التحكيم / الإتجاه القضائي من عدم جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر الخطأ في إجراءات التحكيم على حكم التحكيم / تطور موقف القضاء الفرنسي
وفيما يخص القضاء الفرنسي وتطور موقفه في هذا الشأن يلاحظ أن تأييده اللجوء إلى التحكيم في مجال العقود الإدارية يتضح في أحكام القضاء العادي وبعض قرارات مجلس الدولة؛ ففي الوقت الذي كان مجلس الدولة لا يجيز التحكيم في العقود الإدارية حتى التحكيم الدولي، كان لا يجيزه إلا إذا نص على ذلك صراحة اتفاق دولي أو قانون تشريعي - كما سبق تناوله - حيث ظل المبدأ التقليدي له، وهو عدم جواز لجوء أشخاص القانون العام إلى التحكيم لفض منازعات العقود الإدارية إلا إذا نص على ذلك في نص خاص، وفي الحدود التي يحددها النص.
وبما أن المنازعات الإدارية متطورة حسب متطلبات المصلحة العامة التي تسعى دوما الإدارة لتحقيقها، فإنه يلاحظ أن ثمة تطورا قد لحق قضاء مجلس الدولة الفرنسي في نظرته للتحكيم في منازعات العقود الإدارية على اعتبار أن القضاء الإداري يتسم بالقابلية للتطور المستمر. ولأنه مختص أيضا بإيجاد حلول سريعة للمنازعات الإدارية التي تنشأ عن العلاقات التي تكون الإدارة طرفا فيها خصوصا في ظل النمو السريع في التجارة الدولية.
وكذلك فقد أجاز مجلس الدولة في تقريره للقاضي الإداري وهو بصدد النظر في المنازعات الناشئة عن عقود التجارة الدولية تحديد مدى جواز اللجوء إلى التحكيم، أما فيما يتعلق بعقود الأشغال العامة وعقود التوريد التصفية النفقات الناشئة عنها فقد أبدى مجلس الدولة تأييده اللجوء إلى التحكيم في هذه العقود، وهو تكرار لموقفه المؤيد للتحكيم في هذه العقود، وفي نهاية هذا التقرير أوصى مجلس الدولة بإمكانية لجوء المجتمعات المحلية إلى التحكيم بالنسبة إلى العقود التي سمح لها القانون رقم 6 فبراير لسنة 1992 بإبرامها مع مؤسسات أجنبية.