الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 10 / التحكيم البحري قواعد التحكيم وفقا لإتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع كليا أو جزئيا عن طريق البحر* (قواعد روتردام 2008)

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 10
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    89

التفاصيل طباعة نسخ

1- مقدمة:

   أصبح التحكيم – دون أدنى شك - الوسيلة المفضلة لدى المتعاملين فـي أوسـاط التجـارة الدولية الذين يرغبون في الحسم السريع للمنازعات التي تثور بينهم على يد محكمين متخصصين في المجالات المختلفة للأنشطة الاقتصادية، ولما كانت عقود التجارة الدولية تشمل – على سبيل المثال- بيع المواد الأولية أو المنتجات الصناعية أو السلع الاستهلاكية فإن هذه العقود تستدعي بالضرورة نقلها من أماكن إستخراجها أو إنتاجها إلى أماكن تصنيعها أو أستهلاكها، ويترجم هـذا من خلال نقلها من قارة إلى أخرى ومن دولة إلى أخرى بإستخدام وسائل نقل مختلفـة كالـسـفن والطائرات والقطارات والشاحنات والمراكب وما شابه.

   وعليه يسارع مالك البضائع أو مصدرها (ويشار إليه فيما بعد بالــشاحن shipper) بإبرام عقد نقل مع الناقل الذي يتسلم تلك البضائع لتسليمها إلى المستورد (ويشار إليه فيما بعد بالمرسل إليه consignee) .

   وغالبا ما يمثل النقل البحري للبضائع الوسيلة المثلى للنقل بسبب انخفاض تكلفتهـا مقارنـة بالنقل الجوي وبسبب استخدام سفن متخصصة لنقل أنواع معينة من البضائع كـالمواد الخـام أو النفط أو الغاز الطبيعي أو المنتجات الزراعية أو الماشية أو السيارات أو البضائع الصب، كـذلك فإن ما يسمى "البضائع العامة" تنقل في حاويات تحملها السفن فيما بين مينـاء الـشحن ومينـاء التفريغ.

   ويتمثل التزام الناقل – بطبيعة الحال – في استلام البضائع من الشاحن فـي مينـاء القيـام وتستيفها (وضعها) على ظهر السفينة ونقلها وتسليمها الى المرسل إليه في ميناء الوصول دون أن يلحق بالبضائع أي هلاك أو تلف ودون تأخير عن الميعاد المتفق عليه.

   ويلاحظ أن الصورة التقليدية للناقل البحري قد تغيرت منذ بضع سنوات نتيجة التقـدم استخدام وسائل النقل وتنفيذ النقل المسمى متعدد الوسائط مستخدما أكثر من وسيلة مما يسمح من خلال ابرام عقد نقل واحد – بتقديم خدمة نقل تسمى (من الباب للبـاب Door-to-door أي أن الناقل يبدأ تنفيذ التزاماته منذ تسلمه البضائع في مخزن الشاحن وحتى تسليمها فـي مـخـزن المرسل إليه.

2- الاطار القانوني المنظم لعقود النقل الدولي للبضائع بحراً:

   قبل أن نخوض في موضوع التحكيم وفقاً للقواعد الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقـة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كلياً أو جزئياً (المـشار إليها فيمـا بعـد بقواعـد روتردام).

   وجب أن نشير إلى واقع قانوني سابق على صياغة قواعد روتردام يعكس التشتت بين أكثر من اتفاقية دولية تنطبق على عقود النقل الدولي للبضائع.

   وبعبارة أخرى تتنازع أكثر من اتفاقية دولية في الانطباق على عقود النقل البحري للبضائع ارتباطاً بالدول التي وقعتها أو أنضمت إليها، حيث تم تصنيفها إلى طائفتين تسمى دول النـاقلين، ودول الشاحنين نسبة إلى امتلاك دول معينة أسطولاً تجارياً ضخماً وتدافع عن مصالح مـلاك السفن والناقلين ودولاً أخرى لا تمتلك أسطولاً تجارياً كبيراً وتشحن بضائعها على السفن التـى تمتلكها الدول الأولى وتحاول المحافظة على حقوق الشاحنين.

   ومن حيث الترتيب الزمني هناك أتفاقيتان رئیسیتان و بروتوكولان في هذا الصدد: 1- الاتفاقية الدولية لتوحيد بعض قواعد سندات الشحن الموقعة في بروكسل لـسنة 1924 المسماة (قواعد لاهاي) Hague Rules ويبلغ عدد الدول الأعـضاء فيهـا 75 دولـة معظمها من دول الناقلين ومنها دولتان عربيتان هما الجزائر والكويت.

2- البروتوكولان اللذان عدلا الاتفاقية الدولية لتوحيد بعض قواعد سندات الشحن في سنوات 1968 و1979 على الترتيب، والمسميان (قواعد لاهاي/ فسبي) Hague/Visby ويبلغ عدد الدول الأعضاء فيها 27 دولة و 21 دولة على الترتيب.

3- اتفاقية الأمم المتحدة للنقل البحري للبضائع لسنة 1978 المسماة (قواعد هامبورج Hamburg Rules ويبلغ عدد الدول الأعضاء فيها 34 دولة معظمها من دول الشاحنين، ومنها 6 دول عربية هي الاردن ومصر ولبنان والمغرب وسورية وتونس.

3- إعداد اتفاقية جديدة توازن بين مصالح الناقلين والـشاحنين وتلبـي التغييـرات الخاصـة بصناعة النقل:

   بذلت لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (اليونسترال) جهداً كبيراً على مدى عـشر سنوات حتى أبصرت الاتفاقية الجديدة النور، وذلك من خلال تعاونها مع اللجنة البحرية الدوليـة (CMI) وغيرها من الهيئات المهتمة بإعداد اتفاقية تعكس التطورات الأخيـرة المتلاحقـة صناعة النقل البحري واللوجستيات الحديثة المطبقة في العالم، بالإضافة إلى توسيع قاعدة النقـل بالحاويات وإستخدام وثائق النقل الالكترونية بجانب مستندات النقل الورقية التقليدية وإقدام الناقلين على تقديم خدمة (من الباب للباب) مستخدمين وسائل نقل متعددة يتخللها النقل البحـري الـدولي للبضائع. وقد أخذت قواعد روتردام بجميع هذه العوامل السابق ذكرها فـي الاعتبـار فـشملت الاتفاقية الجديدة 18 فصلاً تحتوي في مجملها 96 مادة.

    وقد ذكرت الجمعية العامة للأمم المتحدة عند إعتمادها (قواعد روتردام) أنه "يساورها القلق لأن النظام القانوني القائم في مجال النقل الدولي للبضائع بحراً يفتقر إلى التوحيد ولا يأخـذ فـي الاعتبار بشكل كاف ممارسات وأساليب النقل الحديثة، بما في ذلك النقل بالحاويات وعقود النقـل من الباب واستخدام وثائق النقل الالكترونية.

 

   واقتناعاً منها بأن إعداد قواعد موحدة من أجل تحديث ومواءمة القواعد التي تنظم النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كلياً أو جزئياً من شأنه تعزيز اليقين القانوني ويزيد الكفاءة في مجال النقل الدولي للبضائع ويحد من الطوائف القانونية التي تعترض تدفق التجارة الدولية وأن يلعب دوراً جوهرياً في تعزيز التجارة والتنمية الاقتصادية".

   ومن المعلوم أن اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بعقود النقل الدولي للبضائع عن طريق البحر كلياً أو جزئياً حررت في نيويورك، في الحادي عشر من ديسمبر 2008، من أصل واحد تتساوى نصوصه الإسبانية والإنجليزية والروسية والصينية والعربية والفرنسية في الحجية. وقد فتح باب الإنضمام إلى عضوية هذه الإتفاقية يوم 23 سبتمبر 2009 بمدينة روتردام (هولندا) ووقعتها 21 دولة حتى الآن:- الدانمارك – فرنسا – الغابون - غانا – اليونان- غينيا- هولندا- نيجيريا - النروج – بولندا- السنغال – أسبانيا - سويسرا – توجو – الكونغو – الولايات المتحدة الأميركية - أرمينيا – الكاميرون – مدغشقر - النيجر - مالي.

   ومما يذكر ان النصاب القانوني لوضع هذه الإتفاقية موضع التنفيذ هو انضمام 20 دولة على الأقل اليها.

4- قواعد التحكيم في عقود النقل الدولي البضائع طبقاً لقواعد روتردام:

   جاء الفصل 15 من قواعد روتردام بنصوص خاصة بالتحكيم (المواد 75 إلى 78) وهي من شأنها أن تطبق على أتفاقات التحكيم التي يبرمها كل من الناقل والشاحن ضمن شروط وبنود عقد النقل الدولي للبضائع بطريق البحر كلياً أو جزئياً بمعنى أن النقل البحري قد يتصل به و يلـتحم فيه في بعض الحالات نقلاً برياً أو جوياً أو نهرياً لذات البضائع سواء تم ذلك قبل شحن البضائع على السفينة أو بعد تفريغها منها بهدف تقديم خدمة "من الباب للباب" والذي يرفـع عـن عـاتق الشاحن البحث والتعاقد مع عدة ناقلين لكل مرحلة من مراحل النقل على حدة.

   وقد تصدرت المادة 75 فقرة أولى هذا الفصل ونصت على أنه يحق لأطراف عقد النقل أن يلجأوا إلى التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التي تثور بينهم.

    وطالما أبقينا في أذهاننا هدف الاتفاقية الجديدة المتمثلة في إيجاد توازن بين مصالح الناقلين والشاحنين فقد جاءت الفقرة الثانية من المادة نفسها بقائمة من الأماكن التـي يجـوز للـشخص (المحتكم) وهو ما يمثل غالباً المرسل إليه الذي يتمسك بمطالبه تجاه الناقل (المحـتكم ضـده) أن يختار من بينها المكان الذي تباشر فيه اجراءات التحكيم أو (مقر التحكيم) يضاف إليهـا المكـان المتفق عليه بين أطراف العقد .

   وإنطلاقاً من أن عقد النقل في ظل قواعد روتردام قد يبدأ تنفيذه من استلام البـضائع مـن مخازن أو مصانع الشاحن ويمر بميناء شحن ويصل إلى ميناء تفريغ ويتم التسليم أخيـراً ف مخازن المرسل إليه. فالأماكن المحتملة لاجراء التحكيم هي:

1- مقر الناقل.

2- مكان الاستلام المتفق عليه أو ميناء الشحن.

3- مكان التسليم المتفق عليه أو ميناء التفريغ.

4- المكان المتفق عليه في عقد النقل.

5- قواعد التحكيم بالنسبة إلى الاتفاق الوارد في العقد الكمي طبقا لقواعد روتردام:

    شملت قواعد روتردام نصوصاً خاصة لما يسمى "العقود الكميـة" Volume Contracts وقد عرفت الاتفاقية العقد الكمي بأنه "عقد نقل ينص على نقل كمية محددة من البضائع في سلسلة من الشحنات خلال فترة زمنية متفق عليها ويمكن أن يتضمن تحديد حد أدنى أو أقصى للكميـات المشحونة أو نطاقاً معيناً" . ويمتاز (العقد الكمي) بأن أطرافه يتمتعان بقدر كبيـر مـن الحريـة التعاقدية مما يسمح لهم بالتفاوض على جميع شروط العقد بما فيها شرط التحكـيم أو الـشروط المنظمة لتحديد مسئولية الناقل أو حالات الاعفاء منها، وبناء على مـا سـبق أعتبـرت قواعـد روتردام بمقتضى الفقرة 3 من المادة 75 أن الاتفاق المحدد لمكان التحكيم الذي يرد في (عقد نقل كمي) هو اتفاق ملزم لأطرافه الاصليين الموقعين عليه عند توافر هذين الشرطين:

1. أن يحدد العقد الكمي بوضوح أسماء اطرافه وعناوينهم.

2. أن يكون قد جرى التفاوض عليه بصفة خاصة.

 أو 3. أن يتضمن بياناً واضحاً بأن هناك اتفاق تحكيم وارداً في العقد ويحدد موقعه فيـه، أي ان يكون هناك أهتمام خاص من الجانبين بأن إتفاق التحكيم تم التفاوض عليه وأشير إليـه بـشكل خاص في العقد، إلا ان الاتفاقية تطرقت الى مسألة إمتداد إتفاق التحكيم للغير أي لاشخاص بخلاف الاطراف الاصليين، كما هو الحال في المرسل إليه صاحب المصلحة في رفع دعوى تحكيم ضـد الناقل، إذا أصاب البضائع هلاك أو تلف أو وصلت البضائع متأخرة عن الميعاد المتفق عليه.

   فنصت الفقرة 4 من المادة 75 أن الاتفاق على تحديد مكان التحكيم فيمـا بـين اطراف الاصيلين لا يلزم من ليس طرفاً فيه، إلا عند توافر الشروط الآتية:

الشرط الأول: وقوع مكان التحكيم في أحد الاماكن التي يجوز ان يختارها (الشاحن) تجاه (الناقـل) في مطالبته وهي (مقر الناقل – مكان الاستلام أو ميناء الشحن – مكان التسليم أو ميناء التفريغ).

الشرط الثاني: أن يتصل بعلم (المرسل إليه) وجود مثل هذا الاتفاق وذلك يتمثل فـي ورود اتفاق التحكيم في مستند النقل الورقي أو الالكتروني مما يجيز له الاطلاع عليه. الشرط الثالث: أن يوجه إلى الشخص (المحتكم ضده) اشعاراً بمكان التحكـيـم وفـي وقت مناسب وذلك لمنع أي إخلال بحقوق الدفاع لأي من الطرفين في الدعوى التحكيمية.

الشرط الرابع: وهو كون القانون المطبق يسمح بأن يكون ذلك الشخص ملزماً باتفاق التحكيم وهو شرط يرتبط بمدى إنطباق شرط التحكيم على بعض الاشخاص الاعتبارية العامة.

   وجدير بالإشارة أن المرسل اليه (وهو عادة المستورد الذي اشترى كمية من البضائع سوف تصل اليه على شحنات) يستطيع ان يواجه هذا الموقف ويتصدى له بأن يضع في عقد البيـع أو خطاب الاعتماد الذي يقدمه للبائع ما يفيد أن اتفاق التحكيم الوارد في مستند النقـل الـورقي أو الالكتروني غير مقبول ولا يعتد به تجاهه.

6- قواعد التحكيم الواردة في مشارطات الايجار وعقود استخدام السفن:

   مشارطة الايجار Charterparty هو الاسم المستخدم لعقود تأجير السفينة وذلك اما لفتـرة زمنية معينـة Time Charterparty أو لعـدد مـعـيـن مـن الـرحلات الملاحيـة Voyage Charterparty أو يكون الإيجار في بعض الحالات لسفينة مجردة من أدواتها وتجهيزاتها فيمـا يسمى "إيجار السفينة عارية" Bareboat. وقد استبعدت قواعد روتردام (مشارطات الايجار) في النقل الملاحي المنتظم أي النقل بواسطة سفن وفقاً لجداول زمنية تعمل بانتظام بين موانئ محددة والعقود الأخرى المتعلقة بأستخدام سفينة أو أي حيز عليها من الخضوع لأحكامهـا (م6 أ ، ب) بمعنى أن مشارطات الايجار وعقود استخدام السفن مثلها مثل العقود الكمية يتم التفـاوض علـى شروطها بين أطرافها بحرية وبحيث تكون لهم حرية مطلقة في تحديـد مـكـان التحكـيم وعـدد المحكمين والقانون الواجب التطبيق على اجراءات التحكيم والقـانون الواجـب التطبيـق علـى موضوع النزاع.... إلخ.

   إلا ان هذا الاستبعاد لأحكام الاتفاقية يسري فقط في العلاقة بين الأطـراف الاصـليين اي الموقعين مشارطة الايجار من المؤجر مالك السفينة والمستأجر (الناقل الذي يستغل عادة السفينة في نقل بضائعها أم بضائع الغير) بما فيها شرط التحكيم وعليه تنطبق الاتفاقية فيمـا بـيـن هـذا المستأجر (الناقل) و (المرسل اليه) الذي لم يكن طرفاً أصيلاً في مشارطة الايجار.

   أما بالنسبة إلى مشارطات الايجار في النقل الملاحي غير المنتظم فهي بمقتضى م 2/6 من الاتفاقية مستبعدة كذلك من الخضوع للاتفاقية بالنسبة الى اطرافها الاصليين، إلا أنه إعمالاً للمادة 7 من الاتفاقية تنطبق أحكام الاتفاقية في العلاقة بين الناقل والمرسل اليه في حالة نصت عليهـا المادة 76 الفقرة 2، عندما يتضمن مستند النقل الورقي أو الالكتروني:

أ. أسماء طرفي مشارطة الايجار وتاريخ ابرامها.

ب. إحالة صريحة واضحة الى بند التحكيم الوارد في مشارطة الايجار.

7- تعتبر قواعد روتردام في شأن التحكيم قواعد آمرة بالنسبة إلى المنازعات التي قـد تنـشأ بسبب تنفيذ عقد النقل الدولي للبضائع واختيارية بالنسبة إلى المنازعات التي نشأت:

   إن طبيعة النصوص الخاصة بالتحكيم كما وردت في الاتفاقية من شأنها ايجاد التوازن الملائم بين الناقلين والشاحنين ومن بعدهم المرسل اليهم ومن أسمتهم الاتفاقية الحائز أو الطرف المسيطر، ومنعاً لقيام الناقل بإدراج شرط تحكيم يكون في صالحه من حيث مقر التحكيم الانسب لمصالحه ضد المرسل اليه الذي قد يتكبد نفقات باهظة في الذهاب الى دولة مقر الناقل أو الى مكان آخر لتقديم طلب التحكيم ومباشرة اجراءاته التي قد تطول احياناً، فقد ذكرت المادة 75 فقرة 5 أن ما جاء من تحديد لمكان التحكيم سواء بالنسبة إلى عقود النقل الخاضعة للاتفاقية أوعقود لنقل الكمية ومشارطات الايجار وعقود استخدام السفن هي قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها، ومتى جاءت متعارضة مع احكام الاتفاقية في شأن شرط التحكيم، أعتبر الشرط باطلاً وحلت محله أحكام الاتفاقية، طالما المنازعة التي سيطرح موضوعها امام هيئة التحكيم لم تنشأ بعد. أما الاتفاق على مكان التحكيم بعد نشوء النزاع في كل عقود النقل سالفة الذكر فإنها تخضع للإرادة الحرة للاطراف ويجوز الاتفاق فيها على تحديد أي مكان ملائم لإجراء التحكيم بحسب الأحوال.

   بقيت نقطة أخيرة يجب التنويه بها جاءت في المادة 78 من قواعد روتردام وهي نظام الخضوع الاختياري للدول الموقعة أو المنضمة للاتفاقية والمسمى opting-in حيث لا تلزم الأحكام الخاصة بالتحكيم سوى الدول المتعاقدة التي تعلن أنها ستكون ملزمة بها وهو ما قامت به جميع الدول الموقعة أو المنضمة حتى الآن.

الخلاصة:

    جاءت قواعد روتردام بنصوص متفرقة عديدة في شأن التحكيم تتعلق باختيار مكان التحكيم ومن المؤكد أن لمقر التحكيم أثر بالغ الأهمية من حيث كونه المكان الذي تباشر فيـه اجـراءات تقديم طلب التحكيم ممن يتمسك بمطالبة تجاه الناقل، وكذلك المكان الـذي تـتـم فيـه اجـراءات اختيار المحكمين وتشكيل هيئة التحكيم، ثم المكان الذي تتم فيه اجراءات تقديم مذكرات الادعـاء والدفاع وسماع الشهود وتقديم الخبراء لتقرير الخبرة وهو المكان الذي يصدر فيه حكم التحكـيم والذي ينفذ فيه غالباً، وأخيراً المكان الذي يجوز فيه رفع دعوى البطلان في حكم التحكيم. وعليه تنوعت قواعد روتردام في شأن إخضاع عقود النقل الدولي للبضائع فيما بين المـوقعين كعقـود النقل التي تصدر عنها مستندات نقل ورقية أو الكترونية وإخراج مـشارطات الايجـار وعقـود الكمية من الخضوع لها من حيث المبدأ، أما فيما بين الناقل والغير كالمرسل اليـه فـان قواعـد روتردام وضعت شروطاً معينة اذا توافرت جاز لاتفاق التحكيم أن يمتد الى اطراف أخرى غير أطرافها الاصليين. ونحن في انتظار التطبيقات الأولى لهذه القواعد والتي تبشر بازدياد التحكيمات البحرية في مراكز تحكيم عديدة توجد في دول الشاحنين أو المرسل إليهم حيث يقع مكان التـسلم أو ميناء الشحن أو مكان التسليم أو ميناء التفريغ.