الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم والصلح / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد السابع / للخصوم حرية الإتفاق على حسم منازعاتهم عن طريق التحكيم بالقضاء (بالقانون) او التحكيم بالصلح، لكن لكل نوع من هذين النوعين ذاتيته واستقلاله فلا يوجد ارتباط بينهما، ولذلك فإن بطلان الإتفاق على التحكيم بالصلح لعدم ذكر اسماء المحكمين لا يؤثر على اتفاق التحكيم بالقضاء (بالقانون) - بيان ذلك – أسباب الإستئناف وأسباب الطعن بحكم المحكمين - صحة تسبيب حكم المحكمين - قوة الأمر المقضي للأحكام والنظام العام

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد السابع
  • تاريخ النشر

    2010-10-20
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    354

التفاصيل طباعة نسخ

من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – انه وان كان التحكيم طريقًا استثنائيًا لفض
الخصومات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية، وكان اختصاص جهة التحكيم بنظرالنزاع وان كان يرتكن اساساً الى حكم القانون الذي اجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، الاّ انه ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين، ويكون مقصورًا على ما تنصرف ارادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم- يجب ان يحدد موضوع النزاع في الإتفاق على التحكيم او اثناء المرافعة ولو كان المحكم مفوضًا بالصلح، والا كان التحكيم باطلاً - ان المشرع اطلق للخصوم حرية الإتفاق على حسم منازعاتهم عن طريق التحكيم بالقضاء او التحكيم بالصلح، وليس هناك ما يمنع من اتفاقهم على ايرادهما معًا في مشارطة واحدة، ان بطلان الإتفاق على التحكيم بالصلح لعدم ذكر اسماء المحكمين لا يلحق الإتفاق على التحكيم بالقضاء بل يظل الإتفاق الأخير صحيحًا، ويكون انهاء النزاع على موجبه.

المشرع جعل القاعدة العامة هي عدم جواز استئناف حكم المحكمين، وما اجازه لذوي الشأن من طلب بطلان حكم المحكم في الحالات التي حددها على سبيل الحصر لا يجوز ان يتخذ ذريعة للنعي على الحكم بذات اوجه النعي التي تصلح لإستئناف الأحكام- صحة تسبيب حكم المحكمين لا تقاس بذات المقاييس التي تقاس بها أحكام القضاء ولا يعيبه ايراده للأسباب بصيغة عامة او مجملة ما لم يقع في موضوعها مخالفة للقانون. 

(محكمة التمييز– طعن تجاري رقم 531 لسنه 2002 - جلسة 8 فبراير 2003م ) .

.........
.........

وحيث ان الطعن اقيم على خمسة أسباب ينعي الطعنان بالوجهين الأول والثاني من السببين الأول والثالث، والوجه الأول والشق الأخير من الوجه الثاني من السبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان انهما تمسكا امام هيئة التحكيم بطلب ندب خبير حسابي لبيان حقوق والتزامات كل من الطرفين، الّا أنها لم تستجب لهذا الطلب في حين انه كان لزامًا عليها ذلك، لأن العقد المبرم بين الطرفين تضمن النص في البند 13 منه على انه في حالة تصفية المؤسسة لأي سبب فإن هذه التصفية يعهد بها الى مدقق حسابات، وذلك بإعتبار ان طلب انهاء النزاع عن طريق التحكيم صورة من صور تصفية الشركة الاّ ان الحكم المطعون فيه قد ساير هيئة التحكيم في الإلتفات عن هذا الطلب، كما اخطأ الحكم المطعون فيه بمسايرته لحكم هيئة التحكيم في عدم الإعتداد بحجية الحكم الجزائي الصادر على المطعون ضده في الجنحة رقم 730-2001 والذي قضى غيابيًا بحبسه سنة بتهمة خيانة الأمانة بالإستيلاء على بعض ممتلكات مؤسسة "....." التي يطالب بمستحقاته فيها، وهو ما كان يوجب على هيئة التحكيم وقف نظر الطلب لحسن صيرورة الحكم الجزائي باتًا الا أنهم استمروا في نظر الطلب، ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري، فضلاً عن انهما تمسكا امام محكمة اول درجة ببطلان حكم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري، فضلاً عن أنهما تمسكا امام محكمة أول درجة ببطلان حكم المحكمين لقضائه بإلزام الطاعنين بالمبالغ المحكوم بها متضامنين في حين انه لا وجه للتضامن اذ ان الطاعن الأول هو وحده مالك المؤسسة والممثل القانوني لها بينما الطاعن الثاني مجرد شريك فيها وبحصة يسيرة فيكون الطاعن الأول وحده هو المسؤول عما يكون للمطعون ضده من حقوق، كما ان حكم المحكمين لم يحترم حجية الأحكام الجزائية الصادرة على المطعون ضده بدولتي الكويت والإمارات، وفصل الذمة المالية للمطعون ضده عن مؤسسة "....." رغم انها من شركات المحاصة التي تختلط فيها الذمة المالية للشركاء بالذمة المالية للشركة، ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا الدفاع، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب تمييزه. 

وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان المشرع
اجاز على سبيل الإستثناء في المادة 186 من قانون المرافعات الطعن في الحكم الصادر نهائيًا بدعوى بطلان أصلية ترفع بالإجراءات المعتادة امام المحكمة المختصة اصلاً بنظر النزاع وذلك في حالات معينة هي:

أ- اذا صدر بغير اتفاق تحكيم او بناء على اتفاق باطل او سقط بتجاوز الميعاد، او اذا كان الحكم قد خرج عن حدود الإتفاق على التحكيم.

 ب- اذا تحقق سبب من الأسباب التي يجوز من أجلها التماس اعادة النظر.

ج- اذا وقع بطلان في الحكم او بطلان في الإجراءات أّثر في الحكم، ولما كان المشرع قد جعل القاعدة العامة هي عدم جواز استئناف حكم المحكم فإن ما اجازه لذوي الشأن من طلب بطلان الحكم في الحالات التي حددها على سبيل الحصر يجب الّا يتخذ وسيلة للتوصل الى النعي على الحكم بذات اوجه النعي التي تصلح سببًا لإستئناف الأحكام، والا كان فتح باب الطعن بالبطلان– وعلى ما افصحت عنه المذكرة الإيضاحية لقانون المرافعات - مفوتًا على ذوي الشأن دوافعهم الأساسية من اختيار طريق التحكيم المختصر ومنطويًا على العودة بهم الى ساحة القضاء من الباب الخلفي، لما كان ذلك وكان ما ينعاه الطاعنان على حكم هيئة التحكيم بأوجه النعي سالفة الذكر لا يصلح ان يكون سببًا لبطلانه ولا يندرج ايًا منها ضمن حالات التماس اعادة النظر التي وردت على سبيل الحصر بالمادة 148 من قانون المرافعات وهي:

أ- اذا وقع من الخصم غش كان من شأنه التأثير في الحكم.

ب- اذا كان الحكم قد بني على شهادة شاهد قضي بعد صدوره بأنها مزورة.

ج- اذا حصل الملتمس بعد صدور الحكم على اوراق قاطعة في الدعوى كان خصمه قد حال دون تقديمها.

د- اذا قضى الحكم بشيء لم يطلبه الخصوم او بأكثر مما طلبوه.

هـ- اذا كان منطوق الحكم مناقضًا بعضه البعض.

و- اذا صدر الحكم على شخص طبيعي او اعتباري لم يكن ممثلاً تمثيلاً صحيحًا في الدعوى، وذلك فيما عدا حالة النيابة الإتفاقية، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنان من عدم استجابة هيئة التحكيم لطلبهما بندب خبير حسابي، ومن ثم عدم وقفها الطلب لحين صيرورة الحكم الجزائي الغيابي الصادر على المطعون ضده في الجنحة رقم 730-2001 باتًا، وقضائها بإلزام الطاعنين بالتضامن في غير حالاته... الى آخر ما جاء بوجه النعي، وان كانت تصلح أسبابًا للإستئناف، الاَ انها لا تصلح أسبابًا للطعن على حكم المحكمين بالبطلان، ذلك ان المشرع قد جعل القاعدة العامة هي عدم جواز استئناف حكم المحكمين، وما اجازه لذوي الشأن من طلب بطلان حكم المحكم في الحالات التي حددها على سبيل الحصر لا يجوز ان يتخذ ذريعة للنعي على الحكم بذات اوجه النعي التي تصلح لإستئناف الأحكام، والا كان فتح باب الطعن بالبطلان مفوتًا على ذوي الشأن دوافعهم الأساسية من اختيار طريق التحكيم المختصر، ومنطويًا على العودة بهم الى ساحة القضاء من الباب الخلفي، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بما سلف يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء
هذه المحكمة ان الأمر الذي يعرض على محكمة التمييز ليس هو الخصومة التي كانت مرددة بين الطرفين امام محكمة الموضوع، وانما هو في الواقع مخاصمة الحكم النهائي الذي صدر فيها، ولذلك فإن نطاق الطعن بالتمييز لا يتسع لغير هذا الحكم، ويجب ان تنصب أسباب الطعن عليه دون غيره والا كانت غير مقبولة، وكانت المحكمة قد انتهت فيما تقدم الى ان الأسباب التي اوردها الطاعنان بأوجه النعي لا تصلح اسبابًا لبطلان حكم المحكمين، ومن ثم فإن النعي بها يكون موجهًا في حقيقته الى تعييب حكم المحكمين ، ولا يتجه الى الحكم المطعون فيه، ولا يصادف محلاً في قضائه، وبالتالي تكون غير مقبولة. 

وحيث ان الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب الاول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقولان ان عماد التحكيم الماثل هو نص البند 14 من العقد المؤرخ 1993/1/1م المبرم بين الطرفين الذي تضمن النص صراحة على تفويض المحكمين بالصلح، بما يكون معه الإتفاق على التحكيم قد وقع باط ً لا لعدم تحديد اسماء المحكمين به بصرف النظر عما اذا كان المحكمون قد انهوا النزاع صلحًا او قضا ء، وهو ما يترتب عليه بطلان حكم المحكمين، واذ التفت الحكم المطعون فيه عما تمسك به الطاعنان في هذا الخصوص بمقولة ان تعيين المحكمين عن طريق القضاء يستفاد منه عدم رغبة الخصوم في حل النزاع عن طريق الصلح، واعتبر شرط التحكيم صحيحًا رغم خلوه من بيان اسماء المحكمين، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب تمييزه. 

وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – انه وان كان التحكيم طريقًا استثنائيًا لفض الخصومات قوامه الخروج عن طريق التقاضي العادية، وكان اختصاص جهة التحكيم بنظر النزاع وان كان يرتكن اساسًا الى حكم القانون الذي اجاز استثناء سلب اختصاص جهات القضاء، الّا انه ينبني مباشرة على اتفاق الطرفين، ويكون مقصورًا على  ما تنصرف ارادة المحتكمين الى عرضه على هيئة التحكيم، واذ كانت المادة 173 من قانون المرافعات قد نصت في فقرتيها الأولى والرابعة على انه "يجوز الإتفاق على التحكيم في نزاع معين، كما يجوز الإتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ عن عقد معين... ويجب ان يحدد موضوع النزاع في الإتفاق على التحكيم او اثناء المرافعة ولو كان المحكم مفوضًا بالصلح،
والاّ كان التحكيم باطلاً، وكانت المادة 176 من القانون المذكور قد نصت على انه "لا يجوز التفويض للمحكمين بالصلح ولا الحكم منهم بصفة محكمين مصالحين الا اذا كانوا مذكورين بأسمائهم في الإتفاق على التحكيم". فإن مفاد ذلك ان المشرع اطلق للخصوم حرية الإتفاق على حسم منازعاتهم عن طريق التحكيم بالقضاء او التحكيم بالصلح، وليس هناك ما يمنع من اتفاقهم على ايرادهما معًَا في مشارطة واحدة، وذلك بتفويض المحكم بالقضاء او بالصلح، والرضاء بحسم النزاع على اي من الوجهين، الاّ ان التخيير بين النوعين لا يمنع من ان يكون لكل منهما ذاتيته واستقلاليته، فليس ثمة ارتباط بينهما، وبالتالي فإن بطلان الإتفاق على التحكيم بالصلح لعدم ذكر اسماء المحكمين لا يلحق الإتفاق على التحكيم بالقضاء، بل يظل الإتفاق الأخير صحيحًا، ويكون للمحكمين انهاء النزاع على موجبه، وكان البين من الإطلاع على البند الرابع عشر من العقد المؤرخ 1993/1/1م المبرم بين الطرفين انه تضمن النص على انه "في حالة وجود اي
نزاع بين الأطراف حول تفسير هذا العقد او تنفيذ اي بند من بنوده او اي خلاف آخر يطرأ بينهم يجري حسمه عن طريق التحكيم بأن يختار الطرفان الأول والثالث (الطاعنان) محكمًا، ويختار الطرف الثاني (المطعون ضده) محكمًا، ويختار المحكمان حكمًا مرجحًا، ويكون المحكمون مفوضون بالصلح، ويكون الحكم الذي يصدرونه ملزمًا للجميع"، فإنه يتضح من هذا البند ان الطرفين قد اتفقا فيه على التحكيم بصيغة عامة، وحددا نطاقه، كما حددا كيفية اختيار المحكمين، وفوضا المحكمين بالصلح، بما مفاده ان ارادة الطرفين قد اتجهت الى حسم اي نزاع بينهما عن طريق التحكيم سواء بالقضاء او بالصلح، وان التحكيم المنصوص عليه بهذا البند لا يقتصر على التحكيم بالصلح فقط، وبالتالي يكون تفويض المحكمين بالصلح على هذا النحو ما هو الا رخصة منحها الطرفان للمحكمين، ومتى كان ذلك وكان لا يوجد في احكام قانون المرافعات الواردة في باب التحكيم ما يمنع من الإتفاق على التحكيم بالقضاء او بالصلح في مشارطة واحدة، وكان النص في المادة 176 من قانون المرافعات على انه "لا يجوز التفويض للمحكمين بالصلح، ولا الحكم منهم بصفة محكمين مصالحين، الا اذا كانوا مذكورين بأسمائهم في الإتفاق على التحكيم"
مفاده ان البطلان الذي يلحق الإتفاق على التحكيم لعدم ذكر اسماء المحكمين في هذا الإتفاق انما يقتصر على الإتفاق على التحكيم بالصلح دون التحكيم بالقضاء، وان الحكم الصادر منهم في هذه الحالة لا يلحقه البطلان، الا اذا كانوا قد حكموا بصفتهم محكمين مصالحين، اذ لم يستوجب القانون في التحكيم بالقضاء ذكر اسماء المحكمين بمشارطة التحكيم، لما كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق ان المحكمين قد انهوا النزاع بين طرفي الخصومة في الطعن قضاء وليس صلحًا فإن الإتفاق على التحكيم وان خلا من بين اسماء المحكمين لا يكون قد لحقه ثمة بطلان، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وانتهى الى صحة مشارطة التحكيم، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون على غير أساس. 

وحيث ان الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الاخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الإستئناف بأنهما اقاما دعوى بطلب رد رئيس هيئة التحكيم وقدما الى الهيئة الدليل على ذلك، وطلبا وقف السير في اجراءات طلب التحكيم لحين الفصل في طلب الرد الّا ان الهيئة لم تستجب طلبهما بما يترتب عليه بطلان اجراءاتها وبطلان الحكم الصادر منها، وبأن هيئة التحكيم لم تلتزم بقاعدة ان المدعى (عليه) هو آخر من يتكلم، واذ لم يتناول الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري بالرد، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب تمييزه. 

وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان المشرع
اورد في المادة الثانية من قانون المرافعات قاعدة مؤداها عدم قبول اي طلب او دفع لا يكون لصاحبه فيه مصلحة قائمة يقرها القانون، وان المصلحة في الطعن لا تتوافر اذا بني على وجه غير منتج او سبب لو صح واقتضى تمييز الحكم المطعون فيه لما عاد على الطاعن من ذلك ثمة فائدة، لما كان ذلك، وكان الطاعنان قد تمسكا ببطلان الحكم الصادر من هيئة التحكيم على سند من انها لم تستجب طلبهما بوقف اجراءات طلب التحكيم لحين الفصل في دعوى الرد المقامة منهما بطلب رد رئيس هيئة التحكيم، وكان البين من الأوراق ان طلب الرد المشار اليه المقامة به الدعوى رقم 156-2001 تجاري قد قضى برفضه بتاريخ 2001/5/16م اثناء تداول طلب التحكيم امام الهيئة وقبل صدور الحكم فيه الذي صدر بتاريخ 2001/11/5م ومن ثم فإن وقف نظر طلب التحكيم لحين الفصل في طلب الرد ما كان سيعود على الطاعنين بثمة فائدة لو
اجابتهما الهيئة اليه، اذ كانت ذات الهيئة هي التي ستباشر نظر طلب التحكيم بعد ان قضى برفض طلب الرد، ويكون النعي على الحكم بهذا الوجه غير منتج، ومن ثم غير مقبول. 

وحيث ان الطاعنين ينعيان بالشق الأول من الوجه الثاني من السبب الخامس على الحكم
المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا امام محكمة الموضوع ببطلان حكم المحكمين لما شاب أسبابه من إجمال شديد وعمومية، واذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع على سند من القول بأن أحكام المحكمين لا تقاس بذات الأقيسة التي تقاس بها أحكام القضاء، وانه لا يجوز الإستناد الى الأسباب التي تصلح للإستئناف للنعي على حكم المحكمين بالبطلان، فإنه يكون معيبًا بما يستوجب تمييزه. 

وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان صحة
تسبيب حكم المحكمين لا تقاس بذات المقاييس التي تقاس بها أحكام القضاء، اذ يكفي لحمل حكم المحكمين على محمل الصحة ان يرد بأسبابه ملخص الوقائع التي استخلصها في المساجلة الدائرة بين الطرفين في النزاع محل التحكيم، وان يصيب في موقع ما يحكمها من القواعد القانونية، فلا يعيبه ايراده للأسباب بصيغة عامة او مجملة ما لم يقع في موضوعها مخالفة للقانون، لما كان ذلك، وكان البين من الإطلاع على حكم المحكمين مثار النزاع الصادر بتاريخ 2001/11/5م أنه اورد بأسبابه ملخص لوقائع النزاع ومستندات الخصوم وأوجه دفاعهم ودفوعهم فيه بما يكفي لحمله على محمل الصحة، اذ لا تقاس أسبابه بذات المقاييس التي تقاس بها أحكام القضاء، ولا يعيبه ان ترد أسبابه بصيغة عامة او مجملة، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي
عليه بما سلف يكون على غير أساس. 

وحيث ان الطاعنين ينعيان بالسببين الثاني والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقولان انهما تمسكا امام محكمة الموضوع بأن العقد المؤرخ 1984/10/29م لم يتضمن شرط التحكيم، وبأن هذا العقد لا علاقة له بالعقد المؤرخ 1993/1/1م المشتمل على شرط التحكيم لأن الشركة التي كانت قائمة بموجب العقد الأول قد انتهت وتكونت شركة جديدة، وان عماد التحكيم هو العقد الأخير وحده، وبأن حكم المحكمين قد جاء باطلاً لقضاء المحكمين دون اتفاق على التحكيم، ولخروجهم عن حدود هذا الإتفاق، واذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع على سند من القول بأن الحكم الصادر في الدعوى رقم 97-1698 تجاري كلي والمؤيد استئنافيًا قد قطع بإختصاص هيئة التحكيم بجميع المنازعات فلا يجوز العودة الى المجادلة في ذلك تقيدًا بقوة الأمر المقضي به في حين ان كل ما فصل فيه الحكم المذكور هو عدم وجود ولاية للقضاء العادي ودون ان يحدد نطاق ما يعرض على هيئة التحكيم، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد حرف المستندات وخرج عن المعنى الظاهر لها، ولم يرد على دفاعهما بشأن التعويض عن الغزو العراقي، والخلاف حول الأجور والرواتب، وثمن ارض اليرموك، وهي لا تتعلق بالعقد المؤرخ 1993/1/1م الذي طوى شرط التحكيم، بما يعيبه ويستوجب تمييزه. 

وحيث ان هذا النعي مردود، ذلك ان من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – ان لمحكمة
الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والإتفاقات والشروط المختلف عليها، ولا رقابة لمحكمة التمييز عليها في ذلك متى كان تفسيرها مما تحتمله عباراتها، ولا خروج فيه عن المعنى الظاهرلها، كما ان من المقرر ان المناط في حجية الأمر المقضي المانعة من اعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها نهائيًا ان تكون هذه المسألة اساسية لا تتغير تناضل فيها الطرفان في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرارًا جامعًا مانعًا من اعادة مناقشتها لدى الحكم الثاني، وان تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعيه اي من الطرفين قبل الآخر في الدعوى الثانية من حقوق، فإذا تحقق ذلك فإن هذا القضاء يحوز حجية الأمر المقضي في هذه المسألة الأساسية التي فصل فيها، ويكون مانعًا للخصوم من العودة الى التنازع سواء بطريق الدعوى او الدفع في شأن اي حق جزئي آخر متوقف ثبوته او انتفاؤه على ثبوت تلك المسألة الأساسية السابق الفصل فيها بين الخصوم انفسهم او على انتفائها، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين مادام الأساس فيهما واحدًا. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على البند الرابع عشر من العقد المؤرخ 1993/1/1م مثار النزاع انه قد نص على انه "في حالة وجود اي نزاع بين الأطراف حول تفسير العقد او تنفيذ اي بند من بنوده او اي خلاف آخر يطرأ بينهم يجري حسمه عن طريق التحكيم"، وكان الحكم المطعون فيه قد خلص سائغًا وبما لا خروج فيه عن المعنى الظاهر لعبارات العقد الى أنه طبقًا لما ورد بهذا البند فإن اي نزاع ينشأ بين الطرفين فيما يتعلق بحقوق والتزامات كل منهما يكون نظره والفصل فيه عن طريق التحكيم، وان التحكيم يشمل جميع الأنزعة دون استثناء، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الخصوص لا يعدو ان يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تفسير العقود والمشارطات مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز، كما انه متى كان الثابت من الأوراق، وبإقرار الطاعنين بصحيفة الطعن، انه قد صدر الحكم رقم 1689-97 تجاري كلي – بين الخصوم انفسهم – والمؤيد استنافيًا بالحكم الصادر في الإستئناف رقم 1572-97 تجاري بتاريخ 98/1/19 م الذي قضى بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر النزاع لوجود شرط التحكيم، فإنه قد تم الفصل في الحكم المذكور في مسألة اساسية لا تتغير هي مسألة الإختصاص، بعد ان تناضل فيها الخصوم، واعما ً لا لقوة الأمر المقضي للأحكام التي تعلو على اعتبارات النظام العام فإنه لا يجوز للطاعنين العودة الى المجادلة فيما فصل فيه الحكم المذكور بشأن الإختصاص بمقولة ان بعض المسائل تخرج عن دائرة اختصاص هيئة التحكيم، واذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وتقيد بقوة الأمر المقضي للحكم المشار اليه فإنه يكون قد التزم صحيح حكم القانون، ويكون النعي عليه بما سلف برمته على غيراساس. 

ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
لذلك،

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعًا، والزمت الطاعنين المصروفات وعشرين دينارًا مقابل اتعاب المحاماة، مع مصادرة الكفالة.