الخدمات

ابواب التحكيم الرئيسية
  • التحكيم / التحكيم الإداري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / اتفاق التحكيم وفقاً لقانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية رقم 27 لسنة 1994 / جواز التحكيم بين أشخاص القانون العام أو القانون الخاص

  • الاسم

    نريمان عبدالقادر
  • تاريخ النشر

    1994-01-01
  • عدد الصفحات

    542
  • رقم الصفحة

    148

التفاصيل طباعة نسخ

جواز التحكيم بين أشخاص القانون العام أو القانون الخاص:

   ومن مظاهر تشجيع المشرع للتحكيم أيضا ما جاء بالمادة الأولى ـ والتي نحن بصددهـا ـ النص صراحة على عدم التمييز في العلاقة القانونية الخاضعة للتحكيم بيـن كـون أطراف العلاقة من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص، في حين لايوجد نص مقابل لذلك فـي القـانـون النموذجي "Model Law" الذي ترك المسألة على ما يبدو للاجتهاد ولأحكام قوانييـن الـدول الأخرى. ولا يعني عدم النص الصريح في القانون النموذجي على ذلك أنه لا يأخذ بهذه القاعدة، ما دام أن القانون يطبق على كل تحكيم تجاري دولي بصرف النظر عن طبيعة أشخاص العلاقة القانونية، الا اذا كان هناك قانون دولة آخـر يحظر التحكيـم الـذي يـكـون أحد أطرافه، مثلا، مـن أشخاص القانون العام. في هذه الحالة تكون الأولوية بتطبيـق قـانون الدولة، وذلك عملا بالمادة (الأولى فقرة 5) من القانون النموذجي.

   ویثور السؤال هل يسرى قانون التحكيم الجديد اذا كان النزاع بين شخصين عامين أي بين محافظة ووحدة محلية لها شخصية إعتبارية أو مؤسسة أو هيئة عامة ونزولا إلى النقابات وحتى البورصة بعد أن أصبحت شخصاً من أشخاص القانون العام؟

   يسرى قانون التحكيم الجديد رقم ٢٧ لسنة ١٩٩٤ على التحكيم الـذي يجرى بين أشخاص عامين او بين شخص عام وشخص خاص مهما كانت طبيعة العلاقة التي يدور حولها النزاع.

   وتحت هذا النص العام يلغي القانون الجديد إختصاص الجمعية العمومية لقسمي الفتـوى والتشريع بمجلس الدولة الخاص بإختصاصها بالتحكيم بين الجهات أو الأشخاص الإعتبارية العامة وبعضها البعض. على أساس أن قانون التحكيم الجديد قانون لاحق، ويعزز ذلك أيضاً ما تقضى به المادة الثالثة من مواد إصدار هذا القانون والتي تقضى بالغـاء المـواد مـن 501 - 513 من قانون المرافعات الى نهاية المادة....

    وقصد المشرع من هذا سريان هذا القانون على العقود الادارية كي يصبح حكمها تقنينا لمـا انتهى اليه افتاء الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة بتاريخ ١٩٨٩/٦/٢٨ و ۱۹۹۳/۳/۱۰ بجواز الإتفاق على التحكيم في العقود الإدارية ، ويؤكد ذلك: أولا: ورد بديباجة مشروع قانون التحكيم التجاري الدولي كما جاء من الحكومة أن لجنة المشروع استعادت نظر القانون رقم 47 لسنة ١٩٧٢ بتنظيم مجلس الدولة ضمن ما تضمنته الديباجة من قوانين أخرى ، وهذا يعني أن موضوع التحكيم بالنسبة للعقد الإداري كان هدف من أهداف عمل لجنة مشروع القانون وكذلك ما جاء بالمذكرة الايضاحية لقانون التحكيم التجاري الدولي بالبند التاسع منها بعين النص ....سريان تلك الأحكام على كل تحكيم تجاري دولي يجري في مصر سواء كان أحد طرفيه من أشخاص القانون العام أو أشخاص القانون الخاص، فحسم المشرع بذلك الشكوك التي دارت حول مدى خضوع بعض أنواع العقود التي يكون أحد أطرافها من أشخاص القانون العام للتحكيم، فنص على خضوع جميع المنازعات الناشئة عن هذه العقود لأحكام هذا القانون أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع".

   ثانيا: جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون التحكيم الجديـد مـا يؤكد تبنى المشرع أيضاً لهذا الرأى واليك عين النص "وعدلت اللجنة المادة الأولى على نحو وسـع مـن نـطـاق تطبيق أحكـام المشروع فبعد أن رجحت أحكام الاتفاقيات المعمول بها في مصر نظمت سريان أحكام المشروع على كل تحكيم يجرى في مصر سواء أكان بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص وأيا كانت العلاقة التي يدور حولها النزاع وقد قصد من هذه العبارة سريان هذا القانون على العقود الادارية كي يصبح حكمها تقنينـاً لما انتهى اليـه إفتاء مجلس الدولة في هذا الشأن. وكذلك يقول السيد المستشار وزير العدل بالجلسة النهائية لمناقشة قانون التحكيم الجديد " التحكيم جائز في المنازعات والعقود الادارية لأن هذا اتفاق، والتحكيم جائز بين أشخاص القانون العام بالاتفاق بينهم .

   المشرع المصرى قد حسم الشكوك التي دارت حول مدى خضوع بعض أنواع العقود وهي العقود الادارية (عقود البنية الأساسية مثل عقـود الكهرباء والتليفونات والقناطر وما شابه ذلك ...) التي يكون أحد أطرافها من أشخاص القانون العام للتحكيم، وقضى المشرع حاليا على هذه المشكلة من جذورها بالنص صراحة على خضوع جميع المنازعات الناشئة عن عقود بين أشخاص القانون العام بعضها مع بعض وكذلك العقود اتي تبرم بين شخص عام وآخر خاص لأحكام هذا القانون أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع . (المادة الأولى) مـن قانون التحكيم الجديد . وجدير بالذكر أننا سبق وأن طالبنا المشرع المصرى . بحسم هذه المسألة بنص تشریعی وخيرا فعل المشرع المصري في هذا الصدد.

    ومن جهة أخرى، يقول أستاذنا الدكتور أكثم الخولي "ان العقود الادارية وهي منازعات يجوز فيها الصلح من غير خـلاف ولكن قابليتها للتحكيم مازالت موضع خلاف لا يقوى على حسمه مجرد عمومية نص المادة الأولى من القانون الجديد. فقد صدرت عدة أحكـام حديثـة مـن المحكمة الادارية العليا بعدم جواز التحكيم في منازعات العقود الادارية. ويستند هذا الرأى الحديث الى نص المادة ١٧٢ من الدستور المصري التي تجعل من مجلس الدولة الجهة القضائية المختصة بالمنازعات الاداريـة كـمـا يستند الى نص المادة 10 من قانون مجلس الدولـة التـي تقضـى باختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالمنازعات الناشئة عن العقود الادارية، وهـذا فـضـلا عما تتصف به العقود الادارية بالمعنى الصحيح من طبيعة خاصة وأحكام متميزة خارقة للشريعة العامة وكذلك مايقضي به القانون الفرنسي كمبدأ عام من عدم جواز التحكيم في العقود الادارية. ويرى أن مجرد نص المادة الأولى من قانون التحكيم الجديد على سريان أحكامه على كل تحكيم بين أطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيـا كـانت طبيعة العلاقة القانونيـة التـي يدور حولها النزاع لا يكفي القول بأن القانون الجديد يقضى بجواز التحكيم في العقود الادارية.

أهم التحكيمات الإجبارية القائمة الآن في مصر هي:

 1- قانون رقم 97 لسنة ١٩٨٣ والخاص بهيئات القطاع العام وشركاته، المادة 56 منه تقرر طبيعة أطراف هذا التحكيم ، كما تشير أيضـا الـى خضوع هذه الأطراف لشكل معيـن مـن التحكيم .

2- قانون رقم ٢٠٣ لسنة ١٩٩١ والخاص بشركات قطاع الأعمال العام ولم يلغ قانون رقم ۹۷ لسنة ١٩٨٣ والسابق ذكره فما زال ساريا بالنسبة للهيئات العامة التقليديـة ومـا يتبعهـا مـن شركات. وقد أجازت المادة 40 منه التحكيم وحددت طبيعة الأطراف التي يجوز لها التحكيم في ظل هذا القانون وكذلك احالة نظام التحكيم هذا الـى المـواد مـن 501 - 513 مـن قـانون المرافعات .

3- هناك أيضـا تحكيمـات خاصة بالجمارك وأخـرى بالضرائب وكذلك قانون رقم 11 لسنة ۱۹۹۱ بشأن الضريبة العامة على المبيعات وكذلك تضمـن قـانون هيئـة سـوق المـال رقم 95 الصادر في يونية لسنة ١٩٩٢ ولائحته التنفيذية سنة ١٩٩٣ نظاما للتحكيم للمتعاملين في الأوراق المالية في المواد من 50 – 62.

    وسوف نوضح بداية أمرين هما: أولا أنه يجب مراعاة القواعد العامة لقانون المرافعات والواردة بالمادة الأولى منه، وكذلك المادة الأولى من مواد اصدار قانون التحكيم الجديد والتي تعـد ترديدا وتطبيقا لها(١٦٥). وثانيا هناك قاعدتان لتفسير القوانين هما: القانون الخاص يقيـد القـانـون العام والثانية هي أن القانون اللاحق ينسخ السابق عليه. وباجتهاد متواضع نقول :

1- بالنسبة لمسألة القانون رقم 97 لسنة ١٩٨٣ والخاص بشركات القطاع العام فاننا نقطـع بـان قانون التحكيم الجديد هو القانون الواجب التطبيق، تأسيسا على نص المادة الأولى منـه التـي تقـول أنه يسرى بالنسبة للأطراف من أشخاص القانون العام أو القانون الخاص أيا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع تطبيقا لقاعدة تفسير القوانين التي تقضى بأن القانون اللاحق ينسخ القانون السابق.

 

۲- وبالنسبة للمسألة الثانية والخاصبـة بقانون رقم ٢٠٣ لسنة 1991 والخاص بشركات قطاع الأعمال فاننا نقطع أيضا بأن قانون التحكيم الجديد هو القانون الواجب التطبيق تأسيسا على نص المادة الأولى منه كما سبق أن ذكرنا وتأسيسا أيضا على المادة الثالثة من مواد اصدار هذا القانون ألغت المواد من 501 -513 من قانون المرافعات كما ألغـت أي حكم مخالف لأحكام هذا التي القانون .

   هكذا يتبين لنا أن التحكيم في شركات القطاع العام وكذلك شركات قطاع الأعمـال لا يثير أي مناقشات حيث ان القانون الجديد يعالج التحكيم بوجه عام في مصر .

   أما المسألة التي يثور حولها الجدل هي التحكيمات الخاصة بالجمارك والضرائب والضريبة العامة على المبيعات وكذلك هيئة سوق المال فهذه التحكيمـات مختلفة تماما عن التحكيم الذي يقصده قانون التحكيم الجديد.

   وسوف تلقى الضوء فقط على بعض المسائل الهامة لعلها تكون بداية للباحثين من بعدنا في هذا المجال.

1- تفحصنا الأعمال التحضيرية لقانون التحكيم الجديد فلاحظنا أن مسألة التحكيمات الخاصة هذه لم تذكر في هذه الأعمال من قريب أو من بعيد. وأكد ذلك الدكتور أحمد قسمت الجداوى وهو أحـد أعضاء لجنة مشروع قانون التحكيـم الجديد حيث قال: "انـه لـم يـطـرح بتاتا مسألة التحكيمـات الخاصة أثناء اعداد قانون التحكيم العام في مصر. ولم يدرج بحث مسألة القوانين الأخرى التي تنظم أشكالا خاصة من التحكيم، وانما اتجه البحث والجهد على التحكيم الذي نألفه عمومـا نـحـن رجال القانون بصفة عامة وهو التحكيم الوارد في المواد المدنية والتجارية، التحكيم الموجـود فـي المنازعات الدولية أو في المنازعات الداخلية.

2 - يقوم قانون التحكيم الجديد على أساس حرية الأطراف الكاملة واحترام هذه الحرية في اختيار كل ما يشمله التحكيم بينهم من اجراءات، فهذه الحرية في عماد هذا التحكيم الذي لا يكون عليـه من سلطان الا ما يتفق عليه الأطراف. فقانون التحكيم الجديد يحكم التحكيم الاختياري ولا شأن لـه بالتحكيم الاجباري الذي ينظمه أي قانون في مصر لأن التحكيم الاجباری نظام مختلف تماما عن التحكيم الاختياري.

3- ينظم قانون التحكيم الجديد العلاقات ذات الطبيعة المدنية والتجارية ذات المدلول الاقتصادي، ينما العلاقة تختلف بين الممول ومصلحة الجمارك أو الضرائب أو الضريبة العامـة علـى المبيعات أو العلاقة بين هيئة سوق المال والمتعاملين معها بالأوراق المالية!!!

   ويظل السؤال مثارا هل تطبق قاعدة أن القانون الخاص يقيد القانون العام و تظل التحكيمات الخاصة كما هي ويحال أي نقص في هذا القانون الى قانون التحكيم المصرى الجديد على أساس اختلاف طبيعة العلاقة بين أطرافه واختلاف التحكيم الاختياري عن التحكيم الاجباري؟ أم ستغلب قاعدة أن القانون اللاحق ينسخ القانون السابق عليه على أساس أن قانون التحكيم الجديد ينظـم كـل تحكيم يجري في مصر بين أي أطراف سواء أشخاص قانون عام أو أشخاص قانون خاص أيـا كانت طبيعة العلاقة القانونية التي يدور حولها النزاع؟

   ونرى – باجتهاد متواضع – أنه لا يوجد ما يمنع من بقاء تحكيمـات الضرائب والجمارك على ما هي عليه على أن يستعان من القانون الجديد بما كان يستعان به من قبل من أحكـام المـواد من 501 - 513 مرافعات الملغاة.