حيث أن من المعوقات الرئيسية التي يواجهها التحكيم هي ارتفاع التكلفة والتي قد توصـف بـ الباهظة أحياناً مما أدى إلى إحجام بعض الأطراف عن تضمين عقودهم شرط التحكيم.. كذلك عدم قدرة البعض على اللجوء للتحكيم بالرغم من وجود شرط أو مشارطة تحكيمية نظرا لقـصر اليد. لذلك فقد نبعت لدينا فكرة إنشاء مركز التحكيم الدولي للفقراء ليضم كافة المختصين فـي مجال التحكيم بحيث يتم التحكيم بمصروفات زهيدة بعد بحث حالة المتقدم إلى التحكيم من خـلال لجنة مشكلة من أجل هذا الغرض لبيان عدم قدرته على سداد الرسوم التحكيمية.
ولما كانت الدساتير في كافة دول العالم تتيح للأفراد حق التقاضي بإعتباره حق أصيل مـن حقوق الأفراد للحصول على حقوقهم المهضومة. وبإعتبار أن التحكيم نوع من أنـواع القـضاء الخاص كذلك في كثير من البلدان تفرد قوانين المرافعات باباً أو فصلاً عن المقاضاة بدون رسوم. وعليه فإنه يجب أن نزيل كافة العوائق التي تحول بين الفرد وحقه في مباشرة إجراءات التحكيم.
وإذا ما تحدثنا عن القوة القاهرة التي أوردها القانون المدني في كافة التشريعات العربيـة والأجنبية والتي دائما ما تتكلم عن أن التزام المدين في تنفيذ بنود العقد إن لم يكن مستحيلا صار مرهقاً بسبب أجنبي لا يد له فيه، فإننا يجب أن نعدد من بين أسباب القوة القاهرة عدم قدرة أحـد الأطراف في اللجوء إلى التحكيم نظرا لإرتفاع تكلفة التحكيم في بعض مراكز التحكيم الدوليـة والعربية.
وقد حدث بالفعل أن نزاعاً نشأ بين مستأجر لمحل تجاري بقيمة إيجاريه قدرها 5000 ريال قطري ومالك لأحد المولات المعروفة بشأن فسخ عقد الإيجار، وأراد المستأجر أن يلجأ للتحكـيم بناء على شرط التحكيم الذي يتضمن اللجوء إلي غرفة التجارة الدولية، ولم يكن قد تنبه للتكلفـة الباهظة التي قد يتكبدها نتيجة توقيعه على هذا الشرط وإن لجأ إلى المحكمـة سـيكون مـصير دعواه عدم القبول – لوجود شرط التحكيم.. ماذا يفعل مثل هذا المستأجر؟؟؟
وبالتالي فإنه وتطبيقاً لهذا المبدأ (القوة القاهرة) فإنني أدعو القضاة إلى التدخل مـن أجـل إحلال التوازن العقدي وتوازن حقوق وواجبات أطراف العقد في حقهم للجوء للتحكيم بأن يعطوا أحقية للأطراف في اللجوء للتحكيم الحر بدلاً عن التحكيم المؤسسي أو اللجوء إلى مركز تحكـيم آخر غير متفق عليه منخفض التكاليف طالما أن هدف الأطراف من إبرام اتفاق التحكيم هو البعد عن المحاكم والاستفادة من مميزات التحكيم. كما أخاطب المحكمين وفقـاً لمبـدأ الإختـصاص بالإختصاص المعروف بأن يحكموا بإختصاصهم في ممارسة التحكيم استناداً إلى هذا المبدأ وعدم قدرة أحد الأطراف في سداد رسوم التحكيم.
ومن خلال ذلك سوف ننشر ثقافة التحكيم ونقدم حلاً ناجزاً لمن لا يستطع أن يدفع تكــاليف التحكيم ونعطي الفرصة للمحكمين الجدد والقدامي لممارسة التحكيم بشكل أوسع. ومن خلال ذلك نوصي بإنشاء ما يسمى بمركز التحكيم الدولي للفقراء يقوم بتمويلـه المؤسسات والاتحـادات التحكيمية ويقوم على أسس سليمة من أجل بحث حالة الأطراف لحل المشكلات التي يرد فيها بند التحكيم ولا يستطيع الأطراف اللجوء للمؤسسة التي اختاروها، وإذا كانت هذه الفكرة جديدة على المجتمع التحكيمي فإني أراها فكرة جديرة بالتعمق حال كون هذه الفكرة ليست ببعيدة عنـا فـي المجال التحكيمي، فنحن نرى الآن مركز تسوية المنازعات الناشئة عـن الإسـتثمار بواشنطن (ICSID) وهو يمارس التحكيم من غير الاتفاق الصريح المباشر بين الأطراف علـى التحكـيم استناداً إلى الإتفاقية الدولية وهو ما سماه البعض التحكيم بغير عقد تحكيمي وما تلاه من مشكلات خاصة بالدول العربية التي وقعت على الإتفاقية وهو ما لا يخفى عليكم وعلى الحاضرين.