الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / الاتفاق على التحكيم في ظل قواعد اليونسترال وصوره، وأشكاله، الرضا به، محله

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    269

التفاصيل طباعة نسخ

    لقد طلب مني من إدارة المؤتمر ان اتحدث عن موضوع التحكيم في ظل قواعد اليونسترال وصوره، وأشكاله، الرضا به، محل. وهو موضوع طويل لا يمكن إعطائه حقـه مـن التحليـل القانوني لذلك إرتأيت ان اشير الى بعض النقاط الخلافية ذات الطابع العملي. لكي يمكن الإستفادة من طرحها خلال المدة القصيرة الممنوحة لنا في هذا المؤتمر ولتفتح باب النقاش مع الحـضور الأفاضل.

    عرفت المادة 7 من القانون النموذجي Model law للتحكيم التجاري الدولي للجنـة الأمـم المتحدة للقانون التجاري الدولي اتفاق التحكيم بأنه:

   "1- ... اتفاق الطرفين على ان يحيلا الى التحكيم جميع او بعض المنازعات المحددة التـي نشأت او قد تنشأ بينهما بشان علاقة قانونية محددة تعاقدية كانت او غير تعاقدية ويجوز ان يكون اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد في عقد او في صورة اتفاق منفصل".

كما أفادت المادة المذكورة في مقدمتها الثانية على ان

   "2- يجب ان يكون اتفاق التحكيم مكتوباً ويعتبر الإتفاق مكتوباً اذا ورد في وثيقة موقعة من الطرفين او في تبادل رسائل او تلكسات او برقيات او غيرها مـن وسـائل الإتـصـال الـسلك واللاسلكي تكون بمثابة سجل للاتفاق او في تبادل المطالبة والدفاع التي يدعي فيها احد الطرفين وجود اتفاق ولا ينكره الطرف الآخر. وتعتبر الإشارة في عقد ما الى مستند يشمل علـى شـرط تحكيم بمثابة اتفاق تحكيم شريطة ان يكون العقد مكتوبا وان تكون الإشاره وردت بحيث تجعـل ذلك الشرط جزءاً من العقد".

   كما تضمنت المادة 1 من قواعد التحكيم للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي على ان "نطاق التطبيق:

1- اذا اتفق طرفا عقد كتابة على احالة المنازعات المتعلقة بهذا العقد الـى التحكـيم وفقـاً لنظام التحكيم الذي وضعته لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي وجـب عندئـذ تسوية هذه المنازعات وفقا لهذا النظام مع مراعاة التعديلات التـي قـد يتفـق عليهـا الطرفان كتابة.

2- تنظم هذه القواعد التحكيم الا اذا تعارض بين قاعدة فيها ونص من نصوص القـانون الواجب التطبيق على التحكيم لا يجوز للطرفين مخالفته اذ تكون الارجحية عندئذ لذلك النص".

ومن مضمون النصوص السالفة نجد ان مضمون النصوص السابقة يتنازعه أمرين:   

    اولاً: التشدد في منهجية اثبات مضمون اتفاق التحكيم بحيث ان الاتفاق يـشترط ان يكـون مكتوبا والدافع الى ذلك مصدره النظر الى التحكيم بإعتباره طريق استثنائي لفض المنازعات بديل عن القضاء الرسمي وعليه فلا بد ان يكون هذا الإستثناء واضحاً من حيث دلالته وقـد ذهبـت بعض التشريعات الوطنية الى ابعد من ذلك حيث رتبت على انتقاء الكتابة البطلان من ذلـك مـا ورد في المادة 10 فقرة أ من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 والذي يفيـد بأنـه "أ- يجب ان يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلاً، ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً..." وهنا يتضح الخلاف بين ما ورد في المادة 10 من قانون التحكيم الأردني والمادة 2 من القـانون النمـوذجي التي ذهبت الى القول بأنه "... او في تبادل المطالبة والدفاع التي يدعي فيها احد الطرفين وجود اتفاق ولا ينكره الطرف الآخر" الأمر الذي يدعونا الى القول ان الكتابة رغم ورودها في القانون النموذجي لا ترتب البطلان على مخالفتها بل انها وسيلة من وسائل الإثبات بحيث يمكـن أخـذ الإقرار كوسيلة إثبات مقبولة لوجود التحكيم .

ثانياً: المرونة في التحقق من الاتفاق على التحكيم حيث ان القانون النموذجي قد توسع فـي مفهوم كتابة الإتفاق على التحكيم الأمر الذي انعكس على جانب من قوانين التحكيم الوطنية نذكر منها القانون الأردني الذي أفاد في المادة 10 أ- على انه "... ويكون اتفاق التحكـيـم مكتوبـا اذا تضمنه مستند وقعه الطرفان او اذا تضمنه ما تبادله الطرفان من رسائل او برقيات او عن طريق الفاكس او التلكس او غيرها من وسائل الإتصال المكتوبة والتي تعد بمثابة سجل للاتفاق.

   ويلاحظ انه في كافة الأحوال فإن الطرق التي يعد فيها اتفاقاً للتحكيم مرنة وهي كـذلك قي قواعد القانون النموذجي (م 7) ومع ذلك يلاحظ ان القانون النموذجي لم يشر الـى النتائج المترتبة على عدم توفر الكتابة في اتفاق التحكيم على خلاف الحال في القـانون الأردني الذي رتب عليه البطلان ونرى هنا ضرورة ان يعدل القانون النموذجي ليشمل مثل هذا الحكم.

ثالثاً:-

   اما من حيث الموضوع: فقد أوضحت المادة 5 من القانون النموذجي على انه "لا يمس هذا القانون اي قانون آخر لهذه الدولة ولا يجوز بمقتضاه تسوية منازعات معينة بطريقة التحكيم او لا يجوز عرض منازعات معينة على التحكيم إلا طبقا لأحكام اخرى غير احكام هذا القـانون وقـد برزت اهمية هذا النص في التطبيق العملي لدى القضاء الأردني لغايات فهم التسلسل القانوني في معالجة وفهم منطوق القضاء للنظر بذلك فإننا نبدأ بما يلي:

في النصوص القانونية المختلفة:

الدستور الأردني:

   تنص المادة 102 من الدستور الأردني على ما يلي (تمارس المحاكم النظامية في المملكـة الأردنية الهاشمية حق القضاء على جميع الأشخاص في جميع المواد المدنية والجزائية الخ).

قانون اصول المحاكمات المدنية:

   وتنص المادة 2 من قانون اصول المحاكمات المدنية على ما يلي:

   "تسري احكام هذا القانون على ما لم يكن فصل فيه من الدعاوى او ما تم من الإجـراءات قبل تاريخ العمل به.... الخ).

 وتنص المادة 27/1 من نفس القانون على ما يلي:

   "تمارس المحكمة النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية حق القضاء على جميع الأشخاص في المواد المدنية بإستثناء المواد التي قد يفوض فيها حق القضاء الى محـاكم دينيـة او محـاكم خاصة بموجب احكام اي قانون آخر).

ونصت المادة (28) من قانون اصول المحاكمات المدنية على:

   "تختص محاكم الأردن بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن او محل إقامة في الأردن وذلك في الأحوال التالية:

- اذا كان له في الأردن موطن مختار.

- اذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الأردن، أو كانت متعلقة بالتزام نشأ او نفذ او كان واجبا تنفيذه فيها او كانت متعلقة بإفلاس أشهر فيها.

- اذا كان لأحد المدعى عليهم موطن او محل إقامة في الأردن."

قانون الوكلاء والوسطاء رقم 28 لسنة /2001:

    كذلك وعلى وجه بالغ الأهمية ما نصت عليه المادة 16/أ من قانون الوكلاء والوسطاء وهو نص خاص يسبق في تطبيقه آية نصوص اخرى وهو ايضا من النظام العام. حيث نصت المـادة المذكورة على :

   "أ- تختص المحاكم الأردنية بالنظر في اي نزاع او خلاف ناشئ عن عقد الوكالة التجاريـة او عن تطبيق أحكام هذا القانون"

    واضح ان ولاية المحاكم الأردنية بمقتضى احكام المادة 102 من الدستور الأردني المـشـار إليها اعلاه هي ولاية عامة، وبالتالي فإن هذه القاعدة تعتبر من النظام العام التي لا يجوز معهـا الإتفاق على نزع هذا الإختصاص، ويعد باطلاً بطلاناً مطلقاً كل اتفاق يخالف ذلك.

    كذلك فإن المستفاد من احكام المادة 1/27 من قانون اصول المحاكمات المدنية ان المحاكم النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية تتمتع بالصلاحية للقضاء على جميع الأشخاص في المواد المدنية بمن فيهم العنصر الأجنبي، وقد اوجبت المادة 28 من قانون اصول المحاكمـات المدنيـة انعقاد الاختصاص الدولي للمحاكم الأردنية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس لـه موطن او محل إقامة في الأردن اذا كانت الدعوى متعلقة بالتزام نشأ او نفذ او كان واجباً تنفيذه فيها، والعلة في عدم الخروج من اختصاص المحاكم الوطنية هو تعلق ولاية القضاء بالسيادة ولا يجوز الخروج من ولاية القضاء المعقودة لمحاكم الدولة وفقا لقانونها لأن الدولة هي التي ترســم حدود ولاية القضاء فيها مقدرة في ذلك ان اداء العدالة مصلحة عامة لا يمكن تحقيقها الا بواسطة محاكمها التي ترى انها دون غيرها جديرة بأن تكفل هذه الغاية، ويؤكد هذا الأمر بأن المـادة 28 من قانون اصول المحاكمات المدنية قد جاءت بصيغة آمرة فتكون ملزمة في حال تـوافر احـد الحالات الواردة فيها، ولا يجوز الخروج عليها ولو بالإتفاق بإعتبار ان هذا الأمر مـن مظـاهر سيادة الدولة.

   وحيث ان البحث في الاختصاص الدولي يكون في حدود احكام المادة 28 من قانون اصول المحاكمات المدنية معززاً بالمادة 26/أ من قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين. وذلـك بتـوافر احدى الحالات الواردة فيها، وبما ان موضوع دعوى المستأنفة يتعلق بالتزام نشأ وتم تنفيذه في المملكة الأردنية الهاشمية وتحديداً في مدينة عمان، فإن الاختصاص الدولي بوجـود العنـصر الأجنبي ينعقد لمحكمة بداية حقوق عمان، ولا يجوز نزع الاختصاص الدولي بوجـود العنـصر الاجنبي، كما لا يجوز نزع اختصاص المحاكم الأردنية بحجة وجود شرط اتفاقي على اختصاص جهات أخرى، ذلك ان القواعد الإجرائية تجسد مظهرا من مظاهر سيادة الدولة التـي لا يجـوز الإتفاق على خلافها بين الاطراف في حال توافر حالات اختصاص القضاء الوطني المنـصوص عليها في المادة 28 اعلاه.

    وقد استقر القضاء الأردني على هذا المبدأ، واشير بهذا الصدد الى العديد مـن القـرارات الصادرة عن محكمة التمييز الاردنية الموقرة بهذا الخصوص ومنها دون حـصر: فـي قـضية مشابهة بل متطابقة.

   - ففي حكم حديث نسبيا قـررت محكمـة التمييـز بـصفتها الحقوقيـة بقرارهـا رقـم 3233/2004 تاريخ 20/2/2005 ما يلي:

    "اذا كان الدفع المقدم في واقعة تتعلق بولاية المحاكم في المملكـة الأردنيـة الهاشـمية وان الطاعنة ترمى من طلبها هذا الى سلب إختصاص محكمة بداية حقوق عمان وإعطائه الى غرفـة التجارة الدولية فإن ولاية المحاكم في المملكة الأردنية الهاشمية لها مساس مباشر بالسيادة الوطنية وان المشرع انطلاقاً من مبدأ السيادة الوطنية قد اعطى للمحاكم الأردنية حق القضاء على جميـع الأشخاص وان هذا الحق قد ورد ضمن نص أمر في المادة 2/27 من قانون اصول المحاكمـات المدنية ولا يجوز مخالفته

   - تمييز حقوق رقم 839/2003 تاريخ 19/5/2003:

   "يستفاد من الفقرة الثانية من المادة 28 من قانون أصول المحاكمات المدنية بان الدعاوي لا تقام على الأجنبي الذي ليس له موطن او محل إقامة في الأردن أمام المحاكم الأردنيـة إلا فـي الحالات التالية:

أ- اذا كان موضوع الدعوى يتعلق بمال موجود في الأردن.

ب- اذا كانت الدعوى ناشئة عن التزام نشأ في الأردن ولو لم يشترط تنفيذه فيه.

ج- اذا كانت الدعوى ناشئة عن التزام نفذ في الأردن او كان مشروطا تنفيذه فيه.

    ولما كان موضوع الدعوى يتعلق بتنفيذ التزام مشروط تنفيذه في الأردن ونفذ في الأردن فإن المحاكم الأردنية تكون هي المختصة، وأمام نصوص الدستور الأردني في المـواد 102 و 103 فكل اتفاق يرمي الى جعل الاختصاص في الأحوال سالفة الإشارة إليها لمحكمة أجنبية هو اتفـاق باطل ذلك ان اختصاص المحاكم الأردنية يتعلق بالنظام العام ولكل ذي مصلحة ان يتمسك به".

   - تمییز حقوق رقم 2910/2001 تاريخ 25/11/2001:

    "وفي ذلك نجد انه لما كانت المادة 28 من قانون المحاكمات المدنية تنص على انه تخـتصر محاكم الأردن بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن او محل اقامـة فـي الأردن وذلك اذا كانت الدعوى متعلقة بمال موجود في الأردن او كانت متعلقة بالتزام نشأ او نفذ او كان واجبا تنفيذه فيها... ولما كان لا يجوز الخروج من اختصاص المحاكم الأردنية الثابت لها وفقا للقانون الأردني لأن الدولة هي التي ترسم حدود ولاية القضاء فيها، مقدرة في ذلك ان أداء العدالة مصلحة عامة لا يمكن تحقيقها إلا بواسطة محاكمها التي ترى انه دون غيرها جديرة بأن تكفل هذه الغاية.

    وحيث ان محكمة الاستئناف جنحت في بحثها الاختصاص الى البحث في تكييـف العلاقـة التجارية بين الطرفين وهي مسألة موضوعية وتشكل دخولاً في اساس الدعوى ولم توجه انتباهها الى بحث الاختصاص الدولي في حدود المادة 28 من قانون اصول المحاكمـات المدنيـة فـإن قرارها من هذه الجهة مستوجب النقض...".

- تمييز حقوق رقم 1093/2000 تاريخ 6/9/2000 المنشور في المجلة القضائية لـسنة 2000 ص 419 :

   "ان ولاية المحاكم الأردنية بمقتضى احكام المادة 102 من الدستور الأردني ولايـة عامـة وبالتالي فإن هذه القاعدة تعتبر من النظام العام التي لا يجوز معها الاتفـاق علـى نـزع هـذا الاختصاص ويعد باطلا بطلانا مطلقا كل اتفاق يخالف ذلك .

    ان المستفاد من نص المادة 27 من قانون اصول المحاكمات المدنية ان المحاكم النظامية في المملكة الأردنية الهاشمية تتمتع بالصلاحية للقضاء على جميع الأشخاص في المواد المدنية بمـن فيهم العنصر الأجنبي...".

   - تمييز حقوق رقم 2605/2001 تاريخ 27/9/2001– منشورات مركز عدالة:   

    "لا يجوز الخروج من اختصاص المحاكم الوطنية استنادا الى الأساس العام وهو تعلق ولاية القضاء بالسيادة، حيث ان المادة 27 من قانون اصول المحاكمات المدنية قد جاءت بصيغة آمرة فتكون ملزمة ولا يجوز الخروج عليها ولو بالإتفاق".

   - تمييز حقوق رقم 1095/2000 تـاريخ 31/7/2000 مجلـة قـضائية لـسنة 2000 ص89/7:

    "ان الإجتهاد القضائي اخذ بمبدأ عدم جواز الخروج من اختصاص المحاكم الوطنية بـإرادة طرفي الخصومة حيث ان الاختصاص الوطني يعتبر من النظام العام ولا يجوز للأفراد مناقضته باتفاقات خاصة فيما بينهم".

    أما فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق فإن القوانين الوطنية هي القوانين الواجبة التطبيـق وهذا ما يؤكده وما استقرعليه الاجتهاد القضائي لمحكمة التمييز الأردنية، ومن هـذه القـرارات هي:

   - تمييز حقوق رقم 2825/99 تاريخ 18/5/2000 المنشور على الصفحة 69/5 مـن المجلة القضائية لسنة 2000 :

    " ان الاختصاص القضائي الدولي والاختصاص القضائي العام لمحاكم المملكـة الاردنيـة الهاشمية انما يراد به بيان الحدود التي تباشر فيها الدولة سلطاتها القضائية بالمقابلة للحدود التـي تباشر فيها الدول الأخرى سلطاتها.

     ان تنازع الاختصاص القضائي يختلف عن تنازع القوانين ذلك ان قواعد تنـازع القـوانين قواعد مزدوجة او على الأقل يمكن ان تكون مزدوجة بمعنى ان المشرع الوطني وهو يـصيغها يتكفل ببيان سلطات القانون الوطني والحالات التي تسمح بتطبيق القانون الأجنبي في اقليم دولتـه بينما على النقيض من ذلك نجد قواعد الإختصاص القضائي مفردة الجانب بمعنـى ان المـشرع الوطني يرسم حدود اختصاص المحاكم الوطنية ولكنه لا يبين حدود اختصاص المحاكم الأجنبيـة لعلة ان قواعد الاختصاص القضائي وممارسة المحاكم لحق القضاء فيه مظهر من مظاهر السيادة ووظيفة هامة من وظائف الدولة وعليه فإن طابع الوطنية اكثـر بـروزاً فـي تنـظـيـم تنـازع الاختصاص القضائي عنه في الاختصاص التشريعي

 -  تمييز حقوق رقم 230/74 تاريخ 13/11/1974 المنشور على الصفحة 625 – مجلـة النقابة لسنة 1976:

   "ان المحاكم النظامية هي التي تختص بمقتضى الدستور بالنظر في كافة المنازعـات بـين الأفراد ولا يملك المشرع ان ينتقص بقانون شيئا من هذه الولاية العامة، كما لا تملـك الـسلطة التنفيذية ذلك بنظام، وإلا كان عدوان على الدستور.

    ان القول بأن القضاء يتخصص بالزمان والمكان واستثناء بعض الخصومات هـو قـول يتعارض مع الأصول الدستورية الحديثة، حيث ان السلطة القضائية هي سـلطـة مـستقلة بـنص الدستور ولا ترتبط بأي سلطة ولا يستمد القاضي سلطة القضاء من اي شخص او جهة".

    - تمییز حقوق رقم 1586/94 مجلة النقابة لسنة 1995، صفحة 2175:  

    "تختص المحاكم الأردنية بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي ليس لـه مـوطن او محل إقامة في الأردن اذا كانت الدعوى متعلقة بالتزام نشأ او نفذ او كان واجباً تنفيذه فيها عمـلاً بالمادة 28 من قانون أصول المحاكمات المدنية".

    كما اود ان أشير الى قرار محكمة التمييز الموقرة رقم 4209/2004 المبرز ضمن قائمـة بينات المستدعي ضدها في قضية مماثلة حيث نصت المحكمة بأن المحـاكم الأردنيـة صـاحبة اختصاص للنظر في دعاوى الوكالات التجارية بالرغم من وجود اتفاق مخالف.

    في ضوء ما تقدم، فإن لجوء المستدعية الى قضائها الوطني لرؤية النزاع الناشئ بينها وبين المستدعية يستند الى احكام القانون، وان وجود شرط اتفاقي يمنعها من ذلك، او يعقد الإختصاص لمحاكم بلد اخرى او لجهات تحكيم خارج الأردن، لا يجوز قانوناً، لمخالفة مثل هذا الشرط لقاعدة من قواعد النظام العام، مما يجعله لاغيا ويجعل المحاكم الوطنية صـاحبة الاختصاص برؤيـة النزاع اعمالاً لأحكام المادة 28 من قانون أصول المحاكمات المدنية. كما يجعل التحكيم الـوطني جائزا كونه يتم ضمن صلاحيات ورقابة القضاء الأردني.

ثانياً:    أ- وايضاً ضمن قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين:

    لقد عرفت المادة 2 من قانون الوسطاء التجاريين رقم 28 لسنة 2001 الوكيـل التجـاري (الشخص المعتمد من الموكل ليكون وكيلا او ممثلاً له في المملكة او موزعاً لمنتجاتـه فيهـا سواء كان وكيلا بالعمولة او بأي مقابل اخر او كان يعمل لحسابه الخاص ببيع ما يستورد مـن منتجات الموكل).

    وعرفت الوكالة التجارية بأنها (عقد بين الموكل والوكيل يلتزم الوكيل بموجبـه بإسـتيراد منتجات موكله او توزيعها او بيعها او عرضها او تقديم خـدمات تجاريـة داخـل المملكـة او لحسابه نيابة عن الموكل).

   وبالرجوع الى نص المادة 16/أ من قانون الوكلاء والوسطاء التجاريين المشار إليه سـابقاً نجد ان محكمة التمييز قد طبقته في قضية مماثلة.

    لطفاً تمييز حقوق رقم 4209/2004 تاريخ 28/3/2005 .

    حيث ورد فيه (يستفاد من المادة الثانية من قانون اصول المحاكمات المدنية ان النصوص المعدلة للاختصاص عندما تصبح سارية المفعول قبل تاريخ ختام المحاكمة في الـدعوى فـإن احكامها تسري عليها وحيث ان احكام قانون الوكلاء التجاريين رقم 28 لسنة 2001 قد اصبحت سارية المفعول اعتباراً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 2001/7/19 اثنـاء نظـر هذه الدعوى من قبل محكمة البداية فتكون احكام هذا القانون مستوجبة التطبيـق علـى هـذه الدعوى وحيث ان المحاكم الاردنية وفقاً لاحكام المادة 16 من القانون المذكور مختصة بنظـر هذه الدعوى فيكون قرار محكمة الإستئناف الذي قضي بذلك تطبيقاً واحكام القانون).

    مما تقدم، يظهر بوضوح ان النص الوارد في المادة 16 هو نص آمر ويحيل الاختـصاص للمحاكم الاردنية بشكل لا لبس فيه.

   - ومن مؤيدات ذلك ايضا ما ورد في قرار محكمة التمييز الموقرة في قـرار لهـا رقـم 47/1991 تاریخ 28/8/1991 مجلة النقابة لعام 1993 صفحة 193.

    حيث ورد فيه ما يلي (يستفاد من نصوص اتفاقية نيويورك المتعلقة بقرارات التحكـيم وتنفيذها والتي صادقت عليها المملكة الاردنية الهاشمية في 8/7/1979 ان الإعتراف بقرارات التحكيم يشمل ايضاً وبالضرورة الاتفاقيات الخطية التي يوافق الفرقاء على احالـة المنازعـات التي تكون قد نشأت أو التي يمكن ان تنشأ الى التحكيم عملا بنص المادة 2/1 مـن الاتفاقيـة المذكورة.

    اجازت المادة 5/2/ب من اتفاقية نيويورك المتعلقة بقرارات التحكيم رفض الاعتراف بقرار التحكيم وتنفيذه او احالة النزاع على التحكيم، اذا كان الاعتراف بذلك يناقض السياسة العامـة لذلك البلد.

    ان السياسة العامة للمملكة الاردنية الهاشمية في المجال المتعلق بالوكالات التجارية هـو حماية المواطن وتأكيد السيادة الوطنية، إذ جاء في المادة 20 من قانون الوسـطاء والـوكلاء التجاريين "بالرغم من كل اتفاق مخالف تعتبر محاكم المحل الذي يمارس فيه الوكيل نشاطه هي المختصة في النزاعات الناشئة عن عقد الوكالة التجارية" وعليه فتعتبر محكمة بدايـة عمـان مختصة بالنظم بالدعوى التي أقامتها الشركة المميزة لمطالبة المميز ضدهم بـالتعويض عـن العطل والضرر نتيجة لإنهائهم وكالتها التجارية ما دامت المميزة تمارس اعمالها داخل المملكة وفي مدينة عمان بالذات).

    ومن هذا يتبين بوضوح ان الإجتهاد القضائي الاردني قد ساوى بين الاتفـاق علـى احالـة النزاع على المحاكم الأجنبية او احالته الى التحكيم الأجنبي وقد بينت محكمة التمييـز المـوقرة بوضوح ان اتفاقية نيويورك التي اشارت اليها المستدعية قد اجازت في المادة 2/5/ب رفـض احالة النزاع على التحكيم اذا كان ذلك يناقض السياسة العامة للبلد وخلـصت محكمـة التمييـز الموقرة ان السياسة العامة للمحكمة بخصوص الوكالات التجارية حماية المواطن الاردني وتأكيد السيادة الوطنية وبالتالي اعتبرت ان احالة النزاع على التحكيم الأجنبي يتعارض والنص الآمـر والسيادة الوطنية واعتبرت هذا الشرط باطل وهذا بخلاف التحكيم المحلي الذي يبقي النزاع تحت سلطة القضاء الوطني، من حيث الرقابة على التحكيم والمصادقة علـى قـرار التحكـيم ورد المحكمين وخلافه وبالتالي فلا بد من التفريق بين الإحالة الى التحكيم المحلي والتحكيم الأجنبـي الذي استقر القضاء الأردني فيما يتعلق بالوكالات التجارية على أبطال مثل هذا الشرط وابقـاء الاختصاص للقضاء الوطني.

   واود ان اشير هنا أيضاً إلى قرار محكمة التمييز الموقرة الذي يؤكد هذا المفهوم وهو القرار رقم 3233/2004 تاريخ 20/2/2005 (ينحصر مدلول الدفع بعدم الاختصاص المكاني الوارد في المادة 109 من قانون أصول المحاكمات المدنية في المحاكم النظامية المنشأة : بموجب قـانون تشكيل المحاكم النظامية داخل المملكة الاردنية الهاشمية ولا يتعداها الـى أي محكمـة أو هيئـة تحكيم متواجده خارج التراب الوطني الاردني.

    اذا كان الدفع المقدم من المستدعية في واقعة تتعلق بولاية المحاكم فـي المملكـة الاردنيـة الهاشمية وأن الطاعنة ترمي من طلبها هذا الى سلب اختصاص محكمة بدايـة حقـوق عمـان واعطائه إلى غرفة التجارة الدولية فإن ولاية المحاكم في المملكة الاردنية الهاشمية لها مساس مباشر بالسيادة الوطنية وان المشرع انطلاقاً من مبدأ السيادة الوطنية قد اعطى للمحاكم الاردنية حق القضاء على جميع الأشخاص وان هذا الحق قد ورد ضمن نص أمر في المادة 27/2 مـن قانون أصول المحاكمات المدنية ولا يجوز مخالفته.

    وكذلك تمييز  حقوق رقم 1749/2004 تاريخ 20/5/2005

    وكذلك تمييز حقوق رقم 1627/2000 تاريخ 217/2000

    (يستفاد من أحكام المادة 5 من قانون التحكيم رقم 18 لسنة 53 انه اذا اقتنعت المحكمـة ان طالب وقف اجراءات الدعوى لعرض النزاع على التحكيم طبقاً لشرط العقد كان مستعداً ولا يزال راغبا بإتخاذ التدابير اللازمة لإنتظام سير التحكيم أصدرت قرارها بوقف اجـراءات الـدعوى، وعليه فإنه لا يكفي مجرد وجود التحكيم في العقد احالة الأمر للتحكيم.

     اذا قامت المميز ضدها بتوجيه انذار عدلي للمميزة قبل إقامة الدعوى وتبلغته المميزة ولـم يصدر عنها ما يفيد انها مستعده وراغبة في اتخاذ الاجراءات اللازمة لانتظام السير بالتحكيم قبل إقامة الدعوى كما لم تثبت المميزة انها كانت مستعدة للتحكيم وجادة فيه ولم تتفاوض مع المميـز ضدها على تسمية المحكم، وحيث توصلت محكمة الإستئناف وبقرارها المميز الى هذه النتيجـة فيكون قرارها في محله.

    استقر الاجتهاد القضائي في ظل قانون التحكيم السابق الواجب التطبيـق، علـى ان شـرط التحكيم المتعلق بحل الخلافات المتعلقة بالاتفاق عن طريق التحكيم في بلد أجنبي لا يجوز أعماله لمخالفة هذا الشرط لقاعدة دستورية تتعلق بالسيادة الوطنية وحماية المواطن الأردني بإخـضاعه للقضاء الأجنبي وهذه القاعدة تعتبر من النظام العام ولا يجوز للفرقاء الإتفاق على خلافها وحيث توصلت محكمة الإستئناف الى هذه النتيجة فإن قرارها يكون في محله وهذا مـا اسـتقر عليـه الاجتهاد القضائي بهذا الخصوص.

ومن هنا يتضح أن نص المادة (5) جاء في محله لحماية مصالح يراها المشرع انها مصالح وطنية بحاجة إلى حماية وعدم أخراجها لإختصاص أجنبي أو خارج الوطن.