التحكيم / التحكيم الإداري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / أثر فكرة النظام العام على حكم التحكيم في منازعات العقود الإدارية / موقف الفقة والقضاء المصري قبل صدور القانون رقم 27 لسنة 1994
موقف الفقة والقضاء المصري قبل صدور القانون رقم 27 لسنة 1994
تولى قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري رقم 13 لسنة 1968 تنظيم التحكيم، حيث احتوى على مجموعة من النصوص القانونية المرتبطة به، ولم تحتوي هذه النصوص على اي اشارة او نص صريح يجيز أو يمنع اللجوء الى التحكيم لحسم منازعات العقود الإدارية، مما جعل الآراء الفقهية والأحكام القضائية تتجه الى أتجاهين أحداهما يعارض أو يمنع اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية، والآخر يؤيد أو يجيز اللجوء للتحكيم الحسم هذه المنازعات، واستند كلا الاتجاهين الى احكام قضائية وفتاوي الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع.
ويستند الجانب الفقهي المعارض الى مجموعة من الحجج أهمها تعارض التحكيم مع سيادة الدولة وقواعد النظام العام، كما أن التحكيم في العقود الإدارية يعتبر تعدية على اختصاص القضاء الإداري والمنوط به بموجب المادة (172) من الدستور المصري الصادر عام 1971 والذي جاء فيها "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية ..."، وقولهم أيضاً بأن لجوء الإدارة إلى التحكيم في منازعاتها العقدية يخالف القواعد الأساسية المعروفة في التفويض، فليس للإدارة الحق في أن تتنازل عن حقها بالمثول أمام القضاء الرسمي صاحب الاختصاص والمعين بموجب الدستور والقانون، وتفويض جهة اخرى غير مختصة بالفصل بالمنازعات الإدارية مالم يرد نص يجيز التفويض صراحة.
كما أن المحكمة الادارية المصرية أقرت بجواز اللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية في حكمها الصادر في الطعن 886-30 ق جلسة ( 1994/1/18 متبنية بذلك موقف مخالف لموقفها السابق من مدى جواز اللجوء إلى التحكيم في العقود الإدارية، حيث يلاحظ من القرارات القضائية عدم وجود مبدأ قضائي ثابت فيما يتعلق باللجوء الى التحكيم في منازعات العقود الإدارية قبل صدور قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، ومن أهم أسباب هذا الاختلاف والتباين عدم وجود نص تشريعي صريح يحسم الخلاف حول هذه المسألة.
كما أن البعض فرق بين التحكيم الداخلي والتحكيم الدولي، حيث لا يجيز تضمين عقود الدولة الداخلية شرط التحكيم، أما التحكيم الدولي فلا مانع من تضمين عقود الدولة شرطة للتحكيم ضمن مجموعة من الضوابط تضمن - للدولة حقوقها، حيث أن إنضمام مصر للاتفاقيات الدولية التي ساوت بين الدولة والأفراد من حيث جواز اللجوء للتحكيم وتنفيذ أحكام المحكمين، يجعلها لا تحتاج إلى تدخل تشريعي، إنطلاقا من القواعد القانونية الدولية التي أنشأتها تلك الاتفاقيات .