الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / خصائص التحكيم الإلكتروني / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم الالكتروني في منازعات عقود التجارة الدولية / مدى الاختلاف بين التحكيم التقليدي والالكتروني

  • الاسم

    محمد محمود حسن
  • تاريخ النشر

    2012-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة حلوان
  • عدد الصفحات

    633
  • رقم الصفحة

    83

التفاصيل طباعة نسخ

مدى الاختلاف بين التحكيم التقليدي والالكتروني

   والتحكيم سواء كان تقليدياً أو إلكترونياً هو طريق خاص لتسوية المنازعات قوامة إرادة الخصوم. فالتحكيم لا يتم إلا إذا اتفق الطرفان علي اتخاذه وسيلة لتسوية نزاعهم، وولاية المحكم في حسم النزاع تستمد بناء على تلك الاتفاق، كما تتحدد صلاحياته بحدود ما تفوضه إرادة الأطراف النظر فيه.

   وإذا كانت إرادة الطرفين هي الأساس في وجود التحكيم، فإنها لا تشكل إلا أحد جانبي التحكيم، فإرادة الطرفين التي يجسدها اتفاقهما على التحكيم تقف عند حد اختيار طرف محايد يوكلان إليه مهمة الفصل في نزاعهما. فإذا قبل هذا الطرف المحايد هذه المهمة فإنه يتولي الفصل في النزاع بين الطرفين، وعمله هذا لا دخل لإرادة الطرفين فيه. فالطرفان باختيارهما له جعلا له وحده سلطة الفصل في النزاع. وما يتوصل إليه من قرار يعد حكما يحسم النزاع حائزاً لقوة الأمر المقضي فيه، ويكون واجب التنفيذ بواسطة

السلطة العامة مثله في ذلك مثل الحكم القضائي، وهكذا فإن التحكيم في هذا الجانب يأخذ صفة القضاء .

    وإذا كان هذا المفهوم العام يمثل جوهر التحكيم أيا كانت صورته تقليدية أو إلكترونية، فإن ما يميز التحكيم الإلكتروني ويعطيه وصفه أنه يتم باستخدام وسائل الاتصال الحديثة التي تعتمد علي تقنية المعلومات والاتصالات، والتي تتمثل على وجه الخصوص بشبكة الإنترنت، فقد أدى استخدام شبكة الإنترنت على نحو واسع في مجال المعاملات القانونية ولا سيما المعاملات التجارية منها - إلى خلق نوع جديد من المعاملات القانونية والمعاملات الإلكترونية أو ما اصطلح على تسميته بالتجارة الإلكترونية، وإن كانت لا تختلف عن المعاملات القانونية التقليدية في جوهرها إلا إنها تختلف عنها في الوسيلة التي يتم بها التفاوض علي إبرامها وحتى تنفيذها، ذلك أن من المعاملات الإلكترونية ما يتم تنفيذه على الشبكة تنفيذاً إلكترونية وهذا كله دفع إلى إثارة مسألة ضرورة تبني قواعد قانونية جديدة تتلاءم مع هذا النوع الجديد من المعاملات القانونية.

   وتعد مثل هذه القواعد أمراً في غاية الأهمية فالتجارة أيا كان نوعها تقليدية أو إلكترونية تقوم علي الثقة والائتمان فهما أساس وجودها فإذا انتفي وجودها انتفت التجارة . وإذا كانت الثقة والائتمان في ميدان التجارة التقليدية قد كفلتهما القواعد القانونية التقليدية المستقرة فإن من الضروري وجود قواعد قانونية - موضوعية وإجرائية - جديدة تكفل الثقة والأمان للتجارة الإلكترونية وتحفظ حقوق أطرافها إذا ما أريد للتجارة الإلكترونية أن تستمر وتزدهر.

   ولما كانت الوسيلة التي تبرم من خلالها المعاملات الإلكترونية وسيلة إلكترونية فإن القواعد القانونية الموضوعية وضعت لتلائم هذا الوسط، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الحال بالنسبة للقواعد القانونية الإجرائية، ولا سيما تلك التي تتعلق بتسوية المنازعات التي تنشأ عن التعامل الإلكتروني أو في إطاره.

    فاتباع الطريق المعتاد لتسوية المنازعات المتمثل في اللجوء إلى القضاء أو التحكيم التقليدي لايعد أسلوباً مناسباً لتسوية النزاعات الناشئة عن التعامل الإلكتروني فهذا التعامل يتم في بيئة إلكترونية تتجاوز الحدود الإقليمية للدول وغالباً ما يكون الطرفان موجودين في دولتين مختلفتين، بل إنه كثيراً ما يتم التعامل دون أن يعرف الطرفان أحدهما الآخر.

    وفي ضوء هذا الواقع يصبح من العسير رفع الأمر إلى القضاء، فهذا الأمر يستدعي تحديد المحكمة المختصة والقانون الواجب التطبيق، كما يستدعي من أحد الطرفين أن يتحمل عناء الانتقال إلى المكان الذي يجري فيه التقاضي، سواء كان مكاناً لمحكمة توجد في بلد الطرف الثاني أو محكمة توجد في بلد ثالث.

    وبناء على ما تقدم من صعوبة اللجوء إلي القضاء لفض المنازعات الناشئة عن التعامل الإلكتروني، فقد بات منطقياً اللجوء إلى الوسائل البديلة لفض المنازعات ومن بينها التحكيم.

    إلا أن التحكيم الذي يتم إعتماده أسلوباً لفض المنازعات التي تنشأ عن التعامل الإلكتروني لا يمكن أن يكون تحكيماً تقليدية تحده قيود المكان، وإن كان متفقا عليه.

   وهكذا ظهر التحكيم الإلكتروني في صورة جديدة مطورة من التحكيم التقليدي ومنسجمة مع خصوصية التعامل الإلكتروني والنزاع الذي يثور بشأن كونه تحكيماً يتم باستخدام ذات الوسط وذات الوسيلة التي يتم بها التعامل الإلكتروني و هو. الوسط الإلكتروني.