الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / اللجوء للتحكيم الإداري في العقود الإدارية في القانون / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / شروط التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي

  • الاسم

    محمود احمد عبدالسلام احمد نقي الدين
  • تاريخ النشر

    2019-01-01
  • اسم دار النشر

    جامعة عين شمس
  • عدد الصفحات

    466
  • رقم الصفحة

    266

التفاصيل طباعة نسخ

شروط التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي:

    اختلفت الدول من حيث موقفها من اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية بين مؤيد ومعارض فمثلاً في فرنسا المبدأ العام هو حظر لجوء الأشخاص العامة إلى التحكيم ولكن هذا المبدأ يرد عليه عدة استثناءات تتعلق بوجود نص قانون أو اتفاق دولي يجيز لجوء الاشخاص المعنوية العامة إلى التحكيم كوسيلة لفض المنازعات الناشئة عن العقود الإدارية.

   وفي مصر مر التحكيم في العقود الإدارية بمراحل ثلاث، حيث لم يتضمن نص يجيز التحكيم في نظام المرافعات المدنية الصادر سنة 1968 أو يمنع التحكيم في العقود الإدارية بل جاء النص عاما في جواز التحكيم جميع العقود سواء أكانت مدنية أو إدارية. في

  ثم صدر القانون رقم 9 لسنة ١٩٩٧ حيث نص على جواز التحكيم في منازعات العقود الإدارية وذلك بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه من الأشخاص الاعتبارية العامة ولا يجوز التفويض في ذلك.

  وقبل أن نتعرض لشروط التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.

   نعرض المراحل التي مر التحكيم في العقود الإدارية في المملكة العربية السعودية:

المرحلة الثانية: بعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم (58) في تاريخ 1/17/1383هـ الموافق 1963/6/9م:

   أصدر مجلس الوزراء قراره رقم (58) في تاريخ 1383/1/17هـ الموافق 1963/6/9م والمتضمن أنه: (لا يجوز لأي جهة حكومية أن تقبل التحكيم كوسيلة لفض المنازعات التي تنشب بينها وبين اي فرد أو شركة أو هيئة خاصة ويستثنى من ذلك الحالات الاستثنائية التي تمنح فيها الدولة امتيازاً هاماً وتظهر لها مصلحة قصوى في منح الامتياز متضمناً شرط التحكيم) ويمكن من خلال النظر في نص القرار السابق، يمكن استنتاج ما يلي:

1- يعتبر هذا القرار أول تنظيم للتحكيم في العقود الإدارية في المملكة العربية السعودية.

   ومن الحالات الاستثنائية لهذا القرار، قرار مجلس الوزراء رقم 1007 وتاريخ ١٣٨٨/٧/7هـ الموافق ١٩٦٨/٩/٢٩م والمتضمن قبول التحكيم في العقد المبرم بين أمانة الرياض وشركة أنكاس لتطوير مدينة الرياض على أن يعود الأمر إلى ديوان المظالم للبث النزاع عند اختلاف المندوبين في الوصول إلى تسوية بين الطرفين.

   بصدور هذا النظام انتهى العمل بقرار مجلس الوزراء رقم 58 في تاریخ 1383/1/17هـ 1963/6/9م وبدأت مرحلة جديدة لتنظيم التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي، حيث نصت المادة الثالثة من هذا النظام على أنه: (لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض المنازعات مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ويجوز بقرار من مجلس الوزراء تعديل هذا الحكم).

  وبالنظر إلى هذه المادة يمكن استنتاج ما يلي:

 1- جواز التحكيم في العقود الإدارية كمبدأ عام بعد أن كان محظوراً إلا بالنسبة للمنازعات المتعلقة بعقود الامتياز المتضمنة مصالح حيوية للدولة.

2- جواز التحكيم في العقود الإدارية الداخلية والدولية لعدم النص على ما يمنع ذلك.

3- يشترط لجواز التحكيم في العقود الإدارية، الحصول على إذن مسبق من رئيس مجلس الوزراء حيث لم يكن منصوصاً عليه في قرار مجلس الوزراء رقم (58) وتاريخ 1383/1/17هـ الموافق 1963/6/9م وإنما كان تبعاً لأن الدولة هي وحدها التي لها الحق في تحديد مصالحها الحيوية.

4 -يجوز أن يكون التحكيم في العقود الإدارية داخل أو خارج المملكة لعدم النص على ما يمنع ذلك.

   وبذلك يكون نظام التحكيم السعودي الجديد قد واكب التطور الذي حصل في التحكيم في العقود الإدارية في معظم الدول ، وأخذ طريقاً وسطاً بين المانعين له بالكلية والمجيزين له بالكلية، حيث استفاد من مميزات وفوائد التحكيم وقيده بضوابط وشروط لتحقيق المصلحة العامة، وفرض عليه رقابة رفيعة المستوى للتأكد من عدم مخالفته للنظام العام.

   وسنتعرض الآن لشرط الموافقة الأولية على التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي.

    وهذا الشرط جاء النص عليه في نظام التحكيم السعودي في المادة الثالثة التي نصت على أنه: (لا يجوز للجهات الحكومية اللجوء للتحكيم لفض منازعاتها مع الآخرين إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء، ويجوز بقرار من مجلس الوزراء تعديل هذا الحكم).

   كما نصت المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم السعودي على أنه: (في المنازعات التي تكون جهة حكومية طرفاً فيها مع آخرين ورأت اللجوء إلى التحكيم، يجب على هذه الجهة إعداد مذكرة بشأن التحكيم في هذا النزاع مبيناً فيها موضوعه ومبررات التحكيم واسماء الخصوم، لرفضها لرئيس مجلس الوزراء للنظر في الموافقة على التحكيم، ويجوز بقرار مسبق من رئيس مجلس الوزراء أن يرخص لهيئة حكومية في عقد معين بإنهاء المنازعات الناشئة عنه عن طريق التحكيم، وفي جميع الحالات يتم إخطار مجلس الوزراء بالأحكام التي تصدر فيها).

وسنتناول هذا الشرط بشيء من التفصيل:

أولاً: مفهوم شرط الموافقة الأولية على التحكيم في العقود الإدارية في النظام السعودي:

   يقصد بالموافقة الأولية إلزام الدولة الجهة الإدارية والمتعاقد معها عل أخذ افقة رئيس مجلس الوزراء على التحكيم في العقود الإدارية.

   وبذلك يكون لجوء الجهات الحكومية للتحكيم موقفاً على موافقة رئيس مجلس الوزراء ولم تستثنى المادة الثالثة اي نوع من أنواع المنازعات الإدارية، وسواء كان الطرف الآخر فرداً أو شركة أو مؤسسة خاصة سعودياً أو أجنبياً، وسواء كان التحكيم في داخل أو خارج المملكة.

   وقد قصر النظام موافقة اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية على رئيس مجلس الوزراء فقط دون بقية أعضاء المجلس، وبالتالي فإن له السلطة التقديرية في الموافقة من عدمها.

   كما يفهم من نص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم في المملكة أن لرئيس مجلس الوزراء استثناء بعض العقود من أخذ الموافقة الأولية وذلك بقرار مسبق للجهة الإدارية بالترخيص لها بإنهاء النزاع الناشئ عن العقد عن طريق التحكيم.

   ولقد استثنى النظام السعودي في أنظمة صدرت حديثاً شرط الموافقة الأولية على التحكيم، فأعطى للجهة الإدارية الحق باللجوء إلى التحكيم في منازعات العقد الإداري مباشرة دون أخذها الموافقة من رئيس مجلس الوزراء.

  فنظام الاستثمار التعديني الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/47 وتاريخ 2004/10/4م نص في المادة الثامنة والخمسين على أنه: (يجوز الاتفاق على تسوية أي نزاع أو خلاف ينشا بين مرخص له والوزارة عن طريق التحكيم وفقاً لأحكام نظام التحكيم في المملكة العربية السعودية، ولأغراض هذا النظام يعد ديوان المظالم هو الجهة المختصة أصلاً لنظر النزاع).

   و المقصود بالمرخص له كما جاء في المادة الأولى من النظام أنه: (الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يمنح حقوقاً معينة بموجب هذا النظام).

    وهذه الحقوق هي التي يمنح من خلالها المرخص له رخصة لاستطلاع أو كشف أو جمع مواد أو استغلال مواد معدنية، وبالتالي تكون العلاقة بين المرخص له والدولة علاقة عقدية وتدخل هذه الرخصة ضمن عقود الامتياز الإدارية.

   كذلك جاء الاستثناء من شرط الموافقة الأولية للتحكيم في نظام الكهرباء الصادر بالمرسوم م/56 وتاريخ 2005/11/22م الذي نص في المادة الثنية عشرة الفقرة الثامنة على أنه: (يجوز الاتفاق على تسوية أي نزاع أو خلاف ينشأ بين اي مرخص له والهيئة عن طريق التحكيم وفقاً لأحكام نظام التحكيم)، وجاء في المادة الأولى تعريف المرخص له أنه: (كل شخص يحمل رخصة سارية المفعول صادرة من الهيئة تصرح له القيام بأي نشاط كهربائي) وعرفت الهيئة بأنها: (هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج) وعرفت الرخصة بأنها: (إذن تمنحه الهيئة للقيام بنشاط كهربائي بموجب هذا النظام ولوائحه التنفيذية وتنظيم الهيئة).

   كما نلاحظ أن نص المادة الثالثة لم يفرق بين العقود الإدارية الداخلية والدولية من حيث أخذ الموافقة الأولية، حيث قصرتها على رئيس مجلس الوزراء.

   ونرى أنه من الضروري التفريق بين العقود الإدارية الداخلية والدولية من حيث أخذ الموافقة الأولية حتى يمكن الاستفادة من مميزات التحكيم، ومن ثم أخذ الموافقة على التحكيم في العقود الإدارية الداخلية من الوزير المختص أو من يقوم مقامه وقصر أخذ الموافقة من رئيس مجلس الوزراء أو مجلس الوزراء على التحكيم في العقود الإدارية الدولية، وذلك لكثرة العقود الإدارية الداخلية وقلة العقود الإدارية الدولية من وجه ولوجود العنصر الأجنبي من وجه آخر مما يتطلب معه رقابة السلطة التشريعية في الدولة على العملية التحكيمية.

ثانياً: الآثار المترتبة على عدم أخذ الموافقة الأولية على التحكيم في العقود الإدارية:

   إذا أدرجت الجهة الإدارية شرط التحكيم في العقد الإداري أو لجأت إلى التحكيم دون مراعاة الموافقة الأولية فلا يخلو الأمر من حالتين:

 الحالة الأولى: رفض الجهة الإدارية أخذ الموافقة الأولية من الجهة المختصة بالموافقة:

   الرأي الأول: أن عدم أخذ الجهة الإدارية الموافقة الأولية خطأ مرفقياً من جانبها ويترتب عليه تحمل الجهة الإدارية المسئولية عن الخطأ الذي ارتكبه ممثلي الإدارة لصالح المتعاقد معها، ويلزمها التعويض عن الضرر الذي أصاب المتعاقد معها، ولا يرقى إلى إبطال عقد التحكيم.

   الرأي الثاني: أن عملية التحكيم تكون باطل ولا يصح السير فيها، لأن أهلية الأشخاص الاعتبارية العامة في المملكة في عملية التحكيم تشابه تصرفات ناقص الأهلية من حيث أن تصرفاته الدائرة بين النفع والضرر موقوفة على إجازة وليه، فتكون تصرفات الأشخاص الاعتبارية العامة في عملية التحكيم في المملكة موقوفة على إجازة رئيس مجلس الوزراء ولا يعتد بما يصدر عنها في عملية التحكيم.

   ويظهر لي رجحان القول الأول لأسباب منها:

1- لأنه ما يفهم من نص المادة الثامنة من اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم المملكة، حيث نصت على أنه: (في المنازعات التي تكون جهة حكومية طرفاً فيها مع آخرين ورأت اللجوء إلى التحكيم، يجب على هذه الجهة إعداد مذكرة بشأن التحكيم في هذا النزاع مبيناً فيها موضوعه ومبررات التحكيم وأسماء الخصوم، لرفعها لرئيس مجلس الوزراء للنظر في الموافقة على التحكيم، ويجوز بقرار مسبق من رئيس مجلس الوزراء أن يرخص لهيئة حكومية في عقد معين بإنهاء المنازعات الناشئة عنه عن طريق التحكيم، وفي جميع الحالات يتم إخطار مجلس الوزراء بالأحكام التي تصدر فيها)، حيث أوجبت على الجهة الإدارية وحدها دون المتعاقد معها رفع طلب التحكيم إلى الجهة المسئولة بالموافقة، وعلى هذا فتكون هي المسئولة عن عدم أخذ الموافقة من رئيس مجلس الوزراء على التحكيم، ويبقى التحكيم على أصله.

2- صدر نظام التحكيم السعودي بموجب المرسوم الملكي رقم م/34 بتاريخ 2012/4/16م وقد الغي نظام التحكيم القديم الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/46) وتاريخ 1983/4/25م.

ثانيا: طلب الجهة الإدارية الموافقة على التحكيم والرفض من قبل الجهة المختصة بمنح الموافقة:

  اختلف شراح النظام في هذه المسألة إلى آراء منها:

   الرأي الأول: إذا طلبت الجهة الموافقة على التحكيم ورفض رئيس مجلس الوزراء وجب عليها عدم السير في التحكيم، لأن التحكيم في العقود الإدارية يتعلق بالمصالح العامة ورئيس مجلس الوزراء ومجلس الوزراء هم وحدهم من يقرر المصلحة في التحكيم من عدمها، فإذا سارت في عملية التحكيم كان عملها باطلاً.

   الرأي الثاني: أنه يجب على الجهة الإدارية السير في عملية التحكيم ولا تمنع عن اتفاق التحكيم بحجة عدم حصولها على الموافقة الأولية، لأن ذلك يخالف النظام العام الدولي

الرأي الأول هو الراجح لأسباب منها:

 1- نص المادة الثالثة من نظام التحكيم في المملكة يؤيده ويدل عليه.

2- أن التحكيم في العقود الإدارية يختلف عن بقية العقود لأنها تتعلق بالمصلحة العامة، ولذا يجب فيها الاحتياط والمراقبة من قبل السلطة العليا في الدولة.

3- لم يحدد النظام السعودي موقفه من التحكيم الدولي ولم تتضمن نصوص مواد التحكيم في النظام السعودي على ما ينظم التحكيم في العقود التي يكون أحد طرفها أجنبياً.