الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم وقضاء الدولة / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / مدى العلاقة بين القضاء والتحكيم

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    59

التفاصيل طباعة نسخ

مدى العلاقة بين القضاء والتحكيم

   ان النشأة الإتفاقية للتحكيم تستلزم في ذات الوقت مرونة كبيرة بسب نطاق الحرية المتروكة للمتعاقدين، والفاعلية المنتقصة بسبب إفتقار هيئة التحكيم لسلطة الأمر، يؤدى ذلك إلى الشك حـول الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المحكم. ومن يتولى الرقابة عليه، مما يستلزم تدخـل قضاء الدولة ليس فقط لوضع حد لتحكم المحكم وإنما لتكملة ما يقوم به من أعمال قضائية حتى يمكن أن تنتج أثارها كما لو كانت صادرة من قضاء الدولة.

   وينمو التحكيم وينتشر بمساعدة ومؤازرة قضاء الدولة دون المساس بدوره. ان اختلاف جوهر كل من القضاء والتحكيم لا يعني بالضرورة قطع الصلة بينهما، وقد يوجد المشرع شيئاً من التبعية بينهما، فيجوز اللجوء الى قضاء الدولة بالطلبات الوقتية والتحفظية وكل ما تحتاجـه اجراءات التحكيم من مساعدة وفي نفس الوقت هناك رقابة وإشراف على اجراءات وقرارات التحكيم، دون أن يعطل تدخل القضاء عند مراقبته قرارات التحكيم في حال تقدم أحد الطرفين طعنا بطلانا" ضد ما يكون قد قرره المحكمون.

    والهدف من ذلك هو إرساء الضوابط والمقومات التي تكفل حسن سير التحكيم وتحقيق أغراضه. ويعد هذا الإتجاه دليلا على أهمية الدور الذي يمكن أن يؤديه القضاء تجاه التحكيم.

    والواضح أن هذا الدور يتكون من شقين رئيسين هما:

الأول: المساعدة والمؤازرة      والثاني: الرقابة والإشراف.

   بالنسبة للشق الأول وهو المساعدة والمؤازرة، فالمحكم يحتاج لمعاونة القاضي في المسائل التي يختص بها القضـاء وحـده، مثل توقيع الحجز التحفظي، فقد يرى أحد الأطـراف ضرورة اللجوء الى القضاء تحوطا لحقوقه أو لدواعي الاستعجال مثال ذلك الحجز التحفظي علـى أموال أحد الطرفين الموجودة تحت يده أو تحـت يـد شخص ثالث، وتعييـن حـارس لإدارة المـال المتنازع عليه أو إتخاذ قرار ببيعه لأنه قابل للتلف السريع، أو إيداعه مخزن تتوفر فيـه شـروط معينة تناسب طبيعته، وكذلك اجراءات الطعن بالتزوير، واجبار الشهود المطلوبيـن للحضور أمـام المحكم عن طريق معاقبتهم بالغرامة في حالة عدم حضورهم. وقد ذهب المشرع المصري في قانون التحكيم الجديد الى أبعد من ذلك وطلب من القضاء مساعدة الأطراف في تشكيل هيئة التحكيم عند عدم اتفاقهم عليها (المادة ١٧) منه.

   ولا يعني لجوء أحد الأطراف الى القضاء الوطني طالبا معاونته في هذه المسائل الهامة تنازله عن إتفاق التحكيم أو سببا لمد ولاية قضاء الدولة للفصل في الجوانب الموضوعية للنزاع.

   أما بالنسبة للشق الثاني وهو الرقابة والاشراف فالخلاف يأتي هنا لخطورتهما. ان غالبية القوانين الوطنية تشترط لتنفيذ أحكام التحكيم احترام نظامها العام الوطني، وضرورة احترام حقوق الدفاع، وسلامة الاجراءات ويجب أن يراعي المحكم هذه القواعد حرصا على عدم تعرض حكمه للبطلان أو رفض تنفيذه جبرا.

   والاتجاه الغالب في معظم تشريعات التحكيم التجاري الدولي الحديثة هو الحل الوسط بين مذهبي التوسيع والتضيق من نطاق رقابة وإشراف المحاكم على التحكيم، وهو الاتجاه الذي أخذ به القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر عن لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي "Model Law. فيتجه هذا القانون الى تقييد سلطة القضاء في التدخل في التحكيم، فتنص المادة الخامسة منه على ، مدى تدخل المحكمة ؛ في المسائل التي ينظمها هذا القانون، بقولها "لا يجوز لأى محكمة أن تتدخل إلا حيث يكون منصوصا على ذلك في هذا القانون" ويبرر هذا الاتجـاه بـأن إرادة طرفي التحكيم هي التي تملي هذا القيد وينصرف الى إستبعاد إختصاص المحاكم. وهـو ذات الاتجاه الذي أخذ به قانون التحكيم المصرى الجديد.

  والرقابة على أعمال المحكمين قد تكون سابقة على صدور الحكم النهائي. وقد تكون هذه الرقابة لاحقة على صدور الحكم، وذلك إما عن طريق الطعن فيه – وهنا نكون بصدد رقابة حقيقية – أو أثناء تنفيذ الحكم.

أولا : الرقابة السابقة على صدور الحكم النهائي

   تنفق غالبية التشريعات ولوائح التحكيم على أنه ليس هناك ما يمنع من أن يصدر المحكمون قرارات متعددة في نزاع قبل الفصل في الموضوع، وتتعدد صور وأشكال هذه القرارات وتختلف بإختلاف الجهة التي تصدر عنها فقد تصدر عن هيئة تحكيم ذاتهـا فقـد يـكـون الحـكـم فـاصـلا في بعض الطلبات أو حكم بعدم الإختصاص، أو أن تصدر القرارات عن الهيئـات والمـراكز المنظمة للتحكيم.

ثانيا: الرقابة اللاحقة على الحكم

   وهذه الصورة من صور الرقابة تتم من خلال مرحلتين الأولى الطعن في الحكم: فالتحكيم بإعتباره عدالة خاصة لا يتواءم بسهولة مع طرق الطعن التي ترمي إلى إعادة فحص النزاع، وإحلال حكم القاضي محل حكم المحكم. فرقابة القضاء تقتصر على رقابة المشروعية والصحة، يعني أنها تنصب فقط على رقابة الطريق الذي تم به إتخاذ المحكم قراره وليس عمـا تـم تقريره أو الفصل فيه.

   والمرحلة الثانية هي: أثناء تنفيذ الحكم: على القاضي أن يرفض الأمر بالتنفيذ اذا كـان الحكم المطلوب الأمر بتنفيذه لا يعد حكم محكمين ، كتقرير الخبير أو مجرد إبداء رأى، كما يجب الا ينطوى الحكم على إعتداء صارخ للنظام العام، والمخالفة الصارخة يمكن أن تستشـف مـن البطلان الظاهر لإتفاق التحكيم.

   ونخلص مما سبق إلى أن التحكيم غير القضاء، فهو عدالة موازية لعدالة الدولة، وعلى قاض الدولة أن يعاون المحكم من أجل إزدهار العدالة التحكيمية وأن تقتصر رقابته كقاض تحكيم، لا قاض موضوع، على أن المحكم لم يخالف ولم يحرف المبادىء الأساسية للتقاضي.

    وبالنسبة لموضوع مساعدة القضـاء للتحكيم فيما يتعلـق بـالأمر باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سوف ندرسه فيما بعد تفصيلا وفقا لقانون التحكيم المصرى الجديد.