التحكيم / الشروط الشكلية اللازمة لصحة اتفاق التحكيم الإلكتروني / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / الشروط الشكلية لصحة اتفاق التحكيم الإلكتروني
إن العقود الشكلية بصفة عامة هي التي يلزم لصحتها اتباع الشكل الذي قرره القانون لانعقادها وإلا ترتب بطلانها، فالإرادة المشتركة للمتعاقدين ليست وحدها الفيصل في صحة هذه العقود.
ولقد سار قانون التحكيم المصري على النسق نفسه، حيث قضى بالمادة الثانية عشرة أنه "يجب أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً وإلا كان باطلا. ويكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا تضمنه محرر وقعه الطرفان أو إذا تضمنه ما تبادله الطرفان من وسائل أو برقيات أو غيرها من وسائل الاتصال المكتوبة". وكذلك قوانين أخرى مثل القانون النموذجي للجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي لعام 1985 بالمادة 2/7 ، والمادة 2 من اتفاقية نيويورك بشأن تنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية، والمادة 3 من قانون التحكيم الفيدرالي الأمريكي، والمادة 358 من القانون الدولي الخاص السويسري .
وقد تم ادخال تعديلات للمادة 7 في عام ٢٠٠٦ للنص التالي:
1-.....
2- يتعين أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا.
3- يكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا كان محتواه مدونا في أي شكل، سواء أكان أم لم يكن اتفاق التحكيم أو العقد قد أبرم شفويا أو بالتصرف أو بوسيلة أخرى.
4- يستوفي اشتراط أن يكون اتفاق التحكيم مكتوباً بواسطة خطاب إلكتروني وإذا كانت المعلومات الواردة فيه متاحة بحيث يمكن الرجوع إليها لاحقا ؛ ويقصد بتعبير "الخطاب الإلكترونـي" أي خطـاب يوجهـه الـطـرف بواسـطة رسـالة بيانـات؛ ويقصـد بتعبيـر "رسالة البيانات" المعلومات المنشأة أو المرسلة أو المتلقاة أو المخزنة بوسائل إلكترونية أو مغنطيسية أو بصرية أو بوسائل مشابهة تشمل، على سبيل المثال لا الحصر، التبادل الإلكتروني للبيانات والبريد الإلكتروني والبرق والتلكس والنسخ البرقي.
5- علاوة على ذلك، يكون اتفاق التحكيم مكتوباً إذا كان وارداً في تبادل لبياني ادعاء ودفاع يزعم فيهما أحد الطرفين وجود اتفاق ولا ينكره الطرف الآخر.
وعلى العكس من ذلك، يتجه جانب آخر من التشريعات إلى جعل الكتابة، مع استلزامها في كل حال، مجرد وسيلة لإثبات الاتفاق على التحكيم، بحيث إن انعدام الكتابة لا يستتبع انعدام الاتفاق، أو بطلانه، بل يجعله، عند إنكاره، غير ذي فعالية، ويتعين البحث عن وسيلة مأمونة لإثباته. ومن تلك التشريعات قانون التحكيم الهولندي لعام 1986 .
فتعد الكتابة الإلكترونية من أهم الصور الحديثة في الكتابة، وقد لاقت انتشارا كبيرا في وقتنا الحاضر من خلال استخدامها في الرسائل الإلكترونية التي تتم عبر أجهزة الكمبيوتر والاتصالات الحديثة، وتنتقل إلى الطرف الآخر اللحظة نفسها عن طريق شبكة الإنترنت، وهو الأمر الذي ساعد في إبرام الكثير من عقود التجارة الإلكترونية.
وقد أكدت ذلك اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الإلكترونية في العقود الدولية لعام 2005 حينما فرضت مبدأ مهماً في الشكلية بنص المادة 2/9 على أنه "حينما يشترط القانون أن يكون الخطاب أو العقد كتابياً أو ينص على عواقب لعدم وجود كتابه، يعد ذلك الاشتراط قد استوفي بالخطاب الإلكتروني إذا كان الوصول إلى المعلومات الواردة فيه متيسراً على نحو يتيح استخدامها في الرجوع إليها لاحقاً ". وبهذا يكون استيفاء الشكلية التي يتطلبها القانون لإبرام العقد أو لتنفيذه عن طريق المستندات الإلكترونية متى روعيت فيها الشروط التي حددها القانون.
وكذلك جاءت أحكام القانون النموذجي للتجارة الإلكترونية بمبدأ عدم التمييز بين الكتابة التقليدية والكتابة الإلكترونية، حيث تنص المادة 1/6 على أنه "عندما يشترط القانون أن تكون المعلومات مكتوبة، تستوفي رسالة البيانات ذلك الشرط إذا تيسر الاطلاع على البيانات الواردة فيها على نحو يتيح استخدامها بالرجوع إليه لاحقا" . فطالما كانت المعلومات المكتوبة تعبر بما لا يدع مجالاً للشك عن الإرادة المشتركة للمتعاقدين، فإنها تعد مستوفية لشرط الكتابة الذي يتطلبه القانون.
تقرر المادة 2 من القانون الأمريكي الموحد الخاص بالصفقات التي تتم بطريقة إلكترونية المساواة بين المحررات المكتوبة والمحررات الإلكترونية. وتعرف الفقرة السابعة من المادة الثانية من القانون المشار إليه المحرر الإلكتروني بأنه "المحرر الذي يتم إنشاؤه أو إرساله أو تبادله أو حفظه بطريقة إلكترونية". وعلى جانب آخر، تنص المادة 13/2 من القانون نفسه على أنه "المحرر يشمل البيانات والمعلومات المسجلة على دعامة ملموسة أو يمكن تخزينها على دعامة إلكترونية أو غيرها، ويكون في الإمكان الاطلاع عليها فيما بعد".
وبذلك تكون الشكلية المطلوبة لصحة اتفاق التحكيم الإلكتروني قد توافرت بمساواة الكتابة الإلكترونية بالكتابة التقليدية.