الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن / تعديل بعض قواعد تحكيم اليونسترال لتلائم حسم المنازعات الناشئة بين الدول ومواطني الدول الأخرى بشأن الإستثمار

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - ملحق العدد الثامن
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    213

التفاصيل طباعة نسخ

مقـدمـة :

1- يعد موضوع تعديل بعض قواعد تحكيم اليونسترال لـتلاءم حـسم المنازعـات المتـصلة بالإستثمار والناشئة بين الدول ومواطني الدول الأخرى من أهم الموضوعات التي أثيـرت مناقشتها أمام الفريق العامل الثاني المعني بتنقيح قواعد تحكيم اليونسترال التي تم وضـعها في عام 1976، إن لم يكن أهمها على الاطلاق وذلك بغض النظر عما انتهى الرأي بشأنها على هذا الصعيد.  

2- وترجع أهمية موضوع تعديل قواعد تحكيم اليونسترال في صيغته المعتمدة في عـام 1976 لتتواكب مع خصوصية التحكيم في منازعات الإستثمار إلى أمرين: الأمـر الأول: أ- مـن المعروف أن قواعد تحكيم اليونسترال لم توضع أصلاً لتنظيم التحكيم الذي يتصل بمنازعات الإستثمار الناشئة بين الدول المضيفة للاستثمار من جهة والطرف الأجنبي المتعاقـد معهـا والذي غالباً ما تكون دولته قد أبرمت اتفاقية حمائيـة للاستثمار مـع الدولـة المـضيفة للاستثمار.

 فقواعد تحكيم اليونسترال والتي تم اعتمادها في 15 ديسمبر 1976 بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 31/98، تهدف إلى تنظيم إجراءات التحكيم غير المؤسسي والذي يواجه المنازعات الناشئة بين الأفراد في إطار علاقات التجارة الدولية العادية.

 فالقرار المذكور والذي أوصى بإتباع قواعد تحكيم اليونسترال في فض المنازعات الناشـئة في اطار العلاقات التجارية الدولية لم يشر لا من قريب أو من بعيد، شأنه في ذلـك شـأن قواعد تحكيم اليونسترال نفسها، إلى المنازعات غير التجارية كتلك الناشئة عن الإستثمار.

 وعدم إشارة القرار إلى هذه المنازعات يؤكد على أن واضعي قواعد تحكيم اليونسترال، لم يتصوروا ولم يعرضوا في قواعد التحكيم التي صاغوها في عام 1976 لـحـل المنازعـات الناشئة عن عقود الإستثمار المبرمة بين الدولة المضيفة للاستثمار والأشخاص العاديـة التابعة لدولة أخرى، والتي عادة ما يكون قد تم إبرامها في ظل المعاهدات الثنائية والجماعية التي تقرر تشجيع الإستثمار وحمايته بين الدول المعنية.

3- وعدم تصور واضعي قواعد تحكيم اليونسترال لإمكانية إعمال هذه القواعد على المنازعات الناشئة بين الدول والأشخاص التابعة لدول أخرى بشأن الإستثمار الخاضـع للمعاهـدات الحمائية للاستثمار يفسره أن هذه القواعد قد تم وضعها في عام 1976 أي قبل نـشأة أول منازعة بين دولة وشخص أجنبي تابع لدولة أخرى في ظل الحماية الخاصـة بالمعاهـدات الدولية المبرمة بين الدولة المضيفة والشخص الأجنبي التابع لدولة أخرى.

فمن المعروف أن أول منازعة نشأت في هذا الصدد تم تسجيلها في المركز الدولي لفـض المنازعات الناشئة عن الإستثمار في 20 يوليه 1987 بصدد المنازعة الناشئة بين الـشركة الآسيوية المحدودة للمنتجات الزراعية وجمهورية سيريلانكا الشعبية الديمقراطية.

4- أما الأمر الثاني الذي يؤدي إلى أهمية موضوع البحث الماثل فيرجع إلى انه على الرغم أن قواعد تحكيم اليونسترال لم يتم وضعها أصلاً لكي تطبق على المنازعات الناشئة عن عقود الإستثمار المبرمة بين الدولة المضيفة للاستثمار والمستثمر الأجنبي وذلك على عكس قواعد تحكيم، الـICSID، التي وضعت خصيصاً لتطبق على المنازعات الناشئة بين دولة متعاقدة ومستثمر أجنبي تابع لدولة متعاقدة أخرى أطراف في معاهدة واشنطن، فـإن المـشاهد أن الأطراف المتنازعة في عقود الإستثمار قد لجأت إلى استخدام قواعد تحكيم اليونسترال لكي تطبق على المنازعات القائمة فيما بينها.

5- واللجوء إلى اعتماد قواعد تحكيم اليونسترال كآلية لحسم المنازعات القائمـة بـين الدولـة المضيفة للاستثمار والمستثمر الأجنبي يتحقق عادة من خلال النص على هذه الوسيلة فـي المعاهدات الحمائية المشجعة للاستثمار والتي تكرس اللجوء إلى هـذه القواعـد أو قواعـد التحكيم وفقا للمركز الدولي لفض المنازعات.

فرغبة الدولة المتقدمة في تحقيق تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وانسيابها مع تقرير الحماية الدولية القصوى لها، ورغبة الدول الآخذة في النمو في استقطاب أكبر قـدر مـن رؤوس الأموال الأجنبية من أجل مساعدتها على الانتقال من مرحلة التخلف إلى مرحلة التقدم يـتم التعبير عنها من خلال ابرام المعاهدات المشجعة والحماية للاستثمار والتي تعتمد التحكيم كآلية لحسم المنازعات الناشئة بين الدولة المضيفة للاستثمار الطرف في المعاهدة والشخص الأجنبي المتعاقد معها والذي يتمتع بجنسية الدولة الأخرى الطرف في المعاهدة.

6- ووفقاً للإحصاءات المتاحة فإن عدد هذه المعاهدات قد بلغ عام 2009 ما يقرب من 2700 معاهدة ثنائية؟.

وإلى جانب المعاهدات الثنائية التي تشير إلى إمكانية اللجوء إلى قواعد تحكيم اليونـسترال كآلية لحسم المنازعات الناشئة عن الإستثمار، فإن أيـضاً بعـض المعاهـدات الجماعيـة كمعاهدة التجارة الحرة بين أمريكا الشمالية المبرمة من كل من كنـدا والولايات المتحـدة الأمريكية والمكسيك نصت في بعض موادها على اللجوء إلى قواعـد تحكـيم اليونـسترال (الفصل 11 من NAFTA).

7- والثابت أن اللجوء إلى استخدام قواعد تحكـيم اليونـسترال بـشأن المنازعـات المتـصلة بالإستثمار الأجنبي المباشر يأتي في المرتبة الثانية بعد اللجوء إلى قواعد تحكـيم المركـز الدولي لفض المنازعات والذي يمكن القول بأنه يعد التحكيم الطبيعي لمثل هذه المنازعات.

8- وعلى الرغم من أن اللجوء إلى التحكيم وفقاً لقواعد تحكيم اليونسترال بـشأن المنازعـات الناشئة للاستثمار يحتل المرتبة الثانية بعد تحكيم المركز الدولي، على نحو ما اشرنا سـلفاً، فإنه لا يوجد احصاء دقيق بشأن عدد المنازعات التحكيمية الخاصة بالإستثمار والتـى تم اللجوء بشأنها إلى تحكيم اليونسترال.

9- وإذا كان المألوف أن يتم حسم المنازعات الناشئة بين المستثمر الأجنبي والدولة المضيفة من خلال اللجوء إلى تحكيم المركز الدولي ICSID، فإن التساؤل يثور حول السبب الذي يدفع الأطراف في بعض الحالات إلى تفضيل اللجوء إلى قواعد تحكيم اليونـسترال بـدلاً مـن اللجوء إلى قواعد تحكيم المركز التي أعدت خصيصاً لحسم هذا النوع من المنازعات آخذة في الاعتبار طبيعة التحكيم الذي تكون الدولة أحد أطرافه وهو الأمر الذي لم تهتم قواعـد تحكيم اليونسترال به من مبدأ الأمر؟

10- ويبدو لنا أن هذا السبب يكمن في ما تتمتع به قواعد اليونسترال من مرونة بإعتبارها قواعد تحكيم غير مؤسسي ad hoc من جهة. ومن جهة أخرى الرغبة في تفادي تحكيم المركـز وذلك بسبب الشروط التي تتطلبها المادة 25 من معاهدة واشنطن والتي قد تكـون غيـر متحققة في واقعة الحال وأخيراً ما تتسم به قواعد تحكيم اليونــسترال مـن سـريـة نـسبية بالمقارنة بقواعد تحكيم المركز.

11- ولئن كان صحيحاً ان قواعد تحكيم اليونسترال لم تنطلق من مبدأ عام يكرس فكرة الـسرية في التحكيم إلا أن هناك نصان كرسا هذه السرية وهما نص المـادة 25 فقـرة 4 والمـادة 32/5. وبهذه المثابة فإن اللجوء إلى التحكيم وفقاً لقواعد اليونسترال يمنح الأطـراف هـذه الميزة (ميزة السرية) إذ يعد من غير الممكن لشعب الدولة المضيفة للاستثمار أو للـدول الأخرى معرفة ما إذا كان هناك اجراءات تحكيمية قد شرع في اتخاذها، وما هو موضـوع التحكيم وما هي الحجج وأوجه الدفاع الشفهية أو المكتوبة التي تم ابداؤها في المنازعـات، وما هي مواعيد جلسات التحكيم التي حددتها هيئة التحكيم ومتى يتم اصدار الحكم المنهـى للمنازعة وما هو مضمونه.

12- وعلى الرغم من انه من الجائز على الصعيد النظري أن تتفق الأطراف في التحكيم علـى جميع المعلومات المتقدمة مباحة للكافة إلا أن هذا لا يحدث على الصعيد العملـي إلا جعل فيما ندر إذ يظل دائماً عند أحد الأطراف الرغبة في حجب هذه الأمور عن الجمهور.

13- وفي ظل هذه الحقائق كان لا بد من اثارة التساؤل التـالي: هـل تـصلح قواعـد تحكـيم اليونسترال في صورتها الحالية التي تم اعتمادها في عام 1976 والتي تم استخدامها علـى نطاق واسع في اطار التحكيمات الخاصة بالإستثمار والتي لم توضع أصلا لحكمها أن تظل مستخدمة في هذا النطاق وذلك على الرغم مما هو ثابت من عدم تمشي هذه القواعـد مـع المبادئ الرئيسة المتنامية التي لا بد أن تحكم قواعد التحكيمات الخاصة بالإستثمار وأهمهـا مبدأ الشفافية وحق الأفراد المنتمين للدولة المضيفة للاستثمار في العلم والمعرفة بما يـدور في الغرف المغلقة التي تنعقد فيها هيئات التحكيم لتحسم في منازعات تمس في المقام الأول الصالح العام لهؤلاء الأفراد؟ أم لا بد من تنقيح هذه القواعد لتتلاءم مع هذا المبدأ؟

14- تباينت الآراء المطروحة للإجابة على السؤال المتقدم حيث ذهب رأي إلى القول بـضرورة تعديل القواعد الحالية من أجل مواكبتها للتحكيم بشأن منازعات الإستثمار.

بينما ذهب رأي آخر إلى تبني موقف مغاير يرى أنه لا داعي لتعديل القواعد الحاليـة فـي اطار التنقيح الماثل وان أي تعديل للقواعد لكي يتماش مع منازعات الإستثمار لا بد أن يكون لاحقاً على التنقيح الماثل الذي لا بد أن يحافظ على احترام مبدأ السرية في التحكـيم الذي ارتأى البعض أن القواعد المنقحة ينبغي أن تجعله مبدأ عاماً. وسوف تعالج هذه الورقة الاتجاهين السالفين في المبحثين التاليين.

المبحث الأول: الرأي المدافع عن تعديل بعض النصوص فـي قواعـد تـحـكـيـم اليونسترال الحالية لتتماشى مع التحكيم بشأن الإستثمار:

1- أسباب هذا الرأي ودوافعه:

15- ينطلق هذا الرأي من مقولة بسيطة أن هدف التحكيم التجاري الدولي الذي وضعت قواعد تحكيم اليونسترال الحالية لتنظيمه يختلف بالضرورة عن التحكيم الـذي يـتم بـين الدولـة والطرف الأجنبي المتعاقد معها.

ويتركز الاختلاف اساساً في طبيعة المصالح التي يتوجب مراعاتهـا فـي النـوعين مـن التحكيمات. إذ تظل المصالح المتطلب حمايتها على صعيد التحكيم الخـاص بالمنازعـات التجارية البحثة مصالح خاصة، بينما في اطار التحكيمات التي تكون الدولة أحد أطرافها فإن المصلحة العامة تظهر بإمتياز. وإذا كانت حماية المصالح الخاصة قد تبرر سرية التحكـيم، فإن المصالح العامة تلفظ السرية وتدعم الشفافية كبديل للسرية.

وتتمركز فكرة المصلحة العامة حول أن معظم المنازعات التي تكون محلاً للتحكيمات بـين الدول والمستثمر الأجنبي تتعلق بالمرافق العامة في الدولة ذات الطـابع الحيـوي كمرفـق المياه، البترول، الغاز الطبيعي، والنقل والاتصالات.

ويترتب على ذلك أن للأفراد في الدولة مصلحة في مراقبـة المنازعـات المتـصلة بهـذه القطاعات الحساسة على نحو يحافظ على حقوقهم ويتحاشى المساس بالمرافق العامة والنيل منها هذا من جهة.

16- ومن جهة ثانية فإنه من المعروف أن الدولة الآخذة في النمو عندما تقـوم بـإبرام عقـود الإستثمار مع المستثمر الأجنبي فالأصل أنها تفعل ذلك من أجل الانتقال من حالة التخلـف إلى مرحلة التقدم وذلك اعتقاداً منها أن الإستثمار الأجنبي المباشر يعد القاطرة التي تمكنهـا من بلوغ ذلك الهدف.

إلا انه قد يحدث في بعض الاحيان أن يشوب إبرام هذه العقود الكثير من الفساد؟، وأيضاً قد تؤدي إلى انتهاك حقوق الانسان سواء تم هذا الانتهاك بعلم الدولة المضيفة أو بدون علمها، كما أنها في بعض الأحيان قد تحدث تهديداً في البيئة الاقليمية للدولة المضيفة للاستثمار.

وهذه الأمور قد لا تتكشف إلا أثناء التحكيم وهو ما يجعل من سرية التحكيم وسيلة لطمـس هذه الحقائق إلى الأبد وهو يتعارض مع مبدأ الشفافية الأخذ في الازدياد على صعيد التحكيم بين الدول والمواطنين التابعين لدول أخرى.

17- ومن جهة ثالثة فإن العديد من التحكيمات المتصلة بالمنازعات الناشئة بين الدول والمستثمر الأجنبي يكون سببها يرجع إلى قيام الدولة المضيفة للاستثمار بإتخاذ اجراءات سيادية تمس بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر مواطنيها، وتكون هذه الاجراءات ذات الطابع الـسيادي تتضمن تشريعات خاصة بحماية حقوق الانسان الرئيسية وأيضاً قد تتعلق هذه التشريعات بالصحة العامة للمواطنين والمحافظة على البيئة وحمايتها قوانين العمل ألخ. ونظراً لأن ما يصدر عن التحكيم من أحكام قد يؤثر على حقوق ومصالح الأفراد المنتمـيـن إلـى الدولـة المضيفة للاستثمار فإن حقهم في الاطلاع على ما يتم في هذا التحكيم وهو الأمر الذي لـن يتحقق من خلال سرية التحكيم وإنما بإحترام مبدأ آخر هو مبدأ الشفافية.

18- ومن جهة رابعة فإن التحكيمات المتعلقة بالإستثمار تكبد الخزينة العامة للدولة مبالغ طائلـة يتحملها المواطن، ولذا فمن حقه أن يعلم ما يدور في هذه التحكيمات التي يتحمـل نفقاتها منذ بدايتها وحتى نهايتها.

19- ومن جهة أخيرة فإن قواعد تحكيم اليونسترال بصيغتها الحالية لا تصلح لحكم المنازعـات المتصلة بالإستثمار الناشئة بين الدولة المضيفة والمستثمر إذ ينقص هذه القواعد العناصـر الرئيسية التي تميز المجتمعات الديمقراطية الخاضعة لحكم القانون وخاصة عنصر الشفافية الذي يناقضه ما تتسم به قواعد تحكيم اليونسترال من سرية.

وفي هذا الإطار أيضاً ونظراً لأن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الـدولي تعـد أحـد أجهزة الأمم المتحدة تم انشاؤها من أجل تطوير قانون التجارة الدولية، فإن الـسرية التـي تحيط بالإستثمار والذي يتم عادة وفقاً لقواعد تحكيم اليونسترال تتعارض مع أنشطة الأمـم  المتحدة وتوجهاتها الهادفة إلى تشجيع الشفافية ومساهمة الجمهور واحترام حقوق الانسان والإدارة الحكومية الرشيدة، وهو ما يدعو لجنة الأمم المتحدة الواضعة لهذه القواعـد إلـى ضرورة اعادة النظر فيها على نحو يجعلها أكثر احتراماً للشفافية عند استخدامها في اطـار منازعات الإستثمار الناشئة بين الدول والمستثمر الأجنبي.

20- وعلى ما يبدو فإن هذه الأفكار المتقدمة كانت حاضرة بشكل كبير في التصور الـذي تـم وضعه كل من الأستاذين Jan Paulsson و Georgios Petrochilos واللذين أوكلت لهما سكرتارية لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في عام 2006 مهمة وضع تـصـور عام لإطلاق النقاش حول تعديل قواعد تحكيم اليونسترال.

حيث تضمن هذا التصور اعادة صياغة المواد 15 فقرة 4 من قواعد تحكيم اليونسترال على نحو يخول لهيئة التحكيم بعد موا رافقة أطراف التحكيم، وبشرط عدم اتفـاقهم علـى عكس ذلك، بالسماح لأصدقاء هيئة التحكيم amicus curiae بتقديم الطلبات إلى هيئـة التحكيم.

كما ذهب التقرير إلى اقتراح تعديل نص المادة 25 – 4 على نحو يسمح بحـضور الغيـر لجلسات المحاكمة أما بشكل جزئي أو كلي بعد موافقة الأطراف.

كذلـك فــإن التقريـر المشار إليه سلفاً اقترح تعديل نص المادة 32 على نحو يجيز نشر الحكم إذا كان هذا النشـر مفروض على أحد أطراف التحكيم بنـاء علـى التـزام قانوني.

21- وإلى جانب هذا الاقتراح بالتعديلات الجزئية التي وردت في التقرير المعد من قبل الأستاذين Georgios Petrochilose Jan Paulsson فإن المركز الدولي للقانون البيئـي والمعهـد الدولي للتنمية المستدامة وضعاً تقريراً شاملاً تنأولا فيه التعديل المقتـرح لقواعـد تحكـيم اليونسترال في حالة استخدام هذه القواعد في اطار المنازعات الناشئة عن الإستثمار القائمة بين دولة ومستثمر أجنبي.

وسوف نعرض لهذه المقترحات .

2- المقترحات المقدمة من الرأي المدافع عن تعديل بعض قواعد تحكيم اليونسترال لتتماشـى مع التحكيم بشأن الإستثمار:

22 - اقترح الرأي الماثل تعديل بعض نصوص القواعد الحالية وإضافة بعض مواد جديدة وسوف نعرض لهذه المسائل على التفصيل.

أ ) تعديل نص المادة 3 من قواعد تحكيم اليونسترال الحالية من أجل تحقيق الشفافية بخصوص معرفة بدء إجراءات التحكيم وتشكيل هيئات التحكيم.

23- وفقاً لنص المادة (3) من قواعد تحكيم اليونسترال الحالية فإن الطرف الذي يعتزم البدء في اجراءات التحكيم عليه أن يرسل للطرف الآخر أخطاراً بالتحكيم. ولا يوجد في نص المادة 3 ما يفيد بأن الاخطار بالتحكيم يتم نشره.

وعدم وجود سجل عام بشأن اجراءات التحكيم التي يشرع فيها مستثمر أجنبي ضد الدولـة يتعارض مع المبادئ الديمقراطية والحكم الرشيد، فالشعب له الحق فـي أن يعـرف بـدء ووجود إجراءات التحكيم.

واستلهاماً لهذه الأفكار وتأكيداً لإحترامها اقترح مركز القانون البيئي الدولي والمعهد الدولي للتنمية المستدامة انه بمجرد تعيين هيئة التحكيم، فإنه يتوجب إرسال نسخة مـن الاخطـار بالتحكيم والاتفاق على تشكيل هيئة التحكيم إلى سكرتارية لجنـة الأمـم المتحـدة للقـانون التجاري الدولي والتي عليها أن تضع هاتين الوثيقتين على موقعها الالكتروني .

24- وهذا التوجه يجعل قواعد تحكيم اليونسترال تساير القواعد الأخرى المعمول بها فـي ظ المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة للاستثمار والتي وفقا لها يوجد سـجـل عـام لـكـل و التحكيمات.

25- وأيضاً فإن منظمة التجارة العالمية تنشر على موقعها الالكتروني جميع الطلبات التي تصل إليها من أجل اجراء المشاورات وتشكيل لجان.

وترتيبا على ما تقدم فإن المعهد الدولي للتنمية المستدامة ومركز القانوني البيئـي الـدولي اقترحا اضافة فقرة جديدة للمادة الثالثة تشكل الفقرة الخامسة منها وتنص على ما يلي:

3-5 "عقب تعيين هيئة التحكيم في دعوى التحكيم المرفوعة من مستثمر ضد دولة بمقتضى أحكام معاهدة يتعين أن تقوم هيئة التحكيم على الفور بإرسال نسخة من أخطار التحكيم إلى أمانة اليونسترال وإبلاغها بتشكيل هيئة التحكيم وان تقوم الامانة بنشر هذه المعلومات فـي موقعها على شبكة الانترنت دون أبطاء".

وإلى جانـب هذا الاقتراح المنصب على تعديل نص المـادة 3-5 مـن قواعـد تحكـيم اليونسترال الحاليـة فإن المعهد الدولي للتنمية المستدامة ومركز القـانون البيئـي الـدولي اقترحاً أيضاً تعديل نص المادة 15-3 من قواعد تحكيم اليونسترال وهو ما سوف نعرض له الآن.

ب- الاقتراح بتعديل نص المادة 15-3 وأيضاً إضافة فقرة جديدة من أجل تحقيق الشفافية على نحو يحقق إمكانية الاطلاع على الوثائق والمعلومات أثناء سير اجراءات التحكيم.

ب-1 تحقيق الشفافية على صعيد الاطلاع على الوثائق والمعلومات.

26- لا تتضمن قواعد تحكيم اليونسترال الحالية نصاً صريحاً فيما يخـص سـرية الوثـائق أو المعلومات التي يتم تقديمها أثناء سير الاجراءات التحكيمية.

إذ تنص المادة 15-3 من قواعد تحكيم اليونسترال على أن:

15-3 "الوثائق أو المعلومات التي يقدمها أحد الطرفين إلى هيئة التحكيم يجب أن يرسـلها هذا الطرف في نفس الوقت إلى الطرف الآخر".

وترتيباً على ذلك فإن الوثائق والمعلومات بما في ذلك المرافعات الشفهية لا تخضع للإلتزام بالسرية اللهم إلا إذا قررت هيئة التحكيم عكس ذلك.

27- وفي اجتماع الفريق العامل الذي عقد في فيينا في سبتمبر 2006 فإن بعض الوفود عبـرت عن رأيها في أن يمتد الالتزام بالسرية إلى إجراءات التحكيم.

ويرى البعض أنه فيما يتعلق بالمنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية والتي تثور بين الأفـراد العاديين فإن الدفاع عن مبدأ السرية قد يكون مفيداً وقد تم اقتراحه في تقرير  Petrochilos /Paulsson

إلا أن مد الالتزام بالسرية فيما يتعلق بالمنازعات القائمة بين المستثمر والدولة يعدو غيـر ملائم.

فالقاعدة القانونية التي سوف تحرم الحكومة من طرح ما قدمته لهيئة التحكيم بشكل علنـي سوف ينتقص من مبادئ الادارة الحكمية ويمس حقوق الانسان ويقلـل مـن مـصداقية ومشروعية إجراءات التحكيم.

28- وعلاوة على ما تقدم فإن الاطلاع على الوثائق والمعلومات المقدمة في التحكيم يعد أمـراً ضرورياً من أجل تفعيل النصوص المتعلقة بإمكانية تدخل الغيـر amicus curiae أو مـا يعرف بأصدقاء هيئة التحكيم. فعلى سبيل المثال فإن الغير الذي يرغب في التقدم بطلب إلى هيئة التحكيم لن يكون قادراً على تقدير ما إذا كانت المعلومات التي يملكها أو وجهة النظر التي يريد عرضها مخالفة عن وجهة نظر الأطراف في المنازعة التحكيمية أو مما إذا كانت ذات فائدة لهيئة التحكيم إذا كان سجل اجراءات التحكيم غير علني.

وبالمثل فإنه سوف يكون من المستحيل بالنسبة للغير غير الطرف في العملية التحكيميـة أن يقدم طلبه إلى هيئة التحكيم في نطاق المنازعة المعروضة على الهيئة إذا كانت فرصة اتاحة الاطلاع على المرافعات الشفهية غير معترف بها.

29- ولقد واجهت الأطراف في اتفاقية التجارة الحرة بأمريكا الشمالية مـسألة سـرية الوثـائق والمعلومات الواردة في بعض نصوص الفصل 11 من اتفاقية التجـارة الحـرة بأمريكـا الشمالية في 13 يوليه 2001. وذلك في التفسير الذي اعطته لجنة التجـارة الحـرة حيـث قررت هذه اللجنة انه "لا يوجد في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ما يضع التزامـاً عاماً . بالسرية على الأطراف المتنازعة بشأن التحكيم المنصوص عليه في الفصل الحـادي عشر ولا يوجد في اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ما يمنع الأطـراف مـن إتاحـة الوثائق المقدمة إلى أو الصادرة عن هيئات التحكيم العاملة وفقاً لقواعـد الفـصل 11 مـن NAFTA إلى الغير".

30- ووفقاً أيضاً للتفسير المتقدم فإنه يتطلب من الأطـراف فـي NAFTA أن تكـون جميـع المستندات والمعلومات متاحة بشكل علني في الوقت المناسب، مع ضمان الحماية فيما يتعلق بالإسرار المهنية والمعلومات الخاضعة لنظام حماية خاصة أو المحمية من الافصاح وفقـاً للقانون الوطني للطرف.

31- ولقد تمسكت الولايات المتحدة بأن هيئات التحكيم العاملة في ظل الفصل 11 مـن اتفاقيـة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية لا يمكنها أن تعزل أية معلومات أو وثائق تم الحصول عليها بطريقة أخرى وفقاً لقانون حرية المعلومات والقانون الأمريكي الخاص بحق الجمهور فى الوصول إلى المعلومات.

بالإضافة إلى ذلك فإن، جميع الاتفاقيات المتعلقة بالتجـارة الحـرة والمعاهـدات الثنائيـة للإستثمار الموقعة من الولايات المتحدة الأمريكية تشير إلى ما تقدم صراحة، وتنص علـى احترام الشفافية في التحكيم ويشمل ذلك حرية الوصول إلى المستندات والمعلومات المقدمـة في التحكيمات التي تتم وفقاً لقواعد تحكيم اليونسترال.

32- وإتاحة الوصول إلى المعلومات للكافة يعد أيضاً اتجاهاً واضحاً في اطار منظمة التجارة العالمية.

33- وبالاستناد إلى كل ما تقدم أقترح المعهد الدولي للتنمية المستدامة ومركز القـانون البيئـي الدولي اجراء تعديل على نص الفقرة 15/3 الحالية من قواعد اليونسترال والتي تنص على أن الوثائق أو المعلومات التي يقدمها أحد الطرفين إلى هيئة التحكيم يتعين أن يرسلها هـذا الطرف إلى الطرف الآخر في نفس الوقت لتصبح في صياغتها الجديدة على النحو الآتي:

النص المقترح للمادة 15/3 في صورتها الجديدة:

 15-3 " جميع الوثائق أو المعلومات التي يقدمها أحد الطرفين إلى هيئة التحكيم يتعـين أن يرسلها هذا الطرف في نفس الوقت إلى الطرف الآخر. وفي دعوى التحكيم المرفوعة مـن مستثمر ضد دولة بمقتضى أحكام معاهدة، يتعين أن تقوم هيئة التحكيم على الفور بإرسـال نسخة من كل المذكرات التي تلقتها إلى امانة اليونسترال، رهناً بتنقيح المعلومات التجاريـة السرية والمعلومات المتميزة أو المتمتعة لسبب آخر بالحماية من الافشاء بمقتضى القـانون الداخلي للطرف المعنى. ويتعين على أمانة اليونسترال أن تنشر كل تلك الوثائق في موقعها على شبكة الانترنت دون ابطاء.

34- كذلك فإن التقرير المشار إليه أقترح إضافة فقرة جديدة على المادة 15 لتصبح الفقرة 15/4 وذلك من أجل السماح لأي شخص أو كيان ليس طرفاً في النزاع يسمى الطـرف غيـر المنازع بأن يقدم إليها مذكرة خطية.

هو الأمر الذي سنعرض له الآن.

ب-2 الاقتراح بإضافة فقرة جديدة على المادة 15/4 لإتاحة الفرصة لإمكانية التدخل من قبـل الغير الذي ليس طرفاً في التحكيم أثناء سير اجراءات التحكيم.

35- لم تتعرض قواعد تحكيم اليونسترال لمسألة صلاحية هيئة التحكيم في أن تقبـل الطلبـات المقدمة من الغير amicus curiae.

فالمادة 15-1 من قواعد تحكيم اليونسترال تحدد بشكل عام سلطة هيئة التحكيم.

ولقد تم التمسك بهذه المادة من أجل منح السلطة لهيئة التحكيم في أن تقبل المذكرات المقدمة من أصدقاء هيئة التحكيم amicus curiae في قضية الشركة الكندية Methanex ضـد الولايات المتحدة الامريكية وفي قضية United States Parcel ضد كندا.

إذ تنص المادة 15-1 على انه "مع مراعاة أحكام هذه القواعد، لهيئـة التحكـيم ممارسـة التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة شريطة أن تعامل الطرفين على قدم المساواة وان تهيـئ لكل منهما في جميع مراحل الاجراءات فرصة كاملة لعرض قضيته".

36- والملاحظ أنه حتى عام 2006، وحين تم الشروع في تعديل قواعد تحكيم اليونسترال، كانت قواعد التحكيم المعمول بها في اطار المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الإستثمار لا تفصح هي بدورها عن موقفها بشأن قبول الطلبات المقدمة من أصدقاء هيئـة التحكـيم. ومع ذلك فإن العمل قد جرى على قبول هيئات التحكيم المذكرات المقدمـة مـن أصـدقاء المحكمة amicus curiae في القواعد القديمة وقبل تعديلها في عام 2006.

فعلى سبيل المثال في قضية Suez/Vivendi ضد الارجنتين فإن هيئة التحكيم المشكلة وفقاً لقواعد تحكيم المركز وافقت بإجماع الآراء على أن المادة 44 من اتفاقية المركز (اتفاقيـة واشنطن) والتي تقر لهيئة التحكيم بالسلطة في اتخاذ القرار بشأن المسائل الاجرائيـة، لـم تعالج في الاتفاقية نفسها القواعد الواجبة التطبيق على منازعة محددة، وتخول لهيئة التحكيم السلطة في قبول الطلبات المقدمة من amicus curiae في القضايا التي تقتضي ذلك.

37- ولقد كرست قواعد تحكيم المركز في صورتها الجديدة الممارسات العملية في نص صريح يمنح هيئات التحكيم السلطة قبول طلبات أصدقاء المحكمة، سواء بموافقة أو بعـدم موافقـة الأطراف.

 تنص المادة 37 (2) من قواعد تحكيم المركز بعد تعديلها على ما يلي: "يجوز لهيئة التحكيم بعد مشاورة الأطراف أن تسمح لشخص أو كيان ليس طرفاً في المنازعة (يطلق عليه فـي هذه المادة الطرف غير المنازع) أن يقدم مذكرة مكتوبة إلى هيئة التحكيم تتعلـق بمـسألة تدخل في نطاق المنازعة المعروضة عليها.

ولكي تسمح هيئة التحكيم بمثل هذا الطلب فإنه يجب عليها أن تأخذ بعين الاعتبار، فيما بين أشياء أخرى ما إذا كان:

أ- الطلب المقدم من الطرف غير المنازع سوف يساعد هيئة التحكيم في تحديد المـسألة القانونية أو الواقعية المتصلة بالمنازعة وذلك بأن يقدم معلومات ذات طبيعة خاصة أو تصور يغاير ذلك الذي قامت الأطراف بتقديمه،

ب- يجب أن يكون الطلب المقدم من قبل الطرف غير المنازع يتعلق بمسألة تندرج فـي اطار المنازعة،

جـ- أن تكون للطرف المنازع مصلحة واضحة في الاجراء وعلى هيئة التحكيم أن تتأكـد من أن الطلب المقدم من الطرف غير المنازع ليس من شأنه أن يعطل الاجراءات أو يلقى بأعباء لا مبرر لها على أي من الطرفين أو أن تكفل اتاحة الفرصـة للطـرفين لإبداء ملاحظاتهم على المذكرة المقدمة من الطرف غير المنازع.

ولئن كانت المادة 37/2 تتطلب من هيئة التحكيم أن تتشاور مع الأطراف، فإنها لم تـسمح لأي من الطرفين أو كليهما معا في أن يصوتا على القرار الصادر عن هيئة التحكيم. وهـو ما يتمشى مع مفهوم فكرة صديق المحكمة الذي يقدم المعلومات النافعة إلى هيئـة التحكـيم تاركاً لها تحديد كيفية الاستفادة من هذه المعلومات.

38- ولقد أيد التقرير المعد المشار إليه سلفاً من قبل كل من Paulsson وPetrochilos الرأي المدافع عن أن قواعد تحكيم اليونسترال يجب أن تتضمن قواعد صريحة تتعلـق بالطلبـات المقدمة من أصدقاء هيئة التحكيم. ولقد سطر الكاتبان ما يلي:

 "المادة 15-1 من قواعد تحكيم اليونسترال التي تنص على أن لهيئة التحكيم ممارسة التحكيم بالكيفية التي تراها مناسبة "يمكن تفسيرها على أنها تخول لهيئة التحكيم أن تقبـل الطلبـات الكتابية المقدمة من أصدقاء هيئة التحكيم لا سيما في ضوء الاستخدام المعتاد لقواعد تحكيم اليونسترال في التحكيم الذي يتم في منازعات الإستثمار المستند إلى المعاهـدات الدوليـة، ولذلك فإنه يبدو من الملائم أن هذه السلطة المعترف بها ضمناً لهيئة التحكيم يتم الاعتـراف بها بشكل صريح .

39- ولقد سار في ذات الاتجاه المتقدم التقرير المعد من قبل مركز القانون البيئي الدولي والمعهد الدولي للتنمية المستدامة حيث انتهى هذا التقرير إلى أن قواعد تحكيم اليونسترال يجـب أن تتضمن اشارة صريحة إلى المذكرات التي تقدم من أصدقاء هيئة التحكيم وتـساير الـنـص الجديد (نص المادة 37 فقرة 2 من قواعد تحكيم المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الإستثمار) الذي دخل في طور النفاذ ابتداء من ابريل عام 2006، ولقد أستخدمت القواعـد الخاصة بالتسهيلات الاضافية المعمول بها في اطار المركز نفس الصياغة الواردة في المادة 37 فقرة 2، وذلك بموجب الفقرة جـ 41(3).

وبالاستناد إلى كل ما تقدم اقترح التقرير المشار إليه اضافة فقرة جديدة إلى المـادة 15/4 تنص على ما يلي:

"في دعوى التحكيم المرفوعة من مستثمر ضد دولة بمقتضى أحكام معاهدة، يجوز لهيئـة التحكيم أن تسمح لأي شخص أو كيان ليس طرفاً في النزاع (يسمى في هذه القاعدة "الطرف غير المنازع") بأن يقدم إليها مذكرة خطية. ولدى البت في السماح بتقديم مذكرة كتلك، يتعين على هيئة التحكيم أن تأخذ بعين الاعتبار، أموراً منها، المدى الذي:

(أ) تساعد فيه المذكرة المقدمة من الطرف غير المنازع هيئة التحكيم على البت في مسألة واقعية أو قانونية ذات صلة بالإجراء عن طريق تقديم منظور معين أو معرفة أو رؤية معينتين؛

(ب) تتناول فيه المذكرة المقدمة من الطرف غير المنازع مسألة تندرج في نطاق النزاع.

ويتعين على هيئة التحكيم أن تكفل عدم تسبب المذكرة المقدمة من الطرف غيـر المنـازع بتعطيل الإجراء أو بإلقاء عبء لا مبرر له على أي من الطرفين أو الاضرار به دون وجه حق، وأن تكفل اتاحة الفرصة للطرفين لإبداء ملاحظاتهما على المذكرة المقدمة من الطرف غير المنازع.

كما اقترح التقرير المشار إليه أيضاً اجراء تعديل على نص المادة 25 فقـرة 4 واقتـرح أيضا إضافة فقرة جديدة وهو الأمر الذي سنعرض له الآن.

جـ- تعديل المادة 25 فقرة 4 من أجل الخروج بجلسات التحكيم من السرية إلى العلنية:

40- تنص المادة 25-4 من قواعد تحكيم اليونسترال على انه تكون جلسات المرافعات الشفوية وسماع الشهود مغلقة، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك".

من المتفق عليه أن هذه المادة تعتبر ملائمة للمنازعات التي تثور بين الأفراد المتعاملة على صعيد التجارة الدولية، فالأفراد المتعاملة على صعيد التجارة الدولية تختار التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات لأن التحكيم قضاء خاص يتسم بالسرية. إلا أنه فيما يختص بمنازعـات الإستثمار التي تنشأ بين طرف أجنبي مستثمر ودولة مـضيفة للاستثمار فـإن جلـسات المرافعات الشفوية يجب أن تكون علنية.

إذ تتعلق هذه المنازعات بمسائل هامة ترتبط بالمصلحة العامة وتخص الـشأن العـام مـمـا يستوجب أن تكون جلسات التحكيم في هذه المنازعات علنية.

فمن المعروف أن جلسات المحاكم الوطنية في المنازعات المتصلة بالشأن العام تكون دائماً علنية وكذلك الحال بالنسبة للجلسات أمام محكمة العدل الدولية.

إذ تنص المادة 59 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على أن الجلسات امام المحكمة علنية، إلا إذا قررت المحكمة عكس ذلك، أو إذا طلبت الأطراف أن تكون الجلسات غيـر علنية. وهذا القرار أو ذلك الطلب قد يتعلق اما بكل الجلسات أو بجزء منها ويكون اتخـاذه في أي وقت".

41- والمشاهد أن العديد من الجلسات المتعلقة بالتحكيمات الخاصة بالإستثمار أصـبحت تـتم بشكل علني وذلك دون ادنى مساس بإجراءات التحكيم على نحو يؤدي إلى تعطيلها.

فالمشاكل الفنية المتعلقة بتوفير المكان للجمهور حتى يتاح له حضور هذه الجلسات تم تجاوزها بالنسبة للتحكيمات التي تتم في أطار المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الإستثمار .

بل أن منظمة التجارة العالمية عقدت جلسات علنية دون أدنى تأخير أو نفقات باهظة. إذ تم عقد هذه الجلسات التي سمح للجمهور بالحضور فيها من خلال متابعة الجمهور لهـا عـن طریق دوائر تليفزيونية مغلقة في حجرات منفصلة.

وهناك أيضاً وسيلة فنية أخرى يمكن توفيرها من خلال انشاء موقع استماع كما يحدث فـي بعض المحاكم الوطنية.

42- ولقد اتخذت كل من الولايات المتحدة وكندا اجراءات بإرادتهما المنفردة من أجـل تـشجيع الجلسات العلنية. وفي 7 اكتوبر 2003 قررت كندا أنها تعلن موافقتهـا، وسـوف تطلـب موافقة المستثمرين، بأن تكون الجلسات التي يتم انعقادها بشأن المنازعـات التـي تخـضـع للفصل الحادي عشر من قواعد تحكيم NAFTA، علنية، وذلك بإستثناء الأمور التي تتعلق بإحترام المعلومات السرية بما في ذلك المعلومات السرية ذات الطابع المهني".

43- ولقد أنضمت كل من المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية إلى كندا فيما يخص الجلـسات العلنية بشأن التحكيمات المتعلقة بالإستثمار والتي تتم وفقا للفصل الحادي عشر من تحكيمNAFTA  .

ولقد تفاوضت الولايات المتحدة الأمريكية سواء فيما يتعلق بالمعاهدات الثنائية للاستثمار أو اتفاقات التجارة الحرة مع شيلي، أوروجواي وبيرو وكولومبيا والعديـد مـن دول أمريكـا الوسطى، والتي نصت كلها صراحة بالنسبة للتحكيم في المنازعات الناشئة بـين المـستثمر والدول، بما في ذلك الخاضع لقواعد تحكيم اليونسترال على أن تكون جلسات التحكيم علنية.

فعلى سبيل المثال فإن اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين الولايات المتحدة الأمريكية وشيلي تنص على أن "على هيئة التحكيم أن تجرى جلسات التحكيم بشكل علني وتحدد هيئة التحكيم بالتشاور مع الأطراف في المنازعات الترتيبات اللوجستية الملائمة".

وبالإضافة إلى علنية الجلسات، فإن المعاهدة المذكورة تنص على أن المدعى عليه سـوف يتيح جلسات المحاكمة علنية للجمهور. وفيما يخص نشر الحكم، فإنه يبدو من غير المعتـاد أن يحرم طرف خاص الدول من أن تجعل المحاكمة علنية وذلك على الرغم من أن الدولة طرف في المنازعة.

وبهذه المثابة فإن جانب من الفقه يقترح تبني حل مثل ذلك الحل الذي انطلق منـه الجيـل الجديد من المعاهدات الثنائية المشجعة للاستثمار واتفاقات التجارة الحرة، والتي تجعل مـن علنية الجلسات في التحكيم بين الدول والمستثمر الأجنبي مبدأ عاماً احتـرام حمايـة المعلومات السرية المتصلة بالأعمال.

44- ولقد أقر تقرير Paulsson / Petrochilos الاتجاه المشار إليه، فـي اطـار التحكيمـات المتصلة بالمنازعات الناشئة من المستثمرين الأجانب والدول، وذلك من اجل احترام الشفافية والاعتراف بأهمية علنية الجلسات وما ترتبه من أثر فيما يتعلق بالسماح للغير المعـروفين بأصدقاء التحكيم في حضور الجلسات ولقد اقترح التقرير اضافة فقرة إلى المادة 25/4 على قواعد تحكيم اليونسترال الحالية والتي تخول هيئة التحكيم السماح للغير بالحضور في كل أو بعض الجلسات وذلك في ظل الترتيبات اللوجستية الملائمة وحمايـة المعلومـات الواجبـة الحماية.

45- ويقترح التقرير المعد من قبل المركز الدولي للقانون البيئي والمعهد الدولي للتنمية المستدامة تعديل نص المادة 25/4 من قواعد تحكيم اليونسترال لكي تعبر عن التطورات التاريخيـة الحادثة ولكي تتماش مع الاتجاهات السائدة في السنوات العشرة المنصرمة.

ولقد ترجم التقرير المذكور اقتراحه عن طريق:

إضافة فقرة إضافية على المادة 25/4 الحالية ووضع فقرة جديدة على نفس المـادة لـنص المادة 25/4 مكرر0 وتنص المادة 25/4 بعد اضافة الفقرة المقترحة على ما يلي:

 25 -4 بإستثناء الحالات التي ترفع فيها دعوى التحكيم من جانـب مـستثمر ضـد دولـة بمقتضى أحكام معاهدة، تكون جلسات الإستماع مغلقة، ما لم يتفق الطرفان علـى خـلاف ذلك. ويجوز لهيئة التحكيم أن تشترط عدم تواجد أي شاهد أو شهود اثنـاء أدلاء الـشهود الآخرين بشهاداتهم. ولهيئة التحكيم حرية تحديد الطريقة التي يستجوب بها الشهود.

كما تنص المادة 4/25 مكرراً على ما يلي:

" في دعوى التحكيم المرفوعة من مستثمر ضد دولة بمقتضى احكام معاهدة، تكون جلسات الاستماع مفتوحة لعامة الناس. ويتعين على هيئة التحكيم أن تتخذ ترتيبات لوجستية مناسبة، تتضمن اجراءات لحماية المعلومات التجارية السرية أو المعلومات المتميـزة أو المتمتعـة لسبب آخر بالحماية من الافشاء بمقتضى القانون الداخلي للطرف المعني.

 ولقد اقترح التقرير المشار إليه أيضاً عمل تعديل على نص المادة 32 وذلك من أجل تحقيق الشفافية فيما يتعلق بحكم التحكيم.

د - تعديل نص المادة 32 من أجل ضمان الشفافية فيما يتعلق بحكم التحكيم:

46- تنص المادة 32 فقرة 5 من قواعد تحكيم اليونسترال على انه "لا يجوز نشر قرار التحكـيم إلا بموافقة كلا الطرفين".

وبالتالي ووفقاً لهذا النص فإن الدولة التي ترغب في نشر حكم التحكيم الـصادر لـصالحها ضد المستثمر الأجنبي لا تستطيع أن تقوم بذلك إلا بعد الحصول على موافقـة المـستثمر الأجنبي المحكوم ضده. والعكس أيضاً صحيح، فالمستثمر الأجنبي المحكوم لصالحه لـن يستطيع أن يقوم بنشر الحكم الصادر ضد الدولة المضيفة للاستثمار إلا إذا حـصـل علـى موافقتها بنشر الحكم الصادر ضدها.

47- وبمقارنة نص المادة 32 فقرة 5 من قواعد تحكيم اليونسترال بقواعـد التحكيم الخاصة بالمركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الإستثمار فإننا نجد أن هذه الأخيرة لا تتطلب موافقة الأطراف على نشر الحكم. إذ يستطيع أي من طرفي المنازعـة نـشر الحكـم دون افقة الطرف الآخر. فرضاء الأطراف بنشر الحكم تطلب فقط في الحالة التي يتم فيهـا النشر بواسطة المركز نفسه وليس بواسطة أطراف المنازعة التـي صـدر فيهـا الحك التحكيمي إذ أن كل طرف حر في نشر الحكم دون توقف ذلك على حصول رضا الطـرف الآخر.

وعلاوة على ذلك فإنه وفقاً للتعديل الجديد لقواعد تحكيم المركز الدولي لفض المنازعات فإن المركز يحق له أن يدرج في المنشورات الصادرة عنه مقتطفات من الأسباب القانونية التي قامت هيئة التحكيم بالاستناد إليها لإصدار حكمها حتى في الأحوال التي لا توافق الأطراف على نشر الحكم بواسطة المركز (المادة 48 فقرة 4).

والحل المتقدم هو أيضاً المتبع بالنسبة للقواعد الخاصة بالتسهيلات الاضافية الخاصـة بالمركز (المادة 53-3).

48- ونظراً لأن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لا تملك سكرتارية تقـوم بمتابعـة التحكيمات فإن اتباع الحل المشار إليه والذي اتبعته قواعد التحكيم في المركز غيـر قابـل للتحقيق في اللحظة الحالية. ومع ذلك فإن هذه الصعوبة يمكن تجاوزها إذا ما قامت هيئـات التحكيم العاملة وفقاً لقواعد تحكيم اليونسترال بإرسال ما يصدر عنها من أحكام أو قرارات إلى سكرتارية لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي وذلك من أجـل وضـعها علـى الموقع الالكتروني الخاص بها.

49- ولقد اقترح التقرير الموضوع من قبل مركز القانون البيئي الدولي والمعهد الدولي للتنميـة المستدامة تعديل نص المادة 32/5 من قواعد تحكيم اليونسترال الحالية وإضافة مادة جديدة هي المادة 32/5 مكرراً.

ووفقاً للتعديل المقترح فإنه يتم ادراج جملة اضافية على المادة 32-5 لتصبح على النحـو الآتي:

" بإستثناء الحالة التي تكون فيها دعوى التحكيم مرفوعة من جانب مـستثمر ضـد دولـة بمقتضى أحكام معاهدة، لا يجوز نشر قرار التحكيم إلا بموافقة كلا الطرفين."

أما بالنسبة للمادة 32-5 مكرر فإنها تنص على ما يلي:

" في دعوى التحكيم المرفوعة من جانب مستثمر ضد دولة بمقتضى أحكام المعاهدة، يجوز لأي من الطرفين، دون موافقة الطرف الآخر، أن ينشر أي قرار تحكيم أو أمـر أو قـرار آخر تصدره هيئة التحكيم، ويتعين على هيئة التحكيم أن تقوم على الفور بإرسال نسخة من جميع قرارات التحكيم والأوامر والقرارات الأخرى إلى امانة اليونسترال التي يتعين عليهـا نشرها في موقعها على الانترنت دون إبطاء".

المبحث الثاني: الاتجاه غير المؤيد لتضمين قواعد تحكيم اليونـسترال المنقحـة نصوصاً خاصة بالتحكيم المتعلق بالإستثمار من أجل تعزيز الشفافية:

أسباب هذا الاتجاه وحججه:

50- على الرغم من الرأي الذي نعرض له الآن يتفق من حيث المبدأ على استصواب تعزيـز الشفافية في التحكيم بين الدولة المضيفة للاستثمار والمستثمر الأجنبي وذلك بسبب اخـتـلاف التحكيم الخاص الذي تمثل فيه السرية سمة أساسية عن التحكـيـم بـين الدولـة المـضيفة للاستثمار والمستثمر فإنه مع ذلك لا يشجع ادراج أحكام بشأن الشفافية في قواعـد تحكـيم اليونسترال المنقحة.

51- ويستند هذا الرأي إلى انه من الضروري المحافظة على الطابع العام للقواعد ولأنه ليس من المؤكد أن تكون الشفافية التامة مستصوبة في جميع الحالات. ولقد عبر عن هـذا رأي العديد من الوفود وذلك في أثناء المناقشات التي دارت في الجلسات التي عقـدها الفريـق العامل المعنى بتعديل قواعد تحكيم اليونسترال.

ومما يستوجب الاشارة إليه في هذا الصدد انه قد جرى التأكيد على أنه من الخطأ التمييـز بين القواعد المتعلقة بالتحكيم التجاري والقواعد المتعلقة بالتحكيم بين المستثمرين والـدول نظراً إلى أن من المتوخي أن تطبق قواعد تحكيم اليونسترال للتحكيم علـى نطـاق واسـع خصوصاً بالنظر إلى فهم لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لمصطلح "التجـاري" الوارد في الحاشية 00 للمادة 1 (1) من قـانون اليونـسترال النمـوذجي للتحكـيم. إذ أن الإستثمار ادرج صراحة كعنصر في تعريف مصطلح "التجاري" الوارد في تلك الحاشية.

إلا أن هذه الوجهة من النظر لم تحجب عن البعض ضرورة التمييز بصورة عملية أكثر بين التحكيم التجاري "العادي" من جهة والتحكيم "التعاهدي" من جهة أخرى.

52- ولقد ذهبت بعض الوفود إلى ابداء بعض التأييد لتناول مسألة الشفافية في نطاق المعاهـدات المشجعة للاستثمار إذ أن هذه المعاهدات هي المكان الطبيعي لإدراج هذه المسألة ولـيس قواعد تحكيم اليونسترال المقترح تنقيحها.

وفي هذا السياق اقترح نادي المحكمين التابع للغرفة التجارية في ميلانو (احـد المنظمـات غير الحكومية التي حضرت جلسات فريق العمل الثاني) أن تتم صياغة بنداً اختيارياً واحداً أو أكثر لتناول عوامل محددة بشأن عمليات التحكيم بين المستثمرين والدول، وان هذه البنود الاختيارية على الرغم من أنها لا تشكل جزءاً من قواعد الاونسيترال للتحكيم الجديدة، تكون متاحة للدول المضيفة للاستثمار والمستثمرين الأجانب، لاستخدامها فـي التفـاوض بـشأن احكام تسوية المنازعات في معاهدات الإستثمار المقبلة.

53- ولقد أثار هذا الرأي الرافض لوضع قواعد لتعزيز الشفافية في اطار التنقيح الجاري لقواعد تحكيم اليونسترال العديد من المسائل التي تقف كعقبات من وجهة نظره تحول دون أن تدرج اية تعديلات فيما يخص تعزيز الشفافية في اطار التنقيح الجاري للقواعد.

ومن بين هذه العقبات طرح التساؤل بشأن ما يكون لهذه الأحكام، التي اقتـرح الـبعض أن تتضمنها القواعد من أجل تعزيز الشفافية، من قوة ملزمة في الاتفاقات التي لا يذكر فيها أن الصيغة المنطبقة من القواعد هي الصيغة النافذة المفعول في تاريخ بدء التحكيم. إذ أن معظم المعاهدات المشجعة للاستثمار تشير إلى انطباق قواعد تحكيم الاونسيترال دون ذكر الصيغة التي ستنطبق في حال تنقيح القواعد.

ولقد ذهب جانب من الرأي المتقدم إلى القول بأن القواعد المنقحة لا ينبغي أن تطبق علـى المعاهدات المبرمة قبل اعتماد تلك القواعد.

ومع ذلك فإن هناك عديد من المعاهدات الثنائية المشجعة للإستثمار تـشير صـراحة إلـى تسوية المنازعات وفقا للقواعد التي تكون نافذة المفعول في تاريخ بدء التحكيم.

54- وعلى صعيد آخر فإن بعض الآراء قد ذهبت إلى القول بأنه قد يكون من قبيـل التبـسيط المفرط أن تعالج مسألة الشفافية بمجرد تعديل بضعة أحكام في القواعد لأنه قد يلزم تنــاول جوانب أخرى من عمليات التحكيم بين المستثمرين والدول مثل مسألة القانون الواجـب التطبيق أو حصانة الدولة، وكلها مسائل معقدة وتتطلب دراسة دقيقة لكثير مـن الجوانـب المختلفة وقد تؤدي إلى تعطيل تنقيح قواعد اليونسترال وتأخر صدور هذه القواعد في ثوبها الجديد.

وفي هذا الاطار تم حث الفريق العامل على إلا يقدم في هذه المرحلة على اعـداد قواعـد تحكيم الشفافية، لأن المفاوضات المعقدة بشأنها ستؤخر العمل الجاري حاليـاً تنقيح القواعد، وذلك في ظل التوقع السائد بأن تكون القواعد المنقحة متاحة لمستعملي التحكـيم التجاري في أقرب وقت ممكن.

55- ولقد أدت هذه الآراء المتباينة بشأن تعزيز الشفافية في اطار التحكيم الخاص بالمنازعـات الناشئة بين الدول المضيفة للاستثمار والمستثمر الأجنبي، والتي وأن أجمعت على ضرورة عدم احداث تعديلات في التنقيح الحالي لقواعد اليونسترال اختلفت حول أسباب عدم تضمين هذه التعديلات في صلب هذه القواعد، إلى تبني الفريق العامل في الدورة الثامنة والأربعين لأعماله المنعقدة في نيويورك 4-8 فبراير 2008 الاستنتاجات الآتية: (أ) سلم عموماً بـأن اجراءات التحكيم في التحكيم التعاهدي تثير مسائل تختلف في بعض النواحي عن التحكـيم التجاري العادي، وأعرب عدد كبير من الوفود عن رأي مفاده أن تلك الاجراءات تتطلـب في نقاط معينة، تنظيماً مميزاً، وكانت المسألة التي ذكرت أكثر من غيرها بصفتها تتطلـب تنظيماً مميزاً هي شفافية الاجراءات وقرار التحكيم الناشئ عنها، وحظي هذا الهدف بتأييـد واسع من حيث المبدأ. (ب) ابدت وفود كثيرة شاغلا مثاره أن التحكيم التعاهـدي، بحكـم خصوصيته، سيكون مهمة معقدة ومستنزفة للوقت، وأبدت وفود أخرى معارضـتها لهـذا الرأي. وذهب الرأي السائد على نطاق واسع إلى أن أي عمل بشأن التحكيم التعاهـدي قـد يتعين على الفريق العامل أن يقوم به ينبغي ألا يؤخر اتمام تنقيح قواعد الاونسيترال للتحكيم في صيغتها العامة، وأن يضطلع به بعد اتمام ذلك التنقيح. (ج) أبديت مجموعة متنوعة من الاقتراحات بشأن الهدف الذي قد يكون من المفيد أن يسعى إليه الفريق العامل فـي ميـدان التحكيم التعاهدي، وشملت تلك الاقتراحات اعداد نصوص مثل بنود نموذجيـة أو قواعـد خاصة أو مبادئ توجيهية. وهذه النصوص يمكن اعتمادهـا فـي شـكل مرفـق لقواعـد الأونسيترال للتحكيم في صيغتها العامة أو قواعد تحكيم منفصلة أو بنود خيارية تعتمد فـي اطار معاهدات محددة. بيد انه اتفق عموماً على انه ليس مـن المستـصوب ادراج أحكـام خاصة بشأن التحكيم التعاهدي في قواعد الاونسيترال للتحكيم ذاتها. (د) قرر الفريق العامل أن يواصل عمله على تنقيح قواعد الاونسيترال للتحكيم بصيغتها العامة، وان يلتمس مـن اللجنة توجيهات بشأن ما إذا كان ينبغي للفريق العامل، بعد اتمام عمله الحالي بشأن القواعد، أن ينظر بمزيد من التعمق في خصوصية التحكيم التعاهدي، وإذا كان الأمر كذلك فما هـو الشكل الذي ينبغي أن يتخذه ذلك العمل.

56- ولقد لاحظت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في دورتها الحاديـة والأربعـين (نيويورك 16 حزيران يونيه 3 تموز / يوليه 2008) أن الفريق العامل قـرر أن يواصـل عمله على تنقيح قواعد الاونسترال للتحكيم بصيغتها العامة، وان يلتمس من اللجنة ارشادات بشأن ما أن كان ينبغي للفريق العامل، بعد اتمام عمله الحالي بشأن القواعد، أن ينظر بمزيد من التعمق في خصوصية التحكيم التعاهدي، وإذا كان الأمر كذلك فما هو الشكل الذي ينبغي أن يتخذه ذلك العمل. وبعد المناقشة اتفقت اللجنة على أن من غير المستصوب ادراج احكام محددة بشأن التحكيم استناداً إلى المعاهدات في قواعد الاونسترال للتحكيم نفسها وعلـى أن أي عمل بشأن المنازعات بين المستثمرين والدول قد يضطر الفريق العامل إلى الاضطلاع به في المستقبل لا ينبغي أن يؤخر انجاز تنقيح قواعد اليونسترال للتحكيم في شكلها العـام. وفيما يتعلق بالتوقيت اتفقت اللجنة على أن موضوع الشفافية في التحكيم بـين المستثمرين والدول استنادا إلى المعاهدات جدير بالنظر فيه في المستقبل وينبغي معالجته كموضوع ذي أولوية فور الانتهاء من التنقيح الحالي لقواعد تحكيم اليونسترال.

 ولقد أكدت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي على أنه فيما يتعلق بنطاق هذا العمل المقبل فإن هناك توافق في الاراء داخل اللجنة على أهمية كفالـة الـشفافية فـي تـسـوية المنازعات بين المستثمرين والدولة. ورأت أن مسألة الشفافية بصفتها هـدفاً منـشوداً التحكيم بين المستثمرين والدول ينبغي أن تعالج في عمل مقبل وفق ما لاحظه الفريق العامل في دورته الثامنة والأربعين.

وفيما يتعلـق بالشكل الذي قد يتخذه أي عمل مقبل أشارت اللجنة إلى أن الفريـق العامـل طرح اشكالاً مختلفة ممكنة في ميدان التحكيم استناداً إلى المعاهدات من بينها اعداد صكوك من قبيل احكام نموذجية أو قواعد خاصة أو مبادئ توجيهية أو مرفق لقواعـد اليونـسترال للتحكيم في شكلها العام أو قواعد تحكيم مستقلة أو أحكام اختيارية تعتمـد فـي معاهـدات محددة.

وقررت اللجنة أن من السابق لأوانه البت في شكل الصك المقبل بشأن التحكيم استناداً إلـى المعاهدات وضرورة منح الفريق العامل صلاحية تقديرية واسعة في ذلك الشأن.

الخاتمة

57- على الرغم من أن قواعد تحكيم اليونسترال لم توضع من أجل تنظيم التحكيمات التي تخص المنازعات الناشئة بين المستثمر الأجنبي والدولة المضيفة للإستثمار، فإن الملاحظ أنه تـم استخدامها في هذا الاطار بشكل ملحوظ ومتزايد وذلك في ظل اشارة العديد من المعاهدات الثنائية المشجعة للاستثمار إلى اللجوء إلى استخدام هذه القواعد، وأيـضاً اشـارة بعـض المعاهدات الجماعية إليها كمعاهدة دول أمريكا الشمالية للتجارة الحرة.

58- وتفضيل المستثمر الأجنبي اللجوء إلى استخدام هذه القواعد بدلاً من اللجوء إلى تفعيل قواعد المركز الدولي لفض المنازعات الناشئة عن الإستثمار في الأحوال التي يحق له فيها ذلك يرجع بطبيعة الحال إلى المزايا العديدة التـي تتمتـع بـهـا قواعـد تحكـيم اليونسترال. وفي مقدمتها مرونة هذه القواعد هذا من جهة ومن جهة أخـرى محاولـة تفادي الشروط المتطلبة في المادة 25 من معاهدة واشنطن والتي قد لا تكون متحققة في واقعة الحال.

59- وعلى صعيد آخر فإن قواعد تحكيم اليونسترال على الرغم من أنها لم تكرس مبدأ سـرية التحكيم كأصل عام فإنها تتضمن نصين يسيرا في اتجاه حماية سرية التحكيم وهمـا نـص المادة 25/4 الخاصة بسرية الجلسات، والمادة 32/5 الخاصة بسرية حكم التحكيم.

60- ولئن كان صحيحاً أن قواعد تحكيم اليونسترال تتفق مع قواعد تحكيم المركز الدولي لفـض المنازعات الناشئة عن الإستثمار في أن كليهما لا يكرس مبدأ سرية التحكيم كأصل عام، إلا أنه يجب أن لا يغبن عن النظر أن نطاق السرية في اطار تحكيم المركز يغاير نطاق السرية في قواعد اليونسترال وذلك في العديد من الوجوه لعل أبرزها أنه بمجرد عزم أحد الأطراف الشروع في التحكيم وإخطاره للمركز وللطرف الآخر فإن سكرتارية المركز تقوم بالإعلان على موقع المركز الالكتروني عن هذا الأمر كما تعلن عن تشكيل هيئة التحكيم هـذا مـن جانب. ومن جانب آخر فإنه يحق لأي من طرفي التحكيم الذي يتم وفقا لقواعد المركـز أن يقوم بنشر الحكم دون أن يتوقف ذلك على رضا الطرف الآخر وهو أمر غير جائز وفقـاً لقواعد تحكيم اليونسترال كأصل عام،

61- وعلى الرغم من أن قواعد تحكيم المركز لم تنطلق من مبدأ الشفافية الكاملة في اجـراءات التحكيم وهو الأمر الجدير بالاعتبار، نظراً لأن التحكيمات التي تتم وفقاً لقواعد المركز لا يكون فقط أحد أطرافها دولة وإنما أيضا تتعلق بالصالح العام بالضرورة فإنه مما يتوجـب الاشارة إليه في هذا الاطار أن التطبيق العملي لقواعـد تحكـيم المركـز الـدولي لفـض المنازعات سار على طريق تدعيم الشفافية في التحكيم وذلك حتى قبل تعديل قواعد تحكـيم المركز في عام 2006 ويشهد على ذلك قبول هيئات التحكيم في المركز للطلبات المقدمـة من Amicus أصدقاء هيئة التحكيم في قضية Vivendi ضد الارجنتين

وأيضاً عن طريق قيام المركز بنشر بعض اجزاء من الأحكام التي لم توافق الأطراف على قيام المركز بنشرها.

62- ولقد أدت الرغبة في تحقيق المزيد من الشفافية في التحكيم لما في ذلك من تماش مع احترام لحقوق الانسان من جهة وحق الأفراد في أن يكونوا على علم بأية اجراءات تمس المصلحة العامة في اغتنام فرصة تنقيح قواعد تحكيم اليونسترال للمناداة من قبل المتخصصين التحكيم بضرورة تعديل بعض قواعد تحكيم اليونسترال لتحقيق احترام الشفافية فـي المنازعات المتعلقة بالإستثمار. ولقد تم التعبير عن هذا الاتجاه في التقرير المعد مـن قبـل الاستاذين Jan Paulsson و Georgios Petrochilos وأيضاً فإن هيئات المجتمع المدني وفي مقدمتها المعهد الدولي للتنمية المستدامة ومركز القانون البيئي الدولي اللـذان اقترحـا تعديل بعض نصوص قواعد تحكيم اليونسترال وإضافة نصوص جديدة تدعيما للشفافية على النحو الذي أشرنا إليه تفصيلاً.

63- وعلى ما يبدو فإن هذه الفرصة قد تم تفويتها على الراغبين في اجراء هذه التعديلات فـي اطار التنقيح الحالي لقواعد تحكيم اليونسترال. إذ ظهرت المقاومة لهذا الاتجـاه مـن قبـل العديد من الدول الأوروبية وأيضاً نادي المحكمين التابع للغرفة التجارية في ميلانو الـذين أكدوا في البيان الصادر عنهم والذي تم ارفاقه في التقرير الصادر عن الفريق العامل فـي دورته الـ48 تأييدهم لمبدأ السرية العامة في عمليات التحكيم التجاري الدولي وخـصوصاً في عمليات التحكيم التي يضطلع بها بمقتضى قواعد اليونسترال للتحكيم وأيدوا استبعاد أي حكم محدد بشأن عمليات التحكيم بين المستثمرين والدول من قواعد اليونـسترال للتحكـيم الجديدة.

64- ولقد جاءت الاستنتاجات التي ذهب إليها الفريق العامل في الدولة المشار إليها مخيبة لآمال الراغبين في تعديل القواعد بما يحقق المزيد من الشفافية ومسايرة للاتجـاه الآخـر. ولقـد وافقت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي في الدورة (41) المنعقدة في نيويورك في 16 حزيران يونيه 3 تموز / يوليه 2008 على ما انتهى إليه الفريق العامل من استنتاجات.

65- ومهما يكن من الأمر في هذا الصدد وانتظاراً لما قد يتخذ في المستقبل من خطوات من قبل الفريق العامل من أجل تقرير الشفافية في التحكيمات الخاصة بالمستثمرين الأجانب والدول المضيفة للاستثمار على نحو مفصل ومستقل عن تنقيح القواعد الماثلة، فإن الأمل في تعزيز هذه الشفافية في الوقت الراهن ولحين تحقق الأمل المرتقب يمكن أن يتحقق عن طريق:

 1) استجابة هيئات التحكيم التي سوف تعمل في ظل قواعد اليونسترال المنقحة إلى تفسیر نصوص هذه القواعد بشكل يسمح بتحقيق نوع من الشفافية كما فعلت هيئات التحكيم التـى استطاعت في ظل قواعد تحكيم اليونسترال 1976 أن تسمح لأصـدقاء التحكـيم بالتقـدم بمذكرات مكتوبة إليها في قضية Methanex ضد الولايات المتحـدة الأمريكيـة وقـضية UPS ضد كندا، وكليهما تما في ظل قواعد اليونسترال وأيضاً وفقاً للفصل الحادي عـشر من تحكيم NAFTA.

 2) صياغة شروط نموذجية يتم تضمينها في المعاهدات الثنائية المشجعة للاستثمار تكفـل تحقق الشفافية وهو الأمر الذي تحرص بعض الدول عليه مثل كنـدا والولايات المتحـدة الأمريكية وكذلك بعض الاتفاقيات الاقليمية في أفريقيا كاتفاقية الإستثمار الموقعة بين دول شرق وجنوب أفريقيا المعروفة بـComesa .