الوكالة عقد من العقود الرضائية، يلتزم الوكيل بمقتضاه بأن يقوم بعمل قانوني لحساب ولمصلحة الموكل؛ فالوكالة تتشابه مع التحكيم في أن كلا منهما يعتبر نوعا من أنواع الولاية وأن الرضا هو المثبت لهذه الولاية ومداها، فلا يملك الوكيل مباشرة العمل الموكل به إلا بإذن الموكل ورضاه وفي حدود وما وضع له من قيود.
إلا أنه هناك اختلاف وحدود فاصلة بين نظام التحكيم والوكالة، أهمهما :
(أ) أن الوكيل يستمد سلطاته وصلاحياته من الموكل، ويملك الموكل التنصل من عمل الوكيل إذا خرج عن حدود وكالته، ولا يقوم الوكيل إلا بما يمكن أن يقوم به الموكل. أما المحكم فيكون مستقلا تمام الاستقلال عن الخصوم ، فبمجرد الاتفاق على التحكيم تصبح له صفة القاضي؛ فلا يتمكن الخصوم من التدخل في عمله.
(ب) لا يملك أحد الأطراف في التحكيم أن يعزل المحكم پارادی المنفردة، ولا يستطيع أن يلغي اتفاق التحكيم، بينما يستطيع الوكيل عزل وكيله أو استبداله في أي وقت، وله أيضا إلغاء عقد الوكالة برمته.
ومع اختلاف نظام التحكيم عن الوكالة إلا أن بعض الفقهاء يعطى المحكم صفة الوكيل بالخصومة وأن كان محكما من الناحية القانونية، وذلك في الحالة التي يعهد الطرفان فيها بالتحكيم إلى هيئة ثلاثية يختار كل منهما عضوا فيها ويتفق الطرفان على العضو الثالث، ويرون أن هذه مسألة موضوعية تختلف النظرة إليها بحسب كل حالة.
ويرى الباحث في هذه الحالة أن المحكم لا يعتبر وكيلا عن الخصم الذي اختاره، وأن كانت رئاسة الهيئة تكون للعضو الثالث الذي رأيه يظل هو المرجح، وذلك لأنه يعمل باستقلالية تامة عن الذي اختاره ولا يخضع إلا لسلطان ضميره فیفصل بالنزاع بالعدل دون تدخل من قبل الخصوم.