الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم وقرار المهندس أو مجلس فض المنازعات في عقود الفيديك / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 27 / التحكيم الهندسي في ضوء نظام التحكيم السعودي

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد رقم 27
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    167

التفاصيل طباعة نسخ

مقدمة:

    أفرزت التحولات التي عرفها العالم في مجالات عدة اقتصادية واجتماعية وهندسية مجموعة من القضايا لم تعد معها المحاكم قادرة على مواكبتها، مما أدى إلى البحث عن وسائل أخرى في فض المنازعات كان على رأسها التحكيم الهندسي.

   حيث إن طبيعة عقود المشاريع الهندسية وخلافاتها التعاقدية والفنيـة، وطبيعـة وضـخامة مشاريعها تقضي بوجود جهة مهنية محايدة تستطيع دراسة وتحليل الخـلاف وحجمـه وتكلفتـه ومصدره وإصدار الحكم الصحيح.

    وتزداد أهمية التحكيم في مجال الإنشاءات لأهمية هذا المجال وما يتمتع به من أهميـة فـي مجال التنمية العقارية. حيث تتميز صناعة التشييد بآفاقها الواسعة، وعلاقاتهـا بـالكثير مـن الصناعات والاختصاصات، ويعتبر التحكيم الهندسي من الوسائل الهامة لهذا المجال لما له مـن تأثیرات مادية وزمنية على المشاريع الإنشائية.

    ويخضع التحكيم الهندسي بوجه عام، لقوانين التحكيم العامة التـي تطبـق مبـدئياً، علـى كل تحكيم دون تفرقة بين تحكيم هندسي وغيره، وقد أصدرت المملكة نظاماً متطـوراً للتحكـيم يساير الأنظمة العالمية، فقد تضمن هذا النظام تطويراً كبيراً في الأحكام المنظمة لعملية التحكـيم بدءا باتفاق التحكيم ومروراً بإجراءاته وانتهاء بصدور حكم التحكيم، وحجيته، وحـالات الطعـن فيه، ومن أهم جوانب التطوير التي تضمنها هذا النظام تعزيزه القوي لمبدأ استقلالية أطـراف التحكيم، ومنحه أطراف النزاع الحرية في اختيار التحكيم كوسيلة لحـل مـا قـد ينـشأ بيـنهم من نزاعات، والحرية في اختيار المحكمين، وكذلك الحريـة فـي اختيـار كـل مـن النظـام الإجرائي والنظام الموضوعي الذي يرغب الأطراف في تطبيقه على النزاع شريطة ألا يخـالف النظام العام.

   كما أن المملكة قد أولت التحكيم الهندسي أهمية كبيرة، حيـث أنـشأت الهيئـة الـسعودية للمهندسين عام 2002م، كما تم إنشاء مركز التحكيم الهندسي، والذي نص في نظامه الأساسي أن يتبع المركز قواعد وإجراءات، وفقاً لنظام التحكيم السعودي.

   وعليه ستتناول هذه الدراسة التحكيم الهندسي في نظام التحكيم السعودي من حيث مفهومـه وإجراءاته، وكيفية تنفيذ أحكامه.

مفهوم التحكيم الهندسي في نظام التحكيم السعودي وخصائصه ومزاياه:

    يعتبر التحكيم بشكل عام نوعاً من القضاء الخاص، ترجع إليه أطراف النزاع وتخـرج بـه المنازعات من اختصاص القضاء، وتعهد به إلى محكم أو أكثر باختيار أطراف النـزاع للحكـم بينهم وفقاً للنظام.

   لم يعرف نظام التحكيم السعودي التحكيم الهندسي، كما ورد في بعض القـوانين المقارنـة، ولعل ذلك إيماناً منه بأن وضع التعاريف من مهمة الشراح وليس النظام، أو رغبة منه في تجنب التعريفات بقدر الإمكان في مالاضرورة لتعريفه.

ويمكن تعريف التحكيم الهندسي بأنه:

   (اتفاق الخصمين على شخص ذي دراية شرعية وقانونية وخبرة فنية، ليفصل بينهم نزاع هندسي ناشئ عن عقد المقاولة).

   إن المنازعات بين صاحب العمل والمقاول، أو صاحب العمل والاستشاري له طبيعة خاصة تحتاج إلى خبرة خاصة من الناحية الفنية والقانونية في الوقت نفسه، كما أن المصلحة العامة لكل من أطراف النزاع هو إنهاء الخلاف في أقصر وقت ممكن.

ويمتاز التحكيم الهندسي بخصائص ومزايا أهمها:

  1- السرعة حيث يمكن الحصول عن طريق التحكيم على حكم سريع يفصل فـي النـزاع ويقبل التنفيذ.

  2- إتاحة الفرصة لأطراف النزاع في عقود المقاولات الإنشائية في عرض نـزاعهم فـي الأمور الفنية الهندسية على محكمين من ذوي التخصص والخبرة في المجـال الفن الهندسي.

  3- الحفاظ على سرية المنازعة ووقائعها.

  4- استمرار العلاقة بين أطراف النزاع، ولذلك يسمى التحكيم نظام العلاقـات المـستمرة، بينما يسمى القضاء نظام العلاقات المتقطعة.

  5- حرية اختيار المحكمين أو مركز التحكيم والقانون الواجب التطبيق في حالـة حـصول نزاع، وذلك من خلال الاتفاق المسبق ضـمـن بنـود العقـد، وبرضـى الأطـراف المتعاقدة.

  6- الاختصار في التكاليف والوقت والإجراءات للوصول إلى قرار فـض النـزاع خلافـاً للإجراءات المتبعة في إقامة الدعوى القضائية التي تستغرق وقتاً أطول وجهـداً أكثـر ومبالغ أكبر.

- ورغم هذه المزايا إلا أن هنالك مآخذ على التحكيم تتمثل في:

   1- التكاليف الباهظة: يذهب البعض إلى أن تكاليف التحكيم باهظة مقارنة بنظام القضاء، إذ الأصل في نظام القضاء مجانية التقاضي، ولكن هذا الأمر مردود عليه، حيث هنالـك نفقات كبيرة تنفق على التقاضي أهمها ما يدفع للمحامين من أتعاب قد تفـوق تـكـاليف التحكيم.

   2- إطالة أمد الإجراءات: رغم أن التحكيم محدد بمدة معينة، إلا أن إجراءاته قـد تطـول خاصة في حالة عدم قيام أحد الطرفين بتعيين محكمه، هذا الأمر لا يقـدح فـي نظـام التحكيم، إنما في طريقة تعامل الأطراف معه.

   3- عدم حيادية المحكم: يرى البعض أن المحكم لا يكـون بالحيـاد المطلـوب المتـوافر لدى القاضي، ونقول أن هذا الأمـر يتوقـف علـى اختيـار المحكمـين، حيـث أن الخصـوم هم من يختارون المحكمين، فيجب أن يقع اختيارهم على من يتـوافر فيـه الحياد.

اتفاق التحكيم الهندسي في نظام التحكيم السعودي:

   يتعين لإخضاع النزاع للتحكيم أن يتفق أطرافه على اللجوء إليه، ويتخذ هذا الاتفاق إحـدى صورتين، (شرط التحكيم، ومشارطة التحكيم) وقد عرف نظام التحكيم السعودي في مادته الأولى، في الفقرة الأولى: اتفاق التحكيم بأنه (اتفاق بين طرفين أو أكثر على أن يحيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما في شأن علاقة نظامية محددة تعاقديـة كانت أم غير تعاقدية سواء كان اتفاق التحكيم في صورة شرط تحكيم وارد فـي العقـد أم فـي صورة مشارطة تحكيم مستقلة).

  • شرط التحكيم:

والمقصود به أن يرد في شكل شرط في عقد من العقود يقضي بأن أي نزاع حول أعمال أو تفسير أو تنفيذ العقد أو أحد شروطه تنم تسويته عن طريق التحكيم، وهذا بالطبع يقتضي أن تكون العلاقة عقدية، وأن يكون الشرط سابقاً على قيام المنازعة.

ويجب أن تتضمن العقود الهندسية بنوداً واضحة لكيفية حل المنازعات الناشئة بين المالـك والمقاول والاستشاري.

• مشارطة التحكيم:

ويقصد بها إبرام طرفي العقد وثيقة مستقلة سواء كانت العلاقة الأصـلية تعاقديـة أم غيـر تعاقدية، يتفق فيها على تسوية المنازعات التي يحددانها عن طريق التحكيم.

وقد جاء تعريف اتفاق التحكيم في نظام التحكيم السعودي متضمنا صورتیه، شرط التحكـيم ومشارطة التحكيم، ولم يفرق النظام بين شرط التحكيم ومشارطته، حيث جاز فيه الاتفـاق علـى التحكيم في نزاع معين قائم، كما جاز الاتفاق مسبقاً على التحكيم في أي نزاع يقوم نتيجة لتنفيـذ أما بالنسبة لمشارطة التحكيم فهي اتفاق بين أطراف العلاقة في عقد مـستقل يتقـرر بموجبه عرض المنازعات التي نشأت على التحكيم، وقد حذا المنظم السعودي حـذو الاتفاقيـات الدولية، فأغلب هذه الاتفاقيات قد أشارت إلى شرط ومشارطة التحكيم تحـت مـصطلح اتفـاق عقد معين، التحكيم.

   ويجوز أن يتم اتفاق التحكيم الهندسي بكلتا صورتيه، أي: إنه يجوز في منازعات التحكـيم الهندسي أن يكون اتفاق التحكيم شرطاً أو مشارطة.

    وهذا ما أكدته اللائحة التنفيذية لنظام التحكـيم الهندسـي اليمنـي، حيـث نـصـت المـادة (33) أنه (يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع هندسي معـين، كمـا يجـوز الاتفـاق مـسبقاً على التحكيم في أي نزاع هندسي قد ينشأ نتيجة لتنفيذ عقد معين، وتراعي عند الاتفاق الـشروط التالية:

   1. أن يكون الاتفاق مكتوباً وموقعاً عليه من جميع أطراف النزاع.

   2. إذا تم الاتفاق على التحكيم بعد نشوء النزاع فيجـب أن يتضمن الاتفـاق موضـوع النزاع).

   والفرق بين شرط التحكيم ومشارطة التحكيم تتمثل في أن الأول يتعلق بنزاع مستقبلي غيـر محدد، في حين تتعلق الثانية بنزاع واقع فعلاً وأصبح محدداً.

   من المشاكل العملية التي تواجه اتفاق التحكيم:

أولاً- صياغة شرط التحكيم:

    من خلال الاطلاع على بعض مسودات العقود التي تبرمها المؤسسات والشركات السعودية لاحظنا ضعفاً وقصوراً في بعض نصوص تلك العقود، وخصوصاً النصوص التي تشير إلـى تسوية النزاع بواسطة التحكيم والمعروف بشرط التحكيم، حيث أنه يفتقر إلى الكثير من الجوانب التفصيلية، ولا يراعي الدقة في النص.

ثانياً- توقيع مشارطة التحكيم:

    علمنا أن مشارطة التحكيم هي ذلك الاتفاق الذي يتم التوقيع عليه بين المتنازعين، بعد قيـام النزاع بعكس شرط التحكيم الذي يكون ضمن بنود العقد، هذه المشارطة تبرم برضى الطـرفين، ولكن التوقيع عليها بعد صياغتها بواسطة المحكم أو المحكمين أو بواسطة المتنازعين يعـد مـن عقبات التحكيم سواء كان على المستوى المحلي أو الدولي، ذلك أن المحتكم ضـده فـي غالـب الأحوال قد يرفض أو يتلكأ عن توقيع المشارطة بحجة عدم مقدرته على دفع الأتعاب المقترحـة بواسطة المحكم أو المحكمين، أو بحجة اللغة أو المكان أو مدة الفصل في النزاع، وقد يكون فـي بعض المسائل محقاً وموضوعياً، لكن في بعضها الآخر قد يكون غير ذلك، ويهدف في الأسـاس إلى كسب الوقت أو إفشال عملية التحكيم برمتها إن استطاع إلى ذلك سبيلاً.

   هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، قد يرجع تعطيـل توقيـع المـشارطة إلـى المحكـم أو المحكمين، ويكون ذلك لخلاف يتعلق بمدة الفصل في النزاع، وتكمن المشكلة في حال رفض أحد الطرفين توقيع المشارطة.

ب- الشروط الواجب توافرها في اتفاق التحكيم في منازعات التحكيم الهندسي:

   كون شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم هو اتفاق، فمن ثم يخضع للشروط اللازمة لـصحة العقد مع ضرورة توافر الرضى القانوني الصحيح والمحل المشروع والسبب، وهذه كلها شروط عامة لصحة أي اتفاق أو عقد.

   ووفقاً لما لما نصت عليه قوانين التحكيم المقارنة ونظام التحكيم السعودي، فهنالك شروط شكلية وأخرى موضوعية لاتفاق التحكيم.

تتمثل الشروط الشكلية (لاتفاق التحكيم) في:

أولاً- الكتابة:

   حيث يشترط أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً، وإلا كان باطلاً، وهذا ما سلكه المنظم السعودي حيث نص في المادة (التاسعة) من نظام التحكيم على (يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبـاً، وإلا كان باطلاً).

  ويعد في حكم الاتفاق المكتوب كل إحالة في العقد إلى أحكام عقد نموذجي أو اتفاقية دولية أو أي وثيقة أخرى تتضمن شرط التحكيم، إذا كانت الإحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من العقد.

  وإذا تم الاتفاق على التحكيم أثناء نظر النزاع من قبل المحكمة، فعلى المحكمـة أن تقـرر إحالة النزاع إلى التحكيم، ويعد هذا القرار بمثابة اتفاق تحكيم مكتوب".

   وهذا ما قررته المادة (12) من النظام حيث نصت على (اذا تم الاتفاق على التحكيم أثنـاء نظر النزاع أمام المحكمة المختصة وجب عليها أن تقرر إحالة النزاع الى التحكيم).

ثانيا- أما الشروط الموضوعية فتتمثل في:

   1- قابلية النزاع للتحكيم: حيث أستبعد النظام بعض النزاعات عن التحكيم، وهذا ما نصت عليه المادة (2) من نظام التحكيم السعودي(لا تسري أحكام هذا النظام على المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية والمسائل التي لا يجوز فيها الصلح).

   2- تحديد موضوع النزاع المعروض على التحكيم: وهو العلاقة الموضوعية التـي يـراد حسم النزاع بشأنها، والنزاع قد يكون قائماً وقت إبرام الاتفاق في حالة مشارطة التحكيم وقد يكون متوقعا نشوؤه في المستقبل في حالة شرط التحكيم.

 ث- التنازل عن شرط التحكيم:

   يجوز اتفاق الخصوم على العدول عن شرط التحكيم في أي مرحلة، وهذا العدول قد يكـون صريحاً أو ضمناً ويتم النزول الصريح بإبرام الطرفين اتفاقاً جديداً يتضمن صراحة النزول عـن اتفاق التحكيم، ويجب أن يتم هذا الاتفاق كتابة، ويجوز للخصم أن يتنازل عـن شـرط التحكـيم ضمناً، ويشترط في التنازل الضمني أن يكون بفعل أو إجراء يكشف عنه بجـلاء ويـدل علـى العزوف عنه، بما لا يدع مجالاً للشك في نيته التنازل عن ذلك الشرط، وأن يكون قاطعـاً فـي الدلالة على رضائه ترك الحق في التمسك به، وتقدير كل ذلك من سلطة المحكمة المختصة.

   وعليه إذا اتفق الخصوم على التحكيم في نزاع ما، فإنه لا يجوز رفع دعوى بـشأنه أمــام القضاء، إلا أنه إذا لجأ أحد طرفي الخصومة إلى المحكمة وأقام أمامها دعـوى، دون الاعتـداد بشرط التحكيم، ولم يتمسك الطرف الآخر بشرط التحكيم باعتراضه على لجـوء خـصمه إلـى القضاء بالمطالبة بما يدعيه من حق رغم الاتفاق على شرط التحكيم، فيجوز للمحكمة أن تنظـر الدعوى ويعتبر شرط التحكيم ملغى، وهذا ما أكدتـه المـادة (203) الفقـرة (2) مـن القـانون الإماراتي، حيث أشارت إلى أنه إذا اتفق الخصوم على التحكيم في نزاع فلا يجوز رفع دعوى به أمام القضاء، ومع ذلك إذا لجأ أحد الطرفين إلى رفع الدعوى دون الاعتداد بشرط التحكيم، ولـم يعترض الطرف الآخر في الجلسة الأولى، جاز نظر الدعوى، واعتبر شرط التحكيم لاغياً.

   وكما أن وجود دعوى مدارة بين الخصوم أمام المحكمة لا يحول دون اتفاقهما على الالتجاء إلى التحكيم للفصل في ذات النزاع محل تلك الدعوى طالما لم يصدر فيها حكم من المحكمة يمتنع معه إعادة طرح النزاع على جهة أخرى مختصة بالحكم، فلطرفي الخصومة أن يقـررا أمـام المحكمة ترك الخصومة واللجوء إلى التحكيم، وفي هذه الحالة يجب أن يحدد الاتفاق المسائل التي يشملها التحكيم، وإلا كان الاتفاق باطلاً.

   وهذا ما قررته المادة الثانية عشرة من النظام، حيث نصت على (مع مراعاة ما ورد فـي الفقرة 1 من المادة (9) من هذا النظام، اذا تم الاتفاق على التحكيم أثناء نظـر النـزاع أمـام المحكمة المختصة وجب عليها أن تقرر إحالة النزاع إلى التحكيم).

ج- التمسك بشرط التحكيم:

نصت المادة الحادية عشرة من النظام على:

   1- يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد في شأنه إتفاق تحكيم أن تحكم بعدم نظر الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل أي طلب أو دفاع في الدعوى.

   والسؤال الذي يثور في هذا الخصوص هو، متى يتعين على الخصم الاعتراض على لجوء خصمه للقضاء، بحيث لا يعتبر متنازلاً عن شرط التحكيم؟

   إن الدفع بوجود شرط التحكيم قد أثار خلافاً بين شراح القانون، فقال البعض بأنه دفع بعـدم الاختصاص غير متعلق بالنظام العام يتعين أن يبدى قبل التكلم في الموضـوع، وقـال الـبعض الآخر يتعين أن يبدى قبل أي دفع شكلي، ولا يجوز للمحكمة أن تبديه من تلقاء نفسها، كما اختلف القضاء حول ذلك، فبينما قضت محكمة كندية بأن اتخاذ عدة إجراءات في الدعوى لا يعد تنـازلاً عن شرط التحكيم، تواتر قضاء إمارة دبي واستقر على أن عدم التمسك بشرط التحكيم في الجلسة الأولى لظهور الخصوم أمامها يعتبر تنازلا عن شرط التحكيم، وذلك بصرف النظر عن تعرضه عدم تعرضه لموضوع الدعوى.

إجراءات التحكيم الهندسي في نظام التحكيم السعودي:

   لقد بين نظام التحكيم السعودي أن إجراءات التحكيم تبدأ من اليوم التالي الذي يتسلم فيـه المدعى عليه طلب التحكيم من المدعي، وهذا ما نصت عليه المادة (26) مـن نـظـام التحكـيم السعودي ( تبدأ إجراءات التحكيم من اليوم الذي يتسلم فيه أحد طرفي التحكيم طلب التحكيم مـن الطرف الآخر ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك).

ويمر التحكيم الهندسي بعدة مراحل، ومن أهم هذه المراحل:

أولاً- مرحلة تشكيل هيئة التحكيم (تعيين المحكمين):

   يجري التحكيم أمام هيئة تحكيم، وفقاً للإجراءات المنصوص عليها نظاماً، ولما كانـت إرادة الأطراف هي الأصل في التحكيم فهم الذين يقومون بتشكيل هيئة التحكـيم، وتكـاد تتفـق كافـة التشريعات على إعطاء أطراف النزاع الاتفاق على حرية اختيار الأشخاص الذين يشكلون الهيئة التحكيمية، على أنه إذا قامت عقبة في سبيل تعيين المحكـم أو المحكمـين، فـإن هنالـك مـن التشريعات ومنها نظام التحكيم السعودي، ما يجعل للقضاء دوراً في هذا التعيين، وبناء على ذلك سوف نتطرق إلى كيفية التعيين الاتفاقي والقضائي. .

   - والسؤال: هل يصلح أي محكم للفصل في المنازعات الهندسية؟

    لا بد من أن تتوافر في المحكم في المنازعات الهندسية كغيره من المحكمين في النزاعـات الأخرى شروط معينة أوردها نظام التحكيم السعودي، حيث نصت المادة (14) من نظام التحكـيم السعودي على أنه (يشترط في المحكم ما يأتي:

   1. أن يكون كامل الأهلية.

   2. أن يكون حسن السيرة والسلوك.

   3. أن يكون حاصلاً على الأقل على شهادة جامعية فـي العلـوم الـشرعية أو النظاميـة، وإذا كانت هيئة التحكيم مكونة من أكثر من محكم فيكتفي بتـوافر هـذا الـشرط فـي رئيسها).

   وإذا كان هنالك من يرى أن الأفضل في النزاعات الهندسية اختيار المحكم من المختصين أو الملمين إلماماً كافياً بموضوع النزاع، حيث يكون المحكم موضوع ثقة من اختاره، إلا أن المنظم السعودي قد أحسن صنعاً حين اشترط أن يكون المحكم أو رئيس التحكيم -إذا كانت هيئة- عالماً بالنظام، أو متخصصاً في العلوم الشرعية.

   فحل المنازعات الهندسية لا يكون فقط في بيان الناحية الفنية الإنشائية، إذ عادة مـا يكـون النزاع بسبب أمور عديدة تحتاج إلى رجل القانون ليضع الأمور في نصابها، خاصة إذا نظرنـا إلى القضايا التحكيمية الهندسية الكثيرة التي يشوبها البطلان، إما بسبب الإجراءات النظامية غير الصحيحة أو الخروج عن الموضوع.

   والأصل في تعيين المحكمين أن يتم اتفاقاً، ولكن إذا حالت صعوبات في الاتفاق على تعيين المحكمين فيتم قضاء، وهذا ما نصت عليه المادة 15 الفقرة 1 من النظام الطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين، فإذا لم يتفقا اتبع ما يأتي: أ- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المختصة اختياره. ب- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً عنه، ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فإذا لم يعـين أحـد الطـرفين محكمه خلال 15 يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر، أو اذا لـم يتفـق المحكمـان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال 15 يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما، تولت المحكمـة المختصة اختياره بناء على طلب من يهمه التعجيل، وذلك خلال 15 يوماً من تاريخ تقديم الطلب ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان، أو الذي اختارته المحكمة المختصة رئاسة هيئـة التحكيم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمـين) وهـذا التعيين بمشاركة الطرفين يقتضي قيام كل منهما بدور متساو في هذا التعيين، ولهذا يعد باطلا كل شرط يقضي باستقلال أحدهما دون الآخر في الاختيار.

   وفي حالة تم تعيين المحكمين قضاء، فإن المحكمة المختصة تتبع الإجراءات الآتيـة فـي

تعيين المحكمين:

   أ- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولت المحكمة المختصة اختياره.  

   ب- إذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً عنه، ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فإذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال خمـسة عشر يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر أو إذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال خمسة عشر يوماً التالية لتاريخ تعيين آخرهما تولـت المحكمة المختصة اختياره بناء على طلب من يهمه التعجيل، وذلك خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديم الطلب.

ثانياً- مرحلة نظر الدعوي:

   تبدأ هذه المرحلة بإحالة ملف القضية إلى هيئة التحكيم، التي تقوم بعقـد جلـسات مرافعـة شفوية، وهذا ما نصت عليه المادة (1/33) من نظام التحكيم على أن تعقد هيئة التحكيم جلـسات مرافعة لتمكين كل من الطرفين من شرح موضوع الدعوى وعرض حججه وأدلته، ولها الاكتفاء بالمذكرات المقدمة والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك، ووفقا لهذا النص وعلى خلاف إجراءات القضاء لا تلزم الهيئة بعقد جلسة مرافعة للتحكيم، فيمكن لهيئة التحكيم أن تنظـر النزاع في غير جلسة، وبالتالي دون حضور أي من الخصوم أو ممثليهم ودون سـماع شـهود، الهيئة كما ذكرنا بالمذكرات المقدمة والوثائق المكتوبة ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك.

   أما إذا اتفق الطرفان على عقد جلسة أو جلسات مرافعة سواء في مشارطة التحكيم أو فـي اتفاق لاحق فإن الهيئة تلتزم عقدها.

   وعندما تقرر الهيئة عقد جلسة وتحدد ميعادها، فإن عليها أن تخطر طرفي التحكيم بميعـاد الجلسة قبل انعقادها بوقت يكفي لتمكين الأطراف من الاستعداد لها.

   وهو ما تقدره الهيئة تبعا لظروف القضية دون التقيد بمواعيد التكليف بالحضور التي يـنص عليه قانون المرافعات. ويجب على الهيئة إخطار الطرفين بتاريخ وميعاد الجلسة ومكانها، ولـو كان هنالك اتفاق سابق على تحديدها.

ويمكن لهيئة التحكيم أن تعقد جلساتها أو اجتماعاتها دون الاستعانة بكاتب، ولكن يجب فى جميع الأحوال تدوين خلاصة وقائع كل جلسة تعقدها هيئة التحكيم في محضر تسلم صورة منـه الى كل من الطرفين ما لم يتفقا على غير ذلك، وهذا ما نصت عليه المادة 3/33 من نظام التحكيم (فتدوين محضر لكل جلسة وجوبي، ويجب على هيئة التحكيم تسليم صورة من محضر الجلـسة لكل من الطرفين على أنه لا يوجد ما يمنع الأطراف من الاتفاق على عدم إلزام الهيئـة بتـدوين محاضر جلساتها حرصاً على السرية الكاملة.)

   - سماع الشهود والخبراء، وتقديم المذكرات والوثائق والمستندات.

   - التدابير المؤقتة إذا لزم الأمر.

حكم التحكيم الهندسي في نظام التحكيم السعودي، وكيفية تنفيذه:

    يصدر حكم التحكيم بعد الانتهاء من تبادل المذكرات والمستندات وتحقيق الدعوى وسـماع المرافعات، حيث تحجز الدعوى للحكم ويقفل باب المرافعة، وهذا ما نصت المادة 1/39 من نظام التحكيم على أن (يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعـد مداولة تتم على الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم، ما لم يتفق طرفا التحكيم على غيـر ذلـك)، ولكن لا يجوز للأطراف الاتفاق على إصدار الحكم دون مداولة، وقد نصت المادة 2/39 على أنه (إذا تشعبت آراء هيئة التحكيم ولم يكن ممكنا حصول الأغلبية فلهيئة التحكيم اختيار محكم مرجح خلال 15 يوماً من قرارها بعدم إمكان حصول الأغلبية، وإلا عينت المحكمة محكمـاً مرجحـاً ويجوز أن تصدر القرارات في المسائل الإجرائية من المحكم الذي يرأس الهيئة إذا اتفق طرفا التحكيم على ذلك كتابة أو أذن له جميع أعضاء هيئة التحكيم، ويجب صدور الحكم مـن الهيئـة بكامل تشكيلها، ولا يشترط أن يصدر الحكم بالإجماع ما لم يتفق الأطراف على غير ذلك).

    وبالرغم من أن نظام التحكيم لم يوجب النطق بالحكم في جلسة علنية، فالحكم يعتبر قد صدر بالتوقيع عليه، ولهذا فإن النطق بالحكم ليس شرطاً ما لم يتفق الأطراف على ذلك سواء كان فـي اتفاق التحكيم أو في اتفاق لاحق.

    لكن تتفق جميع النصوص القانونية التحكيمية الوطنية والأجنبية على أن يـصدر حكـم التحكـيم مكتوباً وموقعاً بإجماع الآراء أو أكثريتها، وبوجوب تضمين وثيقة الحكم عدداً من البيانــات الأساسية، وهذا ما نصت عليه المادة (42) من نظام التحكيم على (1- يصدر الحكم كتابة ويكون مسببا ويوقعـه المحكمون، وفي حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من محكم واحد يكتفي بتوقيعات أغلبية المحكمـين بشرط أن يثبت في محضر القضية أسباب عدم توقيع الأقلية. 2- يجب أن يشتمل حكم التحكـيـم علـى تاريخ النطق به ومكان إصداره وأسـماء الخـصوم وعنـاوينهم، وأسـماء المحكمـين وعنـاوينهم، وجنسياتهم، وصفاتهم، وملخص اتفاق التحكيم، وملخص لأقوال وطلبات طرفي التحكـيم ومرافعـاتهم ومستنداتهم، وملخص تقرير الخبرة إن وجد، ومنطوق الحكـم وتحديـد أتعـاب المحكمـين ونفقـات التحكيم، وكيفية توزيعها بين الطرفين دون إخلال بما قضت به المادة (24) من هذا النظام).

   كما توجب إصدار الأحكام مشتملة على الأسباب التي أدت إلى منطوق الحكم، لأن مقصود الأسباب هو بيان الفكرة التي حملت المحكم أو المحكمين على الاتجاه نحو ما خلصوا إليـه مـن حكم. فلا يصح أن تصدر الأسباب مجملة أو مبهمة لم تتضح معالمها وتفاصيلها، فإذا مـا خـلا الحكم من أسباب وقع باطلاً. ويعتبر تسبيب أحكام المحكمين من أهم ضمانات التقاض فهـو يضمن حسن أدائهم مهمتهم واستيعابهم وقائع النزاع ودفاع الخصوم.

- كيفية الطعن في حكم التحكيم الهندسي وفقا لنظام التحكيم السعودي:

   لقد أوجب نظام التحكيم في المادة (43) من نظام التحكيم على (1- تسلم هيئة التحكيم الى كل من طرفي التحكيم صورة طبق الأصل من حكم التحكيم خلال 15 يوماً من تاريخ صدوره).

   كما نص النظام في المادة (44) على (تودع هيئة التحكيم أصل الحكم، أو صورة موقعـة منه باللغة التي صدر بها لدى المحكمة المختصة، وذلك خلال المدة المنصوص عليها في الفقرة 1 من المادة (43) من هذا النظام، مع ترجمة باللغة العربية مصدق عليها من جهة معتمدة، إذا كان صادراً بلغة أجنبية) وبناء على هذا الإيداع يكون للخصم الذي يرغب في الاعتراض علـى الحكم أن يتقدم باعتراضه إلى المحكمة المختصة بالفصل في النزاع التي أودع لديها حكم التحكيم المراد الاعتراض عليه.

   فإذا انقضت هذه المدة المنصوص عليها نظاماً دون الاعتراض على حكم التحكيم ذيل الحكم بالصيغة التنفيذية الدالة على وجوب تنفيذه متى طلب أحد ذوي الشأن ذلك.

أهم أسباب بطلان حكم التحكيم في نظام التحكيم السعودي:

   حددت المادة 50 من نظام التحكيم السعودي حالات بطلان حكم التحكيم بالنص على:

  1- لا تقبل دعوى بطلان حكم التحكيم، إلا في الأحوال الآتية:

     أ- إذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان هذا الاتفاق باطلاً، أو قـابلا للإبطـال أو سـقط بانتهاء المدة.

    ب- إذا كان أحد طرفي اتفاق التحكيم وقت إبرامه فاقداً الأهلية، أو ناقـصها، وفقـاً للنظام الذي يحكم أهليته.

    ت- اذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعـه بـسبب عـدم إبلاغـه إبلاغـاً صحيحاً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم، أو لأي سبب آخـر خـارج عـن إرادته.

   ث- اذا استبعد حكم التحكيم تطبيق أي من القواعد النظامية التي اتفق طرفا التحكـيم على تطبيقها على موضوع النزاع.

    ج- اذا شكلت هيئة التحكيم أو عين المحكمون على وجه مخالف لهـذا النظ ذا النظـام، أو لاتفاق الطرفين.

   ح- اذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم، ومع ذلـك إذا أمكـن فصل أجزاء الحكم الخاصة بالمسائل الخاضعة للتحكيم عـن أجزائـه الخاصـة بالمسائل غير الخاضعة له فلا يقع البطلان، إلا على الأجـزاء غيـر الخاضـعة للتحكيم وحده.

   خ- إذا لم تراع هيئة التحكيم الشروط الواجب توافرها في الحكم على نحو أثـر فـي مضمونه، أو استند الحكم إلى إجراءات تحكيم باطلة أثرت فيه.

2- تقضي المحكمة المختصة التي تنظر دعوى البطلان من تلقاء نفـسـهـا بـبطلان حكـم التحكيم اذا تضمن ما يخالف أحكام الشريعة الإسلامية والنظام العام في المملكة، أو ما أتفق عليه طرفا التحكيم أو اذا وجدت أن موضوع النزاع من المسائل التي لا يجـوز التحكيم فيها بموجب هذا النظام.

3- لا ينقضي اتفاق التحكيم بصدور حكم المحكمة المختصة ببطلان حكم التحكيم، ما لـم يكن طرفا التحكيم قد اتفقا على ذلك، أو صدر حكم نص على إبطال اتفاق التحكيم.

4- تنظر المحكمة المختصة في دعوى البطلان في الحالات المشار إليها في هذه المـادة دون أن يكون لها فحص وقائع وموضوع النزاع.

- دعوى بطلان حكم التحكيم:

   ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم من أي من طرفيه خلال المدة المحددة، وهذا مـا نـصت عليه المادة الحادية والخمسين من نظام التحكيم:

   1- ترفع دعوى بطلان حكم التحكيم من أي من طرفيه خلال الستين يوماً التاليـة لـتـاريخ إبلاغ ذلك الطرف بالحكم، ولا يحول تنازل مدعي البطلان عن حقه في رفعهـا قبـل صدور حكم التحكيم دون قبول الدعوى.

   2- اذا حكمت المحكمة المختصة بتأييد حكم التحكيم وجب عليها أن تأمر بتنفيـذه، ويكـون حكمها في ذلك غير قابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن، أما اذا حكمت بـبطلان حكم التحكيم فيكون حكمها قابلاً للطعن خلال 30 يوماً من اليوم التالي للتبليغ.

    وما جاء به نظام التحكيم الحالي يعد تغييراً جذرياً لإنفاذ أحكام التحكيم الهندسي التي ظلـت قابلة للاعتراض، وفقاً للمادتين (18، 19) في نظام التحكيم السابق، واللتين كان يمكن بموجبهما الاعتراض على حكم التحكيم لدى الجهة المختصة بنظر النزاع، حيث أصبحت أحكـام التحكـيم التي تصدر وفقاً لأحكام النظام الحالي غير قابلة للطعن فيها بأي من طرق الطعن عدا رفع دعوى بطلان حكم التحكيم بمحكمة الاستئناف، طبقاً للأحكام المبينة في النظام، والمحددة علـى ســـبيل الحصر، وليس من بينها الطعن في موضوع التحكيم.

- تنفيذ أحكام التحكيم:

   إن تنفيذ حكم التحكيم أياً تكن طبيعة هذا الحكم هو الهدف المرجو من إجراءات التحكيم، لذا يمكن اعتبار لحظة التنفيذ هي أعلى قمة خصومة التحكيم حيث لا يوجد بعدها شيء.

   ولكي ينفذ الحكم لا بد من تقديم طلب التنفيذ للمحكمة المختصة لنظر النزاع، ويتعين علـى من صدر الحكم لصالحه أن يستوفي مجموعة من الإجراءات المحددة حتى يتمكن من القيام بتنفيذ حكم التحكيم.

وهذه الإجراءات هي:

  أولاً- التأكد من إيداع الحكم المراد تنفيذه لدى المحكمة المختصة.

  ثانياً- انقضاء ميعاد رفع دعوى بطلان حكم التحكيم.

  ثالثاً- رفع دعوى بالإجراءات المعتادة بطلب تنفيذ الحكم، للمحكمة المختصة التي يراد تنفيذ الحكم في دائرتها، وهي محكمة الاستئناف المختصة أصلاً بنظر النزاع، وهذا ما نصت عليـه المادة (8) الفقرة (1) من نظام التحكيم السعودي.

   ويكتسب حكم التحكيم قوته التنفيذية بعد أن تمنحه المحكمة المختصة صيغة التنفيذ، وتعلن أنه أصبح قابلا للتنفيذ.

    ونلاحظ أن قرارات التحكيم في المنازعات الهندسية بعد صدورها تصطدم بعقبة مهمة وهي تنفيذها، وتعتبر هذه المسألة من أكثر المشاكل خطورة التي تواجه قرار التحكـيـم مـن الناحيـة العملية، فكثير من القرارات الصادرة في منازعات تحكيم هندسية لم تجد طريقها للتنفيـذ، إمـا بسبب عدم إتباع الإجراءات النظامية، أو بسبب الخروج عن موضوع النزاع.

آثار تنفيذ حكم التحكيم:

من أهم آثار تنفيذ حكم التحكيم:

   1- وجوب الوفاء

   2- انتهاء عمل هيئة التحكيم

    نلاحظ أن كثيراً من قرارات التحكيم الهندسي بعد صدورها لم تجد طريقها للتنفيذ، إما بسبب عدم إتباع الإجراءات النظامية، أو بسبب الخروج عن موضوع النزاع.

الخاتمة:

   خلاصة القول بأن التحكيم في المنازعات الهندسية يخضع من حيث الأساس العـام إلـى نـظـام التحكيم السعودي (م/34) بتاريخ 1433/5/4هـ، والذي احتوى على (58) مادة، تنظم عملية التحكيم بداية من الاتفاق على التحكيم وحتى تنفيذ حكم التحكيم، وإن الواقع العملي يشير بشكل واضـح الـى ازدياد اللجوء إليه، حتى أصبح التحكيم الهندسي هو الأصل في تسوية المنازعات الناشئة في العقـود الهندسية، وأن اللجوء إلى القضاء أصبح استثناء، ومن هنا سيزداد الاهتمام بـالتحكيم الهندسـي فـي مختلف الدول، ومنها المملكة العربية السعودية، سواء في مجال التشريعات أو إنشاء مراكز للتحكـيم أو عقد الندوات والمؤتمرات الخاصة به، وهذا ما يدعونا إلى العمل على تطوير التحكـيم الهندسـى وإزالة العقبات التي تعترض مسيرته والأمور التي تقف عثرة في طريقة تنفيذ أحكامه.

أهم المراجع:

   1. نظام التحكيم (مجموعة الأنظمة السعودية – جريدة أم القرى).

   2. قانون التحكيم المصري رقم (27) لسنة 1994م.

   3. قانون التحكيم الأردني رقم (31) لسنة 2001م.

   4. الزيد، زيد عبد الكريم (مشروعية التحكيم في الفقه الإسلامي)، عميـد المعهـد العـالي للقضاء، 2003م.

   5. عمار صابر (اتفاق التحكيم وقراءة في بعض المشكلات العملية)- غرفة التحكيم لـدول الخليج (المنامة)، محاضرة ألقيت بنقابة المحامين مايو سنة 2006م.

   6. يونس، حمید (شروط التحكيم، ومدى رقابة المحكمة على حكم المحكمين) مجلة القضاء العدد الثاني لسنة 1423هـ.

   7. السهلي، زيد بن عبد العزيز (التحكيم في المنازعات الهندسية)، رسالة ماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية.