الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الإتجاه القضائي من جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / موقف قضاء مجلس الدولة من جواز التحكيم في منازعات التحكيم العقود الإدارية قبل صدور القانون رقم ٢٧ لسنة 1994 :

  • الاسم

    محمود احمد عبدالسلام احمد نقي الدين
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    466
  • رقم الصفحة

    321

التفاصيل طباعة نسخ

موقف قضاء مجلس الدولة من جواز التحكيم في منازعات التحكيم العقود الإدارية قبل صدور القانون رقم ٢٧ لسنة 1994 :

    في هذه المرحلة لم يتخذ مجلس الدولة موقفاً موحداً تجاه ذلك حيث ساد التردد قضاء مجلس الدولة في هذه المرحلة بين الإجازة وعدم الإجازة فيما يتعلق بالتحكيم في منازعات العقود الإدارية، وقد أتجهت محكمة القضاء الإداري إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية حيث ذهبت محكمة القضاء الإداري ، في حكمها الصادر في ١٩٧٣/١/٢١ في الدعوى رقم 964 لسنة ۱۳ق، إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية وكان ذلك بمناسبة طلب الشركة المصرية للتعمير والإنشاءات السياحية، إحالة النزاع بينها وبين جهة الإدارة إلى التحكيم، وقد قامت الشركة باختيار محكمها، ورفضت جهة الإدارة تعيين محكمها، على حجة أن النزاع يخرج عن نطاق شرط التحكيم.

   وذهبت المحكمة في حيثياتها بشأن تعيين المحكمين اللازمين لحسم النزاع بين الشركة، وجهة الإدارة إلى أنه (النزاع) يدور حول مسألة تكييف النشاط الذي تباشره الشركة بمقتضى العقد المبرم بينهما لتحديد ما إذا كانت من شركات المرافق العامة، أو أنها تباشر نوعاً من النشاط يخضع لنظام خاص، وبذلك تخرج عن مجال هذه الشركات، فقالت : "...... إن البين من البند الخامس من العقد المبرم بين الشركة المدعية، وبين جهة الإدارة أن الطرفين قصدا إخضاع ما قد يثار بينهما من خلال حول تفسير أو تنفيذ أحكام العقد على محكمين يتفقان على تعيينهما، ومن ثم ولما كان وجه المنازعات بينهما ينحصر في مسألة تكييف العقد المذكور، وليس في شأن تفسير نصوصه أو تنفيذ أحكامه، وكانت مسألة تفسير العقد تختلف عن مسألة تكييفه، إذ إن لكل منهما مفهومه الخاص به، ونطاقه المستقل، وأحكامه الخاصة، فعليه يكون طلب الشركة المدعية تعيين المحكمين اللازمين لتكييف العقد المذكور أمراً خارجاً على مجال التحكيم، ويغدو هذا الطلب غير قائم على أساس سليم من القانون متعيناً رفضه".

    ويظهر من ذلك أن المحكمة ذهبت إلى مشروعية التحكيم الوارد بالبند الخامس من العقد، ولم تصفه بالتعارض مع اختصاص مجلس الدولة، أو سلباً للاختصاص المقرر في قانون موضوعي، ورفضت طلب الشركة من تعيين محكم عن جهة الإدارة للفصل في النزاع، على حجة أساسها أن محور المنازعات يدور حول مسألة تكييف العقد، وهو أمر يخرج عن مجال (نطاق) شرط التحكيم.

   كذلك حكم محكمة القضاء الإداري بجلسة 4 ديسمبر ١٩٨٣ في الدعوى (Y) رقم ۳۰/۹۲۳ ، وقد ذهبت المحكمة إلى جواز شرط التحكيم الوارد بالعقد المبرم بين الطرفين (البند الحادي والعشرين من عقد الالتزام)، وفي هذا الحكم لأول مرة يدفع أحد طرفي العقد ببطلان شرط التحكيم، والطريف أن هذا الدفع كان من طرف الشركة الخاصة في التعاقد، إذ دفعت بأن شرط التحكيم باطل في ذاته، إذ يلزم قانوناً أن يكون عدد المحكمين وتراً حال أن العقد أجاز التحكيم بأثنين لا ينضم إليهما ثالث إلا حال عدم الاتفاق، كما أنه من المتعين تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم، أو في اتفاق مستقل، وقل خلا العقد من الاتفاق على أشخاص المحكمين الممثلين للطرفين، أما جهة الإدارة (الحكومة المصرية) قد دفعت بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى تأسيساً على نص البند (۲۱) من عقد الالتزام الذي يقضي بأنه إذا قام خلاف بين الحكومة والشركة بسبب تفسير أو تنفيذ العقد يكون الفصل في النزاع للجنة التحكيم.

    وقد قامت المحكمة بالرد على هذين الدفعين، فذهبت إلى أن دفع المدعي (الشركة) لا سند له فيما أبداه من بطلان شرط التحكيم، وانتهت إلى أن شرط التحكيم متفقاً ونص القانون، وأنه يكفي أن يتضمن شرط التحكيم بيان كيفية تحديد المحكمين، كما ذهبت إلى أن الدفع بعدم الاختصاص الذي أبدته الحكومة، في غير موضعه لأن شرط التحكيم لا ينزع اختصاص المحكمة، وإنما هو من قبيل الدفوع بعدم قبول الدعوى، لأن الخصم ينكر به سلطة خصمه في الالتجاء إلى القضاء للذود عن هذا الحق.

وانتهت المحكمة في حيثياتها إلى أنه ........... ومن حيث أن مدار المنازعة رهن في جوهره كما سبق بيانه، بمدى حقوق طرفيها عند نهاية مدة الالتزام سواء بالنسبة إلى عقد الالتزام الأصلي أو التكميلي المبرم بين الجهة الإدارية، وشركة أسمدة الشرق في 1945/8/8 بخصوص تحويل قمامة القاهرة وضواحيها ومخلفات الذبائح العمومية والفرعية بها إلى أسمدة عضوية وغيرها وما ترنو إليه الشركة المدعية بطلبها المستعجل من الحفاظ على ما تدعيه من حقوق يخشى عليها من فوات الوقت، ومثل هذه المنازعة شقيها لا تجاوز حقيقة العقد الإداري ولا تخرج عن دائرته، ومن ثم تدخل في ولاية القضاء الكامل دون ولاية الإلغاء ولا يرد عليها وقف التنفيذ المتعلق بالقرارات الإدارية ولا يتعلق بمشروعية قرارات إدارية ومن ثم يجوز فيها شرط التحكيم عملاً بنص المادة (501) من قانون المرافعات التي استبعدت من التحكيم فقط () المسائل التي لا يجوز فيها الصلح

  وقد قرر هذا الحكم بعبارات لا تدع مجالاً للشك جواز التحكيم في العقود الإدارية.

   كذلك ذهبت محكمة القضاء الإداري، في حكمها الصادر في ١٨ مايو  سنة 1986، في الدعوى رقم 476 لسنة 39 ، إلى جواز شرط التحكيم في العقود الإدارية، وكان المدعي قد طالب بإلزام وزارة الإسكان بتعيين محكم عنها لفض الخلافات القائمة بين الشركة المدعية والحكومة طبقا للبند الخامس من العقود المبرم في 14 أبريل 1955، وقد أجابته المحكمة إلى طلبه، وقالت في حيثيات حكمها، لما كان "..... الثابت أن البند خامساً من اتفاق 14 إبريل 1955 الملحق بعقد استغلال منطقة قصر المنتزة واستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم المبرم في 9 من نوفمبر 1954، ينص على أن : " كل خلاف بين الطرفين على تفسير أو تنفيذ الأحكام التي تضمنها الاتفاق وعقد 9 نوفمبر 1954، وشروط قبول التنازل يفصل فيه عن طريق التحكيم....."، فإنه إزاء صراحة هذا النص، وإن حددت الشركة المدعية طلباتها الختامية في الدعوى الماثلة بطلب إلزام الحكومة بتعيين حكم عنها في هيئة التحكم توطنه لحسم الخلاف بينها وبين الحكومة في خصوص تنفيذ عقد الامتياز في شقه المتعلق باستصلاح وتعمير منطقة جبل المقطم، فإن المحكمة تقضي بذلك إعمالا لما ارتضاه طرفا التعاقد، والتقت عليه إرادتهما.

   وبالنسبة لموقف المحكمة الإدارية العليا فقد ذهبت هيئة مفوضي الدولة  بالمحكمة الإدارية العليا في تقريرها في الطعن رقم ٣٢/٣٠٤٩ ق.ع ، إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية، وذلك إعمالاً لما ارتضاه الطرفين، بعد أن قامت هيئة المفوضين بتحديد نقطة النزاع في الطعن، وهي تنحصر في مدى انطباق شرط التحكيم المنصوص عليه في البند خامساً من اتفاق 14 أبريل 1955، على طلبات الخصوم، من تعيين محكمين للفصل في الموضوع، انتهت إلى أنه : "...... ومن حيث إن المنازعة المعروضة تتعلق بتفسير وتنفيذ العقد، بالتالي تندرج ضمن المنازعات التي أوجب القانون حسمها عن طريق هيئة التحكيم، وذلك إعمالاً لما ارتضاه طرفا التعاقد والتقت عليه إرادتهما.

   كذلك اتجهت هيئة مفوضي الدولة بالإدارية العليا في تقريرها في الطعن رقم 397 لسنة 19 ق.ع إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية، واختصاص هيئة التحكيم بتفسير العقد،سواء جوانب الواقع أو جوانب القانون، ومنها تكييف العقد، فقالت : "........ وبناء على ذلك فإذا اتفق الطرفان على إحالة مسألة تفسير العقد إلى التحكيم بعبارة مطلقة، فإنهما يكونان قد قصدا أن تختص هيئة التحكيم بتفسير العقد، سواء جوانب الواقع في التفسير أو المسائل القانونية فيه، ولا يجوز القول في هذه الحالة أنهما قصدا فقط أن تختص هيئة التحكيم بتفسير مسائل الواقع في العقد، دون المسائل القانونية، ومنها تكييف العقد، وعليه إذا استعمل شرط التحكيم، الأنف الذكر لتعبير (للتعبير عن) تفسير العقد، دون تقييد لعمومه، فإن الاختصاص بنظر الخلاف حول تكييف العقد، ومدى اعتباره من عقود امتياز المرافق العامة يدخل في اختصاص هيئة التحكيم.

اتجاه المحكمة الإدارية العليا إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية :

   وقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 397 لسنة 19ق. (۱) الصادر في ٢٠ فبراير ۱۹۹۰ ، إلى جواز إدراج شرط التحكيم في العقود الإدارية صراحة، فقالت المحكمة في حيثيات حكمها أنه : "....... ومن حيث أن البادئ من الوقائع متقدمة الإشارة أن الشركة الطاعنة طلبت اللجوء إلى التحكيم بسبب إذاعة وزير الشئون البلدية والقروية في ١٩٥٩/٢/٢٨ بياناً أدرج فيه الشركة الطاعنة في عداد شركات المرافق العامة.....".

   ثم استطردت المحكمة في حيثياتها فقالت : "...... ومن حيث إن البند الخامس من العقد المبرم بين الشركة الطاعنة، وجهة الإدارة ينص على أن : کل خلاف بين الطرفين على تفسير أو تنفيذ الأحكام التي تضمنها هذا الاتفاق وعقد 9 من نوفمبر، وشروط قبول الوزارة للتنازل، يفصل فيه عن طريق التحكيم، وتؤلف هيئة التحكيم من ثلاثة أعضاء يختار كل من الطرفين عضواً منهم، ويتولى هذان العضوان اختيار العضو الثالث : وتكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن فيها أمام المحاكم المصرية بالطرق التي رسمها القانون ".

   إلا أن المحكمة رأت أن شرط التحكيم يقصر اختصاص هيئة التحكيم على تفسير وتنفيذ أحكام العقد، ومن ثم فلا يمتد مجال شرط التحكيم إلى تفسير نصوص القانون ذاته، فقالت : ".... ومن حيث أن البادي من هذا النص أنه قصر اختصاص هيئة التحكيم المنصوص عليها فيه على تفسير وتنفيذ الأحكام التي يتضمنها الاتفاق المبرم بين الشركة الطاعنة، وجهة الإدارة وكذا شروط قبول الوزارة للتنازل وذلك في حالة حدوث خلاف بين الطرفين، ومن حيث أنه لا يمتد اختصاص هيئة التحكيم إلى تفسير نصوص القانون ذاته الصادر بالترخيص لوزير الشئون البلدية والقروية رقم 187 لسنة 1955، في قبول التنازل الصادر من الشركة المصرية للأراضي والمباني إلى الكونيت ونيو لواتوتينو والسيد أنطوينو روما، والكونت أوربانويا رولا والدكتور جريتو بلفي عن استغلال منطقة جبل المقطم وتعميرها، وفي التعاقد على هاتين المنطقتين مع المتنازل إليهم.

    ومن حيث إنه يبين من هذا القانون أنه أشار في ديباجته إلى القانون رقم ١٢٩ لسنة ١٩٤٧، بالتزامات المرافق العامة مما يفهم منه أن القانون المذكور رقم 187 لسنة 1955، قد حدد طبيعة الاتفاق، فإنه يدخل في إطار التزامات المرافق العامة، فضلاً عما ورد بالمذكرة الإيضاحية من أنه نظراً إلى قبول الوزارة للتنازل عن استغلال منطقة قصر المنتزة، واستصلاح منطقة جبل المقطم وتعميرها متضمناً إنهاء التزام الشركة المصرية للأراضي والمباني، فيما يتعلق بالمنطقتين موضوع التنازل، ومنح هذا الالتزام إلى ملتزمين جدد هم المتنازل إليهم، كما أن الاتفاق المرافق الذي سيبرم مع المتنازل إليهم يتضمن تعديلاً لشروط عقد و من نوفمبر سنة 1954، الذي أبرم مرفقاً (موافقا) للأحكام والشروط المرافقة للقانون رقم 565 سنة 1945 الصادر بالإذن للوزير في إبرامه.

    وانتهت المحكمة إلى نتيجة هي : "..... ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن طبيعة الاتفاق قد حددت سلفاً في القانون رقم ١٨٧ سنة 1955، ولا يملك المتعاقدان الخروج على أحكامه في هذا الشأن، ومن ثم فإنه يتعين فهم عبارة تفسير الاتفاق (العقد) أو شروط التنازل كما (بما) لا يشمل تحديد طبيعته، أي تكييفه وما ينتج عن هذا التكييف من آثار قانونية، وبالترتيب على ما تقدم فإن الطلب الأصلي للشركة الطاعنة يكون في غير محله، ويتعين رفضه لمخالفته القانون ".

   وأهم ما يمكن ملاحظته على هذا الحكم أن المحكمة افصحت عن اتجاهها إلى جواز التحكيم في العقود الإدارية، وأن النزاع القائم بين الطرفين لا يدخل في نطاق شرط التحكيم، إذ ينسب النزاع على تكييف العقد المبرم بين الطرفين، ولما كان العقد سالف الإشارة قد تم إبرامه بموجب قانون صادر بالإذن للوزير في إبرامه، وقد اشار في ديباجته إلى القانون رقم ١٢٩ لسنة 1947 بشأن التزامات المرافق العامة، مما يفهم منه أن القانون رقم ۱۸۷ لسنة 1955،. قد حدد طبيعة الاتفاق، وعليه فهو أي العقد، يدخل في إطار عقود المرافق العامة، فضلاً عما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير ـ ۱۸۷ لسنة 1955، عبارة "..... فيما يتعلق بالمنطقتين موضوع التنازل، ومنح هذا الالتزام إلى ملتزمين جدد هم المتنازل إليهم......)