الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / ماهية اتفاق التحكيم الإلكتروني / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم الإلكتروني كوسيلة لفض المنازعات التجارية الدولية / التعريف باتفاق التحكيم

  • الاسم

    هيثم عبدالرحمن البقلي
  • تاريخ النشر

  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    119

التفاصيل طباعة نسخ

هو إتفاق الطرفين على اللجوء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقديـة كانت أو غيـر عقدية .

وهذا الاتفاق يعد دستور التحكيم، وأساس مشروعيته، ومنـه يستمد المحكـم سلطته في الفصل في النزاع كما أنه يعد الأساس القانوني لأخراج النزاع من اختصاص المحاكم صاحبه الولاية العامة، وبالتالي فإن عدم وجود أتفاق تحكيم صحيح يقضى إلى إنعدام حكم التحكيم لانعدام ولاية المحكم في إصداره ولافتئات المحكم المذكور علـى السلطة القضائية في الدولة وغصبة ولايتها بما يشكله من اعتداء على النظام العام. وكذلك قضى أن التنظيم القانوني للتحكيم يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو يمكن أن تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فأراده المتعاقدين هي التي توجد التحكــم وتحـدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئـة التحكــم وسلطاتها وإجراءات التحكيم وغيرها ذلك فمتى تخلف الاتفاق أمتنع القول بقيام التحكيم وهو ما يستتبع نسبيه أثره، فلا يحتج به إلا في مواجهة الطرف الذي أرتـضـاه وقبـل خصومته ويكفي لوجود أتفاق تحكيم توافق إرادتي الطرفين على اللجوء إلى التحكيم.

 ولقد عرفت المادة السابعة من القانون النموذجي الذي وضعته لجنـة الأمـم المتحدة للقانون التجاري الدولي أتفاق التحكيم بأنه "أتفاق بين الطرفين على أن يحـيلا إلى التحكيم جميع أو بعض المنازعات المحددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهمـا بـشـأن علاقة قانونية محدده تعاقدية كانت أو غير تعاقدية.

ولا يختلف تعريف أتفاق التحكيم الالكتروني عن ذلك، إلا أنه يتم عبر وسـائط الكترونية وشبكة اتصالات مثل الانترنت، ولذلك فهو يعني تسوية المنازعـات التـي نشأت أو يمكن أن تنشأ بين الأطراف المتعاقدين أو غير المتعاقدين بمناسـبة علاقـة قانونية معينة عبر شبكات الاتصالات دون الحاجة إلى التواجد المادي لأطراف التعاقد".

فإذا كان التحكيم الالكتروني يتم عبر وسائط الكترونية فإنه لا يوجد ما يمنع أن يتم بأكمله أو في بعض مراحله الكترونيا، وفي مراحل أخرى بالطرق التقليدية وإن كنا برى ان شمول صفة الالكترونية لجميع الإجراءات هو المقصود بالتحكيم الالكترونـي كما اوضحنا سلفاً.

وإياً كان شكل أتفاق التحكيم الالكتروني فإنه ولابد أن تسبقه مفاوضـات بـين الأطراف المعنية يتم فيها التفاوض على نقاط الخلاف الرئيسية التـي سـوف يقـوم المحكمون بمناقشتها في حالة قيامها أو الخلافات القائمة فعلياً، ويتم في هذه المفاوضات الاتفاق على هيئة التحكيم المختصة بنظر النزاع والقانون الواجب التطبيق، الاجراءات محل التحكيم، عدد المحكمين، وقت التحكيم وزمن إجراءاتـه، المصاريف الإداريـة ووسيلة الاتصال عبر الشبكات الالكترونية، وتبادل المستندات عـن طـريـق البريـد الالكتروني أو الفاكس أو غيرها من الأمور الجوهرية.

ومن جماع تلك التعريفات فإن التحكيم الإلكتروني قد يكون شرط في العقـد أو مشارطة لاحقة أو إشارة التحكيم بالاحالة كالتحكيم التقليدي.

أنواع اتفاق التحكيم الالكتروني

أولا : شرط التحكيم الالكتروني:

شرط التحكيم الإلكتروني هو الذي يرد في العقد التجاري بإحالة المنازعات المستقبلية حول العقد إلى التحكيم. وهو الغالب في حياة العملية، ولكن ليس هناك ما يمنع من أن يـرد شرط التحكيم في اتفاق مستقل مع أو بعد العقد الأصلى .

وعادة ما يرد الشرط بصيغة مقتضيه تتضمن فقط الاحالة للتحكيم دون تحديـد التفاصيل، وفي بعض الأحيان يمكن الأتفاق على مكان التحكيم، اللغة، القانون الواجب التطبيق على النزاع، صفات ومؤهلات كل أو بعض المحكمين.

وإذا كان التحكيم مؤسسيا، فقد جرت العادة أن تضع مؤسسة التحكيم المعينـة صيغة ينصح الأطراف بإدراجها في عقدهم إذا رغبوا بإحالة النزاع إلى تلك المؤسسة، وفي هذه الحالة تتبع قواعد المؤسسة في إجراءات وادارة التحكيم بما في ذلـك تعيـين المحكمين.

وذلك كنموذج غرفة التجارة الدولية بباريس (I.C.C) ". جميع الخلافات التـي تنشأ عن هذا العقد أو التي لها علاقة به يتم حسمها نهائيا وفقاً لنظام التحكيم لغرفـة التجارة الدولية بواسطة محكم أو عده محكمين يتم تعيينهم طبقا لذلك النظام.

ونموذج اليونيسترال كل نزاع أو خلاف أو مطالبة تنشأ عن هذا العقد أو تتعلق به أو بمخالفة احكامه أو فسخه أو بطلانه يسوى بطريق التحكيم وفقا لقواعد التحكيم التي وضعتها لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي."

ثانيا مشارطة التحكيم الالكتروني:

1- أتفاق التحكيم هو "أتفاق الطرفين على الالتجاء إلى التحكيم لتسوية كل أو بعض المنازعات التي نشأت أو تنشأ بينهما بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية كانت أو غير عقدية.

٢- يجوز أن يكون أتفاق التحكيم سابقاً على قيام النزاع كما يجوز أن يـتم أتفـاق التحكيم بعد قيام النزاع.

3- يعتبر التحكيم كل أحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط التحكيم إذا كانت الإحالة واضحة في إعتبار هذا الشرط جزءا من العقد.

شرط التحكيم بالأحالة الالكتروني:

وهو حكم منقول عن عجز الفقرة (٢) من المادة السابعة من القانون النمطـى للجنة الامم المتحدة للقانون التجاري الدولي لعام 1985 الذي جاء به .. وتعتبر الإشارة في عقد ما إلى مستند يشتمل على شرط التحكيم بمثابة أتفاق تحكيم، شريطة أن يكـون العقد مكتوبا وأن تكون الإشارة قد وردت بحيث تجعل ذلك الشرط جزءا من العقد.

استقلالية اتفاق التحكيم الالكتروني عن العقد الأصلي

ويترتب على ذلك أن الأتفاق على التحكيم ليس مجرد شرط وارد في العقـد الأصلي، بل هو عبارة عن عقد آخر من طبيعة مختلفة فهو عقد ثان وإن كان مندمجا من الناحية المادية في العقد الأصلي.

ولقد أكد قانون التحكيم المصري ۲۷ لسنة ١٩٩٤ استقلال اتفاق التحكيم عـن العقد الأصلى بالمادة (٢) " يعتبر شرط التحكيم أتفاقاً مستقلاً عن شروط العقد الأخرى ولا يترتب على بطلان العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط التحكيم الذي يتضمنه، إذا كان هذا الشرط صحيحاً في ذاته".

وكذلك أتخذته لوائح التحكيم منهاجاً لها، ومنها لائحة التحكيم التي أعدتها غرفة التجارة الدولية بباريس (٤/٦٢) ما لم يوجد أتفاق مخالف، فإنه لا يترتب على البطلان أو انعدام العقد المدعى بهما، عدم اختصاص المحكم إذا تمسك بصحة أتفاق التحكيم".

ويتضح من ذلك التأكيد على إستقلالية اتفاق التحكيم في حالة البطلان للعقـد الاصلى وكذا حالة أدعاء عدم وجود هذا العقد من أساسه.

وكذا لائحة التحكيم التي أقرتها الجمعية العامة في ٢٨ أبريل 1976 التي أعدتها لجلة الأسم المتحدة للقانون التجاري الدولي والتي أوصت بأعمال أحكامها علـى حـل المنازعات الناشئة عن العلاقات التجارية الدولية والتي كرست مبدأ استقلالية أتفـاق التحكيم واختصاص المحكم بالفصل في مسألة اختصاصه.

وتنص المادة (١/٢١) في اللائحة " تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المثارة بشأن عدم اختصاصها، بما في ذلك كل دفع يتعلق بوجود وصحة شرط التحكيم أو أتفـاق التحكيم المستقل.

(۲) ولهيئة التحكيم الأختصاص في الفصل في وجود وصحة العقد الذي يعـد شـرط التحكيم جزءاً منه.

وكذلك فعلت اللائحة الصادرة في ١٩٩٢عن الهيئة الأمريكية للتحكيم (A.A.A) وحددت مبدأ استقلالية أتفاق التحكيم في المادة 15 منها.

- ويترتب على استقلالية أتفاق التحكيم مزايا وفوائد تتحقق لمصلحة التحكيم ونموه كأحد سبل فض المنازعات التجارية ومن أهمها:

أولا : تحقيق فاعلية أتفاق التحكيم وعدم خضوعه لقيود القوانين لوطنية:

حيث لا يتوقف ولا يتأثر مصير العقد الأصلي الذي يشير إلى هذا الاتفاق فيدعم التحكيم باعتباره قضاء ذاتي خاص يلائم الحاجات المتطوره للتجارة الداخلية والدوليـة كلاهما دون أن يندمج في الآثار التي قد تلحق بالعقد الأصلي كالبطلان والفسخ، فضلا عن أن التوصل على تسوية بشأن الحقوق الواردة في العقد الاصلى لا يؤدي بالضرورة إلى أنقضاء شرط التحكيم.

ثانيا : تمكين المحكم من الفصل في مسألة اختصاصه بالفصل في النزاع:

وذلك أن أتفاق التحكيم إذا كان مرتبطاً بالعقد الأصلى وكان الأخير باطلاً أو مفسوخاً فإنه يبطل جميع شروطه وبالتبعية شرط التحكيم، وبالتبعية فإن التحكيم لا يقوم إلا إذا كان مستقلاً عن العقد المشار للتحكيم به حتى يتمكن المحكم من الفصل في مسألة اختصاصه بالفصل في النزاع.

ثالثا : إخضاع اتفاق التحكيم لقانون آخر غير الذي يخضع له العقد:

يؤدي اعتناق مبدأ استقلالية أتفاق التحكيم عن العقد الأصلي إلى قبـول عـدم خضوع أتفاق التحكيم بالضرورة إلى ذات القواعد التي تحكم العقد الأصلي، سـوا تم اخضاع أتفاق التحكيم إلى قانون محدد تطبيقها بالاعمال لقواعد الأسناد التقليدية أو تم اخـضاع اتفاق التحكيم، على نحو ما ذهب القضاء في فرنسا سواء من حيث الفصل في مسألة وجود ذاته أو صحته إلى قواعد مادية تتمشى مع الطابع الدولي للتحكيم "القانون واجب التطبيق على تحديد نطاق وآثار شرط التحكيم المنشيء لتحكيم دولـي لا يختلط

بالضرورة بالقانون واجب التطبيق على موضوع النزاع.

إلا أنه ومن الجدير بالذكر وأن انتهينا إلى أن أتفاق التحكيم مستقل عـن العقـد المشار إليه به فإن الاتفاق على التحكيم ذو " نسبية الأثر". فإن كان التحكيم هو طريـق استثنائي لفض المنازعات وباتفاق الأطراف يتم إخراج النزاع من اختصاص محـاكم الدولة فإن تلك الإرادة هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقة، وتعنى نسبية اتفاق التحكيم بأنه لا يحتج به ولا يرتب أثارا ولا يلزم إلا أطرافه فقط الذين قبلوه وأرتضوا به.

ويقصد بالأطراف في أتفاق التحكيم من أبرموه بأنفسهم أو من يمثلهم قانونـا ووقعوا عليه، إلا أن أتفاق التحكيم يمتد ليشمل الخلف العام لأطرافه كالوارث والموصى له بجزء غير معين من التركة وكذلك حالات إندماج الشركات، وكذلك إلى المحال إليه إذا كانت الحواله صحيحة وتحقق شرط نفاذها بقبول المدين للحواله أو بإعلانهـا إليـه لانتقال الحق المحال بالحواله إلى المحال إليه بصفاته ودفوعه وتوابعه، كما ينتقل اتفاق التحكيم بحوالة العقد بالنسبة لحواله الدين.

واستثناء من مبدأ نسبية أتفاق فإن الأتفاق قد يرتـب آثـارا بالنسبة للغير،وأهم صور ذلك الامتداد الأشتراط لمصلحة الغير، والكفالة الواردة في عقد المديونية المتضمن شرط تحكيم، واتحاد الشركات لمباشرة أو تنفيذ نشاط بشرط أن تكون تلك الشركات قد شاركت في إبرام العقد أو تنفيذه أو انهائه وأفتراض علـم لـك الشركات بوجود أتفاق التحكيم ونطاقه.

الأثار الموضوعية والاجرائية لاتفاق التحكيم الالكتروني

متى أبرم اتفاق التحكيم صحيحا مكتملاً أركانه وشروطه، فإنـه يـرتـب الأثـر القانوني الذي يقصد إليه، وجوهره حجب السلطة القضائية عن الفصل في النزاع ومنحه لقضاء التحكيم، وهنا تأتي إلزامية التحكيم واللجوء إليه عند أبرام الاتفاق، وليس لأحـد أطراف الاتفاق التنصل منه وليس للغير طرح تلك المنازعه على القضاء الوطني ما دام النزاع منظور أمام التحكيم وبالتالي فإن الاتفاق هنا يكون له آثار موضوعية وآثـار إجرائية.

الآثار الموضوعية لاتفاق التحكيم الالكتروني

أولا : القوة الملزمة لاتفاق التحكيم

لا تفترق القوة الملزمة لاتفاق التحكيم كعقد مستقل عن طبيعـة الألتـزام فـي العقود، فالأطراف يلتزمون بتنفيذ العقد وهو الاتفاق وأحالة المنازعة الناشئة عن العقـد التجاري إلى التحكيم فالمبدأ " العقد شريعة المتعاقدين".

ولقد أقرت جميع المعاهدات الدولية المتعلقة بالتحكيم بـالألتزام الواقـع علـى الأطراف بالعهده بالمنازعات المتفق على حلها بواسطة التحكيم، فمنذ عام ١٩٢٣ أقـر بروتوكول جنيف بشأن شروط التحكيم هذا المبدأ في المـادة الأولـى، وكـذا اتفاقيـة نيويورك الموقعة في 10 يونيه ١٩٥٨ والمتعلقة بالأعتراف وتنفيذ أحكـام التحكــم الأجنبية في المادة الثانية الفقرة الأولى " تعترف كل دولة متعاقدة بالأتفاق المكتوب الذي يلتزم بمقتضاه الأطراف بأن يخضعوا للتحكيم كل أو بعض المنازعات الناشئة أو التي قد تنشأ بينهم بشأن موضوع من روابط القانون التعاقدية أو تميز التعاقديـة المتعلقة بمسألة يجوز تسويتها عن طريق التحكيم".

وفي مصر يلاحظ أن جزاء الاخلال بالقوة الملزمة للتحكيم نصت عليه المـادة (۱۷) من قانون التحكيم فنصت على أنه .. إذا لم يتفق طرفي أتفاق التحكيم على اختيار هيئة التحكيم سواء كانت مشكلة من محكم واحد أو من ثلاثة محكمين أولم يعـين أحـد الطرفين محكمة خلال الثلاثين يوما التالية لتسلمه طلبا بذلك من الطرف الآخر، تولـت المحكمة المختصة أصلا نظر النزاع أو محكمة استئناف القاهرة في التحكيم التجـاري الدولي أو محكمة الاستئناف التي يتفق الطرفان على أختصاصها ومهمة التعيين بنـاء على طلب أحد الطرفين، وكذلك إذا خالف أحد الطرفين إجراءات اختيار المحكمة التي أتفقا عليها أو لم يتفق المحكمان المعينان على أمر مما يلزم اتفاقها عليه، أو إذا تخلـف الغير عن أداء عهد به إليه في هذا الشأن تولت المحكمة المذكورة القيـام بـالاجراء أو العمل المطلوب.

وتأكيد للقوة الإلزامية لاتفاق التحكيم فإن القرار الصادر من الهيئـة التحكيميـة نهائيا لا يجوز الطعن عليه (م ۳/۱۷).

ولقد نصت المادة (۱/۲۲) من قانون التحكيم المصرى .. تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود أتفـاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع". ولقد حرصت المادة (۲/۲۲) على التأكيد على ضرورة التمسك بهذه الدفوع في ميعاد لا يجاوز ميعاد تقديم دفاع المدعى عليه المشار إليه في الفقرة الثانية من المـادة 30 من القانون. وأكدت على أن قيام أحد طرفي التحكيم بتعيين محكم أو الأشتراك في تعيينه لا يترتب عليه سقوط حقه في تقديم أي من هذه الدفوع.

ولقد أشارت المادة المذكورة إلى أن الدفع بعدم شمول اتفاق التحكيم لما يثيـره الطرف الأخر من مسائل أثناء نظر النزاع يجب التمسك به فورا وإلا سقط الحق فيه. ومع ذلك فإنه يجوز أن تقبل هيئة التحكيم الدفع المتأخر في جميع الأحوال إذ رأت أن التأخير في ابدانه كان لسبب مقبول، وبهذه المثابه، يقترب نظام الدفع بعـدم اختصاص المحكم من النظام القانوني للدفوع الشكلية في إطـار القـانـون القضائي الخاص.

ولقد أضافت الفقرة (3) من المادة (٢٢) بأن لهيئة التحكيم أن تفصل في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضعها إلى الموضوع لتفل فيهما معاً.

وقد تبنت معاهدة جنيف عام ١٩٦١ هذا المبدأ وبالمادة الخامسة فقـرة (3) لا يلتزم المحكم الذي ينكر الأطراف عليه الاختصاص. ، أن يتخلى عن نظر المنازعة، وله

أن يفصل في مسألة اختصاصه وفي وجود وصحة أتفاق التحكيم أو في وجود وصـحة العقد الذي يعد هذا الاتفاق جزءا منه، وذلك دون أخلال بالرقابـة القضائية اللاحقـة

المنصوص عليها في قانون القاضي.

أختصاص محكمة التحكيم بالفصل في المنازعة المتفق على حسمها بالتحكيم:

يتحدد أثار أتفاق التحكيم من حيث الموضوع بالمنازعات التي أتفـق أطـراف العقد على حلها بالتحكيم فاتفاق التحكيم نشأته شأن أي عقد يخضع لمبدأ نسبية الآثـار المتولده عنه من حيث الأطراف والموضوع.

وبذلك يتنازل أطراف التعاقد أولاً عند أبرام أتفاق التحكــم عـن الحـق الطبيعي في اللجوء إلى القاضي الطبيعي، وحق الطعن على الأحكـام الـصادرة منـه واللجوء إلى التحكيم لحسم المنازعات التي تنشأ بين طرفيه للأستفاده من مزايا التحكيم بالمقابل.

وذلك من حيث أثر الأتفاق بتحديد الجهة المختصة وهي محكمة التحكيم بنظـر النزاع، أما النزاع في ذاته أو الموضوع المطروح علـى هيئـة التحكــم فـإن إرادة الأطراف هي التي تحدد ذلك وفقاً لاتفاقها في عقد "شرط، مشارطة، احالة" الاتفاق على التحكيم، فقد تحيل أي من مسائل النزاع الخاصة بالعقد التجاري إلى التحكيم وقد تحـدد المسائل المحدده التي تفرض عند الخلاف بها على التحكيم دون البعض الآخر.

الأثار الأجرائية لأتفاق التحكيم الالكتروني

الأثر السلبي (الامتناع عن اللجوء إلى قضاء الدولة):

إذا أبرم أتفاق التحكيم الالكتروني صحيحا بغية اخضاع المنازعات التي تنشأ عن العقد التجاري التقليدي أو الالكتروني، تولد على عاتق طرفيه إلتزام بعـدم جـواز اللجوء إلى قضاء الدولة وإلا قضى بعدم القبول لوجود شرط التحكيم أو مشارطته أو الاحالة بالتحكيم.

ومقتضى ذلك:

(۱) عدم جواز إقامة الدعوى بالنزاع محل أتفاق التحكيم أمام القضاء.

(۲) التزام المحاكم بعدم الفصل بتلك المنازعة والقضاء بعدم القبول. وقد أتخذت جميع قوانين التحكيم هذا المنهاج كالمصرى بالمادة (١٣) من قانون التحكيم المصرى رقم ٢٧ لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية يجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه أتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا رفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى".

وهنا يبدو من النص أن حق المدعى عليه في الدفع بعدم القبول للدعوى لوجود أتفاق على التحكيم بشأن المنازعة المعروضة على القضاء المصرى يسقط فـي حالـة إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى أمام قضاء الدولة.

والواقع أن ما أتى به المشرع يستند إلى الطبيعة الاتفاقية للتحكيم. فالتحكيم يستند بطبيعته على إرادة الأطراف، التي تختار هذا الطريق لحل المنازعات الناشئة بيـنـهم فلذلك فالأطراف هي التي تحدد بإرادتها حق اللجوء إلى القاضي الطبيعي أو التنـازل عنه واللجوء إلى التحكيم.

وهذا السبب الذي لا يمكن للقاضي المطروح أمامه الدعوى أن يثير الدفع بعدم

الاختصاص من تلقاء نفسه استناداً لوجود هذا الشرط.

فالمدعي عندما يقوم بأعلان المتعاقد معه للمثول أمام قضاء الدولة يتنازل عـن الميزه التي يخولها أياه أتفاق التحكيم، ومثوله أمام القضاء وعدم الـدفع بعـدم القبـول يجعله قابلا لاختصاص فضاء الدولة والتنازل عن التحكيم.

وهنا لنا رأى في الدفع بعدم القبول ونرى أن يكـون الـدفـع هـو دفـع بـعـدم الاختصاص الولائي يثار من أطراف التعاقد والخصومة ويثار من قبل المحكمـة مـن تلقاء نفسها، وذلك على سند الأتي:

1- إن التحكيم هو قضاء بديل وليس من الطرق البديلة الأخرى التـي لا تـصدر أحكاماً كالتوفيق أو المفاوضات، فإذا ما أتخذ طرفا التعاقد وأتجهت إرادتهم إلى سلوك طريق التحكيم فلا يجوز حينئذ التنازل عنه طالما تنازلوا عن الأصـل وهو قضاء الدولة ولم يجدوا به الوسيلة المناسبة لحسم منازعاتهم وهي الجهـة المختصة الاصيلة بنظر الدعوى واتجهوا إلى حسم منازعاتهم بالتحكيم.

۲- إن التحكيم طريق مواز للقضاء يتحتم علينا لتأكيد دوره القضائي الذي يتـأتي من خلال صدور أحكام واجبة التنفيذ غير قابلة للطعـن أن لا تكون لإرادة المتعاقدين سابق الاختيار والتنحى عنه واللجوء إلى قضاء الدولة وقـد كـان متاحا منذ البداية.

3- الفقرة الثانية من المادة (13) من قانون التحكيم تؤكد على أن رفـع الـدعوى المشار إليها أمام قضاء الدولة في الفقرة الأولى من ذات المادة لا يحول دون البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها واصدار حكم التحكيم، وهو ما يؤكد اتجاهنا لعدم جواز نظر الدعوى أمام قضائين لهما الاختصاص الولائي وأصدار الأحكام في ذات الدرجة عن ذات الموضـوع بـين ذات الأطـراف والخصومة.

4- معاهدة جنيف عام 1961 تنص في الماددة (6) على أنه " فـي حالـة عـدم الالتجاء السابق إلى أي قضاء وطني والشروع في أتخاذ إجراءات التحكيم فإن على المحاكم القضائية في الدول المتعاقدة، والتي عهد إليها بالمنازعة المنصبه على ذات الموضوع المفروض على قضاء التحكيم وبين ذات الأطراف، أن تتوقف عن الفصل في الموضوع الخاضع لاختصاص المحـاكم، إلا لأسباب خطيرة، وذلك حتى يتم صدور حكم التحكيم. وهنا إشارة واضحة في عدم اختصاص محاكم الدولة بنظـر النـزاع إذا كـان معروضاً أو شرع في عرضه على التحكيم استنادا إلى أتفاق مسبق على اختيار قضاء التحكيم لحسم المنازعة، فيعتبر التوقف عن الفصل هو في حقيقته عدم اختصاص وليس عدم قبول كما ذهب المشرع المصرى واتفاقية نيويورك ١٩٥٨، حيث لم تجعل أتفاقية جنيف عدول القضاء الوطني عن الفصل بسبب إرادة أحد طرفي التعاقد ولكن جعلتـه بسبب اختصاص التحكيم المختار بإرادة الطرفين لحسم المنازعة.

الاثر الايجابي (ثبوت الاختصاص لقضاء التحكيم)

وذلك إذا ما أثير من أحد طرفي التحكيم الراغب في التنـصـل مـن التزاماتـه وعرقلة اتفاق التحكيم مسألة بطلان اتفاق التحكيم أو غموضه وتعذر أو التنازل عن التحكيم من طرفيه صراحة أو ضمنا باللجوء لقضاء الدولة.

وأكدت على ذلك الأتفاقية الأوربية حول التحكيم التجاري الدولي لعام 1961 بالمادة الخامسة الفقرة (١٣)، وكذا أتفاقية واشنطن م 1/41 عـام 1965، وقـانون التحكيم المصري ١٩٩٤ بالفقرة الأولى من المادة ٢٢ " تفصل هيئة التحكيم في الدفوع اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود أتفـاق تحكــم أو المتعلقة بعدم سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله موضوع النزاع، وكذلك قانون التحكيم الانجليـزي 1996 بالمادة (30) فقرة (1) والفرنسي بالمادة 1466 من قانون الاجراءات المدنية.