التحكيم / الشروط الموضوعية اللازمة لصحة اتفاق التحكيم الالكتروني / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم الالكتروني الدولي في منازعات التجارة الدولية / الشروط الموضوعية لصحة اتفاق التحكيم الإلكتروني
والشروط الموضوعية لصحة اتفاق التحكيم تتمثل في الأهلية والرضاء والمحل والسبب.
أولا: أهلية إبرام اتفاق التحكيم الإلكتروني:
قانون التحكيم المصري، حيث، نص على أنه "لا يجوز الاتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه. كذلك جاء بقانون التحكيم الألماني لعام 1998 أنه كل المسائل ذات الطبيعة المالية تكون محلا لاتفاق التحكيم، بشرط "أن يكون للأطراف حرية التصرف في محل النزاع" .
والأهلية المطلوبة هنا هي أهلية الأداء فإذا انعدمت أو كانت ناقصة كان اتفاق التحكيم باطلاً أو قابلاً للإبطال، ولا يرتب أثره. والأصل أن "كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون" ..
وقد ميز القانون في أهلية الشخص الطبيعي بين الوطنيين والأجانب؛ إذ أن "1 - كل شخص بلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية، ولم يحجر عليه، يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية. ٢ . وسن الرشد هو أحدى وعشرون سنة ميلادية كاملة" . أما الأجانب فإن حالتهم المدنية وأهليتهم "يسرى عليها قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم".
وتجدر الإشارة إلى أنه يجوز إبرام اتفاق التحكيم بالوكالة، ولكن يشترط أن تكون الوكالة خاصة، حيث لا تصلح الوكالة العامة للاتفاق على التحكيم إعمالا لحكم المادة 1/702 مدني التي تنص على أنه "لا بد من وكالة خاصة في كل عمل ليس من أعمال الإدارة، وبوجه خاص في البيع والرهن والتبرعات والصلح والإقرار والتحكيم...".
وقد ميز القانون بين أهلية الشخص الاعتباري الخاص الوطني وأهلية الشخص الاعتباري الخاص الأجنبي، حيث يجوز للشخص الاعتباري الخاص المصري أن يكون طرفاً في اتفاق التحكيم في أي وقت طالما كان يملك التصرف في حقوقه. أما "النظام القانوني للأشخاص الاعتبارية الأجنبية، من شركات وجمعيات ومؤسسات وغيرها، فيسري عليه قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه الأشخاص مركز إدارتها الرئيسي الفعلي. ومع ذلك باشرت نشاطها الرئيسي في مصر، فإن القانون المصري هو الذي يسرى" .
ومن الطبيعي أن تسود مبادئ مشابهة في شأن أهلية الأشخاص الاعتبارية العامة حيث تخضع . وفقاً لنظرية السيادة ـ للقوانين السارية في كل دولة؛ ولذا تقرر في القانون المصري أنه "وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة. ولا يجوز التفويض في ذلك" . وبالمقابل تحدد قوانين الدول الأجنبية كيفية لجوء الأشخاص الاعتبارية العامة التي تنتمي إليها إلى التحكيم.
ثانياً: التراضي على اتفاق التحكيم الإلكتروني:
التراضي ركن اتفاق التحكيم الذي لا يقوم بدونه. حيث ينعقد هذا الاتفاق بتبادل الطرفين التعبير عن إرادتين متطابقتين لتسوية منازعاتهم عن طريق التحكيم الإلكتروني. وينتج التعبير عن الإرادة أثره في الوقت الذي يتصل فيه بعلم من وجه إليه، ويعد وصول التعبير قرينة على العلم به، ما لم يقم الدليل على عكس ذلك .. ويشترط في التعبير عن الإرادة أن يكون صادراً من الشخص عن تراض واختيار حر صريح، يقطع برغبته في اللجوء إلى التحكيم الإلكتروني، دون أن يشوبه أي عيب من عيوب الإرادة كالغلط أو التدليس أو الإكراه أو الاستغلال وإلا جاز إبطاله
ولقد استقر القضاء الأمريكي على أن الضغط على مفتاح القبول في العقود النموذجية التي تتضمن شرط التحكيم الإلكتروني (أو التقليدي) يعد كافياً لصحة اتفاق التحكيم .
ومن وجهة نظرنا إن اللجوء إلى الوسائل الإلكترونية لإبداء الرضاء في مجال التحكيم الإلكتروني ليس بالضروري حيث قد يتبادل الأطراف التعبير عن الإرادة بالوسائل التقليدية كالخطابات والمراسلات المتبادلة والتلغراف، ومن ثم يتحقق الرضاء باللجوء إلى التحكيم الإلكتروني. وقد تتحقق هذه الغاية أيضاً باستخدام الوسائل الإلكترونية كالمراسلات الإلكترونية، فالمهم في الحالتين وجود إرادتين متطابقتين بغض النظر عن الوسيلة التي تحقق بها هذا التطابق، هل هي وسيلة من الوسائل التقليدية أم وسيلة من الوسائل الإلكترونية، وبغض النظر كذلك عن نوع التحكيم، هل هو تحكيم إلكتروني أم تقليدي.
ثالثاً: محل الاتفاق وقابليته للتحكيم الإلكتروني:
ورد بقانون التحكيم المصري بالمادة الحادية عشرة أنه "لا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح". ولكن في حقيقة الأمر هذا النص لا يحدد المسائل التي يجوز تسويتها بطريق التحكيم، وإنما أحال في شأنها، إلى القواعد الخاصة بعقد الصلح، التي من بينها القاعدة الواردة في المادة 551 من القانون المدني، التي تنص على أنه "لا يجوز الصلح في المسائل المتعلقة بالحالة الشخصية أو النظام العام. ولكن يجوز الصلح على المصالح المالية التي تترتب على الحالة الشخصية أو التي تنشأ عن ارتكاب أحدى الجرائم .
وظاهر هذا النص يحدد مجالين لا يجوز فيهما التحكيم: مسائل الأحوال الشخصية، والمسائل المتعلقة بالنظام العام.
أما بالنسبة للمسائل المتعلقة بالنظام العام فهي نسبية تختلف من دولة إلى دولة، بل ومن زمن إلى زمن داخل ذات الدولة، وهو كما عرفته محكمة النقض المصرية بأنه "يشمل القواعد التي ترمي إلى تحقيق المصلحة العامة للبلاد، سواء من الناحية السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية التي تتعلق بالوضع الطبيعي المادي والمعنوي لمجتمع منظم، وتعلو فيه على مصالح الأفراد...
وفي النهاية نؤكد أن تقدير قابلية موضوع اتفاق التحكيم للتسوية بطريق التحكيم، يجب أن يتم بالنظر إلى النظام العام بمفهومه الدولي، وليس بمفهومه الداخلي.
رابعاً : السبب :
لأن سبب لجوء الأطراف إلى التحكيم هو الإفادة من مزاياه المتعلقة بالسرعة والتحرر من الإجراءات الشكلية التي يفرضها النظام القضائي. وإن هذا السبب لا يلزم ذكره صراحة بوصفه بند في اتفاق التحكيم الإلكتروني، على اعتبار أن كل التزام لم يذكر له سبب في العقد يفترض أن له سبباً مشروعا، ما لم يقم الدليل على غير ذلك".