الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / اللجوء للتحكيم الإداري في العقود الإدارية في القانون / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية / اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية في ظل قانون التحكيم الأردني رقم 18 لسنة 1953 

  • الاسم

    عبدالرزاق هاني عبدالرزاق المحتسب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    591
  • رقم الصفحة

    182

التفاصيل طباعة نسخ

اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية في ظل قانون التحكيم الأردني رقم 18 لسنة 1953 

   كما ذكرنا آنفا، فأن قانون التحكيم الأردنی رقم 18 لسنة 1953 أستمد أفكاره ونصوصه من القوانين المعمول بها خلال فترة الانتداب البريطاني، إلا ان ما يهمنا في هذه الدراسة خلو القانون من النصوص القانونية التي تشير إلى سريان أحكامه على منازعات العقود الإدارية، مما دفع جانب من الفقه الأردني إلى اعتبار أن المشرع قد أجاز اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية، معتبراً أن المشرع الأردني قد أجاز ذلك ضمناً استناداً إلى عدم وجود اي نص قانوني يمنع اللجوء الى التحكيم في المنازعات الإدارية ضمن أحكام القانون، لأن الأصل في الأشياء الاباحة مالم يرد نص بخلاف ذلك.

   موقف المشرع الأردني السابق جعل المؤسسات الرسمية العامة والأجهزة الحكومية لا تمانع باضافة شرط التحكيم في عقودها الإدارية، بحيث تتمكن الأطراف المتعاقدة من اللجوء الى التحكيم كوسيلة بديلة للقضاء في المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية، ويعكس الواقع العملي صورة واضحة من اللجوء الأشخاص العامة للتحكيم لفض المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية خصوصا عقود الامتياز التي احتوت اتفاقياتها على نصوص صريحة للجوء الى التحكيم لفض المنازعات الناشئة عنها، فمثلا أجازت اتفاقية امتياز كهرباء عمان في المادة 38 منها صراحة اللجوء الى التحكيم في حال وقوع خلاف بين الفريقين بشأن تفسير أو تطبيق نصوص الأتفاقية.

   أضف إلى ذلك أن المشرع الأردني أعتبر الحكومة الأردنية مشمولة في سريان أحكام قانون التحكيم رقم 18 لسنة 1953 على اي تحكيم تكون الحكومة أحد أطرافه حيث جاء من المادة 20 من القانون "يسري هذا القانون على كل تحكيم تكون فيه حكومة المملكة الأردنية الهاشمية أحد الفريقين ولكن ليس فيه ما يؤثر في الأحكام القانونية المتعلقة بدفع الرسوم والمصاريف من قبل الحكومة"، ويلاحظ على هذا النص أنه جاء عاماً على كل تحكيم يكون أحد أطرافه الحكومة الأردنية دون تحديد الطبيعة تلك العلاقة أكانت عقدية أو غير عقدية، مما يعنى شمول المادة 20 للمنازعات الإدارية الناشئة عن العقود الإدارية.

   ويتضح لنا من خلال نصوص القانون والتطبيقات العملية قبول اللجوء إلى التحكيم في المنازعات الإدارية، حتى وإن لم يرد النص صراحة على ذلك الا ان واقع الحال وإدراج شرط التحكيم في اتفاقيات الامتياز وعدم اعتراض آیا من الاشخاص المعنوية على وضع شرط التحكيم يعتبر بمثابة الموافقة الضمنية مما يعني انه يجواز اللجوء للتحكيم لفض المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية، حتى أن التطبيقات القضائية لمحكمة التمييز الأردنية لم تتطرق في أحكامها إلى مشرعية اللجوء إلى التحكيم من عدمه، وإنما اقتصرت أحكامها على تأييد الحكم التحكيمي او قبول الطعن المقدم فيه، وهذا الأمر يقودنا إلى القول لو أن محكمة التمميز الاردنية ترى عدم جواز اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية لأثارتها في أحكامها القضائية وأبطلت الحكم التحكيمي على اعتبار ان التحكيم في العقود الإدارية غير جائز، وهذا يقودنا إلى القول - بأن المحكمة التمييز تعترف بمشروعية اللجوء الى التحكيم في العقود الإدارية.

   حيث قررت محكمة التمييز الأردنية في أحد أحكامها انه" إذا وافق المدعي بتوقيعه للعقد المبرم بينه وبين وزير المواصلات على أن يكون وزير المواصلات هو الحكم في الخلاف الذي ينشأ حول التعهد، فأن سعى المدعي في نقض هذا الاتفاق هو سعي في نقض ما تم من جهته فسعيه مردود عليه، ذلك لأن اتفاق الطرفين هو قانونهم ولان مثل هذا الاتفاق ليس ممنوعا في القوانين والأنظمة وغير مخالف للنظام العام".

   كما قررت المحكمة في حكم آخر بأن " انسحاب المحامي من الدعوى التي أقامها بالوكالة عن المجلس البلدي ثم عودته للمرافعة في تلك الدعوى بوكالة جديدة لا يمنعه من طلب إحالة النزاع على التحكيم، وان ورد بوكالته الجديدة عبارة (متابعة المرافعة)، وذلك أن هذه العبارات وردت لتخويل الوكيل اتخاذ الاجراءات التي تلزم لتنفيذ الوكالة، وعليه فيكون قرار محكمة الموضوع القاضي بفسخ حكم المحكمين بداعي أن المحامي الوكيل غير مخول بطلب إحالة النزاع للتحكيم مخالفة للقانون.

   وبناء على ما تقدم يمكننا القول بمشروعية التحكيم في المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية في ظل قانون التحكيم الأردني الملغي رقم 18 لسنة 1953 بالرغم من عدم وجود نص قانوني يجيز ذلك صراحة، إلا أننا نجد ذلك متحققاً ضمناً بناء على نص القانون وعلى أحكام محكمة التمييز الأردنية وعلى الواقع العملي الذي تضمنته بعض العقود الإدارية.