الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / تعريف التحكيم ونشأته ومشروعيته ومزاياه وعيوبه وطبيعته وأنواعه وتمييزه عن غيره: / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 28 / أخلاقيات التحكيم وآدابه

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 28
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    7

التفاصيل طباعة نسخ

أخلاقيات التحكيم وآدابه

يقول الدكتور طه حسين في مقال له تحت عنوان: أهل العدل والرشد»:

وإذا قلت أمل العدل، فلا أعني مدلولها الضيق القاصر على القضاة وحسب، وإنما أعني جميع الأفراد الذين يسهمون، كل حسب اختصاصه في إقامة العدل والإنصاف بين الناس وإعطاء كل ذي حق حقه. وهذا ما يشمل المحامين الذين هم عنصر فعال في جهاز يضطلع بقسط وافر في هذه الوظيفة الاجتماعية الكبرى التي هي العدل. ذلك أن أخلاقيات وآداب وسلوكية القاضي والمحامي ومن أوتي الحكم، هي المبادئ والقيم الأساسية القادرة على تمييز الحق من الخطأ، في جو من المحبة والتعاون والمساواة، في جو متناغم بعيد عن السطوة والرهبة والاستكبار.

ويستطرد الدكتور طه حسين:

الست أدري لماذا استقر في نفوس الناس أن العدل يجب أن يكون دائما عابسة لا يعرف وجهه الابتسام مقطية لا تعرف أساريره الانبساط، صارمة لا يعرف اللين».

إن من يبحث عن العدالة، ينبغي له حتما أن يؤمن بالعدالة أولا، فإنها ككل المقدسات لا تكشف عن وجهها إلا لأصفياء القلوب.

العدل أيها الناس، أعدله، وقبل القانون والعلم والمعرفة، أخلاق، وآداب وسلوك وحسن تصرف.

في أخلاقيات التحكيم وآدابه موضوع لم يكتب فيه الكثير وتناقضت حوله الآراء، ولم يستقر فيه الاجتهاد، وتباين في سياقه الفقه تباين التيارات الفكرية والاقتصادية والاجتماعية المعاصرة.

لكل مهنة آدابها وقواعدها الأخلاقية، سواء أكانت هذه القواعد مكتوبة أو غير مكتوبة.

للمحاماة آدابها ومناقبيتها، وللقضاء نزاهته واستقلاله وحياده، أما | التحكيم فنظام يقوم على ثقة في المحكمين والمحامين والخبراء، ولكنه أيضأ صراع كثيرة ما تدور حوله مصالح ضخمة متعارضة. ولهذا الصراع حدود يجب أن يلتزمها الأطراف، فإن فعلوا كان التحكيم معزوفة رائعة متناغمة تؤدي في محراب العدالة، وإذا لم يلتزموها قام الخطر في أن يتحول التحكيم إلى ما يشبه معركة بين الفرقاء لا تراعى فيها أصول ولا حرمة.

ومن الواجبات المفروضة على من يشارك في التحكيم، التزامات قانونية محددة ذات جزاء قانوني مباشر ومنظم، کوجوب احترام الضمانات الأساسية في التقاضي، ووجوب التزام المحكمين حدود اختصاصهم وهذه خارجة عن موضوعنا هذا.

وهناك واجبات خلقية محضة يجب أن تتوافر عند المحكمين وهذا هو الموضوع الذي سنتطرق إليه اليوم.

منذ ثلاثة عشر قرنا خلت، وفي رسالة القضاءة الشهيرة يوجه الخليفة عمر إلى القاضي أن يسوي بين الناس في وجهه وعدله ومجلسه، فالمساواة في العدل واجب قانوني، أما المساواة بينهم في وجه القاضي ومجلسه فهذا واجب خلقي محض جاء في نفس الأهمية مع الواجب القانوني.

بحثنا يتناول خلقية الحياد وعدم الانحياز المفروضة أدبة على المحكمين. وهنا لا يخفى على أحد أن الباحث في خلفيات التحكيم لا يقف على الأرض الصلبة التي يتمتع بها الباحث في الواجبات القانونية الخالصة... المهم أن الباحث في خلقية التحكيم بتمنع بالهواء النقي الذي ينبعث من المثل العليا وقواعد الأخلاق.

منذ خمسة وعشرين عاما بذلت جهود صادقة نحو صياغة قانون خلفي مکتوب للتحكيم Code of Ethics فصاغت كل من جمعية التحكيم الأميركية AAA عام ۱۹۷۷ وجمعية المحامين الأميركيين ABA عام ۱۹۸۷ دستورة خلقية للتحكيم، نوقشا في اطار غرفة التجارة الدولية ووضع بهما مشروع، لكنه لم يحظ بالقبول الرسمي

وهذا المنحى إن دل على شيء فإنما يدل على أمرين، أولهما أهمية التوصل إلى صياغة ذلك الدستور الخلقي، وثانيهما صعوبة تحقيق تلك المهمة... التي لن تثنينا في هذه العجالة عن محاولة استكشاف متواضعة لهذه الأرض الزلقة التي تتكون من مزيج صعب التألف من القواعد القانونية العامة الواضحة، وحنايا الضمير الإنساني التي لا يسهل النفاذ إليها.

وسنبدأ عرضنا السريع بالمحكمين وواجباتهم الخلقية لننتقل بعد ذلك إلى واجبات المحامين والخبراء ودورهم في سياق اجراءات التحكيم.

اولا في استقلالية الحكم وحياده

1- استقلالية المحكم ماذا تعني؟

Comme la fidelite, l'indépendance est nécessaire pour

n

a maintenir la Inne route. La figure se deteriore en

d plusieurs negativités à charge de l'autre, surtout quand celui ci est disponible à toutes les demandes, il deviendra une conscience en location, et un marchand de valeurs

Raymond Danovi (Les gens de la Justice et le reflet de leur image)

عثرت محكمة البيق في الفرنسية من هذه القيم أجمل تعبير في قرارها الصادر باربح ۱۴ نوسان ۱۹۹۳ وقد جاء فيه أنه لا لي عن الاستقلال المعنوي والروحي لممارمية أية مساهلة فضالية، أيا كان مصدرها... وإن هذا الاستغلال المعنوي هو إحدي الصفات الأساسية للمحكمين

إعلان التشريع والفقه من هذا الميديا العام في رحلة فارضية على المحكم شرملين أولهما شرط موليوني محسوم هو استقلال المحكم عن المطر في المنازعين ( L"inlineindia Ince) وثانيهما شرط شاهي بهب له وهو شرط الحياد وعدم الانحياز (Neutralité et Imparialité).

من مبدأ الاستقلال، أصدرت محكمة التمييز الفرنسية في دعوى /Cry Galeries Lafayette فرارة مبدئية عام ۱۹۷۷ جاء فيه

«L'indépendance d'esprit est indispensable à l'exercice du pouvoir juridictionnel quelle qu'en soit la source, qu'elle est

, 13 avril l'une des qualités essentielles des arbitresa (Cass 2 1977, note Jean Robert, Revue d'Arbitrage 1977, note Loquin)

Et dans un pourvoi en cassation du gouvernement de Quatar/Greighton Limited, il fut décidé le 12 janvier 1996 ce qui suit:

«L'indépendance de l'arbitre est de l'essence de sa fonction juridictionnelle en ce sens que d'une part il accéde dès sa désignation au statut de juge exclusif de tout lien de dépendance avec les parties

ومن هذا المنطلق يتضح أن روابط الأسرة أو الاشتراك في العمل الحر أو وجود رابطة وظيفية بين المحكم وأحد الطرفين أو كلاهما في أمور تنفي الاستقلال وتصلح أساسا قوية لرد المحكم. ولذلك يتعين على المحكم المقترح وقبل أن يتم تعيينه أن يكشف للطرفين Disclosure عن قيام أية روابط من هذا الفيل سواء أكانت تلك الروابط حالية المسابقة، كما أن نشوء أية روابط بعد بدء التحكم توجب على المحكم أن يتنحى عن التحكيم ما لم يقبل الطرفان استمراره صراحة وعن بينة

وهذا ما نصت عليه المادة ۷۷۰ من أ.م.م، لناحية عزل المحكمين أو ردهم لنفس الأسباب المحددة لرد القاضي - ۱۲۰أ.م.م وتستوقفنا هنا بعض الحالات التي تستحق الذكر.

و في نطاق المصالح المالية قام الاول عن وضع الحكم الذي أدى في السابق خدمات قانونية لأحد الطرفين في أمور لا صلة لها بموضوع التحكيم، وإذا كان هذا الأمر يؤثر على استقلالیته

الجواب هو أن على المحكم أن يكشف دائما عن مثل هذه العلاقات عند قول تعينه وإلا كان عرضة للرد أما صار الاول اما من تكرار اعدام المطر في أنفو في عدد من قضايا التحكيم ومن تبار هذا الأمر على استقلال اراء اطرافه.

ما جاء في استغلاله أراء هذا الملف وأما في نطاق روايا الخفرع الاداري والمهني، فقام امسال مررو ا اليات العمل السابقة لدى أحد الطرفين، فرای ایمنی آن بن السابقة لدى أحد الطرفين في الأسفلال، فقد تقوم لدى الموطف اليا رفية في أرضاء رب العمل السابق العودة إلى العمل أن برای العمل السابق لدى هذا الطرف خلال فترة يوفر للمحكم معلومات ۱ تتوفر ليفية المحكمين، فيخشى أن يفضي بعلمه الشحمي المسبق ومرو يجوز، ولقد اتجه رأي آخر إلى عدم وجود تعار مني، ما دامت رابطة التبعية السابقة قد انتهت، وإلا كان في الأمر حرج لا مبرر له

رأينا أنه في هذه الحالة يجب على المحكم أن يفصح قبل قوله المهمة عن تلك الرابطة السابقة، وإلا كان إخفاؤها فرينة ضده قد نبرر رقه

. وفيما يختفي بجنسية المحكم وتأثيرها على استقلاله ورد في Arbitrage Cartiercial ول Train رقم ۱۰۳۷می، ۸۸ه ما يلي:

L'indépendance de l'arbitre comme sa neutralité peut être favorisée par sa nationalité:

Si elle est différente des parties, on pourra présumer que sa liberté de jugement est plus grande. D'où l'exigence figurant dans certains réglements que le troisième arbitre ou l'arbitre unique soient d'une nationalité tierce par rapport à celles des parties.

Ce n'est pas l'avis de la CCI qui n'interdit pas, si aucune partie ne s'y oppose, que cet arbitre soit pris dans un pays auquel ressortissent les parties ou l'une d'elleso.

وفي هذا الاتجاه أصدرت المحكمة الابتدائية في تاریخ ۱۹۹۱/۱۱/۱۸

قرارت ردت فيه طلب إحدى الشركات المغربية الرامي إلى رد المحكم الوتر وهو يوناني الجنسية على أساس أنه ينتمي إلى المجموعة الأوروبية وينتمي إلى نفس جنسية المطلوب التحكيم بوجههما وهما من التابعية الألمانية والاسبانية

ولقد ارتكرت المحكمة الفرنسية في قرارها على أنه لا يمكنها الحلول محل المحكمين وهم قضاة ولا محل غرفة التجارة والصناعة الدولية التي قامت بتعيين المحكم الوتر

المهم أن هذا القرار طرح لأول مرة أمام الفقه والاجتهاد موضوع جنسية المحكم وتأثيره على استقلاليته

وفي هذا السياق يقول الدكتور اكلم امين الخولي ما بلی:

وهناك معوية أخرى ترجع إلى تكوين كل اقليمية مترابطة اقتصادية السوق الأوروبية المشاركة وغيرها من التجمعات الاقتصادية. ففي ظل هذه التجمعات ومع الولاء الاقتصادي للتحمع لا للدولة العضو فيه، ويصبح شرط اختلاف الجنسية موضوع شك كرا

ويتساءل الدكتور الخولي: هل أن اختيار رئيس ألماني أو انكليزي لهيعة تحكم في نزاع قائم بین طرف فرنسي وطرف مصري مثلا يحقق الهدف من شرط اعلاف الحية؟ وهل آن الأوان لإعادة النظر في هذا الشرط كله وإعطائه مفهومة أوسع يتمشى مع التطور الحالي بحيث يجب أن يكون رئيس هيئة التحكيم من جنسية دولة غير عضو في التجمع الأقتصادي؟

وعن علاقة المحامي بالمحكم يطرح السؤال الآتي:

على أن العداوة أو المودة الموجبة للرد هي أيضا تلك المتكونة بين المحكم الوتر ومحامي أحد الطرفين؟

في دعوى تحكيمية عبنت غرفة التجارة والصناعة في بيروت أحد المحامين محكمة وترا في نزاع عالق بين الطرفين

محامي أحد الأطراف طلب رد هذا المحكم أمام غرفة الصناعة والتجارة التي ترعى التحكيم كما تقدم بطلب رد آخر أمام المحكمة الابتدائية المدنية بسبب وجود عداوة بينهما وصداقة مع محامي الطرف الآخر.

استند طلب الرد إلى المادة i۷۷۰.م.م، معطوفة على المادة ۱۲۰ ا.م.م وعلى غرار صادر في ۹۹/۹/۱۲ عن المحكمة الابتدائية في باريس وعلى ما جاء في مؤلف: «Thomas Clay, L'arbitre الذي ورد فيه ا

Il y a enfin la question de l'extension des causes de révélation aux liens unissant non plus les arbitres aux parties, mais les arbitres entre eux ou avec les conseils des parties en l'occurence les avocats.

المحكمة التحكيمية لغرفة التجارة والصناعة ردت طلب الرد وهكذا فعلت المحكمة الابتدائية

وقد جاء في بعض الحيثيات:

وحيث أن هذه الفقرة تعني الفقرة 7 من المادة ۱۲۰أ.م.م. وهي تتكلم عن العداوة أو المودة بين المحكم وأحد الخصوم ولا نشير إلى العداوة مع وكيل الخصم، كما تفعل الفقرة (۲) من ذات المادة عندما تتكلم عن القرابة والمصاهرة.

وحيث أن العداوة التي بدلي بها بين المحكم المطلوب رده و وکیل الخصوم طالي الرد، لا تكون على فرض ثبوتها ما نعينه الفقرة 7 المشار إليها.

من زاوية استقلالية المحكم

وحيث أن طالبي الرد يدلون بانتفاء استقلال المحكم وحماده مستندين إلى صداقة ومودة تجمع بين المحكم وبين محامي الطرف الآخر.

وحيث أن كون المحكم قد رافع ودافع سابقة مع محامي الطرف الآخر لا يعتبر مثيرة للشك في استقلال وحياد المحكم.

وحيث أن نعبين المحكمة التحكيمية للمحكم الثالث بالاستناد إلى نظام تحكيم غرفة التجارة والصناعة إنما تم بفضل إرضاء المتعاقدين أحالة النزاع على هذا النظام فيكون التعيين ملزمة للفرقاء.

وحيث بالنتيجة ترى المحكمة التحكيمية أنه لا يتوافر في القانون وفي الظروف الواقعة ما يبرر طلب الرد

وهذا ما أخذت به أيضا المحكمة الابتدائية، إذ إن نفس الفريق تقدم أمامها مرة أخرى بطلب رد المحكم فأصدرت بتاريخ ۲۰۰۴/۸/۲۳ القرار التالي وحيث أن أسباب الرد تفسر على سبيل الحصر دون تجاوز مضمونها إلى حالات لم يحددها القانون صراحة العداوة أو المودة الموجبة للرد هي تلك المتكونة بين القاضي وين أحد الخصوم، إذ لم يرد في الفقرة المذكورة أعلاه، ان العداوة أو المودة بين القاضي وبين المحامي الوكيل بالخصومة تشكل أيضا سببا لرد القاضي، ولو شاء المشرع جعل هذه الحالة الأخيرة سبأ للرد لنص على ذلك صراحة كما فعل في فقرة ۲ من المادة ۱۲۰أ. م. م. عندما نص على جواز طلب رد القاضي إذا كان بينه وبين أحد الخصوم أو وكيله أو ممثله الشرعي قرابة أو مصاهرة

وهنا نصل إلى الشرط الثاني الواجب توافره عند المحكم وهو

 ۲- حياد المحكم وعدم الحياز

L'impartialité et la neutralité de l'arbitre

يظهر انحياز المحکم بصورة واضحة إذا كان سبق له إبداء الرأي في المسائل القانونية موضوع التحكيم ولو كان غير عالم بقيام النزاع أصلا وقت إبداء الرأي، ولا يكون هذا انحيازا لطرف بل انحيازا لفكرة مسبقة وهو في نظر بعض القانونيين أخطر من الانحياز لأحد الأطراف، إذ قد تقضي الموضوعية من المحكم في هذه الحالة أن يقضي ضد نفسه وفكره وهو ما يقارب المستحيل.

غير أنه ينبغي تجنب المبالغة في هذا الشأن وإلا لأصبح إبداء الأستاذ الرأي علمي في محاضرات لطلابه سببا في عدم صلاحيته للجلوس مجلس المحكم في أي نزاع بشار حول الموضوع الذي أبدى فيه رأيا، سيما وأن العلماء كثيرا ما يعدلون عن بعض آرائهم في ضوء العمل والظروف الواقعية التي لم تبادر إلى ذهنهم عند تكوين رأيهم العلمي المجرد. بل إن المحاكم العليا فاتها ترجع أحيانا عما قضت به في حالات سابقة.

فاحتمال رد المحكم لسبق إبدائه راية علمية بعيدة عن وقائع النزاع المطروح يبقى احتمالا محدودأ... كون الأمر يعود في النهاية إلى ضمير المحكم الذي يتعين عليه ألا يقبل التعيين إذا استشعر أنه لن يتمكن بسبب آرائه السابقة من الحكم في النزاع بضمير صاف.

أما جزاء انحياز المحكم فهو أما رده إذا كان هناك من أسباب واضحة لذلك، وأما الطعن بالتحكيم على أساس بطلان شرط التحكيم بسبب الغلط في شخصي المحكم، الذي ما اختاره الطاعن بالبطلان إلا على أساس أنه شخص موضوعي وغير منحاز ... فإن وقع منه أتحياز، دل ذلك على قيام غلط جوهري في صفاته، يترتب عليه جواز إبطال شرط التحكيم وبالتالي القرار التحكيمي الذي بني عليه  ولكن انحياز المحكم أمر غالبا ما يصعب إثبائه على نحو يقيني.

لذلك أخذ الفضاء البريطاني في هذا الشأن بالمعيار الموضوعي وهو معیار الانحياز الحكمي Imputed Bins فلا يلزم الطاعن في حكم التحكيم على أساس الانحياز أن يثبت حقيقة وقوع الانحياز المدعى به، بل يكفي أن يستشف من ظروف الدعوى - طبقا لتقدير الرجل العاقل - أن مسلك المحكم من شأنه أن يخلق احتمالا جديا بأنه لم يكن موضوعية.

إن المحك في الإجابة على ذلك السؤال الصعب المتعلق بعدم موضوعية المحكي، هو معرفة ما إذا كانت المحكمة مقتنعة بأن ذلك الانحيازه ربما يكون قد تسبب في التوصل إلى النتيجة الخاطئة، ولا يلزم بأن تقتنع المحكمة بأن انحياز المحكم كان السبب في تلك النتيجة.

وفي هذا السياق ترتكز المحاكم البريطانية على العبارة القانونية القائلة:

May have been, not must have been

أما المحاكم الأيرلندية فهي الأشد قسوة في هذا المجال، فلا أهمية في رأيها بأن القرار التحكيمي صدر في النهاية سليمة أو غير متأثر بالانحياز...

المهم أن لا يصدر عن المحكمين أي فعل لا يكون في ذائه عادة وغير منحاز.

وهكذا يعتبر الانحياز في ذاته عيا في الحكم يحب إبطاله ولو كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار سليمة.

ويعتبر هذا الموقف قمة الجزاء القانوني لواجب عدم الانحياز المفروض على أي محكم.

في هذا السيافي سؤال يطرح نفسه:

هل هناك فرق بين المحكم الفرد أو المرجح والمحكم المعين من قبل أحد الطرفين الناحية الاستقلال ولناحية الحياد والموضوعية؟

ما أشرنا إليه سابقا يتعلق بالمحكم الفرد أو المرجح، أما عندما نصل إلى وضع المحكم المعين من قبل أحد الطرفين، فإن الوضع السابق بهتر بعنف، وتظهر مفاهیم مختلفة لدى بعض الكتاب ترجع أكثريتها إلى اعتبارات تاريخية معينة.

لقد عرف التجار مسابقة نظام محاكم التجارة Trade Tribunal التي تتكون من محكمين بعين كل طرف واحدة منهم، فإن اتفقا في الرأي فلا مشكلة وإذا اختلفا فيعين محکم ثالث بحسم النزاع ويتحول المحكمات السابقان المختلفان في الرأي إلى محاميين أمامه يدافع كل منهما عن وجهة نظر الطرف الذي عينه

ولا يختلف الأمر في التحكيم السياسي، كالتحكيم الذي جرى حول طابا والجزر المتنازع عليها بين قطر والبحرين

وتأثرة بهذه السوابق التاريخية يشك بعض الكتاب في ضرورة استقلال المحكم المعين من قبل أحد الطرفين بل وحتى في مفهوم حیاده و عدم انحيازه.

أما عن شروط الاستقلال

فيرى بعض الكتاب أنه لا ضرر من اختيار محامي كل طرف محکماء ما دام الطرقان معلمان ذلك ويقبلان به، وما دام المحكم المرجح مستقلا ومحايدة.

نحن لسنا من هذا الرأي، لأن المحكم المعين من قبل أحد الطرفين ينهض بمهمة قضائية بالمعنى الصحيح، فإذا كان محامية للطرف الذي حينه فأولى به أن يجلس في مقاعد المحامين من البداية. ثم ما جدوى أن يكون هناك أربعة محامين، يجلس اثنان منهما في مكانهما الصحيح وهو مقاعد المحامين، بينما يجلس الأثنان الآخران على منصة القضاء؟

ثم إن تجربتنا المتواضعة في التحكيم دلت على فساد هذا المسلك لأنه يؤدي إلى أوخم العواقب إذ تنعدم الثقة التي يجب أن تقوم بين المحكمين الثلاثة، ولا يتمتع هؤلاء المحامون المحكمون باحترام الأطراف المبني على حياة المحكم وموضوعيته.

وقد تعثر الكثير من التحكيمات التي بدأت على هذا النحو المعيب وانتهى الأمر إلى دعاوى متشابكة أمام القضاء، وهذا ما يعصف في جوهر التحكيم وجدواه.

وإننا لنهيب بالمتقاضين أن يقلعوا عن هذا النوع من التحكيم الذي بدأ وفيه جرثومة الاضطراب والشخيط، وعليهم أن يقتدوا بما تدعو إليه هيئات التحكيم الدولية من وجوب أن يكون المحكم موضوعية ومحايدة ولو كان مية من قبل أحد الطرفين.

نحن في المجلس الأعلى للتحكيم في لبنان ندعو المحكم أن يذل ما في بوسعه من جهد لپى من الذي عينه محكما وان يضع نصب عينه حسن أداء وظيفته القضائية

وأما عن شرط الحياة والموضوعية

في رأها، إن أقصى ما يمكن أن يطالب به المحكم المعين من قل أحد الطرين هو أن يتحقق ذلك المحكم من أن الطرف الذي حبه قد أخذ فرصته العادلة في الدفاع عن قضيته أيا كت شحة الحكم الذي یعنی... ولی دور المحكم أن يكمل دفاع الطرف الذي عينه، بل يكفي أن يعلمه ای هذا الطرف قد نال تلك الفرص العادلة في الدفاع.

وهكذا نخلص إلى أننا لا نرى فرق بين المحكم الفرد أو المرجع ناحية، والمحكم المعين من قبل أحد الطرفين من ناحية أخرى،،، ونرى أن شرطي الاستقلال والموضوعية هما شرطان عامیان يجب توافرهما في کلی محكم وهذا ما أخذ به القانون اللبناني.

وهنا لا بد أن نذكر بعض الاتجاهات المخالفة المبدأي الحياد وعدم الانحياز بصورة سافرة وقد تكلم عنها البرفسور Emmanuel Gaillard في محاضرة ألقاها في باريس عام 1944 إذ قالت

Une manifestation grave s'est déclarée aux Etats-Unis en matière d'arbitrage interne et qui consiste à prendre acte des réalités. Est officiellement consacrée la distinction

lifies de non-neutre

(المحکم الفريق ) entre k arbitres parties et les autres seuls terius a tous les devoirs résultant (غير محايد)

de la qualité de juge indépendant et impartial.

C'est ce qui résulte du règlement d'arbitrage commercial interne de l'AAA: Les arbitres choisis unilatéralement par chaque partie n'ont pas à étre neutres et ne sont soumis à aucune déclaration d'indépendance. Le sont seulement les arbitres désignés en commun.

ومن حسن الحظ إن هذا الطرح يقابله في الولايات المتحدة الأميركية طرح آخر يتمسك بمبادئ الاستقلال وعدم الانحيازه في ظل الشعار القائل :

Arbitration shall be and shall remain free from bias

وهنا يطرح السؤال الآتي:

ما هي العقوبة التي يمكن أن تنزل بالمحكم الذي ارتكب أخطاء أثناء عملية التحكيم؟

وقد يرتكب المحكم أثناء ممارسته خطا في عدم الافصاح عن علاقه بالطرف الذي عينه والتي من شأنها أن تؤثر على استقلاله وعدم انحيازه، أو يذهب إلى ارتكابات أكثر خطورة... فما هي العقوبة التي يمكن أن تنزل به؟

لقد سار الاجتهاد في لبنان على منح المحكم حصانة أثناء ممارسته مهامه على اعتبار أنه يقوم بعمل قضائي خاص، ولم توفق في الاستحمال على أي حكم قضائي يدين المحكم على أخطاء ترتكبها في سياق مهمته أو أي قرار يفرض عليه غرامات أو أي عطل وضرر يسدده للفريق المتضرر.

في الحال نفسها في الاجتهاد الأميركي المؤيد للحصانة المطلقة الممنوحة للمحكم، ما خلا حالة الغش والخداع والنية السيئة في إلحاق الضرر بالطرف الأخر وفي بريطانيا يلحظة مشروع القانون الموضوع عام ۲۰۰۱ مي فل ,partment of Trade and Industry DTI بأن المحكم غير مسؤول عن عمله وإهماله في ممارسة عمله إلا في حال تعرفه عن سوء نوف

bad faith

أما القانون الأوسترائي الصادر حديثا فيلحظ مسؤولية المحكم في حال قيامه بتزوير الوقائع أو المستندات موضوع التحكيم ويقول البروفسور Immanuel Guillard تعليقا على القضية المعروفة باسم affaire Bornpur' .1

La jurisprudence française reste plus prudente. Dans l'affaire Bompard, le tribunal de grande instance de Paris a admis que la responsabilité civile des arbitres ne peut être engagée que s'il est établi à leur encontre la preuve d'une fraude, d'un vol ou d'une faute lourde.

Moins précise, la cour d'appel de Paris ne réserve que l'hypothèse d'une faute personnelle de l'arbitre qu'il convient d'entendre strictement puisque la cour fait référence aux

devoirs d'un juge susceptibles de trouver leur sanction dans l'engagement de se responsabilité civile en cas de faute personnelle, c'est-à-dire de manquement incompatible avec la fonction juridictionnelles

وهنا قبل التطرق إلى دور المحامي في عملية التحكيم أذكر على سبيل المثال بعضا من تصرفات المحكمين الذين يلجؤون قبل إصدار قرار التحكيم.

الثقة بها كمثل تهربهم من حضور إلى مناورات من شأنها إضعاف المداولات أو زعمهم بأنهم لم يبلغوا موعدها، وذلك في منحى مؤسف يهدف إلى إرضاء الفريق الذي عينهم.

ard, Goldman et Fouchard) وقد ورد لهذه الناحية في مؤلف

Traité de l'Arbitrage Commercial International:

A l'encontre des opinions dissidentes on remarque que, pour le co-arbitre, elle est une solution de facilité, au lieu de poursuivre le délibéré jusqu'à l'élaboration d'une sentence unanime, il prefere rompre les ponts, s'il a, grâce à elle, le moyen de montrer à la partie qui l'a désigné, qu'il a bien défendu ses intérêts..."

وهذا ما يفسح المجال أمام الفريق الخاسر بأن يطعن بالقرار التحكيمي وأن يطلب إبطاله لعدم حصول مداولة قبل صدور قرار التحكيم. ثانيا: في دور المحامي في عملية التحكيم.

للمحامين دور أساس في التحكيم، فهم أدوات الصراع الفكري الدائر بين الأطراف، يضيئون الطريق أمام المحكمين لحل النزاع على الوجه القانوني.

التحكيم نسيج من علم المحامي المنير، وعلم المحكم المنار مع نفحة من ضمير كليهما ولكن المحامين - كونهم غير ملتزمين بتقاليد وضوابط القضاة، قد يقعون لا سمح الله نحن إغراء كسب الدعوى بأية وسيلة، ولو كانت تلك الوسيلة لا تتلام كلية مع الدستور الخلفي للتحكيم.

ونحن نشك في أن يكون في مهنة وأعراف مهنة المحاماة ما يكفي لدرأ، هذا الخطر.

وتظهر تجاوزات في المحامين الخلفيات الحكم في مواطن متعددة.

أ- قبل تكوين هيئة التحكيم

فد يعمد بعض المحامين الى مهام متينة أو مصالح مادية بعيدة من شأنها على تأثير معنوي عليه وقد يعمد المحامي إلى مطلب رد المحكمين دون وجه هي بهدف تعطيل سير التحكيم أو تخويف المحكمين.

ب- اثناء سير التحكيم

تتخذ تجاوزات بعض المحامين صورة متعددة منها تأخير السر باجراءات الدعوى بتقديم دفوع شكلية واعية يستغرق البت بها وقة منوبة تضعف معه قدرة الطرف الأخر بالمضي في الحكيم (مثلا دفع أحد المحامين بأن غرفة التجارة الدولية في الفضة ليس لها مدلول محتشدة، إذ إن هناك عدة غرف تجارية دولية في العالم) ومن هذه الصور تقديم الدعاوى الجزائية الواهية بهدف وقف سير التحكيم على أساس أن الجزاء يعقل الحقوق، أو تقديم عدد كبير من الشهوة لا قيمة قانونية لشهادتهم، أو طلب الكشف على جميع المستندات الموجودة بحوزة الطرف الأخر Diwyvery) وقد تبلغ المستندات المطلوبة عشرات الالاف.

وقد يقوم بعض المحامين بممارسة الضغط المائي على الطرف الأضعف اقتصادية كطلب سحب خطابات الضمان غير المشروطة دوت وجه حق، أو طلب عقد جلسات في أماكن بعيدة ومكلفة.

ومن هذه الأساليب غير السليمة الضغط على شهود الطرف الآخر ومحاولة إرباكهم وحملهم على التناقض واستغلال استنف منهم أو تهيهم للموقف أو الأثقال عليهم باستجوابات طويلة مرهقة بلغت في بعض حالات التحكيم عشرة أيام متتالية لشاهد واحد.

ومن هذه الأساليب أيضا الاقتباس الانتقائي في المذكرات Selective quotation و تخریب مساعي الصلح، أو ترهيب المحكمين بالرجوع عليهم بالمسؤولية للضغط عليهم أو حملهم على الاعتزال.

وإذا كان لهيئات التحكيم الجدية دور كبير في إحباط هذه المحاولات فإنها لا تستطيع أن تمنع الكثير منها نظرا لحرص المحكمين على احترام حقوق الدفاع والوجاهية، وكون المحكمين لا يستطيمون رفض مثل هذه الطلبات قبل التدقيق وإصدار القرارات الإجرائية بهاء

لأن المحاماة شجرة ثمارها حتى ودماؤها عامل ها وأن العدل أمل كل إنسان وأنشودة كل لسانه فعلى المحامي أن يقي مشع پنیر سبیل الحق أمام القاضي وأمام المحكم، جعينه علم ومعرفة و آداب وأخلاق، وآفاقه حق و عدل وحرية.

وعلى نقابة المحامين التي ما انفكت تتابع مسيرتها التاريخية في الدفاع عن هذه المبادئ السامية، أن نكون وزارة الظل في الدفاع عن هذه القيم والمثل، وكما يقول

Le Professeur Raymond Danovi

Le Barreau devrait tendre à être le ministre ombre de la Justice dans le gouvernement de l'Etat pour élaborer des

projets, reconstruire des modèles, favoriser les ideaux.

Le Barreau devrait être tout comme chaque avocat le défenseur éthique de la cause de la Justice, la conscience critique des maux et des injustices, le rappel constant contre les illégalités.

Il devrait aussi enjamber le temps pour anticiper et allronter les nécessités du futuro.

وفي هذا السياق تدعو الزملاء المحامين الذين يعملون في التحكيم إلى التقيد بالنظام الداخلي الموضوع من نقابة المحامين المتعلق بآداب مهنة المحاماة ومناقب المحامين، وقد كان للنقيبين العزيزين انطوان اقليموس و میشال البيان الفضل في اطلاق هذا النظام، كما للقيمون ريمون عبد وريمون شديد الفضل في وضعه وإقراره نظامة داخلية ملزمة للزملاء المحامين.

كما ندعو نقابتنا العزيزة إلى تطوير هذا النظام الداخلي بحيث نضاف إلى مواده بنود ترعي أخلاقيات التحكيم وآدابه ثالثا: دور الخبراء في عملية التحكيم.

. وللخبراء أيضا دورهم الأساسي في اجراءات التحكيم، وكثيرا ما يتوقف فصل النزاع على ما ينتهون إليه في تقاريرهم.

والخبراء على نوعين، فنيون أو قانونيون، وقد لا يلتزم هؤلاء جميعا يخلقيات التحكيم. .. الخبراء الفنيون

بالنسبة للخبراء الفنيين، يتطلع المحكمون إلى تقاريرهم بشغف ليضيفوا لهم طريق الحقيقة في المسائل الفنية التي لا يستطيعون تكوين رأي فيها إلا من خلال هذه الخبرة.

غير أنه كثيرا ما تجيء تقارير الخبراء الفلين غامضة لا نجيب بشكل حاسم على المهمة المطلوبة وتدع مجالا واسعة للافتراضات.

فإذا كانت مهمة الخبير في عقود ال Fidic مثلا في تحديد مواصفات البناء ومثانته وصحة الكيول والكشوفات والعيوب الخفية والعيوب البسيطة المسماة Snang list فإنه يجب أن يتضمن تقرير الخبير إجابة قاطعة على هذه المهمة. والسبب في ذلك يعود إما إلى نفسي في خيرة الخير الذي كان عليه أن لا يقبل المهمة، أو التعمد في وضع تقرير مطاطي يخالف أدبيات التحكيم ويؤدي إلى تشويش حول مضموئه فينعكس إلى إطالة إجراءات التحكيم ويسبب إرهاقا للمحامين في سعيهم إلى جلاء الغموض الذي يكتنف مثل هذه التقارير.

٢. الخبراء القانونيون

أما بالنسبة للخبراء القانونيين وهم عادة من كبار أساتذة الجامعات أو كبار المحامين والمؤلفين، فكثيرا ما يلجأ المحكمون إلى تعيين هولاء الخبراء، خصوصا إذا كانت خبرة المحكمين بالقانون المطبق على النزاع، محدودة أو غير كافية، كما أن المحامين أنفسهم يلجأون إلى طلب الاستماع إلى الخبراء القانونيين المستقلين تأييدا لوجهة نظرهم القانونية.

وهنا نلفت النظر إلى أنه سواء كان الخبير القانوني معها من قبل المحكمين أم من أطراف النزاع، فإن عليه أن يرعى ما تفرضه منائية مهنته وأن يكون أمينا في الاعتراف بما يؤيد رأيه من فقه أو قضاء أو اجتهاد، ومار يؤيده، وعليه أيضا الابتعاد عن الخوض في وقائع الدعوى أو الدفاع الطرف الذي عينه. وفي جميع الأحوال ينبغي في رأينا، أن توجه إلى أ القانوني أسئلة محددة يتولى الإجابة عليها بشكل محدد وأمين، كما أنان فتح باب الحوار والنقاش بين الخبراء القانونيين، لأن هذه الوسيلة تؤدي إلى جلاء الحقيقة وهي غاية كل محکم.

في ختام هذا العرض الخلفيات التحكيم وما يقع من تجاوزات أثناء السير به قد يتساءل المرء عن نوعية الأدائية المعنوية المقترحة التي من شأنها أن تدعم احترام هذه الخلقيات والارتفاع بها إلى مستوى الأصول الثابتة في التحكيم.

إننا نجد توجهات خيرة في بعض قوانين التحكيم المصرية والاسكندنافية حيث يقدم الطاعن طلب رد أحد المحكمين أولا إلى زميله اللذين يتان بصحة طلب الرد، بناء على تصرفات زميلهم وموقفه وعلاقته بالطرف الذي عينه.

إن هدف هذه القوانين ينطلق من أن كافة المشاركين في حلبة التحكيم يجب أن يحكم عليهم زملاؤهم وذلك بأحكام معنوية تبين ما إذا كان المحكم أو المحامي أو الخيير أو حتى الشاهد قد احترم خلقيات التحكيم أو أنه قد حاد عنها.

إن هذه الإدانة المعنوية التي لا تقترن بأي إجراء مادي هي ذات أهمية كبرى، إذ أن كافة المشاركين الجادين في التحكيم الدولي سيسعون إلى تجنب التعرض لتلك الإدانة المعنوية تحت أي ظرف من الظروف.

ونحن لا نزعم أن تنظيم الجهاز أو الهيئة التي يمكن أن نرعی خلقيات التحكيم معنوية على هذا النحو، هو من الأمور السهلة أو الجاهزة للتطبيق، ولكه أمر يستحق التفكير والجهد لإخراجه إلى حيز الوجود المنزه.

وأخيرا فإن قيمة أي نظام قانوني تتحدد بقيمة القائمين على تطبيقه وأعماله ولن يتمتع التحكيم بالاحترام المطلوب والواجب إلا إذا أحترم جميع المشاركين فيه تلك الخلقيات التي تصيب الإحاطة بها أو ترنب الجزاء العملي على مخالفتها.

فالعدل تور من الله لا يأنس إلا لقلم عادل تقي خاشع.

والأخلاق درع المساواة ليكون القانون واحدة أزاء جميع الخاضعين الأحكامه ينعمون بخيراته ويلتزمون بأعباءه على قدم المساواة.

من هنا إذا أحترم أهل العدل أنفسهم، قضاة ومحامين ومحكمين وتحلوا بالنزاهة والشجاعة والحياد، كانوا أقوى من أية سلطة أو نظام.

كل شيء يتبدل ويتغير حسب الزمان والمكان والظروف، إلا العدالة. رسالتها ثايئة منذ فجر التاریخ، هي الجزء الذي يحمي الكل، ولا أحد كلما اقتربت منها السلطة أضعفتها، وكلما ابتعدت عنها، زادتها مناعة . وحدهم أهل العدل يأتون مع الضمير ويذهبون معه منذ أكثر من ثلاثة قرون خلت قال بليز باسكال: اليس هناك سوى توعين من الرجال: رجال عادلون يظنون أنهم يخطئون ورجال يرتكبون الخطايا وهم يظنون أنهم عادلون، ولو التزم المشاركون في التحكيم خلفياته الكانوا جميعا من النوع الأول وهو ما نتمناه.