الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / الإتجاه الفقهي من عدم جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية :

  • الاسم

    محمود احمد عبدالسلام احمد نقي الدين
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    466
  • رقم الصفحة

    310

التفاصيل طباعة نسخ

عدم جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية :

   الاتجاه الفقهي المعارض للتحكيم في منازعات العقود الإدارية لا يجيز هذا الرأي تسوية منازعات العقود الإدارية بواسطة التحكيم إلى العديد من الأسانيد، منها ما يتعلق بسيادة الدولة أو توزيع الاختصاص بين جهتي القضاء العادي والإداري أو التشكيك في حيدة المحكمين.

وذلك على النحو التالي:

أولا: التحكيم يتعارض مع سيادة الدولة:

   يقول الراي أن التحكيم في منازعات العقود الإدارية يتعارض مع مبدأ سيادة الدولة، بما ينطوي عليه من سلب لاختصاص القضاء الوطني والذي يعد أكد مظاهر تلك السيادة.

   وذلك لأنه يستبعد قضاء الدولة عن نظر المنازعة محل التحكيم، حيث يفصل فيها محكم، طبقاً لما يتفق عليه الخصوم من قواعد، أو دون تقيده بأية  قواعد قانونية، كما هو الحال بالنسبة للتحكيم مع التفويض بالصلح.

   ووفق ما ذهب إلهيه هذا الاتجاه فإن في اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات فيه مساس التحكيم بسيادة الدولة يأخذ صورتين الاتجاه فإن في اللجوء إلى التحكيم لتسوية أولاهما سلبه لاختصاص القضاء الوطني وثانيتهما تنحية المحكم للقانون الوطني عن التطبيق على النزاع محل التحكيم.

   فالمشرع الوطني هو الذي يسمح بالتحكيم، حتى ولو كان اختيارياً، فإرادة الافراد ليست كافية بمفردها لا يجاده، حيث يقتضي الأمر ضرورة تدخل المشرع لإقرار اللجوء إليه.

   ومما يدعم مساس التحكيم بسيادة الدولة، عدم انقطاع الصلة بينه وبين القضاء الوطني، حيث يملك بموجب نصوص تشريعية سلطة التدخل في اعمال المحكمين سواء بالمساعدة أو الرقابة أو الإشراف، وهي أمور يختلف مداها من نظام إلى آخر.

   ومما يدعم وجهة النظر التي لا ترى في التحكيم مساساً بسيادة الدولة فيما يتعلق باستبعاده للقانون الوطني، أن ذلك القانون ليس مستبعداً في كل الأحوال من التطبيق في المنازعات التحكيمية، حيث يكون بوسع الدولة ممثلة في الشخص العام طرف اشتراط تطبيق القانون الوطني، إذا ما اتفق على تسوية منازعات العقد تحكمياً.

ثانيا: اللجوء إلى التحكيم يتطلب سلب الاختصاص القضائي لمجلس الدولة، وتعديل قواعد الاختصاص:

   يستند هذا الرأي للمادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة ۱۹۷۲ فيما ذهبت إليه من إعطاء الاختصاص لمحاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في منازعات العقود الإدارية حيث نصت على أن: "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية... حادي عشر: المنازعات الخاصة بعقود الالتزام أو الأشغال العامة أو التوريدات أو باي عقد إداري آخر".

   حيث قصر هذا النص تسوية منازعات العقود الإدارية على القضاء الإداري دون سواه من وسائل تسوية المنازعات الإدارية ومنها التحكيم.

   فالاختصاص بنظر منازعات العقود الإدارية يكون قاصراً على القضاء الإداري وحده وهو اختصاص متعلق بالنظام العام ولا يجوز للخصوم الاتفاق على مخالفة قواعده.

   لا يتضمن قانون مجلس الدولة الحالي نصا صريحا يحظر التحكيم فى  منازعات العقود الإدارية، بل على العكس من ذلك أباح نص المادة 58، منه اللجوء إلى التحكيم وقبول حكم المحكمين بشرط الحصول على فتوى بذلك من قسم الفتوى بالمجلس.

   المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة ١٩٧٢ قصد بها بیان حدود اختصاص القضاء الإداري وتميزه في هذا الشأن عن القضاء العادي. الأمر الذي لا يجوز معه تجاوز قصد المشرع بالقول بأن النص يعني عدم جواز لجوء الجهات الإدارية للتحكيم لتسوية المنازعات الخاصة بها ولو أراد المشرع ذلك لنص عليه صراحة.

ثالثاً: التحكيم بخالف الدستور ولفكرة النظام العام:

   يقول هذا الرأي المعارض للتحكيم في منازعات العقود الإدارية إلى مخالفة مثل هذا التحكيم للدستور بجانب تعارضه مع فكرة النظام العام.

1 - التحكيم يخالف الدستور:

يرى هذا الاتجاه أن مخالفة التحكيم في منازعات العقود الإدارية لنص المادة ١٧٢ الدستور فيما ذهبت إليه من أن (مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة يختص بالفصل في المنازعات الإدارية، وفي الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.

   ذلك لأن اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر المنازعات الإدارية هو أصل عام قصد به الخروج على وضع تشريعي سابق كان فيه اختصاص تلك المحاكم محدداً على سبيل الحصر الأمر الذي يجوز معه للمشرع الخروج على هذا الأصل - استثناء بإسناد الفصل في منازعات العقود الإدارية لهيئات التحكيم.

2 - التحكيم بتعارض مع فكرة النظام العام:

   كما يرى أنصار هذا الرأي في استنادهم إلى فكة النظام العام كأساس لرفضهم التحكيم في منازعات العقود الإدارية إلى أن القواعد المتعلقة بالاختصاص النوعي للقضاء والضابطة لتوزيعه بين جهتي القضاء العادي والإداري تتعلق بالنظام العام ومن بينها القواعد المتعلقة باختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر منازعات العقود الإدارية.

   ونحن نرى أن الإسناد إلى تعارض التحكيم مع فكرة النظام العام المسيطرة على العقود الإدارية هي الأقرب للقبول من الاسانيد الأخرى الرافضة للتحكيم في منازعات تلك العقود.

   حيث أن المحكم لن يلتزم في تحكيمه سوى بتطبيق ما يحدده له أطراف المنازعة من قواعد قانونية بغض النظر عما إذا كان هذا التطبيق، سوف يؤدي إلى تغليب الصالح العام على الصالح الفردي من عدمه.