الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / الإتفاق على التحكيم في ظل قواعد اليونسترال صوره، اشكاله، الرضى به، ومحله

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    281

التفاصيل طباعة نسخ

   أولاً: الشروط الشكلية للإتفاق التحكيمي في ظل قواعد التحكيم التي وضعتها لجنـة الأم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اشتراط الكتابة) - المادة الأولى من قواعد لجنة القانون التجاري الدولية في الأمم المتحدة – فلا يجوز تبعاً لذلك الإتفاق الشفهي على التحكيم، ولكن الفقه يـذهب الی اعتبار الخطابات المتبادلة والبرقيات والتلكسات وسائل إثبات كافية على كتابة العقد.

    (يراجع: دراسة الدكتور عبد الحميد الأحدب، اتجاهات تعديل قواعد تحكيم اليونسترال فـي ضوء متطلبات الممارسين، المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي، العدد41، ص 16 و19 وما يليها؛ وكذلك دراسة الدكتور خالد أمين مصطفى يوسف، المرجع ذاته ص 6 وما يليها).

    تمثل قواعد التحكيم التي وضعتها اليونسترال اجراءات المحاكمة التحكيمية التـي أصـبحت مطبقة في معظم تحكيمات الحالات الخاصة Ad-hoc في العالم وكذلك فــي تحكيمـات بعـض مراكز التحكيم الدولية (م 2/أ). نصت المادة الأولى من القواعد المذكورة (قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقـم 31/98 تاریخ 15/12/1976) على انه إذا اتفق أطراف العقد خطيا على ان تحال النزاعات المتعلقة بهذا العقد على التحكيم، وفقاً لنظام تحكيم لجنة القانون التجاري الدولية في الأمم المتحدة، فإن النـزاع يحسم وفقاً لهذه القواعد مع مراعاة التعديلات التي قد يتفق عليها الطرفان خطياً.

     كما نصت المادة 3 من القواعـد المـشار اليهـا علـى إخطـار التحكيم d'arbitrage Notification والذي يرسله الطرف الذي يعتزم البدء في إجراءات التحكيم الى الطرف الآخر، مع ما يجب ان يشتمله الاخطار المذكور من بيانات (طلب بإحالة النزاع الى التحكيم، اسـم كـل طرف في النزاع وعنوانه، إشارة الى شرط التحكيم أو الى العقد الذي نشأ عنه النزاع، الطلبات، عدد المحكمين 1 أو 3 إذا لم يتم الإتفاق على العدد مسبقاً...).

    وهكذا لم تكتف القواعد بتأكيد صحة شرط التحكيم بل أوصت بإعتماد نموذج شرط تحكيمي نصه كما يلي: "كل نزاع أو جدل أو مطالبة نابعة من العقد الراهن أو متصلة به أو بمخالفة له أو بفسخه أو بإبطاله، تحسم عن طريق التحكيم وفقاً لقواعد تحكيم لجنـة الأمـم المتحـدة للقـانون التجاري الدولي".

    فقد وضعت قواعد تحكيم الأمم المتحدة نموذج شرط تحكيمي مفصل، من أجل أن يكون حقل التحكيم واسعاً شاملاً كل ما يطرأ في حياة العقد. وتوصي قواعد تحكيم الأمم المتحدة بأن يتضمن شرط التحكيم أيضاً:

     أ- تعيين "سلطة التسمية" التي تسمي المحكمين، إذا لم يتفق عليهم الأطراف أو لـم يتفـق الحكمان على الحكم المرجح، وهذه السلطة تبت بموضوع عزل المحكمين.

    ب-تحديد عدد المحكمين في الشرط التحكيمي بواحد أو ثلاثة.

    ت-تحديد المكان الذي يجري فيه التحكيم.

    ث-تحديد اللغة التي ستستخدم خلال سير التحكيم.

     كما تعطي قواعد تحكيم الأمم المتحدة سلطان الإرادة الحق في تعديل هذه القواعد التحكيمية في العقد التحكيمي، وهي تشترط فقط لأجل ذلك أن يكون التعديل خطيا (المادة 1/1).

    وقد نصت صراحة أحكام قانون اليونسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي بصيغته التي اعتمدتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في 21 حزيران 1985 (المادة 7 فقـرة 2) على انه يجب ان يكون اتفاق التحكيم مكتوباً، ويعتبر الإتفاق مكتوباً إذا ورد في وثيقة موقعة من الطرفين أو في تبادل رسائل أو تلكسات أو برقيات أو غيرها مـن وسـائل الإتـصـال الـسلكي واللاسلكي تكون بمثابة سجل للإتفاق...، وأننا نرى من الأفضل اعتماد هـذا الـنـص بـصيغته المذكورة في قواعد التحكيم للجنة القانون التجاري الدولي (قواعد تحكيم اليونسترال).

ثانيا: الشروط الموضوعية للإتفاق التحكيمي في ظل قواعد اليونسترال:

   1) الأهلية: تقدر الأهلية اللازمة لإجراء الإتفاق التحكيمي كالأهلية المطلوبة لإستعمال حق المداعاة أمام القضاء، بالنظر الى الطابع الاجرائي لهذا الإتفاق الذي يضفي عليه وصفه. والمقرر ان أهلية المداعاة أمام القضاء تخضع للقانون الشخصي (يراجع بهذا الشأن:

 Jean Robert, L'arbitrage droit interne droit international privé, 5ème éd., nº 268 et suiv.

     وتسري هذه القاعدة على الأشخاص الطبيعيين كما على الأشخاص المعنويين.

    2) الرضى وعيوبه: يطبق على اتفاقات التحكيم من قواعد في هذا الصدد ما يطبق علـى العقود بوجه عام. وفيما يتعلق بالرضى فإنه يرتبط بالعنصر التعاقدي في الإتفـاق أكثـر منـه بالعنصر الإجرائي. ان مبدأ استقلال الإتفاق التحكيمي عن العقد الأساسي ليس من شـأنـه سـوى تحويل بحث المشكلة من هذا العقد الى الإتفاق التحكيمي، وان الحل الذي اعتمد في صدد التحكيم الدولي يقضي بإستقلال الإتفاق التحكيمي عن العقد الأساسي الذي يتعلق به، وهذا ما أشارت اليه المادة 21 فقرة 2 من قواعد اليونسترال بنصها على انه: "وفي حكم هذه المـادة يعامـل شـرط التحكيم الذي يكون جزءاً من عقد وينص على إجراء التحكيم وفقاً لهذا النظـام بوصـفـه اتفاقـاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى، وكل قرار يصدر عن هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم"، وقد جرى اعتماد هذا الحل في عدد هام من الدول الأوروبية وبالأخص فرنسا. فقد قضي بأنه في موضوع التحكيم الدولي يكون للإتفاق التحكيمي، سواء أكان منفصلاً عن العقد الذي يتعلق به أو مدرجاً فيه، إستقلاله القانوني التام الذي يحـول دون تـأثره بالبطلان الإحتمالي لهذا العقد "(Jean Robert, op.cit..n2245) والمراجع التي يشير اليها".

    ومن ثم فإن القانون الذي يحكم العقد (أي هنا الإتفاق التحكيمي) هو الذي يطبق على تقـدير وجود الرضي؛ ويكون هذا القانون هو الـذي اختـاره الطرفـان (Loi d'autonomie)، وإلا فالقانون النافذ في البلد الذي أظهر الطرفان قصدهما المشترك بحـصره فيـه (Le localiser) (Robert, op.cit. n°271)

    اما بالنسبة الى عيوب الرضى فبعد ان كان يعتبر في السابق ان القانون الذي يطبـق فـي صددها هو القانون الشخصي، إلا ان الرأي استقر فيما بعد علـى ان عيـوب الرضـى تـرتبط بالظروف التي تحيط بالعقد أو الإتفاق. وهذا ما اتجه القضاء الى إقراره معتبرا أن تقدير عيـب الرضى يتم طبقاً لقانون المكان الذي يحكم العمل القانوني (العقد أو الإتفاق) المشكو منه، عيـب الخداع، الكتمان الخادع، والعيب المتعلق بالغلط الواقع على صفة جوهرية في شخص المحكم...

    (يراجع: د. ادوار عيد، موسوعة أصول المحاكمات، جزء 12، التحكـيم الـدولي، ص 52 معالمراجع التي يشير اليها في الهامش).

     كما ان الإتفاقية الأوروبية للتحكيم التجاري المعقودة بتاريخ 21 نيسان 1961 نـصـت فـي المادة 6 فقرة 2 على ان تقدير وجود الإتفاق التحكيمي وصحته بالإستناد الى ارادة الاطراف فيه يتم وفق القانون الذي أراد هؤلاء إخضاع الإتفاق اليه.

ثالثاً: مضمون الإتفاق التحكيمي: سنتعرض في هذا البند بالبحث فقط لمسألتين هما تـشكيل الهيئة التحكيمية ورد المحكمين:

   - تشكيل هيئة التحكيم

    1) تعيين المحكمين: نظمت هذا الأمر المواد من 6 الى 8 من قواعد تحكـيم اليونــسترال الصادرة عام 1976، وذلك من خلال نصها على كيفية تعيين المحكم أو المحكمين مفرقـة بـين تعيين محكم واحد أو ثلاثة محكمين حيث وضعت لكل حالة الإحتمالات الناتجة عن اتفاق الطرفين على هذا التعيين أو ما يجب إجراؤه في حال عدم اتفاقهما على ذلك:

    - عندما يتعلق الأمر بتعيين محكم واحد، يمكن ان يحصل التعيين بإتفاق الطـرفين، وهـذا الإتفاق يحصل بوجهين: إما ان يقترح أحد الطرفين على الآخر اسم شخص واحد أو ان يعرض أسماء عدة أشخاص ليصار الى الإتفاق على اسم واحد من بينهم، كمـا أن قواعـد اليونـسترال أشارت الى إمكانية قيام الطرفين بالإتفاق على سلطة تعيين المحكم التي تقوم بناء علـى طلـب أحدهما بتعيين هذا المحكم وفقاً لإجراءات محددة تتبعها إما ان يحصل التعيين فوراً من قبلها، أو عن طريق القوائم – في حال لم يتم الإتفاق بين الطرفين على استبعاد هذه الطريقـة – بحيـث ترسل قائمة تتضمن ثلاثة أسماء لكل من الطرفين اللذين يتوجب عليهما إعادتها خـلال خمـسة عشر يوماً من تاريخ تسلمها بعد شطب الاسم أو الاسماء التي يعترض عليها وتـرقيم الأسـماء المتبقية بحسب الأفضلية ليصار من ثم الى قيام سلطة التعيين بإختيار المحكم الواحد مـن بـين الأسماء التي اعتمدها الطرفان، أما في حال تعذر تعيين المحكم لأي حال تعذر تعيين المحكم لأي سبب فيكون لسلطة التعيـين ان تعينه وفقاً لسلطتها التقديرية.

     تجدر الاشارة الى ان سلطة التعيين المشار اليها أعلاه يمكن ان تكون هيئة تحكيمية دائمـة (مركز تحكيم) أو قاضياً، أو جهة معينة... فينحصر دورها بتـسمية المحكـم دون ان يخـضع التحكيم بالضرورة لنظام هذه الهيئة أو لقانون القاضي بل انه يبقـى خاضعاً لقواعـد تحكـيم اليونسترال.

   - عندما يتعلق الأمر بتعيين ثلاثة محكمين، يختار كل طـرف محكمـا واحـداً، ويختـار المحكمان المعينان على هذا النحو المحكم الثالث الذي يتولى رئاسة الهيئة التحكيمية.

   إذا لم يسم أحد الطرفين محكماً خلال 30 يوماً من إبلاغه اسم المحكم المسمى من الطـرف الآخر، فلهذا الأخير ان يطلب تسمية المحكم الثاني من سلطة التسمية إذا كان قد جرى الإتفـاق عليها من قبل الفريقين.

    أما إذا لم يكن قد جرى الإتفاق على سلطة لتسمية المحكمين، أو في حـال امتنعـت هـذه الأخيرة عن تعيين محكم خلال 30 يوماً من تاريخ تسلمها الطلب المقدم اليها من أحد الطـرفين، فيحق للطرف الآخر مراجعة الأمانة العامة لمحكمة التحكيم الدائمة في لاهـاي لتعيـين سـلطة التسمية، وعند تعيينها يمكن للخصم ان يطلب منها تسمية المحكم الثـاني الـذي يتـرك تعيينـه لإستنسابها.

    تبقى مسألة إذا لم يتفق المحكمان المعينان على تعيين المحكم الثالث خلال 30 يومـاً، فيـتم تعيينه من قبل سلطة التسمية وفقاً لنظام اللائحة الذي سبقت الإشارة اليه عند بحث تعيين المحكم الفرد.

    من خلال كافة ما تقدم، يمكن القول ان قواعد تحكيم لجنة القانون التجاري الدولي في الأمم التحدة ليست نظاما تحكيميا لهيئة تحكيم دائمة، ولكن طبيعة هذا النظام التحكيمي تستدعي وجـود ما يسميه هذا النظام "سلطة التسمية" التي تسمي المحكم المنفرد، إذا لم يتفق على تسميته. وتسمي المحكم الثالث المرجح إذا كانت المحكمة التحكيمية مؤلفة من ثلاثة محكمين وسمى كـل طـرف محكما ولم يتفق المحكمان على تعيين المحكم الثالث المرجح. كما انها هي السلطة التـي تبـت وتنظر في أسباب رد وعزل المحكمين. من هنا رأى البعض ان الإحالة على نظام قواعد تحكـيم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNCITRAL يجـب ان تقتـرن بتعيـين "سـلطة التسمية"، سواء أكانت هذه السلطة هيئة تحكيمية دائمة أو شخصاً معيناً، فإذا لم تقتـرن الإحالـة بذلك فإن فراغاً يمكن ان يشل أو يعيق على الأقل سير التحكيم.

    يراجع بهذا الخصوص: دراسة الدكتور عبد الحميد الأحدب، اتجاهات تعديل قواعد تحكـيم اليونسترال، مشار اليها آنفا، المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي، العدد 41، صفحة 16.

    وهكذا تبدو فائدة هذا الاقتراح إذ انها تتيح عمليا لجميع عمليـات التحكـيم وفقـاً لقواعـد اليونسترال والتي أراد أطرافها أن تجري في دولة معينة، أن تتم أية كانت إرادة أحد الأطـراف السيئة بالنسبة الى تعيين المحكم. كما أنها تظهر، ولو نظرياً اهتمام تلك القواعد بأن تمنح جميـع اتفاقيات التحكيم، التي أراد فرقاؤها إخضاعها لأحكامها، فاعلية تامة.

     2) رد المحكمين: نظمت قواعد اليونسترال احكام رد المحكمين في المواد من 9 الـى 12، وقـد وضعت على عاتق المحكم موجب إعلام الأطراف بالظروف التي يمكن ان تثير شكاً حـول استقلاليته وحياده، كونه أدرى من غيره بهذه الظروف (المادة 9-1). فإذا قام في شخص المحكم سبب للرد فعليـه إعلام الخصوم به، وفي هذه الحالة لا يجوز له قبول المهمة الا بموافقة هؤلاء الخصوم، وهذا ما يـستنتج من نص المادة 10-2.

    انه بالإستناد الى ما ورد، يتبين ان هاتين المادتين قد وضعتا قاعدة آمرة هدفها تأمين الحقوق الأساسية للمتقاضين عبر الحصول على محاكمة عادلة متوازنة، لا يكون فيهـا حيـاد المحكـم موضوع شك مقبول من شأنه التأثير على نزاهته وتجرده.

    كما أنه يستنتج من المادتين المذكورتين أعلاه، أنهما قد رتبتا على عاتق المحكم موجب إعلام الخصوم بسبب الرد القائم في شخصه، فيقع عليه هو، نظراً لكونه شخصاً ممتهنا، عبء إثبات هذا الموجب بالإعلام بطرق جدية تحت طائلة ترتيب النتائج القانونية بحقه (رد، عزل حتى مـن قبـل الطرف الذي كان هو قد قام بتسميته، وفي حال صدور الحكم التحكيمي يصبح معرضاً للإبطال).

أسباب طلب الرد ومهلة تقديمه وإجراءاته:

    يقدم طلب الرد خلال 15 يوماً من تاريخ علم طالب الرد بتعيين المحكم، أو خلال 15 يوماً من تاريخ علمه بالظروف التي من شأنها أن تثير شكا حول حياد أو استقلال هذا المحكـم، كمـا يمكن للطرف الذي سمى محكماً أن يطلب رده أو ان يقوم بعزله لأسباب علم بها بعد التسمية.

    يبلغ طلب الرد خطيا للطرف الآخر وللمحكم المطلوب رده ولسائر المحكمـين، ويجـب ان يكون معللاً بحيث يبين طالب الرد الأسباب التي يبني عليها طلبه برد المحكـم لـتـتمكن سـلطة التعيين التي يقدم اليها طلب الرد من الرقابة والتثبت مما إذا كان المحكم حيادياً ومستقلاً أم لا.

    عندما يطلب أحد الطرفين رد محكم، يجوز للطرف الآخر الموافقة على الرد، كمـا يجـوز للمحكم المطلوب رده ان يتنحى عن نظر الدعوى، ولكن لا تعتبر هذه الموافقة أو هـذا التنح إقراراً ضمنيا بصحة الأسباب التي يستند اليها طلب الرد، وفي كلتا الحالتين يجري تعيين محكـم بديل وتتبع في تعيينه كافة الإجراءات التي اعتمدت لتسمية المحكم الأصيل.

    إذا لم يوافق الطرف الآخر على طلب الرد ولم يتنح المحكـم المطلـوب رده عـن نـظـر الدعوى، فإن القرار في طلب الرد يصدر على النحو التالي:

أ- إذا كان تعيين المحكم قد قامت به سلطة التعيين فهي التي تصدر القرار.

ب- إذا لم يكن التعيين قد قامت به سلطة التعيين ولكن سبق تسمية مثل هذه السلطة، فهي التـي تصدر القرار.

ت- في جميع الحالات الأخرى يصدر القرار من سلطة التعيين التي تتم تسميتها وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة 6 من قواعد اليونسترال المذكورة، أي لسلطة التـسمية التـى اختارتها الأمانة العامة لمحكمة التحكيم في لاهاي.

ث- إذا قررت سلطة التعيين رد المحكم، وجب تعيين أو اختيار محكم آخر بدلا منه وذلك بإتباع الإجراءات المنصوص عليها في المواد من 6 الى 9 التي اتبعت للتسمية بـشأن تعيـين أو اختيار محكم، أو بإتفاق الطرفين عليه. أما إذا تضمنت هذه الإجراءات تسمية سلطة تعيين، فيجب أن تقوم بتعيين المحكم البديل سلطة التعيين التي بتت في طلب الرد.

    هناك مسألة تستأهل التوقف عندها هي مسألة تنحي المحكم تلقائيا وذلك بأن يقـدم استقالته أثناء إجراءات التحكيم، مما من شأنه أن يعيق سير هذه الإجراءات ويؤخر فصل القضية وبالتالي يعيق إصدار الحكم التحكيمي.

    تعددت الآراء في هذا المجال، فإعتبر البعض أن النص على هذا الأمر يعد مـن أخطـر المواد في قواعد اليونسترال إذ أنها لا تتضمن جزاء في حال إخفاق المحكم في القيام بمهمته، فيما اعتبر البعض الآخر ان هذا الأمر هو بالغ الخطورة ويمكن ان يحمل المحكم مسؤولية خطيرة إذا تم بدون أسباب جوهرية جدية وموضوعية، كما ان هناك من رأى ضرورة ان تتم الموافقة مـن جانب باقي أعضاء هيئة التحكيم على الإستقالة المقدمة من أحد أعضائها وذلك بإعتبـار هيئـة التحكيم مسؤولة عن سير إجراءات التحكيم. كذلك هناك من رأى إمكانية حرمان الطرف الذي قام بتعيين محكم قدم استقالة تكتيكية من حقه في تعيين المحكم البديل.

    يراجع بشأن كافة هذه الآراء: دراسة الدكتور عبد الحميد الأحدب، المجلة اللبنانية للتحكـيم العربي والدولي، مشار اليها آنفا، صفحة23 و24.

    اننا لا نرى إمكانية رفض الهيئة التحكيمية تنحي أحد أعضائها كونه يتعارض مع الحريـة الشخصية سيما إذا كان هذا التنحي له أسباب جدية حرية بالقبول تبرر حصوله، إذ انه في مطلق الأحوال لا يجوز للمحكم التنحي بغير سبب جدي والا جاز الحكم عليه بالتعويض للمتضرر.

    كذلك نرى من المفيد استعراض حكم صادر عن القضاء اللبناني في موضوع تنحي محكم في معرض تحكيم داخلي، حيث اعتبرت المحكمة التي عرضت عليها القضية ان طلب المحكـم الرامي الى بت بطلب تنحيه يكون خارجاً عن اختصاصها، مع الاشارة الى ان قـانون أصـول المحاكمات المدنية اللبناني يتخذ منحى متشدداً بشأن تنحي المحكم بخلاف ما هـو عليـه الحـال بالنسبة لقواعد تحكيم اليونسترال.

    "حيث ان طالبة الرد شركةR+v Versicherung AG تطلب رد المحكم ... سنداً للمــادة 770 أ.م.م معطوفة على المادة 7/120 و 8 أ.م.م، وذلك لعدم تمتعه بالإستقلالية وفقدانه الحيادية تجاه خصمها في المحاكمة التحكيمية-المطلوب إبلاغها شركة عناية ش.م.ل-

    وحيث ان المحكم الرئيس ...، أبرز بتاريخ 2/5/2008 لائحة أدلى فيها بملاحظاته، مقرراً التنحي من هذا التحكيم بالنظر لتصرفات الشركة طالبة الرد والتي عددها في لائحتـه، بعـد ان اعتبر ان جميع الأسباب المدلى بها من قبل وكيل هذه الأخيرة هي في غيـر محلهـا القـانوني والواقعي، وعارضاً هذا التنحي على المرجع القضائي المختص للبت به وفقاً لأحكـام قـانون أصول المحاكمات المدنية، كما قرر التوقف عن جميع أعمال التحكيم بانتظار صدور قرار مـن السلطة القضائية المختصة للبت بهذا التنحي.

    وحيث انه تقتضي الإشارة الى ان التحكيم هو نظام بمقتضاه يتفق أشخاص على حـل نـزاع بينهم عن طريق فرد أو أفراد (المحكمون) يختارونهم ويولونهم مهمة إصدار الحكم في هذا النزاع، بحيث ان التحكيم يرتكز على أساس تعاقدي حر، مع ما يرافق هذا الأمر من ثقـة متبادلـة بـين أطراف التحكيم والمحكمين بالنظر للطابع الشخصي الذي يميز العلاقة التي تربط هؤلاء الأطـراف بالمحكمين، ذلك أن المشترع قد أوجب ان يكون المحكم شخصاً طبيعياً(م 786 أ.م لاتـولى مهمـة المحكم لغير الشخص الطبيعي) بحيث أراد ان يركز التحكيم على الصفة الشخصية للمحكـم وان يشدد على الثقة التي يجب ان تسود علاقة الطرفين به كإحدى الخصائص الأساسية للتحكيم.

   وحيـث ان التحكيم هو قضاء خاص، فلا تكون للقضاء التحكيمي صفة القضاء العام الـذي هو قضاء الدولة أو القضاء العادي، بل يعتبر قضاء خاصاً يشكل وجوده ضـرورة اجتماعيـة، ولكنه يبقى خاضعاً في انشائه وتطبيقه لقواعد القانون الوضعي الذي يرخص به ويحـــدد نـطــاق اعماله.

     وحيث ان واقع الوظيفة القضائية يختلف بطابعها ونطاق سلطانها بـين قاضـي الدولـة أو القاضي العام وبين المحكم أو القاضي الخاص، فهي بالنسبة للأول ملازمة للولايـة الشخـصية المعطاة له بصك تعيينه من جانب الدولة، في حين أنها بالنسبة الى المحكم ترتبط بالولاية المعطاة له من قبل ذوي العلاقة بموجب اتفاقية التحكيم (بندأ كانت أم عقداً) في حدود نزاع معين فحسب، فصفة القاضي العام تكون اذن ملازمة لشخصه ولا تطرح بالنسبة اليه سوى مسألة الإختصاص، أما المحكم فلا تلازم الصفة القضائية شخصه وهو لم يعط إياها إلا للفصل في النزاع أو في فئة النزاعات التي اختير لأجلها فهو يظل معتبراً كفرد ولا يصبح قاضياً عاماً ولو حتى لوقت محدود يستوجبه إنفاذ المهمة التحكيمية المولج بها.

    وحيث انه تبعاً لذلك، وبالنظر للإختلاف بين طابع ونطاق كل من الـوظيفتين القـضائيتين المذكورتين، فإن هذا الإختلاف ينعكس ببعض آثاره ومفاعيله على كل من هاتين المؤسستين، ففي حين ان ثمة إجراءات تتعلق بالتحكيم لا يجوز ان تصدر عن المحكمين أنفسهم بل تـصـدر عـن المحاكم العادية كرد المحكمين مثلا (م770.م.م)، فبالمقابل ان تنحي المحكم عن المهمة التحكيمية والذي يؤدي الى وضع حد نهائي لوظيفته إنما يحصل بصورة تلقائية وينتج مفاعيله القانونية دون حاجة لتدخل المحاكم العادية للبت به لناحية قبوله أو رفضه.

    وحيث انه بخلاف ما هو عليه الحال بالنسبة لطلب الرد الـذي نظـم المـشترع أحكامـه وإجراءات التقدم به وآلية البت فيه من قبل المحكمة، فإنه اكتفى في نص المادة 769 أ.م.م بالقول انه بعد ان يقبل المحكم المهمة الموكولة اليه لا يجوز له التنحي بغير سبب جدي والا جاز الحكم عليه بالتعويض للمتضرر دون الإحالة بهذا الشأن الى المادتين 121 و123 أصول مدنية.

    وحيث طالما ان القانون لم يلحظ اجراءات معينة بالنسبة للتنحي المذكور، والـذي يعتبـر بمجرد حصوله قائماً حكماً، فإنه مع انتفاء النص القانوني بهذا الشأن لا يمكن إعطـاء المحـاكم العادية وبالتالي هذه المحكمة صلاحية النظر في هذه المسألة التي تعتبر منتجة لمفاعيلها القانونية بمجرد حصولها، وبدون تدخل من القضاء.

    وحيث ان طلب المحكم الرامي الى البت بتنحيه يكون بالتالي خارجاً عن إختـصاص هـذه المحكمة، مما يقتضي رده شكلا.

يراجع بهذا المعنى:

     Hors le cas où l'arbitre se déporte en raison d'une cause de récusation éventuelle, il n'est pas prévu, pour le déport considéré en tant que tel, une procédure déterminée. Il existe de plein droit de par lui-même. Aussi bien, ne peut-on pas reconnaître compétence aux tribunaux pour statuer sur la question, ni, en cas de pluralité d'arbitres, aux arbitres restants, car la question est étrangère à l'objet de l'arbitrage... -Emile Tyan, Le droit de l'arbitrage, n.96, p.127.

    وحيث انه مع عرض المحكم تنحيه عن المهمة التحكيمية، مع ما يترتب على ذلك من انتهاء لمهمته بصورة حكمية، فإن طلب رد المحكم يكون قد أضحى دون موضوع، مما يقتضي رده.

     وحيث ان المحكمة لا ترى فائدة في بحث سائر ما أثير من أسباب ومطالب أخرى زائدة أو مخالفة بما فيها طلبي إدخال المحكمين الآخرين الدكتور ...، إما لعدم الجدوى وإما لكونه قد لقى في ما سبق تبيانه جواباً ضمنياً.

لذلك ،

تحكم بالإجماع:

1. بإعلان عدم إختصاص هذه المحكمة للبت بطلب التنحي، وبالتالي رده شكلاً.

2. برد الطلب الرامي الى رد المحكم الرئيس....

3. برد سائر ما أثير من أسباب ومطالب أخرى زائدة أو مخالفة بما فيها طلبي الإدخال.

4. بتضمين طالبة الرد شركة R-V Versicherung AG الرسوم والمصاريف القانونية كافة. حكماً صدر في غرفة المذاكرة بتاريخ 2/6/2008

الكاتب           العضو(المهتار)          العضو(باسيل)            الرئيس(الياس)"

     نأمل في هذه الدراسة ان نكون قد أعطينا فكرة موجزة عن قواعد تحكيم اليونسترال في مـا يتعلق بأشكاله وأهلية فرقائه والتعبير عن إرادتهم والعيوب التي تشوب هذه الارادة، وبموضوعه لناحية تعيين المحكمين وردهم.