التحكيم / تعريف التحكيم ونشأته ومشروعيته ومزاياه وعيوبه وطبيعته وأنواعه وتمييزه عن غيره: / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / اسس التحكيم السليم في المنازعات الضريبية
ترتب على الحكم بعدم دستورية التحكيم الإجباري في منازعات الضريبة العامة على المبيعات أن قام المشرع باستبعاد التحكيم نهائيا في هذا النوع من المنازعات واستبداله بلجان التوفيق والتظلمات المنصوص عليها في القانون رقم 9 لسنة 2005 - المعدل لقانون الضريبة العامة على المبيعات رقم 11 لسنة 1991 - والوارد كذلك النص عليها بقانون الضريبة على القيمة المضافة رقم 76 لسنة 2019.
وإذا كان النظام الضريبي المصري قد حاول الاستفادة من نظام التحكيم فيما يخص الضريبة العامة على المبيعات وفقا لمعايير لا تتفق والأصول العامة لهذا النظام ومن أهمها عدم مراعاة ارادة الممولين قبل اللجوء إلى التحكيم من خلال فرضه قسرا عليهم وعدم مراعاة الوترية في تشكيل لجان التحكيم الابتدائية مما أدى إلى الحكم بعدم دستوريته فهل يعني هذا استبعاد التحكيم كلية من مجال المنازعات الضريبية بصفة عامة أو منازعات الضريبة العامة على المبيعات بصفة خاصة ؟
نذهب مع البعض أنه رغم ما شابه نظام التحكيم وخصوصا التحكيم الإجباري من عيوب ومثالب أدت إلى الحكم بعدم دستوريته على نحو ما تم عرضه سابقا إلا أنه من الممكن أن يسهم التحكيم بدور فعال في المجال الضريبي عموما بما يحقق العديد من المزايا ومن أهمها تشجيع الاستثمار وبما يعزز من أهمية قدرة الأشخاص على المفاضلة بين التحكيم والقضاء لفض منازعاتهم الضريبية وذلك إذا تم تنظيم التحكيم في المجال الضريبي في إطار قواعد المشروعية التي تحكم نظام التحكيم بصفة عامة و إذا تم مراعاة الأسس التالية:
1- أهم هذه الأسس والتي يجب أن يعتد بها كأحد مقومات التحكيم السليم في المنازعات الضريبية هي: إعلاء مبدأ سلطان الإرادة للمتنازعين وإعطاؤهم الحق في سلوك هذا الطريق الرضائي أو ترکه بغير إكراههم عليه فإذا أراد المشرع تنظيم تحكيم لحل منازعات الضرائب وجب أن يحترم إرادة الأطراف في اختيار هذا الطريق أو اختيار طريق القضاء فإذا استقر الممولون على اختيار التحكيم يجب أن يكفل لهم المشرع حرية الاتفاق على المحكمين ورئيس هيئة التحكيم وإجراءات التحكيم.
2- يجب على التحكيم أن يكفل تطبيق القانون الضريبي على المنازعات التي تنظر طبقا لإجراءاته ويشترط لتحقيق ذلك تطبيق صورة التحكيم المؤسسي. حيث تمتاز هيئة التحكيم فيه بالتخصص في المجال الضريبي والخبرة في تسوية المنازعات السابقة والمماثلة وتوفير لائحة ثابتة لهيئات التحكيم التي تنعقد من خلاله توضح الإجراءات المتبعة عند تسوية تلك المنازعات، بما يكفل إنزال حكم القانون الضريبي على المنازعات المنعقدة أمامهم.
3 - يجب الاعتراف لأحكام التحكيم الصادرة في المنازعات الضريبية بقوتها الملزمة فور صدورها و إن كان ثمة طريق للطعن عليها أمام القضاء فيكون فقط من خلال دعوى بطلان حكم التحكيم ووفقاً لقانون التحكيم المصري رقم 27 لسنة .1944
4- يجب ألا يتعارض تطبيق التحكيم مع طبيعة محل المنازعة الضريبية وذلك من خلال جعل التشريعات الضريبية تسمح للإدارة الضريبية المختصة بالاتفاق مع الممولين والمكلفين حول تقدير قيمة وعاء الضريبة باعتبار أن الاتفاق في هذه الحالة ليس وسيلة لتقدير الضريبة في ذاتها وإنما وسيلة لتقدير محلها ووعائها فحسب. كما أن نظر المنازعة الضريبية من خلال التحكيم يعني تلاقي إرادة الإدارة الضريبية مع المكلفين على تحويل المحكمين الحق في تقدير وعاء الضريبة في ضوء القواعد القانونية ذات الصلة حتى يمكن تطبيق الضريبة بالسعر المحدد قانونا على الوعاء المحدد وفقا له عند تحقق الواقعة المنشئة للضريبة في خدمة المكلف .