الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم والتوفيق والوساطة / المجلات العلمية / المجلة الجزائرية للتحكيم التجاري الدولي العدد الاول / الوساطة كطريقة بديلة لفض النزاعات

  • الاسم

    المجلة الجزائرية للتحكيم التجاري الدولي العدد الاول
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    56

التفاصيل طباعة نسخ

الوساطة كطريقة بديلة لفض النزاعات دراسة تحليلية لدور الوسيط في العملية 

La médiation comme méthode alternative pour résoudre les conflits

Etude analytique du rôle du médiateur dans le processus ineskader6@gmail.com

الملخص: سندرس في هذا المقال الجوانب المختلفة لعملية الوساطة و دور الوسيط في هذه العملية ، لا يتعلق الأمر هنا بتقديم هو منح الوسطاء منظورا اوسع للنزاع صيغة مطلقة لكن تقديم الأدوات التي توجه عمل الممارسين للوساطة ، الهدف و الدور الذي يتعين عليهم القيام به قبل و اثناء العملية. الكلمات المفتاحية : الوساطة ، الدور، الوسيط.

Résumé : Dans cet article ,nous examinerons les différents aspect du processus de médiation et le rôle du médiateur dans ce processus . il ne s'agit pas de présenter une formule absolue mais plutôt de présenter les outils qui guident le travail des praticiens de la médiation le but est donner aux médiateurs une perspective plus large sur le conflit et le rôle qu'ils doivent jouer avant et pendant le processus Les Mots clés :médiation ,rôle, médiateur

مقدمة : 

تعتبر الوساطة احدى الطرق البديلة لفض النزاعات ، فبالاضافة الى اللجوء إلى القضاء، يوجد اليوم مجموعة كاملة من العمليات غير القضائية المتاحة للأفراد و الشركات الذين يمرون بنزاع من اجل مساعدتهم على الوصول إلى حل يأخذ احتياجاتهم بعين الاعتبار وعلى قدر كبير من المساواة .

 تعتبر الوساطة من اكثر الوسائل فعالية لمنع وادارة و حل النزاعات من حيث التكاليف و النتائج في ضل ظهور صراعات و نزاعات جديدة و استمرار النزاعات التي طال أمدها ، في هذا السياق تم الاعتراف بضرورة التعامل مع الطرق البديلة لحل النزاعات كنشاط يتطلب معرفة متخصصة و خبرة و توجيها فضلا عن الدعم القانوني و السياسي و المالي و الاداري المستمر على مستوى الاتجاه العام لمعظم دول العالم . 

غالبا ما يسعى الوسيط الى مساعدة الأطراف على التعامل مع النزاع من منظور مختلف حتى يصلوا إلى تقدير القيمة المحتملة للنزاع وتحفيزهم على اقامة روابط تسهل عمله معهم ، حيث يمكن للنزاع ان يكون فرصة لبناء العلاقات و تنمية رأس المال الاجتماعي و الاستفادة من الأطراف الفاعلة الأخرى حيث يمكن لإطراف النزاع استخدام الصراع الإدارة التغيير ، لكنهم غالبا مايحتاجون إلى مساعدة الوسيط للوصول لهذا الهدف ، يجب ان يكون الممارسون للوساطة قادرون على معرفة و اضهار الجوانب الايجابية للنزاع و توضيح امكانية التقدم المتأصلة في عملية ادارة الصراع . 

من الشائع جدا ان يبقى اطراف النزاع في موقف دفاعي خاصة في النزاعات التي تؤثر عليها جوانب مختلفة اجتماعية ثقافية ، سياسية ، اقتصادية ، تجارية ، و مؤسسات اخرى )، فتزداد مسؤولية الوسيط في التحكم الجوانب السلبية التي قد تعيق الوساطة وتعزيز الجوانب الايجابية التي تسهل الوساطة

 1. مفهوم الوساطة : 

تعرف الوساطة على انها احدى آليات الحلول البديلة لفض الخلافات ، وهي تهدف في صورها المختلفة إلى تسوية الخلاف وديا عبر استخدام أسلوب التراضي و التوفيق بين الخصوم باجراءات مرنة عن تلك المتعارف عليها أمام المحاكم لتحقيق مصلحة الجميع بأسرع الطرق و أقلها تكلفة .

مفهوم الوساطة في قواعد الاونيسترال :

 يقصد بالوساطة في هذه القواعد أي عملية يطلب فيها الأطراف إلى شخص آخر محايد أو أشخاص آخرين محايدين ("الوسيط") مساعدهتم في سعيهم للتوصل إلى تسوية ودية للمنازعة القائمة بينهم، سواء أشير إليها بتعبير الوساطة أو التوفيق أو بتعبير آخر ذي مدلول مماثل. وليس للوسيط أن يفرض على الأطراف حلا للمنازعة.

تعريف منظمة توحيد قانون الاعمال في افريقيا للوساطة :

 مصطلح الوساطة يشير الى كل العمليات مهما كان اسمها التي يكون فيها الأطراف في خلاف ( يشار اليه فيما يلي باسم النزاع) مرتبط بعلاقة قانونية او تعاقدية أو علاقة اخرى تشمل اشخاصا طبيعيين او معنويين بما في ذلك الوحدات العمومية و الدول.

1 تعریف مركز التحكيم و الوساطة و التوفيق بواقادوقو ببوركينا فاسو للوساطة : 

الوساطة يشار اليها ايضا بالتوفيق او اي تسمية اخرى اين يتفق الأطراف على الالتزام بهذه التسوية. الوسيط أو الموفق يعني شخصا طبيعيا او اكثر مسؤولون على مساعدة الأطراف في البحث عن حل ودي للنزاع وفقا لهذه القواعد.

2 تعريف محكمة التحكيم بكوديفوار للوساطة : 

المادة 8: يساعد الوسيط الأطراف على السعي للتوصل إلى حل تفاوضي النزاعهم ، مسترشدا بمباديء الحياد و الانصاف و العدالة ، مع احترام مصالح كل طرف من الأطراف . هو المسؤول عن طرق تنفيذ المهمة.

3 تعريف مركز التوفيق و التحكيم بمالي للوساطة : المادة 2 : 

الموفق او الوسيط يمثل الشخص الطبيعي المسؤول عن مساعدة الأطراف في البحث عن حل تفاوضي للنزاع تحت رعاية المركز وفقا لقواعده .

الوساطة و ادارة النزاعات : 

سنقوم في هذا المبحث بتحليل الشروط العامة التي يجب مراعاتها قبل و اثناء الوساطة حتى تكون العملية عادلة بين الطراف اضافة الى وصف مراحل الوساطة

 2.الخطوات العملية لاجراء الوساطة :

 1.2: مبادي ادارة النزاع و الوساطة : 

ادارة النزاع ليست سلسلة من النماذج المجردة لكنها مجموعة من المباديء التي يجب تطبيقها اثناء العملية، فمن العبثي اليوم الاقتراب من ادارة الصراع مع تجاهل الأسس المنهجية و الأخلاقية ، اذا لم نعطي اهمية كافية لقيم الارادة و السلطة و احترام الخصوصية و السرية و المساواة و الحرية من المرجح أن تفشل عملية حل النزاع . ولعل مرونة الوساطة هو السب الذي جعل من القوانين التي نظمت احکام الوساطة من بينها المشرع الجزائري لم تحدد مراحل الوساطة وانها تركت الأمر الأطراف النزاع و الوسيط و ما لديه من مهارات لخلق الاتصال بين الأطراف والمحافظة على استمرارية التفاوض بينهم ، فالوساطة تهدف الى اتباع أي اجراء يمكن أن يؤدي الى التوصل إلى حل مرضي لاطراف النزاع.

 ان التخلص من الأفكار المسبقة حول النزاع و الأطراف و الوسطاء ووضع قطيعة على مستوى العقل من اجل بناء حل لذلك النزاع المطروح أمام الوسطاء هو اولى المباديء الأساسية التي يجب أن يتحلى بها أطراف العملية اذا بقي اطراف النزاع عالقين في مواقف عدائية و رفضوا التعاون واذا كانوا يشددون على الاعتقاد بأن الحل يكمن بالضرورة فيما يقترحونه ، فستكون ادارة عملية الوساطة اكثر تعقيدا. يمكن المضي في الوساطة قدما فقط باتخاذ قرار بين اطراف النزاع في التعاون حيث تساعدهم في اعادة بناء العلاقات بين الأطراف المتنازعة حتى يتمكنوا من ايجاد حل مشترك لمشكلتهم و تحمل المسؤولية في في ذلك ، 

ولعل اهم المباديء في عملية الوساطة هي : 

الارادة و المساواة و الحرية وهي الشروط الاساسية المطلوبة في الأطراف المشاركة في ادارة و تحليل النزاع ، و يجب على الفاعلين الذين اختاروا عملية الوساطة أن يتعرفوا على كيفية عملها و اهدافها وتحمل الأدوار والمسؤوليات ، يجب أن يكونوا مستعدين لتبادل وجهات النظر حول القضايا المطروحة مع الفاعلين الآخرين و تأكيد مصالحهم الخاصة و احتياجاتهم ومطالبهم ، و يجب الا تمثل مشاركتهم في عملية الوساطة أي تحيز . تعتبر عملية الوساطة عملية ذات طابع سري بحيث أن جميع المسائل التي تتم مناقشتها في الوساطة ، وجميع الوثائق والبيانات الشفوية والخطية التي يتم تبادلها وتقديمها اثناء عملية الوساطة يغلب عليها الطابع السري، اذ ان الوساطة ليست مسألة سجل عام، فسرية جميع المشاركين في عملية الوساطة تكون دائما آمنة ومحفوظة.

 يعتبر احترام الخصوصية و السرية من المباديء المهمة في هذه العملية ، يجب أن يقرر اطراف النزاع معا في بداية العملية ماهية النزاع المراد فحصه و مناقشته و الشروط الضرورية او بعبارة أخرى وضع قواعد اللعبة و يكون الوسيط حكما يمنع اطراف النزاع من تعدي القواعد التي وضعوها بانفسهم و التي ستضمن احترام العدل . 

2.2 الشروط الواجب توفرها قبل و اثناء عملية الوساطة :

 لاشك أن الحل الودي هو ما يطمح اليه أطراف النزاع عندما يلجؤون إلى نظام الطرق البديلة و يمكن أن يتم اللجوء الى هذه الوسائل أو الطرق قبل أو أثناء الإجراءات المتبعة أمام القضاء العادي .فمن مزايا هذا النظام أنه يمكن إعامه قبل نشوء النزاع أو أثناءه أو بعده وعليه قد ويكون هناك اتفاق أطراف العقد على اخضاع في حالة نشوبه الى هذه الوسائل وذلك بالنص عليه أثناء توقيع العقد أو في أي مرحلة من مراحل تنفيذه. وفي هذه الحالة يخضع النزاع الاجراءات و شروط هذه الوسائل وفق ما تحدده الهيئة أو المؤسسة التي يتم اللجوء اليها مع مراعاة أحاكم النظام العام .أما إذا لم يوجد اتفاق بنص على اللجوء إلى هذه الوسائل فعلى المتنازعين الذين يرغبون بتسوية نزاعهم بطريقة ودية أن يقدموا طلبا إلى المؤسسة أو الهيئة أولي مركز لحل النزاع وديا و يبدون استعدادا لحله بهذه الوسائل وفي مقدمتها الوساطة التي يمكن أن يباشر من خلالها حل النزاع بناءا على طلب المتنازعين او احدهما إلى الوسيط او المركز او المؤسسة التي تخضع لها الوساطة فتحدد الشكليات و المواعيد و مکان اجراء الوساطة و اجراء اتها. تعتبر المرحلة التحضيرية الجزء الأكثر حساسية في ادارة عملية الوساطة ، حيث انها لا تشمل على تحليل النزاع فقط ولكن ايضا المقابلات الفردية مع اطراف النزاع و اجراءات التوفيق و التسهيل التي يقوم بها الوسيط لتمكين الاطراف من الجلوس على طاولة الوساطة .

 من الضروري تحليل النزاع قبل تسيير عملية الوساطة لضمان الاحترام اللازم لشروط الوساطة العادلة ، لكن هذا لا يكفي لضمان حسن سير الوساطة . خلال سير الوساطة قد تتغير الظروف و الشروط حيث يمكن أن يؤدي التغيير في موازين القوى بين أطراف النزاع إلى تعطل العملية برمتها بسهولة تامة ، يجب أن يكون الوسطاء مستعدين لهذا الاحتمال و يعرفوا كيفية علاجه ، من خلال استعادة التوازن بين أطراف النزاع . 

يشمل العمل التحضيري ايضا جمع المعلومات ومشاركتها و شرح معناها و شرح القواعد العامة لعملية الوساطة و الربط من خلال شبكات اجتماعية تعيد او تخلق تيارات اتصال و مناخا من الثقة بين الفاعلين يجب على الوسطاء اكتساب الشرعية في اعين الممثلين لأطراف النزاع و يجب اقناعهم بامكانية المشاركة في عملية صنع القرار الذي يكون لهم فيها موقف محايد.

 1.2.2 هوية الأطراف :

 في بداية عملية الوساطة يجب تحديد جميع الاطراف و ضمان مشاركتهم بطريقة فعالة و مرئية فليس للوسيط آن يحل النزاع بدون المشاركة الفعالة لكل طرف و اذا حدث فسيكون تدخله عقيما ، و اذا اتضح له ان اصحاب النزاع لا يودون الدخول في المحادثات أو التعاون او آن طرفا واحدا فاعلا او اكثر غير راغب أو غير قادر على المشاركة فيجب على الوسيط التراجع و العودة إلى مرحلة التحليل و اعادة توازن السلطة . 

و على مستوى التفكير على الوسيط اعادة تحليل الأسئلة الأساسية التالية : هل يمكن لجميع أطراف النزاع الوصول إلى طاولة الوساطة ؟ هل يفهم و يعي أطراف النزاع دور الوسيط بشكل صحيح أم لا؟ هل يعتقدون انه يمكن ادارة عملية النزاع من خلال الوساطة ؟ هل وصل الوسيط الى اكتساب الشرعية في اعين اطراف النزاع ؟ و هل وافقوا على الوساطة بكل حرية ؟ واذا لم يكن كذلك فماهو الضغط الذي تعرضوا له و ممن ؟ أي عملية تبدأ دون الإجابة على هذه الأسئلة فهي عملية عقيمة من البداية.

 2.2.2 التقييم و المشاركة :

الوساطة عملية طوعية تتطلب موافقة أطراف النزاع حتى تكون فعالة. وبدون تلك الموافقة فليس من المرجح أن يتفاوض الأطراف بحسن نية أو أن تكون ملتزمة بعملية الوساطة .وهناك مجموعة من القضايا التي تؤثر على ما إذا كانت أطراف النزاع موافقة على الوساطة. فنزاهة عملية الوساطة، وما تتمتع به من أمن وسرية تشكل ، عناصر هامة في الدفع قدما بموافقة الاطراف. 

إضافة إلى ما يتمتع به الوسيط وجهة الوساطة من مقبولية. ومع ذلك، فإن ديناميات النزاع هي عامل حاسم. وما إذا كانت الاطراف توافق على الوساطة أمر قد تحدده الرغبة في تحقيق أهداف سياسية من خلال الوسائل العسكرية، أو قد تحدده اعتبارات سياسية أو أيديولوجية أو نفسية، أو تصرفات الجهات الخارجية. وفي بعض الحالات، قد يرفض الأطراف أيضا مبادرات الوساطة نظرا لانها تفهم الوساطة وترى فيها تهديدا السيادتها و تدخلا خارجيا . وفي النزاعات المتعددة الأطراف ، قد يوافق بعض أطراف النزاع على الوساطة، بينما لا يوافق عليها جميع الأطراف مما يضع الوسيط في موقف صعب يتمثل في بدء الوساطة بموافقة جزئية.

 علاوة على ذلك ، فإنه حتى عندما يتم إعطاء الموافقة فقد لا تترتجم دائما إلى التزام كامل بعملية الوساطة". يجب ان تكون ادارة الصراع اولوية لجميع اصحاب المصلحة وان يتحركوا في هذا الاتجاه على انه الخيار الأفضل ، و يجب أن يختار الأطراف صراحة عملية الوساطة ، لان مجرد حضور الاجتماعات ليس كافيا ، فقد تشارك بعض الجهات الفاعلة في العملية دون نية للتعاون ، اما لجمع معلومات عن الأطراف الاخرى او لعرقلة عملية الوساطة . الاكتشاف هذا النوع من السلوك على الوسيط اجراء تحليل أولي للظروف التي قادت كل طرف في النزاع الى المشاركة في العملية و مراقبة الأطراف قبل و اثناء المفاوضات و استخدام مقاربات و تقنيات علم النفس وعلم الاجتماع بدرجة اعلى و بدرجة أقل تحليل الشخصية و دراسة المتغيرات الاجتماعية و الثقافية و لغة الجسد

 . 3.2.2 الروابط:

 اذا فهم اطراف النزاع آن قدراتهم و افعالهم مترابطة و يعتمدون على بعضهم البعض للخروج من النزاع ، فان مشاركتهم في ادارة عملية الوساطة ستكون أمنة و تؤدي الى حل مشترك .

 وتحقيق مكاسب مشتركة لطرفي النزاع ذلك أن التسوية النهائية في الوساطة تكون قائمة على حل مرض لطرفي النازع يتم التوصل إليه بإرادتهما الحرة ويكون قائما على تحقيق مكاسبهما ومصالحهما المشتركة. ان الطرق البديلة لحل النزاعات هي طرق ناجحة للحفاظ على العلاقات افضل من التقاضي ، لان هذه الطرق تقوم على مبدأ التفاوض و الحوار وهو ما يتيح الفرصة للقاء بشكل متواصل اثناء جلسات الحوار للوصول إلى حل للنزاع يرتضيه الطرفان لأنه صنيعة تفاوضهم ، وذلك دون الاضرار بعلاقتهم و اتاحة الفرصة لتعامل في المستقبل .

 اللجوء إلى الطرق البديلة يتجاوز لحسن الحظ الاستخدام النفعي، حيث تساعد في ايجاد تواصل بين الناس وتفادي النزاعات و المحافظة على الروابط الاجتماعية ، وحل الاشكالات بالتراضي و خلق روابط جيدة بين الفرقاء في النزاعات غالبا ما يلاحظ وجود ميل للوصول الى طريق مسدود من طرف غالبية الأطراف وهي حالة نفسية ثقافية اجتماعية لا يجود فيها الا الخاسرون يطول الحديث عنها في هذا السياق .

 و المخرج الوحيد هو التعاون فعندما يختار الفاعلون الوساطة يجب أن يكون لديهم نظرة ايجابية لهذه العملية و يجب أن يقتنعوا بانها ستحسن اوضاعهم ، و على الوسيط في هذه المرحلة على مستوى التفكير الاجابة على الأسئلة التالية :

 هل حلل اطراف النزاع الخيارات المعروضة أمامهم ؟ لماذا يمكن اعتبار الوساطة في هذه المرحلة الحل الوحيد للخروج من هذا الصراع ؟ ما هي مزايا و محاسن التعاون بين الأطراف ؟ هل وصل أطراف النزاع الى مرحلة الفهم بأنهم يعتمدون على بعضهم البعض لإدارة الوساطة ؟

 4.2.2 علاقات السلطة :

 يجب منح كل طرف في العملية السلطة الكافية لاتخاذ القرار و التأكد من عدم استبعاد امكانية التوصل إلى حل مشترك مسبقا .

 فمن بين أهم مميزات الطرق البديلة لحل النزاعات انها تكرس و تضمن الشفافية في حل النزاعات حيث تتيح للاطراف الفرصة للمشاركة في ايجاد الحل للنزاع فتساهم بذلك في اشاعة ثقافة الحوار و السلم الاجتماعي .

يجب ان يكون المشاركون في العملية واثقون من الدفاع عن وجهات نظرهم بشأن النزاع و ادارتها نيابة عن المؤسسات او المجموعات أو الأطراف التي يمثلونها، يجب أن يعرفوا بالظبط حدود مهاراتهم و مصالح و احتياجات مؤسستهم او مجموعتهم . يجب الا ينسى الوسطاء ابدا اهمية تحليل علاقات السلطة قبل العملية ، وفي اي حال يجب أن يكونوا مستعدين عن التوقف عن الوساطة اذا لاحظوا حدوث تحول في ميزان القوى .

 فيمكن مثلا اذا كان أحد الأطراف قوي أن يجبر اطرافا اخرين على المشاركة في العملية لذلك يتوجب على الوسيط التأكد من عدم اجبار اي فاعل على المشاركة او أن غرضه الوحيد الدفاع عن مصالح شخص اخر . 

3.2 اجراءات عملية الوساطة :

 في هذا الجزء يمكن التركيز على جزئين رئيسين في عملية الوساطة و هي المحادثات ثم الاتفاق و المتابعة .

 1.3.2 المحادثات :

 النشاطات الاساسية في عملية الوساطة تتمثل اساسا في تبادل المعلومات بين الأطراف و يمكن أن تكون في اجتماعات انفرادية او مشتركة ، حيث يلتقي الوسيط مع الأفراد سرا او مجتمعين من اجل مساعدتهم على التوصل إلى اتفاق ، كما يحاول الوسيط کسب ثقة الأطراف كي يستأمنوه على أولوياتهم و خیاراتهم.

تبدأ عملية الوساطة بعرض الحقائق ، يقدم الوسيط بعمق القضايا التي سيتم فحصها و يشرح كيف ستتم العملية و شروطها و حدودها و قواعدها ،ثم تتاح الفرصة للمثلين لتوضيح وجهات نظرهم و تبيان اهتماماتهم و احتياجاتهم ، في هذه المرحلة يقتصر دور الوسيط على مراقبة و ادارة الاتصال بين الفاعلين ومنح الجميع نفس امكانية التعبير. 

في نهاية العرض ، سيكون الأطراف قد قاموا برسم خارطة للنزاع تكون بمثابة نقطة انطلاق للمحادثات ، في بعض الأحيان سيكون من الضروري التحقق من الوضع القانوني للوثائق أو القيام بزايارات ميدانية .

 ثم تبدا المناقشات العلنية بين الأطراف في هذه المرحلة تكون القدرة على العمل معا للتوصل إلى اتفاق ، في بعض الأحيان يكون الموقف تصادميا لان الأطراف لا يستوعبون الهدف من العملية في البداية كما أن هذه المرحلة تندرج ضمن مرحلة جس النبض و التي غالبا ما يتعصب كل طرف لموقفه ، كما انهم من الناحية النفسية يخشون من ان يفسر موقفهم على انه علامة ضعف و تقوية موقف الطرف الآخر ، تتطلب المحادثات بعض التريث حسب مستوى كل الاطراف و سيكون من الضروري الانتضار لفترة طويلة قبل الانتقال إلى التعاون و في اصعب الحالات سينتقل الأطراف إلى التعاون اذا عرفوا أن مناقشاتهم غير مثمرة. 

عكس الخصومة القضائية التي تؤدي في أغلب الأحيان إلى قطع العلاقات بين الخصوم اجتماعية كانت أو أسرية أو غيرها. 

فإن الطرق البديلة لحل المنازعات هي طرق ناجحة للحفاظ على استمرارية هذه العلاقات أفضل من التقاضي، لان هذه الطرق تقوم على مبدأ التفاوض والحوار وهو ما يتيح الفرصة لهم للقاء بشكل متواصل أثناء جلسات الحوار للوصول إلى حل للنزاع يرتضيه الطرفان اذا سارت مرحلة رسم خريطة النزاع بسلاسة فستكون المحادثات اسهل : و سيكون الممثلون قد بداو بالفعل العمل معا و ربما يكون التنافس بينهم قد تلاشی .

اثناء المحادثات قد يحاول بعض الفاعلين تهديد او اذلال او اجبار أطراف اخرى على تبني وجهات نظرهم ، و بالتالي فان وجود الوسيط مهم بشكل خاص في محاولة الحد من آثار هذا السلوك ، حتى لو كان من المستحيل تماما تجاهلها وعلى الوسطاء توضيح انه من المستحيل تحقيق الحل باطالة الأمد و توسيع المدة الزمنية اذا رفض الاطراف التعاون ، فالتعاون في البداية هو الحل الذي يضمن انهاء الصراع في مدة قصيرة و اطالة الأمد دون التعاون لايؤدي الى نتائج مثمرة .

حيث تشير المادة 55 من مشروع ملحوظة الأونيسترال حول الوساطة أن : على وجه العموم، يتمثل دور الوسيط في بناء الثقة بين الأطراف والثقة في العملية، من أجل التوصل إلى تسوية المنازعة. ويسعى الوسيط، في البداية، إلى توفير أجواء آمنة ومحايدة وداعمة لإجراء تفاوض فعال. ويستخدم الوسطاء درجات متفاوتة من التأثير تبعا التوقعات الأطراف وظروف القضية والممارسات المختلفة. 

فوضعية الوسطاء الحيادية تجعلهم مؤهلين على نحو فرید للتفاعل مع مزاعم الأطراف وحججهم، ويساعدون الأطراف على تقييم مصداقية مواقفهم. كما يساعد الوسطاء الأطراف على تحديد احتياجاهتم ومصالحهم وترتيب أولوية تلك الاحتياجات و المصالح، مما يفضي إلى مفاوضات مستنيرة وحلول مصوغة خصيصا للمنازعة المعنية.

 عندما يبدأ التعاون يجب على اطراف النزاع النظر في آراء الأطراف الأخرى على انها خيارات ممكنة و محاولة فهم دوافعهم و ينجحون في تحديد أولوياتهم من خلال التمييز بين ما هو قابل للتفاوض وماهو غير قابل للتفاوض ، سيبحث الأطراف بعد ذلك على خيارات جديدة لادارة النزاع بمساعدة الوسيط .

 يعمل الوسطاء على تعزيز الابداع و المرونة من خلال حث الأطراف على التفكير عكس افترضاتهم الأولية و النظر في البدائل و اثناء العملية يسعى الوسيط الى اقامة الروابط بين الأطراف حيث تشير المادة 56 من مشروع ملحوظة الأونيسترال حول الوساطة الى انه : توجد لدى الوسطاء مجموعة منوعة من الأساليب المنهجية والأدوات للتغلب على المأزق والمضي بالعملية قدما. وطوال مراحل الوساطة، يساعد الوسطاء الأطراف ويقمون لهم إرشادات بشأن المناقشات، ويساعدونهم في كثير من الأحيان على التفكير الإبداعي، مما يمكنهم من النظر في مجموعة من النتائج المحتملة و إيجاد حلول خلاقة أو مناسبة على نحو آخر، قد لا تكون متاحة في المحاكم أو في التحكيم .

 وعلى الوسيط التاكد من مشاركة جميع الممثلين في رسم خارطة النزاع و وصول المعلومات الكافية للعثور على نقطة بداية مشتركة و مدة الوقت الكافية للتخلي على الخصومات و الانتقال الى التعاون .

 2.3.2 الاتفاق و المتابعة:

 الاتفاق النهائي هو بمثابة ثمرة لكل التنازلات الرسمية و الغير الرسمية الصغيرة و الكبيرة و الاتفاقيات التي تم التفاوض عليها بشكل منفصل بين الفاعلين . 

من المهم أن يشارك الأطراف في صياغة نص الاتفاقية وان تتبع مختلف مراحل تطورها ، سيحتاج الوسيط الى الخروج بالمسودات التي سيناقشها مع الأطراف مباشرة او ممثليهم حتى يتم الاتفاق على النسخة النهائية . 

ان التأكيد على الأهداف التي تم تحقيقها بالفعل حتى لو بدت غير مهمة فانه يعمل على بناء الثقة بين الفاعلين و يجب أن تتضمن الاتفاقية القرارات التي اتخذها الفاعلون في العملية وان تشير ايضا الى : تاريخ دخول القرارات حيز التنفيذ الشخص المسؤول عن تطبيق القرارات و مراقبة نتائج العملية -التدابير الواجب اتخاذها اذا لم يمتثل احد الاطراف او اكثر للالتزامات التي تم التعهد بها بموجب الاتفاقية .

 -الاتفاق هو وثيقة موقعة من قبل جميع الأطراف و الوسيط و اصحاب النزاع لهم الاختيار في جعلها رسمية أم لا. يمكن أن تكون القيمة القانونية مهمة جدا في سياق رسمي لكنها أقل أهمية في بيئة تقليدية ، حيث يمكننا التفكير في طرق اخرى بمراعاة السياق الاجتماعي و الثقافي من خلال قراءة الاتفاقية امام اعيان المجتمع او كبار السن او قدماء المهنة او ممثلي المجتمع المدني او شيوخ القبائل والطرق الدينية.

هناك جانب آخر يجب مراعاته هو الأثر الاقتصادي للاتفاقية : سيكون من غير الضروري على الأطراف الموافقة على قرار لا يمكن تحمله ، فاذا كان يتجه الى التنفيذ فيجب أن يقوم على الواقع و مصالح و احتياجات الفاعلين . 

-الرقابة :هو التحقق من تنفيذ الاتفاق و افضل طريقة لضمان وفاء الاطراف بمسؤولياتهم هو تحديد التواريخ التي يجب احترامها و الاشارة اليها في الاتفاقية و مسار خطة العمل ، كما يجب تعيين مجموعة متساوية من الأطراف للتحقق من النتائج .

و بالتالي يمكن أن تشير الاتفاقية الى ما سيحدث في حالة الفشل و يتم تخصيص المجموعة لهذا الغرض . يمكن فحص العملية من خلال ثلاث وجهات نظر :

- من خلال مراعاة المزايا و النتائج التي حصل عليها الخصوم :(الاتفاق ، الرضا ، الفائدة الاقتصادية ، السرعة ، تحسين العلاقات ، المسؤولية ، تعزيز القدرات لحل المشاكل ،استعادة العدالة و تحسين احترام القواعد و تنفيذها). 

-الأخذ بعين الاعتبار النتائج التي حصل عليها الوسيط ( السمعة ، الخبرة و المهارة الاجتماعية ) -الأخذ بعين الاعتبار نجاح التعاون (تقييم النتائج المتوقعة و النتائج المحصلة ، التزام الأطراف بالقرار النهائي و الاستعداد لتطبيقه). 

وفي هذه المرحلة ينبغي على الوسيط التاكد من : 

مشاركة جميع الأطراف في تطوير الاتفاقية و وجود نفس الاحتمالات للتدخل و التأثير على العملية لدى جميع الأطراف ومعرفة كيفية و قيمة اضفاء الطابع الرسمي للاتفاقية في سياق النزاع وامتلاك الأطراف الأدوات اللازمة التطبيق القرار و امكانية تدخل أطراف خارجية للتطبيق وهل يعتمد التطبيق حصريا على اطراف خارجية ام يكفي التزام شخصي من الأطراف الفاعلة في النزاع و هل النتائج تمثل حلا حقيقيا للنزاع ؟هل يشعر الاطراف انهم اثروا على القرار؟ هل اصحاب المصلحة قادرون على تنفيذ القرار؟ وهل تحسنت الاتصالات و علاقات العمل بين الطرفين ؟ وهل استفادت العملية من الوقت و الموارد بشكل فعال؟ وهل يعتقد الأطراف ان الاجراءات عادلة ؟

 3. الوسيط و جدول الوساطة:

 1.3 الوسيط :

 تظهر أهمية الوساطة من خلال توقفها على إرادة طرفي الخلاف الحرة في اللجوء اليها كوسيلة لتسوية الخلافات ، فدور الوسيط يقتصر على تقريب وجهات النظر بين طرفي الخلاف ، ويبقى لهما حق قبول توصياته أو رفضها مع ضرورة تحلي هذا الوسيط بالحياد و النزاهة .

 ان الصفات المحددة في شخصية الوسيط مطلوبة من اجل تمكين الأطراف في الوصول إلى اتفاق ، و الصفة الرئيسية في الوسيط هي الحياد و القطيعة مع الأفكار المسبقة حول النزاع او احد الأطراف وياتي ذلك قبل قبول الموافقة على التدخل في النزاع ، و على الوسيط ان يتأكد من عدم وجود أي سبب يجعله يتخلى عن الحياد فاذا لم يكن محايدا في المبدأ فلن يكون قادرا على المساعدة في حل النزاع بل قد يكون تصرفه ضارا ، و يسقط في العاطفة التي هي عكس الموضوعية ، في هذه الحالة يمكن لأحد الأطراف آن يشكك في شرعيته و في عملية الوساطة ككل. فمثلا في هونغ كونغ اعتماد الوسطاء (منحهم شهادات مهنية) هو امر اختياري ، أي ليس هناك ما يمنع قانونيا أي شخص غير حاصل على اعتماد من تقديم خدمات الوساطة ، ولا يزال هذا هو الوضع حتى دخول مرسوم تنظيم عمل مهنة الوساطة حيز النفاذ عام 2013 ، وعليه فلماذا يشتغل الناس بالحصول على الاعتماد ؟ الجواب يكمن في التنظيم الذاتي لها ، و بعد تأسيس جمعية اعتماد الوسطاء الرائدة في منطقة هونغ كونغ كانت قائمة الجمعية تظم اكثر من ألفي وسيط معتمد.

 الوسيط الجيد ليس فقط من يجيد الاتصال و يملك مهارات في ذلك ، لكن يجب أن تكون لديه معرفة جيدة بطبيعة النزاع و امكانيات الأطراف لايجاد حل. 

و بشكل عام على الوسيط :

1- يتعين على الوسيط ان يكون مؤهلا قانونيا من الناحيتين الاكاديمية والعملية على نحو يمكنه من تسيير عملية الوساطة وتحقيق الغاية المرجوة فيها بكفاءة وقدرة عالية .

2- ضرورة التحلي بالحياد والنزاهة والاستقلال .

3- القدرة على تحديد مصدر النزاع وسببه .

 4- التحلي بالسرية للمحافظة على مجريات الوساطة وما تم خلالها من تبادل للوثائق والطلبات سرا، مالم يسمح له طرفا النزاع صراحة بالنشر او ان يقوم بذلك تنفيذا للقانون .

و بشكل خاص : 

1.1.3-ان يستطيع اعادة صياغة المواقف التي تعرض عليه من قبل اطراف النزاع و مساعدة كل طرف على فهم وجهة نظر الطرف الآخر و تحليل التفسيرات و الحلول الممكنة ، يرتبط الابداع بالحياد فان كان الوسيط متأثرا او متعاطفا مع احد الأطراف فان ذلك يمنع ابداعه .

 2.1.3- أن يكون مرنا و يعني ذلك الاستماع إلى الآراء المختلفة و قبولها دون الحكم عليها، مع تحديد النقاط المشتركة التي يمكن أن تجمع الأطراف و تكون نقطة بداية لحل النزاع.

والوسيط عليه أن يعي جيدا أن في الوساطة لا يوجد أي إجراء يترتب عليه البطلان الا المتعلق بالنظام العام والآداب العامة، فالوسيط غير ملزم باتباع إجارءات معينة مادام الهدف هو إيصال الأطراف للحل الذي يرغبون فيه.

 3.1.3 أن يتحلى بالصبر و ذلك من خلال مراعاة الوقت اللازم لكل طرف للحوار وفهم الطرف الآخر ، يتصرف الوسيط بانسجام مع كل الأطراف دون الالتزام بجدول زمني محدد.

 4.1.3 أن يكون قادرا على توقع السيناريوهات و يجب ان يمتلك القدرة على التنبؤ مستقبلا بالتطور المحتمل للموقف بالاضافة للمزايا و المخاطر ذات الصلة بالنزاع ، سيمكن التنبؤ من ايجاد حلول اكثر استدامة ، او على الأقل وضع الاساس لحلها . 

وقد حددت المواد ( 29-35) من مشروع ملحوظات الاونيسترال بشأن الوساطة طرق اختيار الوسيط و ووضحت مجموعة من الشروط الاساسية منها المهارات و الخلفية والمتطلبات الأخلاقية تتلخص معضمها في : التدريب والتمرس على الوساطة، والقدرة على تسيير إجراءات الوساطة ، الخلفية مثل الجنسية والتقاليد القانونية، الخبرة الفنية والمؤهلات المهنية بما فيها الخبرة الفنية في موضوع الخلاف والمهارات اللغوية والتقنية، اضافة الى الاستقلالية و الحياد و وألا تكون له مصلحة مهنية أو مالية أو مصلحة أخرى في المنازعة ونتائجها.

 2.3 الاتصالات :

 تبدأ المحادثات عندما يكتمل تحليل النزاع و رسم خارطته و يوافق الأطراف على المشاركة و يتم الاتفاق على القضايا التي يتعين النظر فيها. تتوقف المحادثات على السماح لكل طرف بشرح وجهة نظره و التعبير عن احتياجاته ، و ايضا مساعدة الأطراف على فهم بعضهم بعض بشكل أفضل . على الوسيط ان يتبني اسلوبا بسيطا وواضحا ومباشرا ، و ان يكون دقيقا و مختصرا ، و يشجع الأطراف على فعل نفس الشيء ، ومحاولة بناء الثقة مع الأطراف من خلال التحدث معهم باسمائهم و و بضمير المتكلم (نحن) .

 التسليط على الجوانب الايجابية لكل موقف و تشجيعهم على التعبير عن موقفهم بشكل بناء ، ووضع اللغة و المستوى التعليم و الأصل الجغرافي و الثقافي و الاثي و الاقتصادي بعين الاعتبار .

 3.3 التنظيم :

 التنظيم الجيد لطاولة الوساطة امر مهم حيث يتعين على الاطراف و الوسيط الاتفاق على المكان و التاريخ و جدول زمني للمناقشات . اختيار المكان مهم جدا على أن يكون محايدا يشعر فيه الجميع بالراحة و المساواة و معروفا و مرحبا به من جميع الأطراف و لا يقع في أراضي الخصوم ، فاذا كان الوسيط مثلا يحاول حل نزاع طويل الأمد تصاعد الى اعمال عنف فيتوجب عليه تقييم ما اذا كان المكان يسمح للأطراف بالتعاون ، كما يجب على الوسيط ايجاد البيئة الملائمة لاجراء عملية الوساطة ، كما ينصح بوضع الأطراف الفاعلة امام بعضهم البعض و يوزعون في القاعة بطريقة مساوية للجميع كما تنص المادة 54 من مشروع ملحوظات الأونيسترال بشأن الوساطة على الاتفاق على لغة الوساطة : عادة ما تتفق الأطراف أيضا على اللغة أو اللغات التي ستسير بها الوساطة .

وعندما يعتزم استخدام لغات متعددة أثناء الوساطة، يلزم أن يبت الأطراف والوسيط فيما إذا كان يراد استخدام تلك اللغات تبادلا بدون أي ترجمة تحريرية أو شفوية، أو ما إذا كان يلزم توفير ترجمة تحريرية أو شفوية لبعض الوثائق والخطابات (أو لبضعة مقاطع مهمة منها) إلى جميع اللغات.

 4.3 المواعيد الزمانية:

 يمكن الاتفاق على برنامج مفتوح اومغلق ، فالبرنامج المفتوح هو برنامج يمنح المشاركين الفرصة للحديث عن قضايا مختلفة في نفس الجلسة و تحديد القضايا التي ستتم مناقشتها أثناء عملية الحوار، و يحدد البرنامج المغلق بدقة اسم المتحدث ووقت وتاريخ خطابه ومدته و الموضوع الذي يتم تناوله. يجب على الوسيط من وقت لاخر ان يقيم مع الأطراف الخيارات الانسب ، يمكن القول أنه في النزاعات التي تحولت الى اعمال عنف او في عمليات الوساطة التي توجد فيها اختلافات كبيرة في القوة بين الأطراف ، قد يكون من الأكثر فعالية اختيار جدول اعمال مغلق لضمان نفس الاحتمالات لجميع الأطراف ، فاذا شعر احد الأطراف بالفجوة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و الموجودة بينه و بين الأطراف الأخرى فان الوسيط يخاطر بالبرنامج المفتوح بالحد من من مشاركة ذلك الطرف . 

وقد اشارت المواد 52 و 53 من مشروع ملحوظات الأونيسترال بشأن الوساطة : -المادة 52 ينبغي للأطراف

أن تحدد، منذ البداية، المكان الذي ستجري فيه الوساطة. ولدى البت في أماكن الاجتماع، يمكن أن يؤخذ في الاعتبار ما يلي:

 1 -مدى ملاءمة المكان للأطراف والوسيط، بما في ذلك السفر إلى ذلك المكان

 2- توافر خدمات الدعم وتكلفتها.

 3- ما إذا كان المكان يضم غرفة منفصلة لكل طرف وغرفة كبيرة لعقد اجتماعات مشتركة مع جميع الأطراف. 

المادة 53- ويمكن أيضا إجراء الوساطة، كليا أو جزئيا، بالاتصال الحاسوبي المباشر، مما يجعل الاتصال بين الأطراف والوسيط قاصرة على الاجتماعات الافتراضية. وفي هذه الحالات، يمكن أن تتأثر عملية تقرير القانون المنطبق.

 5.2 انهاء عملية الوساطة:

 ان عملية الوساطة تبدأ بعد ان يستوفي المركز من طرفي النزاع الرسوم والمصاريف الادارية اللازمة لتسوية الخلاف و يقوم بتزويدهم بقائمة بأسماء الوسطاء ومؤهلات كلا منهم ليقوموا باختيار الوسيط الذي يتولى قيادة عملية الوساطة والذي سيوضح لهم اجراءات تسوية النزاع والمدة الزمنية التي يقتضيها عملية الوساطة وكلفتها وطريقة الاتصال المتبعة لعقد جلسات الوساطة، أما بالنسبة لانتهاء عملية الوساطة ، فإذا توصل الوسيط الى تسوية سلمية للخلاف و قبله الأطراف تنتهي عملية الوساطة في لحظة المصادقة على اتفاق التسوية ، أما في حالة عدم التوصل لتسوية ودية للخلاف ، فهناك عدة أسباب يترتب على توافر احدها انتهاء عملية الوساطة ومن أمثلة هذه الاسباب ما ورد في المادة (11) من قانون الأوسترال النموذجي للتوفيق التجاري الدولي و هي :

1- إصدار المرفق بعد التشاور مع طرفي النزاع اعلانا يبين فيه انه لا يوجد ما يسوغ القيام بمزيد من جهود التوفيق في تاريخ صدور الاعلان .

2- إصدار طرفي النزاع إعلانا موجها إلى الطرف الاخر او الاطراف الأخرى والى الموفق في حالة تعيينه يفيد بانتهاء اجراءات التوفيق في تاريخ صدور الاعلان .

هذه هي أهم الأسباب التي تؤدي إلى عدم توصل الوسيط لتسوية النزاع وديا بين الخصوم وبالتالي انتهاء عملية الوساطة . وعند انتهاء العملية يخطر الوسيط المركز و طرفي النزاع بانتهاء العملية . 

خاتمة :

 ان الوساطة كطريقة بديلة لحل النزاعات و نظرا لعديد المزايا التي تقدمها لأطراف النزاع تبقى ثقافتها غير منتشرة في المجتمعات الافريقية ، لكن ما يجب علينا تدارکه وتطويره هو شخصية الوسيط ومهاراته و منهجية عمله حتى تؤتي العملية نتائج جيدة لأطراف النزاع و تساعد في نشر ثقافة اللجوء الى الطرق البديلة لحل النزاعات و تخفيف الضغط على القضاء و اختصار الوقت و المحافظة على العلاقات الاجتماعية بين أطراف النزاع.