التحكيم / الإتجاه القضائي من جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / موقف القضاء العادي من صحة شرط التحكيم الوارد في العقد بعد صدور قانون التحكيم رقم 9 لسنة 1997
موقف القضاء العادي من صحة شرط التحكيم الوارد في العقد بعد صدور قانون التحكيم رقم 9 لسنة 1997
كان للقضاء المصري - عموماً - وللقضاء العادي - خاصة - إسهام كبير متميز في قضاء التحكيم منذ العمل بقانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 حتى اليوم؛ لذلك من الأهمية بمكان التعرض لموقف كل من محكمة الاستئناف ومحكمة النقض في هذا الشأن، وذلك ما نبينه على النحو الآتي:
أولا: موقف محكمة الاستئناف:
نظرت محكمة استئناف القاهرة، باعتبارها المعنية بنظر دعاوی بطلان التحكيم التجاري الدولي بموجب نص المادتين التاسعة والرابعة والخمسين منه، كما اختص المشرع محكمة استئناف القاهرة بتنفيذ أحكام التحكيم وفقا لنص المادة 56 من قانون التحكيم، بالإضافة إلى اختصاصها بالأوامر الولائية القضائية المنصوص عليها في هذا القانون وفقا لقواعد الاختصاص النوعي والمكاني). كما كان لقضاء محكمة النقض دور" لا يقل أهمية عن محكمة الاستئناف في هذا الصدد. .
ففي إحدى الدعاوى على سبيل المثال كانت محكمة استئناف القاهرة قد أقرت بصحة شرط التحكيم الوارد في العقد، وذلك بمناسبة دعوى أقامتها مدعية طالبة الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع ببطلان حكم التحكيم المؤرخ ۲۰۱۷/۷/۳۱ ، وإلزام المدعى عليها بالمصروفات، وقالت بيانا لذلك، أنه قد تم إبرام عقد مؤرخ ۲۰۱۳/۳/۲۱ بين طرفي الدعوى، تتولي فيه الشركة المدعى عليها تقديم الرعاية الطيبة المتميزة للعاملين بالديوان العام والهيئات القضائية والجهات المعاونة، وذلك بموجب خطاب تحويل من المدعية موجه إلى المدعي عليها.
وقد حدثت بعض الخلافات بخصوص مطالبات مالية لأربعة مرضي تابعين لإدارة المدعية، فلجأت المدعى عليها للتحكيم للمطالبة بمبلغ 125094 والفوائد القانونية، مدعية أنها مستحقة لها، وبتاريخ ۲۰۱۷/۷/۳۱، صدر حكم التحكيم بإلزام المتحكم ضدها (المدعية) بأن تؤدي للمحكمة (المدعى عليها) المبالغ المبينة بالحكم التحكيمي، وأضافت المدعية أن هذا الحكم التحكيمي قد شابه البطلان مستندة إلى عدة أسباب منها:- ما يهمنا في هذا المقام بطلان حكم التحكيم لبطلان شرط التحكيم المنصوص عليه في البند 2/14 من العقد المؤرخ ۲۰۱۲/۳/۲۱ ، لأنه ينص عليه (إن كل نزاع ينشأ عن هذا العقد ولم يصل لحل بعد العرض على هيئة التحكيم، يكون الفصل فيه من اختصاص المحاكم)، وتقول المدعية إن معنى ذلك إن التحكيم ليس هو السبيل الوحيد لحل النزاعات بين الطرفين.
وفي رد المحكمة على هذا الطعن أفادت بأن: "وحيث إنه عن السبب الرابع و تنعي فيه المدعية بطلان شرط التحكيم؛ لأنه لم ينص على أن التحكيم هو السبيل الوحيد لحل النزاع؛ فهذا نعي غير سدید، ذلك إن البين من شرط التحكيم الوارد في البند الرابع عشر
۲،۱ من العقد المؤرخ ۲۰۱۲/۳/۲۱ ، ونصه الآتي:
1- (أي خلاف ينشأ بخصوص مادة أو شرط من شروط هذا العقد أو تفسيرها يكون الفصل فيه من اختصاص هيئة تحكيم نقابة الأطباء بحضور طرفي العقد ومن يستعان لهم وفقا للقانون.
2- كل نزاع ينشأ عن هذا ولم يصل لحل بعد العرض على هيئة التحكيم، يكون الفصل فيه من اختصاص المحاكم التي يقع في دائرتها المستشفى وحسب اختصاص كل منها).
الواضح من ذلك إن الطرفين قد أعلنا إرادتهما صراحة في الاتفاق على التحكيم كشرط في العقد، وذلك وفقا لصريح عبارات الاتفاق الواضحة، فلا يمكن تفسير العبارة على أن اللجوء للتحكيم أمر اختياري، بل هو اتفاق صریح وجازم في الاتفاق على اللجوء للتحكيم لحل النزاعات يحق معه لطرفيه الالتجاء إلى التحكيم، ويلتزم طرفيه بعدم عرقلة استعمال الطرف الآخر لحقه في اللجوء إلى التحكيم..
منه عن حقه في الاعتراض ووفقاً لأحكام المادتان ۱۱،۸ ق التحكيم رقم 27 لسنة 1994 " وكان غرض المحكمة في ذلك هو حماية إجراءات التحكيم من إساءة استغلال أحد أطراف النزاع - وهو عادة الطرف الخاسر - لحق من الحقوق التي يجوز النزول عنها بهدف إبطال حكم التحكيم لاحقا.
وهو ما يعني أن القضاء العادي يقر بصحة شرط التحكيم الوارد في العقد بعد صدور قانون التحكيم رقم 9 لسنة 1997 ، إذا ما توافرت شروطه، بل ويدافع عن حماية إجراءاته وفقا للقانون.