التحكيم / التحكيم الإداري / رسائل الدكتوراة والماجسيتير / التحكيم في المنازعات التي تكون الدولة طرفا فيها (في النظامين السعودي والمصري) / التعريف بالعقد الإداري في النظام السعودي
من خلال النظر إلى نظام ديوان المظالم في المملكة الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ ۷۸ في ۲۰۰۷/۹/۱۹م ، نجد أن المادة الثالثة عشر تنص على أنه: "تختص المحاكم الإدارية بالفصل فيما يلي: الدعاوى المتعلقة بالعقود التي تكون جهة الإدارة طرفاً فيها..." وبالنظر كذلك إلى نظام ديوان المظالم الملغي الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/ ٥١ بتاریخ ۱۹۸۲/۷/۱۷م نص في المادة الثامنة فقرة (د) على أن اختصاص الديوان النظر في: (الدعاوى المقدمة من ذوي الشأن في المنازعات التي تكون الحكومة أو أحد الأشخاص المعنوية طرفاً فيها وأشارت المذكرة الإيضاحية لديوان المظالم بالعبارة التالية (.... كما بينه أن المراد بالعقد هو العقد مطلقاً سواء كان العقد إدارياً بالمعنى القانوني، أم عقداً خاصاً بما في ذلك عقود العمل).
ننتهي من ذلك إلى:
1-لم ينص النظام السعودي على تعريف العقد الإداري.
2- عرف ديوان المظالم العقد الذي يختص بالنظر في المنازعات الناشئة عنه، على أساس أن الإدارة طرفاً فيه سواء كان عقداً إدارياً أم عقداً خاص.
3- أن المنظم السعودي اعتمد على المعنى القانوني لتعريف العقد الإداري، وهذا يجعلنا نعرض التعريفات القانونية للعقد الإداري لنخلص إلى التعريف المناسب للعقد الإداري في النظام السعودي وذلك على النحو التالي:
عرفت المحكمة الإدارية المصرية العقد الإداري بأنه: (هو العقد الذي يبرمه شخص معنوي من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر فيه نيته في الأخذ بأسلوب القانون العام وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً مألوفة في عقود القانون ).
وقد استقرت أحكام المحكمة الإدارية العليا منذ نشأتها إلى الآن على ما انتهى إليه قضاء محكمة القضاء الإداري من تطور ومنها على سبيل المثال ما قررته في حكم حديث لها في ۲۰۰٨/٤/١٥ حيث قالت: ". ومن المقرر في قضاء المحكمة الإدارية العليا أن العقد يعتبر إدارياً إذا كان أحد طرفيه شخصاً معنوياً عاماً، وكان إبرامه بشأن نشاط متصل بمرفق عام، وتضمن شروطاً غير مألوفة في نطاق القانون الخاص، ومتى اجتمعت هذه السمات في العقد الذي أبرمته الجهة الإدارية كان الاختصاص بنظر المنازعات التي تثور بشأنه معقوداً لمحاكم القضاء الإداري وحدها دون غيرها إعمالاً لحكم الدستور والقانون وهو اختصاص مطلق وشامل لأصل النزاع وما يتفرع عنه.
ومن خلال ما سبق من التعريفات يتضح لنا بأن العقد لا يعتبر إدارياً إلا إذا توفر فيه ثلاثة شروط وهي:
١ - إبرام العقد من قبل جهة إدارية.
۲- اتصال العقد بتنظيم وتسيير مرفق عام.
وسأقوم بشرح كل شرط من هذه الشروط بإيجاز ونوضح موقف النظام السعودي منه حتى يمكن التوصل إلى تعريف العقد الإداري في النظام السعودي.
وفي المملكة نجد أن ديوان المظالم يحرص على وجود عنصرين متلازمين لإضفاء الصفة الإدارية على العقد وهما (۳):
١- صلة العقد بأحد المرافق العامة وبشكل يضمن سير المرفق العام بانتظام واطراد.
۲- أن تكون الإدارة طرفاً في العقد.
ويقصد بالمرفق العام من الناحية الشكلية الهيئة أو المنظمة التي تمارس النشاط.
وفي المملكة نجد أن المنظم يعتبر فكرة المرفق العام هي الأساس في مبادئ وقواعد القانون الإداري.
ويتضح هذا المعنى في النص الوارد في قرار ديوان المظالم الصادر في عام ۱۹۸۰م والذي ينص على: (... حرصاً على حسن سير المرافق العامة بانتظام واطراد، وهي القاعدة الأصولية والمبدأ الأساسي الذي منه تستمد كل قواعد النظم الإدارية ومنها نظام المناقصات والمزايدات ونظام تأمين مشتريات الحكومة، وكل نظريات الفقه والقضاء الإداري .
وأما عن شرط اتصال العقد بالمرفق العام، فنجد أن قرارات وأحكام ديوان المظالم تؤكد عليه، ومن ذلك حكم هيئة تدقيق القضايا الصادر في عام ۱۹۸۹م، حيث جاء فيه إن عدم النص في العقد على تلك الغرامة لا يعني إسقاط حكهما في مجال العلاقات التعاقدي، ذلك أن العقوبات المقررة لجهة الإدارة في مواجهة المتعاقد معها إنما شرعت لمصلحة المرفق الذي اتصل به العقد، وهذا يدخلها ضمن الأحكام المتعلقة بالنظام العام)
ومما يؤكد ذلك أيضاً النص الوارد في حكم هيئة تدقيق القضايا الصادر في عام ١٩٨٦م: (ومن حيث إنه من المبادئ المستقرة في الفقه والقضاء الإداري أن جهة الإدارة تتمتع في العقد الإداري بسلطات لا مثيل لها في العقود التي تعقد بين الافراد وذلك استناداً إلى مقتضيات المصلحة العامة وحسن سير المرفق العام التي تتصل بها العقود الإدارية).
وخلاصة القول أنه يمكن تعريف العقد الإداري في النظام السعودي بأنه: العقد الذي تبرمه الحكومة أو أحد أشخاصها العامة، بقصد إدارة مرفق عام بشكل يضمن سيره بانتظام واطراد، أخذه في تعاقدها بوسائل النظام العام.