الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم وقضاء الدولة / المجلات العلمية / مجلة التحكيم العالمية - العدد 7 / دور القضاء العماني في دعم التحكيم

  • الاسم

    مجلة التحكيم العالمية - العدد 7
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    123

التفاصيل طباعة نسخ

تمهيد:

   حظي التحكيم التجاري الدولي باهتمام دولي واسع النطاق جاء نتيجة لعوامل عديدة أهمها رغبة الاطراف في التحرر بقدر الامكان من القيود التي توجد في النظم القانونية لمختلف الدول ورغبتهم كذلك في حل المنازعات بأقل قدر من العلانية والنشر وغير ذلك من العوامل، نتج من كل ذلك ابرام العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية أهمها اتفاقية نيويورك 1958 الخاصة بالاعتراف وتنفيذ قرارات التحكيم الدولية.

    توخت التشريعات العمانية الفاعلية للتحكيم وذلك منذ ميلاد الاتفاق التحكيمي وحتى صدور الحكم وتنفيذه فضلاً عن الرقابة اللاحقة عن طريق دعوى ابطال حكم المحكمين.

    من المعلوم ان هيئة التحكيم تفتقر الى سلطة الأمر والاجبار التي يمتلكها القضاء ومن خلال ذلك يتم دعم تنفيذ اتفاق التحكيم كي يتمكن الاطراف وهيئة التحكيم من خلال هذه السلطة التي يتميز بها القضاء من تذليل جميع العقبات التي تعترض سير العملية التحكيمية، يظهر ذلك جلياً من خلال نص المادة 17 من قانون التحكيم في المنازعات المدنية والتجارية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 97/47 إذ جعل القانون من القضاء عوناً وسنداً في سبيل الوصول الى المكانة التي ارتضاها للتحكيم صيانة للحقوق والمصالح الخاصة بأطراف التحكيم كما يتضح من المادة 14 من القانون ذاته. كما يتعين اللجوء الى القضاء في حالة عدم الاتفاق على التحكيم كما تتعين العودة اليه في حالة فشل الاتفاق على التحكيم  .

    سأتحدث في هذه الورقة عن دور القضاء العماني في دعم التحكيم التجاري من خلال ثلاثة محاور رئيسة، المحور الأول يتناول دور القضاء العماني في دعم التحكيم التجاري قبل بدء التحكيم، والمحور الثاني سأعرج فيه على دور القضاء اثناء التحكيم، والمحور الثالث سيتطرق الى دور القضاء في مرحلة ما بعد صدور حكم التحكيم.

 المحور الاول- دور القضاء قبل بدء التحكيم:

1- المساعدة في اختيار المحكمين:

    دور القضاء العماني فاعل في نطاق التحكيم من خلال تدخله للمساعدة في تشكيل اعضاء محكمة التحكيم، اذ ساير قانون التحكيم الاتجاهات الحديثة بإفساحه المجال لأطراف التحكيم طلب المساعدة من القضاء لحل المشاكل المتعلقة باختيار المحكمين.    

    فقد نصت المادة (17) بأنه:

1- لطرفي التحكيم الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم فإذا لم يتفقا اتبع ما يأتي:

    أ- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد تولى رئيس محكمة الاستئناف   المختصة اختياره بناء على طلب أحد الطرفين.

    ب- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين اختار كل طرف محكماً، ثم يتفق المحكمان على اختيار المحكم الثالث، فاذا لم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوماً التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر أو اذا لم يتفق المحكمان المعينان على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لتاريخ تعيين ثانيهما تولى رئيس محكمة الاستئناف المختصة اختياره بناء على طلب أحد الطرفين.

    ويكون للمحكم الذي اختاره المحكمان المعينان أو الذي اختاره رئيس المحكمة رئاسة هيئة التحكيـم، وتسري هذه الأحكام في حالة تشكيل هيئة التحكيم من أكثر من ثلاثة محكمين.

2- اذا خالف أحد الطرفين اجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها أو لم يتفقا أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه أو اذا تخلف الغير عن اداء ما عهد به اليه في هذا الشأن تولى رئيس محكمة الاستئناف المختصة بناء على طلب أحد الطرفين القيام بالاجراء أو بالعمل المطلوب ما لم ينص في الاتفاق على كيفية أخرى لاتمام هذا الاجراء أو العمل.

3- يراعي رئيس المحكمة في المحكم الذي يختاره الشروط التي يتطلبها هذا القانون وتلك التى اتفق عليها الطرفان ويصدر قراره باختيار المحكم على وجه السرعة، ومع عـدم الأخـلال بأحكام المادتين (18 و19) من هذا القانون لا يقبل هذا القرار الطعن فيه بأي طريـق مـن طرق الطعن.

 القاعدة العامة في اختيار المحكمين:

   الأصـل ان يكـون لطرفـي التحكيم حرية الاتفاق على اختيار المحكمين وعلى كيفية ووقت اختيارهم، فلهما ان يتفقا باتفاق سابق او لاحق على تسمية المحكمين وعددهم وجنسهم وجنسيتهم وعلى الطريقة التي يجري بها هذا الاختيار وعلى المدة التي يتعين فيها تسمية المحكمين.

    هذه هي القاعدة العامة ولكن ما هو الحل اذا لم يتفق الاطراف على أي من هذه المسائل؟ أجابت المادة 17 على ذلك وفرقت بين ما اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد أو مشكلة من ثلاثة محكمين فإذا كانت من محكم واحد فإن رئيس محكمة الاستئناف المختصة هو الذي يختاره بناء على طلب احد الطرفين، أما اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين فيختار كل طرف محكماً ثم يختار المحكمان المختاران المحكم الثالث وتكون له الرئاسة.

   اختصاص المحكمة بالنسبة إلى اختيار المحكمين:

    من خلال نص الفقرتين 1 )أوب( و2 من المادة يستفاد ان رئيس محكمة الاستئناف المختصة يختص باختيار المحكمين في الحالات الآتية:

   الحالة الاولى- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من محكم واحد وكان قد تقدم إليها احد طرفي النزاع بطلب تعيين هذا المحكم.

   الحالة الثانية- اذا كانت هيئة التحكيم مشكلة من ثلاثة محكمين ولم يعين أحد الطرفين محكمه خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلباً بذلك من الطرف الآخر في النزاع.

   الحالة الثالثة- اذا كان كل طرف قد اختار محكمه ولم يتفق المحكمان المختاران على اختيار المحكم الثالث خلال الثلاثين يوماً التالية لاختيار آخرهما وبشرط ان يقدم أحد طرفي النزاع طلباً بذلك الى المحكمة.

   الحـالة الرابعة- اذا خالف احد الطرفين اجراءات اختيار المحكمين التي اتفقا عليها.    الحالة الخامسة- اذا لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقهما عليه.   

   الحالة السادسة- إذا تخلف الغير عن اداء ما عهد به اليه في اي شأن من هذه الاجراءات. وفي جميع الاحوال تكون للمحكم الثالث سواء عينته المحكمة او اختاره المحكمان اللذان يمثلان الخصمين رئاسة هيئة التحكيم.

 دور المحكمة:

    المحكمة عند نظرها أي حالة من الحالات السابقة فإنها لا تنظرها من تلقاء نفسها، بل بناء على طلب أي من الطرفين المتنازعين ويتعين ان تراعي في المحكم الذي تختاره في أي من هذه الحالات توافر كافة الشروط التي يتطلبها القانون في المحكم، وكذلك الشروط التي اتفق عليها الطرفان، ويتعين ان تصدر قرارها على وجه السرعة وهذا القرار لا يقبل الطعن فيه بأي طريق من طرق الطعن.

    فجميع هذه الاجراءات تستهدف ولوج اطراف الاتفاق على التحكيم في ركب الخصومة التحكيمية دون السماح لأحدهما بالافلات من وجه العدالة التي اتفق عليها مع غريمه .

2- اتخاذ التدابير المؤقتة والتحفظية:

    بموجب المادة (14) فإنه يجوز للمحكمة المنصوص عليها في المادة (9) من هذا القانون ان تأمر بناء على طلب أحد طرفي التحكيم، باتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية سواء قبل بدء اجراءات التحكيم او اثناء سيرها.

   تدخل القاضي المختص بناء على طلب من أحد الطرفين في هذه الحالة انما يستهدف منع الاعمال المادية الجديدة التي من شأن استمرارها ضياع حق أحد الخصمين .

    طبقاً لهـذه المـادة فإن المحكمـة المنـوط بهـا الأمر باتخاذ الاجراءات الوقتية أو التحفظية بناء على طلب أي من أطراف النزاع هي المحكمة الابتدائية أو محكمة الاستئناف بمسقط.

    وذلك يشكل أحد أوجه دعم القضاء للتحكيم من خلال سد العجز الناجم عن كون المحكم شخصاً عادياً لا يتمتع بسلطة الأمر ومن ثم تطلب ذلك تدخل القضاء.

    وهذا ما أكدته المحكمة العليا من خلال ما استقر عليه قضاؤها على ان (وجود اتفاقية للتحكيم لا يترتب عليه منع القضاء العادي من سلطة اصدار الاوامر الوقتية والتحفظية المناسبة في ظل القانون الاجرائي المعمول به حسب طلب الخصوم).

 ماذا نعني بالتدابير المؤقتة أو التحفظية؟

    حقيقة الأمر أن تدخل القاضي عند اتخاذ تدابير مؤقتة أو تحفظية لا يمس أصل الحق المتنازع عليه، كما إنه لا يغير المراكز القانونية للخصوم وحيث لم يعرف النص المقصود بالتدابير المؤقتة أو التحفظية، وبالتالي فان صورها لا تدخل تحت حصر، فكلما كان للشخص حق مهدد بضرر يحتم الاسراع الى دفعه جاز له المطالبة باتخاذ هذا الاجراء أو التدبير المؤقت أو التحفظي لكي يحمي حقه ومن أمثلة ذلك طلب تعيين حارس قضائي.

 

المحور الثاني - دور القضاء اثناء التحكيم:

 1- تدخل القضاء في عزل المحكم:

    من الطبيعي أن المحكم اذا تعذر عليه اداء مهمته لأي سبب من الاسباب أن يتنحى، لكن ما هو الحال اذا لم يتنح؟ أجابت عن ذلك المادة 20 من قانون التحكيم فأعطت رئيس محكمة الاستئناف المختصة حق الأمر بإنهاء مهمته اي عزله.

 متى تعزل المحكمة المحكم؟

   عملاً بالمادة 20 من القانون ذاته يتولى رئيس محكمة الاستئناف المختصة عزل المحكم في حالتين:

 الاولى- اذا تعذر عليه اداء المأمورية لأي سبب ورغم ذلك لم يتنح.

 الثانية- اذا لم يؤد مهمته أو يباشرها او انقطع عن ادائها بما يترتب عليه تأخير لا مبرر له في اجراءات التحكيم.

    ويكون تدخل المحكمة بناء على طلب اي من الطرفين المتنازعين.

    والمحكمة حين تعزل المحكم فهي تصدر أمراً قضائياً بذلك لا يعتبر من قبيل الأحكام، ويرى بعض الباحثين ان أمر المحكمة بعزل المحكم في هذه الحالات لا يقبل الطعن فيه من جانب المحكم المعزول بأي طريق من طرق الطعن".

2- معاقبة من يمتنع من الشهود عن الحضور:

    من حالات تقديم القضاء دعمه من أجل سير عملية التحكيم تتمثل في تدخل القضاء، بعد طلب هيئة التحكيم بمعاقبة من يتخلف من الشهود عن حضور جلسات التحكيم وزيادة في الدعم جعل المشرع قرار المعاقبة غير قابل للطعن فيه وله ما للأحكام من قوة تنفيذية كما نصت على ذلك المادة 1/37 من قانون التحكيم في المعاملات المدنية والتجارية.

3- التعجيل في اصدار حكم التحكيم:

    في حال لم يصدر حكم هيئة التحكيم خلال المدة المنصوص عليها في المادة 1/45 من القانون ذاته والتي هي سنة ونصف (في حال لم يتفق الاطراف على ميعاد محدد لصدور الحكم) جاز لرئيس استئناف المحكمة المختصة إصدار أمر بتحديد ميعاد لصدور الحكم وذلك بناء على طلب أحد الاطراف وذلك عملا بالمادة 2/45 من القانون المذكور.

4- حجية محاضر جلسة التحكيم:

    اعتبرت المحكمة العليا ان محاضر جلسات التحكيم هي محاضر رسمية وحجة على الكافة بما احتوته تلك المحاضر ولا يطعن فيه الا بالتزوير. (قرار رقم 92 في الطعن رقم 2002/1م جلسة 2003/5/28 م).

    حيث رفضت المحكمة العليا دعوى بطلان اقامها أحد طرفي التحكيم مدعياً ان رئيس هيئة التحكيم كان متضجراً في جلسة التحكيم بتاريخ 2000/12/4م بقوله (نحن إرفنا- كفاية علينا كده) بدعوى أن محضر جلسة التحكيم لا يحوي مثل تلك العبارة.. وقد عللت المحكمة رفضها باعتبار ان محضر جلسة التحكيم يعتبر مستنداً رسمياً له حجية على الكافة بما حواه ما لم يطعن فيه بالتزوير .

المحور الثالث- دور القضاء بعد صدور حكم التحكيم:

    بعد صدور قانون الاجراءات المدنية والتجارية وقانون التحكيم وانضمام السلطنة الى اتفاقية نيويورك للامم المتحدة بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الاجنبية وتنفيذها (بموجب المرسوم السلطاني رقم 98/36) فإن السلطنة قد هيأت الارضية التشريعية المناسبة من أجل الاعتراف وتنفيذ أحكام التحكيم المحلية والدولية.

1- الأصل أن أحكام التحكيم واجبة التنفيذ:

    من الامور المتفق عليها فقها وقضاء تمتع أحكام المحكمين بحجية الشيء المحكوم فيه وان هذه الحجية تلحق بحكم المحكمين بمجرد صدوره ولو لم يكن صدر الأمر بتنفيذه  فصدر الأمر بالتنفيذ، كما أشارت اليه محكمة النقض المصرية((انما يتطلب من أجل التنفيذ وليس من اجل قوة الثبوت...) لذلك فقد نصت المادة 55 من قانون التحكيم على أن أحكام المحكمين تحوز حجية الأمر المقضي وتكون واجبة النفاذ بمجرد صدورها الا أن حكم المحكمين لا تكون له قوة تنفيذية الا بعد صدور الأمر بتنفيذه ووضع الصيغة التنفيذية عليه من قبل المحكمة.

    عليه يتعين على طالب التنفيذ ان يتقدم بطلب تنفيذ حكم هيئة التحكيم الى المحكمة المختصة وان يرفق بالطلب أصل حكم التحكيم أو صورة رسمية منه موقعة من المحكمين الذين اصدروه وكذلك صورة من اتفاق وترجمة مصدقة من جهة معتمدة الى اللغة العربية لحكم التحكيم اذا لم يكن صادراً بها، وصورة من المحضر الدال على ايداع الحكم لدى امانة سر المحكمة الابتدائية المختصة أو لدى امانة سر محكمة الاستئناف بمسقط اذا كان التحكيم تجارياً دولياً سواء أكان التحكيم في السلطنة ام خارجها.

    ويقوم رئيس المحكمة الابتدائية المختصة بالتثبت من أن حكم هيئة التحكيم قد أرفقت به المستندات المطلوبة، وانه قد مضت ثلاثة اشهر من ميعاد انقضاء دعوى بطلان الحكم، اذ هناك شرط يقتضي ان قبول طلب التنفيذ شكلاً يتطلب انقضاء مهلة ثلاثة اشهر الممنوحة للاطراف لتقديم طلب ابطال حكم التحكيم.

    وبمضي مهلة الثلاثة أشهر فلا مانع من ختم حكم التحكيم بالصيغة التنفيذية حتى وإن تم تقديم طلب الابطال مادام قد قدم بعد مضي مدة الامهال، وإلا قررت المحكمة المختصة التي تنظر دعوى أبطال حكم تحكيم، وقف تنفيذ الحكم لحين الفصل في الدعوى.

    اما فيما خلا ذلك فإن رئيس المحكمة الابتدائية المختصة يمضي في تنفيذ حكم التحكيم ولا يتأكد الا من توافر ثلاثة عناصر تضمنتها المادة 58 من قانون التحكيم وهي على النحو التالي:

1- أن حكم التحكيم لا يتعارض مع حكم سبق صدوره من المحاكم العمانية.

2- عدم تضمين حكم التحكيم ما يخالف النظام العام بالسلطنة.

3- صحة إعلان المحكوم عليه بحكم التحكيم.

    وقد نصت المحكمة العليا على اشتراط توافر العنصر الأخير في أحكامها بقولها (ميعاد اقامة دعوى بطلان حكم التحكيم لا ينفتح الا باعلان ذلك الحكم للمحكوم عليه ولا يغير من ذلك على الاخير بالحكم بأي طريق آخر، اذ ان المقرر أنه متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على اجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الاجراء بأي اجراء آخر) قرار رقم 39 في الطعن رقم 2004/24 م-جلسة 2004/5/26 م).

    واذا كان حكم التحكيم صادراً عن دولة اجنبية فقد اضافت المادتان 252 و253 من قـانون الاجراءات المدنية والتجارية بعض العناصر التي يجب على المحكمة المختصة التأكد من توافرها بالاضافة الى ما سبق ذكره تتمثل في عدم تضمن حكم التحكيم مخالفة للقوانين العمانية وان الدولة التي صدر فيها الحكم تقبل تنفيذ الأحكام العمانية في اراضيها. ويمكن القول انه على المستوى العلمي فإن محكمة الاستئناف بمسقط المختصة بتنفيذ الاحكام الاجنبية لا تتصدى من ذاتها لأساس النزاع الا بالمقدار الذي تتأكد من خلاله عدم مخالفته للنظام العام والآداب.

   ويمكن ملاحظة مقدار الدعم الذي من الممكن ان يوفره القضاء العماني لتنفيذ أحكام التحكيم من خلال مقارنة المواد المتعلقة بتنفيذ أحكام التحكيم في قانون التحكيم وفي قانون الاجراءات المدنية والتجارية مع نص القانون النموذجي للاونسيترال الذي يوقف تنفيذ حكم التحكيم لأسباب كثيرة تتجاوز العناصر المذكورة سلفاً كاشتراط ان يتناول حكم التحكيم نزاعاً لا يقصده ولا يشمله اتفاق التحكيم وعدم اصابة أحد طرفي العقد بأحد عوارض الأهلية او كان الاتفاق غير صحيح بموجب قانون الدولة التي صدر فيها حكم التحكيم، أو كان تشكيل هيئة التحكيم مخالفا لاتفاق الطرفين او مخالفا لقانون البلد الذي جرى فيه التحكيم.

    واخيراً فإنه من أجل تقرير فاعلية أكثر لأحكام التحكيم فإن المشرع منع الاطراف من التظلم من الأمر الذي تصدره المحكمة بتنفيذ حكم المحكمين، أما الامر الذي تصدره المحكمة برفض تنفيذ حكم المحكمين فقد أجاز المشرع التظلم منه أمام المحكمة المختصة المنصوص عليها في المادة 9 من القانون ذاته خلال ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الأمر برفض التنفيذ وفقاً للمادة 3/58 من قانون التحكيم.

2- حصر حالات بطلان حكم التحكيم:

    من أجل حماية ودعم أحكام التحكيم حدد المشرع حالات بطلان حكم التحكيم على سبيل الحصر فلا يجوز ابطالها الا في حالات محددة وواضحة يتصف فيها العيب الذي يشوب الحكم بجسامة بالغة تبرر ابطاله.

   وقد اكدت ذلك المحكمة العليا اذ نصت في مبادئها على أن اسباب قبول دعوى بطلان حكم التحكيم محددة على سبيل الحصر في المادة 53 من قانون التحكيم وهي تختلف عن أسباب الطعن في الاحكام بالطرق العادية ولا يجوز التوسع في تلك الاسباب او القياس عليها.

    وهذه الحالات كما أوردتها المادة 53 من قانون التحكيم هي:

1- اذا لم يوجد اتفاق تحكيم أو كان الاتفاق باطلاً او قابلاً للابطال او سقط بأنتهاء مدته.

2- اذا كان احد طرفي اتفاق التحكيم فاقداً الاهلية او ناقصها وقت ابرامه وفقاً للقانون الذي يحكم اهليته.

3- اذا تعذر على احد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم اعلانه اعلاناً صحيحاً بتعيين محكم او باجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن ارادته.

4- اذا استبعد حكم التحكيم تطبيق القانون الذي اتفق الاطراف على تطبيقه على موضوع النزاع.

5- اذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون او لاتفاق الطرفين.

6- اذا فصل حكم التحكيم في مسائل لا يشملها اتفاق التحكيم او جاوز حدود هذا الاتفاق.

7- اذا وقع بطلان في حكم التحكيم أو كانت اجراءات التحكيم باطلة بطلاناً أثر في الحكم.

8- اذا تضمن حكم التحكيم ما يخالف النظام العام في السلطنة. فإن المحكمة المرفوعة اليها الدعوى تقضي من تلقاء نفسها ببطلان حكم التحكيم اذا تضمن ما يخالف النظام العام في السلطنة .

    وعلى مستوى التطبيق فقد حرص القضاء على توفير قدر كبير من الدعم لاحكام التحكيم التجاري ففي دعاوى البطلان رفضت المحكمة العليا احد الطعون في دعوى البطلان باعتبار ان عدم تعیین خبير واغفال ذكر جنسية وعناوين وصفات المحكمين ليس من موجبات الابطال المنصوص عليها في المادة 53 من قانون التحكيم. مقررة في قضائها (أن البطلان لا يقضى به الا اذا نص القانون على ذلك صراحة ولم يرتب المشرع البطلان على اغفال ذکر جنسية وعناوين وصفات المحكمين حسبما ورد في المادة 3/43 من قانون التحكيم بدليل أنه لم يورد ذلك ضمن موجبات قبول دعوى بطلان حكم التحكيم الواردة في المادة 53 من قانون التحكيم).

3- رفع دعوى البطلان لا يعني وقف تنفيذ حكم التحكيم:

    من أجل ضمان فاعلية أحكام التحكيم وضمان سرعة تنفيذها في المحاكم العمانية فإن رفـع دعوى بطلان حكم التحكيم لا يعني بأية حال ترتب وقف تنفيذ أحكام التحكيم، لذا فإن المـادة 57 من قانون التحكيم تضمنت ثلاثة شروط ينبغي توافرها، الاول والثـاني منهـا شـرطان يج توافرهما لوقف تنفيذ الحكم، اما الشرط الثالث فقد اعطت المادة حق تقدير فرضه للقاضي لذلك لا يمكن القول أنه يشترط لطلب وقف التنفيذ ثلاثة شروط:

    الشرط الاول- أن يطلب المدعي ذلك في صحيفة دعوى البطلان.

    الشرط الثاني- أن يكون طلب وقف التنفيذ - وليس طلب البطلانبه اسباب جدية يمكن الاحاطة بها من ظاهر المستندات دون الدخول في موضوع دعوى البطلان.

    الشرط الثالث (جوازي للمحكمة)- أن يكون طالب التنفيذ مستعداً لسداد الكفالة التي قد تأمر المحكمة بتحديدها أو مستعداً لتقديم الضمان المالي المطلوب اذ أن رفع دعوى البطلان لا يترتب عليه حتماً وقف تنفيذ حكم التحكيم، واجازت للمحكمة المرفوعة امامها دعوى البطلان أن تأمر بوقف تنفيذ الحكم اذا كان المدعي قد طلب ذلك في صحيفة دعواه وكان طلبه قد انبنى على أسباب جديدة، واناطت المادة بالمحكمة الفصل في هذا الطلب خلال ستين يوماً من تاريخ اول جلسة محددة لنظره واجازت لها عند أمرها بوقف التنفيذ ان تأمر بتقديم كفالة أو ضمان مالي.

    كما أن القضاء لم يجعل تقدير اسباب البطلان في حكم التحكيم بيد الخصوم، بل جعله أمراً يخضع لتقدير المحكمة المختصة فقد نصت المحكمة العليا في أحد مبادئها على (إن توافر سبب من أسباب بطلان حكم التحكيم مسألة قانون لا يقدرها الخصوم انما هي من صميم و وظيفة المحكمة اذ هي التي تقرر توفر البطلان من عدمه) (قرار رقم 92 في الطعن رقم 2002/1 م جلسة 2003/5/28 م).