الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / اللجوء للتحكيم الإداري في العقود الإدارية في القانون / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية /  اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية في ظل قانون التحكيم الأردني الحالي رقم 31 لسنة 2001

  • الاسم

    عبدالرزاق هاني عبدالرزاق المحتسب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    591
  • رقم الصفحة

    186

التفاصيل طباعة نسخ

 اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية في ظل قانون التحكيم الأردني الحالي رقم 31 لسنة 2001

     ونص المشرع الأردني في المادة الثالثة من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 على أن "تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم اتفاقي يجری في المملكة ويتعلق بنزاع مدني او تجاري بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع عقدية كانت أو غير عقديه".

    إلا أن المشرع الأردني عاد وقد اللجوء الى التحكيم بموجب نص المادة التاسعة من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 والتي تنص على أنه "لا يجوز الأتفاق على التحكيم إلا للشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يملك التصرف في حقوقه، ولا يجوز التحكيم في المسائل التي لا يجوز فيها الصلح"، حيث يتضح من النص أن اللجوء الى التحكيم لا يجوز الا للأشخاص الطبيعين أو الاعتبارين الذين يملكون التصرف في الحقوق، وهذا الأمر بطبيعة الحال - متحقق في الأشخاص العامة الاعتبارية حيث منح القانون الاردني الأشخاص الاعتبارية العامة الأهلية اللازمة لإجراء أي تصرف قانوني طبقاً للحدود الوارده بالقانون، كما أن لها ذمة مالية مستقلة كما ان لها الحق بالتقاضي ومنها قدرة الاشخاص العامة على الدخول طرفا في التحكيم في علاقاتها العقدية وغير العقدية.

كما أن المواد 88 و 193 من القانون المدني الأردني بينت حدود التصرف للدولة، حيث بينت الأمور التي يجوز التعاقد عليها، وتلك التي لا يجوز الصلح فيها سواء أكان المشرع يمنع التعامل بها أو تخالف النظام العام، وما دون ذلك فأن لها حرية التعاقد والدخول في اتفاقيات التحكمي حتى لو اتخذت صورة عقد إداري، وعليه فأن قانون التحكيم الحالي يتسع ليشمل في أحكامة كل العلاقات العقدية وغير العقدية التي تدخل الدولة طرفا فيها، وتتفق فيها على حل المنازعات بطريق التحكيم.

   وتجدر الاشارة هنا أن المشرع الإردني عندما أجاز لجوء الدولة وأشخاص القانون العام الى التحكيم حسب نص المادة الثالثة من قانون التحكيم الأدرني، لم يميز بين العقود التي تعقدها الدولة بصفتها المدنية وتنطبق عليها أحكام القانون الخاص وبين العقود التي تعقدها بصفتها الإدارية وتنطبق عليها أحكام القانون العام، متجاهلا الخلاف الذي أحدثته المادة الأولى من قانون التحكيم المصري رقم ۲۷ لسنة 1994 قبل تعديلها.

   وبالنظر إلى الأحكام القضائية الصادرة عن القضاء الأردني، لا نجد اي حكم صريح يبين مشروعية اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية بالرغم من أن محكمة التمييز الاردنية نظرت عددا من القضايا لها أرتباط مباشر بالتحكيم بقضايا تكون الإدارة أحد اطرافها، ألا انها لم تتطرق بشكل مباشر الى مشروعية اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وهذا الأمر يدفعنا إلى القول بتشكل قناعة لدى محكمة التمييز بجواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية، حيث لو أن هذا الأمر محل خلاف لأثارته المحكمة من تلقاء نفسها في أحكامها المختلفة، أو بينت قبل البحث في موضوع النزاع مدى إمكانية لجوء الأشخاص الاعتبارية العامة إلى التحكيم من حيث المبدأ.

   إلا أن محكمة استئناف عند نظرها لاتفاقية تحكيم مبرمة بين وزارة التربية والتعليم وشركة أشغور انترناشونال في 2001/11/24 في إطار عقد التطوير أجهزة إلكترونية للوزارة من قبل الشركة اختلف الطرفان حول شروط تنفيذ العقد وقررا حل هذا الخلاف باللجوء إلى التحكيم كما هو منصوص عليه بالعقد. وبعد أن تمت إجراءات التحكيم قررت وزارة التربية والتعليم الطعن بقرار التحكيم لدى محكمة الاستئناف، وقد قضت المحكمة برد الاستئناف شكلا حيث جاء في حيثيات حكمها: "وحيث أن المحكمين لم يرفعوا يدهم عن رؤية دعوی التحكيم، وإن إجراءات التحكيم لم تنته، وأن أحكام التحكيم لا تقبل الطعن وفقا لأحكام المادة 48 من قانون التحكيم رقم 31 لسنة 2001، وأن حق كل طرف من طرفي التحكيم ينحصر بإقامة دعوى البطلان بعد انتهاء إجراءات التحكيم، وصدور الحكم المنهي للخصومة كلها... مما يعني أن طلب فسخ قرار هيئة التحكيم موضوع هذا الاستئناف مستوجب الرد شكلا"، لجوء الإدارة (الوزارة إلى التحكيم هو طريق مشروع، لأنه لو كانت هذه المشروعية غير متوفرة لقضت المحكمة بعدم مشروعية سلوك الإدارة، وهذا يؤكد أن منازعات العقود الإدارية تدخل في إطار التحكيم.

   وحتى بعد تشكيل المحكمة الدستورية بموجب قانون المحكمة الدستورية الأردني الجديد رقم 15 لسنة 2012 ، أحيل إليها طعن من محكمة التمييز الأردنية بعدم دستورية المادة الثالثة من قانون التحكيم الأدرني رقم 31 لسنة 2001 لتعارضه مع المادة التاسعة من نفس القانون، والتي لا تجيز التحكيم إلا للشخص الذي يملك التصرف في حقوقه، حيث أقتصر رد المحكمة على إمكانية الأشخاص الاعتبارية العامة في إتيان التصرفات القانونية، ورأت أن إبرام تلاى الأشخاص لاتفاق التحكيم لا يندرج ضمن التصرفات التي يمنع التصرف بها وأستندت المحكمة لنص المادة الثالثة من قانون التحكيم والتي اجازت بصورة لا تدع مجالا للشك بأن أشخاص القانون العام لهم الحق في الدخول طرفا في اتفاقيات التحكيم)، وبما أن المحكمة لم تبحث في طبيعة العلاقات العقدية التي يمكنها اللجوء الى التحكيم فأنها تتفق مع نص المادة . الثالثة من حيث قابلية جميع العلاقات العقدية التي تنشأها الأشخاص الاعتبارية العامة للتحكيم، ونتمنى على المحكمة الدستورية حسم مدى مشروعية اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية بشكل ينهي الجدل القائم حوله.

   ومما يؤكد قناعتنا بصحة الرأي القائل بمشروعية اللجوء الى التحكيم في العقود الإدارية، أن المشرع الأردني لم يجعل النظر في منازعات العقود الإدارية من أختصاص المحكمة الإدارية والتي وردت أختصاصاتها على سبيل الحصر في المادة الخامسة من قانون القضاء الإداري الأردني رقم 27 لسنة 2014، فهذا الأمر جعل أسلوب التحكيم في منازعات العقود الإدارية أمرا مقبولا لعدم وجود محكمة لها اختصاص حصري في نظر المنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية.

   ونظرا لأهمية التحكيم في حسم المنازعات ورغبة المتعاقدين في اللجوء إليه لحسم المنازعات وخصوصا في العقود الدولية، وتلبيه لمتطلبات الاستثمار وتعزيز الاقتصاد الوطني، عاد المشرع الأردني وعدل المادة الثالثة من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 بموجب القانون المعدل رقم 16 لسنة 2018 حيث أصبح نص المادة بعد التعديل " أ. مع مراعاة احكام الاتفاقيات الدولية النافذة في المملكة تسري أحكام هذا القانون على كل تحكيم اتفاقي، يكون مقره في المملكة وعلى كل تحكيم يتم الاتفاق على اخضاعه لهذا القانون، سواء تعلق بنزاع مدني أو تجاري بين أطراف أشخاص القانون العام أو القانون الخاص وأيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع، عقدية او غير عقدية.

   حيث يلاحظ أن المشرع الإردني وسع من نطاق تطبيق القانون موضوعية، وأولى اهتمام كبير للاتفاقيات الدولية وأحال إليها في تفسير أحكام القانون، وهذا ما سنشير إليه لاحقا في هذه الدراسة.

    وبناء على ما سبق يمكننا القول بأن المشرع الأردني وحسب نص المادة الثالثة من قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 أجاز اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية، كما أن المشرع الأردني أجاز التحكيم في نصوص تشريعية أخرى غير قانون التحكيم ومنها نص المادة 17/ب من قانون استقلال القضاء الأردني حيث نصت على "يجوز للقاضي أن يعين محكمة بموافقة مجلس الوزراء بناء على تنسيب المجلس إذا كانت الحكومة أو إحدى المؤسسات العامة طرفا في النزاع المراد فصله بطريق التحكيم أو كان النزاع ذا صفة دولية ويعود للمجلس الحق بتقدیر بدل أتعاب القاضي المحكم". وكذلك نص المادة 33 من قانون تشجيع الاستثمار الأردني رقم 16 لسنة 1995 حيث نصت " سوى نزاعات الاستثمار بين المستثمر لرأس مال أجنبي والمؤسسات الحكومية الأردنية ودية بين طرفي النزاع، وإذا لم تتم تسوية النزاع من خلال ذلك خلال مدة لا تزيد على ستة أشهر فلأي من الطرفين اللجوء الى القضاء أو إحالة النزاع إلى المركز الدولي لتسوية نزاعات الاستثمار لتسويه النزاع بالتوفيق أو بالتحكيم وفق أتفاق تسوية نزاعات الاستثمار بين الدول ومواطني دول أخرى المواقعة من المملكة".