التحكيم / الرأي القائل بعدم جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / التطور التشريعي لمبدأ عدم جواز اللجوء إلى التحكيم
بيد أن هذا القانون اشترط لتطبيقه شروطاً صارمة تتجاوز في صرامتها أهمية التحكيم المسموح به - على حد قول الأستاذ الدكتور جابر جاد نصار - وهذه الشروط هي أن يتم اللجوء إلى التحكيم من خلال مشارطة تحكيم أي أن يتم اللجوء إلى التحكيم بعد نشوء النزاع وهو ما يتفق مع ما ذهب إليه المشرع الفرنسي من نطاق تطبيق هذا القانون بحصره في المنازعات التي تتصل بتصفية نفقات الأشغال العامة والتوريدات التي تبرمها الدولة والمديريات والمحليات فقط، كما اشترط القانون موافقة مجلس الوزراء بمرسوم يوقع عليه وزير المالية والوزير المختص، الأمر الذي جعل المشرع يصدر مرسوم 25 يوليو 1960 ليوسع بصدوره نطاق تطبيق قانون 17 إبريل 1906 ليسمح بالتحكيم في عقود الأشغال العامة والتوريد التي تبرمها المديريات والبلديات ونقابات البلديات والنقابات المشتركة والمراكز الحضرية وقطاعات البلديات والمؤسسات العامة الإقليمية والبلدية . وهو ما يتماشى أيضا مع سياسة المشرع الفرنسي آنذاك في الحد من نطاق تطبيق قاعدة بطلان التحكيم في العقود الإدارية والتي شيدها مجلس الدولة الفرنسي
2- قانون 9 يوليو 1975
في ظل عدم ذكر المؤسسات العامة في نص المادتين 83 ، 1004من قانون الإجراءات المدنية القديم ضمن الأشخاص المعنوية العامة التي يحظر عليهم اللجوء إلى التحكيم وفي ظل الإلحاح الشديد لإصدار تشريع يضمن لتلك المؤسسات إبرام اتفاق تحكيم بصدد العقود التي تبرمها، أصدر المشرع الفرنسي قانون 9 يوليو لسنة 1975.
3- القانون رقم 500 الصادر في 12 مايو 1981.
يعد هذا القانون من القوانين الصادرة من المشرع الفرنسي والتي يستشف منها عن نيته في التخفيف من حظر التحكيم في حدود معينة، حيث منح محكمة التحكيم ولاية الفصل في النزاع قبل محاكم الدولة، وأن اتفاق التحكيم يكون وحدة المعيار الذي يتم من خلاله منح هذه الولاية، وإلا يتم إعادة النزاع إلى صاحب الاختصاص الأصيل وهو قضاء الدولة. -
وقد نص هذا القانون في المادة 1458 من تقنين الإجراءات المدنية الجديد أنه: "عندما تفصل محكمة التحكيم في نزاع قد ثار بين أطراف التحكيم، وعرض - فيما بعد على قضاء الدولة، فإنه يتعين عليه أن يحكم بعدم الاختصاص، بل إنه إذا لم تكن محكمة التحكيم قد فصلت بعد في النزاع فإنه يجب أيضا على هذا القضاء أن يحكم بعدم الاختصاص ما لم يكن اتفاق التحكيم بشكل قاطع باطلا".
4- قانون 15 يوليو 1982بشأن تنظيم البحث العلمي.
من القوانين التي أصدرها المشرع الفرنسي وأجاز من خلالها للدولة أو أحد أشخاص القانون العام اللجوء إلى التحكيم قانون تنظيم البحث العلمي والذي سمح للمؤسسات العامة العلمية اللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات التي تحدث عند تنفيذ عقود الأبحاث العلمية والتي أبرمت عقودها مع الهيئات والمؤسسات الأجنبية .
5-قانون 30 ديسمبر 1982 بشأن الشركة الوطنية للسكك الحديدية
ويلاحظ في هذا الشأن مدى التطور الذي لحق بمرفق السكك الحديدية الفرنسية نظرا لأهمية هذا المرفق الحيوي باعتباره الدعامة الأساسية لمنظومة النقل بكافة أشكالها الأخرى. ومن ثم اهتمت فرنسا بتطوير هذا المرفق الحيوي الهام ضمن خطة شاملة للنهوض بخدماته، حيث تم تمويل الاستثمارات اللازمة لتحديثه والارتقاء بمستواه، ورفع كفاءة الأداء، لتحقيق خدمة نقل متميزة سواء للمواطنين أم رفع معدلات الإنجاز في نقل البضائع، مما يشكل قوة دفع كبيرة في جذب الاستثمارات وتنشيط المشروعات الاقتصادية الحيوية، ودفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وأكبر دليل على ذلك أنه قد صدرت عدة قوانين أخرى تنظم تلك المسألة مثل القانون الصادر في 12/3/ 1983وأيضا قانون رقم 135والصادر بتاريخ 13 فبراير 1997، حيث أجازت المادة الثالثة لشبكة السكة الحديد بفرنسا اللجوء إلى نص القانون المذكور والسماح للشركة الوطنية للسكك الحديدية باللجوء إلى التحكيم لتسوية المنازعات التي تنشأ عند تنفيذ العقود التي تقوم بإبرامها مع الأطراف الأخرى الغرض العمل .
6- قانون 19 أغسطس 1986
وتطبيقا لهذا القانون والذي أصبح بمثابة حل جذري لنزاع قائم بين الحكومة الفرنسية وإحدى الشركات الأمريكية العالمية (شركة ديزني لاند) عندما تعاقدت فرنسا مع هذه الشركة لغرض إنشاء مدينة الألعاب بالقرب من باريس في فرنسا، وكان العقد يتضمن نصا يسمح باللجوء إلى التحكيم على أي نزاع ينشأ بين الطرفين، وعندما نشأ نزاع عرضته الشركة على هيئة التحكيم المتفق عليه في العقد فدفعت الحكومة الفرنسية بعدم جواز لجوء أشخاص القانون العام في فرنسا إلى التحكيم إلا بناء على نص خاص وصريح يسمح له بذلك، ولا يوجد نص في الموضوع المطروح مما يبطل شرط اللجوء إلى التحكيم في العقد.
بيد أنه توجد ملاحظة على هذه المادة الأولى وهي أنها قد أجازت اللجوء إلى التحكيم من قبل الدولة ووحدات الإدارة المحلية والمؤسسات العامة بشأن تلك العقود التي تعقدها مع شركة أجنبية والتي يكون موضوعها عمليات اقتصادية ذات مصلحة عامة أو تنفيذ مشروع ذي نفع عام على أن يتم صدور مرسوم من مجلس الوزراء بالموافقة على التحكيم في كل نزاع يحدث عن تنفيذ العقد.
7- قانون ۲ يوليو ۱۹۹۰ بشأن هيئة البريد والاتصالات الفرنسية
أجاز هذا القانون في مادته الثامنة والعشرين لهيئة البريد والاتصالات الفرنسية اللجوء إلى التحكيم في تسوية المنازعات التي قد تنشأ عن العقود التي تبرمها الهيئة مع الغير، وقد رأى البعض أن تلك المادة كانت كافية أصلا بإجازة التحكيم لهذه المؤسسة، حيث كانت تنص على خضوع العلاقة بين مؤسسة البريد والاتصالات مع المتعاملين معها والغير تخضع لأحكام وقواعد الشريعة العامة، ويكون القضاء العادي هو صاحب الاختصاص بنظرها إلا إذا كانت منازعات بطبيعتها من اختصاص القضاء الإداري.
وهكذا فقد اختص المشرع مرفق البريد والاتصالات باللجوء إلى التحكيم صراحة تحسبا من إلغاء هذا الأمر من خلال القضاء الإداري بسبب عدائه وتشدده نحو إمكانية اللجوء إلى التحكيم من قبل الأشخاص المعنوية العامة.
8- قانون ۱۲ يوليو ۱۹۹۹ بشأن المؤسسات العلمية والثقافية.
أجازت المادة الثانية من القانون رقم 587 لسنة 1999 الصادر في 12 يوليو للمؤسسات العلمية والثقافية التي تساهم في مرفق التعليم العالي في اللجوء إلى التحكيم بشأن تلك العقود التي تبرمها مع نظيراتها من المؤسسات العلمية والثقافية الأجنبية الأخرى.