القسم الاول: نظرة تاريخية لقواعد اليونسترال التحكيمية سنة 1976:
توجد حالياً هيئات تحكيم دائمة يبلغ عددها أربعة آلاف هيئة تحكيم يكتفي المتعاقدون بالاحالة الى نظمها ولوائحها حتى يتم التحكيم في أطارها، وهو ما يعرف بالتحكيم فـي اطـار الهيئـات الدائمة للتحكيم "Institutional Arbitration"، والذي يتم وفقا للنظام التحكيمي لهذه الهيئات.
وتجدر الملاحظة أن غالبية هيئات التحكيم الدائمة ظلت الى وقت قريب مرتبطـة تاريخيـاً وجغرافياً بالدول الصناعية المتقدمة، حيث ارتبط نشوؤها بأنشطة الغرف التجارية والصناعية أو بالتجمعات المهنية المتخصصة في فرع معين من فروع المعاملات المتصلة بالسلع أو المـواد الخام المتداولة بالسوق الدولي. وتملك كل هيئة تحكيم دائمة نظامها الخاص الذي يتمثـل فـي مجموعة اللوائح والقواعد الاجرائية الواجبة الاتباع بواسطة الاجهزة العاملة في اطارها.
وقد ترتب كرد فعل لتلك الصورة العامة السائدة حدوث التطور العام الذي يمكن تلخيص أهم معالمه بالآتي:
شعرت الدول الحديثة العهد بالاستقلال والمعروفة اصطلاحاً بإسم دول العالم الثالـث انهـا تقتحم عالماً جديداً مجهولاً، لم تشارك في وضع قواعده، وترتكز مواقعه بعيداً عن آية مـساهمة حقيقية من جانبها. وتكفي الاشارة الى أن محكمة التحكيم التابعة لغرفة التجارة الدولية قد نـشأت في باريس عام 1923، عندما كانت العاصمة الفرنسية مركزاً لامبراطورية مترامية الاطـراف تمتد الى مستعمرات عديدة عبر البحار والمحيطات، كما قامت محكمة لنـدن التحكيميـة كهيئـة منافسة في عاصمة الامبراطورية التي تميزت حينذاك بأنها لا تغيب عنهـا الـشمس. وبعبـارة أخرى، فإن نظام التحكيم التجاري الدولي ارتبط زمانياً ومكانياً بالتراث الاستعماري الذي لم تملك دول القارات الثلاث (آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية) امكانية مناقشته والاسهام في تطويره الا بعد انحسار المد الامبريالي في عقد الستينات من القرن الماضي.
إلا أن دول العالم الثالث، حتى بعد أن حققت استقلالها السياسي، لم يكن من المتـصور أن تغير بالسرعة ذاتها خصائص العلاقات الاقتصادية الدولية المتسمة بالتبعيـة للـعـالم الـصناعي المتقدم، بما في ذلك الرضوخ للقواعد التي استقرت في المبادلات التجارية والتـي مـن مقوماتها الأساسية اللجوء الى هيئات التحكيم الدائمة الموجودة في أوروبا وأميركا الشمالية لحل المنازعات التجارية الدولية في إطار النظم والقواعد المعمول بها هناك خاصة أن التجمع الأساسـي الـذي تمارس دول العالم الثالث من خلاله قدراً من قوة الضغط السياسي لتعديل القواعد التـي العلاقات الاقتصادية الدولية يتمثل في منظمة الامم المتحدة بمختلف فروعها واجهزتها. واذا كانت الأجهزة السياسية للامم المتحدة قد استطاعت الاعداد لأسس نظام اقتصادي دولي جديد في صورة برامج ومواثيق صدرت في بداية حقبة السبعينات، فإن الاجهزة الفنية، وعلى رأسها لجنة الأمـم و المتحدة لقانون التجارة الدولي "UNCITRAL"، قد استطاعت أن تحيل بعض النتائج المترتبـة على ذلك التطور الحديث الى واقع ملموس في قالب قواعد منضبطة المعالم كفيلة بتحقيق التوازن المطلوب بين المصالح المشروعة لدول العالم الثالث في مواجهة الدول الصناعية المتقدمة. ومن بين أبرز انجازات اللجنة المذكورة في هذا المجال اعداد قواعد التحكيم التي تحمل اسـم اللجنـة والتي أقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة بمقتضى القرار 98 للدورة الحادية والثلاثين فـي 15 كانون الأول (ديسمبر) عام 1976، ولكن النظرية شيء والواقع شيء آخر، فإذا كانـت الأمـم المتحدة قد نجحت نظريا في ايجاد التوازن المطلوب بين مصالح وحقوق دول العالم الثالث وجه الدول الصناعية الا ان التطبيق ما يزال بعيدا عن بلوغ هذه الأهداف .
إذا كان من المسلم به أن التجارة الدولية ليس أمامها سوى التحكيم كقضاء أصـيـل لحـسم المنازعات إلا أن تعدد الأنظمة القانونية في العالم يجعل سلوك التجارة الدولية لهذا الدرب غيـر آمن. من هنا أخذت منظمة الأمم المتحدة على عاتقها التقريب والتوفيق بين قواعد التحكـيم فـي مختلف الانظمة القانونية في العالم لصبها في إطار يضمن التجانس بينهما وحسن سيرها ثم تنفيذ أحكامها. وهكذا بعد أن أشرفت الأمم المتحدة على وضع اتفاقية نيويورك دعت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية فيها، في قرار اتخذته سنة 1959، حكومات الدولة لتطـوير تشريعات وهيئـات التحكيم لديها، وتسهيل اللجوء اليه.
وبعد تشكيل الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1966 للجنـة القـانون التجـاري الـدولي، انصرفت هذه اللجنة الى السعي للتوفيق والتوحيد بين قوانين التحكيم الدولي في العالم، مدرجـة هذا الموضوع على رأس جدول أعمالها سنة 1968.
وبعون ومشورة 75 هيئة تحكيمية في العالم وضعت مسودة قواعد التحكيم التي بحثت مؤتمر تحكيم دولي عقد في نيودلهي من 7 الى 10 كانون الثاني (يناير) 1975، تمـت خـلالـه مناقشة معمقة وشاملة لهذه القواعد من مختلف فقهاء الأنظمة القانونية في العالم بأسره، ولا سيما المجلس الدولي للتحكيم التجاري في العالم "ICCA"، واتخذت بنتيجة هذا المؤتمر توصية بسرعة انجاز وضع هذه القواعد. وهكذا وضعت لجنة القانون التجاري الدولية للأمـم المتحـدة قواعـد التحكيم الدولي في 28/9/1976، خلال ثلاث سنوات من العمل مع كبـار الحقـوقيين الـدوليين وعبر مناقشات ومؤتمرات ولقاءات دولية. وقد اعتمدت الجمعية العامة للامم المتحدة هذه القواعد في 15/12/1976.
وجاءت هذه القواعد توفيقية لتكون مقبولة في:
أ - البلدان الرأسمالية والدول الاشتراكية.
ب- البلدان الصناعية وبلدان العالم النامي.
ج- البلدان المطبقة لأعراف القانون الأنجلوأميركية والبلــدان المطبقـة للقـوانين المدنيـة الرومانية الأوروبية.
وأخذت بعين الاعتبار:
أ- اتفاقية نيويورك لسنة 1958.
ب- اتفاقية جنيف الأوروبية لسنة 1961.
ج- اتفاقية واشنطن لحل خلافات الاستثمار الأجنبي.
د- اتفاقية موسكو لسنة 1972.
وفي نظرة عامة الى هذه القواعد تبدو الملاحظات الآتية:
1- قواعد تحكيم لجنة القانون التجاري الدولي في الامم المتحدة ليست نظامـا تحكيميـاً لهيئـة تحكيمية دائمة، ولكن طبيعة هذا النظام التحكيمي تستدعي وجود ما يسميه هذا النظام ذاتـه "سلطة التسمية" التي تسمي المحكم المنفرد، اذا لم يتفق على تسميته. وتسمي المحكم الثالـث المرجح اذا كانت المحكمة التحكيمية مؤلفة من ثلاثة محكمين وسمى كل طرف محكماً ولـم يتفق المحكمان على المحكم الثالث المرجح كما تسمي محكماً عن الطرف الذي يتخلف عن تسمية محكمه في حال كان المحكمون ثلاثة. كما أنها هي السلطة التي تبـت وتنظـر فـي اسباب رد وعزل المحكمين. من هنا فإن الاحالة على نظام قواعد تحكيم لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي UNCITRAL يجب أن تقترن بتعيين "سلطة التسمية"، سواء أكانت هذه السلطة هيئة تحكيمية دائمة أو شخصاً معيناً، فإذا لم تقترن الاحالة بذلك فإن فراغاً يمكن أن يشل أو يعيق على الأقل سير التحكيم. لهذا تبنت القواعد ان تكون محكمـة تحكيم لاهاي هي سلطة التسمية في حال لم تسم أي سلطة تسميته.
2- قواعد تحكيم لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي كانت قواعد تحكيم حالات خاصـة "ad hoc" للتجارة (أو الأعمال) الدولية، ولكن أسقط من هذا العنوان "الحالات الخاصة" ad hoc حتى لا يوحي العنوان خطأ بأنه ليس في هذه القواعد التحكيمية مكان لهيئات التحكيم أن فيها دوراً يجب أن يضطلع به شخص ما أو هيئة تحكيم ما، حتى تسير هذه الدائمة، مع القواعد وفقاً لخطة سیره ها المرسومة. ثم طرح امر تعريف "التجارة الدولية"، وفتح الباب للنقاش فبرز الخوف من أن تخرج مواضيع كثيرة من حظيرة التحكيم حين تصنف بأنها ليست تجارية أو ليست دولية، فكان أن حصر العنوان بأنه "قواعد التحكيم" ولم يأت لا على ذكر تحكيم الحالات الخاصة "ad hoc" ولا على ذكر التجارة الدولية. فأصبحت هذه القواعد صالحة للتحكيم الداخلي كما للتحكيم الدولي لتحكيم الحالات الخاصة وللتحكيم المؤسساتي.
3- أخذت كثير من هيئات التحكيم الدولية الدائمة تتبنى قواعد تحكيم لجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي "UNCITRAL"، وتجعل هذه القواعد في نظامها التحكيمـي، ولا سيما مركز القاهرة للتحكيم ومحكمة لندن للتحكيم الدولي.
4- هذه القواعد لا تطبق اذا اصطدمت بنصوص الزامية في القانون المطبق على التحكيم. وفي هذه الحالة فإن الأحكام الالزامية هي التي تطبق مكان القواعد التي تصطدم بها. هكذا تقول قواعد اليونسترال ذاتها!
وقد أعلنت الجمعية العامة للامم المتحدة عندما أقـرت قواعـد التحكـيم سـنة 1976 ان: "الاعتراف بفائدة التحكيم كوسيلة لحسم المنازعات الناشئة عن علاقات تجارية دولية والاقتناع بأن ارساء قواعد لتحكيم الحالات الخاصة تكون مقبولة في دول العالم التـي لهـا انظمـة قانونيـة واجتماعية واقتصادية مختلفة، من شأنها المساهمة بشكل فعال في تطوير علاقات اقتصادية دولية منسجمة".
القسم الثاني: بعد ثلاثين عاماً... التعديل على ضوء تجارب الممارسين:
لقد مضى الآن أكثر من ثلاثين عاماً على صدور قواعد تحكيم اليونسترال وعلـى ضـوء تجارب الممارسين جاء الوقت لمناقشة هذه القواعد على ضوء تجارب الحقـوقيين الممارسـين للتحكيم وفي هذه الدراسة سنعرض لكل قاعدة من هذه القواعد بالتحليل ثـم نـعـرض لمناقـشة تعديل هذه القواعد التي حصلت في الجلسة الخامسة والأربعـين لمجموعـة العمـل الخاصـة بالتحكيم والتوفيق التابعة لليونسترال والمنعقدة بفيينا خلال الفترة التي امتدت مـن 11 الـى 15 سبتمبر 2006 ثم نعرض لاقتراحاتنا على حدة من موقع التجارب العربية لممارسـة الحقـوقيين العرب.
ولكن قبل أن نخوض في هذه التجربة لا بد من ملاحظة اساسية حول تعيين المحكمين، ذلك انه وفقا لقواعد اليونسترال. اذا لم يتفق طرفا النزاع على سلطة تعيين المحكم فإن الـذي يعـين المحكم هو سلطة تسميها الأمانة العامة لمحكمة التحكيم في لاهاي ويتم التعيين وفقاً لإجـراءات تعتمد لائحة الأسماء التي تطرحها سلطة التسمية... ولكن الأمر الأساسي الذي آن اوان بحثه المعايير التي يجب ان تعتمد في اختيار المحكمين. وقواعد اليونسترال التحكيمية يجب أن تعالج الخلل في تعيين محكمين لا يعرفون شيئا عن القانون المطبق فيعينون بدورهم خبـراء قـانونيين لشرح هذا القانون ثم يعين كل طرف خبيراً آخر لشرح هذا القانون. ومن هالك لمالـك لقبــاض الأرواح تهدر كثير من الحقوق... ويضيع القانون المطبق!
بإعتقادنا أن أمانة محكمة تحكيم لاهاي يجب ان تسمي سلطة تسمية تكون قادرة على تسمية حقوقيين متخصصين بالقانون المطبق وعلى اتصال بهم وعلى معرفة بقدراتهم لا يحتاجون الـى خبراء يشرحون لهم هذا القانون... لأن المحكم نزاهة وعلم في حقل الإختصاص...
- قواعد اليونسترال، مناقشات... واقتراحات:
وسنعمد الى عرض كل قاعدة على حدة ثم نعرض للمناقشة التي جرت بشأنها اذا شـملتها المناقشة وللإقتراح الذي نقدمه من موقع الحقوقيين العرب الممارسين للتحكيم.
القسم الثالث: العقد التحكيمي:
فقرة 1- نطاق التطبيق:
أ- في القواعد السارية:
إذا كان الاطراف قد توافقوا خطياً في عقد على أن تحال النزاعات المتعلقة بهذا العقد علـى التحكيم، وفقا لنظام تحكيم لجنة القانون التجاري الدولية في الامم المتحدة "اليونسترال" فإن النزاع يحسم وفقاً لهذه القواعد ما عدا التعديلات الخطية المتوافق عليها بين طرفيه.
هل يصح شرط التحكيم الوارد في عقد قبل النزاع أو أن الذي ينزع اختصاص المحـاكم القضائية هو الاتفاق اللاحق للنزاع؟
قواعد تحكيم الامم المتحدة اجابت آخذة بعين الاعتبار التطور الحاصل في التحكيم، ولا سيما الدولي، حيث أصبح شرط التحكيم هو مصدر التحكيم التجاري الدولي في معظم الاحيان. وهكذا لم تكتف القواعد بتأكيد صحة شرط التحكيم بل أوصت بإعتماد نموذج شرط تحكيمي نصه كمـا یلی:
"كل نزاع أو جدل أو مطالبة نابعة من العقد الراهن أو متصلة به أو بمخالفة له، أو بفـسخه أو بإبطاله، تحسم عن طريق التحكيم وفقاً لقواعد تحكيم لجنة الامم المتحـدة للقـانون التجـاري الدولي".
وهكذا، فإن قواعد تحكيم الامم المتحدة قد وضعت نموذج شرط تحكيمي مفصل، من اجل أن يكون حقل التحكيم واسعاً شاملاً كل ما يطرأ في حياة العقد. وتوصي قواعد تحكيم الامم المتحـدة "اليونسترال" بأن يتضمن شرط التحكيم أيضاً:
أ- تعيين "سلطة التسمية" التي تسمي المحكمين، اذا لم يتفق عليهم الأطراف أو لم يتفق الحكمان على الحكم المرجح، والتي تبت بموضوع عزل المحكمين. لأن هذا التعيين قبل وقوع النزاع من شأنه تسهيل سير التحكيم، اذ قد يستفيد الفريق الذي لم تعد له مصلحة في التحكيم مـن الفراغ فيسعى الى عرقلة سير التحكيم وتأخيره، وسلطة التسمية يمكـن أن تكـون هيئـة تحكيمية، أو منصباً مثل رئاسة غرفة التجارة، أو شخصاً.
ب- تحديد عدد المحكمين بواحد، أو ثلاثة في الشرط التحكيمي.
ج- تحديد المكان الذي يجري فيه التحكيم (البلد أو المدينة).
د- تحديد اللغة التي ستستخدم خلال سير التحكيم. واذا كانت قواعد تحكيم اليونسترال قد أوصت بنص نموذجي للشرط التحكيمي مقرة به ضمناً فإنها في المادة 21 اقرت صراحة ولـيس ضمناً هذا الشرط التحكيمي، اذ اعطت المحكمة التحكيمية صلاحية البت بإختصاصها بما في ذلك الدفع المتعلق بوجود أو صحة الشرط التحكيمي". وبإعترافها بالشرط التحكيمي فهـي تكرس ايضاً قاعدة استقلاليته عن العقد الأساسي.
وتعطي قواعد تحكيم الامم المتحدة سلطان الارادة الحق في تعديل هذه القواعد التحكيمية في العقد التحكيمي، ولا تشترط من أجل ذلك إلا أن يكون ذلك "خطيا".
2- في مناقشات اليونسترال في فيينا:
لاحظ أعضاء مجمو عة العمل ان المادة الأولى من القواعد تتناول موضوع نطاق تطبيقهـا دون تحديد أي نسخة من القواعد سيتم تطبيقها في حال ادخال تعديلات على النسخة القائمة. وقد اقترح البعض اتباع ما يجري عليه العمل في معظم المؤسسات التحكيمية من النص صراحة على سریان تلك القواعد النافذة وقت بدء اجراءات التحكيم ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك، وقد لاقى هذا الإقتراح قبولا لدى بعض الأعضاء. وتجدر الإشارة إلى أن مركز القاهرة التحكيمي قد تبنى في المشروع الأخير لتعديل قواعده نصاً مماثلاً للنص المقترح.
وقد نبه الأعضاء على ضرورة أن يتجاوب أي نص جديد في هذ المجال مع مبدأ سلطان الإرادة، بحيث يسمح للأطراف بالإتفاق على اختيار النسخة الحالية من القواعد قبل تعديلها.
فقرة 2- اثبات العقد التحكيمي:
ا- في القواعد السارية:
تنص قواعد تحكيم اليونسترال على أن العقد التحكيمي يجب أن يكون "مكتوبا". وهكذا فإن النص يحصر الاثبات في الكتابة، ولا يستعيد ما نصت عليه اتفاقيتا نيويورك وجنيف حول "الخطابات المتبادلة والبرقيات والتلكسات" ولكن الفقه يذهب الى اعتبار الخطابات المتبادلة والبرقيات والتلكسات وسائل اثبات كافية على كتابة العقد .
2- في مناقشات اليونسترال في فيينا:
وتم تناول مسألة الكتابة المشترطة بموجب الفقرة (1) من المادة الأولى بخصوص الإتفاق على التحكيم وقد انقسمت الآراء حول هذه المسألة بين مؤيد لضرورة استمرار اشتراط الكتابة، خاصة وان هناك بعض الدول ما زالت تشترطها في قوانينها، وانه من الناحية العملية يكون من المفيد تذكير الأطراف بأن صحة شرط التحكيم طبقاً للقانون الواجب التطبيق، تعتمد على كونه مكتوباً كما ان اشتراط الكتابة يكون أكثر ملاءمة لسلطة التعيين كأساس تستند اليه في سبيل القيام بمهمتها.
أما الرأي المعارض للإبقاء على شرط الكتابة فيرى أن هذه المسألة يجب تركها للقانون الواجب التطبيق وان بعض قواعد تحكيم المؤسسات التحكيمية لا يشترط الكتابة لتطبيق هذه القواعد، هذا فضلاً عن أنه يجب، وفقاً لهذا الرأي، تبني موقف متوافق مع ما انتهت اليه أعمال مجموعة العمل بشأن القانون النموذجي من تبني موقف موسع وليبرالي بخصوص فهم المقصود من هذا الإشتراط. كما ذكر هذا الرأي انه يجب في حالة الإبقاء على شـرط الكتابـة، تعريـف المقصود منها وهو ما يخرج عن النطاق المعتاد لقواعد التحكيم.
3- اقتراحنـا:
مع التمسك بالكتابة فإنه يكون من الأفضل أن تنهج القواعد نهج اتفاقية نيويورك فـي ان الخطابات المتبادلة والبرقيات والتلكسات والرسائل الواردة في البريد الإلكتروني هي اثبات كاف على كتابة العقد ولا بد من اضافة الفاكس والبريد الإلكتروني لتطور الإتصالات.
فقرة 3- استقلالية الشرط التحكيمي:
1- في القواعد السائدة:
للمحكمة التحكيمية اختصاص البت بالدفوع المتعلقة بإختصاصها، بما في ذلك كل دفع يتعلق بوجود أو صحة الشرط التحكيمي أو الاتفاق التحكيمي المستقل.
وتختص هيئة التحكيم بالفصل في وجود أو صحة العقد الذي يكون شرط التحكيم جزءاً منه. وفي حكم المادة 21، يعامل شرط التحكيم الذي يكون جزءاً من عقد وينص على اجراء التحكـيم وفقاً لهذا النظام بوصفه اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى. وكل قرار يـصـدر مـن هيئـة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم.
الا أن الدفع بعدم الاختصاص يجب أن يثار قبل موعد بيان الدفاع، أو في حال تقديم أدعاء مقابل، قبل بيان هذا الادعاء المقابل.
وبشكل عام فإن المحكمة تبت بدفع عدم الاختصاص بموجب قرار اعدادي، الا انـه يبقـى بإمكانها متابعة التحكيم والبت بهذا الدفع في الحكم التحكيمي النهائي. وهكذا تكون قواعد تحكـيم الامم المتحدة قد تبنت نظرية استقلالية الشرط التحكيمي وفصلتها وحددت مهل اثارة الدفع المتعلق بالاختصاص.
الا أن قواعد تحكيم الامم المتحدة لا تطبق فيما يتعارض منها مع احكام الزامية في القـانون المطبق، فاذا كان هذا القانون يتضمن أحكاماً الزامية تجعل نظرية استقلالية الشرط التحكيمي غير قابلة للتطبيق فإنها لا تطبق.
2- في مناقشات اليونسترال في فيينا:
دارت المناقشات هنا حول امكانية اعادة صياغة الفقرة الأولى من هذه المادة لتوضـيح أن لهيئة التحكيم الحق في أن تتعرض لإختصاصها من تلقاء نفسها وذلك علـى غـرار الـصياغة المتبعة في المادة 16/1 من القانون النموذجي.
كما شملت المناقشات امكانية تعديل الفقرة 2 من ذات المادة لتكون مثل الفقرة 2 من المـادة 16 من القانون النموذجي والتي تنص صراحة على أنه لا يترتب على قيام أحد طرفي التحكـيم بتعيين محكم أو الإشتراك في تعيينه سقوط حقه في تقديم الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم، وهو امر غیر منصوص عليه في القواعد.
وقد تولد عن المناقشـات شبـه اجمـاع بإعادة صياغة نص الفقرة 2 من المـادة 21 من القواعد على غرار ما ورد في الفقرتين الأولى والثانية مـن المـادة 16 مـن القـانون النموذجي.
اما بالنسبة للفقرة 4 من ذات المادة فقد دارت المناقشات حول امكانية تعديلها لتوضيح أن الإلتجاء للمحاكم الوطنية يجب ألا يتم الا بعد أن تفصل هيئة التحكيم في اختصاصها وان مثل هذا الإجراء ليس من شأنه تعطيل اجراءات التحكيم أو منع هيئة التحكيم من اصدار حكم آخر طبقـاً للفقرة 3 من المادة 16 من القانون النموذجي.
وانتهت المناقشات الى ضرورة الحذر الشديد في هذا الخصوص وانه يجب ترك هذه المسألة للقانون الوطني واجب التطبيق على الإجراءات.
3 - اقتراحنـا:
من مقارنة المادة 16 من القانون النموذجي مع المادة 21 (2) من القواعـد فـإن القـانون النموذجي يفي أكثر بالغرض فنص المادة 16 من القانون النموذجي هو:
"1- يجوز لهيئة التحكم البت في اختصاصها، بما في ذلك البت في اي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق التحكيم أو بصحته، ولهذا الغرض، ينظر الى شرط التحكيم الذي يشكل جـزءاً مـن عقد كما لو كان اتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى. وأي قرار يصدر من هيئة التحكيم ببطلان العقد لا يترتب عليه بحكم القانون بطلان شرط التحكيم.
2- يثار الدفع بعدم اختصاص هيئة التحكيم في موعد أقصاه تقديم بيان الدفاع، ولا يجوز منع أي من الطرفين من اثارة مثل هذا الدفع بحجة انه عين احد المحكمين أو اسهم في تعيينه. اما الدفع بتجاوز هيئة التحكيم نطاق سلطتها فيجب ابداؤه بمجرد ان تثار، اثناء اجـراءات التحكيم، المسألة التي يدعى بأنها خارج نطاق سلطتها. ولهيئة التحكيم في كلتا الحالتين ان تقبل دفعا يثار بعد هذا الموعد اذا اعتبرت ان التأخير له ما يبرره.
3- يجوز لهيئة التحكيم ان تفصل في أي دفع من الدفوع المشار اليها في الفقرة (2) من هذه المادة، أما كمسألة أولية وأما في قرار تحكيم موضوعي. واذا قررت هيئة التحكـيم فـي قرار تمهيدي انها مختصة، فلأي الطرفين، في بحر ثلاثين يوماً من تاريخ اعلانـه بـذلك القرار، ان يطلب من المحكمة المحددة في المادة 6 ان تفصل في الامر. ولا يكون قرارها هذا قابلاً للطعن؛ والى ان يبت في هذا الطلب، لهيئة التحكيم ان تمـضـي فـي اجـراءات التحكيم وأن تصدر قرار تحكيم."
فقرة 4- المواضيع القابلة للتحكيم:
1- في القواعد السارية:
اختصرت قواعد تحكيم الامم المتحدة الطريق الذي سلكته اتفاقية نيويورك فهي:
أ - من جهة لم تتطرق إلى المواضيع القابلة للتحكيم الدولي.
ب- من جهة أخرى، فقد نصت على أنه في حال تعارض أحكامها مع أحكام الزامية القانون المطبق على التحكيم فإن لهذه الاحكام الأرجحية على أحكامه.
هكذا تكون قواعد تحكيم الامم المتحدة قد احالت للقانون المطبق على التحكيم، في حـين أن اتفاقيتي نيويورك وجنيف أحالتا لتطبيق قانون المحكمة القضائية، اضافة الى القانون المطبق على التحكيم. فتكون قواعد تحكيم الامم المتحدة قد طبقت قانون التحكيم لمعرفة ما اذا كان موضـوع النزاع قابلاً للتحكيم أم لا، وهو القانون المطبق من المحكم في اتفاقيتي نيويورك وجنيف، ثم يأتي بعده دور القاضي الذي يطبق قانونه والذي يمكن أن يطبق قانوناً يعارض القانون الذي طبق على التحكيم. وفي حين رجحت اتفاقيتا نيويورك وجنيف قانون المحكمة على قانون التحكـيم فـإن قواعد تحكيم الامم المتحدة لم تتطرق للامر، لأنها لم تطرحه اصلاً ولم تبحث في تنفيـذ الحكـم التحكيمي.
2- في مناقشات اليونسترال في فيينا:
وبالنسبة لعبارة "المنازعات المتعلقة بهذا العقد" الواردة في الفقرة 1 من المادة الأولـى فقـد اتفقت مجموعة العمل على وجوب حذفها لكي لا يتم تقييد انواع المنازعات التي يمكن للأطراف عرضها على التحكيم. وناقشت مجموعة العمل امكانية تبني صياغة متوافقة مع المـادة 7 مـن القانون النموذجي والتي تشير الى المنازعات التي نشأت أو قد تنشأ "بشأن علاقة قانونية محددة، تعاقدية كانت أو غير تعاقدية" وكذلك امكانية عدم وضع أي قيد على الإطلاق.
هذا وقد تعرضت مجموعة العمل لإمكانية حذف كلمة "عقد" الواردة في صدر الفقرة آنفـة البيان واقترح حذف اي اشارة الى الأطراف في أول هذه الفقرة ولاقى هذا الإقتراح بعض التأييد.
اما عن امكانية ادراج عبارة "القانون الدولي" في الفقرة الثانية من المادة الأولى، فقد سادت وجهة نظر ترى أنه بصفة عامة لا داعي لإدراج هذه العبارة لتشمل تلك المنازعات التي تكـون الدولة أو أحدى المنظمات الدولية طرفاً فيها.
القسم الرابع - المحكمون:
فقرة 1- سلطة التعيين:
1- القواعد السائدة:
توصي قواعد تحكيم اليونسترال بتضمين شرط التحكيم اشـارة لسلطة التعيـين (تعيـين المحكمين) وسلطة التعيين يمكن أن تكون هيئة تحكيمية دائمة ليس من الضروري أن يخـضع التحكيم لنظامها، بل يبقى خاضعاً لقواعد تحكيم اليونسترال، وينحصر دورها بتسمية المحكـم أو المحكمين. ويمكن أن تكون شخصاً يشغل منصباً كرئيس غرفة التجارة العربية-الفرنسية فـي باريس مثلاً. ويكون هذا الشخص مجرد سلطة تسمية، لا يخضع التحكيم لنظــام تحكـيم غرفـة التجارة العربية-الفرنسية مثلاً بل يبقى خاضعاً لقواعد تحكيم اليونسترال، ويمكن أن يكون قاضياً كذلك، وهذا لا يعني تطبيق قانون القاضي، فإذا اختير رئيس ديوان المظالم في المملكة العربيـة السعودية كسلطة تعيين المحكمين فلا يعني ذلك أن التحكيم سيتبع قواعد التحكيم السعودية بل يبقى تابعاً لقواعد تحكيم اليونسترال.
إذا لم يتفق الفريقان على سلطة التعيين أو اتفقا عليها ولكنها امتنعت عن تسمية المحكم أو لم تتمكن من تسميته في خلال 60 يوماً من طلب ذلك اليها، يمكن لأي من طرفي العقد التحكيمي أن يطلب من الأمانة العامة للمحكمة التحكيمية الدائمة في لاهاي تعيين سلطة تـسمي المحكمـين وبالتالي فإن هذه الامانة العامة لا تسمي المحكمين بل تملأ الفراغ فتتولى تعيين سـلطـة تـسمي المحكمين هي سلطة بديلة عن التي كان يجب أن يختارها أطراف النزاع. وانشئت محكمة التحكيم الدائمة في لاهاي بعد مؤتمر السلام الذي عقد سنة 1899، وقد راجـع نظـام هـذه المحكمـة التحكيمية المؤتمر الذي عقد سنة 1907 لحسم المنازعات الدولية بالطرق السلمية، وقام بمتابعـة السير بها وبتثبيت وتدعيم كيانها بعد انشائها سنة 1899، وقد انضمت حتى الآن 72 دولة من كل أنحاء العالم الى الاتفاقية الدولية التي انشأت هذه المحكمة التحكيمية. وخلافاً لما يوحي به اسـمها فإن المحكمة الدائمة للتحكيم ليست محكمة وانما هي لائحة من أعضاء مهيأين للقيـام بوظيفـة المحكمين وحسم أي نزاع دولي. ومقر ما يسمى المحكمة التحكيمية هو في مبنى محكمة العـدل الدولية في لاهاي، وهو أمانة عامة تحفظ لائحة اسماء المحكمين الدوليين.
وهناك نظام تسمية المحكم الواحد ونظام تسمية المحكمين الثلاثة:
نظام تسمية المحكم الواحد:
يعتمد نظام اللائحة لتسمية المحكم الواحد المتضمنة جدولا معروضاً على الطرفين بأسـماء المحكمين ليختارا منه محكمين. ولكن يبقى للطرفين اعتماد نظام آخر لتسمية المحكمين اذا توافقا على ذلك. ومن أجل ذلك:
- تبلغ سلطة التعيين لائحة واحدة للطرفين تتضمن ثلاثة اسماء على الأقل.
- خلال 15 يومـاً من استلام هذه اللائحة يعيدها كل طرف لسلطة التسمية بعد شطب الاسـم أو الأسماء التي لديه اعتراض عليها، على أن يدرج الأسماء التي لا تشطب وفقا لأفـضليتها لديه.
- بإنقضاء مهلة الخمسة عشر يوماً تعين سلطة التسمية المحكم الفرد من بين الأسماء التي بقيت واردة على اللائحة التي عرضت على الطرفين، وفقاً للأفضلية التي عبر عنها الطرفان.
- اذا تعذرت تسمية المحكم وفقاً لهذه الطريقة لسبب من الأسباب تعود التسمية لإستنساب سـلطة التعيين.
- تأخذ سلطة التعيين بعين الاعتبار استقلال وحياد المحكم عند تعيينه ويكون من الأفضل تسمية محكم من غير جنسية الخصوم.
أما نظام تسمية المحكمين الثلاثة فأساسه أن:
- يسمي كل خصم محكماً ويختار المحكمان المعينان من الطرفين المحكم الثالث.
- اذا لم يسم احد الطرفين محكماً خلال 30 يوماً من ابلاغه اسم المحكم المسمى مـن الطـرف الآخر، للطرف الآخر أن يطلب تسمية المحكم الثاني: من سلطة التعيين اذا كانت هناك سلطة تعیین جرى الاتفاق عليها.
- اذا لم يكن قد جرى الاتفاق على سلطة لتعيين المحكمين، أو اذا امتنعت سلطة التعيين المتفـق عليها عن تعيين محكم خلال 30 يوماً من طلب ذلك اليها، فيحق للطرف الآخـر مراجعـة الامانة العامة لمحكمة التحكيم الدائمة في لاهاي لإختيار سلطة تعيين اخرى، وعنـد تعيينهـا يمكن للخصم أن يطلب منها تسمية المحكم الثاني الذي يترك تعيينه لإستنسابها.
- اذا لم يتفق المحكمان على المحكم الثالث خلال 30 يوماً، فيتم تعيينه من سلطة التعيـين عـن طريق نظام اللائحة المذكور سابقا.
2- مناقشات يونسترال فيينا:
لم تتعرض مناقشات اليونسترال في فيينا الى سلطة التسمية والى ضـرورة ربـط اختيـار محكمة تحكيم لاهاي بإختيار سلطة تسمية يكون لها المام ومعرفة واطـلاع وصـلة بـالحقوقيين المتخصصين بالقانون المطبق على التحكيم بل بحث فراغاً أساسياً في القواعد هو التحكيم متعـدد الاطراف. ذلك أن القواعد عالجت سلطة التسمية لتعيين محكم واحد وسلطة التسمية لتعيين ثلاثة محكمين ولكن تحكيمات أخذت تنشأ هذه الايام وليس فيها طرفإن فحسب بل أربعة أو خمـسة أو ستة اطراف، واخذ الاجتهاد يعالج موضوع المحكمين وحصل اضطراب في هذا الموضوع، لأن محكمة النقض الفرنسية ابطلت حكماً تحكيمياً متعدد الاطراف لخلل في تعيين المحكمـين. ومنـذ ذلك الوقت ادخلت انظمة التحكيم تعديلات تأخذ بعين الاعتبار تسمية المحكمين في التحكيم متعدد الاطراف فصارت محكمة تحكيم غرفة التجارة الدولية تسمي هي المحكمين بدلاً عن الاطـراف في التحكيم متعدد الاطراف.
وليس في ذلك حل..
قواعد اليونسترال لم تتطرق إلى هذه الحالة في مؤتمر يونسترال فيينا.
وقد رأى ممثل بولندا ضرورة ادخال تعديل على قواعد اليونسترال لتنــاول هـذه الحالـة واقترح الا يقتصر التعديل على طريقة تعيين المحكمين في التحكيم متعدد الاطراف، بل يجب أن يشمل ايضاً سائر المسائل الاجرائية الخاصة بهذا التحكيم.
وقد أيد ممثل الولايات المتحدة الاميركية ضرورة تعديل القواعد لتناول هذه الحالة وكـذلك ممثل فرنسا الذي أشار الى ضرورة ان يأخذ التعديل في الاعتبار دور القاضـي الـوطنـي فـي التعبين.
واكدت ممثلة الـ ICC ضرورة تبني نص مثيل لما تتضمنه قواعـد معظـم المؤسسات التحكيمية في هذا الاطار.
3- اقتراحنـا:
لا بد من تعديل أساسي في نظام سلطة التسمية يربط اختيار محكمة لاهاي لسلطة التسمية بالقانون المطبق على التحكيم، بحيث لا تكون محكمة تحكيم لاهاي حرة في اختيار سلطة تـسمية تعيين المحكم والمحكمين ولكن الاختيار يكون محصوراً ضمن الهيئات التي لها معرفة واطـلاع وصلة والمام بالمحكمين الملمين بثقافة القانون المطبق على التحكيم حتى لا تتكرر مهزلة تعيين محكمين لا يعرفون شيئاً عن القانون المطبق فيبدأ تعيين الخبراء بالقانون المطبق، المحكمة تعين خبيراً ثم يعين المدعى عليه خبيراً ثم يعين المدعي خبيراً، وتضيع الدعوى والحق بين الخبـراء في القانون المطبق ثم يطبق المحكم قانونه في النهاية!
هذا بالنسبة لسلطة التسمية.
اما بالنسبة للتحكيم متعدد الاطراف فإن الحل الذي اعتمدته محكمة تحكيم غرفـة التجـارة الدولية يبدو منصفاً وعملياً.
لماذا لا يتفق اطراف كل فريق على محكم واذا تعذر ذلك تعينه سلطة التعيين.
فقرة 2- استقلال وحياد المحكمين:
1- القواعد السائدة:
وضعت قواعد اساسية لأهلية المحكم على صعيد الاستقلالية والحياد والجنسية وهي:
أ - المحكم الواحد:
1-الاستقلالية: اذا كان التحكيم بمحكم واحد فإن سلطة التعيين تعين محكمـا يجـب أن يكـون مستقلاً ومحايداً.
2- الجنسية: يستسنب من سلطة التسمية أن تسمي محكماً من جنسية غير جنسية الخصمين.
ب - المحكمون الثلاثة:
يسمي كل خصم محكماً، وتسمي سلطة التعيين محكماً في ثلاث حالات:
1- اذا لم يتفق المحكمان المسميان من الطرفين على محكم ثالث.
2- اذا امتنع احد الطرفين عن تسمية محكم.
3- لتعيين محكم بديل عن محكم آخر.
ويكون المحكم الذي تعينه سلطه التعيين:
- مستقلاً ومحايداً.
- من جنسية غير جنسية الخصمين.
ج - مفهوم الاستقلالية والحياد:
1- كل محكم يكون مرشحاً للتعيين يبلغ الذين رشحوه الظروف التي يكون من شأنها أن تثيـر شكوكاً حول استقلاليته وحياده.