الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الإطار الموضوعي الخاص بنظام التحكيم الإلكتروني / المجلات العلمية / المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 45 / تعريف حكم التحكيم الالكتروني وطبيعته وإجراءاته

  • الاسم

    المجلة اللبنانية للتحكيم العربي والدولي العدد 45
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    26

التفاصيل طباعة نسخ

تعريف حكم التحكيم الالكتروني  وطبيعته وإجراءاته

ماهية حكم التحكيم الإلكتروني وكيفية الوصول إليه:

 نظرا للأهمية البالغة لحكم التحكيم الإلكتروني - والمتمثلة في جس منازعات التجارة الإلكترونية عبر شبكة الانترنت - فإنه لا يمكن صدوره إلا بعد مرورة بإجراءات معينة، وتعد هذه الإجراءات من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا الحكم، وتتمثل هذة الإجراءات في المداولة التي يجب أن تتم بين أعضاء هيئة التحكيم الإلكترونية قبل إصدار هذا الحكم، وهذه المداولة تتم بطريقة إلكترونية عبر شبكة الانترنت الدولية وخلال هذه المداولة يقوم الأعضاء بالتوصل إلى رأي، وفي حالة اختلافهم يتم أخذ رأي الأغلبية ويكون هذا الرأي هو مضمون حكم التحكيم الصادر عنهم. وبهذا فإن هذه الإجراءات الخاصة بالمداولة وصدور الحكم بالأغلبية من قبل أعضاء هيئة التحكيم هي الإجراءات التي يجب على أعضاء هيئة التحكيم مباشرتها قبل إصدار حكمهم، وإذا كانت هذه الإجراءات تمثل المبادئ الأساسية لنظام التحكيم الإلكتروني فهي أيضا ذات المبادئ الأساسية التي يقوم عليها القضاء الوطني حال إصدار الأحكام الوطنية.

إلا أن هذه الإجراءات السابقة لإصدار حكم التحكيم الإلكتروني سالفة البيان تواجهها عدة صعوبات خاصة فيما يتعلق بكيفية المداولة بين أعضاء هيئة التحكيم عبر شبكة الانترنت وكيفية تصويت هذه الهيئة على الحكم، والذي يتم أيضا عبر هذه الشبكة)، وهذا ما سوف نتعرف عليه في خ لال تناولنا لهذا الموضوع بالشرح والتحليل من خلال عرض لآراء الفقه المختلفة وكذا القوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية وكذا القواعد لدى هيئات التحكيم الإلكترونية الدائمة وغيرها من القوانين الدولية. .

وقبل أن نتعرف على هذة الإجراءات التي يمر بها حكم التحكيم الإلكتروني قبل إصداره لابد أولا أن نتعرف عن ما أن نتعرف عن ماهية هذا الحكم .

ماهية حكم التحكيم الإلكتروني :

 إذا كان حكم التحكيم الإلكتروني قد يختلف عن حكم التحكيم التقليدي في بعض الأمور مثل الكتابة والتوقيع وطريقة إصداره وإعلان الأطراف به وغيرها من الأمور الأخرى التي يتميز بها حكم التحكيم باعتبارها ذات طابع إلكتروني)، إلا أنه لا يختلف معه من حيث المفهوم، حيث أن مفهومها واحد ويرجع ذلك لكون كل منهما عبارة عن حكم يصدر عن هيئة تحكيم للفصل في ان النزاع القائم بين الأطراف، وهذا المضمون لا يختلف بطبيعة الحال من حكم التحكيم الإلكتروني عن حكم التحكيم التقليدي، وبالتالي فإنهما يعدان وجهان لعملة واحدة. ولا ينال من ذلك اختلاف وسيلة إصدار كل منهم حيث أنه لا أثر لهذه الوسيلة على مضمون مفهوم حكم التحكيم، وهكذا يتضح لنا أنه على الرغم من وجود اختلافات شتى بين حكم التحكيم الإلكتروني وشبيهه التقليدي إلا أنهما يتفقان كل الاتفاق من حيث المفهوم.

قد ضيق من مفهوم حكم التحكيم وجعله مقتصر فقط علی الأحكام الصادرة عن هيئة التحكيم والتي تفصل في النزاع القائم بين الأطراف بشكل نهائي وحاسم وبالتالي فإنه قد أخرج من هذا المفهوم تلك القرارات الصادرة عن هيئة التحكيم والتي تتعلق بأمور إجرائية مثل تحديد القانون الواجب التطبيق أو تحديد زمان ومكان جلسات التحكيم وغيرها من الأمور الإجرائية الأخرى، كما أخرج منه أيضا تلك القرارات التي تكون ذات طبيعة وقتية وغير حاسمة لموضوع النزاع.

ونحن من جانبنا نرى أن المفهوم الضيق لحكم التحكيم هو الأرجح وهو

الذي يجب الأخذ به ويرجع ذلك لكونه يقتصر فقط على ما هو يعد أحكامة فاصلة في النزاع القائم بين الأطراف، ويخرج من مضمونه ما يعد قرارات سواء إجرائية أو وقتيه لا تكون فاصلة في النزاع، الأمر الذي يبين للكافة سواء للأطراف أو لغيرهم ويحدد لهم الأحكام الصادرة في النزاع دون أن يختلط الأمر عليهم في القرارات الأخری والتي لا تتعلق بحسم هذا النزاع وهو ما يؤدي بدوره الي سهولة تنفيذه.

و بالبحث في القوانين الوطنية وكذا القوانين والاتفاقيات والمعاهدات الدولية . نة بشئون ونظام التحكيم مثل اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ أحكام المحكمين الأجنبية الصادرة سنة ۱۹۵۸ وكذا القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر عام 1985 وغيرها من القوانين والاتفاقيات الدولية نجد أن غالبيتها لم تضع تعريفا محددا لمفهوم حكم التحكيم. ويرجع ذلك لكون تحديد مفهوم حكم التحكيم وتعريفه ليس من مهمة المشرع سواء الوطني أو الدوليإنما هي في الواقع مهمة الفقه والقضاء، فبالنسبة للقضاء يتم ذلك عن طريق السوابق القضائية، ونذكر منها على سبيل المثال القضاء الفرنسي حيث عرف حكم التحكيم تعريفا محددا بأنه "قرارات المحكم التي تفصل بطريقة نهائية أو جزئية في مسألة متنازع عليها تتعلق بالموضوع أو بالاختصاص أو بالإجراءات أو تؤدي إلى إنهاء الدعوى.

 وباستعراض قانون التحكيم المصري نجد أنه قد أخذ بالمفهوم الضبيق لحكم التحكيم حيث ذهب إلى أنه لا يجوز الطعن على ما يصدر عن هيئة التحكيم من قرارات سابقة على حكم التحكيم المنهي للخصومة، وإنما يكون ذلك عن طريق ارفع دعوى البطلان على حكم التحكيم المنهي للخصومة، حيث نص على أنه الفصل هيئة التحكيم في الدفوع المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة قبل الفصل في الموضوع أو أن تضمها إلى الموضوع لتفصل فيهما معا، فإذا قضت برفض الدفع فلا يجوز التمسك به إلا بطريق رفع دعوى بطلان حكم التحكيم المنهي للخصومة كلها وفقا للمادة 53 من هذا القانون.

ويرى البعض أنه يجب عدم تسمية حكم التحكيم بمسمى "الحكم" وإنما يطلقون عليه مسمى قرار التحكيم ويرجع ذلك إلى أنهم يهدفون إلى التمييز بين ما يصدر من هيئات التحكيم من أحكام وبين الأحكام القضائية التي تصدر عن القضاء الوطني. 

. بينما يرى البعض الآخر إن حكم التحكيم هو إجراء يقوم به المحكم خلال الخصومة أو في نهايتها للإعلان عن إرادته هو لا إرادة الخصوم وهو يخضع للمبادئ الأساسية في التقاضي حتى ولو لم ينص على ذلك في القوانين .

 كما أنه يعد النتيجة الطبيعة لمهمة المحكم وهو صلب موضوع تنفيذ أحكام التحكيم وبالتالي فإنه يعد حكما وليس قرارا ومن ثم يجب تسميته حكما.

ونحن من جانبنا نرى أن الرأي الثاني هو الأرجح وذلك لأن الرأي الأول قد جانبه الصواب حيث يوجد فرق بين حكم التحكيم وحكم القضاء لأنه من المعلوم الجهة التي صدر عنها سواء حال إصداره أو حال تنفيذه ولا يؤثر على هذا الفارق تلك المسميات، بالإضافة إلى ذلك فإنه بتسمية ما يصدر عن هيئة التحكيم من أحكام بأنه قرارات فإن ذلك يؤدي إلى الخلط بين ما هو أحكام منهية.

 

الاغلبية او الاجماع 

 وذهب المشرع المصري إلى أن حكم التحكيم يصدر بأغلبية الآراء في حالة أما إذا كانت هيئة التحكيم تتشكل من أكثر من محكم واحد ويتم ذلك عقب مداولة بين أعضاء هيئة التحكيم ، كما أنه للأطراف أن يتفقوا على خلاف ذلك ، حيث نص في قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 على أن "يصدر حكم هيئة التحكيم المشكلة من أكثر من محكم واحد بأغلبية الآراء بعد مداولة تتم علی الوجه الذي تحدده هيئة التحكيم ما لم يتفق طرفا التحكيم على غير ذلك.

كما ذهب المشرع الفرنسي إلى أن حكم التحكيم يصدر بأغلبية الآراء حيث

نجد أنه نص في القانون. الفرنسي الجديد في المادة ۱۹۷۰ على أنه "يصدر حكم المحكمين بأغلبية الآراء.

وقد أقرت ذلك كثير من القوانين الدولية مثل القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر سنة 1985 حيث نص في المادة ۲۹ علی أن "اتخاذ القرارات في هيئة تحكيم من عدة محكمين: في إجراءات التحكيم التي يشترك فيها أكثر من محكم واحد ، يتخذ أي قرار لهيئة التحكيم بأغلبية جميع أعضائها ، ما لم يتفق الطرفان على خلاف ذلك .........

كذلك أقرت قواعد التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية باريس المعدلة في أول يناير سنة ۱۹۹۸ هذا الأمر باشتراط صدور حكم التحكيم بالأغلبية وذلك بنصها على أن "في حالة تعدد المحكمين يصدر حكم التحكيم بالأغلبية وإذا لم تتوافر الأغلبية يصدر رئيس هيئة التحكيم الحكم منفرد.

يجوز للأطراف الاتفاق على خلاف ذلك مثل أن يشترطوا أن تتم بإجماع الآراء، ويلاحظ هنا أن التصويت على حكم التحكيم يتم بالطبع بطريقة إلكترونية نظرا لأن هذا التصويت يتم خلال إجراء عملية المداولة عبر شبكة الانترنت الدولية بين أعضاء هيئة التحكيم وبالتالي فإنه يتسم بالطابع الإلكتروني والذي يتلاعم بدوره مع نظام التحكيم الإلكتروني الذي يتم مباشرته عبر هذه الشبكة.

 

لغة حكم التحكيم الإلكتروني 

 

وبالنسبة للمشرع المصري فنجد أنه قد نص في قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹4 على أنه يجب على من صدر حكم التحكيم لصالحه إيداع أصل الحكم أو صورة موقعة منه باللغة التي صدر بها، أو ترجمة باللغة العربية مصدقا عليها من جهة معتمدة إذا كان صادرا بلغة أجنبية، وذلك في قلم كتاب المحكمة المشار إليها في المادة 9 من هذا القانون . 

وقد نص المشرع المصري أيضا في قانون التحكيم رقم ۲۷ لسنة ۱۹۹4 على أن "يجرى التحكيم باللغة العربية ما لم يتفق الطرفان أو تحدد هيئة التحكيم لغة أو لغات أخرى. ويسرى حكم الاتفاق أو القرار على لغة البيانات والمذكرات المكتوبة وعلى المرافعات الشفهية وكذلك على كل قرار تتخذه هذه الهيئة أو رسالة توجهها أو حكم تصدره ما لم ينص اتفاق الطرفين أو قرار هيئة التحكيم على غير ذلك ".

ووفقا لهذا النص سالف البيان فإن المشرع المصري قد أجاز للأطراف وهيئة التحكيم تحديد اللغة التي يتم بها تحرير حكم التحكيم دون ثمة قيد على ذلك التحديد.

ومن جانبنا نرى أنه يجب على هيئة التحكيم الإلكترونية سواء بناء على اتفاق الأطراف أو بناء على اختيارها أن تقوم بتحديد اللغة التي يتم بها تحرير حكم التحكيم الإلكتروني على أن تكون هذه اللغة هي ذات اللغة التي تم استعمالها حال مباشرة العملية التحكيمية وذلك لكون هذه اللغة هي التي تم التعامل بها منذ بداية إجراءات التحكيم وبالتالي يكون جميع الأطراف على علم بها، إلا أن ذلك لا يحول دون اختيار لغة أخرى لتحرير حكم التحكيم بها إذا أراد الأطراف ذلك، وذلك لأن نظام التحكيم يقوم على إرادة الأطراف.

بیانات حكم التحكيم الإلكتروني :

و يعتبر حكم التحكيم الإلكتروني مثله مثل الأحكام الصادرة عن القضاء الوطني من حيث أنه يجب أن يتوافر فيه بعض البيانات الشكلية والموضوعية حتى يستقيم هذا الحكم ويكون قابلا للتنفيذ (لأنه إذا كان هناك عوار قد شاب هذه البيانات فإن ذلك يعرض حكم التحكيم الإلكتروني للبطلان الأمر الذي يتعين معه والحال كذلك أنه يجب على هيئة التحكيم أن تتحرى الدقة حال كتابة حكم التحكيم الإلكتروني من حيث البيانات الواجب توافرها فيه سواء كانت الشكلية أو الموضوعية وذلك وفقا للقانون الذي تقوم بتطبيقه.

وقد عرف الفقه بيانات حكم التحكيم بأنها "عبارة عن بيانات تتعلق بالشخص القائم بالعمل وبيانات تتعلق بمفترضات العمل وبيانات إصداره، ويقصد ببيانات الشخص القائم بالعمل بيان أسماء المحكمين واسم الهيئة أو المركز أو المنظمة إذا كان التحكيم مؤسسية وكذلك بيان أسماء الخصوم".

وهذه البيانات قد اشترطتها العديد من التشريعات الوطنية وكذا القوانين والاتفاقيات الدولية، فنجد المشرع المصري قد أوجب على هيئة التحكيم أن يشمل حكمها بيانات يجب توافرها فيه سواء بيانات شكلية أو موضوعية ويتضح ذلك جليا في قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 حيث ذكر الشروط الشكلية والموضوعية الواجب توافرها في حكم التحكيم وذلك بنصه على أن "يجب أن يشتمل حكم التحكيم على أسماء الخصوم وعناوينهم وأسماء المحكمين وعناوينهم وجنسياتهم وصفاتهم وصورة من اتفاق التحكيم وملخص لطلبات إلخ وأقوالهم ومستنداتهم ومنطوق الحكم وتاريخ ومكان إصداره وأسبابه إذا كان الواجب".

ويلاحظ هنا أن المشرع المصري قد اشترط بيانات معينة يجب على هيئة التحكيم أن تذكرها في حكمها وأن هذه البيانات تعد من أساسيات هذا الحكم وبالتالي فإنه لا يستكمل حكم التحكيم مقوماته بدونها وبالتالي فإن إي قصور في هذه البيانات يؤدي إلى وجود خلل في هذا الحكم مما يعرضه للبطلان، كما أن هذه البيانات هي التي يجب توافرها في حكم التحكيم ولا يستلزم إضافة بيانات أخرى في هذا الحكم. وبالتالي فإن إغفال ذكر أي بيانات أخرى إضافية خلاف تلك التي نصت عليها تلك المادة سالفة الذكر لا يؤدي إلى أي خلل في هذا الحكم وإنما يكون حكم مكتمل الشروط وصحيح ولا يعاب عليه.

وكذلك القانون الفرنسي الجديد قد اشترط بيانات معينة شكلية وموضوعية يجب توافرها في حكم التحكيم وقد قضى بذلك في المادة ۱۹۷۱ فقرة 1 منه.

كما أن القوانين الدولية قد اشترطت أيضا هذه البيانات وحددتها وأوجبت على هيئة التحكيم ذكرها في الحكم الصادر عنها في النزاع القائم بين الأطراف ونذكر من هذه القوانين القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر سنة ۱۹۸۰ حيث حدد هذه البيانات في المادة ۳۱ منه.

ويتضح مما سبق أنه يتعين على هيئة التحكيم الإلكترونية حال إصدار حكمها أن تضع صوب أعينها البيانات سواء الشكلية أو الموضوعية التي تشترطها القوانين التي تقوم بتطبيقها على موضوع النزاع وأن تقوم بذكرها في هذا الحكم حال إصداره.

 

طبيعة حكم التحكيم الالكتروني 

 

ومن جانبنا نرى أن طبيعة حكم التحكيم الإلكتروني تتطلب الدقة حال من جميع النواحي، وخاصة من حيث البيانات الشكلية ومن أهمها مكان آورد، ويرجع ذلك إلى أن هذا الحكم يصدر بطريقة إلكترونية دون ثمة مكان يمكن نسبته إليه، الأمر الذي يتعين معه والحال كذلك أن يتم تحديد هذا المكان على وجه الدقة في هذا الحكم نظرا لما لهذا المكان من أهمية بالغة تتمثل في أنها هي التي تحدد جنسية ذلك الحكم من حيث عما إذا كان حكما وطنيا أو أجنبية، الأمر الذي نستطيع معه سهولة تنفيذه طبقا للقوانين والاتفاقيات الدولية، أما في حالة عدم بيان ذلك المكان في حكم التحكيم فإن ذلك يؤدي إلى صعوبة تنفيذه ، ويتم تحديد ذلك المكان في حكم التحكيم بناء على إرادة الأطراف أو بناءا على إرادة هيئة التحكيم في حالة عدم وجود اتفاق في هذا الشأن.

وبالتالي فنحن نرجح الرأي الأول والذي يرى بأنه يمكن التغلب على الصعوبات التي تواجه تحديد مكان صدور حكم التحكيم الكتروني وذلك بقيام الأطراف أنفسهم بتحديد هذا المكان بالاتفاق فيما بينهم سواء كان ذلك صراحة أو ضمنا حتى وإن كان لم يتم في بداية الاتفاق على التحكيم الإلكتروني، فإنه يمكن أن يتم في اتفاق لاحق، وبالتالي فإنه لا يوجد ما يحول دون قيام الأطراف بالاتفاق عليه وفي حالة عدم اتفاق الأطراف على تحديده تقوم هيئة التحكيم الإلكترونية بتحديد مكان صدور حكم التحكيم في الحكم الصادر منها مع مراعاة ان يكون هذا المكان أكثر الأماكن ملائمة لهذا الحكم.

وبالتالي فإن هيئة التحكيم يجب عليها أن تحدد في حكمها مكان صدور حکم التحكيم سواء كان ذلك بناء على إرادة الأطراف أو إرادتها هي، وهذا ما ذهبت إليه كثر من القوانين والاتفاقيات الدولية حيث اشترطت على هيئة التحكيم أن تحدد في حكمها هذا المكان باعتباره مكان صدور حكم التحكيم)، ومن هذه القوانين نجد القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الصادر

عام 1985م حيث نص في المادة ۳۱ فقرة ۳ على أن يجب أن يبين القرار تاريخ صدوره ومكان التحكيم المحدد وفقا للفقرة 1 من المادة ۲۰ ويعتبر قرار التحكيم صادر في ذلك المكان .

وأيضا ذهبت إلى ذلك قواعد التحكيم لدى غرفة التجارة الدولية بباريس I.C.C

المعدلة والصادرة في أول يناير سنة 1998 في المادة 14 حيث نصت علي أنه "تحدد المحكمة مكان التحكيم إذا لم يكن الأطراف قد اتفقوا عليه" كما ذهبت في المادة ۲۰ فقرة ۳ إلى أن "يعتبر حكم التحكيم قد صدر في مكان التحكيم وفي التاريخ المدون فيه".

كما أننا نرى أنه في حالة عدم ذكر تلك البيانات الخاصة بمكان صدور حكم التحكيم الإلكتروني في هذا الحكم فإن ذلك يؤدي إلى بطلان هذا الحكم ما لم يتم

تصحيحه من قبل الهيئة التي أصدرته وذلك بذكر البيان الخاص بمكان صدور / حكم التحكيم.

كما أنه بالإضافة إلى ذلك فإن التحكيم الإلكتروني يحتاج إلى قواعد وقوانين جديدة تتولى تنظيم تلك المنازعات الخاصة بتحديد كل من مكان التحكيم ومكان إصدار حكم التحكيم، ويعزي ذلك إلى أن القواعد التقليدية الحالية في هذا الشأن التي كانت تعطي أهمية لمكان التحكيم الجغرافي لم تعد تستطيع تنظيمها.

ملخص أقوال الخصوم ومستنداتهم 

 يشترط أن يتضمن حكم التحكيم الإلكتروني عرض موجز لوقائع النزاع کا وكذلك أقوال الخصوم ودفاعهم والمستندات التي استندوا إليها، ولكن هذا الإيجاز لا يعني إغفال بعضها بل يجب ذکر موجز لجميعه.

ومن جانبنا نرى أنه يتعين على هيئة التحكيم أن يشمل حكمها ملخصا موجزا لأقوال الخصوم ومستنداتهم ودفوعهم دون إغفال أي منها أو إغفال بعضها، وأنه في حالة مخالفة ذلك فإنه يترتب على ذلك بطلان حكم التحكيم الإلكتروني وذلك حتى يستطيع الأطراف التأكد من أن هيئة التحكيم قامت بفحص ودراسة طلباتهم ودفوعهم ومستنداتهم ولن يتأتى ذلك لهم إلا بذكرها في حكم التحكيم نظرا لأن العملية التحكيمية تتم عبر شبكة الانترنت الدولية كما أن حكم التحكيم يصدر عبر هذه الشبكة أيضا، وبالتالي فإنه يتعين أن تذكر هيئة التحكيم هذه البيانات في حكمها. وذلك لأن هذا الحكم هو شيء قائم بذاته يحمل بين طياته أركانه الأساسية وبالتالي فلا يجوز تكملته من طريق آخر حتى ولو كان هذا الطريق هو ما تم إثباته خلال مباشرة العملية التحكيمية. كما أن اللجوء إلى الطرق الأخرى لاستكمال ما نقص من بيانات يمثل صعوبة للأطراف حال الطعن على هذا الحكم أو حال تنفيذه.

 أسباب حكم التحكيم الإلكتروني 

 اذا كان كل بناء لابد له من أساس قوي يقوم عليه حتى لا يتعرض للانهيار

ويظل شامخا مهما طال العمر فإن حكم التحكيم الإلكتروني لابد له من هذا الأساس ليقوم عليه ولا يكون عرضه لأي انهيار، ويتمثل هذا الأساس و الأبابية motivations التي بناء عليها قامت هيئة التحكيم الإلكترونية بإصدار

بها في النزاع القائم بين الأطراف، وهذه الأسباب التي يجب توافرها في حكم اكد الإلكتروني لا تقتصر عليه وحده بل إنها أيضا شرطا أساسيا في أحكام التحكيم التقليدية وكذا أحكام القضاء الوطنية، وذلك لأن تسبيب حكم التحكيم الإلكتروني وغيره من الأحكام الأخرى يعد أحد الضمانات الأساسية للتقاضي). وبناء على ذلك فإن هذه الأسباب لابد أن تكون خالية من ثمة شائبة تؤدي إلى انهيارها وبالتالي انهيار حكم التحكيم الإلكتروني الذي قام عليها ويتمثل هذا الانهيار في تعرض هذا الحكم للبطلان للقصور في التسبيب. بمعنى أنه يجب أن تكون الأحكام مسبة Doit etre motivée وأن هذه الأسباب لا يعتريها ثمة قصور يؤدي إلى الطعن على حكم التحكيم الإلكتروني بالبطلان.

 وهكذا فإنه إذا كان تسبيب الأحكام يعد من أهم خصائص العمل القضائي لو Acte Juridictiona في نظام القضاء العادي فإنه يعد أيضا من أهم خصائص) ثم التحكيم الإلكتروني.

ومما سبق يرى البعض أن المشرع المصري قد ذهب إلى تقرير قاعدة أساسية وهي وجوب تسبيب حكم التحكيم إلا أنه فتح الباب أيضا أمام الأطراف للخروج عن هذه القاعدة، وبالتالي فإنه يتضح من هذا النص أنه يوجد حالتين ويتعين التفرقة بينهم، وذلك على النحو التالي: . .

الحالة الأولى: ضرورة تسبيب حكم التحكيم

وهذه الحالة تظهر حينما لا يقوم الأطراف بالاتفاق على اشتراط تسبيب حكم التحكيم سواء كان ذلك صراحة أو ضمنا، وتعد هذه الحالة هي الأصل الذي اشترط فيه المشرع على هيئة التحكيم تسبيب حكم التحكيم والذي يظهر حينما يكون هناك صمتا من قبل الأطراف حول تسبيب هذا الحكم.

الحالة الثانية: عدم ضرورة تسبيب حكم التحكيم

وهذه الحالة تظهر وتتحقق حينما يقوم الأطراف بالاتفاق فيما بينهم صراحة أو ضمنا على عدم ضرورة تسبيب حكم التحكيم الصادر في النزاع القائم بينهم. ففي حالة الاتفاق صراحة في اتفاق التحكيم على عدم ضرورة تسبيب حكم التحكيم أو عدم التزام هيئة التحكيم بتسبيب حكمها فإنة يتعين في هذه على هيئة التحكيم أن تلتزم بهذا الاتفاق المبرم بين الأطراف بغض النظر اما اذا كان هذا القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم يشترط تسبيب

التحكيم من عدمه. أما في حالة الاتفاق ضمنيا على عدم تسبيب حكم التحكيم انه في هذه الحالة لا يقوم الأطراف بالنص على ذلك صراحة في اتفاق التحكيم وانما يستنتج ذلك من خلال اتفاقهم على إخضاع إجراءات التحكيم لقانون لا يشترط تسبیب حكم التحكيم الصادر في النزاع).

وقد أوجب المشرع الإنجليزي أيضا على هيئة التحكيم أن تذكر في حكمها الأسباب التي بناء عليها تم إصدار ذلك الحكم حيث نص على ذلك في المادة ۲/۰۲ من قانون التحكيم الإنجليزي الصادر سنة ۱۹۹۹.

وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة للقوانين الوطنية فإن الوضع لا يختلف بالنسبة للقوانين الدولية حيث اشترطت تسبيب حكم التحكيم أيضا مثل القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي نص على أنه "يبين في قرار التحكيم الأسباب التي بني عليها القرار، ما لم يكن الطرفان قد اتفقا على عدم بیان الأسباب أو ما لم يكن القرار قد صدر بشروط متفق عليها بمقتضى المادة 3 وعلى العكس من ذلك نجد أن اتفاقية نيويورك الخاصة بالاعتراف وتنفيذ احكام المحكمين الأجنبية الصادرة سنة ۱۹۰۸ لم تشترط تسبيب حكم التحكيم ويتضح ذلك من خلال أنها لا تسمح بمراجعة حكم التحكيم حال تنفيذه.

وعلى العكس من ذلك، فإنه في حالة ما إذا تم ذكر أسباب في حكم التحكيم الإلكتروني أكثر مما هو مطلوب فإن ذلك لا يؤثر على ذلك الحكم ولا يؤدي إلى بطلانه ولكن مشروط بشرط أن تكون هذه الأسباب الزائدة لا تتعارض مع بعضها البعض أو مع باقي الأسباب أو مع منطوق الحكم الواردة بحكم التحكيم الإلكتروني.

مما سبق يتضح أنه يتعين على هيئة التحكيم الإلكترونية أن تذكر في حكم التحكيم الصادر عنها الأسباب التي بناء عليها تم إصدار ذلك الحكم للتأكد من مدى صحة هذه الأحكام وارتكاز هيئة التحكيم على ركائز قانونية صحيحة حال إصداره مما يؤدي إلى توافر عنصر الثقة والأمان من قبل الأطراف في هيئة التحكيم وفي الأحكام الصادرة عنها، ومن أجل تحقيق ذلك فإنه يجب أن يتوافر في هذه الأسباب عدة شروط تتمثل في أن تكون شاملة لجميع طلبات الخصوم وواضحة ومرتبطة بهذا الحكم وخالية من أية تناقضات سواء فيما بين بعضها البعض أو بينها وبين منطوق الحكم، وأن أي إخلال بهذه الشروط يؤدي إلى تعريض حكم التحكيم الإلكتروني للبطلان.