التحكيم / الإتجاه القانوني من جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / عدم جواز تفويض الوزير المختص بالموافقة في ممارسة اختصاصه
عدم جواز تفويض الوزير المختص بالموافقة في ممارسة اختصاصه
الشرط الثاني من شروط تطبيق القانون رقم 9 لسنة 1997 ، أنه لا يجوز للوزير أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة التفويض في ممارسة اختصاصه بالموافقة على اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية، حيث إن القاعدة هي أنه يلزم لإجراء التفويض وجود نص قانونی يأذن به، وذلك باعتبار أن الأصل هو الممارسة الشخصية للاختصاص الذي حدده القانون، فلا يجوز لصاحب الاختصاص أن يفوض فيه ما لم يرد نص يأذن به.
فمن المتفق عليه - بصفة عامة - أنه لا يجوز للمرؤوس المفوض إليه أن يعيد تفويض السلطة المفوضية إليه إلى من هم أدنى منه في هيكل السلم الإداري، ذلك لأن الرئيس الإدارى يفوض جزءاً من سلطاته ليباشر تحت إشرافه، ويظل مسئولاً عن ممارسته، ولذا.. فمن المنطقي ألا يتولى التفويض حتى لا تتأثر قدرة الرئيس على المتابعة والإشراف والتوجيه، وحتى لا تضيع المسئولية بين عدد من الإداريين، كما أنه يلزم حتى ينجح التفويض ويحقق الغرض منه أن يراعي الرئيس - قبل إجراء التفويض - مدى كفاءة المرؤوس المفوض إليه وقدرته على أداء الواجبات واستخدام السلطات المفوضة إليه، وهذا يقتضي ألا يقوم المرؤوس بتفويض الاختصاصات المفوضية إليه إلى غيره.
وبالتالي تتحدد وتنحصر المسؤلية عند الوزير أو من يتولى إختصاصه وذلك في حالة ممارسة هذا الاختصاص بصورة تمس المصالح العليا للبلاد فمنع الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه من تفویض اختصاصهم بالموافقة على اللجوء إلى التحكيم يعتبر ضمانة مهمة لعدم إساءة استعمال السلطة نظراً لخطورة ما يترتب على التحكيم من استبعاد تطبيق القضاء الوطني واللجوء إلى هيئة التحكيم بدلا من اللجوء إلى القضاء الوطني المختص .
وفي النهاية يمكن القول إن القاعدة العامة بعد صدور القانون رقم 9 لسنة 1997 هي جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية بعد تحقق الشروط والضوابط سالفة البيان إلا أن المشرع وخروجاً عن هذه القاعدة وبعد ثورة 25 يناير 2014 أورد استثناء يتعلق بشبه جزيرة سيناء، - وما ينشأ عليها من مشروعات استثمارية أيا كان نوعها - من إمكانية التحكيم في المنازعات التي قد تثار بشأن هذه المشروعات المقامة، وكان ذلك بفضل صدور المرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2011 بشأن "التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء"، حيث نصت المادة (13) على أن: "تلتزم الجهات صاحبة الولاية على الأراضي بالمنطقة بعدم النص على شرط الالتجاء إلى التحكيم في التعاقدات المبرمة على أي جزء من المساحات المخصصة لها بالمنطقة، ولا تنفذ أحكام التحكيم في المنازعات التي تنشأ بحق التملك أو الانتفاع أو تشغيل أو ممارسة النشاط أيا كانت صورته المتعلقة بالمنطقة".
فطبقاً لأحكام هذه المادة لا يجوز لكل من الوزير أو من يتولى اختصاصه الموافقة على إدراج شرط التحكيم في منازعات العقود الإدارية المبرمة في موضوعات تتعلق بشبه جزيرة سيناء، وإذا أدرج هذا الشرط فإنه لا يمكن تنفيذ أحكام التحكيم في مثل هذه المنازعات أيا كانت صورة هذا النشاط .
ولعل هذا الاستثناء الذي أورده هذا المرسوم بقانون يعد الاستثناء الأول والأخير حتى الآن، ولعل ذلك يرجع للأهمية الاستراتيجية لشبه جزيرة سيناء وحتى لا يتخذ من إبرام مثل هذه العقود وإدراج شرط التحكيم بها مبررا للسيطرة على هذه المنطقة مطمع كل معتد.
وعلى ذلك إذا كانت القاعدة العامة هي جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية إلا أنه استثناء من ذلك لا يجوز التحكيم في منازعات العقود الإدارية المبرمة في موضوعات تتعلق بالاستثمار أيا كان نوعه في شبه جزيرة سيناء .