التفاصيل طباعة نسخ

لكي يتضح مفهوم الحكم التحكيمي عن غيره من المفاهيم الأخرى لا بد من التعرض لمفهوم التحكيم ذاته، إذ الحكم التحكيمي من أهم نتائجه، وذلك بتعريفه وتمييزه عن غيره وتحديد طبيعته وبیان شروطه وانواعه.

تعريف التحكيم

أما في اصطلاح الفقه الإسلامي فقد عرفه الحنفية بأنه"هو تولية الخصمين حاكما يحكم بينهما، وركنه اللفظ الدال عليه مع قبول الآخر" ، وعرفه المالكية بأنه "تولية الخصمين حكماً يرتضيانه ليحكم بينهما"، أما الشافعية فعندهم التحكيم هو"تولية الخصمين حكما صالحاً للقضاء ليحكم بينهما" ، وعرفه الحنابلة بنحو من تعريف الشافعية ، وعرفته مجلة الأحكام العدلية بأنه"اتخاذ الخصمين آخر حاكما برضاهما؛ للفصل في خصومتهما و دعواهما"، كما عرفه مجمع الفقه الإسلامي الدولي بأنه"اتفاق طرفي خصومة معينة على تولية من يفصل في منازعة بينهما بحكم ملزم يطبق الشريعة الإسلامية"، وقد مال المجمع إلى ان التحكيم عقد غير لازم لكل من الطرفين المحتكمين والحكم، فيجوز لكل من الطرفين الرجوع فيه ما لم يشرع الحكم في التحكيم .

وأخيرا عرفه القضاء المصري بأنه "طريق استثنائي لفض الخصومات قوامه الخروج على طرق التقاضي العادية، وما تكلفه من ضمانات، ومن ثم فهو مقصور حتما على ما تنصرف إرادة المحتكمين إلى عرضه على هيئة التحكيم" ، ويلاحظ على هذه التعريفات ما يلي:

الملحوظة الأولى: أن كل التعريفات تستند على ذات المعاني اللغوية للتحكيم.

الملحوظة الثانية: أن بعض التعريفات يركز على أن التحكيم طريق استثنائي لفض النزاع بديل عن قضاء الدولة.

الملحوظة الثالثة: أن بعض التعريفات يقرر أن التحكيم عقد بين طرفين قوامه إرادة الأطراف، وأنه وليد هذه الإرادة.

الملحوظة الخامسة: أن معظم التعريفات ركزت على الهدف من التحكيم والغاية منه، وهو إنهاء الخصومة وحسم النزاع بطريق استثنائي عقدي غير قضاء الدولة.

وتميل إلى ما ذهب إليه بعض الفقه القانوني بتعريف التحكيم بأنه" عقد تلتقي فيه إرادة المتعاقدين(الخصوم) على إحالة النزاع الناشئ عن العقد المبرم بينهما، أو أي نزاع قد ينشأ بخصوص هذا العقد، على شخص أو أشخاص معينين(محكم أو محكمين)؛ ليفصلوا في هذا النزاع دون اللجز إلى القضاء المختص أصلا بالفصل بالنزاع"، لكونه أشمل التعريفات.