التحكيم / تعريف التحكيم ونشأته ومشروعيته ومزاياه وعيوبه وطبيعته وأنواعه وتمييزه عن غيره: / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / المقصود بالتحكيم في المنازعات الرياضية وموقف المشرع الفرنسي والمصري
المقصود بالتحكيم في المنازعات الرياضية وموقف المشرع الفرنسي والمصري
أولا: المقصود بالتحكيم في المنازعات الرياضية:
فالتطور الهائل في مجال الأنشطة الرياضية - كما سبق القول - أدى إلى ظهور كثير من المنازعات بين أطراف النشاط الرياضي، مما أدى بدوره إلى ضرورة وجود قانون رياضي مستقل ومتميز عن القوانين الأخرى. ولعل من العوامل المهمة التي تبرز مدى أهمية استقلال القانون الرياضي وتميزه، هو تفرد هذا القانون بقضاء تحكيمي خاص بمعني وجود جهات تحكيم تختص بالنظر: "في المنازعات التي تنجم عن ممارسة مختلف الأنشطة الرياضية، سواء تعلقت بالرياضة ذاتها أو ما يتم من علاقات بمناسبتها كعقود البث التلفزيوني مثلاً؛ فضلاً عن وجود هيئات لها اختصاص استئنافي مهمتها النظر في المنازعات الرياضية أيضا. ويتميز عمل هذه الهيئات بالدقة والموضوعية البالغة، فإجراءاتها تتسم بالبساطة وعدم التعقيد، وتتسم جلساتها بالسرية التامة، إذ أن أطراف النزاع ملزمون بعدم الافصاح عن تفاصيله. كما أنها تأخد بعين الاعتبار إرادة الأطراف وخياراتهم، مما يضمن بقاء المودة قائمة بينهم. ويتم التحكيم في هذه الهيئات وفق القانون الذي يختاره الأطراف وبخلافه يتم النظر فيه بموجب قانون محل المنظمة الرياضية. لكل هذه الأسباب فإن هذا النوع من القضاء يناسب المنازعات الرياضية الدولية ".
ثانيا: موقف المشرعين الفرنسي والمصري:
أولى المشرعين الفرنسي والمصري اهتماماً كبيراً بأهمية إقرار قانون للرياضة متماشياً مع ما نصت عليه الدساتير في هذا الشأن، وهو ما نبينه بالتفصيل على النحو الآتي:
أ- موقف المشرع المصري
نص الدستور المصري المعدل في المادة 82 من الباب الثالث والخاص بالحقوق والحريات والواجبات العامة" على اهتمامه بالشباب باعتبار أن لهم الدور الكبير والمهم في تنمية المجتمعات وبنائها؛ لأنهم ركائز أي أمة وأساس الإنماء والتطور فيها وبناة مجدها وحضارتها وحماتها.
فنصت المادة 82 على أن: "تكفل الدولة رعاية الشباب والنشء وتعمل على اكتشاف مواهبهم، وتنمية قدراتهم الثقافية والعلمية والنفسية والبدنية والإبداعية، وتشجيعهم على العمل الجماعي والتطوعي، وتمكينهم من المشاركة في الحياة العامة".
كما بينت المادة 84 على أهمية الرياضة وممارستها؛ فنصت على أن: "ممارسة الرياضة حق للجميع، وعلى مؤسسات الدولة والمجتمع اكتشاف الموهوبين رياضياً ورعايتهم، واتخاذ ما يلزم من تدابير لتشجيع ممارسة الرياضة، وينظم القانون شئون الرياضة والهيئات الرياضية الأهلية وفقا للمعايير الدولية، وكيفية الفصل في المنازعات الرياضية".
فقد أصدر المشرع المصري في البداية القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة، وهي كل جماعة ذات تنظيم مستمر تتألف من عدة أشخاص طبيعيين أو اعتبارین لا تستهدف الكسب المادي، ويكون الغرض منها تحقيق الرعاية للشباب وإتاحة الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم، وذلك عن طريق توفير الخدمات الرياضية والقومية والاجتماعية والروحية والصحية والترويحية في إطار السياسة العامة للدولة والتخطيط الذي يضعه المجلس الأعلى للشباب والرياضة.
وتخضع الهيئات الخاصة لرعاية الشباب والرياضة مالياً وتنظيمياً وإدارياً وفنياً لإشراف الجهة الإدارية المختصة (مديرية الشباب والرياضة) مادة 1/25)، وينظم القانون رقم 77 لسنة 1975 تشكيل واختصاصات الجمعيات العمومية لهذه الهيئات.
وقد حدد القانون سابق الذكر تلك الهيئات، وهي اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والأندية الرياضية الأعضاء في الاتحادات وسمح لها بمباشرة النشاط الرياضي و تتمتع كل منهما في مباشرة اختصاصاتها ونظامها الأساسي باستقلال تام.
وفيما يتعلق بالفصل في المنازعات الرياضية؛ فقد أوكل القانون المذكور الفصل فيما يطرأ من منازعات رياضية للجان الإدارية كالوزير المختص أو المنظمات أو الهيئات الإدارية والاتحادات الرياضية من خلال لجان مختصة مثل لجنة تظلمات الاتحاد المصري لكرة القدم والتي لا تعد محكمة قضائية بالمعني الفني الدقيق كونها مجرد لجنة من لجان اتحاد الكرة المصري وتختص بالنظر في التظلمات المرفوعة إليها بسبب النزاع على تطبيق أي من لوائح الاتحاد التي تعني بشؤن اللعبة وممارسيها أو بأحد عناصرها .
وبالرغم من كل ما تضمنه القانون رقم 77 لسنة 1975 بشأن الهيئات الخاصة بالشباب والرياضة المعدل بالقانون رقم 51 لسنة 1978 من طرق لتسوية المنازعات الرياضية، إلا أنه أصبح لا يستطيع مواكبة التطور الهائل في المجال الرياضي بما يكفل سرعة الفصل في النزاع، الأمر الذي جعل المشرع المصري يبحث عن وضع تشريعي جديد وأفضل يواكب التطورات الحديثة التي طرأت على الرياضة والذي خلا من تنظيمها القانون القديم المشار إليه وعلى رأسها الطب الرياضي والمنشطات والاستثمار في مجال الرياضة والمحاكم الرياضية المتخصصة.
ب- موقف المشرع الفرنسي:
وعلى غرار المشرع المصري، كان المشرع الفرنسي قد أصدر في البداية - القانون رقم 610 / 84 الصادر في 16 يوليو 1984 بشأن تنظيم وتنمية الأنشطة الجسدية والرياضية، والذي وزع المسؤولية عن التنظيم الرياضي ما بين الدولة والاتحادات الرياضية من جانب والقطاعات الرياضية الخاصة من جانب آخر، وفيما يخص طرق فض المنازعات الرياضية؛ فقد أوجب القانون رقم 610/ 84 بالمادة السادسة عشر منه على كل اتحاد رياضي يشارك في مهمة تتعلق بخدمة عامة أن يأخذ بلائحة انضباط مطابقة لما تنص عليه لائحة الانضباط النموذجية للاتحادات الرياضية المنصوص عليها بالمرسوم رقم 1059/ 93، والصادرة في الثالث من سبتمبر عام 1993، كما قرر المشرع في القانون سالف الذكر وسائل أخرى لحسم التوفيق والتحكيم واللجوء إلى القضاء الإداري المنازعات الرياضية، مثل والعادي.