الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم والتوفيق والوساطة / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 49 / التوفيق والوساطه

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 49
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    28

التفاصيل طباعة نسخ

التوفيق والوساطه

 اللجوء الى المحكمة المختصة يترتب على تقديم طلب التوفيق إلى اللجنة وقف المدد المقررة قانونا لسقوط وتقادم الحقوق او لرفع الدعوى وذلك حتى انقضاء المواعيد المبينة اعلاه، ونصت المادة الحادية عشرة من هذا القانون على انه «عدا المسائل التي يختص بها القضاء المستعجل، ومنازعات التنفيذ والطلبات الخاصة بالأوامر على العرائض والطلبات الخاصة بأوامر الاداء، وطلبات الغاء القرارات الادارية المقترنة بطلبات وقف التنفيذ الدعوى التي ترفع ابتداء الى المحاكم بشأن المنازعات الخاضعة لأحكام هذا القانون الا بعد تقديم طلب التوفيق الى اللجنة المختصة وفوات المهلة المقررة لاصدار التوصية او المهلة المقررة لعرضها دون قبول حسبما تقدم هذا وقد استثنت المادة الرابعة من القانون المنازعات الآتية من صلاحية اللجنة المنازعات التي تكون وزارة الدفاع والانتاج الحربي او أي من اجهزتها طرفا فيها وكذلك المنازعات المتعلقة بالحقوق العينية العقارية وتلك التي تفرضها القوانين بأنظمة خاصة، او توجب فضها او تسويتها او نظر التظلمات هيئات تحكيمية. المتعلقة بها، عن طريق لجان قضائية او يتفق على فضها عن طريق هيئات التحكيم,

 - فقرة ثانية: الانظمة البديلة للتقاضي الواقع العملي اللبناني – النشاط

يلاحظ الباحث في الانظمة البديلة في النظام القانوني اللبناني وجود عقبات عديدة تعترضها في الواقع، يمكن اختصارها بما يأتي:

اولا: بالنسبة الى التوفيق القضائي المنصوص عنه في قانون اصول المحاكمات المدنية وغيره من القوانين ، فانه قد بقي بعيدا عن الاهداف التي تسعى هذه الوسيلة السلمية لحل النزاعات الى تحقيقها والتي لخصتها الاسباب الموجبة لمشروع القانون العربي الاسترشادي للتوفيق والمصالحة الذي وضعته اللجنة المكلفة من في مجلس وزراء العدل العرب في مؤتمر المجلس المنعقد في القاهرة ۲۹ تشرين الثاني (نوفمبر) سنة ٢٠٠٦ ، والقرار رقم ٦٧٣(١٨)، بما يأتي:

- تخفيف اللجوء الى القضاء واختصار مدة النظر في القضايا وكذلك تقليص التكاليف والنفقات.

- ضرورة ممارسة المواطنين والمؤسسات لكافة الحقوق بمعزل عن أية عوائق او قيود قد تنتج عن التباين بين القوانين وعن الاجراءات القانونية المعقدة في اصول المحاكمة والتنفيذ.

- المرونة والتكيف مع ظروف كل قضية.

- ان يشعر كل فريق في النزاع انه قد اعطي حقه الكافي في التعبير والاستماع اليه وبيان ما يختلج في نفسه من مشاعر وتظلم.

على هذا الاساس يبقى هذا النوع من التوفيق ، وهو قضائي، مرتكزا الى دور اساسي للقضاء في عملية الحل الودي للنزاع. فبدلا من ان يصدر قرار قضائي يفصل في النزاع، يصدر قرار النزاع فهذا النوع من التوفيق يتم اثناء تأدية القاضي لمهمته القط المصالحة التي قد يتوصل اليها الفرقاء اثناء نظر القاضي نفسه وذلك من خلال تغييره لمظهره، فيتحول الاطراف وفتح حوار مباشر في الدور الذي يقوم  القاضي ممارسته، وهو الفصل في نزاع، إلى موفق يسعى الى . ا بينهم توصلا الى تدوير الز وانهاء الحل باتفاق يبرم بينهم فيتجنب الفرقاء بذلك اجراء بالصورة النزاعية ولكن المشكلة والعائق النفسي، وهو اسام المحاكمة والمهل وطرق الطعن على اختلافها في ما لو صدر الق يبقى قائما ومستمرا. فوجود الاطراف فى هذا النوع من التوفيق وجود قسري يتم اما بناء لدعوة من القاضي مباشرة أو بناء لطلب احد الخصوم في الدعوى والقاضي بدلا من ان يكون جالساء كرسيه على قوس فى قاعة المحكمة يدير جلساتها، يجلس عا كرسيه في قاعة مكتبه ولكن دون ان يغيب عن ذهن المتقاضين هو القاضي نفسه، بشخصيته المتحفظة والجدية، والتي تبدو له قاسية في أغلب الاحيان. من هنا تبرز سلبية اساسية تكمن في بمجرد وجود الاطراف فى نطاق قصور العدل تستحضر أمامه فكرة الدعوى وما تتضمنه بياناتها من مصطلحات غير مستحبا وفكرة الضغينة لدى الاطراف المتخاصمين واجواء النزاع، فيكونو اکثر ميلا لحل نزاعهم من خلال حكم يتحدى فيه بعضهم البعض .. فصورة القاضي ومناخ المحكمة والتقاضي تبقى هي الغالبة الآخر.

فتغيير القاضي لثوبه من حاكم الى موفق، والانتقال من المحاكمة الى قاعة المكتب لا تغيران في الصورة، وتبقى الحقية واحدة وهي ان لا القاضي ولا مكتبه هما المكان الجغرافي والنفسي المناسب الذي يشجع على الوصول الى الحلول الودية وتأسيس علاقة ثقة وطمأنينة بين الاطراف. ثم ان شخصية القاضي ليست هي شخصية الموفق ، فهذه تحتاج الى تدريب وتكوين مستمر لهذ الجهة، وممارسة وسهولة في التعامل وانفتاح، وهو ما لا يعتاد القاضي، امام تلك القواعد والاصول والحذر الذي يطبع مهمته. فاذ ن المفترض في القاضي ان يكون سيد قوس المحاكمة، يلتزم النص او المصادر البديلة التي يتيحها له النص، كما يلتزم الاجراءات القضائية بكل دقة، الا انه من غير المفترض فيه ان يكون كموفق كان الاساس. وثقافة الموفق هي سيدا خارج ذلك القوس. فثقافة القاضى هى ثقافة قانونية في الأساس.

ثقافة اجتماعية ونفسية واقتصادية  لذلك قلما يلجأ القاضي الى التوفيق بين الخصوم في الدعوى في المرحلة التمهيدية السابقة على فصل النزاع قضائيا، مفضلا لا شعوريا، اعتماد الطريقة التي تعلمها خلال القضاء والتي تدرج عليها .

مكسية فالتحرية ثابت بان المتخاصمين اذا كانا خارج المحكمة وقل جلسة التوفيق أكثر مرونة وتساهلا فانهم يضحون بعد جلسة التوفيق اكثر خصومة وتشده. فالقاضي هو موفق غير ناجح فهو امام عده الدعاوى أن يجد الوقت الكافي يخصصه لجمع الخصوم والاستماع اليهم بذهنية الموفق، والفرقاء، حتى في حال القضاء جلسة او جلسات مستقلة لهم أن يكونوا واضحين الذي يخشون دائما بأن تنعكس جلسة التوفيق سلبا على موقفهم القانوني الدعوى، فلا يدلون امام القاضي بما يشعرون به، وغالبا ما لا يبوحون بالحقيقة وفي الواقع الملموس تبرز ظاهرتان الأولى تجاهل جانب كبير من القضاة المواد المذكورة في قانون أصول المحاكمات المدنية التي تحث القضاة على دعوة الخصوم للتوفيق بينهم، الثانية انه غالبا ما تتحول الدعوة للمتوفيق الى سبب للخصوم المتضررين من الدعوى للمماطلة وكسب الوقت. فالجلسة المخصصة لجمع الفرقاء يتبعها جلسات لنفس الغرض، فتراوح الدعوى مكانها لفترة عودتنا التجربة أن تكون طويلة تضاف الى طول الوقت الذي تستغرقه اجراءات المحاكمة، وطالما ان المشار اليها لا تلزم المحكمة بمدة محددة للتوفيق وطالما ان المهلة المعقولة التي يلتزم بها القاضي الداعي الى ذلك متروك امر تقديرها لسلطانه المطلق، فقراره لهذه الناحية لا يقبل أي طعن، فتضحى هذه الوسيلة الايجابية لحل النزاعات سلميا وسيلة سلبية تعقد الحل وتعطله.

ثانيا: بالنسبة الى التوفيق غير القضائي، فان المشكلة الاساسية تكمن في واقعين الأول يتعلق بهذا النوع من الوسائل البديلة للتقاضي ومدى الاقتناع بأهميتها وفاعليتها في الايصال الى حلول عادلة ومنصفة للجميع . الثاني يتعلق بالشخص الذي يتولى تحقيق هذه الوسائل من هنا ضرورة العمل على نشر ثقافة التوفيق والوساطة كما تتم في السابق نشر ثقافة التحكيم. وهذا هو الذي تتولاه جهات متخصصة في الإعداد للقضاء او المحاماة، وجهات متخصصة في الاعداد للتوفيق والوساطة. والمحاماة في نشر ثقافة التوفيق - نبذة اولى دور الجهات المتخصصة في الاعداد للقضاء

وهي في لبنان معهد الدروس القضائية ولجنة التدرج المشرفة على محاضرات التدرج في نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس. فالوساطة والتوفيق هي الى جانب التحكيم من المواد الأساسية التي تدرس في المعهد ، يضاف الى ذلك مشاركة القضاة المتدرجين على  مدى سنوات التدرج الثلاثة في جلسات المحاكمة وكأي قاض من اعضاء المحكمة التي يلحقون بها شرط عدم المشاركة في اصدار الاحكام وان كانوا يشاركون في جلسات المداولة ويساهمون في اعداد مشاريع الاحكام في الملفات التي يكلفهم بها رئيس المحكمة. ومن بين الجلسات التي تعقدها المحاكم بحضور القضاة المتدرجين تلك الجلسات التي تدعو فيها المحكمة الفرقاء في محاولة منها للتوفيق بينهم اعمالا لنص المادة ٣٧٥ أ.م.م المشار اليها، كما نظم المعهد مؤتمرات وورشات عمل تضمنت حلقات مخصصة للوساطة وذلك بمشاركة من الاتحاد الاوروبي عبر مؤسسة ال ACOJURIS أي Agence de Coopération juridique internationale المعتمدة من قبل وزارة العدل الفرنسية كما ساهمت الجمعية الاميركية الدولية للتنمية USAID في ندوات مماثلة كما ان هذه المادة هي من اولويات المحاضرات التي تنظمها نقابتي المحامين في بيروت وطرابلس للمحامين المتدرجين ، وفي هذا السياق عقد في بيت المحامي العائد لنقابة المحامين في بيروت المنتدى الدولى الثاني للمحامين بموضوع الوساطة والتحكيم ، أية آفاق Médiation et arbitrage, quelles perspectives وقد نظمت النقابة هذا المنتدى بمشاركة من وزارة العدل اللبنانية والاتحاد الاوروبي بواسطة الجمعية المشار اليها. وقد خصص القسم الاكبر المداخلات التي قدمت من خبراء وقضاة فرنسيين ولبنانيين واساتذة جامعيين معروفين في هذا الحقل لموضوع الوساطة وواقعها القائم وسبل تطويره. كل ذلك يدل على مدى اهتمام رجال القانون في لبنان على اختلاف انتماءاتهم ومهامهم بهذا القادم القديم الى عالم التقاضي معيدا الى الاذهان، ولكن بأسلوب علمي وتقني متطور، ما للوسائط السلمية البديلة من أهمية في حل النزاعات.

نبذة ثانية: دور الجهات المتخصصة في الاعداد للتوفيق في نشر ثقافة التوفيق  de Médiation

في شهر تشرين الاول من سنة ٢٠٠٦ أنشئ في بيروت وبمبادرة فردية المركز المهني للوساطة Le Centre Professionnel التابع مباشرة الى جامعة القديس يوسف، غايته التعريف وتطوير وتشجيع ممارسة الوساطة كوسيلة ودية وقائية في حل النزاعات. اما مهمة المركز فهي خلق شبكة وطنية ودولية من الموفقين ذوي الصفة والنوعية والمؤهلين لممارسة الوساطة في سنة ٢٠٠٠ والثانية ما بين ۲٤ و ۲۸ أيار سنة ۲۰۰۹ وقد إطار مهني منظم وفي مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية والقانونية والتجارية والعائلية، حتى في النزاعات الدينية بين المجموعات او الافراد لتحقيق ما تقدم، يتولى المركز اعداد الوسطاء وتكوينهم، فشرعية اجراءات الوساطة تأتي من التي يؤمنها للفرقاء الاختصاص والمناقبية، فالوسيط يتعامل في الغالب من الحالات مع قضايا معقدة تفترض فيه الصبر والمرونة بالاستماع الى الاطراف كل على حدة استماعا حقيقيا وبالعمق وتفهم آلامهم واحباطاتهم على ان يتولى بعد ذلك الانعطاف نحو حوار جدي مستمر وبناء وهو ما يفرض اخضاع الوسطاء المستقبلين الى اعداد مستمر يكون في آن واحد نظريا وعمليا، يعكس الصورة الجدية والمنتجة لهذه الطرق، بحيث يصبح السعي اليها مطلوبا من المتنازعين.

لتحقيق ما تقدم يمر إعداد الوسطاء في المركز ووفق نظامه الداخلي، في مرحلتين : الاولى الاعداد للوساطة في المركز. الثانية، تعيين الوسطاء في المركز. ويبقى السؤال، في مرحلة ثالثة، هو في شروط انعقاد المركز للوساطة واجراءاتها.

المرحلة الاولى : - الاعداد للوساطة – تهدف الى التأهيل للوساطة بتكوين الوسطاء، وذلك من خلال عمليتين.

العملية الأولى تقوم على حسن اختيار المرشحين للانتساب الى المركز على اختلاف انتماءاتهم الثفافية والاجتماعية والمهنية والدينية . ولجودة الاختيار وضع المركز معايير موضوعية تلخص بالآتي :

لدى المرشح . أ - التجربة المهنية في مجال اختصاصه مما يعكس النضوج

ب - الخبرة الواسعة في الشؤون العامة والعلاقات الانسانية مما يعكس صلاحية الاستماع المعمق والتوافق مع الفرقاء والانسجام.

ج - الحافز لدى المرشح ، وهو ضروري لتنمية وتطوير اي ثقافة ، وفي الموضوع : ثقافة الوساطة كما في ثقافة التحكيم. من يقود الفرقاء الى التساهل والتسامح.

د - الصفات الانسانية في المرشح ، فالوسيط هو قبل كل شيء

ه- النقابية المهنية التي هي حجر الزاوية في بناء الثقة مع الاطراف .

العملية الثانية تقوم على الخضاع المرشحين الذين اختار المركز الى فترة تدريبية وتحضيرية لمدة / ۱۲۰ ساعة : التمرين العملي والتطبيقي على الوساطة وذلك بالتعاون مع د الاعداد للوساطة والتفاوض IFOMENE التابع للمعهد الكانون في باريس وورشات العمل التدريبية يحققها وسطاء فرنسيين المهني للوصال من المعهد المذكور ولبنانيين من المركز اللبناني ويعطى المتدرب بنتيجتها شهادة تفيد بأنه اصبح اهلا لممارسة . المهنة وبذلك يتميز المركز عن مركز الوساطة والتحكيم في بار CMAP الذي يخصص /٥٦/ ساعة للتأهيل خلال سبعة أيام عم يضاف اليها يوم واحد لتقييم الشخصية. وهذا التأهيل يتناول فرنسا تعليما نظريا في الوساطة وفي الطرق البديلة للثقاف وبالتناسق مع تطبيقات عملية تعطى في المركز الترجمة ما تعا المنتسب من محاضرات نظرية الى الواقع. يتبع للمرشح من خلال اختبارات عملية ووساطات صورية يشارك و المرشح، وهي ضرورية للحصول على القبول في المركز ممارس فيه ذلك تقييم شخص ان الهدف الذي يسعى اليه المركز المهني للوساطة CPM خلال فترة الاعداد المشار اليها هو في ان يتمكن المرشح ، اكتساب ادوات العلاج النفسي وتقنيات التواصل والوساطة، و يكون مالكا لقواعد وأخلاق المهنة والالتزام بالسرية والخصوص وبأن يكون مؤتمنا مستقلا وحياديا كذلك فان ما يكتسبه المرث مما يقدمه المركز من مساهمات عملية هو ان يتمكن من التعامل الحالات والقضايا التي تطرح على أرض الواقع ويتعرف عن قر على حقيقة النزاعات التي قد تثار في الحياة العملية، فيحقق المرش من خلال التدريبات العملية التي يقدمها المركز لتلاميذه بمشار وتواجد وسيط معتمد من ،قبله ما يبتغيه المركز من هذه التدريبا في المستقبل. وهو تكوين وسيط مستقبلي يؤكد شخصيته ويضمن جودة الوسائل في المستقبل.

المرحلة الثانية تعيين الوسطاء وهم في الغالب الوسطاء العاملين في المركز، ويكون عدد الوسطاء في القف الواحدة عادة اثنين بخلاف التحكيم الذي يشترط القانون اللبنا بأن يكون عدد المحكمين فيه وترا والا كان التحكيم باطلا (الم ۷۷۱ .أ.م.م. ويتم اختيار الوسطاء عمليا من قبل المسؤول ) المركز بالتنسيق المباشر مع الاطراف المتنازعة اذا رغب او طلب الاطراف ذلك. والشرط الاساسي في الاختبار الثقه الكاملة في المركز وفي من يختارهم معايير اختيار الوسطاء.

بتولى الوساطة أن يكون مديرا لمشروع تجاري او محام متخصص في قانون التجارة والاعمال مثلا في المعرفة المعمقة بالمفاهيم والثقافات المتواجدة مقابل ذلك هنالك أسباب تفرض تجنب الاختيار، كما لو كان الفرقاء سيئي النية يعملون على تعطيل الوساطة والمماطلة لكسب الوقت، او القيام بأعمال تتنافى مع اخلاقيات وتقنيات الوساطة، كان أحد الأطراف الى تسجيل جلسات الاستماع سرا على هاتف طرف الوسيط ، أو أن تكون هنالك قرابة او مودة بين . في النزاع مما يخل بالثقة والحياد الذي يقتضي ان يكون الوسيط متمتعا بهما ...

المرحلة الثالثة

انعقاد المركز واجراءات الوساطة - تتحقق اراديا. فالوساطة التى يعد لها المركز ويتولى ممارستها هي الوساطة الاتفاقية، وغالبا ما ترد في العقود بنود تنص على الوساطة قبل اللجوء الى غيرها من طرق حل النزاعات سلميا، كالمفاوضة والسعي الى الصلح أو نزاعيا كالتحكيم والقضاء، وقد يكون البند بندا مركبا يحتوي مختلف هذه المراحل على ان تطبق بالتسلسل فالمفاوضة تسبق الوساطة والوساطة تسبق التحكيم، الزمني. والتحكيم يسبق القضاء. فعند وجود البند المركب كليا (النص على مختلف هذه الطرق) او جزئيا (النص على بعض هذه الطرق يلتزم المتعاقدون بإعماله بالتراتبية المشار اليها وقد يضع المركز يده على القضية بطلب منفرد صادر عن احد الفرقاء في النزاع، يلجأ اليه بإرادته المنفردة للتوسط والتوفيق. ولكن لانفاذ مهمته لا بد من موافقة الفرقاء الآخرين على ذلك. ولكن يبقى السؤال هو الآتي: هل يشترط في الوكيل الذي يلجأ الى وساطة المركز ان يكون لديه تفويض خاص في عقد الوكالة على غرار ما نصت عليه المادة ۳۸۱ قانون اصول المحاكمات المدنية؟

لا نرى ذلك للأسباب الآتية اولا، ان المشترع لو اراد التفويض الخاص للوساطة لكان نص على هذا الشرط ثانيا، انه عند عدم وجود المنع فإن المبدأ يكون هو الاباحة. ثالثا، ان اللجوء الى الوساطة هو من اعمال الادارة لا التصرف، فتكفي الوكالة العامة التي ينظمها الموكل للوكيل لكي يكون من حقه عقد الوساطة. واخيرا، ان التحكيم هو من الطرق البديلة عن القضاء العادي، ولكنه كاللجوء الى القضاء طريقا نزاعيا، يتطلب النفقات ومهما قيل في التحكيم من سهولة واقتصاد في الوقت والنفقات، الا ان الواقع يثبت بأن تحقيق تلك الخصائص تتطلب حسن النوايا عند الأطراف المتنازعة. فمن جهة، قيل ان التحكيم هو قضاء الاغنياء، وان التحكيم هو قضاء خاص يضاف الى القضاء العادي، إذ ان طرق الطعن ضد الحكم التحكيمي هي دائما حاضرة، ومنها ما هو من النظام العام فلا يمكن التنازل عنه مسبقا كالطعن بالبطلان، وهنالك مشكلة الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية وتعقيداتها وطرق المراجعة المتاحة ضد القرار القاضي بإعطاء تلك الصيغة، فضلا عن ذلك، فان الحكم التحكيمي يلزم الفرقاء في التحكيم وله منذ صدوره حجية القضية المحكوم بها بالنسبة الى النزاع الذي فصل فيه المحكم المادة ٧٩٤) أ.م.م . ل . من هنا فرض النص التفويضي الخاص للجوء اليه. بينما الوساطة الطرق البديلة للتقاضي تهدف الى الوصول بالفرقاء الى حل سلمي لحل النزاع، تكون له ارتداداته الايجابية على المتنازعين على صعيد العلاقات الانسانية والاجتماعية. فهو يرتكز الى تقريب وجهات النظر وترك الفرقاء على سجيتهم، يعبرون عن مشاعرهم ونواياهم بعفوية وهو ما يخفف من الطابع العنفي الذي يكونون عليه، كما ان ايصالهم الى حل يتوافقون عليه في النزاع قد يكون مصدرا لحل نزاعات اخرى مترابطة او مثارة بينهم وتعاملا اقتصاديا وتجاريا مستقبلا بين الفرقاء واستعادة الثقة، في حين ان الحل الذي قد يأتي عن حكم تحكيمي او قضائي، وان كان حلا نهائيا للنزاع، الا انه قد يكون مصدرا لنزاعات وتحد بين الفرقاء في قضايا اخرى وبالتالي اقفالا لكل تعامل مستقبلي وانعدام الثقة. فضلا عن ان ما قد تتوصل اليه الوساطة من حلول تبقى مشاريع لا تلزم الا بعد قبول اطراف النزاع بالتوقيع عليها ووضع محضر في ذلك يوقع عليه ايضا الوسطاء المكلفون. يبقى ان ما يفرض التفويض الخاص من الموكل. الموافقة على الحل فالمسألة هنا تتعلق بعقد صلح وفق ما نصت عليه المادة ۳۸۱ . قانون اصول المحاكمات المدنية اللبناني.

اما المواضيع التي يمكن التوسط فيها، فهي من حيث المبدأ المواضيع القابلة للتحكيم أي تلك القابلة للصلح وهو ما اكدته المادة الأولى من مشروع قانون الوساطة القضائية التي سبقت الاشارة اليه. فالوساطة تهدف بالنتيجة الى تحقيق الصلح بإبرام العقد. الا ان المركز المهني للوساطة يهتم بالاضافة الى ذلك بأنواع ذلك الوساطة المواطنية Médiation citoyenne بغاية تهدئة العلاقات بين الافراد الذين تتعدد انتماءاتهم الوساطة، من خاصة الثقافية والسياسية والدينية في لبنان. وقد عمل المركز منذ سنة ٢٠٠٦ مع العديد من الشباب اللبنانيين من طوائف مختلفة وثقافات متنوعة للتوصل الى قواسم مشتركة في ما بينهم كفيلة بتحقيق مواطنية سليمة تنمي لدى المختلفين في الشعور والانتماء بقبول الآخر واحترام الاختلاف والخصوصية. وفي اطار المؤسسات العقابية فقد حصل المركز بالتعاون مع منظمتين اجتماعيتين محليتين على مساعدة بهدف تحقيق مشروع نموذجي ورائد بين سنتي و ۲۰۱۰ قوامه إطلاق حوار في نطاق سجنين مركزيين لبنانيين (سجن رومية للقاصرين وبربر خازن للسيدات) بين الموقوفين بينهم فتحل العلاقات السلمية محل اساليب العنف والتصادم التي اعتادت السجون على معرفتها وايضا إقامة الوساطة بين المساجين في ما بينهم او مع عائلاتهم او عائلات الضحايا تمهيدا التأهل والانتماء والعودة الطبيعية الى المجتمع، للطريق اما مهم نحو وتوفي تكرار الجريمة.

مركز الوساطة يفترض ان يكون مكانا حياديا عادة الا اذا اتفق الفرقاء على غير ذلك - اجراءات الوساطة مبسطة، وهي ترتكز على واقعين الواقع الأول على إعلام الاطراف من قبل المركز بالوساطة وبدء اجراءاتها ، وهو ما يسمى الاجراءات السابقة على الوساطة. ما يتم بأن يلتقي المركز الذي اختير للوساطة كل من الاطراف بشكل منفصل وإعلامهم بالقواعد المناقبية التي يعتمدها المركز والاصول وبالمصاريف المعتمدة من المركز والتي ستتبع، وهو ما يمكن من التحقق من قبول الاطراف الحر والواضح بالوساطة وبإزالة كل سوء فهم او تردد ولتحديد نقاط النزاع الاساسية التي يطلب التوفيق فيها كما يصار الى إعلام الفرقاء بدور الوسيط ومفهوم الوساطة الواقع الثاني، يرتكز الى اقتراح لائحة بالوسطاء المعتمدين من المركز على الاطراف الذين يعود لهم حرية الاختيار، للوسطاء الا اذا تركوا الامر الى المركز . وفي هذا الاطار لا مجال خلافا للمحكمين - للبحث عن قانون واجب التطبيق في القضية لسبب اساسي ان لا نزاع يطلب من الوسيط فصله بحكم تحكيمي قضائي وانما مهمته تقريب وجهات النظر وتقليص نقاط النزاع وتحفيز الفرقاء على ايجاد حل سلمي له. فالمسألة التي تطرح امام الوسيط مسألة الاجراءات التوفيقية التي يعتمدها الوسيط لتحقيق تلك المهمة، وهي اجراءات مبسطة ترتكز الى شخصية الوسيط ومدى تخصصه وثقافته وانفتاحه على استيعاب هواجس الفرقاء بالاستماع المعمق لكل منهم على . حدة. واذا كان لديهم من وكلاء، الاستماع اليهم بحضور وكلائهم بالشكل المشار اليه. فكما قيل في التحكيم بقدر المحكم تكون أهمية التحكيم ، يقال اكثر في الوساطة بقدر الوسيط تكون اهمية الوساطة. كما انه في هذا السياق بسيط ايضا انه وكما اشرنا ليس من عكس التحكيم - ليس من طرق مراجعة في الوساطة، ولسبب يصار الى الطعن به. حكم يصدره الوسيط  ولكن الطعن يكون في عقد المصالحة التي يتوصل اليها فرقاء النزاع وبالطرق الموضوعة قانونا للطعن بالعقود وعلى ضوء القانون الذي يحكمها، وهي عادة البطلان كجزاء لعيب في تكوينها او القاعدة الثالثة

مبدأ الانصاف فهو يتعارض الحالة مع  من تسري فيها مهل مرور الزمن لمصلحة طرف في العلاقة على حساب الطرف آخر خلال اجراءات الوساطة ومحاولة التوفيق بينهما. فهذه الاجراءات تنعقد لمصلحة الفريقين المشتركة.

بالنتيجة، وكما لاحظ الرئيس الاول لمحكمة استئناف باريس في حينه جون كلود ماجندي في كلمته بمناسبة توليه مجموعة الوساطة لدى المحكمة المذكورة والتي ترأسها ، انه لا يقتضي ان نفهم من الطرق البديلة للتقاضي على انها مصدر لتغيير الاوضاع القانونية القائمة في حل النزاعات وبأن تصبح الوساطة هي الحل بما يشكل قلبا للقيم الاساسية التي عرفتها الانظمة القانونية في الدولة على مر الزمن. فإذا كانت تلك الطرق هي بديلة للتقاضي الا انها لا يمكن ان تكون بديلا عن القضاء فهي بديلة بمعنى انها من وسائل الحلول السلمية للنزاعات عند رغبة الفرقاء في ذلك. فهي وان كانت تلبية لحاجات معينة عند بعض المتقاضين وفي بعض القضايا كما في الوساطة العائلية وفي الاحوال الشخصية. الا انها لا تحل محل القضاء. انها نوع من العدالة الهادئة والساكنة وليست اطلاقا عدالة بديلة. انها تبقى طريقا من طرق حل النزاعات الا انها لا يمكن ان تكون بديلا عن كل الطرق. ان الخطر الاساسي الكامن في الترويج لها هو في ان نظهرها وكأنها الوسيلة الشافية لمرض بطء العدالة وبانها الاسلوب المنتج في محاربة الاختناق القضائي والتأخر في اصدار الاحكام، وهما الظاهرة التي تطبع كل قضاء. فهذه الطرق ينبغي ان تبقى في اطارها العلمي السليم وهي أنها احدى الطرق التي تساهم في التخفيف من التشنج وعامل من عوامل السلم الاجتماعي. بعبارة ان البحث في الطرق البديلة للتقاضي وعقد الندوات في محاولة لنشر هذه الثقافة يجب ان يكون من منطلق تحقيق مصلحة العدالة مهما كان مصدرها لا ان يكون هدفه، تحت ستار الرغبة في الحلول السلمية للنزاعات ابدال العدالة القضائية او العمل على هدمها. فالقضاء يبقى هو الاساس والعدالة تبقى هي واحدة لا تتجز