ولكن هناك سؤال يطرح نفسه ألا وهو: هل استطاع القانون الجديد أن يحسم الجدل الواسع الذي كان مطروحا قبل صدوره والخاص بمدى إمكانية اللجوء إلى التحكيم لفض منازعات العقود الإدارية؟
في حقيقة الأمر بعد عرض الخلاف السابق ما بين آراء الفقهاء وأحكام القضاء العادي والإداري حول مدى مشروعية التحكيم في منازعات العقود الإدارية، كان الاعتقاد السائد بعد صدور القانون 27 لسنة 1994 أنه لن تكون هناك أية مشكلة بخصوص إقرار مشروعية التحكيم لفض منازعات العقود الإدارية في ظل وجود قانون يرجع إليه.
إلا أنه -وللأسف وبعد استقراء نصوص القانون - تبين عدم وجود ما يقطع صراحة بالموافقة على مشروعية التحكيم لفض منازعات العقود الإدارية أو ما يقطع صراحة برفض اللجوء إليه. حتى في ظل أحكام المادتين الأولى والثانية واللتين تسمحان بجواز التحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام... أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع فلا يوجد بين طياتهما ما يوضح بنص قاطع جواز اللجوء إلى التحكيم لفض منازعات العقود الإدارية من عدمه.
وبالتالي ثار خلاف آخر في الفقه والقضاء المصري في ظل قانون التحكيم الجديد حول هذه المسألة واختلفوا ما بين مؤيد ومعارض، مع استناد كل منهما إلى نصوص القانون ذاته لتأييد وجهة نظره؛ فمنهم من رأى أنه لا مانع من اللجوء إلى التحكيم في ظل هذا القانون، ومنهم من مانع اللجوء إليه.