخاصة، وأنشأت لهذا الغرض "مركز الويبو للتحكيم والوساطة" لتقديم المساعدة في هذا المجال، وأعدت لذلك نظاماً متكاملاً للتحكيم والوساطة.
وبذلك وجد نظامان لتسوية منازعات الملكية الفكرية، أولهما تديره منظمة التجارة العالمية ويقوم بتسوية المنازعات الدولية التي تنشأ بين الدول أو بين الدول والمنظمات الدولية. أما الثاني فتديره المنظمة العالمية للملكية الفكرية ويختص بتسوية منازعات الملكية الفكرية الخاصة التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الشركات الخاصة.
وينظم مركز الويبو للتحكيم والوساطة أربع طرق لتسوية نزاعات الملكية الفكرية، هي:
- الوساطة، وهي إجراء غير ملزم يقوم به وسيط محايد لمساعدة أطـراف النـزاع فـي التوصل إلى تسوية ودية للنزاع القائم بينهم.
- التحكيم، وهو إجراء محايد يرفع على أساسه النزاع إلى محكم واحد أو أكثر لاتخاذ قرار في النزاع يكون ملزما للمتنازعين.
- التحكيم المعجل أو السريع، وهو نوع من التحكيم يتميز بأنه يباشر فـي وقـت قـصير وبتكلفة منخفضة.
- الوساطة فالتحكيم، أو الوساطة المتبوعة بالتحكيم، وهو نظـام يجمـع بـين الوسـاطة، والتحكيم إذا استحالت تسوية النزاع عن طريق الوساطة.
كما أن تكاليفه باهظة، لهذا فهو يشكل صعوبة بالنسبة للدول النامية، خاصة مع الإجراءات والتدابير الانتقامية التي يسمح للدول باتخاذها.
ونوضح في ما يأتي بقدر من الإيجاز هذه الأنظمة كلا في فرع خاص، وذلك على الوجه الآتي:
الفرع الأول: الوساطة.
الفرع الثاني: التحكيم.
الفرع الثالث: التحكيم المعجل.
الفرع الرابع: الوساطة المتبوعة بالتحكيم.
الفرع الأول: الوساطة
قواعد الوساطة وفقاً لنظام الويبو:
الوساطة باعتبارها وسيلة من الوسائل الودية لتسوية المنازعات "ADR" تمثل في، منظورها العام، وسيلة اختيارية يلجأ إليها الأطراف المتنازعون طوعاً، يختارون خلالها إجراءات وأسلوب الوساطة من أجل دراسة موضوع النزاع ومناقشته من أطرافه بصورة ترضيهم، مع إشعارهم بالاستقلالية والمسؤولية تجاه حل النزاع، وتشجعهم على المناقشة وتبادل الآراء.
وحتى تأتي الوساطة بثمارها يقع على أطراف النزاع والوسيط تحديد الإجراءات التي تنظم الوساطة بما يتلاءم مع النزاع المطروح، كما يجب تحديد الأمور المتفق عليها، وتلك محل النزاع بين الأطراف، وكيفية تناولها ومناقشتها وما إذا كان ذلك يتم بتناول أمر يتلوه آخر، أم تكون المناقشة أجمالية دون ترتيب مسبق.
وتتميز الوساطة بأن الحلول التي تنتهي إليها تكون وليدة اتفاق اطرافها ورضائهم بها، مما يسهل تنفيذها، على الرغم من كونها غير الزامية ولا يلزم الأطراف بقبولها والتقيد بها، كما تتميز بسهولة إجراءاتها وقلة نفقاتها.
وتقع قواعد الوساطة "Mediation“ وفقا لنظام الويبو في 27 مادة، ويشرف على تطبيقها مركز التحكيم والوساطة التابع لمنظمة الوساطة العالمية للملكية الفكرية، ومقره بجنيف في دولة سويسرا، وتبدأ إجراءات الوساطة بناء على اتفاق الأطراف المتنازعين، فهم الذين يلجأون إلى المركز المذكور طالبين وساطة في حل نزاع نشأ بينهم.
ويمكن إيجاز الأحكام المنظمة لوساطة مركز الويبو في الآتي:
- يساعد مركز التحكيم والوساطة بالويبو الأطراف المتنازعين في اختيار الوسيط، وتسهيلا على المتنازعين يحتفظ المركز بقائمة كبيرة بأسماء وبيانات الأشخاص المؤهلين للقيـام بمهمة الوساطة، وهذه القائمة متاحة للجميع ومنشورة على موقع الويبـو فـي شـبكة المعلومات العالمية.
- يقوم المركز بتحديد أتعاب الوسيط التي يلزم بسدادها أطراف النزاع مقـدماً، وبصفة عامة يقوم المركز بتنظيم ومعالجة المسائل المالية المتعلقة بعملية الوساطة.
- يقوم مركز التحكيم والوساطة بجنيف بتوفير كل المعلومات اللازمة، وتقـديم الخـدمات المطلوبة وأعمال السكرتارية بالنسبة لجلسات الوساطة التي تعقد لديه.
- يقتصر دور الوسيط، على مساعدة أطراف النزاع في التوصل إلى تسوية ودية للنـزاع يرتضونها، دون إلزام من الوسيط، فالحل يأتي من المتنازعين أنفسهم وليس من الوسيط.
- الوساطة في ذاتها إجراء اختياري غير ملزم، فلا يمكن إجبار المتنازعين علـى اللجـوء إليها، ولا يمكن إجبار أي طرف فيها على قبول نتائجها؛ لذلك فإن دور الوسيط يختلف عن دور القاضي ودور المحكم لكونه يقتصر على معاونة المتنازعين في الوصول إلـى حـل يصدر منهم أنفسهم، دون أن يتخذ الوسيط في هذا الصدد أي قرار يلتزمه المتنازعون.
تعيين الوسيط:
يترك تعيين الوسيط الذي يتولى مهمة الوساطة لاتفاق الطرفين، فإذا لم يتفقا على شـخص الوسيط أو على إجراء آخر لتعيينه، تولى مركز التحكيم والوساطة تعيين الوسيط، وذلك بعـد مشاورة طرفي النزاع، ويشترط في الوسيط في جميع الحالات أن يكون محايداً ونزيهاً ومستقلاً.
أنواع الوساطة:
يمكن التمييز - وفقاً لدور الوسيط وسلطته في إجراء الوساطة – بصفة عامة- بين نوعين منها هما: الوساطة البسيطة أو التسهيلية، والوساطة التقويمية أو المركبة.
(1)- الوساطة التسهيلية Facilitative Mediation:
يقتصر دور الوسيط في الوساطة التسهيلية على تيسير التواصل بين المتنازعين ومساعدة كل منهم على تفهم وجهة نظر الباقين ومواقفهم ومصالحهم، مع توضيح حقيقة موقف كل طرف وبیان نقاط قوته، ونقاط ضعفه، لذلك يتحدد دور الوسيط هنا في الإيضاح والتقييم الموضوعي للنزاع دون الحكم أو إبداء رأيه فيه.
(2)- الوساطة التقويمية Evaluative Mediation:
مع هذه الوساطة يكون للوسيط دور أكثر فاعلية عن دوره في سابقتها، لأنه يقدم للمتنازعين رأياً موضوعياً محدداً بشأن النزاع المطروح يسنده إلى تقييمه الشخصي لمواقف المتنازعين، ولكنه يظل رأياً غير ملزم للأطراف فيكون لهم قبوله أو رفضه.
وأياً كان نظام الوساطة، تسهيلية أم تقييمية، فإن الوسيط يلتزم عند انتهائها بأن يرسل إلى مركز التحكيم والوساطة بالويبو وإلى أطراف الوساطة، كتابياً ودون إبطاء، بياناً بإنتهاء الوساطة موضحاً فيه النتيجة التي تم التوصل إليها، سواء كانت تسوية كاملة أم جزئية، أو أخفاق فيها، وعدم الوصول إلى حل يرتضيه المتنازعون.
إجراءات الوساطة:
لا تختص الوساطة بإجراءات معينة، وإنما تتم وفقاً لما يتفق عليه المتنازعون مع الوسيط من إجراءات يرونها مناسبة.
فالأصل ان تباشر الوساطة بالطريقة التي يتفق عليها طرفاها، فإذا لم يتفقا على طريقة معينة حدد الوسيط الطريقة التي يتعين أن تباشر بها الوساطة وفقا لقواعد نظام الويبو.
وعادة ما تبدأ الوساطة بطلب يتضمن اتفاق المتنازعين عليها، يلي ذلك تعيين الوسيط الذي يباشر الاتصالات الأولية بين أطراف الوساطة، والاتفاق على تبادل الوثائق والمستندات إن وجدت.
ويتعين أن يتضمن طلب الوساطة المقدم إلى مركز الويبو نسخة عن اتفاق الوساطة، وبيان موجز بطبيعة النزاع، وبيانات الاتصال بمقدم طلب الوساطة أو بممثله؟ إن وجد، من عنوان أو مقر الإقامة، ورقم الهاتف والفاكس والتلكس، وغير ذلك من وسائل الاتصال المتوافرة كالبريد الإلكتروني.
ويقع على المركز إخطار طرفي النزاع كتابة بتسلمه طلب الوساطة، وتاريخ الشروع فيها.
ووفقاً للمادة (4) يكون تاريخ تسلم المركز طلب الوساطة هو تاريخ الشروع فيها.
ثم يعقد الاجتماع الأول بين المتنازعين، تليه الاجتماعات اللاحقة التي يتم من خلالها الاتفاق على قواعد وإجراءات الوساطة، وجمع المعلومات لحصر المسائل المتنازع عليها، وتحديد مصالح كل طرف وطلباته، ومن خلال ذلك تتم بلورة الخيارات المتاحة لتسوية النزاع تمهيدا للاتفاق بين المتنازعين على الخيار الذي يمثل حلاً وسطاً يرتضونه.
وتنتهي الوساطة بإبرام عقد بين المتنازعين بالحل الذي ارتضوه، فيصبح هذا الحل ملزماً قابلاً للتنفيذ استناداً إلى إرادتهم وموافقتهم المشتركة.
خصائص وساطة الويبو:
تتميز الوساطة التي تنظمها "الويبو" إلى جانب عدم إلزامها على الوجه السابق تحديده، بكونها سرية، وتقوم على مصالح الطرفين معاً.
وتظهر سرية الوساطة من عدم إجبار أي من أطرافها على الكشف عن معلومات يري أنها سرية ويفضل عدم الكشف عنها.
وإذا ما رأى أحد أطراف الوساطة الكشف عن معلومات سرية أو الإدلاء بتصريحات خاصة، فإن نظام الويبو لا يسمح لغيره بالإفصاح عن تلك المعلومات لأي شخص كان خارج سياق الوساطة، حتى وإن تم ذلك لاحقاً في إطار إجراء يتم أمام القضاء أو التحكيم .
كما تتميز الوساطة بأنها تقوم على الحفاظ على مصالح أطرافها، بما يستوجبه ذلك من مراعاة أن يكون الحكم الذي يتم الاتفاق عليه من المتنازعين محققاً لمصالحهم المشتركة ومفيدا لعلاقاتهم المستقبلية، وقائماً على هذه المعاملات، وذلك على خلاف القضاء والتحكيم حيث يتوقف الحكم معهما على ما هو ثابت من وقائع وإنزال حكم القانون على هذه الوقائع.
وهذا الاختلاف يجعل الوساطة إجراء يتحكم فيه المتنازعون بالدرجة الأولى دون فرض لإجراءات محددة أو قواعد معينة.
تكلفة الوساطة:
تتمثل تكلفة الوساطة في رسوم التسجيل في مركز الويبو للتحكيم والوساطة، وأتعاب الوسيط، والمصاريف الإدارية للوساطة، مثل نفقات تنقل الوسيط وغيره من مصروفات تقترن بخدمات الخبرة إن وجدت، وحملت المادة (4) طرفي النزاع هذه التكلفة بالتساوي، وذلك ما لم يتفقا على خلافه.
(أ)- رسوم التسجيل في مركز التحكيم والوساطة:
حدد مركز الويبو هذه الرسوم بحدين أدنى، وأقصى، وتكون قيمة الحد الأدنى عشر في المائة (0.10%) أي واحد لكل ألف من قيمة النزاع.
أما الحد الأقصى فيبلغ عشرة آلاف دولار أمريكي، ويطبق فقط بالنسبة للمنازعات التي تبلغ قيمتها عشرة ملايين دولار أمريكي على الأقل.
ومقابل هذه الرسوم تساعد الويبو المتنازعين في اختيار الوسيط، وتوفير قاعة مجهزة لاجتماعات المتنازعين، وقاعات للاختلاء والمداولة، ويكون ذلك مجاناً حال تنظيم الوساطة في مقر الويبو في جنيف.
أما إذا تمت الوساطة خارج مقر المركز فيتمثل دور الويبو في المساعدة في تهيئة المكان المناسب لإجراء الوساطة على أن يتحمل المتنازعون تكاليفها بما في ذلك نفقات السفر، ويتحمل المتنازعون هذه التكاليف بالتساوي مالم يتفقوا على غير ذلك.
كما تساعد الويبو المتنازعين في ترتيب خدمات الدعم الضرورية الأخرى من ترجمة وطباعة وخدمات السكرتارية وغيرها.
وحفظاً لحق الويبو وضماناً لحصوله على رسوم التسجيل فقد صرحت المادة (21) للمركز عدم مباشرة أي عمل بناء على طلب الوساطة إلى أن يتم دفع رسم التسجيل، فإذا تخلف الطرف الذي أودع طلباً للوساطة عن دفع رسم التسجيل في غضون 15 يوماً بعد تنبيه كتابي ثان من المركز، فإنه يعتبر ساحباً طلبه للوساطة، وإذا دفع الرسم فلا يكون قابلا للرد.
(ب)- أتعاب الوسيط:
يتولى مركز الويبو، بعد مشاورة الوسيط وطرفي النزاع، تحديد أتعاب الوسيط، والعملة التي تدفع بها، وطرق دفعها ومواعيدها، ويتم ذلك وفقاً لجدول الرسوم والأتعاب المطبق في تاريخ طلب الوساطة، مراعياً في ذلك مدى تعقد موضوع النزاع وقيمته المالية والوقت الذي يبذله سواء بالساعة أو باليوم.
فإذا تحتدت الأتعاب بالساعة، فتبلغ من 300 إلى 600 دولار أمريكي كحد أقصى عن كل ساعة. وإذا تحددت باليوم فتبلغ 1500 دولار أمريكي كحد أدنى عن كل يوم، 3500 دولار أمريكي كحد أقصى عن كل يوم.
(ج)- المصاريف الأدارية:
تشمل المصاريف الأدارية للوساطة، التي يتحملها أطرافها، نفقات تنقل الوسيط، ونفقات الخبرة إن وجدت، ونفقات الترجمة، وتكلفة أعمال السكرتارية، وغير ذلك من مصروفات ونفقات لازمة لإجراء الوساطة.
ملاحظات حول تحديد تكلفة الوساطة:
- تتحدد قيمة الوساطة بإجمالي قيمة المطالبات التي يتقدم بها أطراف الوساطة.
- إذا كانت قيمة النزاع أو المطالبات غير محددة بمبلغ نقدي، فإن الرسم الإداري يحدد مبدئياً بمبلغ قدره (1000$) قابل للتعديل بواسطة مركز الويبو بالتشاور مع أطراف النزاع والوسيط في ضوء ما يحدده المركز من قواعد لحساب هذه الرسوم، والظروف الملابسة للنزاع. لتحديد الرسوم الإدارية المستحقة عن الوساطة في المنازعات والمطالبات المقومة بعملات غير الدولار الأمريكي يتم تحديد قيمة هذه المطالبات بالدولار الأمريكي حسب سعر صرف الأمم المتحدة السائد في تاريخ تقديم طلب الوساطة.
- تخفض الرسوم الإدارية بنسبة 25% إذا كان أي من طرفي النزاع أو كليهما مخترعاً أو مقدماً لطلب تسجيل الاختراع، وفقاً لبيانات معاهدة التعاون الدولي في شأن براءات الاختراع (PCT).
الودائع:
أجازت المادة (23) للمركز أن يطالب كل من طرفي النزاع بإيداع مبلغ مالي كمقدم لتكاليف الوساطة، يتم الإنفاق منه في سداد اتعاب الوسيط وخدمات الوساطة، كما يجوز للمركز أن يطالب الطرفين بإيداع مبالغ أخرى اضافية إن لزم الأمر.
فإذا تخلف طرف عن إبداع المبلغ المطلوب منه في غضون 15 يوماً بعد تنبيه كتابي ثان من مركز الويبو، اعتبرت الوساطة منتهية، ويبلغ المركز ذلك للوسيط والطرفين بموجب إخطار كتابي .
مباشرة الوساطة:
يمكن إيجاز القواعد التي وضعها نظام الويبو لمباشرة الوساطة بالآتي :
- على الوسيط أن يضع في أقرب وقت ممكن بعد تعيينه وبمشاورة طرفي الوساطة جدول مواعيد بإجراءات الوساطة، ويكون هذا الجدول ملزما للطرفين.
- للوسيط أن يقترح تقديم أحد الطرفين ما بحوزته من معلومات أو مستندات اضافية يرى فائدتها في حل النزاع.
- لأي من الطرفين أيضاً أن يقدم في أي وقت إلى الوسيط معلومات أو مستندات كتابية يعتبرها سرية على أن ينظر فيها الوسيط وحده. ولا يجوز للوسيط في هذه الحالة أن يكشف عن تلك المعلومات أو المستندات للطرف الآخر من غير تصريح كتابي من الطرف الذي قدمها.
- للوسيط ان يتصل بأي من طرفي النزاع أو يجتمع به على انفراد، وعندئذ يلتزم الوسيط بعدم الكشف للطرف الآخر عن أية معلومات عن هذا الاتصال أو الاجتماع دون موافقة صريحة من مقدمها.
- على الوسيط تشجيع الطرفين على تسوية النزاع بالطريقة التي يراها مناسبة، ولكنه لا يملك سلطة فرض تسوية معينة عليهما دون رضاهما.
- للوسيط، إذا رأى عدم جدوى الوساطة لحل النزاع أو بعض موضوعاته، أن يقترح الوسائل التي يمكن أن تفيد في هذا الصدد، ومن هذه الوسائل.
أ- الأخذ برأي خبير في مسألة واحدة أو أكثر.
ب- اللجوء إلى التحكيم لفرض تسوية للنزاع بقرار ملزم للطرفين.
ج- تقديم كل طرف عروضاً أخيرة للتسوية، فإن لم تجد الوساطة يتم اللجوء إلى تحكيم خاص يقوم على أساس تلك العروض يحدد فيه المحكم العرض الذي تكون له الغلبة.
د- اللجوء إلى تحكيم خاص آخر يتفق فيه الطرفان صراحة على أن يتولاه الوسيط منفرداً، وأن تكون له سلطة الاعتداد بما تلقاه من معلومات في أثناء الوساطة.
ويلاحظ أن هذه الوسائل وغيرها مما يقترحه الوسيط لا تكون ملزمة، إلا إذا تم الاتفاق عليها بين الطرفين.
سرية إجراءات الوساطة:
حرص نظام الويبو للوساطة على كفالة سريتها، وذلك من خلال العديد من الإجراءات، نشير إليها في الآتي:
- أوجب نظام الويبو على كل من يشترك في الوساطة، أن يحترم سريتها، وحظر عليه أن يستمد أية فائدة من المعلومات المتعلقة بعملية الوساطة، كما حظر عليه أن يكشف عن المعلومات المتعلقة بالوساطة للغير، مالم يتم ذلك بموافقة الوسيط وطرفيها.
- وإعمالاً لسرية الوساطة أوجب النظام على كل من يشترك فيها أن يقدم تعهداً موقعاً منه بالتزامه بسرية الوساطة، على أن يقدم هذا الإقرار قبل مباشرتها.
- حظر الويبو تسجيل أي أجتماع من اجتماعات الطرفين والوسيط بأي شكل من الاشكال.
- أوجب نظام الويبو إتلاف أية ملاحظات يتم تسجيلها من أي شخص بشأن الاجتماعات المذكورة لدى انتهاء الوساطة.
- يتعين على كل من اشترك في الوساطة أن يرد عند انتهائها الوثائق والمستندات لمن قدمها، دون أن يحتفظ بأية نسخة عنها، ما لم يتفق على خلاف ذلك.
من ناحية أخرى، فقد حظرت المادة (17) من نظام الوساطة على الوسيط والطـرفين أن يتمسكوا، على سبيل الإثبات أو بأية طريقة أخرى في أي إجراء قضائي أو تحكيمي، بـأي مـن الأمور الآتية:
1. أي رأي يعبر عنه أحد الطرفين، أو اقتراح يتقدم به بشأن تسوية محتملة للنزاع.
2. أي إقرار يدلي به أحد طرفي النزاع في أثناء الوساطة.
3. أي عرض يطرحه الوسيط، أو أي رأي يعبر عنه.
4. إعلان أي من طرفي النزاع، أو عدم إعلانه، إستعداده لقبوله أي عرض للتسوية صادر عن الوسيط أو الطرف الآخر.
فكل من هذه الأمور يحظر الاستناد إليها قضائياً أو تحكيمياً، ما لم يتفق طرفا النزاع علـى غير ذلك.
- على مركز الويبو الاحتفاظ بسرية الإخطار الذي يرسله له الوسيط بإنتهاء الوساطة، ولا يكشف عن وجوده أو نتيجته لأي شخص من دون تصريح كتابي من طرفي الوساطة.
غير أن هذا الالتزام لا يحول دون قيام مركز الويبو للوساطة بإدراج معلومات عن الوساطة في أية إحصاءات شاملة ينشرها بشأن أنشطته شرط أن لا تكشف تلك المعلومات عن هويـة أي من طرفي الوساطة، أو تسمح بتحديد الظروف الخاصة بالنزاع.
إنتهاء الوساطة:
تنتهي الوساطة، وفقاً لما جاء في المادة (18) من نظام الويبو بتحقق أي من الأمور الآتية:
- توصل الطرفان إلى تسوية، كلية أو جزئية، على أن تتم كتابتها في عقد موقع منهما معاً.
- إقرار الوسيط أن الاستمرار في الوساطة لن يؤدي إلى تسوية النزاع.
- إعلان أحد طرفي الوساطة كتابة بانتهاء الوساطة، إذا جاء هذا الإعلان بعد حضور أول اجتماع للطرفين مع الوسيط، وقبل توقيع أي عقد للتسوية.
وعلى الوسيط عند إنتهاء الوساطة أن يخطر مركز الويبو كتابيـاً، دون تـأخير، بتـاريخ انتهائها، وما إذا ترتبت عليها تسوية كاملة أو جزئية أو لم تترتب عليها أية تسوية.
كما يجب عليه أن يرسل إلى كل من طرفي النزاع نسخة من هذا الإخطار.
المسؤولية المترتبة على الوساطة:
حرص نظام وساطة الويبو على النص في المادة (25) على عدم مسؤولية كل من الوسيط، ومركز التحكيم، والوساطة، والمنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) تجاه أي طرف عـن أي عمل أو إغفال مقترن بأي وساطة تباشر وفقاً لنظام الويبو. غير أن هذا الإعفاء يقتـصر علـى الأعمال التي تقع إهمالاً أو تقصيراً، ولكنها لا تمتد إلى الأخطاء التي ترتكب عمداً.
كما استبعدت المادة (26) المسؤولية عن التشهير والقذف المرتبط بالوساطة بنصها على أن لجوء الطرفين إلى نظام وساطة الويبو وقبول الوسيط تعيينه للوساطة بين الطرفين يعني موافقتهم جميعاً على الامتناع عن الاستناد إلى أية بيانات أو تعليقات كتابية أو شفوية يدلي بها، أو يستعملها الوسيط أو الطرفان أو ممثل أي منها في أثناء التحضير للوساطة، أو أثناء مباشرتها لإقامة دعوى تشهير أو قذف أو مساندتها، أو رفع أي تظلم مقترن بذلك أو مساندته، كمـا يوافـق الطرفـان والوسيط على أنه يجوز التمسك بهذه المادة للدفع بعدم سماع أي دعوى من ذلك القبيل.
أخيراً فقد رتبت المادة (27) على اللجوء إلى نظام الوساطة وقف سريان مدة التقادم المسقط للحق بالنسبة للنزاع محل الوساطة، ورتبت هذا الأثر من تاريخ الشروع في الوساطة وحتـى تاريخ إنتهائها، وذلك في حدود ما يسمح به القانون الواجب التطبيق على وقف سريان مدة التقادم.
الفرع الثاني: التحكيم
تمهيد :
يقوم تحكيم "الويبو" النافذ اعتباراً من أول أكتوبر عام 2002 على مجموعة مـن القواعـد والأحكام، تناولت التنظيم هيئة التحكيم وإجراءاتها، والقواعد المنظمة لمهمة التحكيم سواء تلـك القواعد الموضوعية أم الإجرائية، وقـرارات التحكـيم وتنفيذها، وتكلفـة التحكـيم، والمهـل والإخطارات.
ونقوم في ما يأتي ببيان القواعد والأحكام التي قررها نظام تحكيم الويبو لتنظيم موضوعات التحكيم المختلفة، كل منها في غصن مستقل.
الغصن الأول
هيئة التحكيم
أولا- إحالة النزاع إلى مركز الويبو للتحكيم والوساطة:
تحال المنازعات إلى مركز الويبو للتحكيم والوساطة بالاتفاق والتراضي بين الخصوم، ويتم ذلك بطلب للتحكيم يتقدم به أحد المتنازعين إلى مركز التحكيم، ويكون التاريخ الذي يتسلم فيه المركز طلب التحكيم هو تاريخ الشروع في مباشرة إجراءات التحكيم.
ولتسهيل لجوء طرفي النزاع للتحكيم وضع المركز عدة نماذج لصياغة بنود تعاقدية لإحالة المنازعات إليه، ويعمل بهذه النماذج سواء بالنسبة للمنازعات المستقبلية أو المنازعات القائمة.
واتفاق التحكيم يمكن أن يدرج في أحد العقود، كما يمكن أن يتم بصورة مستقلة، من ناحية أخرى، فإنه يمكن أن ينصب على نزاع معين، أو عدة نزاعات.
وفي جميع الحالات يخضع اتفاق التحكيم من حيث شكله وصحته ومحله للقانون الذي يطبق على موضوع النزاع.
ثانياً- تشكيل محكمة التحكيم:
يترك تشكيل محكمة أو هيئة التحكيم للمتنازعين - المحتكمين - الذين يكون لهم خيار تشكيلها من محكم واحد أو أكثر، حسب ما يتفقون عليه، فإذا اتفقوا على أكثر من محكم فيجب أن يكون عددهم وتراً، وغالباً ما يكون ثلاثة محكمين.
فإذا أخفق المتنازعون في الاتفاق على المحكمين خلال 45 يوماً بعد بداية التحكيم، قام مركز الويبو للتحكيم والوساطة بتحديد محكم واحد لتحكيم النزاع، إلا إذا استدعت ظروف النزاع عدداً أكثر فيحدده المركز بثلاثة محكمين.
1- المحكم الفرد:
إذا كان المحكم فرداً واحداً وتعذر اتفاق المتنازعين عليه خلال المدة التي حددها نظام الويبو للتحكيم، وهي 45 يوما، قام المركز بتعيينه، ويتم ذلك بإبلاغ المتنازعين بأسماء ثلاثة محكمين مستوفين الشروط التي يتطلبها المتنازعون فيهم، مع بيان مؤهلات وبيانات كل منهم، وعلى كل من المتنازعين تحديد من يرشحه للتحكيم بالترتيب الذي يراه.
فإذا لم يعترض أي من المتنازعين على المحكمين المرشحين، قام المركز بتعيين المحكم الذي يلبي رغبات المتنازعين، فإن تعذر ذلك قام المركز بتعيين محكم يختاره لنظر النزاع.
2- تعدد المحكمين:
إذا وجب تعيين أكثر من محكم، والغالب أن يكونوا ثلاثـة محكمـين، ولـم يتفـق المتنازعون على تحديدهم، كان على المدعي تعيين أحدهم في طلب التحكيم، وعلى المدعى عليه تعيين محكم آخر خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تسلمه طلـب التحكـيم، ويقـوم هـذان المحكمان بتعيين المحكم الثالث بالاتفاق فيما بينهما خلال عشرين يوماً من تـاريخ تبليغهم بذلك.
ويراعى في حالة توجيه طلب التحكيم إلى أكثر من مدعى عليه واحد أن يتم الاتفـاق فيمـا بينهم على محكم ثان واحد خلال ثلاثين يوماً من تبلغيهم طلب التحكيم، وإلا قام المركز بتعيـين المحكمين اللذين يتفقان فيما بينهما على تعيين المحكم الثالث الذي يرأس هيئة التحكيم.
الشروط الواجب توافرها في المحكم:
يتعين أن يتوافر في المحكم، الذي يختاره المتنازع أو يعينه مركز التحكيم، الشروط العامـة التي يجب توافرها في من يتولى مهمة التحكيم بـصفة عامـة، وهـي: الحيـاد، والاستقلالية، والموضوعية.
ويتعلق شرط الحياد بصلة المحكم بالنزاع الذي يعرض عليه، فيجب ألا تكون له صلة بهذا النزاع، لذلك فلا يجوز لأي من طرفي النزاع أن يكون حكماً فيه، كما لا يجوز لمن تكـون لـه مصلحة في النزاع أن يكون محكماً فيه.
أما شرط الاستقلال فيتعلق بانعدام علاقة المحكم بالخصوم بدرجة تجعله خاضعاً لتـأثيرهم عليه أو تأثيره عليهم، فلا يميل لأحد الخصوم، ولا يناهضه، لذلك يجب إلا يكون للمحكم علاقـة مالية، أو علاقة تبعية أو صداقة مع أحد الخصوم، ولا علاقة عداوة أو خصومة، وغير ذلك من العلاقات التي يكون من شأنها الانحياز لأحد الخصوم ضد خصم آخر، وهي العلاقات التي تجعله غير صالح لنظر النزاع، وقابلاً للرد.
بناء على ما سبق فلا يجوز أن يكون المحكم زوجاً أو قريباً أو صهراً لأحد طرفي نزاع التحكيم.
وإعمالاً لحياد المحكم واستقلاله فقد حظرت المادة (21) من نظام الويبو للتحكيم علـى المتنازعين والعاملين لحسابهم الاتصال بالمحكمين حتى قبل توليهم مهام التحكيم، ما لم يكن ذلك للتوثق من توافر شروط التحكيم فيهم من مـؤهلات واستقلال واستعـداد لتـولي التحكيم.
ومن ناحية أخرى، فيجب وفقاً للمادة (22) على كل من يرشح لتولي عملية التحكيم أن يكشف كتابة قبل قبوله مهمة التحكيم لطرفي النزاع ولمركز التحكيم عن أية علاقة أو ظرف يثير الشك نحو حياده واستقلاله أو ينفي وجود ذلك. كما يتعين عليه إذا طرأ ذلك بعد تعيينه أن يبادر دون أبطاء بإبلاغ المركز.
أما عن جنسية المحكم، فإذا اتفق المتنازعون عليها، فإن المركز يتقيد بهذا الاتفاق، فإن لم يتفقوا قام المركز بتعيين المحكم، أو الرئيس بحسب الأحوال، الذي يجب أن يكون من غير جنسية المتنازعين، وذلك مالم تكن الشروط والمؤهلات الواجب توافرها فيه لا تتحقق إلا لدى مواطني أحد الخصوم.
رد المحكم وعزله وتبديله:
وضع نظام الويبو قواعد تفصيلية تتعلق برد المحكم أو المحكمين (المواد من 24 إلى 29)، وعزلهم (المواد من 31 إلى 34)، وتخلّف المحكم عن مهمة التحكيم (المادة 34) كما نظم الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم، (المادة 36). ونبين، في ما يأتي، هذه الأحكام بقدر من الإيجاز:
(أ) - رد المحكم:
قد يثور الشك لدى أي من المتنازعين المحتكمين حول حياد واستقلال أحد المحكمين لذلك أجاز نظام تحكيم الويبو رد هذا المحكـم وفق الإجراءات الآتية:
- يقدم بالرد وأسبابه طلباً من أحد المحتكمين إلى كل من المركز وهيئة التحكيم والمحتكم الآخر خلال خمسة عشر يوماً بعد إخطاره بتعيين ذلك المحكم، أو بعد أن يدرك الظروف التي يرى أنها تثير شكوكاً لها ما يسوغها بشأن حياد المحكم واستقلاله.
- للمحتكم الآخر أن يرد على طلب رد المحكم في غضون خمسة عشر يوماً بعد تسلمه الإخطار بطلب الرد، ويرسل رده إلى كل من المركز وطالب الرد والمحكمين.
- لمحكمة التحكيم، في ضوء أسباب الرد، ووفقاً لسلطتها التقديرية، أن توقف إجراءات التحكيم، أو تواصل النظر فيها في أثناء النظر في طلب الرد.
- إذا قبل الطرف الآخر طلب الرد، أو أنسحب المحكم المطلوب رده طواعية، تعين في الحالتين تعيين محكم آخر بديلاً منه، وفي هذه الحالة لا تكون هناك حاجة للبحث في طلب الرد، ولا يتضمن ذلك إقراراً بصحة أسباب طلب الرد.
- أما إذا لم يتحقق أي من الفرضين السابقين، موافقة الطرف الآخر على الرد، أو أنسحاب المحكم المطلوب رده، تعين على المركز أن يبت طلب الرد وفقا لنظامه الداخلي.
إعفاء المحكم من التحكيم:
نظمت المواد من (30 – 32) من نظام التحكيم إعفاء المحكم من مهمة التحكيم، ويكون ذلك إما بناء على طلبه أو باتفاق الطرفين، أو بمبادرة من مركز التحكيم، وذلك على الوجه الآتي:
- إذا كان طلب الإعفاء من المحكم نفسه فيجب موافقة الطرفين على ذلك.
- إذا كان الإعفاء باتفاق الطرفين فيجب إخطار المركز بذلك الإعفاء دون إبطاء.
- للمركز أن يبادر باعفاء المحكم دون حاجة إلى طلب من المحكم نفسه، ودون حاجة لاتفاق الطرفين، وذلك في الحالتين الآتيتين:
الحالة الأولى:
إذا لم يعد المحكم قادراً قانوناً أو واقعياً على أداء واجباته في التحكيم.
الحالة الثانية:
إذا امتنع المحكم عن أداء واجبات التحكيم، وفي هذه الحالة يحق لأي من الطرفين المحتكمين إبداء وجهة نظره في موضوع الإعفاء.
وفي هاتين الحالتين تطبق الاحكام الخاصة برد المحكم التي نظمتها المواد من 26 إلـى 29 من نظام التحكيم، ومع مراعاة تعيين محكم آخر بديلاً من المحكم الذي يتم إعفـاؤه مـن التحكيم.
تبديل المحكم:
وضع نظام الويبو بعض القواعد التي تتبع في حال تبديل أحد المحكمين، نوجزها في الآتي:
- يجوز عند تعيين المحكم بداءة تحديد محكم آخر بديل يتولى مهماته في حال رد المحكم الأصلي، أو إعفائه من مهماته.
- في حال عدم إقتران تعيين المحكم بتعيين محكم آخر بديلاً منه يكون تعيين المحكم البديل وفقاً للإجراءات التي نظمتها المواد من 26 إلى 29 التي سبق أن وضحناها.
- إذا كانت أسباب رد المحكم معروفة لدى الطرف الذي عينه، أو كان يجب عليه أن يعرفها وقت تعيينه، جاز للمركز عدم السماح لذلك الطرف بتعيين محكم بديل، على أن يقوم المركز بهذا التعيين.
كما يطبق هذا الحكم إذا جاء إعفاء المحكم من مهمته من المركز إثر عدم موافقة أحد الطرفين على طلب الرد المقدم من الطرف الآخر، ولم ينسحب المحكم المطلوب رده من تلقاء نفسه.
- توقف إجراءات التحكيم إلى أن يتم تبديل المحكم مالم يتفق الطرفان المتنازعان على خلاف ذلك.
- في حال تعيين محكم بديل يترك لمحكمة التحكيم تقرير ما إذا كان عليها إعادة سماع كل الأقوال التي سبق سماعها، أو بعضها أو عدم الحاجة الى ذلك.
تخلف المحكم عن مهمة التحكيم:
إذا تخلف أحد المحكمين عن القيام بواجباته في أعمال التحكيم دون عذر معقول، وبعد إخطاره من المحكمة، كان للمحكمين الآخرين، وفقاً لسلطتهم التقديرية، اتخاذ أي من الخيارين الآتيين:
الأول- مواصلة المحكمين الآخرين إجراءات التحكيم دون اشتراك المحكم المتخلف، ومن ثم اتخاذ ما يريانه من إجراءات أو قرارات، وإصدار قرار التحكيم.
الثاني- التوقف وعدم مواصلة إجراءات التحكيم دون إشتراك المحكم الثالث، وعندئذ يتولى المركز تعيين محكم بديل له، وذلك ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك، كأن يعهدا إلى المحكمين تعيين المحكم البديل. ،
وعلى المحكمين عند الاختيار بين الخيارين السابقين مراعاة المرحلة التي بلغها التحكيم، والسبب الذي أدى المحكم الثالث إلى تخلفه عن التحكيم إن وجد، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بموضوع النزاع ومدى تقدم إجراءاته.
غير أن الخيارين السابقين يفترضان عدم تقدم أي من طرفي النزاع بطلب لإعفاء المحكم المتخلف عن عملية التحكيم، وفقاً للمادة (32)، وعندئذ تطبق الإجراءات الواجب اتخاذها السابق الإشارة إليها.
الدفع بعدم اختصاص محكمة التحكيم:
خولت المادة (36) من نظام الويبو محكمة التحكيم سلطة بت الدفوع المتعلقة باختصاصها في نظر النزاع المعروض عليها، وكذلك شكل اتفاق التحكيم أو صحته أو محله، وصحة شرط أو بند التحكيم، وصحة العقد الذي أدرج فيه هذا البند.
ولا يحول الدفع بعدم الاختصاص دون متابعة المركز إجراءات التحكيم.
ثالثاً- سلطات محكمة التحكيم:
تملك محكمة التحكيم اتخاذ ما تراه لازماً من الإجراءات لإنجاز مهمتها وإصدار قرارها في النزاع المعروض عليها، من هذه الإجراءات:
عقد اجتماع تمهيدي مع طرفي النزاع بغرض تنظيم إجراءات عملها، وإعداد جدول لمواعيدها.
- إصدار الأوامر المؤقتة وغيرها من التدابير التي ترى ضرورتها للمحافظة على السلع المتنازع عليها، ولها بصفة خاصة إيداعها لدى الغير، أو بيعها في حال قابليتها للتلف السريع .
وللمحكمة أن تشترط على طالب هذه الإجراءات تقديم كفالة مناسبة لاتخاذ تلك التدابير .
- إصدار أمر، بمبادرة منها أو بناء على طلب أحد طرفي النزاع، بتقديم الطرف الآخر ما تراه ضرورياً أو مناسباً من الوثائق وغيرها من الأدلة.
- إصدار أمر لأحد الطرفين بأن يضع تحت تصرفها أو تحت تصرف خبير، أو تحت تصرف الطرف الآخر أي مال في حيازته أو تحت مراقبته، بغرض معاينته أو اختباره.
- إجراء المعاينات والزيارات الميدانية.
- تعيين الخبراء واستجوابهم .
- الحكم بأن يدفع أحد الطرفين فائدة بسيطة أو مركبة على أي مبلغ محكوم به على ذلك الطرف، ولها حرية تحديد سعر الفائدة الذي تراه مناسباً دون أن تكون ملزمة بأسعار الفائدة القانونية، ولها أيضاً تحديد الفترة التي تدفع عنها الفائدة التي تحكم بها.
الغصن الثاني: إجراءات التحكيم
أولاً- القواعد المنظمة لطلب التحكيم:
تبدأ إجراءات التحكيم بوصول طلب التحكيم الذي يتقدم به أحد الخصوم إلى مركز الويبو للتحكيم، ووفقاً للمادة (7) من نظام الويبو للتحكيم يتعين إبلاغ صورة عن طلب التحكيم إلى المدعى عليه.
ويجب أن يكون طلب التحكيم مستوفياً الشروط الشكلية المتعارف عليها، وبصفة خاصة أن يتضمن إخضاع التحكيم لنظام الويبو للتحكيم، وأسماء الخصوم وعناوينهم، وأسماء وعناوين وكلائهم إن وجدوا. كما يجب أن يتضمن الطلب موجزاً للنزاع، وطلبات المدعي وتسمية المحكم، وبيان وجهة نظره في هذا الصدد.
وعلى المدعى عليه، وفقاً للمادة (11) من النظام، إبلاغ كل من المدعي ومركز التحكيم والوساطة رده على طلب التحكيم خلال (30) يوماً من تبلغه إياه متضمناً دعواه المتقابلة، وطلب المقاصة عند الاقتضاء مع تضمينه البيانات المنصوص عليها في طلب التحكيم.
كما يقع على المدعى عليه تقديم مذكرة جوابية على مذكرة المدعي، مرفقاً بها المستندات المؤيدة في حال تبليغه بمذكرة المدعي قبل تشكيل هيئة التحكيم، وذلك مالم يؤثر تقديمها بعد ذلك في الإجراء.
وقد أوجب نظام تحكيم الويبو اختتام إجراءات التحكيم خلال مدة أقصاها تسعة أشهر من تاريخ تقديم المدعى عليه مذكرته الجوابية أو تشكيل هيئة التحكيم أيهما أحدث. فإن تعذر ذلك وجب على الهيئة خلال المدة المذكورة، وكلما مضت ثلاثة أشهر أخرى لاحقة، موافاة مركز التحكيم والوساطة، والمتنازعين بتقرير حول وضع التحكيم.
ويجب أن يصدر حكم المحكمة النهائي بمجرد اختتام إجراءات التحكيم، وبحد أقصى خلال ثلاثة أشهر، وإلا تعين على الهيئة أن توافي المركز، وكذلك المتنازعين، بمذكرة توضح أسباب التأخير، كما يقع عليها موافاة المركز بمذكرة مماثلة بنهاية كل شهر لاحق لتلك المدة إلى أن يصدر الحكم .
ثانياً- مكان التحكيم:
يجري التحكيم في المكان الذي يتفق عليه المتنازعون-المحتكمون- فإذا لم يتفقوا على مكان معین تولى مركز الويبو، بعد التشاور مع الخصوم ومراعاة ظروف النزاع، تحديد هذا المكان، كما يجوز لمحكمة التحكيم بعد التشاور مع المحتكمين عقد جلسات التحكيم في أي مكان يرونه مناسباً، ويعد الحكم صادراً في مكان التحكيم.
ثالثاً- لغة التحكيم:
تتحدد لغة التحكيم وفقاً لما يتفق علي المتنازعون، فإذا لم يتفقوا على لغة معينة اعتمدت اللغة التي صدر فيها اتفاق التحكيم. وإذا قدمت الى هيئة التحكيم مستندات أو مذكرات مكتوبة بغير لغة التحكيم، فللهيئة طلب تقديم ترجمة لها – كليـة أو جزئيـة – إلـى لغـة التحكـيم المعتمدة .
رابعاً- الإخطارات والمواعيد :
أوجب نظام الويبو للتحكيم أن تتم الإخطارات والإشعارات كتابة، وأن تسلم عن طريق البريد السريع أو عن طريق التلكس أو الفاكس أو البريد الإلكتروني، أو غير ذلك من طريق الاتصال الأخرى المنصوص عليها باتفاق التحكيم، وإلا فوفقاً لما هو متبع بين طرفي النزاع.
وتتم الإعلانات والإخطارات في محل إقامة الطرف المعلن إليه، أو في مكـان عملـه المبين بالطلب المقدم منه، ويعد آخر محل إقامة أو مكان عمل معروف عنواناً صحيحاً لتوجيه الإخطارات، والإشعارات، مالم يخطر صاحبه المركز أو محكمة التحكيم بتغيير هذا العنوان.
حساب المواعيد :
يبدأ حساب المهل والمواعيد التي تحدد للإخطارات، واتخاذ الإجراءات من اليوم التالي لتاريخ تسليم الإخطارات أو الإعلانات.
فإذا كان اليوم الأخير، في المهلة أو المدة المحددة لاتخاذ إجراء ما، عطلة عمل في مكان الإقامة أو محل العمل، أمتدت المدة حتى أول يوم عمل لاحق لانتهاء المدة المحددة.
ويدخل في حساب المهلة ما يتخللها من أيام عطل رسمية أو تعطيل للعمل.
جواز الاتفاق على تعديل المدد:
حدد نظام الويبو في بعض نصوصه مواعيد معينة لاتخاذ بعض الإجراءات التي نص عليها في هذه النصوص، ولكنه أجاز في مادته الرابعة لطرفي النزاع الاتفاق على تعديل بعض هذه المدد بتقليصها أو تمديدها، كما أجاز للمركز سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أحد طرفي النزاع أن يمدد بعض هذه المدد، وذلك على الوجه الآتي:
(أ) المدد التي يجوز لطرفي النزاع تقليصها أو تمديدها:
1. المدة التي يتعين على المدعى عليه أن يوجه خلالها الرد على طلب التحكيم إلى مركز الويبو والمدعي، وهي (30) يوماً تبدأ من تاريخ تسلم المدعى عليه طلب التحكيم
2. المدة التي يتعين أن يتم خلالها تشكيل محكمة التحكيم، وهي (45) يوماً بعد الشروع في التحكيم .
3. المدة التي يتعين خلالها تعيين المحكم المنفرد أو الوحيد، وهي (30) يوماً بعد الشروع في التحكيم، أو أية مدة أخرى يتفق عليها طرفا النزاع.
4. المدة التي يتعين على المدعى عليه أن يعين خلالها المحكم الثاني، وهي (30) يوماً لاحقة على تسلمه طلب التحكيم.
5. المدة التي يقوم خلالها المحكمان المعينان من طرفي النزاع تعيين المحكم الثالث الذي يتولى رئاسة محكمة التحكيم، وهي (20) يوماً لاحقة لتعيين المحكم الثاني .
6. المدة التي يعين خلالها المدعي أحد المحكمين الثلاثة الذين تتشكل منهم محكمة التحكيم، وهي (15) يوماً لاحقة لتسلمه إخطاراً من المركز بالبدء في تشكيل محكمة التحكيم .
7.المدة التي يعين المدعى عليه خلالها المحكم الثاني في محكمة التحكيم، وهي (30) يوماً لاحقة لتسليمه إخطاراً من مركز الويبو البدء في تشكيل المحكمة.
8. المدة التي يعين خلالها المحكمان المعينان من طرفي النزاع المدعي والمدعى عليه، المحكم و الثالث الذي يتولى رئاسة محكمة التحكيم، وهي (20) يوما لاحقة لتعيين المحكم الثاني .
9. المدة التي يتعين على المدعى عليهم المتعددين تعيين المحكم الثاني خلالها، وهي (30) يوماً لاحقة لتسلمهم طلب التحكيم.
10. المدة التي يتعين على مركز الويبو أن يعين خلالها المحكم الثالث الذي يتولى رئاسة محكمة التحكيم، وذلك في حالة مضي (30) يوماً على تسليم المدعى عليهم طلب التحكيم دون أن يعينوا المحكم الثاني .
11. المدة التي يبدي خلالها طرفا النزاع الرأي في قائمة أسماء المحكمين المسلمة اليهما من مركز التحكيم والتأشير عليها باللازم، وهي المدة التي حددتها المادة (19) بعشرين يوماً بعد تسليم القائمة المذكورة .
12. المدة التي يتعين على المدعي أن يرسل خلالها بيان الدعوى إلى المدعى عليه وإلى محكمة التحكيم، وهي (30) يوماً بعد تسلمه إخطار مركز الويبو البدء في تشكيل محكمة التحكيم.
13. المدة التي يتعين على المدعى عليه أن يرسل خلالها بيان دفاعه إلى المدعي وإلى محكمة التحكيم، وهي (30) يوماً بعد تسليم المدعى عليه بيان الدعوى، أو بعد تسلمه إخطاراً من المركز بإنشاء محكمة التحكيم.
(ب) المدد التي يجوز تمديدها من مركز الويبو:
خولت المادة الرابعة من نظام تحكيم الويبو للمركز أن يمدد فقط وليس يطيل المدد المحددة في نظام التحكيم، وتشمل هذه المدد مجموعتين على الوجه الآتي:
المجموعة الأولى:
تشمل بعض المدد التي يجوز لطرفي النزاع الاتفاق على تعديلها على الوجه الذي أوضحناه في البند (1) السابق عرضه.
وتتضمن هذه المجموعة المدد التي ذكرناها في البنود من (1) إلى (12) فنحيل إليها، مع ملاحظة أن سلطة المركز تقتصر فقط على جواز تمديد هذه المدد، ولا تشمل تقصيرها.
(ب) المجموعة الثانية:
نظمت هذه المجموعة من المدد التي يجـوز لمركـز الويبـو تمديـدها المـواد (67/د)، (68 هـ)، (70 / هـ)، ونقوم بتوضيحها في الآتي:
1- المدة التي يحق لمركز الويبو بانقضائها أن يعتبر أن المدعي قد سحب طلب التحكيم، وهي التي حددتها المادة (67/ د) بخمسة عشر يوماً بعد التنبيه الكتابي الموجه من المركز إلى المدعي الذي يتخلف عن سداد رسم التسجيل به.
2- المدة التي يجوز لمركز الويبو بانقضائها أن يعتبر أن الطرف الذي تخلف عن سداد الرسوم الإدارية قد سحب طلبه أو طلبه المقابل أو الزيادة في طلبه أو في طلبه المقابل، بحسب الاحوال، وهي (15) يوماً بعد التنبيه الكتابي الثاني الذي يرسله المركز للطرف المتخلف.
3 - المدة التي يحق لمركز الويبو بانقضائها أن يعتبر أن المتخلف من طرفي النزاع عن سداد المبالغ المستحقة عليه أنه قد سحب طلبه أو طلبه المقابل، وهي خمسة عشر يوماً بعد التنبيه الكتابي الثاني الموجه من المركز .
الغصن الثالث: قواعد التحكيم
نقصد بقواعد التحكيم القواعد القانونية التي تطبق على عملية التحكيم سواء من الوجهة الموضوعية، أي: القواعد القانونية الموضوعية التي يتم بمقتضاها حل النزاع تحكيمياً، أو من الوجهة الإجرائية، أي: القواعد القانونية الإجرائية التي تنظم عملية التحكيم، ونبين في ما يأتي القانون الذي يطبق في الحالتين.
أولاً- القانون المنظم لإجراءات التحكيم ( القواعد الإجرائية):
الأصل أن تخضع إجراءات التحكيم للقانون الساري في المكان الذي يجري فيه التحكيم، لكن يجوز للمتنازعين الاتفاق على خلاف ذلك في حدود ما يسمح به القانون المذكور ، فإذا اتفق المحتكمون على تطبيق الإجراءات التي وضعها نظام الويبو للتحكيم فهي التي تطبق، وإن تعدلت هذه الإجراءات لاحقا، فإن القواعد التي كانت سارية بتاريخ بدء التحكيم هي التي يعتد بها، مالم يتفق المحتكمون على غير ذلك .
ثانياً- قانون حل النزاع (القواعد الموضوعية):
وفقاً للمادة (59) من نظام التحكيم تلتزم هيئة التحكيم في حلها النزاع القواعد القانونية التي يتفق عليها المحتكمون، ولا تطبق عندئذ قواعد تنازع القوانين من حيث المكان التي ينص عليها قانون البلد الذي أتفق عليه المحتكمون.
فإذا لم يتفق المحتكمون على قانون معين يطبق على النزاع، قامت هيئة التحكيم بتحديد القانون المطبق، مراعية في ذلك ما قد يوجد من أعراف تجارية.
ويلاحظ أنه يجوز لأطراف النزاع أن يفوضوا هيئة التحكيم التي تنظر النزاع بالصلح، وعندئذ يجوز لهذه الهيئة عدم التقيد بالقواعد القانونية الموضوعية التي تحكم النزاع.
الغصن الرابع: القواعد المنظمة لقرارات التحكيم
وضع نظام الويبو بعض القواعد المنظمة لإصدار قرارات التحكيم وتصحيحها، وتنفيذها، نبينها على الوجه الآتي:
أولاً- صدور قرارات التحكيم:
نوجز في ما يأتي القواعد المنظمة لإصدار قرارات التحكيم:
(أ) وفقاً للمادة (61) تتخذ المحكمة قرارات التحكيم في حال تعدد المحكمين بالأغلبية ما لم يتفق الاطراف على خلاف ذلك.
فإذا تعذرت الاغلبية يتخذ القرار المحكم الذي يتولى رئاسة محكمة التحكيم.
(ب) يصدر قرار التحكيم كتابة، متضمناً تاريخ إصداره ومكان التحكيم.
(ج) يجب أن يبين قرار التحكيم الأسباب التي يستند إليها، مالم يتفق الطرفان على عدم تسبيبه، ولم يكن القانون الواجب التطبيق على التحكيم يستوجب أن يكون القرار مسبباً.
(د) يوقع قرار التحكيم المحكم (الفرد) أو المحكمون في حال تعددهم، فإذا تعذر ذلك يكفي توقيع أغلبية المحكمين، أو توقيع المحكم الذي يتولى رئاسة محكمة التحكيم، ويجب أن يتضمن قرار التحكيم سبب تخلف أحد المحكمين عن التوقيع عليه.
(هـ) يجب تسليم نسخة أصلية من قرار التحكيم لكل طرف في التحكيم، وللمحكم أو المحكمون، ولمركز التحكيم.
(و) وفقاً للفقرة (ز) من المادة (62) يجب أن يصدر قرار التحكيم خلال مهلة لا تزيد على ثلاثة أشهر بعد إعلان اختتام الإجراءات التي يجب أن تتم خلال مهلة لا تزيد على تسعة أشهر بعد تسليم بيان الدفاع أو إنشاء محكمة التحكيم أيهما يقع لاحقاً.
ثانياً- جواز إصدار قرار تحكيم إضافي:
يجوز لأي من طرفي التحكيم أن يطلب من محكمة التحكيم أن تتخذ قرار تحكيم اضافياً في شأن طلبات مقدمة في أثناء إجراءات التحكيم لم يتناولها قرار التحكيم.
ويتم ذلك بإخطار يوجه إلى محكمة التحكيم في غضون 30 يوما بعد تسليم قرار التحكيم.
فإذا رأت المحكمة إن للطلب ما يسوغه، فإنها تبيح للطرفين فرصة سماع أقوالهما، ثم تتخذ قرارها في غضون 60 يوماً اعتباراً من تسلم الطلب، متى أمكن ذلك في حدود المعقول.
ثالثاً- تصحيح قرار التحكيم:
وفقاً للمادة (66) من نظام تحكيم الويبو يكون تصحيح الأخطاء الكتابية أو المطبعية أو الحسابية بناء على طلب يقدم من أي من طرفي النزاع إلى محكمة التحكيم في غضون 30 يوماً بعد تسليم قرار التحكيم.
ويتم التصحيح من المحكمة في غضون 30 يوماً بعد تسليم الطلب، في شكل مذكرة منفصلة وموقعة من المحكمة، ويصبح هذا التصحيح جزءاً من قرار التحكيم.
كما يجوز للمحكمة أن تصحح الخطأ من تلقاء نفسها في غضون 30 يوماً بعد تاريخ قرار التحكيم.
رابعاً- تنفيذ قرارات التحكيم:
إعمالاً لاتفاقية الأمم المتحدة لسنة 1958 في شأن الاعتراف بقرارات التحكيم الأجنبية وتنفيذها "اتفاقية نيويورك" فإن أحكام وقرارات التحكيم تكون من حيث تنفيذها على قدم المساواة مع أحكام المحاكم الوطنية دون حاجة إلى إعادة نظر موضوع الدعوى، حتى لا يترتب على ذلك ابتسار إنفاذ قرارات التحكيم في الخارج.
وبالتطبيق للاتفاقية المذكورة فإن حكم التحكيم يكون ملزماً ونافذاً بمجرد تبليغه للمحتكمين، ومن ثم فإنهم يصبحون بمجرد تبنيهم لنظام الويبو للتحكيم – ملزمين بتنفيذ الحكم الصادر من القضاء، مع مراعاة ما قد يقضي به القانون الذي ينظم إجراءات التحكيم.
الغصن الخامس: تكلفة التحكيم
تتمثل تكلفة التحكيم الخاضع لنظام الويبو في ثلاثة عناصر هي:
1- رسم التسجيل بمركز الويبو للتحكيم والوساطة.
2- الرسوم الإدارية مقابل الخدمات الإدارية والتنظيمية، وأعمال السكرتارية التي يقدمها مركز الويبو لإنجاز مهمة التحكيم.
3- أتعاب المحكم أو المحكمين، في حال تعدادهم، نظير قيامهم بنظر النزاع، وتتوقف هذه الأتعاب على عدة عوامل منها: القيمة المالية للنزاع، ومدى تعقده أو سهولته، ومن ثم، الجهد المبذول في التحكيم، وموقف الطرفين وسلوكهم تجاه النزاع ونظره.
ويقوم مركز الويبو بتقدير هذه الاتعاب بالتشاور مع المحكم وطرفي النزاع، وتقوم محكمة التحكيم بتحديدها في قرار تحكيمها.
- وإلى جانب عناصر التكلفة المعتادة المشار إليها بالبنود الثلاثة السابقة، فإذا احتاجت مهمة التحكيم إلى الخبرة فيكون لها أتعابها الخاصة، التي يحددها المركز في كل حالة على حدة، آخذاً في الاعتبار الظروف الخاصة بكل منها.
ونوضح فيما يأتي تكلفة التحكيم بعناصرها الثلاثة المعتادة في كل من التحكيم المعتاد والتحكيم المعجل، ثم نوضح تكلفة الخبرة.
أولاً- تقدير تكلفة التحكيم:
يوضح الجدول الآتي المبالغ المستحقة عن التحكيم الخاضع لمركز الويبو بعناصرها الثلاثة: رسم التسجيل، والمصاريف الإدارية، وأتعاب المحكم، في كل من التحكيم العادي والتحكيم المعجل.
بيان بتكلفة التحكيم العادي والمعجل
ملاحظات بشأن تقدير تكلفة التحكيم:
1- كل المبالغ المستحقة عن التحكيم بعناصرها الثلاثة مقدرة بالدولار الأمريكي.
2- يمكن لمركز الويبو أن يخفض بعض المبالغ المستحقة عن التحكيم في الحالات التي يلجأ فيها طرفا النزاع إلى وساطة المركز في النزاع ذاته.
3- يقوم المركز، قبل تشكيل محكمة التحكيم، وبالتشاور مع المحكم وأطراف النزاع، بتحديد أتعاب التحكيم بالساعة أو اليوم مراعيا في ذلك المدة التي يتوقع أن تستغرقها مهمة التحكيم، وظروف النزاع ومدى تعقده، وعدد أطرافه، وما قد يتطلبه التحكيم من مؤهلات خاصة في المحكم.
4. يقوم المحكم بإعداد سجل مفصل للأعمال المنجزة في مهمة التحكيم، والوقت الذي استغرقته، ويقع عليه بعد انتهاء التحكيم تزويد كل من أطراف النزاع والمركز نسخة من السجل المذكور "فاتورة" بأتعابه.
5- يتولى مركز الويبو، بالتشاور مع أطراف النزاع ومحكمة التحكيم، بتحديد المبلغ النهائي الذي يستحقه المحكم، أو كل محكم في حال تعددهم، مراعياً في ذلك الظروف المحيطة بالنزاع، وسرعة إنجاز التحكيم،
6- لتحديد تكلفة التحكيم من رسوم وأتعاب عن المطالبات المقومة بعملات غير الدولار الأمريكي، يتم تقويمها بهذه العملة – الدولار الأمريكي- بحسب سعر صرف الأمم المتحدة السائد في تاريخ التقدم بطلب التحكيم.
7- يجب، عند احتساب تكلفة التحكيم، اضافة الطلبات المقابلة إلى المبالغ المطالب بها ابتداء.
8- يطبق على التحكيم المعجل الملاحظات المذكورة في البنود 2، 3، 5 ، 6.
9- إذا كان أحد طرفي التحكيم أو كلاهما مخترعاً، أو تقدم بطلب تسجيل اختراع وفقاً لمعاهدة التعاون الدولي في شأن براءات الاختراع "PCT" يخفض مركز الويبو 25% من رسوم التسجيل والرسوم الإدارية المستحقة أصلاً.
10- في الحالات التي يلجأ فيها المتنازعون إلى نظام تحكيم آخر غير نظام الويبو، فإن المركز يستحق مقابلاً عن الخدمات التي يقدمها للمتنازعين، كالتوصية بمحكم معين، أو تقديم بيانات عنه.
سداد تكلفة التحكيم:
يتم سداد الرسوم وغيرها من تكاليف التحكيم عن طريق تحويلات مصرفية أو شيكات بنكية بالدولار الأمريكي، باسم المنظمة العالمية للملكية الفكرية، مركز التحكيم والوساطة، مع ملاحظة أن نفقات السداد يتحملها الطرف المسدد.
ثانياً- تكلفة الخبرة:
تتمثل تكلفة الخبرة التي تتم عن طريق مركز الويبو للتحكيم في الرسوم الإدارية والخدمية التي يستحقها المركز، وأتعاب الخبير الذي يقوم بمهمة الخبرة.
ويتولى مركز الويبو، بالتشاور مع أطراف النزاع، وبالاعتداد بالظروف الخاصة بكل نزاع، تحديد تكلفة الخبرة في كل حالة على حدة، وفقاً للقواعد الآتية:
(أ) – الرسوم الإدارية:
يتم تقدير الرسوم الإدارية التي يستحقها مركز الويبو نظير أعمال الخبرة بواقع 0.01% من قيمة تقرير الخبرة "Expert Determination" وبحد أقصى قدره 10000 (عشرة آلاف) دولار أمريكي.
فإذا لم يكن موضوع الخبرة أو المسائل المطلوب الخبرة بشأنها محددة بمبلغ نقدي، فإن الرسوم الإدراية تحدد بمبلغ 1000 دولار أمريكي، يكون قابلاً للتعديل وإعادة النظر فيه من المركز بالتشاور مع الخبير وأطراف النزاع.
(ج) - أتعاب الخبير:
تحدد اتعاب الخبير بمبلغ يتراوح من 300 إلى 600 دولار أمريكي عن الساعة، أو من 1500 إلى 3500 دولار أمريكي عن كل يوم خبرة، مع الأخذ في الاعتبار القيمة الإجمالية لموضوع الخبرة والمطالبات المقدمة بشأنه.
ملاحظات بشأن تكلفة الخبرة:
- يحدد مركز الويبو للتحكيم والوساطة بالتشاور مع أطراف النزاع والخبير أتعاب هذا الأخير بالساعة أو في اليوم، حسب الحالات بمراعاة الظروف الخاصة بكل نزاع، وقيمته، ومؤهلات الخبير، وأتعاب المثل، وغير ذلك من الظروف المحيطة ذات الصلة.
- يعد الخبير سجلاً مفصلاً ودقيقاً بالأعمال التي أنجزها والوقت الذي بذل لها، وما قد يكون قد انفقه من مصروفات في سبيل إنجاز أعمال الخبرة، ويقوم الخبير بإرسال نسخة مـن السجل المذكور لكـل من أطراف النزاع ومركـز الويبو، مرفقا بهـا بيـان "فـاتورة" بأتعابه.
- يطبق في شأن تكلفة الخبرة الملاحظات التي سبق لنا ذكرها في شأن تكلفة التحكيم في البنود الآتية:
• البند رقم (6) الخاص بتقدير المبالغ المستحقة بالدولار الأمريكي.
• البند رقم (9) الخاص بتخفيض قدره 25% للمخترع أو لمن تقدم بطلب لتسجيل اختراع، وفقاً للمعاهدة الدولية بشأن براءات الاختراع PCT.
ثالثا- قرار المحكمة بتكلفة التحكيم:
وفقاً للمادة (17) من نظام تحكيم الويبو يجب على محكمة التحكيم أن تحـدد، فـي قـرار التحكيم الذي تصدره ، تكلفة هذا التحكيم متضمناً العناصر الآتية:
1- أتعاب المحكم أو المحكمين في حال تعددهم.
2- مصروفات التنقل والاتصالات، وغيرها من مصروفات لازمة أنفقها المحكمـون، دون أن يكونوا ملتزمين بها شخصياً.
3- تكاليف الخبرة وغيرها من المساعدات التي تقتضيها مهمة التحكيم وفقا لنظام الويبـو للتحكيم.
وتتولى محكمة التحكيم توزيع تكاليف التحكيم ورسوم التسجيل بمركز الويبو للتحكيم، والمصروفات الإدارية التي يستحقها، بين طرفي النزاع في ضوء الظروف المحيطة بالنزاع، ونتيجة تحكيمه، مع مراعاة ما قد يكون هناك من اتفاقيات خاصة بين طرفي النزاع في هذا الشأن".
وأجازت المادة (72) لمحكمة التحكيم أن تأمر أحد الطرفين في قرار تحكيمها بتسديد كل المصروفات المعقولة أو بعضها مما تحمله الطرف الآخر بصدد عرض النزاع للتحكيم، وتشمل هذه المصروفات تكلفة وأتعاب ممثليه القانونيين والشهود، مع مراعاة ما قد يكون هناك اتفاقيات خاصة بين الطرفين، وفي ضوء الظروف المحيطة بالنزاع ونتيجة تحكميه.
الفرع الثالث: التحكيم المعجل
نظمت الويبو، إلى جانب التحكيم العادي الذي عرضنا أحكامه، تحكيماً آخر سمته التحكيم المعجل "Expedited Arbitration"، وهو يقوم على نظام التحكيم العادي بعد تعديله لكي يمكن مباشرته في وقت قصير ومقابل نفقات منخفضة مقارنة بالتحكيم العادي، وكما سنوضح، تختصر إجراءات هذا التحكيم السريع أو المعجل إلى ثلاثة أشهر بدلا من تسعة في التحكيم العادي غير المعجل، ويصدر الحكم في غضون شهر واحد بدلاً من ثلاثة أشهر.
ونشير فيما يأتي إلى أهم القواعد التي تنظم هذا التحكيم المعجل وفقاً لتنظيم الويبو له في المواد من (1) إلى (30) مع مقارنتها بالتحكيم العادي.
أولا- هيئة التحكيم:
• التحكيم المعجل يجريه محكم منفرد، بينما التحكيم العادي يمكن أن يجريه فرد واحد أو هيئة مكونة من ثلاثة محكمين أو أكثر.
ثانيا- بيان الدعوي:
• بيان الدعوى يجب أن يقدم مع طلب التحكيم المعجل، على خلاف التحكيم العادي حيث يكون تقديم بيان الدعوى مع طلب التحكيم جوازياً وليس وجوبياً.
ثالثاً- أجل الرد على طلب التحكيم:
• الرد على طلب التحكيم من المدعى عليه يكون في غضون 20 يوماً من إستلام طلب التحكيم، ويجب أن يصحب هذا الرد بيان الدفاع. أما مع التحكيم العادي، فان الرد على طلب التحكيم يكون في غضون 30 يوماً من استلام الطلب.
رابعاً- أجل الرد على الطلب المقابل:
• الرد على الطلب المقابل يتم في غضون 20 يوماً بعد استلام بيان الدفاع، بينما يتم ذلك في غضون 30 يوماً مع نظام التحكيم العادي.
خامساً- عقد جلسات التحكيم:
• جلسات التحكيم المعجل تكون موجزة، وتتم في غضون 20 يوماً بعد استلام الرد على طلب التحكيم، أما مع التحكيم العادي فيترك ذلك لتقدير هيئة التحكيم.
سادساً- إجراءات التحكيم:
• إجراءات التحكيم المعجل يجب أن تختتم في غضون ثلاثة أشهر من بيان الدفاع أو تعيين المحكم أيهما لاحقاً، وليس في غضون 9 أشهر، كما هو الحال مع التحكيم غير المعجل.
ويلاحظ انه إذا اتفق الخصوم المحتكمون على تسوية النزاع قبل اتخاذ قرار التحكيم، فيجب إنهاء إجراءات التحكيم وإثبات التسوية التي أتفقوا عليها، وفي هذه الحالة لا تكون المحكمة ملزمة بتسبيب قرار التحكيم، على خلاف التحكيم العادي.
سابعا- أجل صدور قرار التحكيم:
• قرار التحكيم النهائي يجب أن يصدر في غضون شهر واحد من إتمام إجراءات التحكيم بدلا من 3 أشهر مع التحكيم العادي.
ثامناً- تكلفة التحكيم:
• تكاليف التحكيم المعجل ثابتة بالنسبة للمنازعات التي لا تتجاوز قيمتها 10 مليـون دولار أمريكي، أما مع التحكيم العادي فيقوم بتحديدها مركـز تحكـيم الويبـو بالتشاور مـع المحتكمين وهيئة التحكيم، وذلك على الوجه الذي سبق لنا عرضه.
الفرع الرابع: الوساطة المتبوعة بالتحكيم:
يتمثل هذا النظام، وفقا للقواعد التي وضعتها الويبو، في اتفاق المتنازعين على بدء تـسوية النزاع وديا عن طريق الوساطة، فإذا لم يتوفقوا في الوصول إلى حل يرتضونه للنـزاع فـي غضون مدة معينة، ينتقل النزاع تلقائياً إلى التحكيم بمقتضى الاتفـاق المـسبق إبرامـه بـين المتنازعين.
وكما يتضح فإن هذا النظام يجمع بين نظامي الوساطة والتحكـم علـى مـرحلتين: تبـدأ بالوساطة، فإن فشلت ينتقل النزاع إلى التحكيم، لذلك تطبق على كـل مرحلـة منهمـا القواعـد والإجراءات الخاصة بها، وذلك على الوجه الذي سبق لنا دراسته.