الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم والتوفيق والوساطة / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 48 / التجربة اللبنانية والانظمة البديلة للتقاضي في مجال التحكيم

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 48
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    27

التفاصيل طباعة نسخ

التجربة اللبنانية والانظمة البديلة للتقاضي في مجال التحكيم 

وهو ما عرفت المادة السابعة من قانون اصول المحاكمات المدنية الوساطة Médiation شكلا من اشكال التوفيق Conciliation) الذي اللبناني ، المرسوم الاشتراعي رقم ۹۰ تاريخ ١٦ ايلول – سبتمبر - هو طريقة لحل النزاعات تقوم على البحث عن اتفاق الاطراف، وقد سنة ١٩٨٣ الدعوى بأنها الحق الذي يعود لكل ذي مطلب بأن تكون مباشرة بين الفرقاء او بمساعدة شخص ثالث يسمى الموفق يتقدم به الى القضاء للحكم له بموضوعه وهي بالنسبة الى الخصم Conciliateur بينما تتطلب الوساطة مشاركة الشخص الثالث الذي الحق الذي يدلي بأسباب دفاع او بدفوع ترمي الى دحض ذلك يسمى الوسيط Médiateur وان كانت الوساطة هي في الأساس، المطلب». فهي تفترض نزاعا يعرض على القضاء وخصومة كالتوفيق، طريقة ترتكز على آلية حبية لحل النزاع وبالتفتيش عن واجراءات معقدة تنتهي بحكم قضائي يفصل في ذلك النزاع ويمر اتفاق يجمعهما  .

 ونحن نفضل اعتبار أن المصطلحين يتماثلان الحكم قبل ان يصبح مبرما بمراحل وطرق مراجعة عادية وغير عادية كرسته المادة الأولى من القانون النموذجي في التوفيق الذي مما يرهق المتقاضين في الوقت والتكاليف والتنفيذ... وهذا القضاء وضعته لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي. سنة ٢٠٠٢، قد يكون قضاء الدولة ، وقد يكون قضاء خاصا ، التحكيم (المادتان جاء فيها : من اجل هذا ،القانون ان عبارة توفيق Conciliation ٧٦٢ و ٧٦٥ أ.م.م . ل .) . الانظمة البديلة للتقاضي تعتمد آلية مختلفة: تعني الاجراء الذي يحمل اسم توفيق Conciliation، وساطة التفتيش عن تسوية غير قضائية للنزاع وان كانت تتم في بعض Médiation او أي اسم مماثل حيث يطلب الفرقاء من شخص ثالث صورها بواسطة القضاء. فالحل يكون سلميا في هذا الطرح ويسبق (الموفق Le Conciliateur مساعدتهم في مساعيهم للوصول الى في الغالب من الحالات عرض النزاع على القضاء، او قد ينهي النزاع المعروض عليه بحل حبي وليس بقرار نزاعي ابرز الانظمة البديلة للتقاضي هي الوساطة والتوفيق.

النزاع ينشأ  عن علاقة قانونية، تعاقدية او غير ذلك، او مرتبط بهذه العلاقة، دون ان تكون للموفق صلاحية فرض أي حل للنزاع على الفرقاء». ان عبارة التوفيق في هذا القانون النموذجي من الفقهاء من يميز بين المصطلحين. فكلاهما يقوم على Conciliation تشمل كل الاجراءات البديلة للتقاضي وان اختلفت تدخل شخص ثالث مكلف بالتقريب بين الفرقاء لحل الخلاف إما المصطلحات وساطة Médiation او بالانكليزية neutral مباشرة واما بواسطة وإثبات هذا الحل في اتفاق يدون غالبا في evaluation او المحكمة المصغرة Trial - Mini. فقط التمييز محضر توفيق الا ان دور الوسيط، بخلاف الموفق، يقوم على وضع يكون في تلك الصلاحيات التي يخولها الفرقاء او النص القانوني في تصور لحل الخلاف واقتراحه على الفرقاء الذين تبقى لهم حرية حالات معينة للموفق بإعطائه دورا اضافيا فلا تكون مهمته السعي قبوله او رفضه، وهو ما لا يملكه الموفق. ومنهم من يعتبر فقط الى مساعدة الاطراف على التوصل الى حل ودي للنزاع وانما ايضا تقديم اقتراحات غير ملزمة لهم كما هو عليه الأمر في بعض القوانين اللبنانية التي وضعت تنظيما عاما للتوفيق في محالها وان كان المصطلح المستعمل فيها هو الوساطة كما ترى اعتمد هذا المصطلح أيضا الاقتراح المتعلق بمشروع القانون العربي الاسترشادي للتوفيق والمصالحة الذي وضعته اللجنة المكلفة بالقرار رقم ٦٧١ الذي اتخذه مجلس وزراء العدل في دورته الثانية والعشرين المنعقدة في القاهرة بتاريخ ٢٩ تشرين الثاني (نوفمبر) سنة ١١٢٠٠٩) جاء في المادة الثالثة منه ما يأتي: (يقصد بالمصطلحات التالية الواردة في هذا القانون المعنى المبين قرين كل منها: التوفيق والمصالحة وسيلة قانونية لفض المنازعات يتولاها موفق بناء على طلب من أطراف متنازعين سعيا الى تسوية ودية لحل النزاع كلينا أو جزئيا، الموفق كل شخص او اكثر تعهد اليه مهمة التوفيق ..... والميزة في اعتماد هذا المصطلح هو انه يتجنب كل التباس، فهو مستعمل لذاته، في حين ان المصطلح الآخر، الوساطة، يتردد في نصوص قانونية عديدة وبمفاهيم مختلفة. فالوساطة في قانون التجارة البرية اللبناني هي عقد يأخذ فيه الوسيط على نفسه ان يبرم باسمه الخاص ولكن لحساب مفوضه بيعا او شراء وغيرهما من العمليات التجارية مقابل عمولة او مؤونة مالية قد نظمت في المواد ۲۷۹ الی ۲۹۰ منه، كما انها في المرسوم رقم ١٣٥١٣ تاريخ الأول من آب سنة ١٩٦٣ من العمليات التي تقوم بها المصارف، فللمصرف ان يصدر شهادات ابداع الذهب المشار اليها المادة /۸۱/ منه لصالح جميع الاشخاص وأن يشتري او يبيع الذهب دون وساطة المصارف المادة ٨٣ من المشروع فقرة (أ) وراجع المادة ١٢٨ من المرسوم حول المصرف الذي يقوم بالوساطة ...) وهنالك الوساطة في الخدمات المالية (تعميم حاكم مصرف لبنان رقم ١٣٦٤ تاريخ ١٩٩٥/٩/٧) والوساطة في عمليات البورصة (نظام العملاء في بورصة بيروت القرار رقم ٢٥٧٢ تاريخ ١٩٦٩/١٠/٢٠ المادة ١١ و ١٣ و ١٤ و ١٧ منه والمادة 9 من المرسوم الاشتراعي رقم ۲۹ تاريخ ٥ آب سنة ١٩٦٧) وهنالك مكاتب سمسرة الضمان ومكاتب وشركات الوساطة مهما كان شكلها القانوني (المادة الأولى من اصول تطبيق القرار رقم ١٩ / أنت المتعلق بتحديد قيمة الكفالة المطلوبة من وسطاء الضمان) ووساطة الضمان (المادة ۳۸) من المرسوم رقم ۹۸۱۲ تاريخ ٤ أيار سنة ١٩٦٨ المتعلق بتنظيم هيئات الضمان) يضاف ذلك تلك النصوص القانونية المتعلقة بالمصالحة وعقد الصلح (المواد ۷۷۸ و ۱۰۳۵ الى ١٠١٤ من قانون الموجبات والعقود).

التوفيق كما قد يكون اتفاقيا وخارج القضاء أي خبيا خارج الاطار القضائي conciliation amiable extrajudiciaire، وهو ما يدخل في الحقوق التعاقدية للاطراف وحرية الارادة (المادة ١٦٦ موجبات وعقود)، يكون كذلك قضائيا وباحدى صورتين الأولى ان يكون التوفيق هو من ضمن مهمة القاضي الناظر في النزاع وعمله، الثانية: ان لا يكون التوفيق هو من ضمن تلك المهمة وانما من قبل طرف ثالث، فرد او مؤسسة متخصصة في التوفيق، تعيّن بمبادرة من القاضي الناظر في النزاع وبموافقة فرقائه او من قبل هيئة قضائية استباقية تحال اليها الدعوى حكما عند تسجيلها في القلم فتحاول الاستماع الى الفرقاء وتحديد نقاط الالتقاء في ما بينهم ونقاط الاختلاف وتعمل على مساعدتهم على تذليلها والوصول الى مصالحة.

الانظمة القانونية العربية عرفت مختلف هذه الصور في التوفيق:

فالقانون المغربي رقم /٥/ لسنة ٢٠٠٨ قد نص في ٣٢٧ - ٥٥ على انه يجوز للاطراف لاجل تجنب او تسوية نزاع، الاتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح ينهي النزاع». العقد الذي يتفق الاطراف بموجبه على تعيين واتفاق الوساطة هو نشأ او قد ينشأ فيما وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح لانهاء نزاع، بعد». (المادة ٣٢٧-٥٦. وقد نظم هذا القانون شروط اتفاق الوساطة، عقدا كان أم بندا في العقد الاساسي، واجراءاتها والوسيط اما القانون الجزائري رقم ۰۹ - ٠٨ تاريخ ٢٥ شباط سنة و مهمته ... ۲۰۰۸ فقد نظم النوعين من التوفيق الاتفاقي او بمبادرة من القاضي اثناء النظر في النزاع، وقد أجاز للقضاء الإداري في نزاعات القضاء الشامل En matière de plein contentieux اللجوء الى التوفيق وفي كل مرحلة من مراحل المحاكمة (المواد ٩٧٠ الى ٩٧٤ في التوفيق من القضاء الاداري والمواد ۹۹۰ الى ٩٩٣ في التوفيق امام القضاء العدلي). والملفت ان هذا القانون قد ميّز بين التوفيق بالصور المشار اليها وبين الوساطة والتي تتم في كل المواد بناء على اقتراح من القاضي على اطراف النزاع ما عدا في القضايا العائلية والقضايا الخاضعة لمحاكم العمل والقضايا التي تتعرض للنظام العام. وعندما يقبل الفرقاء الاقتراح يعيّن القاضي وسيطا لكي يستمع لوجهات نظرهم ويحاول التقريب بينها بهدف مساعدتهم على ايجاد حل هذا القانون نطاق الوساطة واجراءاتها محددا صفات الوسيط وما يقتضي ان يحتويه القرار الذي يقضي بالوساطة للنزاع من بيانات (المواد ٩٩٤ الى (۱۰۰۵ اما قانون دولة الامارات العربية المتحدة رقم ٢٦ سنة ۱۹۹۹ المعدل بالقانون رقم ٤ سنة ٢٠٠١ لجنة التوفيق والمصالحة. فقد نصت المادة الاولى منه على انه يجوز بقرار من وزير العدل والشؤون الاسلامية والأوقاف إنشاء لجنة او اكثر وذلك في مقار المحاكم الابتدائية الاتحادية برئاسة احد القضاة وعضوية اثنين من اعضاء السلطة القضائية او من ذوي الخبرة المشهود لهم بالحياد والنزاهة . ومهمة هذه اللجنة هي تسوية المنازعات المدنية والتجارية أيا كانت قيمتها وكذلك المنازعات غير المقدرة القيمة بطريق الصلح ، ويكون لها في سبيل اداء عملها حق الاطلاع على الأوراق والمستندات والسجلات وسائر الادلة واتخاذ ما تراه مناسبا دون التقيد بقانون الاجراءات المدنية وقانون المحاماة ومواعيد الدوام الرسمي (المادة الثانية). وقد اوجبت المادة الثالثة من هذا القانون على المحاكم الابتدائية الاتحادية التي انشئ فيها لجان التوفيق والمصالحة عدم قيد أي من الدعاوى التي تدخل في اختصاص لجنة التوفيق والمصالحة الا اذا اقدم لها من ذوي المصلحة إفادة من ال من نظرها امام القضاء. ولكل ذي مصلحة ان

اللجنة بعدم الممانعة يبدي كتابة الى لجنة التوفيق والمصالحة المختصة عدم رغبته في وفي هذه الحالة على اللجنة ان تعطيه حل نزاعه مع خصمه صلحا إفادة بعدم الممانعة المقررة لعدم سماع الدعاوى ومدد مرور الزمن (التقادم) المنصوص عليها بالقوانين السارية في الدولة من تاريخ قيد النزاع امام لجنة التوفيق والمصالحة وهو ما يتفق مع القواعد العامة في الموضوع على ما سنرى. هذا وقد نظم القانون الاماراتي رقم ١٩٩٩/٢٦ الاجراءات التي تتبعها اللجنة والمهل الممنوحة لها لحل النزاع وانهائه والرسوم المتوجبة وموانع المصالحة.

من نظر نزاعه امام القضاء. وتتوقف المهل وفي نفس سياق هذا القانون اصدر المشترع الاردني القانون رقم ١٢ لسنة ٢٠٠٦ بعنوان «قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية» الذي حل محل قانون الوساطة لتسوية النزاعات المدنية المؤقت رقم ٣٧ لسنة ۲۰۰۳ تاریخ ۱۰ نيسان سنة ٢٠٠٣. وقد نص قانون سنة ٢٠٠٦ في مادته الثانية على ما يأتي:

أ - تحدث في مقر محكمة البداية ادارة قضائية تسمى (ادارة الوساطة) وتشكل من عدد من قضاة البداية والصلح يسمون (قضاة الوساطة) يختارهم رئيس محكمة البداية للمدة التي يحددها ويختار من بين موظفي المحكمة العدد اللازم لهذه الادارة.

ب - يحدد وزير العدل محاكم البداية التي تحدث فيها هذه الادارة

ج - لرئيس المجلس القضائي بتنسيب من وزير العدل تسمية (وسطاء خصوصيين) يختارهم من بين القضاة المتقاعدي والمحامين المهنيين وغيرهم من ذوي الخبرة المشهود لهم بالحيدة والنزاهة ولقاضي ادارة الدعوى او قاضي الصلح وبعد الاجتماع بالخصوم أو وكلائهم القانونيين احالة النزاع بناء على طلب اطراف الدعوى أو بعد موافقتهم الى قاضي الوساطة أو إلى وسيط خاص لتسوية النزاع وديا وفي جميع الأحوال يراعي القاضي عند تسمية الوسيط اتفاق الطرفين ما أمكن كما ان لاطراف الدعوى بموافقة قاضي ادارة الدعوى او قاضي الصلح الاتفاق على حد النزاع بالوساطة وذلك باحالته الى شخص يرونه مناسبا، وفي هذه الحالة يحدد الوسيط اتعابه بالاتفاق مع اطراف النزاع، وفي حال تسوية النزاع وديا يسترد المدعي الرسوم القضائية التي دفعها ، وذلك في محاولة من المشترع على التشجيع والحث على الوساطة (المادة الثالثة). وقد نظم هذا القانون الاجراءات التى تعتمد من فاضي الوساطة او من الوسيط الخاص عند احالة النزاع الى أي منهما، وانعقاد جلسات الوساطة وحضور اطراف النزاع مع وكلائهم القانونيين او حضور الوكلاء القانونيين حسب مقتضى الحال، وموعد ومكان الانعقاد والتبليغ من الفرقاء، واجتماع الوسيط ايا كانت جهته باطراف النزاع ووكلائهم والتداول معهم بموضوع النزاع وطلباتهم ودفوعهم وله الانفراد بكل طرف على حدة. ويتخذ ما يراه مناسبا لتقريب وجهات النظر بهدف الوصول الى حل ودي للنزاع. ويمكنه لهذه الغاية ابداء رأيه وتقديم الادلة وعرض الاسانيد القانونية والسوابق القضائية وغيرها من الاجراءات التي تسهل اعمال الوساطة. المواد ٣ الى ٦ ضمنا . كما حدد هذا القانون النتائج التي اليها والوساطة ومدتها (ثلاثة اشهر من تاريخ النزاع اليه) وسريتها وعدم جواز الاحتجاج بها او بما تم فيها من تنازلات من اطراف النزاع امام أي محكمة أو أي جهة كانت، وكذلك عدم الجواز لقاضي الوساطة تحت طائلة البطلان النظر في موضوع الدعوى التي سبق واحيلت اليه للوساطة). وقد عالج القانون السوداني موضوع الصلح تحت مصطلح التوفيق في المواد ١٣٩  فقرتها الثانية والثالثة والمادة ١٤١ فقراتها الثالثة الى الخامسة من قانون الاجراءات المدنية جاء في الأولى يحال الأمر للتوفيق اما بواسطة القاضي او بناء على طلب الاطراف اذا رأى القاضي ان الدعوى لسبب موضوعها او علاقة اطرافها صالحة للتوفيق فيجوز له ان يقوم بالتوفيق بين الأطراف بنفسه او ان يعين لهذا الغرض موفقين وفق الأحكام الواردة فيما بعد .

وجاء في الثانية:

«اذا لم يقرر القاضي التوفيق بين الخصوم بنفسه يختار كل طرف موفقا واحدا او اثنين تتم اجراءات التوفيق بالطريقة التي يراها الموفقون عادلا ومناسبا في مدة لا تزيد عن شهر من تاريخ الاحالة .

هذا وقد احال ملك دولة البحرين بالمرسوم الملكي رقم ٢٤ لسنة ۲۰۰۹ على المحكمة الدستورية مشروع القانون الذي احاله رئيس مجلس الوزراء بشأن الوساطة لتسوية المنازعات، والمرافق للمرسوم الملكي رقم ۸٦ لسنة ،۲۰۰۸ على المجلس النيابي بعد اقراره من هذا المجلس وكذلك من مجلس الشورى. ويهدف هذا المشروع الذي يتألف من /٢٦/ مادة الى تنظيم الوساطة لتسوية المنازعات دون حاجة للجوء الى اجراءات التقاضي ولتخفيف العبء عن القضاء وسر عة الفصل في المنازعات مع بسريتها وخاصة في مسائل الاحوال الشخصية. وقد حدد المشروع نطاق تطبيق الوساطة بالمنازعات التجارية والمدنية ومسائل الاحوال الشخصية (المادة) ۲) من المشروع و أوكل مهمة الوساطة الى وسطاء داخليين من اعضاء السلطة القضائية او من الباحثين القانونيين العاملين بوزارة العدل والشؤون الاسلامية، ووسطاء خارجيين من غير هؤلاء كالقضاة المتقاعدين والمحامين والمهنيين. وقد تضمن المشروع قواعد اختيار الوسطاء الداخليين وتسجيل الوسطاء الخارجيين والشروط الواجب توافرها فيهم مبينا آلية تحديد ميعاد بدء الوساطة وتسمية الوسيط وواجباته واجراءات الوساطة وسريتها وانتهائها وتنفيذها، بالاضافة الى الأحكام المتعلقة بأتعاب ومصاريف الوسيط الخارجي وكيفية تنفيذ اتفاق التسوية وتأديب هؤلاء الوسطاء والعقوبات المترتبة على مخالفة احكامه. وقد خصص المشروع المادة الأولى منه لوضع التعاريف لكافة المصطلحات الواردة في مواده. فالوساطة حسب هذه المادة كل عملية يطلب فيها اطراف من شخص آخر يسمى الوسيط مساعدتهم في سعيهم الى التوصل الى تسوية في نزاع قائم بينهم". والوسيط هو شخص طبيعي او أكثر يعهد اليه أطراف النزاع بالوساطة لتسوية النزاع في ما بينهم، والأطراف هم كل من قبل ان يكون طرفا في الوساطة سواء كان شخصا طبيعيا او اعتباريا».

ان ما يلاحظ في هذا المجال هو التناقض بين ا التشريع والواقع في لبنان - ففي مقابل الهدوء الذي تتسم به ساحة التشريع في لبنان

هنالك حركة تضيح بها ساحة الواقع لذلك سنبحث في فقرتين :

- الانظمة البديلة للتقاضي: الواقع التشريعي اللبناني - الهدوء التشريعي - فقرة اولى)

 - الانظمة البديلة للتقاضي: الواقع العملي النشاط في الواقع - (فقرة ثانية)

- فقرة اولى الانظمة البديلة للتقاضي: الواقع التشريعي اللبناني 

- الهدوء التشريعي .

- كرس المشترع اللبناني التوفيق في قانون اصول المحاكمات المدنية كما نظمته قوانين خاصة في المجالات التي حددتها تلك القوانين ولكن بتسميات مختلفة كما سنرى.

نبذة اولى التوفيق في قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني اعتبرت المادة ٣٧٥ من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني التوفيق بين الخصوم من ضمن مهمة القاضي». وقد كان قانون اصول المحاكمات المدنية السابق الصادر في الأول من شهر شباط سنة ۱۹۳۳ بموجب المرسوم الاشتراعي رقم ۷۲ قد انشأ الى جانب المحكمة المدنية قاضيا فردا اطلق على تسميته قاضي الصلح وكان من الواجب عليه قبل الفصل في النزاع ان يسعى لزاما في مصالحة الخصوم، حتى اذا نجح في ذلك انشأ محضرا للمصالحة يوقع عليه الخصوم ويصدق عليه القاضي بتوقيعه، واعتبر هذا المحضر بمثابة حكم لا يقبل أي طعن (المادة ٣٧٤ منه) شأنه في ذلك شأن الاحكام التي تنتهي الى تدوين المصالحات التي تتم امام المحكمة او خارجها. الا ان نظام قاضي الصلح قد ألغي بالتنظيم القضائي الصادر في سنة ١٩٥٠ كما ظل ملغى في التنظيم القضائي الصادر في سنة ١٩٦١ وأعطي القاضي بدلا عنه في قانون اصول المحاكمات النافذ صلاحية التوفيق بين الخصوم على ان تبقى هذه الصلاحية في إطار الامكانية وحق للقاضي باللجوء اليها دون الزام. الملاحظ ايضا تشديد هذا القانون على هذه الصلاحية والحق بدليل ذكره لها في أكثر من نص ولكن دون ان ينظم القانون شروطها واجراءاتها وآثارها الا ان ما يطبع هذه المهمة هو ما يأتي:

اولا انها قضائية ، تتم في اطار دعوى مرفوعة امام القضاء وليس خارجها. ذلك لا يعني بأنه ليس للخصوم في اثناء السير في الدعوى ان يتفقوا على التفاوض او الاستعانة بشخص ثالث او اكثر فالمسألة تعود لخيارهم وحسن ادارتهم لمصالحهم في المسائل التي يملكون حرية التصرف او مؤسسة تتولى الوساطة والتوفيق بينهم. بها. فكما للخصوم بصراحة المادة ٧٦٧ من قانون اصول المحاكمات المدنية الاتفاق على حل النزاع بطريق التحكيم ولو كان موضوعا لدعوى امام القضاء، كذلك لهم ومن باب اولى اللجوء الى التوفيق خارج القضاء لحل خلافهم المعروض عليه. وفي هذا الاطار أعدت اللجنة الفرعية المنياقة من لجنة توحيد وتحديث القوانين المكونة بقرار وزير العدل البرفيسور ابراهيم نجار مشروع قانون مشروع قانون للوساطة القضائية بتاريخ ١٥ حزيران سنة ۲۰۰۹، وقد كرس هذا المشروع في مادته الثانية ما تقدم، جاء فيها: ربع الاحتفاظ بتطبيق احكام المادلين ٣٧٥ و ٤٦٠ من اصول المحاكمات المدنية (التوفيق القضائي المباشر) يجوز للقاضي او للمحكمة الناظرة في النزاع من تلقاء نفسها أو بناء على طلب احد الأطراف، ان تعرض حل النزاع من طريق الوساطة، وفي حال موافقة كل فرقاء النزاع على ذلك او في حال وجود اتفاق خطي بينهم على اعتماد الوساطة، يجب على المحكمة ان تتوقف مؤقتا من النظر بالدعوى وتقرر إحالة النزاع على الوساطة وتسمي لهم وسيطا ...

ثانيا: أن هذه المهمة تصح في أي مرحلة تكون عليها الدعوى او المحاكمة ، وهو المادة الثانية من مشروع قانون الوساطة القضائية المشار اليه وهو الأمر الجائز أيضا امام محكمة التمييز بعد نقضها للقرار المطعون فيه وتصديها مباشرة لأساس النزاع إذ أن المحكمة تطبق في هذه الحالة الاصول المتبعة لدى محكمة الاستئناف المادة ٧٣٤ أ.م.م. ل . ومنها القواعد والاصول التي تتبع لدى محكمة الدرجة الأولى بما يتعلق صراحة بتبادل اللوائح والمهل والتبليغ واجراءات المحاكمة واصدار الاحكام (المادة ٦٥٧ أ.م.م. ل .) ، وضمنا السعي للتوفيق بين الخصوم. اذ أن المحكمة العليا ينحصر في ما قبل النقض في النظر في غرفة المذاكرة اولا بقبول الطعن شكلا وفي توافر اسباب النقض دون تجاوز (المادة ٧٣١ أ.م.م.ل.).

ثالثا: ان هذه المهمة كما تكون للمحكمة ككل كذلك تكون لأحد قضاتها المنتدب لتحضير القضية للمرافعة. وقد يكون هو رئيس المحكمة فقد نصت المادة ٤٥٦ من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني على ما يأتي في اليوم التالي لانتهاء مهل تقديم اللوائح، يجب على رئيس القلم او الكاتب ان يحيل الملف الى رئيس المحكمة الذي ينتدب أحد قضاتها للاطلاع عليه لأجل استكماله عند الاقتضاء وتحضير القضية للمرافعة في مهلة يحددها له وتكون قابلة للتمديد عند الحاجة. ويعود لرئيس المحكمة أن يباشر هذا العمل بنفسه يكون للرئيس او القاضي المنتدب، كما للقاضي المنفرد ، بعد الاطلاع على الملف، اتخاذ التدابير التي يراها مناسبة للغاية المذكورة. فله أن يكلف الخصوم تقديم الايضاحات اللازمة في الواقع او القانون بشأن ادعاءاتهم او مدافعاتهم وإبراز المستندات التي اسندوها اليها، مراعيا حقهم في مناقشة أية مستندات أو أوراق جديدة تقدم اليه. ويمكنه أيضا الاستماع الى الخصوم سعيا الى التوفيق والصلح بينهم وذلك بحضور وكلائهم المحامين او بدون حضورهم وفقا لطلب الخصوم. وفي جميع ) الحالات المتقدمة فإنه يحدد مهلة لتنفيذ القرار الذي يتخذه وينبه الخصوم الى انه في حال عدم تنفيذ هذا القرار ما أكدته القضية بحالتها ان هذا النص قد عزز بما أوجبنه المادة ن قانون اصول المحاكمات المدنية المذكور، جاء فيها: على الاثبات التي يتمسك بها في صدد كل واقعة بدعبها وهوه المحاكمة بأن يدلي في وقت واحد بجميع وسائل المادتان ٤٤٤ فقرتيها الثالثة والرابعة و ٤٤٥ فقرتها الثالثة وكل ذلك يعبر عن ارادة تشريعية في اختصار اجراءات الدعوى المدنية على النحو الذي نصت عليه بعض القوانين العربية تحت تسمية ادارة الدعوى المدنية والوساطة . وقد اضافت الفقرة الأخيرة من المادة الثانية من مشروع قانون الوساطة القضائية نصا يجيز للقاضي او للمحكمة اثناء فترة الوساطة اتخاذ كل التدابير التي تراها ضرورية نطاق التحكيم.

رابعا: ان هذه المهمة هي أوسع مدى من للصلح والتي تنشأ . فالمادة ٧٦٢ من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني قد حددت المواد القابلة للتحكيم بالمنازعات المدنية والتجارية القابلة عن صحة هذا العقد أو تفسيره او تنفيذه، بينما ليس من تحديد مماثل في المواد التي نصت على التوفيق من ذات القانون. فالكثير من المسائل غير القابلة للتحكيم هي قابلة للتوفيق، من ذلك ان البند التحكيمي الباطل في عقود التمثيل التجاري او في مسائل الطلاق والاحوال الشخصية . فقط تبقى المسائل التي لا يحق للقضاء استماعها خارجة عن نطاق التوفيق القضائي، كما في شان دين المقامرة (المادة ١٠٢٤ من قانون الموجبات والعقود التي شأن في دین منعت حق المداعاة المقامرة او اداء بدل المراهنة) أو الانسان وسلامته الشخصية التي اعتبرها العقود التي تقع على جسم | المشترع على انها فوق كل اتفاق (المادة ١٣٩ من قانون الموجبات والعقود والاتفاقات التي تخالف النظام العام الحقيقي والموصوف، المخدرات ... كالتي تقوم على الرشوة والفساد والاتجار بالاشخاص او المخدرات.

خامسا: ان هذه المهمة قد تكون توفيقا جزئيا على بعض النقاط الدعوى، أو توفيقا كليا تشتمل على كل نقاط الخلاف المعروضة في الدعوى . المادة) ٤٦٠) فقرتها الثانية أ.م.م.ل. والمادة الثانية فقرة ب من مشروع قانون الوساطة القضائية).

سادسا: ان هذه المهمة قضائية، فهذه الآلية (التوفيق) تحرك اما من المحكمة او من رئيسها او القاضي المنتدب بمبادرة مباشرة لإدارتها او من القاضي المنفرد واما بناء على طلب الخصوم او احدهم، ولا تجري خارج المحكمة وانما في مكتب رئيسها او القاضي المنتدب او المنفرد وينظم محضر رسمي يثبت حصولها. وعند توصل الفرقاء الى مصالحة بنتيجتها، كلية أو جزئية، فانها تثبت في محضر المحاكمة بعد اخذ توقيع الفرقاء عليه ويصدر قرارا بالتصديق على المصالحة قابلا للتنفيذ . كما يثبت فشل المصالحة في ذلك المحضر أيضا. فقد نصت المادة ٤٦٠ من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني على ان الرئيس المحكمة او من ينتدبه فضائها، كما للقاضي المنفرد ان يدعو الفريقين المتخاصمين الى مكتبه وان يسعى للتوفيق بينهما، فإذا اتفقا على مصالحة ولو جزئية نظم محضرا يثبتها وأخذ توقيعهما عليه وأصدر قرارا بالتصديق على هذه المصالحة يكون قابلا للتنفيذ، وفي حال رفض المصالحة ينظم محضرا يثبت هذا الرفض.

وهنا تبرز اوجه الاختلاف بين نصوص قانون أصول المحاكمات المدنية في التوفيق وبين ما تضمنه مشروع قانون الوساطة القضائية المشار اليه بوضعه اجراءات موسعة على الوسيط المحكمة مراعاتها. فعلى هذا الأخير فور تبلغه القرار المعين من بتعيينه ان يبلغ المحكمة خطيا بموافقته على القيام بالمهمة الموكلة اليه وذلك بموجب كتاب يؤكد فيه التزامه بمبدأ الاستقلال والحياد عن فرقاء النزاع والسرية ومن ثم يدعو الفرقاء للبدء بجلسات الوساطة. ويعمل الوسيط على تحفيز وادارة الحوار بين اطراف النزاع ضمن الاستقلال والحياد والاحترام المتبادل فيما بينهم. وهو بسلطة التحقيق، ولكنه لضرورات الوساطة وبموافقة كل يتمتع الأطراف يجوز له الاستماع الى الأشخاص الثالثين برضاهم على ان يطلع الوسيط المحكمة التي كلفته على الصعوبات التي تعترضه خلال تأديته لمهمته المادة (٦) ويبقى من حق المحكمة وفي أي وقت بناء على طلب الوسيط او احد الأطراف ان تضع حدا للوساطة كما يعود لها ان تقرر تلقائيا انتهاءها عندما يتبين لها ان الوساطة سیر لا يتم بشكل سليم (المادة ۷ فقرة (أ). وفي مطلق الأحوال يجب ان لا تتعدى مدة الوساطة الثلاثة اشهر اعتبارا من تاريخ ابلاغ الوسيط المهمة على ان تكون قابلة للتجديد مرة واحدة بموجب قرار قضائي بناء على طلب الوسيط وموافقة كل الفرقاء عليه (المادة ۳ فقرة ج). وعلى الوسيط، بانقضاء المدة المقررة للوساطة، ان يبلغ المحكمة خطيا بنتيجته او ما اذا كان الأطراف قد توصلوا ام لا الى اتفاق كلي او جزئي حول النزاع وتعود الدعوى مجددا الى جدول المرافعات (المادة ٧ فقرة (ب) وتصادق المحكمة على الاتفاق عند حصوله وبناء على طلب الأطراف وتعطيه الصيغة التنفيذية على ان يجري البت بطلب المصادقة بالصورة الرجائية (المادة (۸) . اما القرارات باللجوء الى الوساطة او وقفها او تمديدها فلا تخضع الى أي طريق من طرق المراجعة العادية وغير العادية المادة (١٢).

سابعا: ان دور القاضي في هذه المهمة التي نصت عليها تلك المواد من قانون اصول المحاكمات المدنية يتحدد بالاستماع الى الفريقين والسعي للتوفيق بينهما دون ان يكون له أي دور آخر، فهو يمارس دور الموفق ولكن كقاض يحافظ على ما يلتزم به في ممارسة مهمته الفضائية من تجرد وحياد وعدم تدخل بأي شكل من الاشكال في القضية ، فلا يملك سوى ادارة جلسات التوفيق التي يدعو اليها في مكتبه دون ان يكون من حقه تقديم أي اقتراح أو إبداء أي رأي او وجهة نظر او ما شاكل والا لوجب عليه التنحي او التعرض لطلب الرد من أي من الخصوم المواد ۱۲۰ و ۱۲۱ أصول محاكمات مدنية).

ثامنا: ان مهمة التوفيق كما هي للقاضي هل تكون ايضا للمحكم؟

الاجابة هي بالنفي الا اذا اعطيت له في اتفاق التحكيم بندا تحكيميا كان ام عقدا تحكيميا فالمحكم يلتزم المهمة التي اختارها له فرقاء النزاع، وهي مهمة تحكيمية تلزم المحكم بفصل النقاط النزاعية المحددة في وثيقة المهمة التي يتفق عليها الفرقاء في الجلسة التمهيدية التي يعقدها المحكم وليست هي مهمة توفيقية او وساطة. ان اهمية وجود بند التوفيق بين الخصوم، قضاء او اتفاقا، تكمن في انها تجعل من هذه الآلية الزامية لهم ، وان كان المتقاضون لا يلزمون بنتيجتها. فاللجوء الى التوفيق في هذا الطرح هو موجب نتيجة فيسأل من يتخلف عن تحقيقه حكما بالتعويض تعاقديا عن كل ضرر يتسبب به هذا التخلف. اما نتائج التوفيق فهي لا تلزم أي من الفرقاء شرط ان يتصرف هؤلاء في مرحلة التوفيق وخلال اجراءاته باستقامة وحسن نية إعمالا للقواعد العامة في التعامل. ففي قرار مبدئي لها وضعت الغرفة المختلطة لدى محكمة التمييز الفرنسية ) حدا للاختلاف الذي كان قائما بين الغرفتين المدنيتين الاولى والثانية  حول مسألة مدى الزامية بنود الوساطة وخاصة البنود المركبة التي تتضمن في آن واحد المفاوضة اولا ومن ثم التوفيق والوساطة ثانيا في حال فشل المفاوضات وبعد ذلك اللجوء الى التحكيم عندما لا يؤدي التوفيق والوساطة الى نتيجة. فقد قضت تلك الغرفة بان البند الذي يتضمن النص على اجراءات التوفيق الالزامي والمسبق على الدعوى وانعقاد النزاع قضائيا يشكل سببا لعدم قبول الدعوى عندما يثير احد الفرقاء إعمال ذلك البند وهنالك قرارات مشابهة صدرت عن المحكمة العليا في انكلترا القضاء الالماني . ولكن ومقاطعة ويلز. والامر هو من الملاحظ ان القضاء السويسري هو متحفظ في المسألة، فقد ذاته في قضت المحكمة الاتحادية السويسرية بتاريخ ٦ حزيران سنة ۲۰۰۷ بأن الصفة الالزامية للتوفيق الذي نص عليه ذلك البند ليست واضحة في القضية، ويبدو من تحليل القرارات المشار اليها بأن القاضي يعتمد في كل قضية على تحليل صياغة بنود التوفيق والوساطة للوقوف على نية الفرقاء ومدى اعتبارهم بأن آلية التوفيق هي مرحلة جوهرية ملزمة لهم وللقضاء قبل العبور الى مرحلة التنازع والعودة الى الطرق الاساسية في التقاضي، فدور القاضي هو اعلاني لهذه الجهة ، فهو يكتفي باشهار الصفة الالزامية للتوفيق عندما يعكس البند التعاقدي هذه الصفة او الصفة غير الالزامية عنها بوضوح في ذلك البند، بما ينتفي معه كل تعارض عندما لا يعبر في المواقف القضائية المشار اليها.

باختصار: ان الصفة الالزامية باللجوء الى التوفيق انما تصدر عن الصفة الالزامية للبند الوارد في الاتفاق الاساسي او بالعقد الذي ينشأ بعد ذلك عملا بأحكام المادة ٢٢١ من قانون الموجبات والعقود التي تنص على القوة الملزمة للعقود. والموجب الناشئ عن مشارطة التوفيق هو موجب ايجابي يفرض القيام بعمل وهو بأنه يعود الى كل من طرفي النزاع ان يعقد الاختصاص للموفق المتفق عليه في البند او العقد وبأن يساعد وفقا لقواعد الاستقامة في التعامل على انجاح هذه الآلية وفق ما يقتضيه مبدأ حسن النية في العقود. كما ان هذا الموجب هو من جهة أولى، موجب نتيجة، اذا كان اللجوء الى التوفيق، وهو من جهة ثانية، موجب بذل الموضوع عناية، اذا كان الموضوع نجاح التوفيق وتوصل الفرقاء الى تسوية. فهم اذا كانوا ملزمين باعتماد هذه الآلية قبل اللجوء الى القضاء في الحالة التي يتمسك فيها احدهم بمشارطة التوفيق، الا انهم غير ملزمين بنتيجة التوصل الى حل او تسوية حبية للنزاع، شرط عدم ارتكابهم أي خطأ يتحملون تبعته عندما يتولد عنه ضرر ما وفق القواعد العامة في المسؤولية. فاذا كان من حق المتعاقد ان يقطع اجراءات التوفيق، فانه، وكما في حقه قطع المفاوضات، يبقى محكوما بقواعد حسن النية وعدم الخروج عن الغرض الذي اعطي من اجله هذا الحق  (المادة) ۱۲٤) من قانون الموجبات والعقود اللبناني). ولكن ما هي الوسيلة التي يمكن اعتمادها لتنفيذ هذا الموجب موجب اللجوء الى التوفيق؟ يجيب البروفسور الحاج شاهين على ذلك، بانها وسيلة التنفيذ العيني التي نصت عليها المادة قانون الموجبات والعقود المشار اليه. فالمبدأ، حسب النص هو ان توفى الموجبات عينا اذا ان للدائن حقا في استيفاء موضوع الموجب بالذات . ولكن كيف يمكن تحقيق التنفيذ العيني لهذا الموجب ؟ والجواب على ذلك هو ايضا وقال الأسير الحاج شاهين يعود الى الاجراءات المدنية، وهو يعرض السيناريو الأتى : احد الأطراف، وقبل عرض النزاع على الموت التي اقيمت عليه بوجود بند توفیق ملزم للفريقين . يستحضر الفريق الأخر امام القضاء يدفع المدعى عليه في " امامه بهذا البند عليه ان يعلن عدم قبوله للدعوى، فيلم اذن بهذا الاعلان القضائي بعدم قبول الدعوى ال باللجوء أولا إلى الموتر يدفع التنفيذ العيني المحكمة، اذ ان الفرقاء يصبحون ملزمين وهذا الدفع المدلى به امام المحكمة هو دفع بعدم قبول الدعوى وهو وان لم تذكره المادة ٦٢ من قانون اصول المحاكمات المدم مراحة المقابل للمادة ۱۲۲ من قانون اصول المحاكماتر المدنية الفرنسي، الا ان ما ذكر في ذلك النص كان على سبيل المثال لا الحصر.

نبذة ثانية: التوفيق في النصوص القانونية الخاصة

وهو ما يبرز ف ثلاثة صور : الاولى التوفيق القضائي  و الثانية هي التوفيق الاداري والثالثة التوفيق الفني، ما يبرز فى ثلاثة صور الأولى هي التوفيق الفضائي المشترع قد اعتمد بشأن هذه الصور تسميات مختلفة. الصورة الاولى – التوفيق القضائي – كرسها المشترع في قانوا تنظيم القضاء الشرعي السني والجعفري تاريخ ١٦ تموز سنة ٩٦٢ في دعاوى التفريق بين الزوجين الخاضعين للقضاء الشرعي السني تحت عنوان «في التحكيم في دعاوى التفريق». فقد نصت الماء من ذلك القانون على أنه لكل من الزوجين ان يطلب التفريق بسبب الضرر الناشئ عن الشقاق او سوء العشرة كالضرب والسب والاكراه على المحرم او تعاطي المحرم». كما نصت المادة ۳۳۸ من ذلك القانون على ان للقاضي - في هذه الحالة - بعد ثبوت الضرا يسعى للاصلاح بين الزوجين ويمهل الفريقين للمصالحة مدة | تقل عن شهر . فاذا لم يتم الصلح عين القاضي حكمين حائزين على الصفات المطلوبة شرعا من اهل الزوجين او حكمين من غير اهلهم اهل احدهما من يصلح. ممن يرى فيهم القدرة على الاصلاح بينهما اذا لم يجد من اهلهما أو حكما من المحكمين المدونة اسماءهم على الجدول الذي تنظمه كل من المحكمتين الشرعيتين العلتين السنيا والجعفرية باسماء المحكمين في دعاوى النزاع والشقاق (الماد ذلك القانون. وقد نظمت المواد ۳۳۸ وما يليه الاجراءات التي على الحكمين اتباعها في اصلاح ذات البين بين الزوجين. فعلى المحكمين ان يتعرفا بدقة اسباب الشقاق بين الزوجين وان يطلعا على ملف الدعوى ودفوعات الطرفين و مستنداتهما وان يجمعا الزوجين في مجلس عائلي يحاولان فيه جهد طاقتهما اصلاح ذات بينهما فاذا نجحا في الصلح تقريرا ورفعاه الى القاضي المادة (۳۳۹) . والمجلس العائلي لا يحضره الا الزوجان والحكمان ومن يرى الحكمان فائدة بحضوره . وان ما سماه القانون التحكيم»، والذي ليس هو في واقعه سوى صورة من صور التوفيق القضائى ، لا يتأثر بامتناع احد الزوجين عن حضور المجلس العائلي بعد ابلاغه موعد اجتماع المجلس ومكانه للمرة الثانية بل يستمر الحكمان) (أي الموفقان) في مهمتهما بالرغم من هذا الغياب.

وكل ذلك تيمنا بالآية القرآنية الكريمة رقم ٣٤ من سورة النساء وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما . أهله وحكما من أهلها أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا.

وإذا عجز الحكمان) الموفقان عن الصلح يرفعان الامر الى القاضي بتقرير مفصل ترفق به محاضر الجلسات يعرضان فيه وجهة نظرهما ومقترحاتهما بالتفريق على ضوء ثبوت الاساءة على أي الزوجين. واذا اختلف الحكمان بالرأي يرفعان الامر الى القاضي فيحكم غيرهما او يضم اليهما حكما ثالثا يكون مرجحا من غير اهلهما على ان يحلفه القاضي اليمين، ويخبر الحكمين بذلك وعلى هيئة التحكيم هذه ان تعقد المجلس العائلي من جديد وتقدم مقترحاتها ضمن المهلة المحددة من القاضي.

وعلى الرغم من ان المادة ٣٤٦ من ذلك القانون قد نصت على انه لا تسري احكام المواد السابقة من هذا الفصل على القضاء الشرعي الجعفري الا ان هذا القضاء لم يتوان عن محاولة التوفيق بين الزوجين، اما مباشرة بجمعهما في مجلس القاضي وذلك تطبيقا للقاعدة العامة المنصوص عليها في المادة ٣٧٥ من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني، إذ ان عدم السريان الذي نصت عليه المادة ٣٤٦ المذكورة لا يتعلق بقاعدة التوفيق والسعي الى المصالحة، فتلك من مهمات كل ،قاض وانما ما قصدته تلك المادة من منع هو الاجراءات والتفاصيل والنتائج التي رتبتها تلك المواد. الصورة الثانية - التوفيق الاداري - وهي تبرز من خلال ثلاثة قوانين القانون الاول هو قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم الصادر في ٢ أيلول (سبتمبر) سنة ١٩٦٤ . القانون الثاني هو قانون حماية المستهلك رقم ٦٥٩ تاريخ ٤ شباط (فبراير) الذي خصص فصلا في حل النزاعات هو الفصل الرابع عشر، واهم وسائل الحل التي كرسها ذلك القانون تحت اولا هي الوساطة. والموفق الوسيط المنصوص عنه في القانونين هو موفق غير عادي، مهمته لا تنحصر وحسب في السعي للتوفيق بين الاطراف، وانما ايضا تقديم الاقتراحات غير الملزمة لهم، ولعل هذا الدور المتقدم للموفق ما حمل المشترع على استعمال مصطلح الوساطة والوسيط والتى لا تعدو ان تكون شكلا من أشكال التوفيق كما سبق  إذ بينا في القانون الأول - قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم - وكما تدل تسميته أخضعت جميع نزاعات عقود العمل الجماعية للوساطة وأصولها المادة (٣٠) والغاية منها هي محاولة التوفيق بين طرفي النزاع (المادة (۳۱). وقد حدد هذا القانون الجهة التي تتولى عملية الوساطة واجراءاتها وآثارها . فقد نصت المادة ٣٢ من القانون على انه يقوم بدور الوسيط رئيس مصلحة العمل والعلاقات المهنية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية او من ينتدبه ، وفي حال غيابه من ينوب عنه حسب الانظمة المرعية او من ينتدبه المدير العام لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية». اما الاجراءات فهي تبدأ بانعقاد والوساطة (المواد ٣٣ الى ٣٦ منه) كما نظم هذا القانون الآلية التي تتم بها (المواد ٣٧ الى ٤٢ منه) والنتيجة التي قد تتمخض عنها المواد ٤٣ الى ٤٦ منه). ففي المرحلة الأولى يعود لأي من الطرفين في نزاع العمل الجماعي ان يبادر الى طلب الوساطة. وللمدير العام لوزارة العمل أن يأخذ هذه المبادرة اذا كانت الوزارة قد اعلمت عن وجود النزاع واستنكف الطرفان عن طلب الوساطة. ويعرض النزاع على الوسيط بموجب | استدعاء خطي يقدم مقابل ايصال الى وزارة العمل. وعلى الوسيط خلال اربع وعشرين ساعة من ايداع الاستدعاء أن يوجه الى المتنازعين دعوة مكان للاجتماع في خلال مهلة أقصاها اسبوع ولا يشترط في معین الدعوة أو تبليغها صيغة معينة. اما اذا كان الطلب بعرض النزاع على الوساطة قد قدم من المدير العام لوزارة العمل، فعلى الوسيط عند يوجه ورقة دعوة بموجب كتاب مضمون مع إشعار ذلك أن بالوصول الى ممثل كل طرف في النزاع. في المرحلة الثانية، يجب ان يكون كل طرف في النزاع حاضرا او ممثلا في جميع اطوار الوساطة ويعود للوسيط التحقق من صحة التمثيل بجميع الوسائل. ويقدم كل من طرفي النزاع الى الوسيط في جميع اطوار الوساطة ملاحظاته والمذكرات والمستندات التي يراها ضرورية على ان يبلغ صورا عنها الى الطرف الآخر. وللوسيط ان يستعين بمن يشاء التحقيقات التي يراها لمساعدته في اداء مهمته وله ان يجري ضرورية في محاولته حل النزاع وعلى الفرقاء تقديم المعلومات التي يطلبها الوسيط اليه.

والمهم في هذه الآلية هو ان الوسيط في تنفيذه لمهمته عليه أ يستمع الى وجهات نظر طرفي النزاع وأن يدقق في الملاحظات والمذكرات والمستندات وأن يقدم لهما بالنتيجة المقترحات والحلول التي يراها مناسبة، وفي ذلك خطوة متقدمة وايجابية نحو المساهمة، ليس وحسب في تقريب وجهات النظر وتدوير الزوايا بالتركيز على نقاط الاختلاف والعمل على اختصارها بالتوافق بين الاطراف، وانما للوسيط إضافة الى ذلك ان يقدم المقترحات الضرورية، والتي تبقى بالطبع في اطار الاقتراحات التي لا تلزم أي من الفرقاء والا لتحولت الوساطة الى تحكيم، فالاقتراح عندما يكون ملزما لا يكون اقتراحا وانما قرارا قضائيا له ابعاده القانونية والعملية. وهنا وجه الاختلاف الاساسي بين هذه الوساطة التي نظمها هذا القانون وبين التوفيق الذي نصت عليه المواد المعنية في قانون اصول المحاكمات المدنية والتي سبق عرضها، وكما بين هذه الوساطة والتحكيم باشكاله المختلفة والذي نظمته احكام المواد ٧٦٢ الى ٨٢١ من قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني. المرحلة الثالثة وهي تتمثل بالنتائج التي قد تسفر عنها هذه الوساطة، وتكون في احدى صورتين: الأولى ان تتوصل الوساطة الى حل كلي او جزئي للنزاع يرضى عنه الطرفان، فيدون الاتفاق في المحضر ويوقعه الوسيط واصحاب العلاقة ويكون بمثابة عقد ملزم لهم يخضعون لاحكامه الثانية أن تفشل الوساطة في الوصول الى ذلك الحل، فتنتهي الوساطة ويجب عند ذلك ان يسوى النزاع بواسطة اللجنة التحكيمية المنصوص عنها في المادة ٤٩ من والأمر يكون هو ذاته في حال الفشل الكلي او الجزئي للنزاع وذلك بالنسبة للجزء الذي لم يحل حبيا بين الفرقاء، وتكون احالة الملف الى اللجنة من الوسيط مباشرة في مهلة /٢٤/ ساعة تلي نهاية مرحلة الوساطة، وقد نظمت المادة ٤٨ من هذا القانون تاريخ بدء سريان هذه المهلة. وفي مطلق الاحوال على الوسيط وضع محضر يبين فيه ونتائج الوساطة، وقد ابقت المادة /٤/ من المرسوم مرسوم انشاء اللجنة بالنسبة للقانون.

كل ما تقدم . ۳۹۳۳ تاریخ ٢٣ شباط سنة ١٩٦٦ التحكيمية للفصل في الخلافات الناشئة عن تطبيق قانون الحد الادنى للأجور - على احكام الوساطة المنصوص عليها في قانون عقود العمل الجماعية والوساطة والتحكيم المشار اليه بالنسبة لنزاعات العمل الجماعية كما عرفت في ذلك القانون.

في القانون الثاني - قانون حماية المستهلك - اخضعت النزاعات الناشئة بين مستهلك أو محترف او مصنع والناتجة عن تطبيق او تفسير احكام هذا القانون والتي لا تتجاوز قيمتها ثلاثة ملايين ليرة لبنانية للوساطة وايضا كالقانون السابق بهدف محاولة التوفيق بين اطراف النزاع. اما في حال كانت القيمة تفوق ذلك المنازعات المنصوص عليها في المادة ٩٧ المبلغ او في حال فشل الوساطة فيعرض النزاع على لجنة حل من هذا القانون. وهنا تتماثل مع ايضا نظم هذا القانون عملية الوساطة في مختلف مراحلها، وبصورة ما ورد في قانون عقود العمل الجماعية المشار اليه مع الاختلاف لناحية التوسع او زيادة بعض التفاصيل. فالوسيط حسب هذا القانون يقوم بدوره موظف او اكثر في وزارة الاقتصاد والتجارة الفئة الثالثة وما فوق يعينون بقرار يصدر عن وزير الاقتصاد والتجارة بناء على اقتراح المدير العام المادة (۸۳)، ويعرض النزاع عليه بموجب استدعاء خطي من المستهلك او المحترف او المصنع. وعلى الوسيط ان يدعو الفرقاء المتنازعين الى جلسة خلال ثلاثة ايام تلي تاريخ تقديم الاستدعاء، ويحق للاطراف الاطلاع على كافة الأوراق والمستندات والدعوات لدى الوسيط. ويجب ان يكون كل طرف في النزاع حاضرا او ممثلا في جميع مراحل الوساطة. وعند غياب احد الاطراف عن الجلسة التي تبلغ موعدها اصولا فيدعى الى جلسة ثانية، وعند التخلف عن الحضور هذه المرة وكان مبلغا الموعد اصولا تختتم مرحلة الوساطة ويحيل الوسيط الملف الى لجنة حل النزاعات المنصوص عليها في المادة ٩٧ من هذا القانون المواد ٤ الى ٨٩، وللفرقاء تقديم ما يرونه من من تاريخ استلامها، وللوسيط ان يستعين بمن يشاء من والمذكرات والمستندات على ان تبلغ نسخا عنها خلال ثلاث اير ويجب انهاء مرحلة الوساطة خلال خمسة عشر يوما تسري اعتبار من تاريخ عقد اول جلسة، ويجوز تحديد هذه المهلة لمدة معاك باتفاق الطرفين او بناء لطلب الوسيط، وهنا كذلك كما في الوساط في عقود العمل الجماعية، يقدم الوسيط الحلول التي يقترحها في ضوء اقوال اطراف النزاع والمستندات التي تكون قد قدمت له يمنح بعدها الاطراف مهلة /٤٨ / ساعة لاتخاذ موقف منها، وهند الموافقة الكلية أو الجزئية على الحل يدون الاتفاق في المحضر موقعا عليه من الوسيط والاطراف ويكون ملزما لهم. وفي حال الفشل في الوساطة كليا أو جزئيا يحال الملف الى لجنة حل النزاعات المنصوص عنها في المادة ٩٧ من هذا القانون للفصل في النقاط التي بقيت موضع نزاع.

في القانون الثالث - قانون التجارة البحرية – نصت المادة ۱۳۹ منه على ان ما يثار من منازعات حول دفع الأجر وكل نزاع بوجه عام يقع بين ربان السفينة او مجهزها والملاحين يجب | ان يرفع بقصد محاولة تسويته للسلطة البحرية المكلفة بنظام الملاحة في مربط السفينة او في ميناء التفريغ واذا لم تتمكن هذه السلطة . التوفيق بين المتعاقدين فإنها تنظم محضر تدون فيه المنازعات التي أثارها المتعاقدان والمبالغ المدفوعة ويحول هذا الضبط بناء على طلبها للقاضي صاحب الصلاحية ولا تقبل اية دعوى امام القضاء ما لم تتم معاملة التسوية هذه».

الصورة الثالثة - التوفيق المهني - وهو الذي يتولاه في العادة اما مجلس النقابة او من يكلفه هذا المجلس واما النقيب. عن الحالة الاولى نصت المادة /۸۸/ من قانون المطبوعات الصارد في ١٤ أيلول (سبتمبر) سنة ١٩٦٢ فقرتها السادسة على ما يأتي: «يدخل في اختصاص مجلس النقابة ... تسوية المنازعات والخلافات التي تقع الاعضاء على ان تكون ناشئة عن ممارسة المهنة . ويكون تدخل المجلس بناء على طلب الطرفين المتنازعين او طلب احدهما او طلب احد اعضاء المجلس ذاته ولا يجوز لصحفي تحت طائلة الاحالة الى المجلس التأديبي ان يقدم شكوى ضد زميل له باللجوء الى القضاء في شؤون تتصل بالمهنة الا بعد إبلاغ الامر الى المجلس المحاولة التوفيق بينهما . وعن الحالة الثانية نصت المادة ٩٤ المعدلة وفقا للقانون رقم ٤٢ تاريخ ١٩ شباط (فبراير) سنة ١٩٩١ على ما يأتي: لا يحق للمحامي ان يقبل الوكالة بدعوى ضد زميل له او ان يقيم هو عليه دعوى شخصية قبل استحصاله على اذن من النقيب. يقدم طلب الإذن الى النقيب الذي يبت فيه اذا لم يستطع التوفيق بين المتنازعين في مهلة لا تتعدى الثلاثين يوما من تاريخ تسجيل الطلب في قلم النقابة. وفي حال انقضاء المهلة دون البت بالطلب يعتبر الإذن قائما عفوا .

الادارية التي تفترض للوصول اليها عملا توفيقيا الى جانب التوفيق بصوره المتقدمة هنالك ايضا المصالحات المتنازعة والطرف الآخر ذلك الملاحقات في المخالفات الجمركية ما نصت عليه المادة ٢٠ رقم ۴۲۸ تاریخ قانون المحاكمات الجزائية  سنة ۲۰۰۱ والمواد ٦٦ و ۳۸۳ والقسم المختص بالمصالحة في تلك الملاحقات والمواد ۳۸۵ الی ۳۸۷ من قانون الجمارك الصادر بالمرسوم رقم ٤٤٦١ تاريخ ١٥ كانون الأول سنة ٢٠٠٠ وكذلك فى المخالفات لقانون الغابات ما نصت ذلك القانون تاريخ ٧ كانون الثاني سنة ١٩٤٩ عليه المادة ١٣٢

. وفي حفل القانون العام سبق ان صدر في لبنان القرار رقم ٤١٧ تاريخ ۱۹ تشرین الثاني سنة ١٩٤١ وعنوانه اعطاء حق المصالحة للحارس القضائي العام على اموال الاعداء و الذي رخص في مادته الأولى لذلك الحارس ان يجري قبل او بعد الحكم مصالحة للمخالفين لاحكام القرار ۱۹۸ تاريخ ۱۰ ايلول سنة ١٩٤١ ، وهي تجري بينه وبين مرتكبي المخالفة وتكون من نتيجتها انهاء الدعوى المرفوعة بصورة قطعية. كما صدر في / ٤ / شباط (فبراير) سنة ۲۰۰۵ القانون رقم ٦٦٤ ، قانون وسيط الجمهورية الذي شخصية مستقلة لا تتلقى التعليمات من أي سلطة، وهو يتدخل ضمن الشروط المحددة في هذا القانون لتسهيل التعامل مع الادارة والمساعدة على حل الخلافات الناجمة عن هذا التعامل ، ويقصد بالادارة حسب هذا القانون أشخاص الحق العام واشخاص الحق الخاص الموكلة اليهم ادارة مرفق عام ، وقد حددت المواد /٥/ وما هذا القانون مهمات وسيط الجمهورية كالآتي: يليها من  تلقي الطلبات المقدمة من أي شخص طبيعي او معنوي، شرط ان يكون قد باشر بالمراجعات الادارية اللازمة ولم يحصل ثلاثة اشهر على النتيجة المتوخاة ولا تقبل لديه الطلبات بعد مرور المعروضة امام القضاء او العالقة امام الادارة والتي ترقى الى اكثر من سنة تسبق تعيين وسيط وفق احكام هذا القانون، وكذلك تنشأ الخلافات التي بین الادارة وبين العاملين لديها لا يقطع الطلب المقدم إلى الوسيط المهل القضائية ولكن يستمر عمل الوسيط بموازاة أية مراجعة ادارية او قضائية عائدة لنفس موضوع الطلب. ويعود للوسيط ان يتدخل عفوا او بناء لطلب من احد النواب في المجلس النيابي في المسائل التي تتعلق بالمصلحة العامة، كما أن للوسيط التدخل في مجريات دعوى عالقة امام السلطة القضائية او الطعن في صحة حكم قضائي. الا ان للوسيط في حال عدم تنفيذ حكم قضائي مبرم في مهلة معقولة دعوة الادارة المعنية الى الانصياع للحكم في مهلة معقولة يترك له امر تحديدها، واذا لم تقترن هذه الدعوة بأنه نتيجة، يصبح الامتناع عن تنفيذ الحكم القضائي موضوع تقرير خاص يرفع وفقا للاصول المحددة في المادة التاسعة من القانون وينشر في الجريدة الرسمية. ولوسيط الجمهورية تقدير جدية الطلب وقانونيته، وله ان يطلب من الادارة تقديم الايضاحات والتعليق على الطلب خلال مهلة يحددها وفقا لكل حالة. كما له ان يطلب تزويده بالوثائق والمستندات التي يراها ضرورية او التي ترتأي الادارة المختصة تزويده بها. ويعمل على معالجة كل من الطلبات التي وجهت اليه عن طريق تقريب وجهات النظر بين صاحب الطلب والادارة، وعقد اللقاءات بينهما لطرح الحلول الملائمة والتقدم من الادارة بالتوصيات التي يرى انها قد تؤدي الى معالجة الطلب المطروح امامه توخيا لتطبيق القانون، وعند غياب النص فوفقا لقواعد العدل والانصاف، كما يمكن لوسيط الجمهورية التقدم من الادارة المعنية بتوصيات من شانها تحسين سير العمل فيها وتطويره، كما يمكنه ان يوصي بتعديل النصوص القانونية والتنظيمية في حال رأى ان تطبيق بعض أحكامها من شأنه ان يؤدي الى حالات غير عادلة ومنصفة، كما : ا يعود له اعلام الهيئات الرقابية المختصة في معرض قيامه بمهامه عن كل ما يراه خطأ او تقصيرا او تقاعسا من الموظفين او العاملين او من الادارة المعنية وعن كل ما يتعلق بتحسين سير العمل وتقدمه، وعلى الادارة تسهيل مهمة وسيط الجمهورية واعطاء التوجيهات الى موظفيها والعاملين لديها مهما كانت فئاتهم لتقديم جميع المعلومات والايضاحات والمستندات المطلوبة منه وكذلك تسهيل مهمة الوسيط لجهة الاجتماع بهم او الاستماع اليهم ولا يمكن التذرع بوجهه بسرية المعلومات والمستندات باستثناء ما حظر القانون نشره منها او الاطلاع عليها او تداولها، وتلك التي تتعلق بالامن والدفاع الوطني. ويضع الوسيط أخيرا تقريرا سنويا وتقارير خاصة حول مواضيع قد يرفع نسخة عنها الى كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، وتنشر تقارير وسيط الجمهورية حكما في الجريدة الرسمية.

ووسيط الجمهورية كجهاز رقابي بامتياز يختلف جذريا عن اللجان الادارية التي تنص عليها بعض قوانين بعض الدول للتوفيق في منازعات تكون الوزرات والأشخاص هي الاعتبارية العامة طرفا فيها، من ذلك القانون المصري رقم 7 لسنة ٢٠٠٠ تاريخ ٤ نيسان سنة ٢٠٠٠ وموضوعه انشاء لجان التوفيق المشار اليها. فقد نصت المادة الاولى منه على انه ينشأ في كل وزارة او محافظة او هيئة عامة وغيرها من الاشخاص الاعتيادية العامة لجنة او اكثر، للتوفيق تنشأ في المنازعات المدنية والتجارية والادارية التي بین الجهات وبين العاملين بها او بينها وبين الافراد والاشخاص الاعتبارية الخاصة». وقد نصت المادة الثانية على كيفية تشكيل اللجنة، ونظمت المواد السادسة الى العاشرة الاجراءات المتبعة من اللجنة وتوصياتها في المنازعات التي تعرض عليها ومهل اصدارها وآثارها ان بالنسبة للاطراف او للمهل المتعلقة بالدعوى او الحق. اللجنة تعرض خلال سبعة ايام من تاريخ فاذا صدورها على السلطة المختصة والطرف الآخر في النزاع. فالتوصية المتخذة اعتمدتها السلطة المذكورة وقبلها الطرف الآخر كتابة خلال الخمسة عشر يوما التالية لحصول العرض قررت اللجنة اثبات ما تم الاتفاق عليه في محضر يوقع من الطرفين ويلحق بمحضرها وتكون له قوة السند التنفيذي ويبلغ الى السلطة المختصة لتنفيذه. اما اذا لم يقبل احد طرفي النزاع توصية اللجنة خلال المدة المذكورة او انقضت هذه المدة دون ان يبدي الطرفان او احدهما رأيه بالقبول او الرفض لم تصدر اللجنة توصيتها خلال الستين يوما يكون لكل من طرفي