التحكيم / الإتجاه القضائي من عدم جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في عقود الدولة ذات الطابع الدولي وسلطة الادارة في انهاء العقد بإرادة منفردة / الموقف القضائي المعارض للتحكيم في عقود الإدارة في مصر
الموقف القضائي المعارض للتحكيم في عقود الإدارة في مصر
رفضت بعض أحكام القضاء الإداري في مصر لجوء أشخاص القانون العام للتحكيم في العقود الإدارية وكذلك بعض فتاوى مجلس الدولة .
وبدا ذلك واضحا في حكمها الصادر في 20 فبراير 1990 في قضية بين الشركة المصرية المساهمة للتعمير و الإنشاءات السياحية ووزير الإسكان و المرافق و آخرین وكانت القضية تتلخص في ان عقد إمتياز بخصوص هضبة المقطم قد ابرم بين الشركة و الوزارة و كان ينص في بنده الخامس علي ان أي خلاف بين الطرفين علي تفسير أو تنفيذ الاتفاقات بينهما وشروط التنازل يفصل فيه عن طريق التحكيم وكان العقد قد حدد تشكيل هيئة التحكيم من ثلاثة محكمين .
محكم يختاره كل طرف ، ومحكم ثالث يختاره المحكمان الآخران ، ونص علي ان تكون أحكام هيئة التحكيم قابلة للطعن فيها إمام المحاكم المصرية بالطرق التي رسمها القانون . ولما حدث خلاف بين الشركة و الوزارة ، طالبت الشركة بإحالة الخلاف الي هيئة التحكيم المنصوص عليها في العقد و اختارت محكم من طرفها كما ينص العقد ، و لكن الوزارة امتنعت عن اختيار محكمها و عن إحالة الخلاف الي هيئة التحكيم المتفق عليه .
فرفعت الشركة دعوي إلي محكمة القضاء الإداري مطالبة الحكم بإلزام وزير الإسكان بصفته بتعيين محكم عن الوزارة في هيئة التحكيم المنصوص عليها في العقد ، وقضت لها بالفعل محكمة القضاء الإداري بما طلبت ، فطعنت الوزارة في الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ، التي حكمت بإلغاء الحكم ، بناء علي أن قانون مجلس الدولة نص على ان يفصل مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيره في المنازعات الخاصـة بـعقـود الالتزام و الأشغال العامة و التوريد أو بأي عقد إداري آخر و اعتبار ان التحكيم في هذه العقود يسلب اختصاص مجلس الدولة القضائي .
كما أن بعض فتـاري مجلس الدولة سارت علـي نـفـس الـدرب مـن ذلـك فـتـوى الجمعيـة العمومية لقسم الفتوى و التشريع الصادرة في 18 ديسمبر 1996 و كانت تتعلق بمشروع عقد مزمع إبرامه بين المجلس الأعلى للآثار و شركة جلتسير لفر نايت البريطانية القيام بالأعمال التكميلية لأعمال إعداد الموقع الخارجي لمتحف آثار النوبة بأسوان .
وكذلك مشروع عقد استكمال بعض الأعمال الخاصة بالمتحف ذاته ، و عند مراجعة اللجنة الثانية بقسم الفتوى بمجلس الدولة لمراجعه بنودها و إبداء الرأي فيها كما ينص القانون في 30 أكتوبر 1996 .
وجدت اللجنة ان هناك بنـد فـي كـل عقد ينص علي اللجوء الـي مـركـز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي لفض أي منازعات قد ينشأ عن العقد ورأت اللجنة ضرورة حذف مثل هذا البند اتساقا مع إتجاه القضاء الإداري الذي قضي بعدم جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية وكان هذا الرأي لا يتسق مع ما ارتأته الجمعية العمومية لقسم الفتوى و التشريع في فتاوى سابقة لها.
رأت اللجنـة انـه مـن الأنسب عرض الموضوع علي الجمعية العمومية لقسم الفتوى و التشريع لإصدار فتوى في هذا الموضوع .
و بالفعل أصدرت الجمعية العمومية فتواها بعدم جواز اللجوء للتحكيم في العقود الإدارية وتنافي طبيعة العقد الإداري مع اتفاق التحكيم ، علي خلاف العقود المدنية التي تتواءم طبيعتها مع مثل هذا الاتفاق .
وضرورة توافر تفويض الإدارة وقف مسوغ تشريعي يجيز لها إجراء مثل هذه التصرفات