الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الشروط الشكلية اللازمة لصحة اتفاق التحكيم الإلكتروني / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر النظام العام عل اتفاق التحكيم ( دراسة مقارنة ) / الكتابة الإلكترونية في اتفاق التحكيم

  • الاسم

    مناحي خالد محمد الهاجري
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • عدد الصفحات

    639
  • رقم الصفحة

    219

التفاصيل طباعة نسخ

الكتابة الإلكترونية في اتفاق التحكيم

  إذا كان الأطراف يعبرون عن رغبتهم في إبرام اتفاق التحكيم التقليـدى لتسوية ما هو مثار أو سوف يثور من منازعات ، فإنهم يؤكدون تلـك الرغبـة بكتابة هذا الاتفاق والتوقيع عليه مادياً . أما بالنسبة لاتفاق التحكيم الإلكتروني فإن الأمر مختلف تماماً حيث أن التطور الذي حدث في وسائل الاتصال الحديثة أدى إلى تغير مفاهيم الكتابة والتوقيع بصفة خاصة في هذا المجال ، فأصبح يتم ذلـك بطريقة الكترونية عبر الرسائل بين الأطراف .

   وبالتالي فإنه لا يتصور بالطبع وجـود عنصرى الكتابـة أو التوقيـع التقليديين في إبرام اتفاق التحكيم الإلكتروني ، وأن الـصيغة التقليديـة للعقـدالمكتوب بين الأطراف غير قابلة للتطبيق في هذا المجال .

 

الكتابة الإلكترونية في اتفاق التحكيم

مفهوم الكتابة الإلكترونية في اتفاق التحكيم

    إن كتابة اتفاق التحكيم بطريقة إلكترونية تعد أمراً هاماً لكونه يتفق مـع طبيعة العقود الإلكترونية لأنه هو الوسيلة التي يتم بها حسم النزاع الناشئ عـن هذه العقود ، والتالي فإنه يجب كتابة اتفاق التحكيم بذات الطريقة الإلكترونية .

   كما أن غالبية النظم القانونية الدولية والوطنية تفضل إبرام اتفاق التحكيم بطريقة إلكترونية من حيث كتابته والتوقيع عليه ، وأيضاً توثيقه ، وذلـك عبـر شبكة الإنترنت الدولية لأن ذلك يتلاءم مع طبيعة التجارة الإلكترونية التي يتولى . التحكيم الإلكتروني فض منازعاتها ، مثل قانون اليونيسترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية الصادر سنة 2001 حيـث اعتـرف بـصحة التوقيـع الإلكتروني ، كما أقر توثيقه ووضعت لهذا التوثيق شروط معينة يجب توافرهـا فيه وذلك في المادة 9 ، 12 منه . وفيما يتعلق بالمشرع المصرى فقـد سـاير التطور والتقدم الذي لحق وسائل الاتصالات والمعلومات الحديثة وذلك بإصداره القانون رقم 15 لسنة 2004 بشأن تنظيم التوقيع الإلكتروني والـذى أقـر فيـه بصحة الكتابة والتوقيع الإلكتروني ، كما أقر أيضاً قيام بعض الجهات بمهمـة التوثيق الإلكتروني وإصدار شهادات تفيد صحة الكتابة والتوقيـع الإلكترونـي ، وأن هناك ارتباط بينهم وبين مصدرهم .

   وفيما يتعلق باتفاق التحكيم الإلكتروني فإن القوانين الدولية مثـل قـانون اليونيسترال النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر سنة 1985 ، وكـذا القوانين الوطنية مثل قانون التحكيم المصرى رقـم 27 لسنة 1994 قد اشترطت الكتابة لانعقاد عقد اتفاق التحكيم الإلكتروني حيث اعتبرت هذه القوانين أن الكتابة ركن من أركان هذا العقد ومن ثم فإنها قررت في حالة تخلـف هـذا الشرط بطلان عقد اتفاق التحكيم ، كما أن اتفاقية نيويورك الخاصة بـالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الصادر سنة 1958.

    يتعين توسع المشرع في اعتماد ما يعد كتابة إلكترونية من خلال الاستناد إلـى الأثر المترتب عليها ، ألا وهو " القابلية للإدراك " فمتى تحقق هذا الأثر أو هذه النتيجة كنا بصدد كتابة إلكترونية معتمدة للدلالة على مضمونها ومصداقية هـذا المضمون . فــ " كل حرف أو أرقام أو رموز أو أى علامات أخرى تثبت على دعامة إلكترونية أو رقمية أو ضوئية أو أية وسيلة أخرى مشابهة وتعطى دلالـة قابلة للإدراك " تعد كتابة إلكترونية .

- وإذا كانت الكتابة تفترض دائماً ركيزة ، محرر ينقلها للغير ويجعل مضمونها قابلاً للإدراك ، فإن المحرر تتغير طبيعته بتغير مضمونه الذي يتصف بالإطـار الإلكتروني فإن الركيزة أيضاً يمكن اعتمادها في الإطار الإلكتروني ، فـالمحرر يكون إلكترونياً معتمداً قانوناً بذاته وفي مضمونه للإثبات .

   والمحرر الإلكتروني وطبقا للبند (ب) من المادة (1) من القانون هو كل " رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج ، أو تخزن أو ترسل أو تستقبل كليا أو جزئياً بوسيلة إلكترونية ، أو رقمية أو ضوئية ، أو بأية وسـيـلـة أخـرى مشابهة "

   ويعرف المحرر الإلكتروني بأنه : رسالة بيانات تتضمن معلومات تنشأ أو تدمج ، أو تخزن ، أو ترسل أو تستقبل كليا أو جزئياً بوسيلة إلكترونيـة ، أو رقمية ، أو ضوئية ، أو بأية وسيلة أخرى مشابهة " .

   بيد أنه من الضروري أن ندرك لوجه الشبه والاختلاف بين الكتابـة الإلكترونية والكتابة التقليدية ، فكلاهما يتماثلان في أنهما ينطويان على مجموعة من الرموز التي تعبر عن حقيقة التصرف المبرم بين طرفيه ، كما أن فحوى كل منهما تمتد إليها يد الشارع بالحماية ، بالإضافة إلى انطوائهما على فكرة الضرر التي هي علة تجريم المساس بهما .

   وعلى ذلك فيجب النظر لمفهوم الكتابة بمنظور أوسع بحيث يستوعب أي نوع من أنواع الكتابة.

 

مدى جواز الكتابة الإلكترونية في اتفاق التحكيم

   تجدر الإشارة بداية إلى أن الكثير من القوانين الدوليـة والوطنيـة قـد أوجبت كتابة اتفاق التحكيم ورتبت على تخلفه البطلان باعتباره ركناً من أركـان هذا الاتفاق ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فقـد أقـرت صـحة الكتابـة الإلكترونية ومساواتها بالكتابة التقليدية ، وبالرابط بين هذين الأمرين يتضح لنـا أنه يبرز منهما أمر ثالث يتمثل في مدى إمكانية كتابة عقد اتفاق التحكيم بطريقة إلكترونية ، وبمعنى آخر هل يجوز الكتابة الإلكترونية لاتفاق التحكيم عبر وسائل الاتصال الحديثة بدلاً من الكتابة التقليدية.

   أقرت بصحة اتفاق التحكيم الإلكتروني في المادة 2 فقرة 2 حيث نصت على أن " يقصد باتفاق مكتوب - شرط التحكيم في عقـد أو اتفاق التحكيم الموقع عليه من الأطراف أو الاتفاق الـذي تضمنته الخطابـات المتبادلة أو البرقيات " . وهكذا يتضح أنه يجوز إبرام اتفـاق التحكــم بطريـق المراسلات والخطابات ، وبالتالي فإنها تركت الباب مفتوحاً لكل الطرق التي تتم بها المراسلات التي تتم إلكترونياً عبر شبكة الإنترنت الدولية وبالتالي فإنه يجب تفسيرها تفسيراً مرناً لإقرار اتفاق التحكيم الإلكتروني .

  وبالتالي فإن هذا القـانـون قـد أقـر أن الرسائل يمكن أن تتم إلكترونياً عبر وسائل الاتصال الحديثة .

   وهكذا يتضح أن القانون الأول قد أقر كتابة اتفـاق التحكــم بواسـطة الرسائل بكافة أنواعها ، والقانون الثاني قد أقر أن الرسالة يمكن أن يتم إرسالها واستلامها إلكترونياً عبر وسائل الاتصال الحديثة ، وبالجمع والربط بينهما يتضح أن القوانين النموذجية الدولية قد أقرت واعترفت بأن اتفاق التحكيم يمكن كتابتـه بطريقة إلكترونية عبر وسائل الاتصال الحديثة مثل شبكة الإنترنت الدوليـة ، كما أنه ترك المجال مفتوحاً أمام جميع الوسائل الحديثة التي يمكن أن تظهـر مستقبلاً ويتم استعمالها في إبرام اتفاق التحكيم .

   وقد أخذ المشرع المصري في المادة 12 من قانون التحكــم المـصـرى بهذا أيضاً ، والذي أعقبه بإصدار القانون رقم 15 لسنة 2004 بـشأن تنظـيم التوقيع الإلكتروني والذي أقر فيه الكتابة الإلكترونية ووضـع لـهـا تعريفـاً ، وبذلك يكون المشرع المصرى قد ساير هذا التطور في وسائل الاتصالات ، حيث أنه بموجب القانون الأول أقر كتابة اتفاق التحكيم بكل الوسائل ومن بينهـا الوسائل الإلكترونية ، وأكد ذلك بإصداره للقانون الثاني الذي اعترف فيه صراحة بالكتابة الإلكترونية .

   نخلص مما سبق إلى أنه يجوز كتابة اتفاق التحكيم بطريقة إلكترونية عبر وسائل الاتصال الحديثة مثل شبكة الإنترنت الدولية وأنه قد أقرت ذلـك بعـض الدول بينما اعترض البعض الآخر ونحن نهيب بهذه الدول الأخيرة أن توسع من مفهوم الكتابة الخاص باتفاق التحكيم ليشمل الكتابة الإلكترونية وذلـك لأن عـدم الاعتراف بهذه الكتابة من جانب هذه الدول يؤدى إلى بطلان هذا الاتفاق وبالتالي عدم تنفيذ أي حكم لديهم يشتمل على هذا الاتفاق ، ومع ذلك فإن إقرار الكتابـة الإلكترونية لاتفاق التحكيم ليس أمراً متروكاً بلا قيود بل يجب أن تتوافر في هذه الكتابة العديد من المقومات والشروط التي تجعلها على قدم المساواة مع الكتابـة التقليدية لاتفاق التحكيم.