الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الإلكتروني / المجلات العلمية / مجلة القانون والاعمال / حكم التحكيم الإلكتروني وتنفيذه.

  • الاسم

    مجلة القانون والاعمال
  • تاريخ النشر

  • عدد الصفحات

  • رقم الصفحة

    141

التفاصيل طباعة نسخ

حكم التحكيم الإلكتروني وتنفيذه. 

مقدمة

يعتبر حكم التحكيم الإلكتروني من أبرز المسائل التي تضع مشروعية التحكيم الإلكتروني على المحك، على اعتبار أنه يمثل ثمرة اتفاق وإجراءات عملية التحكيم بمجملها بالنسبة لأطراف التحكيم من جهة وجزء من سلطات الدولة وسيادتها متمثلة بالقضاء من جهة أخرى.

وتجلى ثمرة اللجوء إلى مسطرة التحكيم الإلكتروني في تنفيذ الحكم الصادر في النزاع، إلا أن ذلك التنفيذ يثير مجموعة من الإشكالات مرتبطة بعدم تناسب القوانين الوطنية مع الإجراءات التحكيمية الإلكترونية، وارتباط التنفيذ بأكثر من نظام قانوني وطني، وهو ما قد يؤدي إلى تعطيل فعالية أحكام التحكيم الإلكتروني.

ولتعرف على ماهية حكم التحكيم الإلكتروني وكيفية تنفيذه، سوف نتطرق في هذا المطلب إلى صدور حكم التحكيم الإلكتروني (المطلب الأول)، ثم لنبين كيفية تنفيذه وحفظه (المطلب الثاني).

المطلب الأول: صدور حكم التحكيم الإلكتروني

تنشئ الهيئة التحكيمية قناعتها بإصدار الحكم التحكيمي بعد خص جميع المستندات المقدمة من الأطراف، وبعد التمكن من الاستماع للشهود ومناقشة تقارير الخبراء للتأكد من صحة المحررات الإلكترونية، وبالتالي تكون الدعوى جاهزة للفصل فيها، ولكن لابد أن يصدر هذا الحكم وفقا المستلزمات تعد من النظام العام تتجلى في طريقة إعداد الحكم والحصول على أغلبية الأصوات وأيضا ضرورة صدوره على الشكل المطلوب.

كما تصدر هيئة التحكيم العديد من القرارات منذ بداية مهمتها وأثنائها وفي بعض الحالات بعد نهايتها، کتفسير الحكم أو تعديله وتصحيح الأخطاء المادية من أجل تبليغه وحفظه وفق الشروط

اللازمة.

ولهذا، سوف نتناول في هذا الفرع الإعداد حكم التحكيم الإلكتروني (الفقرة الأولى)، ثم تصحیح و تفسير حكم التحكيم الإلكتروني والطعن فيه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: إعداد حكم التحكيم الإلكتروني.

بداية نشير إلى أنه تتم المداولة في التحكيم الإلكتروني بالوسائط الإلكترونية كالبريد الإلكتروني أو الفيديو كونفرانس، أو عن طريق نظام الدوائر التليفزيونية.

ويجب صدور التحكيم الإلكتروني من هيئة التحكيم بكامل تشكيلها، ولا يجوز للأغلبية إصدار حكم التحكيم الإلكتروني في غياب الأقلية أو دون أخذ رأيها إذ مثل هذا الحكم يكون صادرا من ليس له سلطة إصداره، ويعتبر حكما منعدما.

ويعرف حكم التحكيم، بأنه: " كافة القرارات الصادرة عن المحكم، والتي تفصل بشكل قطعي في المنازعات المعروضة عليه سواء كانت تلك القرارات كلية تفصل في موضوع المنازعة ككل أم قرارات جزئية تفصل في شق منها وسواء تعلقت هذه القرارات بموضوع المنازعة ذاتها أو بالاختصاص أو بمسألة تعلق بالإجراءات طالما أدى بالمحكم إلى الحكم بإنهاء الخصومة ".

وفي هذا الاطار نشير إلى أنه تقر جل التشريعات الوطنية والإتفاقيات الدولية ولوائح مراكز التحكيم شرط كتابة الحكم التحكيمي والتوقيع عليه، دون اشتراط شكلية معينة لصياغتها، فقد تكون بخط اليد أو بالوسائل الإلكترونية، لذا فإن صدور الحكم بالكتابة الإلكترونية يحقق شرط الشكل المطلوب.

وبالنسبة لهيئات التحكيم الإلكترونية، فإن قواعدها قد اشترطت كتابة حكم التحكيم الإلكتروني الصادر عنها وإفراغ مضمون الحكم في قالب مكتوب حتى يتمكن الأطراف من الإطلاع عليه ورقابته والطعن عليه وتنفيذه.

أما فيما يتعلق بوجوب توقيع الحكم، والذي يعتبر شرطا أساسيا لصحته، ويؤكد أن الحكم منسوب لأعضاء هيئة التحكيم الذين قاموا بكتابته وإصداره، فإن التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية أقرت بإمكانية التوقيع الإلكتروني على أحكام التحكيم ومنحتها ذات الحمية التي للتوقيع التقليدي.

أما بالنسبة للمشرع المغربي فقد نص في الفصل 23-327 و25-327 من قانون المسطرة المدنية على مجموعة من الشروط في الحكم التحكيمي، حيث نص في الفصل 23-327 على أنه يصدر الحكم التحكيمي كتابة ويجب أن يتضمن عرضا موجزا للوقائع وادعاءات الأطراف ودفوعاتهم على التوالي والمستندات... أما الفصل 25-327 فينص على ضرورة أن يوقع الحكم التحكيمي كل من محكم من المحكمين، كما نص الفصل 47-327 على ضرورة الإدلاء بأصل الحكم التحكيمي مرفقا باتفاق التحكيم أو نسخ من هاتين الوثيقتين، في حين نص الفصل 22-327 على أنه" يصدر الحكم التحكيمي بأغلبية الأصوات بعد مداولة الهيئة التحكيمية، ويجب على جميع المحكمين التصويت لفائدة مشروع الحكم التحكيمي أو ضده مع مراعاة أحكام الفقرة الثانية في الفصل 16-327.

ومما تجدر الإشارة إليه أن الإعتراف الواسع للكتابة الإلكترونية والتوقيع الإلكتروني سواء عند تحرير اتفاق التحكيم الإلكتروني أو عند إصدار حكم التحكيم النهائي الفاصل في النزاع، فإن كافة المستندات الإلكترونية لا بد أن تكون قابلة لإفراغها على الورق (صيغة مطبوع) وذلك حتى يمكن تقديمها للمحاكم من أجل طلب تأييد الحكم والمصادقة عليه وتنفيذه.

ويعتبر حكم التحكيم الإلكتروني مثله مثل الأحكام الصادرة عن القضاء الوطني، حيث يجب

أن تتوفر فيه بعض البيانات الشكلية والموضوعية حتى يستقيم هذا الحكم ويكون قابلا للتنفيذ.

ومن أجل التأكد من أن هيئة التحكيم الإلكترونية لم تخالف أمرا من الأمور المتعلقة باتفاق التحكيم الإلكتروني من خلال مضمون حكم التحكيم، وما ورد به من بيانات شكلية، وهي البيانات الخاصة بالأطراف وهيئة التحكيم وصورة من اتفاق التحكيم الإلكتروني ، وتاريخ ومكان صدوره.

وترجع أهمية تحديد تاريخ صدور حكم التحكيم، إلى أن تحديد هذا التاريخ يتضح معه، عما إذا كان الحكم قد صدر خلال الميعاد المحدد لإصداره، وأن الحكم لا يبدأ في رتیب آثاره إلا من تاريخ صدوره، وأن أي طارئ يحدث لهيئة التحكيم لا يؤثر في صحة الحكم الصادر قبل ذلك.

ووفقا لقواعد وأنظمة ولوائح مراكز وهيئات التحكيم الإلكتروني المؤسسي فإنه يتم النص فيها على ميعاد إصدار حكم التحكيم الإلكتروني بالأيام أو بالساعات، على خلاف التحكيم التقليدي فهو يحسب بالشهور أو الأيام. لما يمتاز به التحكيم الإلكتروني من سرعة عبر شبكة الإنترنت فطبقا لمؤسسة التحكيم الأمريكية فإنه وفقا لنظام القاضي الافتراضي يصدر المحكم قراره الفاصل في الموضوع خلال اثنين وسبعين ساعة من تاريخ تقديم طلب التحكيم وطبقا لأحكام اللائحة الموحدة لهيئة الايكان فتصدر هيئة التحكيم قراراها في مدة لا تقل عن خمسة وأربعين يوما ولا تزيد عن خمسين يوما، ووفقا لنظام مركز التسوية الإلكتروني بكندا تصدر محكمة التحكيم قرارها الفاصل في النزاع خلال خمسة وثلاثين يوما من تاريخ انتهاء إجراءات التحكيم.

كما ترجع أهمية تحديد مكان صدور حكم التحكيم، إلى أن هذا المكان هو الذي على أساسه يتم تحديد المحكمة المختصة بنظر الطعن في الحكم، والإجراءات الخاصة بتنفيذه، وأنه من بين معايير تحديد ما إذا كان الحكم وطني أم اجنبي.

وفي هذا الإطار نشير إلى أنه إذا كان تحديد مكان صدور حكم التحكيم في التحكيم التقليدي يتم بسهولة، فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة للتحكيم الإلكتروني، لأن الحكم التحكيمي يصدر عبر شبكة الأنترنت من هيئة قد تجتمع عبر هذه الشبكة من دول مختلفة، وبالتالي يصعب تحديد مكان صدوره.

أما بالنسبة للبيانات الموضوعية فإنها تتعلق بجوهر النزاع القائم بين الأطراف، وعن طريقها يتم التعرف على كيفية قيام هيئة التحكيم الإلكترونية بالفصل في النزاع، وأيضا الأسباب التي استندت إليها هيئة التحكيم لصدور الحكم ،ومضمون أقوال الأطراف ومستنداتهم، بالاضافة إلى البيان الأساسي المتمثل في منطوق حكم التحكيم الإلكتروني والذي يتم تنفيذ هذا الحكم بناءا عليه.

الفقرة الثانية: تصحيح وتفسير حكم التحكيم الالكتروني والطعن فيه:

تنتهي مهمة هيئة التحكيم الإلكتروني بصدور حكم تحكيم إلكتروني منهي الخصومة كلها في النزاع المعروض عليها، وتنتهي به ولايتها، إلا أنه يمكن للأطراف الرجوع إلى هيئة التحكيم الإلكتروني لتفسير ما وقع في منطوق حكمها من غموض أو إبهام، أو لتصحيح بعض الأخطاء المادية في منطوق أو أسباب حكمها بإصدار حكم تصحيحي تكميلي .

ويراعى في حكم التحكيم أن يصدر من أغلبية أعضاء الهيئة، إذ يسري عليه ما يسري على إصدار الحكم الأصلي، ولا يختلف الأمر في التحكيم الإلكتروني عنه في التحكيم العادي حتى في المدد، حيث يلاحظ أن أغلب التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية تأخذ بمدة الثلاثين يوما لتقديم طلب التصحيح.

والملاحظ أن تصحيح الحكم التحكيمي يجب أن ألا يتجاوز الأخطاء المادية الواقعة فيه. أما إذا تجاوزها، فتكون هيئة التحكيم قد تجاوزت سلطتها، مما يجيز تمسك صاحب العلاقة بطلب بطلان الحكم التحكيمي بدعوی تقام بهذا الشأن.

أما بخصوص المحكمة الافتراضية فإنها تقرر مدة أقل وهي 15 يوما من تاريخ صدور الحكم التحكيمي، عكس منظمة الويبو والتشريع المغربي وأغلب التشريعات التي تقرر مدة 30 يوم التصحيح الخطأ كيفما كان، سواء كان كتابيا كالأخطاء الإملائية لبعض العبارات والألفاظ أو حسابيا كالأخطاء الرقمية المتعلقة بقيمة التعويض.

ويمكن التصحيح إما من الهيئة من تلقاء نفسها وإما بطلب من الأطراف، فإذا كان عن طريق الأطراف فإنه يتعين بخصوص المحكمة الافتراضية على الخصم الإلكتروني تقديم الطلب خلال سبعة أيام من تاريخ إعلان الحكم كما تلتزم بمنح الطرف الآخر مهلة إضافية قدرها سبعة أيام من تاريخ إعلانه بطلب التصحيح، بهدف إتاحة الفرصة المناسبة أمامه لإبداء ملاحظاته. وإذا انقضت المدة انقضى الحق في

هذا التصحيح.

تقدم تلك الطلبات بالوسائل الإلكترونية التي تقدم بها الطلبات والمذكرات في خصومة التحكيم الإلكتروني ويفصل فيها بذات الطريقة التي فصل بها النزاع التحكيمي، ولا يترتب على رفع دعوی بطلان حكم التحكيم أو طلب الأمر بتنفيذه سلب اختصاص هيئة التحكيم الإلكتروني بأي من تلك الطلبات.

إبهام، أو شك في التفسير، أو يحتمل أكثر من معنى، أما إذا كان الحكم واضحا، فلا يجوز الرجوع إلى هيئة التحكيم لتفسيره، إذ تكون غاية طالب التفسير، لا مجرد تفسير الحكم، إنما محاولة إعادة طرح النزاع مرة أخرى لنفس الهيئة التي أصدرت الحكم، هو ما لا يجوز، ومن ثم لا يقبل طلب التفسير في مثل هذه الحالات.

وفيما يخص الطعن في حكم التحكيم فإنه لم ترد أحكام خاصة بخصوص الطعن في حكم التحكيم الإلكتروني، ولا بخصوص دعوى بطلان حكم التحكيم الإلكتروني. لذا فلا سبيل إلا تطبيق القواعد والأحكام العامة في التحكيم التقليدي في هذا الشأن.

وفي نفس الإطار نشير إلى أنه بمجرد وضع الصيغة التنفيذية على الحكم التحكيمي يصبح هذا الأخير حائز لقوة الشئ المقضي به وبالتالي يصبح غير قابل لأي طعن كما أكد المشرع المغربي في الفصول (34- 27/383 -327) من ق.م.م.

إلا أن هذا التأكيد لا يؤخذ به على إطلاقه، بحيث يمكن أن يكون الحكم صادر عن هيئة التحكيم موضوع إعادة نظر أمام المحكمة التي التحكيم وذلك طبقا لشروط محددة منصوص كانت ستنظر في القضية في حالة عدم وجود اتفاق عليها في الفصل 402 من ق.م.م، والفصل (34 - 327 )

ونص الفصل 36-327 من ق م م، على أنه " رغم كل شرط مخالف تكون الأحكام التحكيمية قابلة للطعن بالبطلان طبقا للقواعد العادية أمام محكمة الاستئناف التي صدرت في دائرتها.

ويكون تقديم هذا الطعن مقبولا بمجرد صدور الحكم التحكيمي. ولا يتم قبوله إذا لم يقدم داخل 15 يوما من تبليغ الحكم التحكيمي المذيل بالصيغة التنفيذية .

وقد أكد ذلك المجلس الأعلى في أحد قراراته بقوله " وإن كان يكتسي حكم المحكمين قوة الشيء المقضي به، فهو لا يمكن تنفيذه إلا بإعطائه الصيغة التنفيذية من طرف السلطات القضائية".

وفي هذا السياق نشير إلى أن المشرع الفرنسي يميز بين أحكام التحكيم الداخلية وأحكام التحكيم الدولية حيث لا يجوز وفق نص المادة 1481 فقرة أولى الطعن بالنقض لكن يجوز الطعن بالاستئناف ما لم يتنازل الأطراف عن ذلك في اتفاق التحكيم أو كان المحكم يمارس صلاحيته وفق قواعد العدالة والإنصاف.

أما أحكام التحكيم الدولي فقد ميز المشرع الفرنسي بين أحكام التحكيم الصادرة في فرنسا وبين أحكام التحكيم الصادرة في الخارج أو في منازعات متعلقة بالتجارة الدولية حيث يجوز الطعن بالبطلان في أحكام التحكيم الصادرة في فرنسا ولا يمكن الطعن بالاستئناف أمام الأحكام التحكيم الصادرة في الخارج فلا يجوز الطعن فيها لا بالاستئناف أو البطلان وإن أمكن استئناف القرار الصادر بالاعتراف وتنفيذ الحكم.

ولا تختلف قواعد الطعن في أحكام التحكيم التقليدية مع قواعد الطعن في أحكام التحكيم الإلكتروني، وهكذا نجد المادة 25 من لائحة المحكمة الفضائية تنص على أنه "يعد حكم التحكيم نهائيا ولا يجوز الطعن فيه بالاستئناف" وهو نفس ما سارت عليه قواعد التحكيم لدى المؤسسة الأمريكية للتحكيم وفق نظام القاضي الافتراضي.

المطلب الثاني: تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني.

إن الغاية الحقيقية للتحكيم تتمثل في الحكم الذي يصل إليه المحكمون، هذا الحكم لن يكون له قيمة قانونية أو علمية إذا ظل مجرد عبارات مكتوبة غير قابلة للتنفيذ فتنفيذ حكم التحكيم يمثل أساس ومحور نظام التحكيم نفسه، وتتحد به مدى فاعليته كأسلوب لفض وتسوية المنازعات.

وقد يتم تنفيذ الحكم الإلكتروني بطرق تتماشى مع خصوصية العالم الافتراضي دون حاجة إلى اللجوء إلى القضاء الوطني، بحيث وضعت مراكز التسوية الإلكترونية للمنازعات، العديد من الوسائل المباشرة وغير المباشرة للتنفيذ الذاتي لأحكامها، تجعل الطرف الخاسر ينفذ الحكم دون اللجوء إلى القضاء الوطني.

ولهذا سوف نطرق في هذا المطلب إلى وسائل التنفيذ الذاتي المباشر لحكم التحكيم الإلكتروني (الفقرة الأولى)، ثم وسائل التنفيذ الذاتي غير المباشر لحكم التحكيم الإلكتروني (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: وسائل التنفيذ الذاتي المباشر لحكم التحكيم الإلكتروني.

قد يسمح لمركز تسوية المنازعات إلكترونيا بسلطة أو صلاحية تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني

الصادر عنه في مواجهة البائع الإلكتروني المحكوم عليه، ودون حاجة لتدخل المحكوم عليه وذلك عن

طريق عدة وسائل منها:

1- إيداع ضمان مالي مغلق: بمقتضى هذه الوسيلة يقوم البائع قبل البدء في إجراءات التحكيم بتحويل مبلغ نقدي إلى حساب مركز التسوية الإلكترونية، ويظل هذا المبلغ مغلقا لا يمكن للبائع التصرف فيه إلا بعد فوات مدة محددة مسبقا في اتفاق التحكيم أو الوساطة. وذلك يسهل على مركز التسوية تنفيذ حكمه الصادر ضد البائع مباشرة، من خلال المبلغ الذي وضعه البائع تحت تصرفه، ويتم ذلك دون الرجوع إلى البائع ودون حاجة إلى إذن منه.

يتم تطبيق هذه الوسيلة في منازعات التجارة الإلكترونية بين البائع الإلكتروني، والمستهلك (B2C) أو بين المحترفين (B2B)، يطلب مركز تسوية المنازعات إلكترونيا من البائع الإلكتروني في (B2C)، أو من الطرفين في (B2B) إيداع مبلغ نقدي كضمان مالي مغلق لا يمكن التصرف فيه في حساب مركز التسوية الإلكترونية قبل البدء في إجراءات التحكيم الإلكتروني، ليقوم مركز التسوية بتنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني مباشرة من هذا المبلغ دون الرجوع إلى البائع.

2- التحكيم في بطاقة الائتمان : قد يتفق البائع الإلكتروني مع مركز التسوية الإلكتروني، على أن يكون لهذا الأخير سلطة التحكم في الدفع ببطاقة الائتمان الذي يتم على موقع البائع، بحيث يكون المركز التسوية الحق في إعادة المبالغ التي تدفع بواسطة هذه البطاقات في حالة وجود خطأ ما في الدفع.

ويتم منح مرکز تسوية المنازعات الإلكترونية سلطة التحكيم في دفع ببطاقة الائتمان أي سلطة إعادة الأموال المسحوبة من بطاقة الائتمان الخاصة بحساب المشتري من موقع البائع مباشرة دون حاجة للرجوع إلى البائع عند تنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني الصادر من مركز التسوية في مواجهة البائع إلى حساب المشتري في بطاقة الائتمان، ويمنح مركز التسوية هذا الحق بمقتضى شرط تعاقدي يوضع في العقود المبرمة بين البائع ومركز التسوية من جهة، وبين الشركة مصدر البطاقة ومركز التسوية من جهة أخرى.

ويوضع كذلك في العقد المبرم بين البائع والشركة مصدر البطاقة، والعقد المبرم بين الشركة مصدر البطاقة وحامل البطاقة 260، والبائع الإلكتروني مضطر لقبول هذا الشرط لأنه يحتاج خدمة الائتمان في السوق الإلكتروني لأن سداد ثمن البضاعة المباعة عبر الانترنت يتم بالبطاقة الائتمانية.

وبهذه المثابة يستطيع مركز التسوية الإلكتروني، أن ينفذ قراره مباشرة بإعادة المبالغ المالية المستحقة إلى حساب المشتري في بطاقة الائتمان، مما يجعل هذه الوسيلة تدخل في نطاق وسائل التنفيذ الذاتي المباشر لأحكام مراكز التسوية الإلكترونية.

3- التنفيذ التلقائي الإلكتروني: يقصد بهذه الوسيلة أن يكون المركز التسوية الإلكتروني القدرة على تنفيذ حكمه أو قراره مباشرة على الانترنت، والحالة الوحيدة التي يتحقق فيها هذا الفرض هي التسوية التي تتم من خلال هيئات الايكان (ICANN) المختصة بتسوية المنازعات الناشئة عن استعمال أسماء النطاق والمواقع الإلكترونية، فهذه الهيئات قد تصدر قرارا بإلغاء اسم أحد المواقع، إذا تشابه مع اسم موقع سبق تسجيله، ويتم ذلك بواسطة المشغل التابع لهيئات الأيكان بطريقة إلكترونية، بحيث لا يمكن فتح صفحات هذا الموقع من أي دولة.

وبناءا على ما سبق فإن اللجوء إلى وسائل التنفيذ الذاتي الأحكام وقرارات مراكز التسوية الإلكترونية يعتبر أكثر فعالية وأقل تكلفة من اللجوء إلى نظام التنفيذ أمام القضاء الوطني، على اعتبار أن هذه الوسائل ستلزم البائعين بتنفيذ أحكام وقرارات مراكز التسوية طواعية، بحيث أنهم مهددون بفقدان ثقة عملائهم في حالة رفض التنفيذ، وكذلك بالنسبة للمحكوم له، عند لجوئه إلى استخدام وسائل التنفيذ الذاتي تكاد تعندم فيها التكلفة، فهي تعفيه من مصاريف السفر إلى دولة التنفيذ أو تكليف محام للقيام بإجراءات التنفيذ أو مصاريف الحصول على أمر التنفيذ.

وقد ذهب البعض إلى أن وجود وسائل للتنفيذ الذاتي تسمح بتنفيذ أحكام مراكز التسوية الالكترونية بعيدا عن تدخل أو رقابة القضاء الوطني لأي دولة، يمكن أن يشكل سندا قويا لقبول فكرة انفصال العالم الإلكتروني عن الأنظمة القانونية الوطنية، فوجود مراكز تسوية إلكترونية تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ في الوسط الإلكتروني، وتطبق قواعد خاصة تم وضعها بمعرفتها لكي تتناسب مع العالم الإلكتروني (التشريع الذاتي)، وتقوم بتنفيذ أحكامها وقراراتها مباشرة دون حاجة للقضاء الوطني

التنفيذ الذاتي)، كل ذلك يجعل العالم الإلكتروني مستقلا من حيث قضائه وقانونه ووسائل تنفيذ أحكامه.

الفقرة الثانية: وسائل التنفيذ الذاتي غير المباشر لحكم التحكيم الإلكتروني.

تقوم مراكز تسوية المنازعات إلكترونيا باعتماد وسائل معينة من شأنها تحفيز المحكوم عليه الطرف الخاسر في التحكيم بتنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني الصادر ضده اختياريا ودون أن يكون المركز التسوية الإلكتروني الصادر عنه حكم التحكيم الإلكتروني أية سلطة أو صلاحية في تنفيذ الحكم اختياريا من المحكوم عليه، وهذه الوسائل من شأنها تهديد المحكوم عليه بخسارة فادحة نتيجة فقده العملائه إذا لم يمتثل لتنفيذ حكم التحكيم الإلكتروني اختياريا، ومن تلك الوسائل التهديدية:

1- التهديد بسحب علامة الثقة: يحق للبائع الإلكتروني على شبكة الإنترنت استخدام علامة الثقة المملوكة لمركز تسوية المنازعات إلكترونيا على موقعه الإلكتروني مقابل التزام البائع بمجموعة التزامات معينة من بينها التزام البائع بتسوية منازعاته مع عملائه المستهلكين أمام مركز التسوية، بحيث يختص هذا المركز بنظر النزاع بمجرد إعلان أحد عملاء البائع من المستهلكين برغبته في تسوية نزاعهما، ويجوز لمركز التسوية سحب علامة الثقة من على موقع البائع الإلكتروني إذا امتنع البائع عن تنفيذ الأحكام الصادرة من مركز التسوية%20.

ويبقى الاختيار للبائع بين تنفيذ الحكم والإبقاء على علامة الثقة أو رفض تنفيذ الحكم وسحب علامة الثقة منه، ولأن علامة الثقة بالنسبة للبائع ذات قيمة اقتصادية كبيرة حيث تعطي ثقة كبيرة للعملاء واكتساب عملاء جدد، لأن المشتري الإلكتروني يبحث عن علامة الثقة قبل الشراء. فغالبا يفضل البائع الإلكتروني تنفيذ الحكم - لأجل الإبقاء على علامة الثقة - اختياريا، فلا يمكن للبائع الإلكتروني الذي اكتسب ثقة عملائه أن يفقدها بهذه السهولة

وهذه القاعدة مقررة بمقتضى نصوص التقنين الذي يلتزم به البائع، مؤداها أنه يحق لمركز التسوية الإلكترونية أن يسحب علامة الثقة من البائع في حالة امتناعه عن التنفيذ، وعلى ذلك يبقى للبائع دائما حق الاختيار بين تنفيذ الحكم والإبقاء على العلامة، أو رفض التنفيذ وسحب العلامة منه، مما يجعل التنفيذ هنا متوققا على إرادة البائع، وليس مركز التسوية، الأمر الذي يمكن معه وصف هذه الوسيلة من وسائل التنفيذ الذاتي غير المباشر.

2- التهديد بنظام إدارة السمعة على الإنترنت": يقوم هذا النظام على وجود مواقع إلكترونية للتسوق على الإنترنت تضم في عضويتها مواقع تجارية للبائعين، والمستهلكين، وتقوم مواقع التسوق بالكشف للمستهلك عن السيرة الذاتية للبائع الذي سيتعامل معه، وسمعته، وآراء المستهلكين الذين تعاملوا معه من قبل، وذلك قبل الإقدام على الشراء، والبائع الذي تظهر عنه سلبيات أقل يحوز على ثقة أكبر من المستهلكين، أما البائع الذي تظهر عنه سلبيات أكثر يقل إقبال المستهلكين على التعامل معه. ومن حق مركز تسوية المنازعات إلكترونيا إضافة نقط سلبية على موقع البائع الممتنع عن تنفيذ أحكامه.

مما يجعل البائع الإلكتروني يسعى لتنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهته لأجل الحفاظ على سمعته اختياريا، وذلك لأنه يسعى في أن يبقى بائعا موثوقا به في سوق التجارة الإلكترونية.

3- التهديد بنظام القائمة السوداء: تقوم الجهات المانحة لعلامات الثقة وكذلك الجهات التي تتولى إدارة السمعة بإصدار قائمة تحتوي على أسماء المواقع الإلكترونية للبائعين الذين يمتنعون عن تنفيذ الأحكام الصادرة عن مراكز التسوية الإلكترونية، ونشرها على مواقع تلك الجهات، وإرسالها إلى المواقع الإلكترونية المتخصصة في حماية المستهلك لنشرها على مواقعها، بحيث يسهل لأي مستهلك الحصول على القوائم السوداء التي تعد أمرا خطيرا بالنسبة للبائع مما سيؤدي إلى فقدانه للكثير من عملاؤه.

مما يدفع البائع الإلكتروني للقيام بتنفيذ الأحكام الصادرة عن مراكز التحكيم الإلكترونية في مواجهته خشية نشر اسمه وموقعه الإلكتروني في القائمة السوداء. 

4- التهديد بالطرد من الأسواق: قد يتمتع مركز التسوية بالحق في حرمان الموقع الإلكتروني من تقديم عروضه على الانترنت، وذلك في حالة مخالفته لأحكام وقرارات هذا المركز، ويسمى ذلك بالطرد من الأسواق الإلكترونية.

حيث يتم الطرد من الأسواق الإلكترونية بقيام مقدم خدمة المعلومات الموقع البائع الإلكتروني بغلق موقع البائع، بحيث لا يمكن الحد المستهلكين المستخدمين له بالدخول إليه، ويتم ذلك بناء على طلب مركز التسوية الإلكتروني بعد امتناع البائع المحكوم عليه من تنفيذ الأحكام الصادرة في مواجهته من مركز التسوية الإلكتروني، مما ينتج عنه خسارة فادحة لموقع البائع الإلكتروني .

مما يجعل البائع الإلكتروني يفضل تنفيذ أحكام التحكيم الإلكتروني الصادرة من مركز التسوية الإلكتروني في مواجهته اختیارا خشية إصابته بأضرار جسيمة نتيجة إغلاق موقعه الإلكتروني وطرده من الأسواق الإلكترونية.

5- التهديد بنظام الغرامة التهديدية: يعتبر نظام الغرامات التهديدية إجراء مألوف في إطار الأحكام القضائية الوطنية التي تلزم الطرف الخاسر تنفيذ الحكم في أسرع وقت کون أي تأخير سينجم عنه زيادة في الغرامة التهديدية، ولعل اللجوء إليها من طرف المراكز الإلكترونية المختصة ستكفل تنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة عنها، وكذا سرعة التنفيذ التي تحول دون عدم شل معاملات التجارة الإلكترونية.

وبمقتضى اتفاق بين مركز التسوية الإلكتروني، ومركز البائع الإلكتروني يتم إلزام البائع بدفع مبلغ مالي يتناسب تقديره مع قيمة النزاع عند عرض النزاع على مركز التسوية الإلكتروني المختص بمنازعاته ، كشرط لضمان التزام البائع بتنفيذ الحكام الصادرة في مواجهته من مركز التسوية الإلكترونية، ويعتبر هذا المبلغ بمثابة غرامة تهديدية، وفوائد تأخير نظير الامتناع عن التنفيذ.

مما يدفع البائع الإلكتروني إلى تنفيذ أحكام مركز التسوية الإلكترونية الصادرة في مواجهته اختياريا خشية أن يفقد المبلغ المالي الذي دفعه سابقا خاصة إذا كانت قيمة المبلغ أكثر بكثير من قيمة الحكم، بالإضافة إلى فقد الثقة والسمعة في أوساط التجارة الإلكترونية.

وفي الأخير يمكن أن نشير إلى مسألة في غاية الأهمية، تساعد في تبوء التحكيم بالوسائل الإلكترونية، مكانته التي يستحقها كوسيلة لحل منازعات التجارة بالوسائل الحديثة، تتعلق بحفظ القرار التحكيمي الصادر بالوسائل الإلكتروني، وهو أمر يحتاج إلى جهة مختصة تودع لديها هذه القرارات، وتولى تركيز جهدها على أمرين اثنين:

الأمر الأول: الحفاظ على المحتوى الأصلي للقرار التحكيمي الصادر بالوسائل الالكترونية.

الأمر الثاني: الحفاظ على سرية هذا المحتوى تجاه الغير.

والتركيز على هذين الأمرين نابع من كون مفاهيم مثل (السرية) و (السلامة) و (النسخة الأصلية)، تستلزم دقة في المعنى، وخبرة فنية في العمل، بالنسبة للسندات الالكترونية، ونعتقد أن في الحل الذي تضمنته المادة (10) من قانون النموذجي للتجارة الالكترونية، ما يساعد على تحقيق الأمرين المتقدمين معا، إذ تنص على وجوب حفظ المستندات إذا كان الإعلام بشأنها مستمرا، أو إذا كانت عبارة عن رسالة مرسلة، أو مستلمة، وذلك بالشكل الذي وردت به، أو إذا كان الإعلام متعلقا بمصدر الرسالة، أو مكان إرسالها، شرط تحديد ساعات الإرسال، والاستلام وتاريخه، مع إمكانية تعديل هذه الشروط بالاستعانة بخدمات شخص آخر، وبناءا على ذلك سيكون أكثر يسرا ودقة، لو أنه تم عبر جهة رسمية وسيطة،.

وقد ضمنت المحكمة الافتراضية (Cyber tribunal)، المادة ( 6/23) من نظامها، بندا يوجب عرض القرار التحكيمي الصادر بالطرق الإلكترونية في مركز الأشغال، في حين لم يرد في النظام ما يشير إلى وجوب حفظ القرار لمدة طويلة.