من التعريفات السابقة للتحكيم يتضح أن التحكيم كالقضاء، أو أنه شعبة من شعب القضاء إلا أن ولاية التحكيم أخص من ولاية القضاء، ويترتب على ذلك أن سلطة المحكم أقل من سلطة القاضي، وعلى ذلك يكون حكم المحكم أقل رتبة من حكم القاضي، وهي نتائج قد توصل إليها الفقه الإسلامي قبل قوانين التحكيم الحديثة، لذلك نجد أن رقابة القضاء، وتدخله في إجراءات التحكيم وحكم التحكيم على نحو واسع أو ضيق بحسب كل تشريع وغايته، إنما تمثل مبدأ على القضاء على التحكيم، إلا أنهما مع ذلك يتفقان في بعض الخصائص، وتلخصها في الآتي:
أولا: يعد كل منهما ولاية حكم، وهذا ما يبرر قول بعض الفقهاء أن التحكيم شعبة من القضاء.
ثانيا: يعد الحكم الصادر من المحكم والقاضي حكما شرعيا إذا استوفى شروطه .
أما أوجه الاختلاف بين التحكيم والقضاء، فنوجزها فيما يلي:
أولا: حكم التحكيم يكون قاصرا على المحكوم عليه، ولا يتعداه في حين أن حكم القاضي قد يتعدى المحكوم عليه.
ثانيا: أن إجابة الخصم إذا دعي إلى التحكيم غير ملزمة، في حين أن إجابة الخصم إذا دعي للقضاء ملزمة.
ثالثا: أن ولاية التحكيم أضيق من ولاية القضاء، إذ انها لا تشمل إلا موضوع النزاع الذي يحدده الأطراف، أما ولاية القضاء فهي أوسع، وللقاضي النظر في كل خصومة، وما تفرع عنها من خصومات داخلة في اختصاصه بموجب نصوص قانون المرافعات.
رابعا: التحكيم أوسع من حيث الاختصاص إذ مرده لإرادة أطرافه، ولا يتقيد إلا بقيود نظام التحكيم، أما القضاء فهو مقيد باختصاص مكاني وموضوعي وقيمي وغيرها من قواعد الاختصاص وفقا لقانون المرافعات.
خامسا: لا يجوز للمحكم أن يستخلف غيره دون رضاء الخصوم، ويجوز ذلك للقاضي وفق القانون، ولا شأن لإرادة الخصوم في ذلك .