الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم وقضاء الدولة / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 30 / علاقة القضاء بالتحكيم: بين القضا والاستقلالية دراسة مقارنة بين القانونين المغربي والفرنسي مع تطبيقات قضائية

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 30
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    101

التفاصيل طباعة نسخ

مقدمة:

   من المسلم به أن القضاء كمظهر من مظاهر السيادة، لا يمارس إلا بواسطة السلطة القضائية المحددة في الدستور، غير أن الدولة بما لها من سلطة تستطيع أن تعتـرف لـبعض الأفـراد أو لهيئات غير قضائية، بسلطة الفصل في بعض المنازعات في نطاق معين، ومتى توافرت شروط ذلك، وهو ما يدخل في إطار الوسائل البديلة لحل المنازعات.

   ويعتبر التحكيم من بين الوسائل البديلة لتسوية المنازعات الناتجة من المعاملات التجاريـة بعيداً عن قضاء الدولة، نظراً لما تتسم به هذه الوسيلة من مميزات كالسرعة في الإجراءات وقلة التكاليف، والثقة في المحكم وخبرته، والسرية.

   ويعرف التحكيم بأنه اتفاق أطراف علاقة قانونية معينة، سواء كانت عقدية أم غيـر ذلـك، على الفصل في النزاع الحال أو المستقبلي الناشئ عن هذه العلاقة بواسـطـة شـخص أو عـدة أشخاص يتم اختيارهم كمحكمين، والذين يستمدون سلطتهم من اتفاق التحكيم.

  وعلى الرغم من أن التحكيم ذو طبيعة تعاقدية، فإن تدخل قضاء الدولة، بما له مـن سـلطة عامة، أمر لا محيد عنه، إذ يتدخل عند أول صعوبة قد تعترض هذه المسطرة.

   والتدخل قد يتم بناء على طلب أحد أطراف اتفاق التحكيم أو بناء على طلب هيئة التحكـيم، نتيجة تصرف تسويفي يهدف إلى تعطيل المسطرة أو عرقلة سيرها، أو نتيجة لوجـود نقـائص بنيوية في التحكيم، وفي كل الحالات فإن التدخل يكون إما من أجـل تقـديم المساعدة للهيئـة التحكيمية أو من أجل ممارسة رقابة على عمل المحكمين، مما دفع بغالبية التشريعات الوطنيـة المنظمة للتحكيم إلى وضع قاضي الدولة في خدمة التحكيم.

   ويعد من بين هذه النقائص اعتبار قضاء التحكيم قضاء وقتيا سريع الزوال، إذ لا يتم تشكيل هيئة التحكيم إلا عند قيام النزاع، وقد يعترض تكوينها تعنت أحد الأطراف وتخلفه عـن القيـام بذلك، الأمر الذي يتطلب تدخل القضاء لتقديم المساعدة من أجل تشكيل الهيئة أو استكمال تكوينها.

   كما يعتبر من بين نقائص التحكيم اعتباره قضاء خاصاً لا يتمتع بسلطة الأمـر والزجـر imperium، إذ يصعب على المحكمين، في بعض الأحيان، المحافظة على حقـوق الأطـراف خلال سريان مسطرة التحكيم، كما لا يمكن لهيئة التحكيم استصدار أمر باتخاذ الإجراءات الوقتية أو التحفظية، بالإضافة إلى أن هيئة التحكيم لا يمكنها الأمر بالتنفيذ الجبري لحكم التحكيم.

    وعلاقة القضاء بالتحكيم كانت محور مجموعة من الدراسات الفقهية، تنقسم بين اعتبـار أن الممارسة التحكيمية تتجه نحو الانسلاخ التام عن القضاء، وبين من تعتبر أن إخضاع التحكـيم للرقابة الكاملة والشاملة له تجعله يذوب في قضاء الدولة، ويتشتت بين النظم الوطنية الأمر الذي يفقد نظامه الوحدة والاستقلالية ويفقد قضاءه التناسـق والأمـن القـانوني، أي تفقـده مقومـات المؤسسة.

    فالتساؤل المطروح حسب هذا الاتجاه أو ذاك هو هل تدخل قاضي الدولة في التحكيم أمـر حتمي وضروري لاستمراريته؟ وهل استقلالية التحكيم عن القضاء ممكنة التحقق.

   فمن جهة، من شأن تدخل القاضي في التحكيم أن يؤدي إلى خطر إخضاعه للقضاء "قوضأة التحكيم" judiciarisation de l'arbitrage، نتيجة حصر نطاق التدخل في مناقشات مسطرية لا منتهية، هذه المناقشات قد تؤدي إلى تجاهل القضية الأساسية التي هي تسوية موضوع النـزاع، مما يمكن معه القول إن التحكيم ضحية الانحراف المسطري، ويتحول الأمر بالتالي من اعتبـار التحكيم "وسيلة" لتسوية المنازعات إلى اعتباره موضوع نقاشات فقهية قانونية، مما يفيد أن الهدف من تدخل قاضي الدولة في التحكيم تحول من المساعدة ومد يد العون له، إلى سبب لانحرافه عن هدفه إن لم نقل سببا لتشويهه، ومن هذا المنطلق، فإن التحكيم في طريقه إلى التحول من "وسـيلة لتحقيق العدالة" إلى "عدالة مختلطة" تجمع في طياتها بين أسوار التحكيم ومحاكم الدولة.

   ومن جهة مقابلة، إن عدم التدخل التام لقضاء الدولة في التحكيم يؤدي إلـى سـقوطه فـي الصعوبات التي تعترض المسطرة أو التي تعترض تنفيذ الحكم التحكيمي، لتكون النتيجة اللامبالاة وعدم الاكتراث به مما قد يضر به، ويضر بالهدف والفلسفة التي على أساسها تم اللجـوء إلـى التحكيم.

   ويوجد بين الاتجاهين السابقين؛ أي اتجاه المغالاة في إخضاع التحكـيم للقـضاء "قوضـأة التحكيم" واتجاه عدم تدخل القضاء التام في التحكيم، اتجاه وسط ينبني على وجود روابط وأواصر التعاون بين مؤسسة القضاء ومؤسسة التحكيم هدفها تقديم القضاء يد المساعدة للتحكـيم وايجـاد تعاون بينهما، وهو الموقف الذي تبناه المشرع المغربي، وغيره من التشريعات المقارنـة، وإن كانت تختلف في درجات تدخل القاضي في التحكيم.

   وترتيباً على ما سبق، فإن إشكالية البحث تتمحور حول التساؤل عما إذا كان التحكيم يخضع فعلياً لرقابة قضاء الدولة لتشمل كل مراحله، إلى درجة ذوبانه واندماجه ضمن التنظيم القـضائي ه للدولة "قوضأة التحكيم"، أم، على العكس، يتجه نحو الاستقلال النهائي عن قضاء الدولة؟

   والاجابة عن هذه الأسئلة تفترض التطرق إلى موقف التشريعات الخاصة بالتحكيم التي أوجه تدخل القاضي في التحكيم، كما أن الممارسة التحكيمية والقضائية أظهـرت أن التحكـيم يتعرض لمشاكل قانونية وصعوبات مسطرية ناتجة من ضعفه الخلقي وخلله البنيـوي (الفـصل الأول).

   أمام هذه الوضعية أصبح البحث عن ممارسة تحكيمية مستقلة عن قـضاء الدولـة مطلبـاً أساسياً، وما دخول هيئات ومراكز التحكيم على خط تقديم المساعدة والدعم للتحكيم، إلا دليلاً على الرغبة في ابعاد القضاء عنه والبحث، من ثمة، عن ممارسة تحكيمية مستقلة عن قضاء الدولـة (الفصل الثاني).

الفصل الأول: تدخل القاضي في التحكيم بين التشريع القانوني والممارسة القضائية:

   التحكيم كقضاء خاص لا يمكن أن يعمل بمعزل عن قضاء الدولة، فالأمر يتعلـق بمـسألة واقعية، إذ إن القاضي هو الجهاز الوحيد الذي يمكن اللجوء إليه في حالة وجـود صـعوبة قـد تعترض مسيرة التحكيم.

   وقد نظمت التشريعات الوطنية مجال تدخل القاضي في التحكيم وميزت بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي (الفقرة الأولى)، غير أن الممارسة القضائية أفرزت تبايناً في موقف القاضي من التحكيم (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التشريع وحدود تدخل القاضي في التحكيم:

   من خلال الاطلاع على التشريعات الحديثة الخاصة بالتحكيم والاتفاقيات الدولية المنظمة له وكذلك القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي، يتبين أن هناك العديد من الروابط بين القضاء والتحكيم تتمثل خاصة في مساعدة القاضي المحكم على أداء مهمته التحكيمية وممارسة رقابتـه على الحكم التحكيمي، على نحو يفيد أن التحكيم والقضاء لا يمكنهما العيش منعزلين بعضهما عن بعض، غير أن طبيعة هذه العلاقة تختلف باختلاف حجم تدخل القاضي في التحكيم بـين تقويـة دوره المساعد (أولاً) والتقليص من دوره الرقابي (ثانياً).

أولاً- تقوية الدور المساعد للقاضي:

   نظمت جل التشريعات الوطنية المتعلقة بالتحكيم أوجه وطـرق تـدخل القاضـي المساعد في التحكيم، إذ يتم، في الغالب، اللجوء إليه من قبل أطراف اتفـاق التحكـيم، وبصورة أقـل من قبل محكمة التحكيم، وذلك بهدف تجاوز الـصعوبات والنقـائص البنيويـة التـي يعرفهـا التحكيم.

   وتقوية للدور المساعد للقاضي في التحكيم أدخل المشرع المغربي ، وغيره من التشريعات المقارنة، تعديلات على قانون الاجراءات المدنية، ووسع اختصاصات "رئيس المحكمة" الهادفـة إلى تقديم المساعدة لمسطرة التحكيم، بعدما كان الأمر يقتصر على بعض الحالات فقط في ظـل القانون القديم.

   ويتدخل القاضي في مختلف مراحل التحكيم، سواء في مرحلة ما قبل بدء المسطرة، وذلـك من أجل ضمان التنفيذ الجبري لاتفاق التحكيم، إذ يتعين على القاضي المعروض أمامه نزاع متفق بشأنه على التحكيم، في حالة الدفع بالاتفاق، وتفعيلاً للأثر السلبي لاتفـاق التحكـيم، التخل عن النظر فيه والحكم بعدم القبول، إلا إذا تبين له أن الاتفـاق بأطـل أو فـي حالـة اســتنفاد المسطرة.

   وفي هذا الإطار صدرت عن محكمة النقض المغربية قرارات عدة نذكر من بينهـا القـرار الصادر بتاريخ 2008/7/9 في الملف التجاري عدد 92005/1/3/59، الذي جاء فيه ما يلي:

   "لكن، حيث لئن كان الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط تحكيمي، يعد دفعـاً مـن نـوع خاص، فإنه بلجوء المطلوبين لقضاء الدولة الرسمي ومناقشة الطالبين لموضوع الدعوى أمامـه يعد ذلك تنازلاً ضمنياً من طرفهما عن اللجوء للتحكيم نفض النزاع الناشب بينهما، ما دام الأصل هو التقاضي أمام القضاء، والاستثناء هو المثول أمام جهة تحكيمية، لذلك كانت المحكمـة علـى صواب لما اعتبرت" أن هذا الدفع يجب إثارته قبل الجواب في الموضوع، ويجوز التنازل عنـه بصورة صريحة أو ضمنية، كالسكوت والسير في الدعوى، وعدم إثارته في الوقت المناسب يعني التنازل عن التمسك به، وبما أن المدى عليهما أجابا في الشكل والموضـوع، ثـم بعـد تبــادل المذكرات أثارا الدفع، فإن ذلك كان بعد فوات الأوان ويتعين رده" وبخصوص بـاقي مـا جـاء بالوسيلة فإن الأطراف مدعوون تلقائياً للإدلاء بما لديهم من وثائق وحجج عدا ما استثني بمقتضى الفصل الأول والفقرة الأخيرة للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، وهو ما لا ينطبـق علـى إنذار الطالبين بالإدلاء بما يفيد استمرارهما في أداء واجبات الاستغلال المؤقت للأصل التجـاري محل النزاع، وبذلك لم يخرق القرار أي مقتضى والوسيلة على غير أساس".

   أما في فرنسا فيتعين على القاضي المعروض أمامه نزاع متفق بشأنه علـى التحكـيم، أن يقضي بعدم اختصاصه، في حالة الدفع باتفاق التحكيم، إلا إذا تبين له أن الاتفاق المذكور باطل أو عدم قابليته للتطبيق"، وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية في أكثر من مناسبة.

   وتدخل القاضي في مسطرة التحكيم لا يتوقف عند تفعيل الأثر السلبي لاتفـاق التحكـيم بل كذلك بهدف تفعيل أثره الايجابي من خلال تقديم الدعم والمساعدة عنـد اعتـراض تـشكيل هيئة التحكيم أية صعوبة، (المادة 5-327 من القانون المذكور بالنسبة للتحكيم الـداخلي والمـادة 327-41 بالنسبة للتحكيم الدولي).

   كما يمكن اللجوء إلى قاضي الدولة من أجل مساعدة المحكمين على ضـمـان حـسـن سـير الدعوى التحكيمية، من خلال مساعدة هيئة التحكيم على تجاوز العوائق التي قد تعترض المسطرة عند تخلف أحد الأطراف عن تنفيذ الأوامر الوقتية أو التحفظية الصادرة عنها، فالمحكم ونظـراً للطبيعة التعاقدية للتحكيم لا يمكنه إجبار الأطراف على التنفيذ.

   وفي إطـار المقارنـة، فقـد أوجـد المـشرع الفرنسي مؤسسة "القاضـي المـساعد" (Le juge d'appui)، وهي مؤسسة قائمة بذاتها تنحصر مهمتها في تقـديم الـدعم والمساعدة للتحكيم، من خلال مد يد المساعدة على تنفيذ اتفاق التحكيم، وكذا تشكيل هيئة التحكيم، كما يمكن لقاضي الأمور المستعجلة التدخل من أجل ضمان حقوق أطراف اتفاق التحكيم، وذلك من خـلال إصدار تدابير وقتية أو تحفظية، ما دامت هيئة التحكيم لم يتم تشكيلها بعد.

   ومما تجدر الإشارة إليه أن الدور المساعد لقاضي الأمور المستعجلة لم يتم التنصيص عليه في قانون المسطرة المدنية الفرنسي قبل التعديل الأخير، وإنما هو من ابتكار القضاء الفرنسي، وتم تكريسه تشريعياً بمقتضى المادة 1449 من القانون المذكور التي جاءت تأكيداً لتقوية تـدخل قاضي الدولة في التحكيم من أجل تقديم الدعم والمساعدة بهدف تجاوز عيوب التحكـيم الخلقيـة، المتمثلة خاصة في طابعه المؤقت.

   كما نصت المادة 1469 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي على مقتضيات جديدة تتعلـق بتقديم قاضي الدولة المساعدة، إذ يمكن لأحد الأطراف، بدعوة من محكمة التحكيم، اللجوء إلـى رئيس المحكمة الابتدائية من أجل طلب العرض الجبري لمستند ممسوك في يد الغير.  

   ومن بين مظاهر تدخل القاضي في التحكيم كذلك حالة تعنت أحد الأطـراف تنفيـذ حـكـم التحكيم تلقائياً، فتدخل القاضي، والحالة هاته، يعتبر أمراً ضرورياً وملحـاً، إذ يـضمن التنفيـذ الجبري لهذه الأحكام من خلال منحها الصيغة التنفيذية، (المادة 31-327 من قـانون المسطرة المدنية المغربي بالنسبة للتحكيم الداخلي والمادة 46-327 من ذات القـانون بالنسبة للتحكـيم الدولي).

  ومجمل القول، إن التشريعات الحديثة الخاصة بالتحكيم جاءت لتوطيد وتقوية الدور المساعد للقاضي الوطني في سائر مراحل التحكيم، الذي يمكن اعتباره بمثابة صمام أمان التحكيم، فـى مقابل التخفيف والتقليص من دوره الرقابي.

ثانياً- تقليص دور القاضي الرقابي:

   بالإضافة إلى الدور المساعد لقاضي الدولة يمارس هذا الأخير دور الرقابـة علـى عمـل المحكمين بمناسبة تنفيذ الحكم التحكيمي أو عند الطعن فيه بالبطلان، ورقابته هاته تهـدف إلـى التأكد من أن مسطرة التحكيم احترمت مبادئ النظام العام الوطني أو الدولي؛ وما إذا كانت هيئـة التحكيم هي صاحبة الاختصاص لبت النزاع، كما يراقب مدى قانونية مسطرة التحكيم، ومـا إذا كانت الهيئة قد احترمت المبادئ العامة المسطرية والإجرائية.

   وبهدف التخفيف والتقليص من الدور الرقابي للقاضي، حصر المشرع المغربـي، إسـوة بالتشريعات الحديثة، نطاق تدخل القاضي في الحكم التحكيمي في الحالات التالية:

1- التقليص من رقابة القضاء لشرعية وقانونية التحكيم: مبدأ الاختصاص – الاختصاص:

   إن رقابة القضاء لقانونية وشرعية التحكيم تتجه شيئاً فشيئاً نحو الاندثار، خاصـة خـلال مرحلتي ما قبل سريان مسطرة التحكيم أو أثناء ذلك، إذ يتم تأجيل هذه الرقابة إلى مرحلة ما بعد صدور الحكم التحكيمي، وخلالها تتم مراقبة مدى مطابقة هذا الحكم للنظام العام، وكـذا مراقبـة مدى احترام محكمة التحكيم لاختصاصها.

   وتفعيلاً لهذا التوجه منح التشريع المغربي هيئة التحكيم الأولوية أمام القضاء لبـت مـسألة اختصاصها، وهو ما يعرف بمبدأ الاختصاص-الاختصاص (compétence-compétence)، وذلك من خلال منع المحاكم الوطنية من التدخل في قرارات المحكمين المرتبطة بوجود وصـحة اتفاق التحكيم لحين فصل هيئة التحكيم في هذه المسائل أولا، وذلك من خلال المادة 9-327 من قانون المسطرة المدنية، وهو المقتضى نفسه أخذ به القانون الفرنسي من خلال المـادة 1465 من قانون المسطرة المدنية.

   وهو المبدأ الذي أقره القضاء الفرنسي من خلال مجموعة من القرارات نـذكـر مـن بينهـا القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بباريس التي اعتبرت أنه يعود إلى المحكم، وفقـاً لـنص المادة 1466 من القانون المدني، أن يفصل في صحة ومدى المهمة المسندة إليـه، ومـن هـم الأطراف، مادام أن الغموض الوارد في الشرط التحكيمي الذي يحيل حسم النزاع في فقرتين منه إلى الجمعية الفرنسية للتحكيم، ثم في فقرة ثالثة إلى غرفة التجارة الدولية في باريس، لا يفـضي إلى بطلان ظاهر للعقد التحكيمي ذاته، ولا يفضي من باب أولى إلى عدم تنفيذه للعقد بمفهوم نص المادة 1458 من قانون المسطرة المدنية الفرنسي، طالما أنه أمام هذه العبارة التي تؤثر علـى تطبيق العقد التحكيمي، إلا أنها لا تضع موضع الجدل وجود الرغبة المشتركة لدى الطرفين فـي اللجوء إلى التحكيم .

   ويتبين مما سبق أن كلاً من القانونين المغربي والفرنسي ومعهمـا القـضاء ألغـى رقابـة القاضي الوطني على اتفاق التحكيم أثناء سريان المسطرة، إذ إن الرقابة لا تختفي نهائيا، ولكـن تأجيلها إلى مرحلة ما بعد صدور الحكم التحكيمي بمناسبة ممارسة الأطراف للطعون ضد هذا يتم الأخير.

2- التقليص من طرق الطعن ضد الحكم التحكيمي:

   يتجه التشريع المغربي، إسوة بغالبية التشريعات المقارنة، وكذا الاتفاقيات الدوليـة وأنظمـة لوائح مراكز التحكيم، نحو استبعاد وتقليص أسباب وطرق التدخل الرقابي الخارجي ونطاقه.

   ويظهر الطابع المحدود لتدخل القضاء في مرحلة ما بعد صدور الحكم التحكيمي في تقليص طرق الطعن ضد هذا الأخير من خلال استبعاد أوجه الطعن المعهودة فـي ميـدان الإجـراءات القضائية العادية، وتبني طعن خاص بالقرارات التحكيمية يتميز بالمحدودية، يمـنـح فـي إطـاره المحكمة حق إجراء رقابة شكلية عليها تضمن حصانة الرأي الاجتهادي للمحكم.

  وقد ميز المشرع الفرنسي في هذا الخصوص بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي.

   بالنسبة للتحكيم الداخلي: كانت المادة 1482 من قانون المسطرة المدنيـة الفرنـسـي قبـل التعديل تنص على أنه يمكن الطعن بالاستئناف ضد الحكم التحكيمي ما لم يتنازل الأطراف عـن ذلك في اتفاق التحكيم، وبفضل التعديل الأخير، فإن المادة 1489 من ذات القـانون اعتبـرت أن المبدأ هو عدم استئناف الحكم التحكيمي، إلا في حالة الاتفاق على خلاف ذلك. ومن ثمـة فـإن رقابة القاضي الوطني في التحكيم الداخلي تقتصر فقط على حالة الطعن بالبطلان ضـد الحك التحكيمي بناء على الحالات المنصوص عليها حصراً في المادة 1492 من القانون المذكور.

   وإذا كان القانون الفرنسي لا يجيز الطعن بالاستئناف ضد الحكم التحكيمي، إلا فـي حالـة الاتفاق على ذلك، فإن المشرع المغربي لا يجيز الطعن ضده بأي وجه مـن الأوجـه بـاسـتثناء الطعن بإعادة النظر أو تعرض الغير الخارج عن الخصومة، فقد نصت المـادة 34-327 مـن قانون المسطرة المدنية على أنه "لا يقبل الحكم التحكيمي أي طعن" باستثناء الطعن بإعادة النظـر أو تعرض الغير الخارج عن الخصومة، بالإضافة إلى أن الحكم التحكيمي يمكـن الطعـن فيـه بالبطلان، رغم كل شرط مخالف، بناء على الحالات المنصوص عليها في المادة 36-327 مـن قانون المسطرة المدنية، التي جاءت على سبيل الحصر.

   بالنسبة للتحكيم الدولي: على خلاف التشريع المغربي، نـص قـانون المسطرة المدنيـة الفرنسي المعدل بمقتضى مرسوم 2011 على مقتضيات جديدة ومبتكرة تهدف إلى التخفيف مـن رقابة القاضي على الحكم التحكيمي، من بينها المادة 1522 التي نصت علـى إمكانيـة اتفـاق الأطراف مسبقاً على التنازل عن الطعن بالبطلان ضـد الحكـم التحكيم ، وذلـك تقويـة لسلطة وسيادة القرارات التحكيمية.

   بالإضافة إلى تأكيد القواعد العامة للتحكيم على أهمية تقليص دور القاضي الرقـابي، ومـن بينها "قاعدة التنازل عن الاستفادة من عدم شرعية المسطرة ، وقد تم التنصيص علـى هـذه القاعدة في القانون الفرنسي في التعديل الأخير من خلال المادة 1466 مـن قـانون المسطرة المدنية، وبناء عليه لا يمكن للأطراف إثارة الوسائل التي سبق إثارتها أمام محكمة التحكيم أمام قاضي الرقابة، والتي امتنعوا عن إثارتها في الوقت المناسب.

   كما أن الرقابة القضائية محدودة بمقتضى "قاعدة منع مراجعة موضوع الحكم التحكيمـي"، فالقاضي لا يمكنه أثناء ممارسة الرقابة تقييم تعليل الحكم التحكيمي، ولا سيما ما يتعلـق بتحديـد القاعدة القانونية والبدء بتنفيذها، هذه القاعدة تثير صعوبات، خاصة عندما تثار في إطار رقابـة مطابقة الحكم التحكيمي للنظام العام الدولي.

   وتجسيداً لفكرة تقليص الدور الرقابي للقاضي، حدد القضاء الفرنسي وحصر رقابة القاضي على الحكم التحكيمي في مخالفة هذا الأخير الواضحة والجلية والملموسة للنظام العام الدولي، فقد اعتبرت محكمة الاستئناف بباريس في القرار الصادر بتاريخ 2004/11/18 أن مخالفـة الحكـم التحكيمي للنظام العام الدولي بمفهوم المادة 1502-5 من قانون المسطرة المدنية (التي يقابلها في التعديل الأخير المادة 1520) يجب أن تكون مخالفة جلية وحقيقة وملموسة، وبالتالي فإن رقابة القاضي الوطني لمدى مطابقة الحكم التحكيمي للنظام العام يجب أن تكون شكلية، حتى ولو تعلق الأمر بقانون القاضي؛ ومن ثمة لا يمكنه البحث في موضوع النزاع، وهو مـا أكدتـه محكمـة النقض الفرنسية في مجموعة من القرارات الصادرة عنها.

الفقرة الثانية: موقف القضاء من التحكيم: بين التشدد والمرونة

    يثير موقف القضاء اتجاه التحكيم مجموعة من التساؤلات عـن دوره فـي تحقيـق فعاليـة التحكيم، وسنحاول التطرق إلى هذه النقطة من خلال عرض تطبيقات قضائية، نحـصرها فـي قضيتين: الأولى تتعلق بقضية الشركة الايطالية "سأليني" ضد الدولة المغربية، وما يثيره تنــازع الاختصاص بين القضاء التجاري والقضاء الاداري من عراقيل وطول المساطر وتأثيرها علـى تنفيذ الحكم التحكيمي، خاصة إذا كان هذا الأخير مشمولاً بالفوائد القانونية (أولا)، أمـا الثانيـة فتتعلق بقضية السيد "برنار تأبي" وما يثيره موقف القضاء من تأثير على فعالية الحكم التحكيمـي (ثانياً).

أولاً- قضية شركة "ساليني" ضد الدولة المغربية:

   يتعلق الأمر بصفقة عمومية أبرمت بين الشركة الايطالية "ساليني" والدولة المغربية ممثلـة في وزارة التجهيز والنقل من أجل إنجاز مقطع طرقي، وقد عرف تنفيذ العقـد مجموعـة مـن الصعوبات والعثرات، الأمر الذي أدى إلى نشوء نزاع حول تنفيذه.

   نتيجة لهذا النزاع تقدمت الشركة المذكورة بطلب تحكيم أمام غرفة التجارة الدولية بباريس، فأصدرت الهيئة التحكيمية حكماً بتاريخ 05 ديسمبر 2011 قضى على الدولة المغربيـة بأدائهـا لفائدة شركة "ساليني" مجموعة من المبالغ المالية.

    وتنفيذاً لهذا الحكم تقدمت الشركة الايطالية بطلب أمام السيد رئيس المحكمة التجارية بالرباط يرمي إلى منح الحكم التحكيمي الصيغة التنفيذية، وجوابا عن هذا الطلب التمست الدولة المغربية الحكم بعدم اختصاص المحكمة المذكورة نوعياً للنظر في هذا الطلب، على اعتبار أن الأمر يتعلق بنزاع على عقد صفقة عمومية، الذي يعتبر عقداً إدارياً، وبالتالي الاختصاص والحالـة هـاتـه للمحاكم الادارية.

    وبتاريخ 2012/06/18 أصدر السيد رئيس المحكمة التجارية بالرباط22 أمراً قـضى بعـدم الاختصاص النوعي .

    وبعد استئناف هذا الأمر أصدرت محكمة النقض قراراً قضت فيه بتأييد الحكم المستأنف وإحالة الملف على المحكمة الإدارية بالرباط لتبته طبقاً للقانون .

   ويتبين من خلال الاطلاع على القرار المذكور أن محكمة النقض تأثرت بموقـف القـضاء الفرنسي، خاصة محكمة الخلافات التي أصدرت حكماً بتاريخ 17 ماي 2010، أخذت فيه بمبدأ ازدواجية الاختصاص في التحكيم في العقود الإدارية الدولية، وميزت بين حالتين: الأولى عندما يكون الطعن موجها ضد حكم تحكيم صادر في فرنسا ويتعلق بنزاع حول تنفيذ أو إنهاء عقد مبرم بين أحد أشخاص القانون العام الفرنسي وشخص أجنبي ويمس بمصالح التجـارة الدوليـة، إذ إن الاختصاص والحالة هاته ينعقد للقاضي العادي، والثانية تتعلق بالطعن الموجه ضد حكم تحكيمي صادر في نفس شروط الحالة الأولى، لكن هذه المرة يتعلق، أي الطعن، برقابة مــدى مطابقـة الحكم التحكيمي للقواعد الآمرة للقانون العام الفرنسي المتعلقة باحتلال الملك العام أو تلك المتعلقة بتنظيم الطلبية العمومية، وكذلك المطبقة على الصفقات العمومية وعقود الشراكة وعقود تفـويض الخدمات العمومية.

   ورجوعاً إلى القرار الصادر عـن محكمـة الـنقض المغربيـة يتـضـح أنهـا منـحـت اختصاص النظر في طلبات الاعتراف ومنح الصيغة التنفيذية للقـرارات التحكيميـة الـصادرة في الخارج في العقود الدولية التي تكون الدولة أحد طرفيها إلى القاضـي الإداري، واعتمـدت ذلك على مقتضيات الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية المغربي التـي تنظم التحكـيم الداخلي.

   ويظهر من الوهلة الأولى أن المحكمـة المـذكورة ميـزت، فـي مـا يتعلـق بالرقابـة الممارسة على أحكام التحكـيم الـصادرة فـي الخـارج، بـين القاضـي الإداري والقاض التجاري، فالأول يكون مختصاً عندما يتعلق الأمر بحكم تحكيمي صادر في نـزاع نـاتج مـن تنفيـذ عقد إداري أحد طرفيه الدولة، وفي غير هذه الحالة فإن الاختصاص ينعقـد للقاض التجاري.

    ويثير هذا القرار مجموعة من الملاحظات يمكن إجمالها فيما يلي:

   1- لم يأخذ القرار بعين الاعتبار الصفة الدولية للعقد الإداري، ولا ارتباطه بمصالح التجارة الدولية، وطبق مقتضيات الفصل 310 من قانون المسطرة المدنية المغربي التي تتعلـق بالتحكيم الداخلي في العقود الإدارية،

    2- بنت محكمة النقض قضاءها على أساس "طبيعة العقد"، وليس علـى أسـاس الحكم التحكيمي الدولي،

    3- لم يطبق القرار المذكور المقتضيات القانونية المنظمة للتحكيم الدولي المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية،

    4- أخذت محكمة النقض في مادة التحكيم الدولي في العقود الإدارية بمبدأ الثنائية، وميزت بين القضاء الإداري والقضاء العادي.

    ولذلك فإن قرار محكمة النقض المغربية لم يكن موفقـا عنـدما ميـز، فـي مـا يتعلـق بالجهة القضائية المختصة في التحكيم الدولي، بين العقود الإدارية والعقود العادية، وذلك للأسباب التالية:

   أ. أخذ المشرع المغربي في تعريفه للتحكيم الدولي بالمفهوم الاقتصادي ، إذ اعتبـر أن التحكيم يكون دولياً متى كان النزاع موضوع التحكيم مرتبطاً بعملية اقتــصادية فـي أكثر من دولة واحدة، وذلك بغض النظر عن طبيعة وجنسية الأطراف، وكذا القانون الواجب التطبيق، سواء في الموضوع أم في مسطرة التحكيم، وبغض النظر عن بلـد التحكيم.

   ب- ليس هناك أي شك في أن التحكيم موضوع قرار محكمة النقض هو تحكيم دول لارتباطه بمصالح التجارة الدولية، حسب التعريف الذي جاء به الفصل 39-327 من قانون المسطرة المدنية.

    ج- ميز قانون المسطرة المدنية بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، ووضع لكل واحـد منهما قواعده وأحكامه الخاصة.

     د. التوجه الذي تبنته محكمة النقض لا يتلاءم ومفهوم التجارة الدولية، إذ من شـأنه أن يشكل سبباً ومصدراً لانعدام الأمن القضائي ما دام أن هذا القرار يكرس الثنائية فـي الرقابة على القرارات التحكيمية.

    هـ- القرار المذكور يتعارض والمقتضيات القانونية المنظمة للتحكيم الدولي، خاصة الفصل 327-46 المشار إليه أعلاه، والتي تمنح رئيس المحكمة التجارية الاختصاص عندما يتعلق الأمر بالتحكيم الدولي بغض النظر عن طبيعة العقد، إذ إن أساس الاختصاص هو قانون التحكيم باعتباره قانوناً مستقلاً وليس طبيعـة العقـد، ويتعـيـن علـى القاضي والحالة هاته مراقبة فقط مدى احترام الحكم التحكيمي للنظام العام الوطني أو الدولي.

ثانياً- قضية السيد برنار تابي:

    أثار القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بباريس في قضية "برنـار تـابي" الكثيـر مـن النقاشات القانونية، خاصة ما يتعلق بدور القضاء في تحقيق فعالية التحكيم.

    ويتعلق موضوع هذه القضية بالخلاف الحاصـل بـيـن شـركة Société de la Banque Occidentale (SDBO التي أصبحت في ما بعد تحمل اسم (CDR) والسيد برنـار تـابي، إذ اتفق الطرفان على اللجوء إلى التحكيم الحر بمقتضى "اتفاق التحكيم" الموقع بينهما.

    وبتاريخ 7 يوليو 2008 أصدرت الهيئة التحكيمية حكماً قضى بأداء شـركة CDR لفائــدة السيد برنار تابي مبالغ مالية مهمة تقدر بـ 403 مليـون أورو، منهـا مبلـغ 45 مليـون أورو كتعويض عن الضرر المعنوي.

    وفي سنة 2013 تقدمت الشركة المذكورة بطعن بالبطلان ضد الحكم التحكيمي، غيـر أنـه رفض لتقديمه خارج الأجال القانونية، الأمر الذي دفع بالشركة إلى تقديم طعن بمراجعة الحكـم التحكيمي (recours en révision) على أساس أن اللجوء إلى مسطرة التحكيم كان بهدف حماية مصالح برنار تابي، بعدما تبين أن أحد المحكمين ربط اتصالات أثناء سريان المسطرة مع محامي برنار تابی بهدف تغليب موقفه على موقف الشركة.

   وبتاريخ 17 فبراير 2015 أصدرت محكمة الاستئناف بباريس قراراً قـضـت فيـه بقبـول الطعن بالمراجعة، وإعادة النظر في الحكم التحكيمي وإرجاء بت موضوع النزاع إلى نهاية شهر سبتمبر 2015.

   ويثير هذا القرار نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بمسألة مسطرية، تهم مدى قابليـة الحك التحكيمي للطعن بالمراجعة أمام محكمة الاستئناف بباريس، وهو الأمر الذي يرتبط بالطبيعـة الداخلية أو الدولية للتحكيم، والثانية ترتبط بمسألة موضوعية، سنخوض خلالهـا فـي الأسـباب المعتمدة من قبل المحكمة لفتح باب المراجعة ضد الحكم التحكيمي.

أ- موقف محكمة الاستئناف بباريس من طبيعة التحكيم: دولي أو داخلي؟

   بداية تجدر الإشارة إلى أن حكم التحكيم في القانون الفرنسي، يكون قابلاً للطعن بالمراجعـة (recours en révision) بناء على مقتضيات المادة 1502 من قانون المسطرة المدنية المنظمة للتحكيم الداخلي (المادة 1491 من ذات القانون المطبقة في القضية)، والمـادة 1506 مـن ذات القانون المنظمة للتحكيم الدولي، غير أن تحديد الجهة المختصة للنظر في هذا الطعن تختلف بين ما إذا كان التحكيم داخلياً أو دولياً.

   في حالة التحكيم الداخلي، فإن الجهة المخول لها النظر في الطعن هي المحاكم القضائية في حالة تعذر إعادة تشكيل الهيئة التحكيمية مصدرة الحكم التحكيمي، مرة أخرى.

   أما إذا كان التحكيم دولياً، فإن الاختصاص يكون للهيئة التحكيميـة، إذ اسـتثنى المـشرع الفرنسي والحالة هاته، القضاء الرسمي، حتى في حالة تعذر إعادة تشكيل الهيئة التحكيمية مـرة أخرى، ذلك أن المادة 1506 من قانون المسطرة المدنية أحالت على الفقرتين الأولى والثانية من المادة 1502 دون الفقرة الأخيرة التي تمنح الاختصاص للمحاكم الفرنسية، وبالتالي فـإن الحكـم التحكيمي الصادر في إطار التحكيم الدولي لا يكون قابلاً للطعن بالمراجعـة، إلا أمـام الهيئـة التحكيمية المصدرة له فقط دون سواها.

    وبالرجوع إلى القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بباريس بتاريخ 17 فبراير 2015، فإن هذه الأخيرة اعتبرت أن الحكم التحكيمي صدر في إطار تحكيم داخلي وليس دوليـا، وقـضت، بالتالي، بقبول طلب المراجعة، الأمر الذي يطرح التساؤل عن موقف محكمـة الاستئناف مـن طبيعة التحكيم، ومن التكييف الذي منحته لهذا التحكيم، وما إذا كان الهدف من ذلـك هـو مـنـح الاختصاص لها من أجل بسط رقابتها على الحكم التحكيمي، والحكم بقبول إعادة النظر فيه.

   إن الاجابة عن هذه التساؤلات يتطلب البحث عن موقف القانون الفرنسي من المعايير التـي يعتمدها للتمييز بين التحكيم الدولي والداخلي، فبالرجوع إلى المادة 1492 من قـانون المسطرة المدنية الفرنسي (المطبقة في القضية قبل تعديل سنة 2011) والمادة 1504 بعد التعـديل، فـإن التحكيم يكون دولياً عندما يمس مصالح التجارة الدولية30، ومن ثمة فإن اعتبار التحكيم دوليـاً أو داخلياً يحدد بناء على طبيعة العلاقة مصدر النزاع، وهو ما أكدته محكمة النقض الفرنسية فـي القرار الصادر عنها بتاريخ 13 مارس 312007، وكذلك بصرف النظر عـن طبيعـة وجنـسية الأطراف، وعن الوصف الذي يمنحونه له، وكذلك عن القانون الواجـب التطبيـق سـواء فـي الموضوع أو في مسطرة التحكيم، وهو ما أكده الاجتهاد القضائي الفرنسي في عدة مناسبات.

    وبالرجوع إلى القرار موضوع التعليق، فإن تحديد ما إذا كان التحكيم دولياً أو داخلياً، يتطلب دراسة مضمون "العقد التحكيمي" المبرم بين الأطراف بتاريخ 16 نوفنبر 2007 وتحديد طبيعـة النزاع موضوع التحكيم .

   ومن خلال قراءة هذا العقد، فإن النقاط الخلافية الموضوعة أمام هيئـة التحكــم يـرتبط بعضها ببعض وتتعلق بمصالح التجارة الدولية، خاصة وأن النزاع الأساسي يتعلق بتفويت شركة "أديداس" وهي العملية التي ترتبط اقتصادياً بأكثر من دولة لخضوع هذه الشركة للقانون الألماني، وبالتالي خضوع تفويت حصصها لهذا القانون.

   وبناء عليه نعتبر موقف محكمة الاستئناف بباريس غير موفق من الناحيـة القانونيـة، وأن تكييفها للقضية التي صدر في إطارها الحكم التحكيمي موضوع المراجعة على أنها تتعلق بالتحكيم الداخلي كان بهدف فتح المجال أمامها لبسط وممارسة رقابتها عليه، خاصة إذا علمنا، كما تمـت الاشارة إلى ذلك أعلاه، أن الحكم الصادر في إطار التحكيم الدولي يعود النظر في طلب مراجعته للهيئة التحكيمية مصدرة الحكم التحكيمي وليس للقضاء الرسمي حتى ولو تعذر اجتماعهـا مـرة أخرى.

 ب- موقف محكمة الاستئناف من عملية التدليس وأجل تقديم الطعن:

   تجدر الاشارة إلى أن الطعن بالمراجعة ضد الحكم التحكيمي يخضع، في القانون الفرنسي، لمقتضيات المواد 594 و595 و596 من قانون المسطرة المدنية، فالمادة الأولى تحدد الأس الموجبة للطعن بالمراجعة، أما الثانية والثالثة فتتعلق بآجال تقديم هذا الطعن.

   ورجوعاً إلى القضية موضوع التعليق، فإن طالبي المراجعة اعتمدوا كسبب لتقـديم طلـبهم على وجود تدليس في مسطرة التحكيم، المتمثل في وجود علاقة مشبوهة بين محامي السيد برنار تأبي وأحد المحكمين المكونين لهيئة التحكيم، هذه العلاقة كيفتها المحكمة الزجرية بجريمة تكوين عصابة نصب منظمة (Escroquerie en bande organisée).

   وقد حددت المادة 596 المشار إليها آجال تقديم الطعن بالمراجعة في شهرين من تاريخ علم طالب المراجعة بسبب الطعن، الذي هو في هذه الحالة "التدليس" .

   وانطلاقاً من هذا المقتضى القانوني لنا أن نتساءل ما إذا كان الطعن بالمراجعة المقدم مـن قبل شركة CDR قدم داخل الأجل المنصوص عليه قانوناً أم لا.

    وبالرجوع إلى وقائع القضية والقصاصات الاخبارية، فإن هذه الشركة كانت تعلم بالعناصر المكونة للتدليس منذ سنوات، غير أن محكمة الاستئناف بباريس ولفتح باب الأجـال أمـام هـذه الشركة اعتبرت أن هذه الأخيرة لم تتمكن من معرفة وجود عناصر التدليس، إلا أثناء الاطـلاع على وثائق الملف بعد أن انتصبت كطرف مدني في الدعوى العمومية المعروضة أمام القـضاء الزجري والمتعلقة بتكوين عصابة إجرامية، وهو الطلب المقدم بعد ثلاثة أشهر من تاريخ تدخلها كطرف مدني، علماً أن الحكم التحكيمي موضوع طلب المراجعة صدر سنة 2008 أي قبل ست سنوات من تقديم طلب المراجعة.

    ومهما يكن من أمر، فإن القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بباريس قضى بإعادة النظر في قضية السيد برنار تابي من جديد، كما أن هذا القرار هو موضوع طعن بالنقض أمام محكمة النقض التي نتمنى أن تعيد الأمور إلى نصابها، والأيام المقبلة كفيلة بالإجابـة عـن تـساؤلنا، إذ ستعرف نقاشاً قانونياً حاداً حول النقطة المتعلقة بموقف القضاء من التحكيم، هـل يـساعد علـى تحقيق استقلاليته أم أنه من خلال مواقفه الأخيرة يخضع التحكيم له "قوضأة التحكيم".

   وأرى أن القاضي الفرنسي، من خلال الموقف الأخير لمحكمة الاستئناف بباريس، قد أفـسد التحكيم ومس بفعاليته، إذ بصرف النظر عما إذا كان هناك تدليس في العملية التحكيمية أم لا، فإن تكييف المحكمة للتحكيم باعتباره تحكيماً داخلياً وليس دولياً، وكذلك موقفها – اللين – من آجـال الطعن بالمراجعة، يجعلنا نعتقد اعتقاد اليقين أن السياسة استعملت القضاء للمس بفعالية التحكـيم واخضاعه له.

الفصل الثاني: البحث عن ممارسة تحكيمية مستقلة عن قضاء الدولة:

   إن تدخل القضاء في التحكيم يعتبر أمراً غير مرغوب فيه، وإن كان حتمياً، على اعتبار أنه يؤدي إلى إخضاع التحكيم للقضاء "قوضأة التحكيم"، الأمر الذي يدفع إلى البحث عـن الحلـول والوسائل الخاصة لتقديم الدعم والمساعدة لمحاكم التحكيم، ويعتبر من بين هذه الوسـائل المهـام والإجراءات التي تقوم بها مراكز التحكيم التي بمقتضاها حلت محل قاضي الدولة.

   وفي هذا الإطار، وبحثا عن ممارسة تحكيمية مستقلة عن قضاء الدولة، ازدادت في السنوات الأخيرة وتيرة تقـوية استقلالية التحكيم المؤسساتي (أولا)؛ في ظل غياب أية رقابـة مـن قبـل القاضي الوطني على القرارات التي تتخذها هذه المؤسسات (ثانياً).

أولاً- تقوية استقلالية التحكيم المؤسساتي:

   نتيجة للتدخل الذي أصبح يعرفه التحكيم من قبل القضاء، أصبحت مراكز التحكـيم أخيـراً تمارس مهمة المساعدة على ضمان حسن سير مسطرة التحكيم، بواسطة جهاز إداري تابع لهـذه المراكز؛ فهذه الأخيرة تقوم بتقديم الدعم والمساعدة للتحكيم، ومن ثمـة تحـل محـل القاض المساعد، مما قد يبعد هذا الأخير عن القيام بمهمة المساعدة، إذا الحل هو البحث عـن ممارسـة تحكيمية شبه مستقلة عن القاضي المساعد، وهو ما أكده المشرع المغربي في مقتضيات الفـصل 320 من قانون المسطرة المدنية التي أكدت على الطابع المساعد لهيئات ومراكز التحكيم .

   وسيراً على النهج، فإن التشريعات الحديثة المنظمـة للتحكيم منحـت الأطـراف حريـة الاختيار، عندما يعترض تشكيل هيئة التحكيم صعوبة ما، اللجوء إما إلـى قاضـي الدولـة أو الاتفاق على خلاف ذلك، ومن ثمة يمكن للأطراف الاتفاق على اختيار مركـز للتحكـيـم قـصد المساعدة على تذليل الصعوبات التي قد تعترض تشكيل هيئة التحكيم، والأوامر الصادرة عن هذه الأخيرة تكون ذات طبيعة تعاقدية تبعاً لطبيعة العلاقة الرابطة بينها وبين أطراف التحكيم، علـى اعتبار أن مركز التحكيم يهدف إلى تنظيم التحكيم وتأطيره وليس تسوية النزاع، وهو مـا أكـده القضاء الفرنسي الذي اعتبر أن الأوامر الصادرة في هذا الاطار عن مراكـز التحكـيم تعتبـر تصرفات قضائية.

   كما تتخذ مراكز التحكيم التدابير الوقتية والتحفظية، قبل تشكيل هيئة التحكيم، بناء على طلب أحد أطراف اتفاق التحكيم، كما يمكنها تعيين محكم إذا لم يقم طالب التحكيم بذلك، وهو ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة 10 من نظام التحكيم المعتمد من قبل المركـز الـدولي للوسـاطة والتحكيم بالرباط ، وكذلك الفقرة الثانية من المادة التاسعة من نظام التحكيم لدى غرفة التجـارة الدولية (CCI).

    وتماشياً مع التطورات التي يعرفها التحكيم خاصة الدولي منه، تقوم هذه المراكـز بتحيـين أنظمتها ولوائحها بشكل دوري حتى تتلاءم والنقائص والعيوب التي قد تظهر في التحكيم، وفـي هذا الإطار، ونتيجة للتعديل الذي أدخل على القانون الفرنسي سنة 2011، أدخلت الغرفة التجارية الدولية بباريس (CCI) سنة 2012 مجموعة من التعديلات على نظامها التحكيمي، وتهدف هـذه التعديلات في غالبيتها إلى منح التحكيم فعالية أكثر وأبعاد قضاء الدولة عن الممارسة التحكيمية، وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من التدابير سواء عند تقديم طلب التحكيم أو أثناء سريان المسطرة أو عند صدور المقرر التحكيمي، إذ أن نظام المركز يشترط تضمين الطلب جميـع المعلومـات الضرورية بطريقة دقيقة ومحددة، وذلك تفاديا لوقوع مسطرة التحكيم في اخـتلالات مـسطرية، وتجنيباً لتدخل القاضي في هذه المسطرة.

   وتبعـاً لـنفس الهـدف أحـدث المركـز المـذكور مؤسـسـة "المحكـم الاستعجالي" (L'arbitre d'urgence) إذ يمكن اتخاذ مجموعة من التدابير في المرحلة السابقة لوضع ملـف النزاع أمام محكمة التحكيم، هذه التدابير ترتبط بالإجراءات الوقتية والتحفظية التي تهدف عامـة إلى تسهيل سريان مسطرة التحكيم أو حماية حقوق الأطراف، وهذه الاجـراءات تكـون قابلـة للتطبيق بمجرد اتفاق الاطراف على تطبيق نظام تحكيم المركز، إذ لا يشترط لاتخاذ هذه التدابير وجود عقد خاص، غير أن تطبيق هذه التدابير يخضع لمجموعة من الشروط المنصوص عليهـا في نظام التحكيم .

    ومن مظاهر وتجليات تقوية استقلالية مراكز التحكيم، ما نصت عليه غرفة التجارة الدوليـة بباريس في المادة السادسة من نظامها التحكيمي المعدل سنة 2012 من الامكانية المخولة لمحكمة التحكيم الدوليـة (La cour_internationale d'arbitrage  (لمباشـرة رقابـة أوليـة (Prima facie) على مسألة الاختصاص، ولاسيما في التحكيمات المركبة.

    وتماشياً مع هدفها الرامي إلى تقوية موقفها اتجـاه التحكـيم، وبالتـالي تجنيـب هـذا الأخير تدخل قضاء الدولة فيه، تقوم بعض مراكز التحكيم بممارسـة رقابـة أوليـة علـى مشروع قرار التحكيم حتى لا يتعرض هذا الأخير للبطلان مـن قبـل القـضاء، وتحقيقـاً لفاعلية القرار التحكيمي تنص مراكز التحكيم على منح الأحكام التحكيمية الصادرة عنهـا قوة تنفيذية ملزمة للأطراف، تفادياً لتعقيدات المساطر القضائية، خاصة عند منح القـرار التحكيمي الصيغة التنفيذية، وما يثار من خلاف قـضائي حـول الجهـة المختـصـة فـي هذه المسطرة، وما قضية الشركة الايطالية "ساليني" ضد الدولة المغربية، إلا خير مثال على ذلك.

   يتبين مما سبق أن مراكز التحكيم تهدف من خلال أنظمتهـا ولوائحهـا التحكيميـة تقويـة استقلاليتها بهدف منح فعالية أكثر لمسطرة التحكيم ولأحكام التحكيم الصادرة عنها، بعيـداً عـن تدخل القضاء وما قد يترتب عليه من تعقيدات مسطرية.

ثانياً- غياب رقابة قضائية على عمل مراكز التحكيم:

   إن التشريعات التي تتبنى موقف الحذر والارتياب اتجاه التحكيم، كان عليهـا البحـث عـن وسيلة لتقليص دور مراكز التحكيم التي تنافس القاضي المساعد في مهمته المتمثلـة فـي دعـم ومساعدة التحكيم، لكن، على العكس من ذلك، وتماشياً مع سياسة تشجيع التحكـيم، فـإن تـدخل مراكز التحكيم مكان القاضي المساعد يعتبر أمراً محموداً ومرغوباً فيه.

   إن عدم تدخل القاضي في مهام مراكز التحكيم يتقوى بدوره باستحالة ممارسـة أي رقابـة على القرارات الصادرة عن هذه المراكز سواء من حيث الشكل أو الموضوع، ويترتب علـى ذلك أن هذه القرارات ليس لها أي طابع قضائي ولا تكتسب حجية الأمر المقضي به، وه يميز عمل هذه المراكز عن عمل المحكم، إذ إن الأخير يتحمل مسؤولية عن الأخطاء التـي قـد يرتكبها أثناء قيامه بمهامه على اعتبار أن المحكم يعتبر مقدماً لخدمة قضائية والالتزام الواقع على ما عاتقه التزام بتحقيق غاية

   غير أن عمل مراكز التحكيم لا يظل دون رقابة قضائية، بل يمكن للأطراف الطعـن ضـد القرار المتخذ من قبل مركز التحكيم أمام قاضي الرقابة، وذلك بمناسبة الطعن بـالبطلان ضـد الحكم التحكيمي أو عند استئناف الأمر بتنفيذه.

   وعلى اعتبار أن طبيعة التزام مراكز التحكيم هو التزام بتحقيق غاية، شريطة احترام نظـام التحكيم الذي على أساسه تم الاتفاق على اللجوء إلى المركز، يمكن للأطراف إثـارة المسؤولية التعاقدية للمركز في حالة التنفيذ السيء أو عدم تنفيذه للالتزامات الملقاة على عاتقه، كما يمكـن إثارة مسؤولية المركز في حالة بطلان الحكم التحكيمي .

    وإذا كانت بعض مراكز التحكيم تحدد في أنظمتها أو تستثني مسؤوليتها، فإن هذا التحديد أو الاستثناء يجب أن لا يكون مخالفاً للقانون المطبق، كما يمكن لهذه المراكز التأمين علـى هـذه المسؤولية.

 خاتـمـة :

   لا بد من الإشارة في الأخير إلى أن ممارسة التحكيم بشكل مستقل نهائياً عن قضاء الدولـة أمر غير ممكن، في ظل وجود مجموعة من الصعوبات والعيوب الخلقية والبنيوية للتحكيم، الأمر الذي يجعل تدخل القضاء أمراً ضرورياً وحتمياً، خاصة عندما يتدخل القاضي عند مــنح التحكيمي الصيغة التنفيذية.

   كما أن التحكيم المؤسساتي يساعد على تعزيز ذاتية التحكيم وتأمين الرقابة الذاتية، وإبعـاد الرقابة الخارجية، من خلال ما يوفره من أدوات وإجراءات تغني عن تدخل القضاء حتى المساعد منه، أو على الأقل تجعله استثنائياً ومحدوداً جداً.

اقتراحات وتوصيات:

   وحفاظاً على استقلالية التحكيم وعدم إخضاعه للقضاء، نقترح ما يلي:

   - اعتبار التحكيم قضاء موازياً لقضاء الدولة وليس قضاء خاضعاً له؛

   - دعم الاتجاه الذي ينادي باستقلالية التحكيم الدولي؛

   - وجوب تركيز وتوحيد مسطرة الاعتراف ومنح الصيغة التنفيذية للأحكام التحكيمية الدولية بين يدي القاضي التجاري، بصرف النظر عن طبيعة العقد، سواء أكان عقداً إداريـاً أم مدنياً، وبغض الطرف عن طبيعة وصفة أطرافه، إذ إن الأصل في الاختصاص هو دولية التحكيم وارتباطه بمصالح التجارة الدولية وليس طبيعة العقد، كما جاء في قرار محكمـة النقض المغربية أو الفرنسية، وذلك حفاظاً على مبدأ استقلالية التحكيم الـذي يعـد مـن المبادئ الأساسية التي يقوم عليها؛

   - الاسراع بإخراج مدونة عربية موحدة للتحكيم؛

   - الغاء المواد القانونية التي تنص على وجوب تقديم تصريح من قبل المحكم لدى الجهـات القضائية المختصة عند ممارسته المهمة التحكيمية؛

   - التخفيف من رقابة القضاء على التحكيم وجعل رقابته في أثناء مــنح الحكـم التحكيم الصيغة التنفيذية رقابة شكلية؛

  - احداث غرف مختصة بالتحكيم على مستوى المحاكم بمختلف درجاتها؛

  - الاقتصار على مخالفة الحكم التحكيمي الدولي للنظام العام الدولي دون الوطني .