التحكيم / تعريف التحكيم ونشأته ومشروعيته ومزاياه وعيوبه وطبيعته وأنواعه وتمييزه عن غيره: / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في منازعات التجارة الإلكترونية / تعريف حكم التحكيم وطبيعته
نظرا للأهمية البالغة لحكم التحكيم الإلكتروني - والمتمثلة في جس منازعات التجارة الإلكترونية عبر شبكة الانترنت - فإنه لا يمكن صدوره إلا بعد مرورة بإجراءات معينة، وتعد هذه الإجراءات من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا الحكم، وتتمثل هذة الإجراءات في المداولة التي يجب أن تتم بين أعضاء هيئة التحكيم الإلكترونية قبل إصدار هذا الحكم، وهذه المداولة تتم بطريقة إلكترونية عبر شبكة الانترنت الدولية وخلال هذه المداولة يقوم الأعضاء بالتوصل إلى رأي، وفي حالة اختلافهم يتم أخذ رأي الأغلبية ويكون هذا الرأي هو مضمون حكم التحكيم الصادر عنهم. وبهذا فإن هذه الإجراءات الخاصة بالمداولة وصدور الحكم بالأغلبية من قبل أعضاء هيئة التحكيم هي الإجراءات التي يجب على أعضاء هيئة التحكيم مباشرتها قبل إصدار حكمهم، وإذا كانت هذه الإجراءات تمثل المبادئ الأساسية لنظام التحكيم الإلكتروني فهي أيضا ذات المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القضاء الوطني حال إصدار الأحكام الوطنية.
إلا أن هذه الإجراءات السابقة لإصدار حكم التحكيم الإلكتروني سالفة البيان تواجهها عدة صعوبات خاصة فيما يتعلق بكيفية المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم عبر شبكة الانترنت وكيفية تصويت هذه الهيئة على الحكم، والذي يتم أيضا عبر هذه الشبكة)، وهذا ما سوف نتعرف عليه في خ لال تناولنا لهذا الموضوع بالشرح والتحليل من خلال عرض لآراء الفقه المختلفة وكذا القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية وكذا القواعد لدى هيئات التحكيم الإلكترونية الدائمة وغيرها من القوانين الدولية. .
وقبل أن نتعرف على هذة الإجراءات التي يمر بها حكم التحكيم الإلكتروني قبل إصداره لابد أولا أن نتعرف عن ما أن نتعرف عن ماهية هذا الحكم .
ماهية حكم التحكيم الإلكتروني :
إذا كان حكم التحكيم الإلكتروني قد يختلف عن حكم التحكيم التقليدي في بعض الأمور مثل الكتابة والتوقيع وطريقة إصداره وإعلان الأطراف به وغيرها من الأمور الأخرى التي يتميز بها حكم التحكيم باعتبارها ذات طابع إلكتروني)، إلا أنه لا يختلف معه من حيث المفهوم، حيث أن مفهومها واحد ويرجع ذلك لكون كل منهما عبارة عن حكم يصدر عن هيئة تحكيم للفصل في ان النزاع القائم بين الأطراف، وهذا المضمون لا يختلف بطبيعة الحال من حكم التحكيم الإلكتروني عن حكم التحكيم التقليدي، وبالتالي فإنهما يعدان وجهان لعملة واحدة. ولا ينال من ذلك اختلاف وسيلة إصدار كل منهم حيث أنه لا أثر لهذه الوسيلة على مضمون مفهوم حكم التحكيم، وهكذا يتضح لنا أنه على الرغم من وجود اختلافات شتى بين حكم التحكيم الإلكتروني وشبيهه التقليدي إلا أنهما يتفقان كل الاتفاق من حيث المفهوم.
قد ضيق من مفهوم حكم التحكيم وجعله مقتصر فقط علی الأحكام الصادرة عن هيئة التحكيم والتي تفصل في النزاع القائم بين الأطراف بشكل نهائي وحاسم وبالتالي فإنه قد أخرج من هذا المفهوم تلك القرارات الصادرة عن هيئة التحكيم والتي تتعلق بأمور إجرائية مثل تحديد القانون الواجب التطبيق أو تحديد زمان ومكان جلسات التحكيم وغيرها من الأمور الإجرائية الأخرى، كما أخرج منه أيضا تلك القرارات التي تكون ذات طبيعة وقتية وغير حاسمة لموضوع النزاع.
ونحن من جانبنا نرى أن المفهوم الضيق لحكم التحكيم هو الأرجح وهو
الذي يجب الأخذ به ويرجع ذلك لكونه يقتصر فقط على ما هو يعد أحكامة فاصلة في النزاع القائم بين الأطراف، ويخرج من مضمونه ما يعد قرارات سواء إجرائية أو وقتيه لا تكون فاصلة في النزاع، الأمر الذي يبين للكافة سواء للأطراف أو لغيرهم ويحدد لهم الأحكام الصادرة في النزاع دون أن يختلط الأمر عليهم في القرارات الأخری والتي لا تتعلق بحسم هذا النزاع وهو ما يؤدي بدوره الي سهولة تنفيذه.
و بالبحث في القوانين الوطنية وكذا القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية . نة بشئون ونظام التحكيم مثل اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الصادرة سنة ۱۹۵۸ وكذا القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر عام 1985 وغيرها من القوانين والاتفاقيات الدولية نجد أن غالبيتها لم تضع تعريفا محددا لمفهوم حكم التحكيم. ويرجع ذلك لكون تحديد مفهوم حكم التحكيم وتعريفه ليس من مهمة المشرع سواء الوطني أو الدوليإنما هي في الواقع مهمة الفقه والقضاء، فبالنسبة للقضاء يتم ذلك عن طريق السوابق القضائية، ونذكر منها على سبيل المثال القضاء الفرنسي حيث عرف حكم التحكيم تعريفا محددا بأنه "قرارات المحكم التي تفصل بطريقة نهائية أو جزئية في مسألة متنازع عليها تتعلق بالموضوع أو بالاختصاص أو بالإجراءات أو تؤدي إلى إنهاء الدعوى.
وباستعراض قانون التحكيم المصري نجد أنه قد أخذ بالمفهوم الضبيق لحكم التحكيم حيث ذهب إلى أنه لا يجوز الطعن على ما يصدر عن هيئة التحكيم من قرارات سابقة على حكم التحكيم المنهي للخصومة، وإنما يكون ذلك عن طريق ارفع دعوى البطلان على حكم التحكيم المنهي للخصومة، حيث نص على أنه الفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معا، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة 53 من هذا القانون.
ويرى البعض أنه يجب عدم تسمية حكم التحكيم بمسمى "الحكم" وإنما يطلقون عليه مسمى قرار التحكيم ويرجع ذلك إلى أنهم يهدفون إلى التمييز بين ما يصدر من هيئات التحكيم من أحكام وبين الأحكام القضائية التي تصدر عن القضاء الوطني.
. بينما يرى البعض الآخر إن حكم التحكيم هو إجراء يقوم به المحكم خلال الخصومة أو في نهايتها للإعلان عن إرادته هو لا إرادة الخصوم وهو يخضع للمبادئ الأساسية في التقاضي حتى ولو لم ينص على ذلك في القوانين .
كما أنه يعد النتيجة الطبيعة لمهمة المحكم وهو صلب موضوع تنفيذ أحكام التحكيم وبالتالي فإنه يعد حكما وليس قرارا ومن ثم يجب تسميته حكما.
ونحن من جانبنا نرى أن الرأي الثاني هو الأرجح وذلك لأن الرأي الأول قد جانبه الصواب حيث يوجد فرق بين حكم التحكيم وحكم القضاء لأنه من المعلوم الجهة التي صدر عنها سواء حال إصداره أو حال تنفيذه ولا يؤثر على هذا الفارق تلك المسميات، بالإضافة إلى ذلك فإنه بتسمية ما يصدر عن هيئة التحكيم من أحكام بأنه قرارات فإن ذلك يؤدي إلى الخلط بين ما هو أحكام منهية.