الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم ونشأته ومشروعيته ومزاياه وعيوبه وطبيعته وأنواعه وتمييزه عن غيره: / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في منازعات الدولة في ضوء القانون المصري للتحكيم / تعريف التحكيم

  • الاسم

    محمد يوسف محمد عبده أحمد
  • تاريخ النشر

    2015-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    619
  • رقم الصفحة

    3

التفاصيل طباعة نسخ

يعد التحكيم أصل القضاء فقد نشأ قبل أن يوجد القضاء داخل الدول فالدولة منذ ظهورها احتكرت لنفسها سلطة القضاء، واعتبرتها أحد مظاهر سيادتها، واعتبرت نفسها بحق أو بغير حق الأمين العام على تنظيم المرفق الذي يحقق الحماية القضائية للحقوق والمراكز القانونية.

 ومع تطور الحياة الاقتصادية وتطور التجارة بين الدول اتسع نطاق المعاملات التجارية الدولية بوجه عام، وصاحبه انتشار نوع خاص من هذه المعاملات وهي معاملات الاستثمار، فزادت تبعا لذلك العقود الدولية التي يبرمها المستثمرون سواء كان هؤلاء المستثمرون دولا مصدرة لرؤوس الأموال أو أفراد أو شركات أو هيئات استثمارية دولية.

وعند حدوث نزاع أو اختلاف بسبب أو أثناء تنفيذ هذه العقود فمن الطبيعي أن يتم اللجوء إلى القضاء لحسم هذا النزاع، إلا أن القضاء للأسف- لايلبي في استمرارية حاجات ورغبات المتعاملين في السوق العالمي نظرا لما تشهده المحاكم من تكدس مروع للقضايا وللمشاكل العديدة التي تواجه التقاضي أمام المحاكم ومن أهمها مشكلة بطء التقاضي، ولقد تفاقمت هذه المشكلة في مصر حيث تستمر المنازعات أمام القضاء لما يزيد عن عقد من الزمان، أضف إلى ذلك أن المتعاملين في التجارة الدولية ينظرون إلى القضاء الوطني نظرة شك وريبة. 

ومع تطور الحياة الاقتصادية في العالم واتساع الأسواق والتطور التكنولوجي والتقدم الهائل في وسائل الاتصالات والنزاعات ذات الطابع الدولي والتي تحتاج إلى فصل سريع فيها و إزالة العوائق من أمامها، فقد كان لابد من البحث عن وسيلة أخرى تلبي حاجات المتعاملين في السوق العالمي وتكون بديلا عن القضاء الوطني وتعمل على تحقيق التوازن بين الدولة المضيفة للاستثمار من ناحية وبين تحقيق مصالح المستثمرين من الناحية الأخرى. 

وقد تمثلت هذه الآلية في التحكيم كبديل مقبول عن اللجوء إلى القضاء باعتباره مكونا أساسيا في سبيل تطور العلاقات التجارية والاقتصادية، ومن أهمها السرية التي يتمتع بها التحكيم والتي تتناسب مع عقود التجارة الدولية، فهو يأتي منسجماً مع رغبة المستثمرين بالابتعاد عن اللجوء إلى القضاء الوطني، وهو ما يساعد في الحفاظ على أسرار المستثمرين، وتجنب المساس بمركزهم وسمعتهم في مجال النشاط التجاري الدولي.

 وبالرغم من أن التحكيم مازال يشهد جهوداً كبيرة للوصول به إلى تنظيم قانوني فعال يصل به إلى درجة الإتقان، إلا أن التحكم التجارى الدولى قد تبوأ مكانة هامة بين وسائل فض المنازعات المتعلقة بشئون التجارة الدولية، بل أنه قد أصبح ضرورة لازمة يلجأ إليه المستثمرون لحسم خلافاتهم الناتجة عن معاملاتهم، بحيث - يندر أن نجد عقداً دولياً لايتضمن شرط التحكيم لتسوية المنازعات الناشئة عن هذا العقد.

وقد جسد القانون الوضعي وبخاصة القانون الفرنسي هذه العلاقة، حيث احتل التحكيم فيه مكاناً ثانوياً، ويتضح ذلك جلياً من خلال النصوص القانونية التي حظرت -كقاعدة عامة على الأشخاص المعنوية العامة اللجوء إلى التحكيم بصدد حل منازعاتها المتعلقة بالعقود الإدارية، كما أن القضاء وبخاصة القضاء الإداري- قد وقف موقفاً صلباً إزاء لجوء هؤلاء الأشخاص إلى التحكيم. 

غير أن هذا الموقف الذي اتخذه القانون الوضعي الفرنسي لم يجد له صدى في التشريع المصري، فإذا كان المشرع الفرنسي قد وضع مبدأ عاماً مفاده عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية، فإن المشرع المصري في المرحلة السابقة على صدور القانون المصرى للتحكيم رقم 1994/27م لم يأت بمثل هذا النص، مما فتح المجال للاختلاف في الفقه والقضاء حول إمكانية حسم منازعات العقود الإدارية بطريق التحكيم، واستمر هذا الخلاف بعد صدور القانون بالرغم من وجود نص قانوني يمكن تفسيره بما يؤدي إلى إمكانية حسمها عن طريق التحكيم، مما اضطر المشرع في نهاية الأمر إلى إصدار قانون رقم 1997/9 م بشأن تعديل بعض أحكام قانون 1994/27 م ونص فيه صراحة على جواز حسم منازعات العقود الإدارية عن طريق التحكيم بضوابط حددها القانون. .

وبصدور هذا القانون ثار الجدل حول نطاق سريانه من حيث الزمان، إلا أن المشكلة الكبرى قد تمثلت في القاعدة التي وضعها القانون رقم1994/27 م بعد تعديله بالقانون رقم1997/9 م، بأن القانون الرئيسي واجب التطبيق على منازعات الدولة هو قانون الإرادة والقواعد عبر الدولية، والقانون الاحتياطي هو القانون الأكثر اتصالاً بالنزاع والفصل في المنازعات بمقتضى قواعد العدل والإنصاف.