الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الإداري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / دور التحكيم في فض المنازعات الإدارية ( دراسة مقارنة ) / الوضع بعد صدور قانون 9 لسنة 1997

  • الاسم

    محمد عبدالتواب عبدالحسيب
  • تاريخ النشر

    2021-01-01
  • عدد الصفحات

    732
  • رقم الصفحة

    219

التفاصيل طباعة نسخ

الوضع بعد صدور قانون 9 لسنة 1997

     رغبة من المشرع في حسم جميع الخلافات الفقهية والقضائية السابق عرضها، والتي بدأت قبل ظهور القانون رقم 27 لسنة 1994، واستمرت أيضاً من بعد صدوره، فقد تدخل المشرع للمرة الثانية وأصدر القانون رقم 9 لسنة 1997، بتعديل بعض أحكام قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 بغرض توحيد الآراء وجمعها، بما يؤدي في نهاية الأمر إلى استقرار الأوضاع القانونية وتهيئة مناخ مناسب للاستثمار وجذب كثير من رؤوس الأموال. هو الأمر الذي جعلنا نتساءل حول ما إذا كان المشرع قد نجح في ذلك من عدمه؟

   وللاجابة عن هذا السؤال ينبغي - وبعد التمعن في قراءة نصوص القانون - بيان مشتملات القانون ونطاق تطبيقه، ثم بيان ضوابط اللجوء إلى التحكيم في ظله، وهو ما يمكن تناوله على النحو الآتي:

مشتملات قانون 4 لسنة 1997 ونطاق تطبيقه 

أولاً: مشتملات قانون 9 لسنة 1997.

   صدر القانون رقم 9 لسنة 1997 مشتملاً على مادتين تنص المادة الأولى على أن " تضاف إلى المادة (1) من قانون التحكيم في المواد المدنية و التجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 فقرة ثانية، نصها الآتي" وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولا يجوز التفويض في ذلك. وتنص المادة الثانية على أن يعمل بهذا القانون من اليوم التالي لتاريخ نشره ".

   والواضح من نصي المادتين السابقتين أن المشرع وبتعديله للمادة الأولى الخاصة بقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994، أكد جواز الاتفاق على التحكيم في منازعات العقود الإدارية، وأضاف النص الوارد في مشروع القانون موافقة الوزير المختص للاتفاق على التحكيم في هذه المنازعات أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة التي لا تتبع وزيراً كالجهاز المركزى للمحاسبات. وإحكاماً لضوابط اللجوء إلى التحكيم في منازعات العقود الإدارية حظر مشروع القانون التفويض في ذلك الاختصاص، فلا يباشره إلا من أوكل له القانون هذه المهمة. إعلاء لشأنها وتقديرا لخطورتها ولاعتبارات الصالح العام، وباعتبار أن الوزير يمثل الدولة في وزارته. 

   وبالتالي يمكن القول إن قانون 9 لسنة 1997 قد اشتمل على جانبين مهمين:

 الجانب الأول: " تفسيري " للمادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1994، وذلك بتضمينه قاعدة موضوعية مفادها أنه يؤكد مبدأ جواز التحكيم في العقود الإدارية في المنازعات التي تكون الأشخاص العامة طرفا فيها أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع وبأن العبارة الأخيرة: "أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية" تشمل العقود الإدارية. 

الجانب الثاني: " تعديل بالإضافة"، وذلك بإضافته قاعدة إجرائية، إذ إنه يحدد السلطة المختصة بالإذن في التحكيم في العقود الإدارية، وهو الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولا يجوز التفويض في ذلك.

 ثانياً: نطاق تطبيق قانون 9 لسنة 1997.

    يتضح مما سبق أن هذا التعديل قد حدد نطاقاً لتطبيق القانون من الناحيتين الموضوعية والزمنية. 

(أ)- من الناحية الموضوعية:

   يتبين من الناحية الموضوعية أن القانون ينطبق على الحالات الآتية:

1- جميع العقود الإدارية سواء أكانت عقودا إدارية وطنية أم ذات طابع دولي.

2- جميع منازعات العقود الإدارية سواء حدثت في مرحلة إبرام العقد أم في مرحلة تنفيذه أم فيما يترتب عليه من آثار.

3- اللجوء للتحكيم جائز سواء كان التحكيم عبر شرط تحكيم ورد في صلب العقد الأصلي أم عبر مشارطة تحكيم يبرمها الأطراف في مرحلة لاحقة على إبرام العقد الأصلي في صدد نزاع قائم فعلاً بينهم .

(ب) – من الناحية الزمنية: 

    وفقاً لنص المادة الثانية من القانون 4 لسنة 1997 يعتبر النطاق الزمني لسريان القانون هو اليوم التالي لتاريخ نشره أي إنه ينطبق بأثر فوري وليس له أثر رجعي.

   لكن في حقيقة الأمر إن تضمين القانون واشتماله على جانبين إحداهما تفسیري – للمادة الأولى من القانون 27 لسنة 1994 - والآخر تعديل له، إنما يثير جدلاً حول نطاق سريان القانون من حيث الزمان حيث إنه من القواعد المستقرة في الفقه، والقضاء أن التفسير يسري بأثر رجعي أما التعديل قيسري بأثر فوري.

 رأي الباحث 

     من الواضح أنه من غير الممكن أن يكون تطبيق القانون رقم 9 لسنة 1997 بأثر رجعي، حيث إن المشرع لو كان يقصد تطبيقه بأثر رجعي لنص صراحة على ذلك، وبالتالي يدخل ضمن الاستثناءات الواردة على مبدأ عدم رجعية القانون، ولا يوجد في نص القانون رقم 9 لسنة 1997 ما يحوي ذلك خصوصاً بمادة الإصدار حيث تنص المادة الثانية من القانون على أن: " ينشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، ويبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها ".

    وفي هذا النص دلالة واضحة على أن يكون تطبيقه بالأثر المباشر، حيث إن النص كان صريحا في تحديد ميعاد سريان أحكامه، وهو اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية.

توثيق هذا الباحث    

    ويرى الباحث أنه وإن كان ثمة خلافة حول طبيعة هذا القانون وحول كونه من طبيعة تفسيرية جاء لتفسير نص المادة الأولى من قانون 27 لسنة 1994 أم جاء تعديلاً له، وبالتالي: هل يسري بأثر رجعي أو بأثر فوري؟ فإنه كان الأحرى بالمشرع في ذلك الوقت وبعد صدور هذا القانون - متمثلاً في رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية وفقاً لنص القانون - أن يتقدم بطلب تفسير النص الذي أثار خلافاً في التطبيق لإنهاء الجدل المثار حول طبيعة هذا القانون، حيث نصت المادة 26 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بإصدار قانون المحكمة الدستورية العليا على ما يلي: " تتولى المحكمة الدستورية العليا تفسير نصوص القانون الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقاً الأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافاً في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضي توحيد تفسيرها، وبينت المادة 23 من القانون ذاته على أن: " يقدم طلب التفسير من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس الشعب أو المجلس الأعلى للهيئات القضائية، ويجب أن يبين في طلب التفسير النص التشريعي المطلوب تفسيره وما أثاره من خلاف في التطبيق ومدى أهميته التي تستدعي تفسيره تحقيقا لوحدة تطبيقه". 

 

ضوابط اللجوء إلى التحكيم في ظل قانون 9 لسنة 1997

    يتضح من نص المادة الأولى من القانون رقم 9 لسنة 1997 والتي تمت إضافتها كفقرة ثانية إلى المادة الأولى من القانون رقم 27 لسنة 1994 على أنه توجد ضوابط وشروط يجب على الجهة الإدارية الالتزام بها قبل أن تأذن بالتحكيم في العقود الإدارية.